الذهب الملاذ الآمن… ولكن عرضة للتقلبات كاستثمار

تتصدر أخبار الذهب وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، بعد وصول أسعاره في الأشهر المنصرمة الى مستويات مرتفعة تاريخية، ويعكف الأفراد والمعنيون في مواقع القرار على مستوى الدول والمؤسسات والمنظمات والصناديق ذات الصلة على تحليل أسباب هذا الارتفاع وانعكاساته وآفاقه لتحديد خياراتهم في شأن اقتنائه تحوطا للمستقبل، أو بيعه وتحقيق الأرباح.

في هذا، يقول ناتان ماير، عميد عائلة روتشيلد، “أعرف شخصين فقط يفهمان حقيقة كيف يتم تحديد سعر الذهب، لكن للأسف، غالبا ما لا يكونان على توافق”، في إشارة من موقع الخبرة، إلى أن سعر المعدن الأصفر يقاوم أي محاولة لحصره ضمن نموذج أو معادلة محددة وثابتة، فهو دائما عرضة للتقلبات الناتجة من مجموعة متنوعة من العوامل. مع ذلك، يمكن تسليط الضوء على أهم هذه العوامل المرتبطة بسعر الذهب.

أولها التضخم. هناك مقولة متداولة فحواها أن الذهب يحمي من التضخم، وهذا الأمر يختلف بشكل كبير وفقا للمكان والزمان، والأرجح هو عدم وجود علاقة ذات ركيزة إحصائية بذلك، كما أنه ليس للذهب دور وقائي ضد التضخم، وسعره يتأثر عادة ايجابا مع انطلاق الموجات التضخمية التي تتسبب بنمو الطلب عليه.

على العكس، يكون أداء الذهب جيدا خلال الانكماش. هذا ما اثبته الإحصائي روي غاسترام في كتابه “الثبات الذهبي”، حيث قام بتتبع تطور أسعار الذهب وقوته الشرائية لمدة 400 سنة بين عامي 1560 و1976، وخلص إلى ثباتهما نسبيا على الارتفاع خلال هذه المدة قياسا بالفضة والسلع الأخرى.

 

برزت رغبة متزايدة لدى المستثمرين لتنويع أصولهم واقتناء الذهب، بعد الإساءة إلى مكانة الدولار كعملة احتياط دولية رائدة، بسبب تسييسه

 

 

ويركز التقرير السنوي الشهير “بالذهب نثق” على توصيف الذهب بأنه “أصل نقدي” مميز عن المواد الأولية والسلع الأخرى، ويعتبر التقرير أن البيئة الأقل عرضة لتقلب أسعار الذهب هي بيئة “الاقتصاد المعتدل”، الذي يعمل على المستوى الأمثل، “لا حار جداً لإطلاق التضخم ولا بارد جداً للسقوط في الركود”.

علاقة الذهب بالسياسة النقدية

ترتبط أسعار الذهب بالسياسة النقدية، وتحديدا بأسعار الفائدة، خصوصا “أسعار الفائدة الفعلية”، أي أسعار الفائدة القصيرة الأجل التي تقررها المصارف المركزية ناقص معدل التضخم، إذ يتم الاحتفاظ بالذهب أو محاولة اقتناء المزيد منه عندما تكون أسعار الفائدة الفعلية التي توفرها الأصول النقدية وأصول السندات منخفضة أو سلبية، مما يتسبب بارتفاع أسعار المعدن الأصفر. وهذا ما حصل خلال سبعينات القرن العشرين، ثم تكرر الأمر في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. في المقابل، لا تشجع بيئة أسعار الفائدة الفعلية المرتفعة على شراء الذهب، كما كانت الحال في الثمانينات والتسعينات، لأن المعدن الأصفر لا يوفر أي عائد، لا بل هناك تكلفة لحفظه وتخزينه.

 

Shutterstock Shutterstock

سبيكة ذهبية على ورقة نقدية من فئة 100 دولار أميركي. 

من جهة أخرى، يوجد ترابط بين الذهب والدولار، فمن الممكن أن يؤدي انخفاض الدولار بنسبة بسيطة إلى مضاعفة سعر الذهب، والعكس صحيح، وقد يتحركان في الاتجاه نفسه لبعض الوقت. الأمر نفسه ينطبق على العملات الأخرى. فبين عامي 1973 و 1980، انخفض  سعر الدولار وارتفع سعر أونصة الذهب من 35 إلى 800 دولار للأونصة. لكن من عام 1980 إلى عام 1985، ارتفع سعر الدولار بمعدلات عالية ففقد الذهب أكثر من نصف قيمته، إلى أن تغيرت الأمور في عام 2002، حيث انخفص سعر الدولار وارتفع في المقابل سعر أونصة الذهب من 250 دولارا إلى 1400 دولار.

الارتباط السلبي بين الذهب والدولار

فالعلاقة بين الذهب والدولار ليست منهجية، مع ذلك فالارتباط السلبي بينهما أقوى بكثير من الارتباط بين الذهب والعملات الأخرى، والسبب أن الدولار الأميركي هو عملة الاحتياط العالمية التي تتنافس والذهب خلال فترات التوتر الشديد.

يرى البروفسور جيفري فرانكل، استاذ الاقتصاد في جامعة “هارفرد” وعضو الفريق الاستشاري الاقتصادي للرئيس بيل كلينتون، أن الدولار كان لمدة طويلة عملة الملاذ الآمن الرائدة في العالم، لكن برزت رغبة متزايدة لدى العديد من المستثمرين لتنويع أصولهم واقتناء الذهب، بعد الإساءة إلى مكانة الدولار كعملة احتياط دولية رائدة، جراء تسييسه باستخدامه من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب في فرض عقوبات أميركية أحادية الجانب خارج الحدود الإقليمية، إضافة إلى فقدان الثقة على نطاق واسع في كفاءة الحكم في الولايات المتحدة، وكان المثل الأكثر سوءا إدارة ترامب لجائحة كوفيد-19.

الملاذ الآمن… ولكن

وتشير آخر الأخبار من الولايات المتحدة إلى انشغال الحملة التي تروج لإعادة انتخاب ترمب رئيسا للبلاد، بإعداد مشروع قانون يفرض عقوبات على الدول التي ترفض استخدام الدولار في التجارة العالمية.

 

يميل سعر الذهب إلى الانخفاض عند تهدئة الأجواء، كما حصل عند الإعلان الرسمي في اللحظة الأخيرة، عن رفع سقف الدين العام الأميركي

 

 

للأزمات والتوترات على مختلف أنواعها تأثير كبير على تطور سعر الذهب. فالمعدن الأصفر يعتبر ادخارا جيدا في حال اضطر من يعيشون في المناطق المتأزمة مغادرتها، إذ يتميز عن الكثير من العملات والسلع بغلاء ثمنه وسهولة حمله. كما أنه يعتبر بمثابة عملة دولية يمكن بيعها في أي مكان من العالم وبدون التعرض لخطر التذبذب الذي تواجهه العملات الورقية وأيضا، يعتبر ملاذا آمنا من الأخطار لضعف ارتباطه نسبيا بأسعار الأوراق المالية الأخرى عند ارتفاع مؤشر الخوف (Volatility Index-VIX).

إيوان وايت إيوان وايت

إقرأ أيضا: صراع الدبيبة ومحافظ “المركزي” الليبي يكشف عن 30 طنا من الذهب

فعلى سبيل المثل، ارتفع سعر الذهب خلال سبعينات القرن العشرين على وقع تقدم الحركات اليسارية بالسلاح في فيتنام وكابول، وفي صناديق الاقتراع في فرنسا مع انتخاب فرنسوا ميتران رئيسا للجمهورية، ولاحقا مع انفجار أزمة الرهونات العقارية الأميركية، وأخيرا مع انتشار “كوفيد-19” التي أفضت عام 2020 إلى أكبر عملية نقل للذهب في التاريخ بلغت 400 طن، من خزائن أوروبا إلى سوق الذهب في الولايات المتحدة (COMEX). تلى ذلك الغزو الروسي لأوكرانيا، وفرض العقوبات على روسيا، ما دفع بالأخيرة وبدول “بريكس” إلى التجمع للتخطيط للخروج من هيمنة الدولار. ثم أتت الأحداث العسكرية في الشرق الأوسط، ونجم عن كل ما سبق توجه لدى المستثمرين للإحجام عن شراء الأصول المحفوفة بالأخطار، أو الاحتفاظ بها، واتجهوا إلى شراء الذهب.  في المقابل، يميل سعر الذهب إلى الانخفاض عند تهدئة الأجواء، كما حصل عند الإعلان الرسمي في اللحظة الأخيرة، في شأن رفع سقف الدين العام الأميركي.

ومثل أي سوق أخرى، تلعب ديناميكية العرض والطلب أيضا دورا حاسما في تحديد سعر الذهب، فإذا زاد الطلب ارتفع السعر، والعكس صحيح.

المصارف المركزية أكبر المشترين

فالطلب على الذهب متنوع المصدر، ويأتي عادة من  صناع المجوهرات والمستثمرين وصناديقهم، ومن الأفراد والأسر للاستخدام في الزينة والأعراس والأعياد والهدايا، وفي الادخار، وأيضا تحسبا للأوقات العصيبة. وقد يكون لأغراض صناعية كصناعة الالكترونيات والمعدات الطبية ومعدات استكشاف الفضاء وغيرها. لكن الطلب الأكبر يأتي من المصارف المركزية وصندوق النقد الدولي  والمصرف المركزي الأوروبي.

وتحولت مصارف مركزية عدة أخيرا إلى مشتر صاف للذهب لأسباب عدة ومتنوعة، فهو وسيلة لتعزيز احتياطاتها وتنويعها من أصل معترف به عالميا كونه يحافظ على قيمته مع الوقت وخلال الأزمات والتوترات والصدمات، وكونه يعزز الثقة بالعملة وبحمايتها وبالملاءة العامة، كما يشكل ضمانا من أخطار التخلف عن السداد، وأداة للراغبين بالاستقلال عن الدولار أو باستخدام إعادة تقييم الذهب لإطفاء الخسائر والعجوزات العامة. وتأتي في المقدمة، في السنوات الأخيرة، المصارف المركزية في الصين والهند وروسيا، تليها مصارف الدول التي ترى احتياطاتها بالدولار تفقد من قوتها الشرائية مع توسع الاحتياطي الفيديرالي الأميركي في طباعة مليارات الدولارات بسبب سياسات التيسير النقدي، ودعم الولايات المتحدة دول صديقة كأوكرانيا وإسرائيل وتايوان.

 

يستخدم الذهب في غسيل الأموال غير المشروعة، إذ لا يحتاج الأمر إلى حساب مصرفي لشرائه أو بيعه، ومن السهل العثور على مشترين أو بائعين

 

 

وأخيرا بات الذهب يستخدم في غسيل الأموال غير المشروعة، إذ لا يحتاج الأمر إلى حساب مصرفي لشرائه أو بيعه، ومن السهل العثور على مشترين أو بائعين للذهب في أي مكان وزمان، على عكس الصكوك المالية. كذلك، من السهل تحويله إلى أشكال عدة كمجوهرات أو سبائك دون فقدان قيمته، ولا تتطلب العمليات على الذهب تقارير تنظيمية.

15 عاما متبقية لمناجم الذهب؟

بالنسبة الى عرض الذهب، فإنه في الأساس من المناجم في جوف الأرض، وعلى سطحها ومن الترسبات. وتشير بيانات مجلس الذهب العالمي إلى استقراره في السنوات الأخيرة عند نحو 3000 طن سنويا، وهذا الرقم بعيد عن تلبية الطلب. وكلما مر الوقت، انخفض إنتاج الذهب، إذ إنه مورد طبيعي قابل للنضوب، وتذكر بعض التقديرات أنه لن يكون من الممكن إستخراج الذهب بعد نحو خمسة عشر عاما، فالعديد من المناجم لن تكون قابلة للاستغلال، وبعضها لم يعد ينتج بالقدر نفسه الذي كان عليه من قبل، وهناك مناجم أخرى لم يتم استغلالها بعد، لكنها تحتاج إلى أموال كبيرة حتى تؤتي ثمارها، وبالتالي هي ليست مربحة ماليا.

إقرا أيضا: ذهبُ مصر مع صراع السودان … ذهبَ

جدير بالذكر أن أكبر مناجم الذهب في العالم تقع في جنوب أفريقيا وغانا وإندونيسيا والبيرو، وهناك مناجم أخرى في الصين وروسيا وكندا والولايات المتحدة. وقد أصبح الذهب أكثر ندرة على سطح الأرض في المناجم المكشوفة وفي الترسبات، وبات من الضروري الحفر بشكل أعمق للعثور على العروق.

 

رويترز رويترز

متجر للمجوهرات لمناسبة مهرجان ” أكشايا تريتيا” الهندي حيث يزيد الاقبال على شراء الذهب. 

لكن الأخطار والتكاليف ستكون كبيرة، إذ يمكن أن تتجاوز الحرارة 60 درجة مئوية على أعماق تزيد على 3,5 كيلومترات، ويصل الضغط إلى نحو 10000 طن لكل متر مربع، كما هي الحال في المنجم الأكبر “تاو تونا” في جنوب أفريقيا، الذي وصل الحفر فيه إلى عمق 3900 متر، وبدأ الإنتاج فيه ينخفض منذ عام 2010، مما جعل الصين الدولة الأكثر إنتاجا للذهب، بمعدل يتجاوز عموما 300 طن سنويا، ووصل استثناء إلى 463 طنا عام 2016، وهي مع ذلك الدولة الأكثر شراء للمعدن الأصفر رغبة منها في التحوط من الانفجار الاقتصادي العالمي القادم في نظر قادتها، وهو توقع يشاركها به المستثمر الشهير وارن بافيت، الذي يحذر من خطورة تكون أصول مالية غير مستقرة بطبيعتها، وتبلغ قيمتها عالميا ألف تريليون دولار، ما يعادل نحو 10 مرات الناتج الإجمالي العالمي. وانفجار هذه القنبلة الموقوتة سيؤدي إلى إفلاس النظام المالي برمته.

أكبر احتياطات الدول من الذهب

في ما خص احتياطات الذهب، تصدرت الولايات المتحدة في نهاية عام 2023 لائحة الدول العشر الأولى في هذه الاحتياطات بـ 8133,5 طنا، تليها ألمانيا بـ 3352,7 طنا، فإيطاليا بـ2451,8 طنا، ثم فرنسا بـ2436,9 طنا، وروسيا بـ2322,7  طنا، والصين بـ2214,6  طنا، وسويسرا بـ1040 طنا، واليابان بـ846 طنا، والهند بـ803,5 طنا، وهولندا بـ612,5 طنا.

ديانا استيفانيا روبيو ديانا استيفانيا روبيو

من جهة أخرى، تبلغ احتياطات صندوق النقد الدولي من الذهب 2814 طنا، إذ يتعين على كل دولة عضو دفع 25 في المئة من حصتها ذهبا، أما احتياطات المصرف المركزي الأوروبي، فهي 506,5 طنا.

 

تزيد احتياطات الصين وروسيا معا قليلاً على نصف احتياطات الولايات المتحدة، التي تتخطى احتياطاتها تلك التي تمتلكها كل دول “بريكس”

 

 

وتزيد احتياطات الصين وروسيا معا قليلا على نصف احتياطات الولايات المتحدة، التي تتخطى احتياطاتها تلك التي تمتلكها كل دول “بريكس”، مما يفسر صعوبة إطلاق مشروع إصدار عملة موحدة أمام هذه الدول في المستقبل المنظور، تكون مدعومة بالذهب ومنافسة للدولار. وسيزداد الأمر صعوبة في حال جمعت احتياطات الكتلة الغربية أي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودوله، وانضم إليها شركاء اقتصاديون مثل سويسرا وبريطانيا واليابان وتايوان وكوريا الجنوبية وأوستراليا، إذ سينقسم عندها الاحتياط العالمي من الذهب ما بين الكتلة الغربية الموسعة بما يفوق الثلثين، وكتلة “بريكس” التي تحوز أقل من ثلث الاحتياط.

ديناميكية العرض والطلب

أخيرا، يسلط التحليل الإحصائي لديناميكية العرض والطلب على الذهب الضوء على بعض الظواهر التي تميل إلى تكرار نفسها على مر السنين، مثل ما يسمى بـ”موسمية سعر الذهب”. فقد لوحظ أنه في المتوسط، على مدار الخمسين عاما الماضية، كان شهر يوليو/تموز الأكثر إثارة للاهتمام بشراء الذهب بالدولار الأميركي. وكما  يذكر تقرير “بالذهب نثق”، يرتفع سعر الذهب بشكل عام من بداية شهر يوليو/تموز، الأكثر ربحية، حتى نهاية شهر فبراير/شباط. في حين يكون أداء الذهب خلال الأيام الـ 167 المتبقية من السنة بالكاد إيجابياً .

وفي استقراء سريع وموجز للمرحلة السابقة، يتضح أن سعر الذهب قد ارتفع  خلال السنوات الخمس الماضية بنسبة 69 في المئة من مارس/آذار 2019 إلى مارس/آذار 2024، وتحرك سعره من يونيو/حزيران 2020 إلى مارس/آذار 2024 من 1,700 الى 2,050 دولارا مع مرحلتين من التراجع من أغسطس/آب 2020 إلى مارس/آذار 2021، ثم من مارس/آذار 2022، إلى أكتوبر/تشرين الأول 2022.

توقعات الأسعار 2024-2030

وفي ما خص عام  2023، ارتفع سعر الذهب نحو 14 في المئة مع أداء متقلب، إذ حصل انخفاضان كبيران أدناهما قريب من 1800 دولار، أعقبهما انتعاشان حادان رفعا السعر إلى مستويين تاريخيين أعلاهما  عند 2,135. وأهم الأحداث التي قادت هذا المسار، سياسات الشراء التي انتهجها عدد من المصارف المركزية في مقدمها الصين وبولونيا وسنغافورة وليبيا وتشيكيا، والصعوبات التي واجهها النظام المصرفي في الولايات المتحدة وسويسرا، والقتال بين إسرائيل و”حماس”، إذ ارتفع سعر الذهب بشكل حاد بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.

 

تشير النسخة الأخيرة من تقرير “بالذهب نثق”، إلى عدد من المؤشرات يتوقع أن تدفع إلى ركود يضغط للاستمرار برفع سعر الذهب

 

 

بالنسبة الى السنة الجارية 2024، تشير النسخة الأخيرة من تقرير “بالذهب نثق”، إلى عدد من المؤشرات من المتوقع أن تدفع إلى ركود يضغط للاستمرار برفع سعر الذهب، أهمها تحول أسعار الفائدة إلى الانخفاض واستمرار الحروب والصراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا، وأيضا استمرار الطلب على الذهب من مشتريه التقليديين، إضافة إلى مستثمري الصناديق والعقود الآجلة، حيث بدأ ينشط التعامل بالأخيرة مع دفع علاوات على الأسعار الدولية أضعاف المتوسط التاريخي، وقدره 7 دولارات للأونصة لضمور خيارات الاستثمار كما هو حاصل في الصين.

والتوقعات بالنسبة الى عام 2030 تشير إلى استمرار ارتفاع سعر الذهب بالطبع مع  انخفاضات بين وقت وآخر لتكوين ركائز دعم، وذلك بسبب توقع استمرار العوامل الضاغطة لزيادته، وقد يكون تطور سعر الكهرباء أحد العوامل المؤثرة المحتملة، فإذا زاد سعر الكهرباء، فقد ترتفع تكاليف إنتاج الذهب، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى زيادة سعره.

للمزيد إقرأ: النظام الدولي الليبيرالي يتفكك ببطء

إن الاستثمار في الذهب يبقى مثيرا للاهتمام على الدوام على الرغم من التغيرات في أسعاره، فهو الشكل الوحيد للأصل وللعملة اللذين بقيا صامدين عبر العصور، وتجارب العملات الورقية غير القابلة للتحويل الى أصول ملموسة، اظهرت فقدانها لقيمتها مع الوقت، ولا شيء يشير إلى أن تجربة الدولار ستكون استثناء من ذلك. فالدولار الواحد في عام 1900 كان يسمح بشراء العشرات من خبز الباغيت وأصبح الآن يساوي 0.03 من قيمته فقط. ويلخص الكاتب البلجيكي جاك سترنبرغ الأمور بالقول “إن الانسان (وعملاته الورقية) يتطوران  في اتجاه معاكس للذهب مع الوقت”.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M