زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى واشنطن والدفع بالعلاقات الإماراتية-الأمريكية إلى الأمام

  • على مدى سنوات طويلة، قاد الشيخ محمد بن زايد شخصياً جهود تعميق العلاقات بين الإمارات والولايات المتحدة. وتستهدف زيارته الأولى إلى واشنطن منذ توليه رئاسة الدولة، تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في المجالات المختلفة.
  • من المهم إعادة تعريف المصالح المشتركة التي ترتكز عليها العلاقات الإماراتية-الأمريكية؛ فمثلما تغيرت الولايات المتحدة وتغيرت أولوياتها على مدى العقدين الأخيرين، فإن الإمارات أيضاً تغيرت مكانتها وشبكة مصالحها وأولوياتها في السنوات الأخيرة.
  • نظراً لأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال الدولة الأقوى في العالم، سواء على مستوى القوة الصلبة أو القوة الناعمة، فإنّ من مصلحة الإمارات، بوصفها لاعباً إقليمياً مهماً، أن تمدّ يدها إلى واشنطن من أجل دعم الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
  • تطمح الإمارات في أن تكون زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى واشنطن جزءاً من مسار استراتيجي أعمق لعلاقات البلدين الصديقين، وأن تضع نتائجها أساساً أقوى لعلاقات تدوم خمسين عاماً أخرى، تسودها الثقة المتبادلة وتعزيز المصالح المشتركة.

 

شكّلت العلاقة بالولايات المتحدة الأمريكية، على مدى أكثر من نصف قرن، جزءاً أساسياً من ماضي دولة الإمارات وحاضرها. ومن الصعب تصور مستقبل للإمارات من دون شراكتها الاستراتيجية القوية مع الولايات المتحدة.

 

إنّ الزيارة الرسمية لرئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، للولايات المتحدة الأمريكية الصديقة، تُعَدُّ الأولى من نوعها لسموه منذ توليه رئاسة الدولة. وفي خلال الزيارة، سيعقد الشيخ محمد لقاءات مع الرئيس الأمريكي جو بايدن وكبار المسؤولين. وعلى مدى سنوات طويلة، قاد الشيخ محمد بن زايد شخصياً جهود تعميق العلاقات بين الإمارات والولايات المتحدة. وتستهدف زيارته إلى واشنطن تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في مجال الأمن والدفاع والتكنولوجيا المتقدمة والتجارة، والتعاون بشأن الأجندة المناخية واستدامة سلاسل الإمداد وأمن الطاقة.

 

تُعدّ الولايات المتحدة الشريك الدولي الأكثر تأثيراً بالنسبة لدولة لإمارات (Shutterstock)

 

والإمارات واضحة في توصيف وتعريف طبيعة وأهمية علاقاتها مع الولايات المتحدة. وعلى مدى عقود من الزمن، استندت الدولتان في علاقتهما على تعاون استراتيجي ومصالح مشتركة عديدة، تشمل الأمن والدفاع والثقافة والتعليم والترفيه والتكنولوجيا. وتُعدّ الولايات المتحدة الشريك الدولي الأكثر تأثيراً بالنسبة للإمارات.

 

وبعد نصف قرنٍ من العلاقات بين الإمارات والولايات المتحدة، من المهم أن ينجح الطرفان في مأسسة هذه العلاقات، وتطويرها، وتعزيز شراكتهما في مجال الأمن والدفاع، وتوسيع التعاون في المجالات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي واستكشاف الفضاء وتقنيات المستقبل.

 

وفي بيئة دولية متغيرة، بات ضرورياً إعادة تعريف المصالح المشتركة التي ترتكز عليها العلاقات الإماراتية-الأمريكية. فمثلما تغيرت الولايات المتحدة وتغيرت أولوياتها على مدى العقدين الأخيرين، فإن الإمارات أيضاً تغيرت مكانتها وشبكة مصالحها وأولوياتها في السنوات الأخيرة. ولا يُغيّر من هذه المعطيات الاعتراف بحقيقة أن الولايات المتحدة دولة عظمى عالمية، فيما تؤدي الإمارات، على الرغم من صغر حجمها جغرافياً وديمغرافياً، دور القوة المتوسطة.

 

تتطلع الإمارات لقيادة أمريكية لا تكتفي بإدارة الأزمات في المنطقة، بل تضع حلولاً بالاعتماد على استراتيجية فعالة ومدروسة (AFP)

 

ولدى الإجابة عن سؤال أساسي، هو: كيف ندفع بالعلاقات الإماراتية-الأمريكية إلى الأمام؟ يمكن التأكيد بأن الولايات المتحدة تظل الشريك الاستراتيجي الأمني والدفاعي الأول، بالنسبة لدولة الإمارات وبقية الدول الخليجية. وترغب الإمارات في الارتقاء بهذه العلاقة إلى مستوى التحالف الدفاعي المؤسسي.

 

كما تؤكد الإمارات أنّ تعميق الشراكات الاستراتيجية بين دول الخليج وبين الصين أو روسيا أو الهند أو أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية لن تكون على حساب العلاقة الفريدة مع الولايات المتحدة أو بديلاً عنها. فتنويع الشراكات يعد ضرورة استراتيجية وليس تحوطاً فحسب، إذ ثمة متغيرات أساسية في النظام الدولي تفرض على الإمارات الانفتاح على جميع القوى الكبرى والاقتصادات الصاعدة والناشئة، على حدٍّ سواء. ونحن نرى كيف أن الإمارات شريكة في تجمع دول العشرين، مثلما أنها وافقت على الانضمام إلى مجموعة بريكس. كما أن الإمارات والسعودية والكويت وعُمان شركاء في مبادرة الحزام والطريق الصينية، مثلما أن للإمارات والسعودية أدواراً أساسية ومحورية في مشروع الممر الاقتصادي الواعد الرابط بين الشرق الأوسط والهند وأوروبا. ولا ترى دول الخليج أي تناقض في ذلك، وتبقى المصلحة الوطنية محدداً رئيساً في إدارة هذه التفاعلات.

 

وتتطلع الإمارات للقيادة الأمريكية التي لا تكتفي بإدارة الأزمات في المنطقة، بل تبادر إلى وضع الحلول بالاعتماد على استراتيجية فعالة ومدروسة. وبوصف الإمارات نموذجاً مميزاً في تقاسم العبء والتعاون الاستراتيجي المشترك مع الولايات المتحدة وغيرها من القوى الدولية والإقليمية، فإنها تطرح رؤيتها لخفض التصعيد واقتراح الحلول، وفي هذا الإطار يعد تصور الإمارات لليوم التالي بعد حرب غزة مبادرة شاملة وواقعية ومتوازنة وتضمن حلاً مستداماً لهذه الأزمة المعقدة.

 

تطمح الإمارات في أن تضع زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى واشنطن أساساً أقوى لعلاقات تدوم خمسين عاماً أخرى (AFP)

 

ونظراً لأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال الدولة الأقوى في العالم، سواء على مستوى القوة الصلبة أو القوة الناعمة، فإنّ من مصلحة الإمارات، بوصفها لاعباً إقليمياً مهماً، أن تمدّ يدها إلى الولايات المتحدة من أجل دعم الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط؛ سواء في غزة، أو ليبيا وسورية واليمن والسودان، كما هو الحال في أفريقيا وأفغانستان. وفي خضم ذلك، تؤكد دولة الإمارات باستمرار على أهمية العمل الجماعي التعاوني، ومن ثمّ فإنها هي لا تعمل وحدها، بل مع أصدقائها وحلفائها وشركائها، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة.

 

إنّ دولة الإمارات تطمح في أن تكون زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى واشنطن جزءاً من مسار استراتيجي أعمق في العلاقات بين البلدين الصديقين، بحيث يضع الشيخ محمد مع الرئيس بايدن أساساً أقوى لعلاقات تدوم خمسين عاماً أخرى، تسودها الثقة المتبادلة وتعزيز المصالح المشتركة؛ بما يصب في خدمة تعزيز الأمن والازدهار في المنطقة والعالم.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M