تعود الركائز الأساس للاقتصاد الألماني المعاصر إلى أكثر من سبعين عاما، وقد أرساها المستشار كونراد أديناور ونائبه ووزير الاقتصاد في حكومته لودفيغ إيرهارت، حيث ركز الأول على تعديل قانون المحكمة الدستورية لجعلها رائدة في مجال الدفاع عن حقوق المواطن، وضبط أداء الحياة السياسية، وعلى جعل قانون المصرف المركزي رائدا في الاستقلالية، بما يحافظ على استقرار النقد، فلا تتكرر مأساة التضخم المفرط خلال جمهورية فايمار.
تركز اهتمام إيرهارت قبل عقود على إرساء اقتصاد سوق اجتماعي على النحو الذي طرحه الاقتصادي ألفرد مولر أرماك كحل وسط بين تطرف الاقتصاد الموجه واقتصاد السوق الحر. الهدف كان الاستفادة من ميزات اقتصاد السوق، مثل حرية العمل والأسعار والمنافسة، مع تعويض عيوبه بحماية المواطنين من الاحتكارات والبطالة والأمراض.
صورة من الأرشيف لمستشار ألمانيا الغربية كونراد أديناو (الى اليسار)، أثناء جولة في متحف اللوفر برفقة وزير الثقافة الفرنسي اندره مالرو، باريس، 3 يوليو 1962.
لم يُعتمد هذا النظام الاقتصادي بشكل قانوني إلا في مايو/أيار 1990، بعد إعادة توحيد شطري ألمانيا، مثبتا قدرة على التكيف بشكل مثالي مع أي ظروف جديدة، مما دفع لاعتماده تدريجيا في أوروبا وانتهى الأمر بأن حددت اتفاقية لشبونة ثم معاهدة روما لعام 2004 “اقتصاد السوق الاجتماعي” كأحد الأهداف الرئيسة للاتحاد الأوروبي.
أول تحد للنموذج الاقتصادي الألماني تأتى من ضغوط الوحدة بين الشطرين الشرقي والغربي للبلاد عام 1990، ثم من الارتدادات السامة لأزمة التوريق الأميركية عام 2007
“الخنفساء”… رمز المعجزة الألمانية
وكانت سيارة “فولكسفاغن” من أولى المؤسسات التي أطلقت مع بداية العمل بنموذج الاقتصاد الجديد، وقد اعتبرت الـ”نيويورك تايمز” الخنفساء، وهو الاسم الذي أطلقته على هذه السيارة، رمز المعجزة الاقتصادية الألمانية. فقد كانت سيارة صغيرة غير مكلفة، متينة، وبإمكان ملايين الأشخاص حول العالم ان يقتنوها، بعكس السيارات التي ظهرت قبلها والموجهة للنخبة، مثل “فورد” و”سيتروان” وحتى “فيات”، مما جعل الخنفساء مصدرا مهما للعملات الأجنبية.
وتحت شعار “الثروة للجميع”، أُقر قانون لخصخصة “فولكسفاغن” جزئيا وإصدار الأسهم لتشجيع المواطنين والموظفين على استحواذها. وبعد وقت قصير من بدء التداول، ارتفع سعر السهم بشكل كبير، من سعر الإصدار الذي تم تحديده عند 350 ماركا ألمانيا إلى 750 ماركا ألمانيا.
أول تحد للأنموذج الاقتصادي الألماني تأتى من ضغوط الوحدة بين الشطرين الشرقي والغربي للبلاد عام 1990، ثم من الارتدادات السامة لأزمة التوريق الأميركية عام 2007، ونجم عن الواقعتين السابقتين تضييق على النظام المصرفي الذي يعتبر الأكبر في أوروبا، والذي صُمم ليكون الأكثر صمودا وامتصاصا للصدمات، إذ إنه نظام يميز بين المصارف التجارية، من ضمنها المتخصصة، ومصارف الادخار العامة والمصارف التعاونية والاقليمية، والأخيرة ينحصر نشاطها بتمويل مشاريع البنى التحتية.
من القيادة إلى “رجل أوروبا المريض”
وقد تم تخطي ضغوط الوحدة التي تمثلت في ارتفاع حجم القروض المتعثرة، وارتدادات الأزمة الأميركية بتركزها في مجال الخدمات المصرفية العقارية والاستثمارية، وذلك من خلال تسريع وتيرة عمليات الاستحواذ والدمج المصرفي لمصارف القطاعين العام والخاص. وتمت عمليات شطب أصول وديون هالكة، مُوِّلت من الأموال العامة ودمج ديون مصرفية، ومُنعت موقتا عمليات البيع على المكشوف لأسهم مصارف وشركات تأمين ومؤسسات حددتها لائحة أصدرتها هيئة الرقابة المالية الاتحادية (Bafin).
ظلت ألمانيا طوال العقد المنصرم “قاطرة” أوروبا إلى حين تفشي جائحة “كوفيد – 19” واندلاع الحرب في أوكرانيا، فتغيرت الأمور جذريا
بعدها ظلت ألمانيا وطوال العقد المنصرم “قاطرة” أوروبا إلى حين تفشي جائحة “كوفيد – 19” واندلاع الحرب في أوكرانيا، فتغيرت الأمور جذريا حيث قلبت الأزمتان السابقتان أكبر قوة اقتصادية في منطقة اليورو من موقعها القيادي إلى موقع “رجل أوروبا المريض”. فبحسب الخبيرة الاقتصادية إيزابيلا ويبر، ظل النمو الألماني منذ الربع الرابع من عام 2019 معدوما عند 0,3 في المئة تقريبا، بعيدا عن فرنسا (3,8 في المئة) والولايات المتحدة بشكل خاص (9,4 في المئة).
وقد أصابت الأزمتان القطاع الصناعي الذي يشكل عماد الاقتصاد الوطني، إذ يمثل نحو 20 في المئة من الثروة المنتجة في البلاد وهو لا يزال أقل بأكثر من 9 في المئة عن مستواه قبل الجائحة، بسبب وقوع البلاد في قلب مثلث برمودا الذي يصعب الهروب منه (الطاقة والطلبان المحلي والخارجي).
أما الطاقة التي كانت أسعار استيرادها من روسيا منخفضة، فارتفعت مع حرب أوكرانيا وبقيت مرتفعة نسبياً مقارنة بمنافسيها الدوليين، مما أدى إلى انخفاض إنتاجية الصناعة الكثيفة الاستهلاك لها بحدود 17 في المئة مقارنة ببداية عام 2022. وكان هناك تباطؤ في الطلب المحلي بسبب التضخم وزيادة أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي، فقد وصل التضخم إلى 6,9 في المئة عام 2022 وهو أعلى معدل منذ الصدمة النفطية عام 1973.
من جهة أخرى، ارتفعت معدلات الفائدة الرئيسة من صفر في المئة عام 2022 إلى 4,75 في المئة، مما زاد تكلفة الديون. وقد حذرت نائبة رئيس البنك المركزي الألماني كلوديا بوخ، من الغرق في حالة الرضا عن النفس بتراجع معدل الفائدة اخيرا، لأن الوضع قد يشهد عودة الى الارتفاع قريبا.
وصلت الصناعة الصينية إلى مرحلة النضج وصارت أقل حاجة إلى المعرفة الألمانية، لا بل هي مستعدة للمنافسة مع الألمان. وتمكن التجارة مع الصين من تقديم أكثر من مليون فرصة عمل في ألمانيا
أخيرا، هناك تباطؤ في الطلب الخارجي على خلفية التوترات الجيوسياسية، فقد انخفضت طلبات المنتجات الألمانية من آلات ومواد كيميائية وسيارات من الأسواق الرئيسة، وهي الصين والولايات المتحدة وعبر نهر الراين، كل لأسباب خاصة بها، وهناك أمل ضئيل للغاية في حدوث انتعاش قوي مدفوع بالصادرات. فالتوتر المتزايد بين الولايات المتحدة والصين يضع الاتحاد الأوروبي وألمانيا في موقف صعب للغاية. أيضا، يتضمن برنامج الرئيس المنتخب دونالد ترامب فرض ضرائب ورسوم جمركية ما بين 10 و20 في المئة على الواردات الأوروبية إلى بلاده، ومعلوم أن 9,9 في المئة من صادرات ألمانيا تذهب إلى الولايات المتحدة. ففي العام المنصرم، صدرت ألمانيا إليها سلعا بقيمة 160 مليار دولار واستوردت في المقابل سلعا بقيمة 77 مليار دولار.
في براثن غزو السيارات الصينية
أضف الى ذلك، ان الصناعة الصينية وصلت إلى مرحلة النضج وأصبحت أقل احتياجًا إلى المعرفة الألمانية، لا بل هي مستعدة للمنافسة مع الألمان. وتدعم التجارة مع الصين أكثر من مليون فرصة عمل في ألمانيا، ومن بين الشركات الألمانية العشر الأكثر قيمة، تستمد تسع شركات ما لا يقل عن 10 في المئة من إيراداتها من الصين، مقارنة بشركتين في الولايات المتحدة. وليس أخيرا، تحفل السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي بالعقبات التنظيمية التي تحول دون خفض تكلفة السلع والخدمات، على عكس ما هو قائم في أسواق الولايات المتحدة.
جاء غزو السيارات الكهربائية الصينية، ليخطف الريادة الألمانية في صناعة السيارات، التي احتفظت بها لعقود من الزمن، وبات الألمان يخسرون باستمرار حصتهم في السوق الصينية، يشاهدون السيارات الصينية الكهربائية تستعد لغزو كل أوروبا، كما تتحضر “تيسلا” لطرح سيارة كهربائية منافسة متدنية الثمن.
وقد أعلنت “مرسيدس بنز”، نتيجة انخفاض الانتاج وصافي الأرباح، عن خطط لخفض إنتاج طرازات الفئة S وEQS وSUV وGLS، والانتقال إلى التشغيل بنظام المناوبة الواحدة. لكنها قدمت مؤخرا للعام المقبل سيارتين مميزتين من سيارات الدفع الرباعي، GLA وGLB، تعتمدان على البنية الكهربائية الجديدة لـ MMA ومجهزتين بمحركين متطورين وبطارية لاجتياز ما يصل إلى 750 كيلومترًا.
بات لدينا مصانع أكثر من اللازم في ألمانيا وننوي إغلاق بعضها نتيجة تباطؤ الطلب في الصين وفي السوق الأوروبية
شركة سيارات “فولكسفاغن”
كذلك، صرحت “فولكسفاغن” أنه بات لديها مصانع أكثر من اللازم في ألمانيا وتنوي إغلاق بعضها نتيجة تباطؤ الطلب في الصين وفي السوق الأوروبية، وعدم عودته إلى مستويات ما قبل جائحة “كوفيد-19″، مما أثقل كاهلها حيث توظف أكثر من 600 ألف شخص حول العالم. وهي فاجأت اخيرا العمال والقيادات السياسية بإعلانها نيتها إلغاء اتفاقية عمالية استمرت ثلاثة عقود التزمت فيها عدم تنفيذ تسريحات قسرية ومن المتوقع ان تحذو “أودي” حذوها فتغلق بعض مصانعها. ولم تكن شركة “بي. إم. دبليو” بمنأى من سلسلة الأخبار السلبية، إذ أعلنت خفض توقعاتها للأرباح الصافية، بالإضافة إلى استدعاء 1,5 مليون سيارة نتيجة مشكلات محتملة في أنظمة المكابح.
المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، في مؤتمر صحافي عن جائحة كوفيد -19، في برلين، ألمانيا 21 يناير 2021
وأسفرت المنافسة الأجنبية عن خفض المبيعات والأرباح للشركات الألمانية، مما دفع هذه الشركات إلى تعديل خياراتها الاستثمارية، ومنها التفرغ عن أصول مهمة لها، كما فعلت مجموعة “سيمنز” عندما تفرغت عن شركتها “إينوموتيكس” المتخصصة في تصنيع المحركات والمحركات الكبيرة في مقابل 3,5 مليارات يورو.
توترات سياسية داخلية
ويرى وزير الاقتصاد روبرت هابيك أن العديد من مشاكل بلاده ليست فقط ناجمة عن عوامل اقتصادية دولية، بل أيضا لأسباب هيكلية داخلية. وسرعان ما برزت توترات داخل الائتلاف الحاكم، فقد ألغت المحكمة الدستورية الألمانية، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم، تحويل 60 مليار يورو من الاعتمادات غير المستخدمة في مكافحة “كوفيد-19” إلى إنفاق مخصص للاستثمارات الخضراء ودعم الصناعة، معتبرة أن الحكومة قد انتهكت قواعد الموازنة الصارمة من خلال إجراء عملية إعادة تخصيص النفقات هذه. ونتيجة لذلك، كان لا بد من مراجعة موازنتي 2023 و2024. وأدى هذا القرار إلى خلاف بين الأحزاب الثلاثة في الائتلاف الحكومي، الأحزاب اليسارية المؤيدة لزيادة الإنفاق العام والحزب الليبيرالي المؤيد للتقشف.
وكانت الحكومة الائتلافية بين الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الحر برئاسة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، قد أقرت في مايو/أيار من عام 2009 قاعدة دستورية “لكبح الديون”، تضع حدودًا صارمة لديون الدولة، حيث يُسمح للحكومة الاتحادية بالاقتراض بحد أقصاه 0,35 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا، باستثناء حالات الأزمات والطوارئ، حيث يسمح بالاقتراض بنسب أعلى.
رأى خبراء أن قاعدة كابح الديون تعوق الاستثمارات وتعطل تمويل العديد من المشاريع الاستراتيجية، خصوصا في مجال حماية المناخ والانتقال الى الطاقة المتجددة
تم التقيد بقاعدة “كابح الديون” السابقة خلال السنوات العشر الأولى نتيجة نمو الاقتصاد وارتفاع عائدات الضرائب وانخفاض أسعار الفائدة، إلا أنه، ومع بداية جائحة “كوفيد-19″عام 2020 والتكاليف العالية لمواجهة تبعاتها قرر “البوندستاغ” أو مجلس النواب الألماني الاتحادي، تجاوز هذه القاعدة حتى نهاية العام 2023 حيث تمت العودة إلى الالتزام بها.
وقد أثار الأمر انتقادات الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر وعدد من الخبراء الاقتصاديين الذين رأوا أن قاعدة كابح الديون تعوق الاستثمارات وتعطل تمويل العديد من المشاريع الاستراتيجية، خصوصا في مجال حماية المناخ والانتقال الى الطاقة المتجددة.
وشاركتهم في هذا الرأي صحيفة “الغارديان” التي قالت “هذا ليس وقت التقشف”. كذلك فعل العديد من الاتحادات وجمعيات رجال الأعمال الذين أشاروا إلى الحاجات الاستثمارية المرتفعة التي يتطلبها الوضع لإعادة هيكلة الاقتصاد وإعادة تسليح الجيش الألماني بعد اندلاع الحرب الأوكرانية وكذلك تحديث البنية التحتية الأساسية. كما انه ليس أمام ألمانيا من خيار سوى مواكبة سباق دعم الاقتصادات والشركات المحلية الذي أطلقته الولايات المتحدة والصين في السنوات الأخيرة. ويعتقد منتقدو قاعدة “كابح الديون” أن التحديات التي تفرضها التحولات والتحديات الجديدة في الاقتصاد العالمي لا يمكن التصدي لها ضمن حدود الدين الصارمة التي تفرضها القاعدة المذكورة خصوصا مع عدم إمكان إجراء أية خفوضات ضريبية، ولهذا السبب يطالبون بتلطيف قيود القاعدة وقدرة الحكومة على الاقتراض.
“مرساة استقرار لاقتصاد السوق الاجتماعي”
جاء الرد على الانتقادات السابقة من دراسة أعدتها مؤسسة “فريديرك نومان”، وأعلن نتائجها لارس فيد، المستشار الاقتصادي لوزير المالية كريستيان ليندنر، والرئيس السابق للجنة حكماء الاقتصاد، ومضمونها أن القاعدة كانت “مرساة استقرار لاقتصاد السوق الاجتماعي” وأنها ساهمت بشكل أساس في تقليل الديون وفوائدها ورفعت القدرة على الإنفاق. ولا يعتبر إلغاؤها أو تخفيفها منطقيا بحجة تعزيز الاستثمارات العامة، إذ إنه “ليس من المنطق تغيير شاشة الهاتف الذكي عندما تتعطل البطارية”، كما أن هذا الأمر غير ممكن لأنه يتطلب غالبية الثلثين في البرلمان، وهذا مستحيل في الوضع الراهن للقوى السياسية.
تشير التقديرات إلى أن خسائر خروج ألمانيا من الاتحاد الأوروبي ستكون بنحو 5,6 % من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، أو ما يعادل نحو 690 مليار يورو بعد خمسة أعوام، وقد يتم أيضا فقدان نحو 2,5 مليون وظيفة
صعود اليمين والشعبوية السياسية
مهدت الأوضاع الاقتصادية المتأزمة والخلافات السياسية لصعود حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي، الذي يحمل برنامجا يتضمن طرد الأجانب على الرغم من حاجة البلاد إلى العمال الأجانب، وتقليص التكامل الأوروبي، علما أن التقديرات تشير إلى أن خسائر خروج ألمانيا من الاتحاد الأوروبي ستكون بنحو 5,6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، أو ما يعادل نحو 690 مليار يورو بعد خمسة أعوام، وقد يتم أيضا فقدان نحو 2,5 مليون وظيفة في السنة الخامسة من الخروج.
سيارة مرسيدس الكهربائية EQS، في إسطنبول، تركيا، 12 مايو 2022.
إزاء هذه الأخطار، تداعت نحو ثلاثين شركة ألمانية كبيرة من بينها بعض أكبر المجموعات في البلاد مثل “بي. إم. دبليو” و”سيمنز” و”دويتشه بنك” وغيرها، إلى الاجتماع في 7 مايو/أيار 2024 وتوقيع إعلان لإنشاء منتدى تحت عنوان “الدفاع عن قيمنا” ضد تطلعات حزب “البديل”، وتم نشره في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وكان تحالفا سياسيا غير مسبوق في الأوساط الاقتصادية، واستهدف في المقام الأول 1,7 مليون موظف يعملون في الشركات المعنية، ويدعو إلى مناهضة الشعبوية وإحياء جاذبية ألمانيا “على أساس أن النجاح في ريادة الأعمال مستحيل بدون مجتمع منفتح متسامح ومتنوع”.
ولا تقتصر مشاكل الشركات الألمانية على قطاعها الصناعي الذي هو المحور، بل تظهرت أيضا في مجالات أخرى، ففي القطاع المصرفي فاجأ بنك “يوني كريديت” الإيطالي المستثمرين بإعلانه الاستحواذ على حصة 9 في المئة في “كوميرز بنك” الألماني، مما يجعله ثاني أكبر مساهم في هذا البنك. وكان الأخير قد تلقى صفقة إنقاذ من دافعي الضرائب الألمان في أعقاب الأزمة المالية، وجاءت أنباء استحواذ “يوني كريديت” بعد أسبوع واحد فقط من إعلان الحكومة أنها ستقلص حصتها البالغة 16,5 في المئة في البنك، لتمهيد الطريق نحو مصرف أكثر استقلالية. وقد أثارت الصفقة حنق مسؤولين حكوميين ومساهمين وممثلي العمال. ويتردد حاليا مستهلكون وشركات في القيام باستثمارات جديدة بسبب أزمة تكلفة المعيشة وأزمات البلاد الدورية والهيكلية، وهو أمر عبر عنه تقرير لـ”فالكينستيغ” الاستشارية، بإشارته إلى أن حالات الإعسار في النصف الأول من عام 2024 زادت بنسبة 41 في المئة مقارنة بالعام السابق.
* تتبع حلقة ثانية غدا تتناول التحديات الديموغرافية، غياب الحداثة والتنافسية، البيروقراطية تعيق التحول، وسيناريوهات التحول بين لجم “دولية النشاط الاقتصادي لألمانيا”، وسبل التركيز على الابتكار لإخراج معجزة ألمانية ثانية.