- تعكس سياسات فرنسا في لبنان وموقفها من توسع الصراع العسكري بين إسرائيل وحزب الله استراتيجية ماكرون الأوسع في الشرق الأوسط، والتي تسعى إلى تأكيد نفوذ باريس مع تعزيز الاستقرار، ومنع انهيار الدولة اللبنانية.
- بخلاف موقفها من الحرب في غزة، والذي كان أكثر تفهُّماً للتدخل الإسرائيلي رغم تجاوزه كل الحدود العسكرية والإنسانية، فإن موقف فرنسا من توسُّع الحرب في لبنان يُظهِر بقوة التناقض بينها وبين إسرائيل، والذي تعزَّز إثر استهداف قوات “اليونيفيل”.
- يسعى الرئيس ماكرون لحشد الدعم الدولي لمبادرته بشأن لبنان، والقائمة على جانب سياسي يتعلق بتطبيق القرار 1701، وجانب إنساني يهدف إلى عودة النازحين على طرفي الحدود، لكن هذا النهج يواجه تحديات كثيرة، بعضها يرتبط بإسرائيل والولايات المتحدة، والبعض الآخر يتعلق بطبيعة التوازنات داخل النظام السياسي اللبناني.
- على رغم الوعود الإنسانية التي يحظى بها مؤتمر باريس لدعم لبنان، فإن النتائج السياسية المتوقعة منه أو تأثيره على مجريات الصراع ليست كبيرة، وبخاصة مع توقّع فشل المبعوث الرئاسي الأمريكي إلى لبنان في التوصل إلى تسوية دبلوماسية للحرب.
في أعقاب الجولة التي قام بها وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، إلى الشرق الأوسط، أعلنت فرنسا عن تنظيم مؤتمر دولي «لدعم سكان لبنان وسيادته» في 24 أكتوبر 2024 في باريس، في ظل مساعٍ يقودها الرئيس إيمانويل ماكرون لوقف الحرب. وسيجمع هذا المؤتمر الوزاري الدولَ الشريكة للبنان والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني.
تُحلل هذه الورقة طبيعة الموقف الفرنسي من التصعيد في لبنان، والطرح الذي تقدمه باريس لوقف الحرب ومدى توافقه مع الطرح الأمريكي، وتستكشف آفاق الدور الفرنسي في الأزمة.
الموقف الفرنسي من التصعيد
على العكس من موقفها من الحرب في غزة، والذي كان أكثر تفهُّماً للتدخل الإسرائيلي رغم تجاوزه كل الحدود العسكرية والإنسانية، فإن موقف فرنسا من توسُّع الحرب في لبنان يُظهر بقوة التناقض بينها وبين إسرائيل.
بدايةً، فإن لبنان بالنسبة لباريس ليس غزة، فهو أحد المجالات القليلة للنفوذ الفرنسي في المشرق العربي، وهو نفوذ، رغم تراجعه، متجذر في تاريخ معقد ومتعدد الأوجه يعود إلى عصر الانتداب الفرنسي (1920-1943)، ومستمر في تشكيل العلاقات الدبلوماسية والثقافية والسياسية بين البلدين اليوم. فلطالما اعتبرت فرنسا نفسها حاميةً للبنان، وبخاصة في أوقات الأزمات. ويتدخل القادة الفرنسيون بانتظام في الشؤون اللبنانية، وغالباً ما يقدمون أنفسهم “وسطاء” بين مختلف الفرقاء اللبنانيين. وكان هذا واضحاً في أثناء الحرب الأهلية في لبنان (1975-1990)، عندما حاولت فرنسا بذل جهود دبلوماسية مختلفة للتوسط في عملية إنهاء الحرب.
وقد حاول إيمانويل ماكرون ضمان استدامة تلك النزعة الحمائية، تجاه المستعمرة القديمة، وظهر ذلك جلياً في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020. فقد زار ماكرون لبنان عدة مرات، ودفع من أجل إجراء إصلاحات سياسية لكسر دائرة الفساد والركود السياسي، وعرض المساعدة مقابل الإصلاحات الهيكلية. ومع أن الكثيرين في لبنان رحبوا به في البداية، إلا أن جهوده تم تقويضها في نهاية المطاف. وقد باءت المبادرة الفرنسية، التي اعتمدت على التشكيل السريع لحكومة تكنوقراط لاستئناف الإصلاحات الاقتصادية، بالفشل، بسبب الخلافات الداخلية والضغوط الخارجية، وبخاصة من إيران – عبر حزب الله- والمملكة العربية السعودية.
منذ منتصف سبتمبر الماضي، عندما بدأت الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل تتوسع عبر تصعيد الغارات الإسرائيلية في بيروت، اتهم الرئيسُ الفرنسي رئيسَ الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بدفع المنطقة إلى الحرب. وبدا واضحاً منذ ذلك الوقت، أن موقف باريس سيكون على النقيض من خطة نتنياهو لتوسيع الحرب تجاه لبنان، لا بوصفها جزءاً من الحرب على غزة، ولكن باعتبارها جبهة مستقلةٍ لها أهدافها الخاصة، وعلى رأسها القضاء على القدرات العسكرية لحزب الله، وأقله دفع قواته نحو شمال الليطاني.
بالتزامن مع هذا الاتهام، صوتت فرنسا لصالح الاقتراح الفلسطيني الذي طُرح في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 سبتمبر، حول فرض عقوبات وحظر على الأسلحة ضد إسرائيل. ثم قادت فرنسا مبادرةً لوقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوماً على طول الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، لإفساح المجال للدبلوماسية للتوصل إلى تسوية دبلوماسية بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 1701 لعام 2006، أيدها كلٌّ من الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة وقطر. لكن المبادرة فشلت بعد يوم واحدٍ، في أعقاب اغتيال إسرائيل لأمين عام حزب الله، حسن نصر الله. وعند هذا المنعطف الأخطر في الصراع، أصبح الموقف الفرنسي تجاه إسرائيل أكثر حدةً، بعد أن دعا الرئيس الفرنسي إلى وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل، وأصبح التصعيد في لبنان دافعاً لباريس لتغيير موقفها من استمرار الحرب في غزة أيضاً، والذي كان ينطوي على دعم غير محدود لإسرائيل.
وقد أصبح الموقف الفرنسي أكثر تناقضاً مع إسرائيل منذ التاسع من أكتوبر، مع بداية الاستهداف الإسرائيلي لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، في رأس الناقورة واللبونة، والتي تضم وحدةً عسكرية فرنسية. فقد استدعت باريس السفير الإسرائيلي لديها للاحتجاج، وقالت إن “هذه الهجمات تشكل انتهاكاً خطيراً لالتزامات إسرائيل بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1701 والقانون الإنساني الدولي”. لكن هذا التناقض في المواقف بين البلدين، يتجلى أيضاً في صورة تناقض شخصي بين ماكرون ونتنياهو، حيث تبادل الرجلان الانتقادات اللاذعة في الأسابيع الأخيرة على نحو غير مسبوق، وسُرِّب عن ماكرون قوله: “يجب على نتنياهو ألا ينسى أن بلاده أنشئت بقرار من الأمم المتحدة”، في إشارة إلى قرار تقسيم فلسطين في عام 1947 (وهو التصريح الذي قال ماكرون لاحقاً إنَّه جرى “تحريفه“). وقد كرر وزير القوات المسلحة الفرنسي، سيباستيان ليكورنو، هذه التحذيرات من فرنسا، مشيراً إلى أن “المشكلة تكمن في عدم احترام إسرائيل لقرارات الأمم المتحدة”.
المبادرة الفرنسية وآفاقها
تقوم المبادرة الفرنسية لوقف الحرب في لبنان على جانبين: الأول، سياسي-أمني يتعلق بالعمليات العسكرية والهدنة وخطوط التمركز والانتشار، يتأسس على قرار مجلس الأمن رقم 1701 لعام 2006، والذي يدعو إلى “وقف كامل للأعمال العدائية، وسحب إسرائيل لجميع قواتها من لبنان بالتوازي مع انتشار جنود الجيش اللبناني واليونيفيل جنوب نهر الليطاني”. كما تتضمن المبادرة الدفع نحو “انتخاب رئيس في لبنان، كخطوة الأولى في إعادة تفعيل المؤسسات السياسية. وكذلك تحديد سبل دعم المؤسسات اللبنانية، لاسيما قوات الجيش اللبناني، بوصفها ضامنة للاستقرار الداخلي في البلاد”. وقال رئيس الدبلوماسية الفرنسية، جان نويل بارو، في إفادة أمام مجلس الشيوخ: “إننا نشجع القادة السياسيين اللبنانيين على تحمل مسؤولياتهم لوضع البلاد على المسار الصحيح”، وشدد على أنه “لكي يحافظ لبنان على وحدته واستقراره، لابد من أن يكون للبنان رئيس”.
أما الجانب الثاني، فهو إنساني، يتعلق بالإغاثة وعودة السكان إلى مدنهم وقراهم في الجنوب لبنان وفي شمال إسرائيل. وسيكون هدف المبادرة الفرنسية، في هذا الجانب، تعبئة المجتمع الدولي للاستجابة لاحتياجات الحماية والإغاثة الطارئة لسكان لبنان. ولحشدٍ قدر واسعٍ من الدعم لمبادرته، أجرى الرئيس ماكرون اتصالات مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع سوداني، والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. فضلاً عن حشد دعمٍ واسعٍ من الدول الأربعين التي تشارك في قوات “اليونيفيل” في جنوب لبنان.
وإذ تبدو المبادرة الفرنسية واعدةً، لكنها تواجه تعقيدات الوضع اللبناني والإقليمي. فعلى سبيل المثال، حتى يتمكن الجيش اللبناني من الانتشار في الجنوب يحتاج إلى دعم مالي ولوجستي وعسكري، أمريكي وعربي لن يكون متاحاً ما لم تُجرَ تسوية شاملة للوضع الداخلي اللبناني نحو علاقات قوة جديدة لا يكون فيها حزب الله مهيمناً على النظام السياسي اللبناني، وفي الحد الأدنى انتخاب رئيس للبنان يعزز سيادة الدولة وسلطتها، في حين أن الثنائي الشيعي يرفض انتخاب رئيس “تحت النار”. ومن جهة إسرائيل، ومع أن حكومة بنيامين نتنياهو تنطلق من القرار 1701، إلا أنها ميدانياً تسعى إلى تجاوزه نحو إقامة منطقة أمنية عازلة على الحدود مع لبنان ومحاولة تفكيك قدرات حزب الله العسكرية وليس فقط دفع قواته نحو شمال الليطاني، في حين أنها سياسياً تسعى إلى تعديله. وفي هذا الصدد، نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين قولهم إن إسرائيل قدمت للولايات المتحدة وثيقة بشأن شروطها للتوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء الحرب في لبنان، ومن هذه الشروط السماح للجيش الإسرائيلي بالمشاركة في تنفيذ فعال لضمان عدم إعادة تسليح حزب الله، وبأن تعمل قواتها الجوية بحريّة في المجال الجوي اللبناني.
هذه الآفاق السلبية المتعلقة بالجانب السياسي-الأمني من المبادرة، تقتضي بالضرورة آفاقاً سلبية مماثلة في الجانب الإنساني، إذ سيكون من المبكر الحديث عن عودة الإسرائيليين إلى الشمال وكذلك عودة النازحين إلى جنوب لبنان، فضلاً عن احتواء آثار تواصل الحرب على الوضع اللبناني الداخلي، أمنياً واقتصادياً، وهو ما سيعني مزيداً من التهديدات الأمنية في عموم المنطقة، وكذلك بالنسبة لأوروبا، وبخاصة مع توقُّع مزيد من تدفقات الهجرة واللجوء نحو القارة الأوروبية. وكان وزير الخارجية الفرنسي قد أكّد في إفادته أمام مجلس الشيوخ أن “الحريق الإقليمي يمس كل الشعب الفرنسي، فالأمر يتعلق بأسعار البنزين والغاز، والتهديد الإرهابي، ومسألة الهجرة، وكل ما يحدث اليوم في الشرق الأوسط سيضاعف من هذه المخاطر”.
بين فرنسا والولايات المتحدة
مع أن هناك توافقاً فرنسياً-أمريكياً بشأن منع توسُّع الحرب، كما تجلى بوضوح في البيان المشترك، في 26 سبتمبر الماضي، الذي دعا “جميع الأطراف إلى الموافقة فوراً على وقف إطلاق النار المؤقت وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 وإعطاء فرصة حقيقية للتوصل إلى تسوية دبلوماسية”، إلا أنه يظهر أن الموقفين الفرنسي والأمريكي تجاه الأزمة غير متطابقين، وفق ما يأتي:
أولاً، يرتكز الموقف الفرنسي لوقف التصعيد على الدبلوماسية، وعلى نزعةٍ أكثر نقديةٍ للجانب الإسرائيلي، في المقابل لا نرى هذه النزعة لدى الجانب الأمريكي، إلا قليلاً. إن اختلاف موقف فرنسا سببه حاجتها إلى الحفاظ على العلاقات مع كلٍّ من إسرائيل ولبنان، بما في ذلك معالجة دور حزب الله في السياسة اللبنانية. وعلى النقيض من الولايات المتحدة، لم تصنف فرنسا الجناح السياسي لحزب الله تنظيماً إرهابياً، فهي تميز بين الجناح السياسي والعسكري، إذ يسمح هذا التمييز لها بالحفاظ على قنوات دبلوماسية داخل لبنان. وفي المقابل، فإن الهدف الأساسي لواشنطن في الصراع هو احتواء حزب الله، وبالتالي النفوذ الإيراني. في حين تركز الجهود الدبلوماسية الأمريكية أكثر على دعم إسرائيل، وممارسة الضغط على حزب الله من طريق العقوبات، بدلاً من التركيز على الديناميات السياسية الداخلية في لبنان نفسه، حيث يوجد توافق شبه تام بين العقيدتين الأمنية الإسرائيلية والأمريكية تجاه لبنان. فالسياسة الخارجية الأمريكية تجاه لبنان تتماشى بشكل وثيق مع أجندتها الأوسع في الشرق الأوسط، وخاصة فيما يتعلق بالحفاظ على أمن إسرائيل ومكافحة نفوذ إيران. وهذا يقودها إلى إعطاء الأولوية للحلول العسكرية على الجهود الدبلوماسية، حيث نراها أقل اهتماماً أقل بالتوسط لوقف إطلاق النار.
ثانياً، يهدف الموقف الفرنسي في مقامٍ أساسي إلى دعم بقاء الدولة في لبنان، وتقوية المؤسسات باعتبارها ثقلاً موازناً لنفوذ حزب الله، بما في ذلك من طريق التعاون مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، والسعي إلى نهج متوازن يتجنَّب عزل الحزب بالكامل، لذلك تدفع فرنسا إلى عقد مؤتمرات دولية تهدف إلى تأمين الدعم المالي واللوجستي للدولة اللبنانية، وفي المقابل لا تهتم واشنطن كثيراً بالتوازن الداخلي اللبناني، بقدر اهتمامها بإضعاف القدرات العسكرية للحزب.
ثالثاً، على نحو أكثر شمولاً، تعكس سياسات ماكرون في لبنان وموقفه من توسع الصراع العسكري بين إسرائيل وحزب الله استراتيجيته الأوسع في الشرق الأوسط، والتي تسعى إلى تأكيد النفوذ الفرنسي مع تعزيز الاستقرار بواسطة الدبلوماسية المتعددة الأطراف. وينطوي نهجه على موازنة العلاقات مع القوى الإقليمية مثل إيران وإسرائيل، مع الدعوة في الوقت نفسه إلى سيادة لبنان. ومع ذلك، فإن رؤية ماكرون في لبنان بالذات، لا تزال بعيدة المنال، لعدة أسباب، أهمها:
- إن المراهنة على إعادة إنتاج دولة لبنانية قوية تفرض السيطرة على مجالها وحدودها وتمنع قيام أي كيانات غير رسمية ذات سيطرة وامتداد خارجي، تبدو صعبةً بسبب طبيعة التكوين الطائفي للبلاد.
- إن المنطقة تتكون من تشكيلات جيوسياسية أكبر يصعب على فرنسا السيطرة عليها. ويعتقد الفرنسيون اليوم، أنه على الرغم من أن النجاحات التكتيكية التي حققتها إسرائيل في لبنان تمنحها الأفضلية، لكنْ على المدى الطويل ستواجه هذه المكاسب صعوبة في التحول إلى نصر استراتيجي، فليس هناك ما يضمن أن حزب الله سوف يسلِّم في نهاية المطاف. وتظل عودة النازحين الإسرائيليين إلى شمال البلاد أكثر من مجرد افتراض في هذه المرحلة، في حين لا يبدو أن هناك حلاً دائماً يبرز سوى حرب الاستنزاف، الذي ستظل آثاره تؤجج الأسباب الجذرية للصراع.
خلاصة
من أجل منع تصاعد الصراع في المنطقة، تتبنى فرنسا نهجاً أكثر دبلوماسية لإدارة التعقيدات السياسية في لبنان وهدفها الأساسي منع انهيار الدولة، ضمن توجهٍ أوسع في الاستراتيجية الجيوسياسية الفرنسية في الشرق الأوسط. ويسعى الرئيس إيمانويل ماكرون لحشد الدعم الدولي لمبادرته القائمة على جانب سياسي يتعلق بتطبيق القرار 1701، وجانب إنساني يهدف إلى عودة النازحين على طرفي الحدود، وفي المقابل يواجه هذا النهج تحديات كثيرة منها ما يتعلق بالمنظور الوجودي للصراع بالنسبة لحكومة نتنياهو، ومنها ما يتعلق بالدور الأمريكي الذي يعطي الأولوية للجانب الأمني ويدعم إسرائيل في هدف إنهاء قوة حزب الله وإضعاف النفوذ الإيراني في لبنان، ومنها ما يتعلق بطبيعة التوازنات داخل النظام السياسي اللبناني.
وعلى رغم الوعود الإنسانية التي يحظى بها مؤتمر باريس، فإن النتائج المتوقعة منه على المستوى السياسي أو تأثيره على مجريات الصراع لن تكون ذات بالٍ، وبخاصة مع توقّع فشل مهمة المبعوث الرئاسي الأمريكي عاموس هوكشتين الذي يزور لبنان في 21 أكتوبر، وهي الزيارة التي تمثل آخر فرصة للتوصل إلى تسوية دبلوماسية للحرب بالنظر إلى موعد الانتخابات الأمريكية في الخامس من نوفمبر المقبل، إذ لا يُتوقع أن يحظى العرض الذي يحمله هوكشتين، والذي يبدو أنه يرتكز على تعديل القرار 1701، بتأييد من قبل لبنان والمجتمع الدولي، وضمنه فرنسا.