الخُلُق المحمدي كمنهج قرآني / الموسم الثاني

الخُلُق المحمدي كمنهج قرآني

* سلسلة قرآنية تبيّن المنهج القرآني في استعراض الخُلُق المحمدي ( العقائدي والسياسي والاجتماعي وغيره إضافة الى الجانب الأخلاقي ) .

الحلقة الأولى :
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ / ( فاطر – 13 )

من أبرز مصاديق الشمس التي تمدنا بالنور المعنوي هو الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ، الذي شعّ نوره ليعمّ البشرية ، خصوصاً من عاشَرَه ، ولِكَون القوانين الدنيوية تقتضي موت النبي صلى الله عليه وآله كما تقتضي دوران الأرض حول نفسها ، فإن هناك ظلاماً ستمر به البشرية بسبب غياب الشمس المعنوية ، لذا تهيّأ النبي صلى الله عليه وآله لذلك ونبّه من حوله بأن شمسه سوف تغيب يوماً ما ولن تطلع من جديد ، وعليهم أن يستفيدوا من نور القرآن الكريم والأقمار القادرة على عكس النور النبوي ، ( إني تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن تضلُّوا: كتاب الله، وعِترتي أهل بيتي ) ، فمن إلتزم بهذه الوصية ستكون هذه الأقمار بمثابة الشمس التي تغذّيه بالنور الإلهي ، بل وسيستفيد منها حتى وإن غطاها سحاب ، وإن حدثت ظلمة لأي سبب كان ، فإن الفقهاء سيكونون القمر لهم .

 

الحلقة الثانية :

#تأملات_قرآنية من #سورة_فاطر

إن المؤمن الرسالي هو من يتخذ رسول الله صلى الله عليه وآله أسوة حسنة في أخلاقه وسلوكه ، وبالتالي فإن هذا المؤمن يُنذر الناس بالوسائل المتاحة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليعلموا أن أوزارهم لا يمكن أن يحملها أحدٌ عنهم حتى الأقرباء منهم ، ولكن في الوقت نفسه على المؤمن الرسالي أن يستشعر مسؤولية حمل أوزار المجتمع رحمة بهم أو باعتبار أن هذه الأوزار ممكن أن تكون بسبب تقصيره وباقي المؤمنين الرساليين حتى لو لم تكن كذلك ، وهذا ما يستشعره الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وباقي المصلحين ، وهذا الشعور من المحركات المهمة للعمل الأصلاحي وهو من مقومات إقامة الصلاة ، وبذلك يمكن أن يكون هؤلاء المؤمنون الرساليون شفعاء لغيرهم من المؤمنين غير الرساليين .

 

الحلقة الثالثة :

#تأملات_قرآنية من #سورة_فاطر

أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)

التحسّر على ما وقع فيه أولئك الذين زُيّنَ لهم سوء أعمالهم فرأوه حسناً يمكن أن يكون من باب التعاطف والشفقة عليهم لما يحمله الإنسان من عواطف تجاه أخيه الإنسان ، وعدم حمل هذه المشاعر إما لعدم فِهم حجم المصيبة التي وقع فيها أولئك المزيَّنة أعمالهم أو أن هناك خللاً في قلوبهم بحيث تحتاج الى مزيد من الرأفة والرحمة تجاه أبناء جنسهم .
أما إذا حكّمنا العقول فسوف نجد أن ما وقعوا فيه هو نتيجة طبيعية لأفعالهم ، وليس من المنطقي أن يفعل الإنسان ما يريد من دون نتائج سلبية لأفعاله ، لذا يكون التحسر العقلي على فوات فرصة هدايتهم ، كما روي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله عندما رآى جنازة يهودي قال : نفس أفلتت منّي إلى النار .

 

الحلقة الرابعة :

#تأملات_قرآنية من #سورة_فاطر

وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۗ إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ ۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ ۚ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18)

لكل درجة من درجات الخشية هناك إنذار نبوي يناسبها للارتقاء بصاحبها الى الدرجة الأعلى منها ، ولهذه الدرجة مستوى من إقامة الصلاة وتجسيدها على أرض الواقع وانعكاسها على شكل زكاة وتزكية للنفس وغيرها ، لذا لم يكن الإنذار النبوي بمستويات تفوق مستويات الإيمان والخشية من الله عز وجل ، فكما أن معاشر الأنبياء أُمِروا أن يخاطِبوا الناس على قدر عقولها ليكون الخطاب نافعاً – كما في الحديث الشريف المروي عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله – فإنهم ينذرون الناس على قدر إيمانهم وخشيتهم ليكون الإنذار مثمراً ، فمن غير الصحيح أن يُنذَر الناس من عواقب العمل بالمكروهات مثلاً وهم ما زالوا يرتكبون المعاصي ، فعلى من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أن يأخذ بأيدي الآخرين برفق ليرفعه كي لا ينكسر ، فإذا كسره فعليه جبره .

 

الحلقة الخامسة :

#تأملات_قرآنية من #سورة_فاطر

وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۗ إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ ۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ ۚ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18)

إن المؤمن الرسالي هو من يتخذ رسول الله صلى الله عليه وآله أسوة حسنة في أخلاقه وسلوكه ، وبالتالي فإن هذا المؤمن يُنذر الناس بالوسائل المتاحة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليعلموا أن أوزارهم لا يمكن أن يحملها أحدٌ عنهم حتى الأقرباء منهم ، ولكن في الوقت نفسه على المؤمن الرسالي أن يستشعر مسؤولية حمل أوزار المجتمع رحمة بهم أو باعتبار أن هذه الأوزار ممكن أن تكون بسبب تقصيره وباقي المؤمنين الرساليين حتى لو لم تكن كذلك ، وهذا ما يستشعره الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وباقي المصلحين ، وهذا الشعور من المحركات المهمة للعمل الأصلاحي وهو من مقومات إقامة الصلاة ، وبذلك يمكن أن يكون هؤلاء المؤمنون الرساليون شفعاء لغيرهم من المؤمنين غير الرساليين .

 

 

الحلقة السادسة :

#تأملات_قرآنية من #سورة_فاطر

وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18)

إن مسؤولية الإساءة الى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يتحملها المسلمون بدرجة كبيرة بعد أن تبنّت بعض الفرق المنحرفة من المسلمين العمليات الإرهابية التي رفضها غالبية المسلمين والتي لم تُبنَ وفق أسس علمية صحيحة ، بل كانت اجتهادات لمجموعة من الأفراد الذين لم يُعرَف لهم وزن علمي بين المسلمين ، فالرسول صلى الله عليه وآله حذّر وأنذر أتباعه من ارتكاب الأخطاء والسلوكيات المرفوضة ومن تبعاتها وآثارها السلبية (التي من أشكالها تلك الإساءات المتكررة )، إلا أن من التزم بهذا الإنذار هم من يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة فقط ، وبالتالي فعلى جميع المسلمين تصحيح هذا الخطأ بأن يخشوا ربهم من إصدار الفتاوى غير المستندة الى أصول علمية ومخالفة للنهج النبوي وأن يقيموا الصلاة بنقل الأخلاق الإسلامية الى المجتمع لقطع الطريق على من يتحجج بهذه الحجج وسحب الذريعة من بين أيديهم ، فلا يَزِر الرسول صلى الله عليه وآله وِزرَ أتباعه .

 

 

الحلقة السابعة :

#تأملات_قرآنية من #سورة_فاطر

إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ (23) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (24)

لقد تكرر حصر الإنذار بالمهمة المناطة بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ، وكذلك وجود نذير في كل أمة وقوم ، وهذا دليل على تأكيد القرآن الكريم على هذه الحقيقة ، من قبيل ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) ، فوظيفة المنذِرين هو هداية أقوامهم وأممهم ، سواء كانت أقوامهم من أمم مختلفة كالأنبياء منذ آدم عليه السلام الى الخاتم صلى الله عليه وآله ، أو من أمة واحدة كالأمة الإسلامية إذ يكون المنذِرون هم أوصياء النبي محمد صلى الله عليه وآله ، كلٌ يُنذر بحسب زمانه ليهدون المسلمين ويمنعونهم من الانزلاق والابتعاد والانحراف عن الصراط المستقيم بما أوتوا من صلاحيات شرعية . كما يمكن أن يكون الفقهاء والعلماء العاملون منذِرين أيضاً إذا ما كانوا ممثِلين حقيقيين للخط المحمدي .

 

 

الحلقة الثامنة :

#تأملات_قرآنية من #سورة_فاطر

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27)

إن القلب هو العضو الوحيد القادر على أن يرى الله تعالى ينزل من السماء ماءاً ، أما العين البشرية المتعارف عليها فلا تملك مثل هذه الرؤية ، ومن يأمل وينتظر رؤية عينه لذلك الحدث الغيبي فهو لا يعرف الله سبحانه معرفة حقيقية ، وبالتالي فمن المؤمَّل أن يقتدي المسلمون بنبيهم محمد صلى الله عليه وآله في أن يستحضروا الرؤية القلبية لمشاهد وأحداث كثيرة لا يمكن أن نراها بالعين العادية ، أما المسلم الذي يستثني هذا الاقتداء ويعتبره غير لائق بمقامه متأثراً بالصيحات المادية فقد استثنى الجزء الأعظم من الاقتداء بالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله ، وهذا لا يعني إلغاء البُعد المادي في حياة الإنسان ، ولكن يجب أن لا يأخذ أكبر من حجمه .

 

 

الحلقة التاسعة :

#تأملات_قرآنية من #سورة_فاطر

إذا أردنا مناقشة الأسباب التي تجعل رؤى الإنسان منقلبة بحيث يرى سوء عمله حَسناً فيرى المعروف منكراً والمنكر معروفاً كي يتجنبها فيمكن الرجوع الى الحديث الشريف المروي عن النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله : (( كَيْفَ بِكُمْ إِذَا فَسَدَ نِسَاؤُكُمْ وَ فَسَقَ شُبَّانُكُمْ، وَ لَمْ تَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَ لَمْ تَنْهَوْا عَنِ اَلْمُنْكَرِ؟!» فَقِيلَ لَهُ: وَ يَكُونُ ذَلِكَ، يَا رَسُولَ اَللَّهِ ؟! قَالَ: «نَعَمْ، وَ شَرٌّ مِنْ ذَلِكَ، كَيْفَ بِكُمْ إِذَا أَمَرْتُمْ بِالْمُنْكَرِ وَ نَهَيْتُمْ عَنِ اَلْمَعْرُوفِ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ ، وَ يَكُونُ ذَلِكَ؟! قَالَ: «نَعَمْ، وَ شَرٌّ مِنْ ذَلِكَ، كَيْفَ بِكُمْ إِذَا رَأَيْتُمُ اَلْمَعْرُوفَ مُنْكَراً وَ اَلْمُنْكَرَ مَعْرُوفاً؟! )) ، إذ يؤكد الحديث الشريف أن ترك أسمى الفرائض وأشرفها وهي فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – هذه الفريضة المظلومة المعطلة – عند ظهور بوادر الفساد والفسق في المجتمع فسيصل الأمر الى إنقلاب في الرؤية .

 

 

الحلقة العاشرة :

#تأملات_قرآنية من #سورة_فاطر

وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18)

عندما يخطأ الأبناء بحق الآخرين نجد أن الأب يعتذر رغم أنه لم يرتكب خطأً ، وإنما يشعر أن خطأهم محسوب عليه حتى لو لم قصّر بتربيتهم ، وهكذا ينظر النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله الى أوزار أمته ، فرغم إنذاره لهم وعدم تقصيره بتبلغ رسالته إلا أنه يراهم محسوبين عليه وكأنه يخالف قاعدة (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) من جهته ويريد أن يتحمل أوزارهم ، فيحاول أن يخفّف عن أثقالهم التي لا يتحملها أقرب الناس إليهم رحمة بهم وشفقة ، وذلك بشفاعته وندائه الى ربه عز وجل ( أمتي … أمتي ) ، بل إن عطفه على أمته كانت قبل ذلك عندما قبض روحَه مَلَكُ الموت عليه السلام إذ قال له : شدِّد عليَّ وخفّف عن أمتي ، اللهم صل وسلم على هذا القلب الرحيم واجعله لنا شفيعاً مشفعاً وطريقاً إليك مهيعاً .

 

* مشاركتها ثواب لنا ولكم

https://t.me/quraan_views

 

 

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M