ملخص:
يميل الاهتمام الحالي بمفهوم “المجتمع المدني” إلى التقليل من أهمية مجموعة واسعة من الأنشطة الاجتماعية غير المنظمة والهجينة التي تطبع السياسة الحضرية في العديد من البلدان النامية. ومن الواضح أن هناك تصورات متعددة لمفهوم “المجتمع المدني”، إذ تكشف الأدبيات الحالية عن تباين كبير في هذه التصورات، ليس فقط بين النماذج الكلاسيكية والمعاصرة، بل حتى داخل النموذج المعاصر ذاته. ومع ذلك، يبدو أن هناك توافقًا أوليًا بين هذه التصورات على أن الحياة الجمعوية تشكل عنصرًا أساسيًا في “المجتمع المدني”، وأن هذا الأخير يتمتع بامتياز جوهري مقارنةً بأشكال التعبير الاجتماعي الأخرى. ورغم أنني لا أهدف إلى التقليل من قيمة “المدنية”، إلا أنني أرى أن الاختزالية التي تطبع النقاشات المنتجة حول “المجتمع المدني” تقلل من أهمية، بل وتستبعد، أشكال النضال الأخرى التي تعمل خارج نطاق الدولة، والتي قد تكون في بعض المجتمعات -مثل تلك الموجودة في الشرق الأوسط- أكثر انتشارًا وفاعلية من المؤسسات المدنية التقليدية.
إن هدفي الأساسي في هذا المقال هو دراسة واستكشاف ديناميات هذا النشاط غير المنظم، الذي يميل إلى تحديد واستكشاف سياسة “الناس غير الرسميين”، خاصة مهمشي الحضر. ومن خلال محاولة اعتماد مسافة نسبية مع كل من جيمس سكوت ومنتقديه، أود أن أُظهر كيف أن هذه الممارسات العادية والصامتة، التي يقوم بها الأشخاص العاديون، غالبًا ما تُحدث تغييرات اجتماعية ملحوظة