شهدت الأسواق المالية في الحادي عشر من الشهر الجاري حدثاً بارزاً، حيث أصدرت الصين سندات سيادية بما يعادل ملياري دولار في المملكة العربية السعودية، هذه الخطوة تعد الأولى من نوعها في المنطقة، وتعكس عمق العلاقات الاقتصادية بين البلدين وتساهم في تقويض هيمنة الدولار في الأسواق المالية العالمية…
شهدت الأسواق المالية في الحادي عشر من الشهر الجاري حدثاً بارزاً، حيث أصدرت الصين سندات سيادية بما يعادل ملياري دولار في المملكة العربية السعودية، هذه الخطوة تعد الأولى من نوعها في المنطقة، وتعكس عمق العلاقات الاقتصادية بين البلدين وتساهم في تقويض هيمنة الدولار في الأسواق المالية العالمية.
ولكنها تعكس في الوقت نفسه حروب العملة الناعمة الحمراء بالدولار الامريكي Red soft currency wars in US dollar كم هم اذكياء اولئك الجنس الاصفر !!!!!! ، فبدلا من اعادة تدوير البترو دولار ليأخذ شكل الاستثمار في سندات الخزانة الأميركية كاستراتيجية اعتمدتها الولايات المتحدة على مدار اكثر من نصف قرن ولمنفعة الحساب المالي الامريكي في ميزان المدفوعات، دخلت الصين هذه المرة الى اسواق البترو دولار باصدار سندات بالدولار نفسه لاعادة تدوير مشترياتها السابقة من النفط ولكن بسندات دولارية حمراء red dollar treasury bonds وبتصنيف ائتماني AAAعالي جدا وبعوائد مجزي تتفوق على تلك المدفوعة على حوالات وسندات الخزانة الأميركية حاليا.
وبهذا بدأت الصين في استخدام دولار الولايات المتحدة الذي اشترت به نفط السعودية وغيرها في وقت سابق لتدويره كعوائد داخل الاقتصاد الصيني وبما يحقق تمويل الاستثمارات بالدولار وينافس في الوقت نفسه اميركا في الانتفاع من فوائض النفط بعملة البترودولار كاستراتيجية متبعة منذ اكثر من خمسين عاما كما ذكرنا ،وبما ينفع الصين اقتصاديا، طالما تذهب عوائد السندات الدولارية الحمراء لمصلحة الاستثمارات الصينية داخل الاقتصاد الصيني .
انه صراع جلي شديد الذكاء بين الحساب المالي لميزان المدفوعات الصيني Red Financial account of balance of payments مع الحساب المالي لميزان المدفوعات الامريكي للانتفاع من عوائد الدولار النفطي وفائضاته. فبداية حرب البترودولار الاحمر الناعمة قد بدأت من ساحة الشريك النفطي الاقتصادي الكبير للصين وهي السعودية. فبدلاً من ان تستثمر السعودية جانب فوائضها من البترو دولار المتحصل من سوق الصين بسندات او حوالات الخزانة الأميركية، فان الصين ذهبت بنفسها الى سوق الرياض المالية بإصدار سنداتها الدولارية الحمراء لتدوير فوائض البترودولار كي تدخل الاقتصاد الصيني، الذي يعاني حاليا بشيء من الركود حتى تستقيم معادلة النمو الصيني الى اعلى على الدوام وتستمر استيرادات النفط الخارجية الصينية من شركاءها الدوليين ولاسيما السعودية بعملة الدولار الامريكي في آن واحد.
وهكذا ستتقاسم الصبن الدولار الاميركي النفطي الاحمر لمنفعتها كدولة مستوردة للنفط وتدويره ابتداءً من فائضات البترودولار السعودية وتحويلها تدريجيا او جزئياً من الذهاب الى اوراق الخزانة الامريكية ليتحول الى اوراق الخزانة الصينية ذات اللون الدولاري الاحمر.
انها مرحلة صراع صيني – امريكي على السندات السيادية الصادرة بدولار الولايات المتحدة الاميركية نفسه ولاسيما من عوائد النفط او غيره مستقبلاً، اذ ستكون كينونة الصراع ومقدماته هي التنافس على معدلات الفائدة المدفوعة في بداية الامر قبل ان يأخذ الصراع بالسندات الدولارية سواء الحمراء او الخضراء اشكالا اخرى لامحالة.
اذ يلحظ ان الصين تستورد حوالي 70%-75% من احتياجاتها النفطية السنوية من الخارج. حيث بلغ إجمالي واردات الصين من النفط الخام حوالي 10-11 مليون برميل نفط يوميًا في السنوات الأخيرة، وان اهم اسواقها الاستيرادية هي المملكة العربية السعودية والعراق وايران وروسيا .
ختاما، تحاول الصين اعادة الانتفاع من فوائض البترودولار في سنداتها الدولارية السيادية الحمراء بدلا من ان تذهب الى السندات السيادية الاميركية الخضراء. انه صراع ناشب بين الحسابين الماليين لميزان المدفوعات الصيني و الامريكي وتدفقات دولار الولايات المتحدة من عائدات النفط في موازين مدفوعات ذلك الصراع ….انها حروب العملة الناعمة بين الدولتين العظميين قوامها الدولار النفطي .