وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ (21)
التأمل الأول:
هناك عدة صفات للقادة المصلحين ليسعى الرجل المؤمن لنصح قومه باتباعهم والاستماع إليهم ، منها :
1) أنهم – أي المصلحون – يعملون تطوعاً لوجه الله تعالى ، لا يريدون جزاءاً ولا شكوراً ، وإن أخذوا أجراً فليس ثمناً على دعوتهم الإصلاحية وتوعية الناس بأحكام الله سبحانه معرفته ، لذا نرى كثيراً من خطباء المنابر الحسينية لا يشترطون مبالغاً مقابل خطابتهم ، بل لا يناقشون في هذه المسألة لأنهم يعتقدون أن العمل التطوعي من ميزات عمل المرسلين .
2) وهي الأهم ، أنهم مهتدون ، لأن العمل التطوعي لغير المهتدين لا يزيد الناس هدى، وقد يزيدهم ضلالاً ، ولو كان عملهم بأجر لكان أهون ، كي يكون المستمعون لهم أقل ، وبالتالي يكون ضررهم أقل أيضاً .
التأمل الثاني:
ربما من الواضح وبشكل جلي أن الكتب الدينية تباع بمبالغ زهيدة جداً قد تسد أجور الطباعة وقد لا تسد ، بمعنى أن قيمة محتواها العلمي والفكري يكون مجاناً رغم أن من كتبها مراجع دين ومفكرون أفنوا عمرهم في البحث والتأليف والتدريس ، وأن ما كتبوه عصارة أفكارهم لسنين طويلة ، ولكن للأسف لا نرى إهتماماً مناسباً لهذه الجهود الجبارة ، رغم وجود إهتمام بكتب أخرى أقل أهمية ، بل وقد تكون كتباً غير علمية أصلاً وتافهة ، وهذا لا ينحصر بالكتب فقط بل يشمل التطبيقات والمواقع الإلكترونية وقنوات التواصل الاجتماعي .
لذا يكون السعي لإيصال هذه الكتب أو إيصال التطبيقات والمواقع الإلكترونية وقنوات التواصل الاجتماعي الى من يمكن أن تنفعه هو دعم لجهود المرسلين .
التأمل الثالث:
مما لا شك أن المرسلين من أبرز الحامدين لله ربِ العالمين من بين الناس أجمعين ، وهذا الحمد من علامات الهداية ، ولم يكونوا مهتدين بسبب الحمد فقط ، وإنما عرفوا أن ربهم رحمن رحيم وسعت رحمتُه كلَ شيء ، وهذا يستوجب عبادته حق العبادة ، فبمقدار المعرفة برب العالمين تكون العبادة ، وعرفوا أن وصولهم الى هذه المرتبة تتطلب الاستعانة به عز وجل للبقاء عليها ، عند ذلك هداهم ربهم الصراط المستقيم ، صراطاً يبعدهم عن الغضب الإلهي ويحميهم من الضلال الشيطاني .
ونحن كمؤمنين ندعو يومياً أن يهدينا ربُنا هذا الصراطَ المستقيم الذي أنعمه على المرسلين ، وهذا يدل بشكل من الأشكال على رغبتنا بإتباع المرسلين وإتباع من يُمثّلهم ، وكلما كان إتباعهم دقيقاً كلما دفعنا الى السعي بأقصى ما نستطيع للدعوة لإتباعهم ، لينعم الآخرون بنعمة الهداية .
* مشاركتها ثواب لنا ولكم
للمزيد من التأملات القرآنية يمكنكم الانضمام الى قناتنا على التلكرام:
https://t.me/quraan_views