الردع بلا حرب: كيف سترد إسرائيل على هجمات «الوعد الصادق 2» الإيرانية؟

  • كان الهجوم الإيراني الأخير بالصواريخ الباليستية على إسرائيل، الأعنف منذ تأسيسها. ومع أن الجيش الإسرائيلي عَدَّه هجوماً فاشلاً وغير مؤثر، إلا أن اختراق الصواريخ الإيرانية لمنظومة الدفاع الجوي سيدفع إسرائيل إلى إعادة تقييم فاعلية هذه المنظومة.
  • من المرجح أن تشن إسرائيل هجوماً واسعاً وكبيراً على إيران يشمل منشآت استراتيجية مدنية وعسكرية، باستثناء المنشآت النووية الإيرانية، من أجل إضعاف النظام الإيراني وكسر هيبته في المنطقة، وحماية الردع الإسرائيلي. 
  • تُعوِّل إسرائيل في قرارها بالهجوم الواسع على إيران على الدعم الأمريكي من جهة، ومنظوماتها الدفاعية وقدرات سلاح الجو الإسرائيلي من جهة أخرى، والتي ستسهم كلها في ردع إيران عن الرد على الهجوم الإسرائيلي، أو الاستعداد له وتقليل أضراره.
  • تؤيد الإدارة الأمريكية رداً إسرائيلياً على إيران، ولكن معارضتها تنحصر في شدة الهجوم وأهدافه. وتنطلق رؤية واشنطن من أن الرد المتوازن لإسرائيل سيمنح إيران قدرة على استيعاب الهجوم الإيراني وعدم الانزلاق إلى حرب إقليمية ومواجهة شاملة قد تتورط فيها الولايات المتحدة.

 

شنَّت إيرانُ هجوماً صاروخياً كبيراً على إسرائيل في الأول من أكتوبر 2024، أسْمته «الوعد الصادق 2»، رداً على اغتيال إسماعيل هنيّة، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في طهران، في 31 يوليو، واغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، وعباس نيلفورشان، نائب قائد العمليات في الحرس الثوري الإيراني، في الضاحية الجنوبية، في 27 سبتمبر. تَركز الهجوم الإيراني على مواقع عسكرية، وأعلنت إسرائيل أنها سوف ترد على الهجوم الإيراني بقوة كبيرة، مُعتبرةً أن إيران أخطأت بهذا الهجوم على إسرائيل.

 

التقييم الإسرائيلي للهجوم الإيراني وتأثيره

جاء الهجوم الإيراني في الأول من أكتوبر 2024 مفاجئاً لإسرائيل، فقبل ساعات قليلة من وقوعه أعلمتها الولايات المتحدة به. كان الاعتقاد السائد في إسرائيل أن إيران لن ترد على اغتيال إسماعيل هنية في طهران، حيث هدّد نتنياهو إيران في خلال خطابه في الأمم المتحدة في اليوم نفسه الذي اُغتيل فيه حسن نصر الله، أنه إذا هاجمت إيران إسرائيل فلن يكون الرد الإسرائيلي رمزياً أو بسيطاً، في إشارة إلى طبيعة الرد الإسرائيلي على الهجمات الإيرانية الأولى ضد إسرائيل (عملية الوعد الصادق 1) في 13 أبريل الماضي.

 

أطلقت إيرانُ على إسرائيل 181 صاروخاً باليستياً، وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن الدفاعات الجويّة الإسرائيلية بمشاركة الدفاعات الأمريكية تصدّت لأغلب الصواريخ، ولكن الجيش الإسرائيلي اعترف بسقوط صواريخ على قواعد عسكرية، منها قاعدة “نفتيم” الجوية في النقب وقاعدة “تل نوف” الجوية بالقرب من تل أبيب وقاعدة في منطقة مجيدو (قرب جنين)، كما سقطت صواريخ قرب مقر الموساد في تل أبيب. سبّب الهجوم أضراراً في القواعد الجوية، وبالذات في قاعدة “نتفيم”، لكنه لم يصب أي طائرات حربية. ولم تُعلن إسرائيل عن نسبة الاعتراض للهجوم الإيراني بالأرقام كما فعلت في هجوم أبريل، واكتفت عبر تصريحات نتنياهو والجيش بالقول إن الهجوم الإيراني جرى إفشاله. وتقدر بعض التقييمات الإسرائيلية أن الجيش لم يزود الإعلام بنسبة الاعتراض حتى لا يقدم معلومات إلى الجانب الإيراني في هذا الشأن، بما يساعدها في تحسين هجماتها المقبلة، ولكن أكد الجيش أن نسبة الاعتراض كانت مرتفعة. وفي هذا الصدد، يشير المحلّل العسكري لصحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل إلى أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية أسقطت الكثير من الصواريخ، ولكن استعمال الصواريخ الباليستية في هذا الهجوم، على عكس هجوم أبريل، سبب الكثير من الأضرار، وذلك على الرغم من أن عدد التهديدات في هذا الهجوم كانت نصف تهديدات أبريل (أكثر من 300 تهديد جوي).

 

كان الهجوم الإيراني الأخير بالصواريخ الباليستية على إسرائيل، الأعنف منذ تأسيسها (AFP)

 

يُعد هذا الهجوم هو الأعنف على الجبهة الداخلية الإسرائيلية منذ تأسيس دولة إسرائيل، وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن الهجوم كان مختلفاً عن هجوم أبريل الماضي، ففي هجوم أبريل أطلقت إيران بالأساس طائرات مسيّرة بطيئة منحت إنذاراً قبل ساعات طويلة لإسرائيل لصدّها بسهولة، أما في هجوم أكتوبر فقد استُخدمت الصواريخ الباليستية، وفي مقدمتها صاروخ “فاتح” “الفرط صوتي”.

 

اعتبر الجيش أن الهجوم الإيراني فشل لأنه لم يُؤثر في جهوزيّة الجيش الإسرائيلي، وفي خططه العملياتيّة. ومع أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ادعى أن منظومة “حيتس 3” (السهم) كانت فعالة وصدت الكثير من الصواريخ الإيرانية،  إلا أن الأضرار الكبيرة التي كشفتها الأقمار الصناعية في مطار “نفتيم” قد تُعيد تقييم الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لفاعلية المنظومة الدفاعية الإسرائيلية في حال كان هناك هجوم قوى، من حيث عدد الصواريخ ودقتها وسرعتها. فالسيناريو الأخطر لدى إسرائيل هو اختراق جدار الدفاعات الجوية الإسرائيلية وضرب منشآت حيويّة في إسرائيل من طريق شن هجوم متزامن باستخدام صواريخ ومسيّرات متطورة وبأعداد كبيرة.

 

ردود الفعل الأولية الإسرائيلية والموقف الأمريكي

تشير ردود الفعل الإسرائيلية إلى أن إسرائيل سترد على هذا الهجوم، وتحظى هذه المسألة بإجماع عسكري وسياسي كبير، وحتى المعارضة الإسرائيلية تدعم رداً غير اعتيادي على الهجوم الإيراني. وقد صرح الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، أنه ستكون هناك تداعيات للهجوم الإيراني، مُدعياً أن الجيش يملك خططاً جاهزة للهجوم، في حين قال نتنياهو إن إيران “ارتكبت خطأً بهجومها على إسرائيل، وستدفع ثمن ذلك”، أما رئيس هيئة الأركان، هرتسي هليفي فأكد أن الجيش سيرد على الهجوم الإيراني، قائلاً: “سنُحدد موعد الرد وسنثبت قدرتنا الهجومية الدقيقة والمفاجئة”. وترى تحليلات إسرائيلية أن إسرائيل كانت تنتظر هذه الفرصة لضرب إيران بقوة، وأنها لن ترد على الهجوم الإيراني برمزية كما كان في أبريل، بل ستستغل ذلك، وفي ذروة الثقة بالنفس في إسرائيل في الوقت الحالي، من أجل توجيه ضربات موجعة إلى النظام الإيراني كما كانت تتمنى إسرائيل دائماً.

 

تؤيد الولايات المتحدة رداً إسرائيلياً على الهجوم الإيراني، وتنحصر المعارضة الأمريكية في شدة الهجوم وأهدافه، فقد أوضح الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه يعارض استهداف المواقع النوويّة الإيرانية، وأن الولايات المتحدة ودول مجموعة السبع سوف تفرض عقوبات على إيران. وتنطلق الرؤية الأمريكية من أن الرد المتوازن لإسرائيل سيمنح إيران قدرة على استيعاب الهجوم الإيراني وعدم الانزلاق إلى حرب إقليمية ومواجهة شاملة قد تتورط فيها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الخليجية الحليفة لها.

 

تُخطِّط إسرائيل، كما يقول مسؤولوها، لشن هجوم واسع وكبير على إيران بهدف كسر هيبتها الإقليمية، وحماية الردع الإسرائيلي (AFP)

 

سيناريوهات الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني

تُمكن الإشارة إلى ثلاثة سيناريوهات مُمكنة للرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني، وفق الآتي:

 

السيناريو الأول: هجوم مباشر وعلني على إيران يستهدف منشآت استراتيجية داخل إيران

ينطلق هذا السيناريو من أن إسرائيل سوف تهاجم إيران باستعمال سلاح الجو الإسرائيلي تستهدف من خلاله منشآت استراتيجية حيويّة إيرانية ذات طابع عسكري، مثل مصانع ومخازن الصواريخ الباليستية و/أو قواعد ومواقع للحرس الثوري الإيراني، واقتصادي، مثل منشآت الطاقة الحيويّة، كالحقول والمصافي والموانئ التي تستخدم في التصدير، على نحو يشبه القصف الإسرائيلي للمنشآت في محافظة الحديدة اليمنية.

 

يدفع بهذا السيناريو مجموعة من العوامل، أهمها أن الاستهداف الإيراني كان الأخطر والأشد على الداخل الإسرائيلي، مما يستوجب على إسرائيل الرد على هذا الهجوم بهجوم أشد منه، وهو ما تعتمد عليه منظومة الردع الإسرائيلية. فإذا استهدفت طهران مواقع عسكرية إسرائيلية، فإن إسرائيل سوف تستهدف مواقع عسكرية ومنشآت حيوية في إيران، وذلك حتى لا يكون الهجوم الإسرائيلي متساوياً مع الهجوم الإيراني، ويدعم هذا التوجه المرحلة التي انتقلت إليها إسرائيل في استعادة منظومة ردعها وقوتها في أعقاب النجاحات التي حققتها على الجبهة الشمالية. فالرد بالمثل أو بأقل من الهجوم الإيراني كما حدث في أبريل، سوف يهدم ما حققته إسرائيل على الجبهة الشمالية، والتي أدت بنتنياهو إلى القول إن إسرائيل تتجه نحو تغيير خارطة الشرق الأوسط، والتي يعتمد فيها نتنياهو على إظهار إسرائيل دولة قوية تُواجه المحور الإيراني بحزم ودون تردّد.

 

ويعد العامل الأمريكي دافعاً لهذا السيناريو، فالولايات المتحدة تعهدت بحماية إسرائيل من أي هجوم إيراني عليها، ولا تعارض هجوماً إسرائيلياً على إيران من حيث المبدأ، وهذا معناه أن إسرائيل تستطيع شنّ هجوم كبير على إيران، والاعتماد على الدفاعات الجويّة الأمريكية لمساندة الدفاعات الجوية الإسرائيلية في التصدي لهجوم إيراني جديد قد تبادر له إيران رداً على الهجوم الإسرائيلي. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا الهجوم قد يكون فرصة لإسرائيل لتدمير الكثير من المنشآت الحيويّة الإيرانية وإضعاف النظام الإيراني ومعه المحور الإيراني، لاسيّما أن الدول الكبرى الداعمة لإسرائيل تتفهم الهجوم الإسرائيلي على إيران بوصفه رداً على الهجوم الإيراني. وفي هذا الصدد، تملك إسرائيل غطاءً شرعياً لرد كبير على الهجوم الإيراني، فقد كان الرد الإسرائيلي السابق محدوداً، لوجود ذريعة قانونية إيرانية تسوغ هجومها على إسرائيل، وهو استهداف القنصلية في دمشق، أما الهجوم الحالي – وفقاً للمنظور الإسرائيلي – فهو يعد إعلان حرب على إسرائيل دون مُسوّغ قانوني، إذ إنها لم تعترف رسمياً باغتيال إسماعيل هنيّة في طهران، مما يجعلها تؤطر الهجوم الإيراني باعتباره عملاً عدائياً وإعلان حرب على إسرائيل يستوجب رداً إسرائيلياً لا يتقيّد بمستوى الهجوم الإيراني، باعتبار هجومها دفاعاً عن النفس.

 

ويواجه هذا السيناريو مجموعة من المعيقات، أهمها تحفظ الولايات المتحدة على هجوم إسرائيلي غير متوازن للهجوم الإيراني وذلك بهدف كسر حالة التصعيد والانزلاق لمواجهة إقليمية، وتخوف الولايات المتحدة على أمن قواتها ومواقعها في الشرق الأوسط. بالإضافة إلى ذلك، فإن التهديد الإيراني هذه المرة يبدو جديّاً بالرد مرة أخرى على إسرائيل بهجوم أكثر حدّة ودقة مستهدفاً منشآت حيوية إسرائيلية، فعلى الرغم من قوة الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأمريكية فإنها لم تستطع منع سقوط عشرات الصواريخ على مواقع عسكرية إسرائيلية، ويبقى التخوف من نجاح الصواريخ الإيرانية في استهداف مواقع حيويّة إسرائيلية، لاسيّما أن إيران قد ترد بحدّة وزخم كبيرين هذه المرة، وهو أمر سيكون له تداعيات كبيرة على الداخل الإسرائيلي، لصغر مساحة الدولة وقرب منشآتها من المراكز المدنيّة الإسرائيلية، مثل محطات الكهرباء ومخازن المواد الكيماوية (في حيفا مثلاً)، ومواقع عسكرية مهمة (مثل وزارة الدفاع ومقر الموساد في تل أبيب).

 

بالإضافة إلى ذلك، فإن استمرار دائرة المواجهة يُهدد الاقتصاد الإسرائيلي الذي يُواجه حالة الانكماش والتأزم،  وظهرت معالم الأزمة مؤخراً في تخفيض شركة “ستاندرد آند بورز” التصنيف الائتماني لإسرائيل للمرة الثانية، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ إسرائيل، فضلاً عن استمرار هروب الاستثمارات من الدولة، وما تحمل هذه المواجهة من تكاليف عالية لن تستطيع خزينة الدولة تحملها مع ارتفاع العجز المالي وتراجع النمو الاقتصادي.

 

تعوّل إسرائيل في ردها على إيران على الدعم الأمريكي، ومنظوماتها الدفاعية وقدرات سلاح الجو الإسرائيلي (AFP)

 

السيناريو الثاني: هجوم مباشر وعلني على إيران يستهدف مواقع عسكرية تقليدية فقط

ينطلق هذا السيناريو من الموقف الأمريكي الذي يدعم حق إسرائيل بالرد، ولكن بصورة متوازية مع الهجوم الإيراني، أي استهداف بعض المواقع العسكرية الإيرانية، وذلك لتحقيق هدفيّن: أولاً، الحفاظ على هيبة إسرائيل التي تضررت بعد الهجوم الإيراني، وثانياً منع انزلاق المواجهة الحالية إلى حرب إقليمية، وإغلاق هذه الجولة من المواجهة على غرار ما حدث في أبريل. ويدفع بهذا السيناريو رغبة إسرائيل في التركيز حالياً على الجبهة الشمالية التي باتت تتضح أنها جبهة معقدة، وتحمل الكثير من التحديات على الرغم من اغتيال أغلب قيادات حزب الله، فبدأت خسائر إسرائيل تظهر في قتل جنودها في كل توغل للأراضي اللبنانية، فضلاً عن حالة الطوارئ شبه الدائمة للجبهة الداخلية، والتي تتوقع أن ترفع مستوى حالة الطوارئ فيها كلما تعمّقت العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان. كما يدفع هذا السيناريو إلى منع إيران من استهداف مواقع حيويّة مدنيّة لإسرائيل في حالة اقتصر الهجوم الإسرائيلي على مواقع عسكرية فقط، وبالذات أن شرعية إسرائيل سوف تهتز إذا استهدفت مواقع استراتيجية في إيران في الوقت التي تركز الهجوم الإيراني على مواقع عسكرية إسرائيلية، وحرْص إيران على إخبار جهات دولية بهجومها، فالرد غير المتوازن سوف يظهر إسرائيل بأنها دولة تسعى لإشعال حرب إقليمية تُورط فيها المنطقة والعالم، وتؤدي إلى تداعيات على اقتصاد العالم والأمن الدولي.

 

ويعتمد هذا السيناريو على المقايضة التي يُمكن أن تحدث في اتخاذ إسرائيل قراراً بضرب مواقع عسكرية إيرانية وبشكل متوازن مع الهجوم الإيراني مقابل إعادة نظام العقوبات الصارم على إيران الذي لطالما طالبت به إسرائيل الدول الكبرى، وهو أمر يسهم في مواجهة التوسع والنفوذ الإيراني وقدرتها على دعم أذرعها في المنطقة.

 

ويواجه هذا السيناريو مجموعة من التحديات، أهمها أن رداً متوازناً لإسرائيل تجاه الهجوم الإيراني سوف يضعف منظومة الردع الإسرائيلية، وقد يُعزّز المحور الإيراني، وسوف يُظهر إسرائيل بأنها فعلاً خائفة من التهديد الإيراني، وهو أمر يتناقض مع المنظومة الأمنية الإسرائيلية التي تنطلق أن على القوى الأخرى الخوف من تهديدها وليس العكس. بالإضافة إلى ذلك، فإن الرد المتوازن سوف يكسر ردع إسرائيل لإيران، وهو أمر خطر مستقبلاً على إسرائيل، مما يشجع إيران مستقبلاً للرد على هجمات إسرائيلية على إيران.

 

السيناريو الثالث: هجوم محدود ورمزي (سيناريو أبريل)

يمكن أن نُطلق على هذا السيناريو، سيناريو أبريل، وهو يُعبّر عن نمط الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني الذي اتسم بالرمزيّة المطلقة، على غرار رمزية الهجوم الإيراني آنذاك. يعتمد هذا السيناريو على أن الأضرار التي خلفها الهجوم الإيراني كانت محتملة، فلم يُخلّف الهجوم وراءه ضحايا بين المدنيين، لذلك يُمكن لإسرائيل أن ترد بنفس حجم الضرر الذي سببه الهجوم الإيراني، من طريق استهداف مواقع مُحددة وبسيطة، وتدميرها. ينطلق هذا السيناريو من التخوف الإسرائيلي من رد فعل إيراني جديد، وحاجتها إلى التفرغ للجبهة الشمالية والتي يعني الانتصار فيها انتصاراً على إيران وإضعاف المحور الإيراني. علاوة على ذلك، فإن الرد الرمزي يخدم مصالح إسرائيل في الارتياح من هجوم إيراني مستقبلي وإنهاء مرحلة الترقب لهجوم قادم، عبر إغلاق هذا الملف والتفرغ للحرب ضد حزب الله، مع وجود حالة اطمئنان بأن إيران لن تهاجم إسرائيل بسبب تدميرها لحزب الله.

 

يُواجه هذا السيناريو عوائق كثيرة، منها انهيار منظومة الردع الإسرائيلية بصورة كبيرة، وتعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة، حتى لو انتصرت إسرائيل على حزب الله. كما يُواجه هذا السيناريو معارضة كبيرة في الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية، ويُمكن أن يؤدي إلى خسارة نتنياهو كل الإنجازات التي راكمها خلال المرحلة الأولى من الحملة العسكرية على حزب الله.

 

استنتاجات

من المتوقع أن يكون الهجوم الإسرائيلي على إيران كبيراً وواسعاً، ويشمل منشآت حيويّة واستراتيجية إيرانية، مدنية وعسكرية، باستثناء المنشآت النووية الإيرانية، من أجل إضعاف النظام الإيراني وكسر هيبته في المنطقة. وتعوّل إسرائيل في قرارها بالهجوم الواسع على إيران على الدعم الأمريكي من جهة، ومنظوماتها الدفاعية وقدرات سلاح الجو الإسرائيلي من جهة أخرى، والتي ستسهم كلها – في التصور الإسرائيلي – في ردع إيران عن الرد على هجوم إسرائيل، أو الاستعداد له وتقليل أضراره.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M