بقلم:
*د.رعدهادي جبارة*
الأمين العام
للمجمع القرآني الدولي
🔗سلسلة خصوصية المفردة القرآنية20
*{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}*
📍عندما أرسل الله ﷻ أنبياءه للناس لهدايتهم بعث معهم آيات بينات ومعجزات ختمها بنزول القرآن لكي يهديهم سبيل الرشاد ،ويتبعوا رسالة السماء ،ويطيعوا الله ﷻ ورسوله، و يسلكوا طريق الحق والهدى، و هذا من لطفه و كرمه على البشرية .
📍 بيد أن بعض المسلمين الذين نشاهدهم في المساجد و الحسينيات وفي مجالس التأبين و الاحتفالات أو المراسم التي تبتدئ عادةً بتلاوة قرآنية؛ لايهتمون ولاينصتون وهم بذلك كأنهم يتخذون اسلوب الاستخفاف و اللاأبالية و الاستهزاء بآيات الله جلت عظمته فينشغلون مع الآخرين بالثرثرة وأحياناً بإطلاق النكات! أو تبادل الأخبار باجهزةالجوال وربما يشاهد بعضهم المقاطع المصورة ويستمع للرسائل الصوتية أو يسأل أحدهم صاحبه عن أسعار العملات الأجنبية اليوم وحتى حالة البازار أو الطقس !! بينما قارئ القرآن مستمر في التلاوة ويلتفت نحوهم و ينظر اليهم بعينيه مباشرة عسى ان يمتنعوا عن الكلام تأدباً،و يلتفتوا الى كلام جبار السماوات و الارض ﷻ، لكنه لايجد منهم آذاناً صاغية:
*﴿ وَیۡلࣱ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِیمࣲ ٧ یَسۡمَعُ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِ ثُمَّ یُصِرُّ مُسۡتَكۡبِرࣰا كَأَن لَّمۡ یَسۡمَعۡهَاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِیمࣲ ٨ وَإِذَا عَلِمَ مِنۡ ءَایَـٰتِنَا شَیۡـًٔا ٱتَّخَذَهَا هُزُوًاۚ أُو۟لَـٰۤئكَ لَهُمۡ عَذَابࣱ مُّهِینࣱ ٩﴾*
[ الجاثية: 7-9]
📍وهنا لابد من توجيه النصح والنقد لهذه الظاهرة المؤسفة والمؤلمة،رغم أن بعض الاعزاء نصحوني بعدم التعرض لهؤلاء الأشخاص فهم من النمط الذي يرفض النقد ولايتقبل النصح، بل و لربما يتخذون موقفاً سلبياً وتسقيطياً تجاه من ينقدهم و ينصحهم، و يعتبرونه خصماً لهم!!
📍وحتى في عهد الرسول، كان أمثال هؤلاء يعرضون عنه ولا يصغون لكلام الهداية ويسخرون به:
*﴿ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾*
[ يس: 30]
📍والقرآن نفسه يتطرق لشريحة من الناس يغفلون عن الآخرة والقيامة و الحساب ؛
{أَ لا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ «4» لِيَوْمٍ عَظِيمٍ «5» يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ «6»} [المطففون]
📍والبارئ ﷻ يخاطب أمثال هؤلاء يوم القيامة بالقول:
*{وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ☆ذَٰلِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾*
[الجاثية 34 – 35]
📍 فمن كان دأبه الاستهزاء بالدين وقراءة القرآن و بالمؤمنين في حياته فماذا يتوقع أن يرى في الآخرة؟!
📍ولابد أن نحذّر من ظاهرة الاستهزاء و عدم الاهتمام بقراءة القرآن وعدم الاصغاء و الانتباه والاستماع لقارئه في المجالس أثناء تلاوته أو تجويده.
📍ولا شك بأن الإصغاء والاستماع يعدّ من أسباب التأثُّر بالقرآن الكريم،فمن آداب التلاوة:
أن يقرأ القارئ بصوت مسموع،
ويحرص على الترتيل،
وإذا مَرَّ بآيةٍ تلامس قلبه= يُرددها،
وإذا مَرَّ بآيةٍ فيها تعظيم لله ﷻ= يتوقف ويسبِّح،
وإذا مَرَّ بآيةٍ فيها ذكر النعيم= يتوقف ويسأل اللهﷻ من فضله،
وإذا ذكرت النار و العذاب= يتعوذ منه،
وهكذا يتفاعل مع الآيات من صميم قلبه و يتفاعل معها .
📍وقد ورد في “السرائر”: جامع البزنطي نقلا من خط بعض الأفاضل عن جميل، عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يقرأ القرآن [هل]يجب على من يسمعه الانصات له و الاستماع له؟ قال: نعم، إذا قُرِئ القرآن عندك فقد وجب عليك الاستماع والانصات ( السرائر: 469).
📍وفي تفسير العياشي: عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله[الصادق] ع يقول: يجب الانصات للقرآن في الصلاة وفي غيرها، وإذا قرئ عندك القرآن وجب عليك الانصات والاستماع ( تفسير العياشي ج ٢ص ٤٤).
📍كما روي عن أبي عبد الله[الصادق] ع قال: إذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فاسأل اللهﷻ الجنة، وإذا مررتَ بآية فيها ذكر النار فتعوذ باللهﷻ من النار ( مجمع البيان ج 10 ص 378).
📍ختاما:
{لَوْ أَنـزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (الحشر21)
وردنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي