مكانة النفط والغاز في الاقتصاد الروسي: المؤشرات والأبعاد

 نورا عبه جي

 

تمهيد

تقترن قوة الدولة في التفاعلات الدولية بالجانب الاقتصادي عموماً وبالأمن الطاقوي خصوصاً نظراً لدوره المحوري في التنمية الاقتصادية في الدول كافة وفي روسيا خاصة، فهو يشجع على المزيد من النمو والتطور في المجال الاقتصادي، وبالتالي يؤمن الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.

ارتكز الاقتصاد الروسي بشكل كبير على موارد الطاقة (النفط والغاز الطبيعي) وهذا ما انعكس على طبيعة تفاعلات روسيا السياسية والاقتصادية الدولية مع الدول المستهلكة، وذلك منذ عهد اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية السابقة الذي أعطى للنفط ثم للغاز الطبيعي مكانة استراتيجية هامة في إطار الاستهلاك لتلبية حاجة التصنيع المحلي، ولكن صادرات النفط والغاز الطبيعي باتت المصدر الأول لإيرادات الدولة الروسية من العملة الأجنبية خصوصاً بعد التحول الذي حدث في بنية النظام السياسي والاقتصادي الروسي بعد عام 1991 مع إدراج الاقتصاد الروسي وهياكله الصناعية على طريق اقتصاد السوق، حيث وضع قطاع الغاز شديد التأثر بميزات الاحتكار خاصة على مستوى النقل والتوزيع، تحت سيطرة شركة الدولة القوية غاز بروم،[1] وكذلك تمت خصخصة جزئية للقطاع النفطي لصالح عدد من المحتكرين من الأقلية الذين امتلكوا ثروات طائلة بين 1995 و2003، شأنه في ذلك شأن قطاعات صناعية أخرى، في حين يعد عام 2003 علامة فارقة في تاريخ التطور الاقتصادي الروسي، إذ شهد تحول الشركات الروسية الجديدة مثل (غاز بروم) في مجال الغاز الطبيعي و(سيبنفط) و(یوکوس) الخاصتين في مجال النفط إلى قوى جديدة تضاهي احتياطيات كبريات الشركات الدولية العملاقة. ويتخذ الرئيس بوتين شخصياً القرارات المتعلقة بشركة غاز بروم، ويمكن إدراك هذا الاهتمام الفائق من قبل الشخص الأول في الدولة بشركة واحدة، هو بسبب تمويل الموازنة الفيدرالية الروسية بنحو 20% من إيراداتها من (غاز بروم) ورأسمال هذه المؤسسة وحدها يشكل 35% من قيمة الأسهم المتداولة في سوق المال الروسية، حيث وصل حجم عائدات الشركة مثلاً عام 2008 من التصدير 64 مليار دولار، رغم أن ثلثي الغاز المستخرج لدى الشركة يبقى في روسيا لتلبية حاجة اقتصاد البلاد.

المطلب الأول: مؤشرات أهمية النفط الجيواقتصادية في روسيا

أولاً: كانت الحكومة الروسية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي والتحول إلى اقتصاد السوق قد حرصت على احتكار قطاع الطاقة والتحكم في أسعاره، سواء للاستهلاك المحلي أو التصديرية، إلا أن الاتجاه نحو الخصخصة السريعة والمُبالَغ فيها في مختلف قطاعات الاقتصاد الروسي، أدت إلى فشل الاستراتيجية الطاقوية التي أعلن عنها الرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين* كتوجه أساس للدولة، استناداً إلى أهمية هذا القطاع ليس فقط لما يدّره من عملة صعبة، إنما أيضاً لكونه دعامة أساسية لباقي الصناعات غير النفطية، هذا إلى جانب أهميته للمواطن الروسي الذي يعتمد اعتماداً كبيراً في حياته اليومية على امدادات الطاقة المدعومة من الدولة،[2] ويعزى فشل هذه الاستراتيجية بشكل رئيسي إلى سيطرة اللوبيات المافيوية على هذا القطاع الأمر الذي وضع حداً له تولي الرئيس فلاديمير بوتين السلطة عام 2000 الذي أعاد إحياء استراتيجية الطاقة الروسية، اذ أعلن أن روسيا دولة غنية بالموارد ويمكنها تجاوز أزمتها الاقتصادية اعتماداً على مواردها الذاتية، بما يستوجب وضع حد لسيطرة المافيات عليها والتي تم وقفها في نهاية عام 2003 مع القبض على میخائیل خودکوفسكي وهو مدير شركة يوكوس،[3] في إطار استراتيجية الرئيس فلاديمير بوتين اظهار سلطته تجاه القلة المحتكرة التي ربحت من النفط الروسي مليارات الدولارات.[4]

ثانياً: منذ تولي الرئيس بوتين مقاليد الحكم عام 2000، بدأ يعطي مزيدا من الاهتمام بالجوانب الاقتصادية للسياسة الخارجية، ففي عام 2003 أسند إلى حكومته مهمة مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي في الأعوام العشرة المقبلة، وجعل الروبل الروسي عملة قابلة للتحويل، وبدأ يتحدث عن الاندماج الروسي الحقيقي في الاقتصاد العالمي ويعود النمو الاقتصادي الذي حققته روسيا في معظمه إلى الأوضاع العالمية المواتية. وليس مصادفة أن أعلن بوتين نفسه في عام 2005 أن عام قيادة روسيا لمجموعة الثماني الكبار سيكون عام الطاقة في العالم، فموسكو التي فقدت السيطرة على دول حلف وارسو والاتحاد السوفييتي السابقين اكتشفت أنها مضطرة لاستخدام آليات جديدة في الحفاظ على ما تبقى بعد انهيار الكتلة الشرقية بالكامل، وانضمام أغلبية أعضائها إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، بينما تفكر البقية الباقية في كيفية حصولها على عضوية هاتين المؤسستين الدوليتين المؤثرتين.

ثالثاً: أصبحت مصادر الطاقة الروسية ومشاريعها العملاقة من موانئ وخطوط نقلها وشركاتها المتعددة أداة من أدوات التأثير والهيمنة الاقتصادية الخارجية لاسيما تجاه بلدان الاتحاد الأوروبي، مما انعكس إيجاباً على الأمن القومي الروسي، فالحفاظ على مصادر الطاقة وتطويرها او تحديثها من أجل التنمية الاقتصادية، يعد هدفاً من أهداف الأمن القومي الروسي التي أشارت إليه استراتيجية الأمن القومي الروسي لعام 2020، التي تعتبر أمن الطاقة من أهم توجهات الأمن القومي طويلة الأجل، وتشمل الشرط الأساس لتحقيق أمن الطاقة الوطني وكذلك العالمي والتعاون المتعدد الأطراف عبر خلق أسواق جديدة لموارد الطاقة التي تتناسب مع مبادئ منظمة التجارة العالمية والتنمية والتبادل الدولي لتقنيات حفظ الطاقة الواعدة.

رابعاً: كان قطاع الطاقة أحد أهم دعامتين للاقتصاد الروسي، إلى جانب عوائد صادرات السلاح الروسي اللذين نهض عليهما الاقتصاد الروسي في عهد الرئيس بوتين في سياق سعيه إلى استعادة مكانة روسيا كقوة عظمى وعدم قناعته بتحجيم دورها العالمي في إطار التقليل من امكانياتها وقدراتها، باستخدام قطاع الطاقة ورقة ضغط باعتبارها أحد أهم دعائم القوة الروسية لاسيما في الجانب الاقتصادي*، وكان هذا العامل الرئيس في سحب ورقة الضغط الغربية على روسيا التي توقفت تماماً عن طلب أي مساعدات من الولايات المتحدة أو أي دولة من الدول الصناعية السبع، إذ تحسن الأداء الاقتصادي لروسيا الاتحادية منذ تولي الرئيس فلاديمير بوتين السلطة، وتجلى هذا التحسن عبر وفاء روسيا بالتزاماتها في دفع الدين الخارجي منذ عام 2002، فضلاً عن ذلك الاتجاه نحو توظيف ورقة الضغط الطاقوي هذه في سياق المعركة السياسية والدبلوماسية مع الغرب عموماً والأوروبي خصوصاً.[5]

المطلب الثاني: العلاقة التبادلية بين قطاعي الطاقة والصناعة العسكرية

شهد الاقتصاد الروسي بعد تولي فلاديمير بوتين الحكم عام 2000، تطوراً في عدد من المستويات، كان للطاقة (النفط والغاز) الأثر الكبير في هذا التطور، فعلى صعيد المستوى الداخلي حقق الاقتصاد الروسي نمواً مستمراً مما انعكس على ازدياد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وسجلت معدلات البطالة والفقر تراجعا كبيراً أما على صعيد المستوى الخارجي، فأصبحت روسيا قوة اقتصادية صاعدة ما انعكس على طبيعة التفاعلات الاقتصادية الدولية، وأصبحت تدفع باتجاه نظام متعدد الاقطاب من خلال التحالفات الاستراتيجية مع القوى الأخرى، فإضافة إلى المساحة والحدود المترامية الأطراف من الجهات الأربع، فإن روسيا تمتلك موارد طبيعية مهمة، فهي ثاني منتج عالمي للنفط والثالثة عالمياً من حيث مخزون الفحم، الأولى عالمياً في احتياطي الذهب، أيضا الأولى عالمياً من حيث امتلاكها للحديد وذلك حسب معطيات تقرير البنك الدولي لعام 2010، لكن يبقى الغاز الطبيعي هو من بين أهم أنواع الطاقة التي ترتكز عليها روسيا وخاصة منذ بداية عهد فلاديمير بوتين” سنة 2000، في استعادة دورها كقوة كبرى تحاول بسط نفوذها عالمياً من خلال القوة العسكرية المدعومة بالطاقة.[6] فروسيا تحتل مرتبة عالية جيوسياسية بسبب مخزوناتها الوفيرة من النفط والغاز، ومكانتها بوصفها القوة النووية الثانية بعد الولايات المتحدة، وهناك ثلاثة عوامل رئيسة جعلت من روسيا قوة عالمية كبرى لها دور رئيس على الساحة الدولية:[7]

  • قوة الطاقة، تعد روسيا أكبر مصدر للنفط والغاز، إذ يعتمد الاتحاد الأوروبي على أكثر من 50% من الطاقة الروسية
  • القوة العسكرية والترسانة النووية التي تعد الثانية عالمياً بعد الولايات المتحدة الأمريكية من حيث امتلاك القوة النووية وكذلك الثانية عالمياً من حيث الصادرات العسكرية للأسلحة والذخائر التي تدعمها في تطورها المستمر لاسيما في ظل التنافس الكبير في سوق السلاح العالمي.
  • الموقع الجيوستراتيجي والجغرافي المتميز الذي عدّ قلب العالم وفقا للنظرية الماكندرية* من حيث الموارد والموقع المتميز.

على الرغم من المشكلات التي واجهت القوة العسكرية الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، من فقدان العقيدة العسكرية وعدم صياغة استراتيجية واضحة تتماشى مع طبيعة المخاطر والتهديدات المحتملة، فإن فترة حكم الرئيس بوتين هي الفترة الذهبية للقوة العسكرية الروسية بعد الفشل في تحقيق أي زيادة هامة في الموازنة العسكرية قبل العام 2003[8]، وأخفق في الاستفادة من الموارد المالية الاضافية التي خصصت في منتصف العام نفسة لتمويل الحرب على الإرهاب، غير أن الأموال التي حددت لتلبية المتطلبات الدفاعية أخذت بالتزايد بشكل كبير ومطرد منذ عام 2004  وفاقت غيرها من أبواب الموازنة العامة للدولة الآخذة بالتعاظم، والسبب يعود إلى إعادة النظر في توزيع عائدات النفط والغاز المتصاعدة التي كسرت الحلقة المفرغة التي اجهضت كل مشاريع الاصلاح العسكري، ففي واقع الحال برزت الحاجة إلى عمليات تحديث القوة العسكرية والمجمع الصناعي العسكري الروسي كضرورة أساس في الاستراتيجية العسكرية لمواجهة التحديات التي باتت محتملة في ظل التغير السريع في البيئة الدولية، وتنامي المخاطر الدولية كالإرهاب وتوسع حلف الناتو شرقاً الذي يعد تهديدا للأمن القومي الروسي.[9]

جراء هذا نمت العقيدة لدى الروس وخلق بوتين حالة من التفاني والثقة بالنفس لدى الشعب الروسي ومؤسساته لاسيما لدى المؤسسة العسكرية التي تحولت بصورة سريعة إلى قوة فاعلة على المستوى الإقليمي والدولي من خلال الأدوار التي لعبتها في الشيشان وجورجيا وحالياً في سورية[10]؛ ووفقاً لذلك، استطاع بوتين إعادة ترسيخ العقيدة العسكرية وتحديث القوات العسكرية بكل أصنافها (البرية والبحرية والجوية) بصورة مستمرة، بالتزامن مع التحول السريع الذي حدث في روسيا، إذ تحولت إلى دولة نفطية حقيقية لها تأثير عالمي ليس من حيث نصيب قطاع الطاقة في ناتجها المحلي الإجمالي او في تركيب صادراتها فحسب، ولكن أيضا في سياق رؤيتها الذاتية لنفسها[11]، ولأن روسيا غدت من كبريات الدول المنتجة والمصدرة للنفط والغاز الطبيعي فقد دأبت على تصوير نفسها قوة صناعية متقدمة في مجال التصنيع العسكري المتطور الذي انعكس على عمليات التحديث المستمر للقوة العسكرية الروسية، التحديث ليس بنوعية وكمية الأسلحة فقط وإنما أيضاً على طبيعة المخاطر والتهديدات، ففي فترة الحرب الباردة كان التهديد معلوم لدى القوات العسكرية اما في ظل التطور التكنولوجي السريع والنمو الكبير للإرهاب أصبح هنالك ضرورة لتوجيه الجهود العسكرية لمكافحة هذه المخاطر، فضلاً عن ذلك فإن زيادة الطلب العالمي على الطاقة شكل عبئاً كبيراً على القوة العسكرية الروسية في حماية المنشآت النفطية في الداخل وفي الجوار الإقليمي الذي اصبح ضرورة أساسية من ضرورات الأمن القومي الروسي.[12]

في سياق تحويل موارد الطاقة إلى أداة عسكرية-أمنية، فإن التفاعل التقليدي بين قطاعي الطاقة والتصنيع العسكرية اكتسب حدة أكبر نظراً إلى أن اللوبي الذي يقف وراء الصناعة النفطية والغازية اصبحت شوكته قوية بشكل كبير، وقد بدأ بالمطالبة بالمزيد من الأموال لاستثمارها في قطاع الطاقة، ولا يعير سوى القليل من الاهتمام بقطاع التصنيع العسكري، وعلى الرغم من هذا فإن انطباعات شاعت على نطاق واسع مفادها أن القوات المسلحة الروسية جرى إهمالها خلال العقد الأول من حقبة ما بعد الاتحاد السوفيتي ولم يكن هناك ما يحد من تدهور اوضاعها، في وقت كانت فيه المكانة التي تحتلها روسيا وقدرتها على التصدي للتهديدات الخارجية بل وحتى سلامة أراضيها مرهونة جميعها بشكل مطلق بامتلاك روسيا لقوة عسكرية قابلة للاستخدام.[13]

إن إعادة بناء قطاع الصناعة العسكرية يتطلب الكثير من الجهود والدعم وهذا ما قام به بوتين من خلال المصادقة على عدد من الخطط بعيدة المدى كبرنامج التسلح للمدة 2001 – 2010، وعلى حزمة من الوثائق تستهدف اصلاح المجمع الصناعي – العسكري. وتجسدت خطط بوتين في تقوية دور الدولة في تنظيم صادرات الأسلحة.[14]

بفضل تدفق الأموال من عائدات النفط، تنامت قوة الروبل بصورة منتظمة مما أسفر عن زيادات سريعة في أسعار منظومات الأسلحة وقطع الغيار، وهذا ما انعكس بصورة إيجابية على ميزانية الدفاع، لذلك يمكن القول إن المجمع الصناعي والمؤسسة العسكرية الروسية ارتبطت بالطاقة ارتباطاً وثيقاً.

في واقع الأمر، فإن بوتين منذ أن تولى السلطة كان يرفض استغلال صناعات النفط والغاز بما يعود بالنفع على قطاع الصناعات العسكرية، مع أنه من حيث المبدأ كان يتناغم تماما مع خطابه التحديثي. كما لم يتم الأخذ في الحسبان الحقيقة الهامة المتمثلة في أن ثلاثة ارباع المعدات والتقنيات الموجودة بحوزة المشاريع الاستراتيجية باتت من الطراز القديم، غير أن الموضوع الذي حظي فعلا باهتمام أكبر هو ترسيخ دعائم المكونات الأساس للقطاع الصناعي العسكري، واضفاء الطابع المركزي عليها، وقاد هذا الاهتمام في معظمه إلى توحيد الشركات المتخصصة بإنتاج الطائرات بما في ذلك شركات (سوخوي واليوشن وميغ) في شركة عملاقة واحدة يمكنها دخول حلبة المنافسة العالمية، أما الخطوة اللاحقة في هذا المضمار فقد تمثلت في توحيد الكيانات الرئيسة في قطاع صناعة السفن، الذي يتميز بتوجهه التقليدي الغالب لتلبية طلبات سلاح البحرية في شركة واحدة.[15]

ومن خلال ذلك تمكن الكرملين يفضل إيرادات النفط والغاز الضخمة التي جنتها روسيا مع ارتفاع أسعارهما عالمياً من مضاعفة الإنفاق العسكري، ويشار في هذا الصدد إلى أن موازنة الدفاع الروسية التي عانت شح الأموال في فترة تسعينيات القرن العشرين قد تضاعفت من 8.1 مليار دولار عام 2001 إلى 31 مليار دولار عام 2007 بفضل عائدات النفط، وتعهد الرئيس بوتين بتطوير اسلحة تقلب موازين القوى في العالم، وإن روسيا تسعى لتطوير ونشر انظمة صاروخية أكثر فاعلية ردا على نشر واشنطن لأنظمة الدفاع الصاروخي في الدول المحيطة بروسيا لاسيما في بولندا وتشيكيا وسلوفاكيا إضافة إلى القواعد التي سيتم بناؤها في رومانيا وبلغاريا.[16] وفي إطار العقيدة العسكرية الروسية الجديدة، التي يجمع المراقبون على أنها جاءت لما تجنيه روسيا من عائدات الطاقة النفط والغاز، وكرد فعل على السياسة الاستفزازية للولايات المتحدة قرر مجلس الأمن القومي الروسي توسيع المناطق الحدودية لروسيا من مسافة 5 كم إلى 15 كم لاسيما في الجهات الغربية، وبهذا تعود الحدود الروسية إلى ما كانت عليه في زمن الاتحاد السوفيتي، وقد أحدث هذا القرار ردود فعل قوية لدى واشنطن ولدى دول أوروبا الشرقية المجاورة لروسيا.[17]

المطلب الثالث: دور إيرادات النفط والغاز في إنعاش الاقتصاد الروسي

أولاً: تتبدى أهمية دور إيرادات النفط والغاز في إنعاش الاقتصاد الروسي من خلال المؤشرات التي تبرز مدى أهمية إنتاج الغاز في الاقتصاد الروسي، ففي سنة 2008، بلغت حصة شركة غازبروم 08 % من الإنتاج الداخلي الخام (PIB)، شكلت حوالي 20 بالمائة من إجمالي الإنفاق الحكومي في السنة ذاتها.

تشير التقديرات إلى ارتفاعها في العام 2016 إلى حوالي 12.5 بالمائة من الإنتاج الداخلي الخام و22 بالمائة من النفقات العامة كما أشار صندوق النقد الدولي في تقريره في العام 2014، إلى أن الاقتصاد الروسي يعرف نمواً بطيئا عامي 2013 (%5. 1)، 2014 (%0 . 2)[18]، خلافاً للسنوات الماضية بمتوسط سنوي لا يقل عن 4 بالمائة للفترة 2008-2013 حيث يوضح الرسم البياني رقم (1) مدى ارتباط حالة الاقتصاد الروسي بتقلبات أسعار الغاز الطبيعي في الأسواق العالمية، والتي هي مرتبطة أساساً بتقلبات الأوضاع السياسية الإقليمية خاصة وحتى الدولية، ومن دون تجاهل آثار الأزمة الاقتصادية العالمية.

الشكل رقم (1) النمو الاقتصادي لروسيا وتقلبات أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا

 النمو الاقتصادي لروسيا وتقلبات أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا

المصدر:  BP Statistic Review of World Energy June 2012

يوضح هذا الرسم البياني بشكل جلي، كيف أن معدل سعر الغاز الطبيعي في أوروبا له تأثير كبير في معدل نمو الاقتصاد الروسي، فما بين 2000 و2006 كان هناك تذبذباً طفيفاً في أسعار الغاز بأوروبا، رغم ذلك رافقه نموا ملحوظا في الاقتصاد الروسي، لكن مع الأزمة الأوكرانية لسنة 2009 نلاحظ انكماشا في النمو الاقتصادي المتزامن مع تدهور أسعار الغاز الروسي في أوروبا.

إلا أننا نلاحظ بأنه في عدة سنوات هناك تناقض في فرضية أنه كلما ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا ازدادت معها نسبة النمو في روسيا، فمثلا سنة 2008 كان سعر الغاز الطبيعي مرتفعاً

في المقابل كانت نسبة النمو في روسيا في انخفاض، بالتالي هذا مؤشر على أن هناك متغيرات أخرى تتحكم في حالة الاقتصاد الروسي، إلا أنه لا يمكننا اهمال دور متغير الغاز الطبيعي في حالة الاقتصاد الروسي، لأنه ابتداء من 2010 أصبح هناك نمواً مطرداً بين سعر الغاز الطبيعي في السوق الأوروبية ونسبة النمو الاقتصادي في روسيا، وعليه يمكن القول أن تغير أسعار الغاز الطبيعي الموجه نحو أوروبا، له الأثر البالغ في الاقتصاد الروسي المرتبط أساسا بالتغيرات السياسية الإقليمية، و هذا ما لاحظناه في عامي 2009 مع الأزمة الأوكرانية، و 2014 بعد أزمة ضم القرم إلى روسيا.

ثانياً: هناك متغيرات قد تتحكم في الاقتصاد الروسي خاصة في الاتجاه السلبي حتى لو ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في مراحل مختلفة، فالتباين الكبير بين الواردات المتزايدة والصادرات المتناقصة في مرحلة معينة قد يكون له الأثر العكسي في حالة الاقتصاد الروسي، فعائدات المحروقات سواء كانت من الغاز الطبيعي أو من النفط قد لا تغطي بشكل كاف الفرق بين الكفتين وهذا ما يوضحه الشكل البياني رقم (2)

الشكل رقم (2): قيمة إجمالي واردات وصادرات روسيا (1994 – 2009)

قيمة إجمالي واردات وصادرات روسيا (1994 – 2009)

المصدر: مصلحة الإحصاءات للفيدرالية الروسية

يوضح هذا الشكل أن روسيا مرت بثلاث مراحل أساسية في ما يخص الواردات و الصادرات، فالمرحلة الأولى هي ما بين 1994 و 2002، بحيث هناك توافق و استقرار في منحى إجمالي واردات و صادرات روسيا، رغم أن هناك ارتفاعاً محسوساً لهما ما بين 1999 و 2000، لكن على العموم هناك استقرار.

أما المرحلة الثانية فهي ما بين 2003 و2008، بحيث نلاحظ ارتفاعاً كبيراً في إجمالي الواردات والصادرات الروسية، وهذا الارتفاع يتميز بالحدة، أي هو تزايد مستمر من دون نقاط استقرار عند مستويات محددة، كما نلاحظ بأن مستوى الواردات هو دائما أعلى من الصادرات.

لتأتي المرحلة الثالثة، والتي تتصف بالتناقص الحاد، وهذه المرحلة هي ما بين 2008 و 2009، بحيث نلاحظ أن قيمة إجمالي الواردات و الصادرات عرفت انكماشاً كبيراً و هذا بعد وصولها إلى الذروة سنة 2008، وللإشارة سنة 2009 كانت سنة الأزمة الأوكرانية ومن ثمة لا يمكن استبعاد تأثير هذه الأزمة على المعاملات التجارية لروسيا خاصة مع الدول الأوروبية.

فقراءة هذا الشكل يمنحنا رؤية عامة على أن روسيا بلد يتسم بالاستهلاك الكبير خاصة في أوقات الرخاء، أي أن ارتفاع أسعار المحروقات وعلى رأسها سعر الغاز الطبيعي حتى وإن كان له الأثر في مراحل على وضعية الاقتصاد الروسي إلى أنه قد يتأثر بالاستهلاك المتزايد مقارنة بما تصدره روسيا، هذا ما قد يوقع روسيا في عجز مالي، أي عوضاً من استغلال عائدات المحروقات في التنمية فإن حصة الاستهلاك تستحوذ على نصيب معتبر من هذه المكاسب، ما يجعل الاقتصاد أكثر عرضة للهزات بفعل الأزمات التي قد تمس أسعار المحروقات،[19] وعلى سبيل المثال فإن ميزانية روسيا تعاني من ارتفاع قيمة الديون الخارجية لروسيا، ففي بداية كانون الثاني 2014، وصلت قيمة الديون الخارجية إلى 732 مليار دولاراً،[20] تبرز هذه المعطيات بأن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في السوق العالمية قد لا يؤثر كثيراً على مداخيل روسيا، مادام أن ديونها الخارجية تعرف ارتفاعاً ملحوظاً، مما يضع روسيا في خانة الدول ذات المديونية المتزايدة، هذا ما قد يدخلها مستقبلاً في قائمة الدول الأكثر مديونية عالمياً.

إضافة إلى تأثر النمو الاقتصادي لروسيا بتقلبات أسعار المحروقات في السوق العالمية، فقد يكون لكل من التصدير والاستيراد الأثر البالغ في حالة الاقتصاد الروسي، فحوالي 80% من الصادرات الروسية -سنة 2010- تشمل النفط والغاز الطبيعي إلى جانب المعادن والخشب و التجهيزات العسكرية. في المقابل هناك استيراد كبير للمواد الغذائية بمختلف أنواعها وأشكالها من بلدان الاتحاد الأوروبي بالدرجة الأولى حيث تصل نسبتها 50. 2%، وحسب بيانات البنك المركزي الروسي لعام 2016، فإن الميزان التجاري حقق فائضاً بنحو 18 مليار دولار، حيث استحوذت صادرات النفط والغاز على 62.8 بالمائة من إجمالي الصادرات مقابل 5.9 بالمائة للخامات والمعادن و 5.8 بالمائة للمنتجات الكيماوية و5.4 للآلات ومعدات النقل و 4.7 بالمائة للمواد الغذائية فيما بلغت حصة المواد الخام الزراعية 2.2 بالمائة وأقل من 0.2 بالمائة للمنسوجات، بالمقابل استحوذت السلع الغذائية على 13 بالمائة من إجمالي الواردات ووسائط النقل على 12 بالمائة والأدوية 11 بالمائة وتراوحت حصص غيار السيارات ووسائط الإعلام والشاحنات بأقل من 5 بالمائة، هذا ما يؤكد أن روسيا تعتمد بالدرجة الأولى على المحروقات وتجعل صناعة المواد الأخرى في درجة أقل ما عدا الصناعات العسكرية.

يتضح من ذلك بأن أغلب صادرات روسيا هي من المواد الأولية وبالدرجة الأولى المحروقات والمعادن، لذلك فاقتصاد هذا البلد هو ريعي أساساً ومتأثر بتقلبات أسعار المواد الأولية في السوق العالمية، بالمقابل يتضح جلياً بأن هناك جانباً كبيراً من التكنولوجيا الجاهزة يتم استيرادها كالأدوية ووسائل النقل، هذا ما يدل على أن روسيا تهتم أكثر بالصناعة الثقيلة وتضع الصناعة الخفيفة في الدرجة الثانية من استراتيجيتها التصنيعية.[21]

تجدر الإشارة أنّ كل من ألمانيا أوكرانيا وبيلاروسيا والصين واليابان هي من أهم الدول التي تأتي منها واردات روسيا، فحسب بيانات البنك المركزي الروسي لعام 2016 احتلت الصين المرتبة الأولى بين الشركاء التجاريين لروسيا باستحواذها على 7 بالمائة من الصادرات و10 بالمائة من المستوردات تلتها في المرتبة الثانية ألمانيا 8.7 بالمائة من الصادرات والمستوردات على التوالي، تلتها إيطاليا بحصص بلغت 5.6 بالمائة من الصادرات والمستوردات على التوالي، وهذا ما يؤشر على أن لروسيا سوقين مهمين هما أوروبا و آسيا، ويبدو أن النظام الروسي واع بضرورة جعل موارد طبيعية أخرى أكثر تواجداً في السوق العالمية، لأن المراهنة على مادة واحدة قد يجعل روسيا رهينة لعدة أزمات ومساومات. [22]

ثالثاً: تستهدف روسيا توسيع نطاق استثماراتها في قطاع الطاقة قصد الرفع من عائداتها، وخلق مصادر أخرى لتدعيم الاقتصاد الوطني من جهة، ومن جهة أخرى تهدف إلى فتح باب أكثر لهامش المناورة عندما يتعلق الأمر بالتفاوض في الملفات التي تهم مصالحها ومصالح أوروبا، من حيث توظيف الموارد الطبيعية -النفط والغاز الطبيعي – في الملفات السياسية هو ضمن النظرة الروسية للأوضاع الإقليمية وحتى الدولية. الشكل التالي رقم (3) يوضح الاستثمارات الروسية في قطاع الطاقة للفترة 2003-2020

الشكل رقم (3) حاجة روسيا للاستثمارات في أنواع الطاقة (2003-2020)

حاجة روسيا للاستثمارات في أنواع الطاقة (2003-2020)

المصدر: Commission Europeenne et Energeticheskaya

يتضح من هذا الشكل بأنّ روسيا لها رؤية مستقبلية في مجال الطاقة، خاصة في ما تعلّق بالغاز الطبيعي، الذي بلغت حصته 26% من حجم الاستثمارات الكلي مقارنة بأنواع الطاقة الأخرى، فهي تحتل المرتبة الثانية بعد النفط (33%)، فزيادة الاستثمار في الغاز الطبيعي، هو عامل لجذب رؤوس الأموال من الخارج التي تهتم بهذا النوع من الطاقة، إضافة إلى أن شركة غازبروم التي تعتبر من بين أقوى الشركات العالمية في هذا المجال تطور إمكاناتها من خلال توسيع نشاطها محليا، بحيث رفعت إنتاجها السنوي إلى 660 مليار متر مكعب مطلع 2020.[23]

بما يؤكد أن قطاع النفط لا يزال يحتل الصدارة حتى على المستوى القريب والمتوسط في السياسة الطاقوية، كما أن الطاقة الكهربائية لها نصيب مهم بنسبة 16% من حجم الاستثمارات حتى سنة 2020.

رابعاً: أن الاستثمارات في مجال الطاقة و بالتحديد في الغاز الطبيعي، يفتح آفاقاً للاقتصاد الروسي من أجل تحقيق معدلات مهمة في النمو، و التي ترافقها امتصاص للبطالة من خلال خلق فرص عمل، فهناك أرقام مهمة توضح بأن معدل البطالة في روسيا هو في تناقص مستمر، بحيث وصلت نسبة البطالة في روسيا سنة 2014 إلى 9.4 %، وحوالي 8.2% عام 2017 هي نسبة منخفضة تدل على أن الاقتصاد الروسي يمتص البطالة، و أن اليد العاملة داخلياً هي مستغلة، و هذا قد يتم إرجاعه إلى عائدات المحروقات و على رأسها الغاز الطبيعي التي تفتح مجالاً واسعاً أمام خلق فرص عمل في شتى المجالات من خلال تمويل مشاريع تنموية، و تفعيل تنمية محلية تقوي الدولة داخليا و تعزز حضورها إقليميا و دولياً من خلال اقتصاد قوي.

على هذا الأساس يتضح بأن تنويع الاستثمار في مجال الطاقة يُمكن روسيا من امتلاك إمكانيات النهوض باقتصاد غير معتمد بشكل رئيسي على النفط والغاز الطبيعي، بل هناك طاقات أخرى قد تكون ضمن استراتيجيتها الطاقوية كالطاقة النووية والفحم.

كما سعت روسيا إلى أن تصبح القوة الاقتصادية الخامسة مطلع 2020 بعد كل من الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، الهند واليابان، باستهداف رفع معدل الدخل الفردي إلى 30 ألف دولار،[24] وهو يعتبر تحد يرفعه النظام الروسي في وقت لم يتعد الدخل الفردي 13.860 دولار سنة 2012[25]، ولن يتأتى هذا إلا من خلال تنويع في مجال الاستثمارات، أي الاعتماد على عدة مصادر للطاقة في الصادرات، وليس فقط على النفط والغاز الطبيعي.

كما تعمل روسيا منذ سنوات على مكافحة الفقر، لما له من آثار على تطور البلاد اقتصادياً واجتماعيا، لذا فنظريا ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي الذي هو أحد أهم ركائز السياسة الطاقوية الروسية قد يعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية للروس، وهذا من خلال عائداته التي تنعش الاقتصاد الوطني، من خلال خلق فرص عمل -كما تطرقنا إليه سابقاً-وكذا الرفع من الحد الأدنى للأجور، حيث من الملاحظ أن معدل الفقر في روسيا في تناقص وهذا حسب المعطيات التي يقدمها البنك الدولي، وهو ما يوضحه الشكل التالي رقم (4)، ووفقاً لهذه المعطيات يمكننا استنتاج دور عائدات الغاز الطبيعي في المساهمة للحد من هذه المعضلة الاجتماعية.

الشكل رقم (4) معدلات الفقر في روسيا (2004 -2012) النسبة المئوية

معدلات الفقر في روسيا (2004 -2012) النسبة المئوية

المصدر: البنك الدولي، سنة 2020.

يتضح من الرسم البياني أن روسيا في طريقها لتحقيق معدلات دنيا من الفقر، ففي سنة 2005 سجلت روسيا 17.8% من مجموع عدد السكان الذي يعيشون تحت خط الفقر، ليصل إلى نسبة 12.5% سنة 2010، أي بعد خمس سنوات هناك فرق ملحوظ، بحيث هناك تحسن في الدخل الفردي وفي أداء الحكومة الروسية للدور الاجتماعي، وهذا بالموازاة مع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في الأسواق العالمية خاصة في أوروبا التي تعتبر المستهلك الرئيسي للغاز الروسي.

من جهة أخرى، فإن الحد من توسع الفقر في روسيا هو في حد ذاته أداة سياسية من أجل استتباب الأمن داخليا واستقرار المجتمع، وهذا ما قد يكون محفزا لجذب رؤوس أموال أجنبية للاستثمار داخلياً، ومن ثم خلق فرص عمل، وبث حركية في المعاملات التجارية خاصة على المستويين الأسيوي والأوروبي، لذا يتضح بأن عائدات الغاز الطبيعي لروسيا لها الأثر الكبير في الوضع الاقتصادي والاجتماعي للروس، فاستمرار ارتفاعها ساهم في ترتيبها ضمن أقوى الاقتصاديات العالمية مطلع 2020.

خامساً: يحذر العديد من المختصين في مجال الطاقة من وقوع روسيا في فخ الاقتصاد الريعي*، الذي قد يجعلها رهينة لتقلبات الأسعار العالمية – هذا هو واقع روسيا في عدة حالات و المساومات السياسية، فيتضرر الاقتصاد بشكل مباشر، و هذا ما لاحظناه عندما أثرت الأزمة الأوكرانية سنة 2009 على أسعار الغاز الطبيعي الروسي و من ثم تأثر النمو الاقتصادي، الذي قد يخلق مشاكل أخرى لهذه الدولة خاصة ذات البعد الاجتماعي، و هذا بدورها ما سينعكس على مناخ الاستثمارات في روسيا، أي هناك علاقة وطيدة بين الاستثمار و الاستقرار في الدولة، ومن جانب آخر هناك من يرى بأن اعتماد روسيا أساساً على الغاز الطبيعي هو مخاطرة لأن هناك منافسون جدد في السوق الطاقوية العالمية، و هذا ما قد يضيق الخناق فالمهتمين بهذا المجال لاحظوا بأن حصة روسيا من السوق العالمية لإنتاج الغاز تضاءلت منذ 1995، كما أن عصب الطاقة بروسيا أي شركة غازبروم التي تضغط من خلال عقودها الطويلة الأمد قد تتأثر بانهيار أسعار الغاز الطبيعي في السوق العالمية، أي قد تضطر مستقبلا إلى التخلي عن هذا النوع من العقود التي تقيد بها الدول المستهلكة للغاز الروسي، كما أنها قد تتخلى عن صفة الشركة الاقتصادية بأهداف سياسية، ويرى هؤلاء ضرورة انتهاج سياسة مستقبلية حتى لا تتحول روسيا من فاعل مهم في سوق الطاقة إلى لاعب جيوبوليتيكي ثانوي تابع لقوى أخرى.

بالمقابل، هناك من يحث على ضرورة التركيز على إنتاج الغاز الطبيعي لما له من آفاق على المستويين المتوسط و البعيد، خاصة و أنه يعتبر من المواد الأولية الصديقة للبيئة، بحيث هناك شبه إجماع على أن هذه المادة لا تضر بالبيئة،[26] بدليل اتجاه إنتاج الغاز الطبيعي في العالم إلى الارتفاع وأنه سيكون من بين المواد الأكثر تواجداً في سوق الطاقة العالمية، وكمفارقة فروسيا تعتبر بدورها دولة مستهلكة للغاز الطبيعي، و هذا نظراً لقسوة مناخها – تقريباً على طول السنة – فدرجات الحرارة تصل إلى حد التجمد، فهناك أقاليم في روسيا تبلغ درجة الحرارة في فصل الشتاء إلى خمسة و ستين تحت الصفر.[27]

والرسم البياني رقم (5) يبين نسب استهلاك روسيا للغاز الطبيعي في مدة عشرين (20) سنة للفترة 1992-2012.

الشكل رقم (5) الاستهلاك الروسي للغاز الطبيعي ما بين (1992 – 2012)

الاستهلاك الروسي للغاز الطبيعي ما بين (1992 – 2012)

المصدر: وكالة المعلومات الطاقوية (eia.gov)، سنة 2012

يتضح من خلال الشكل رقم (5) بأن استهلاك الغاز الروسي عرف ارتفاعاً ملحوظاً نهاية التسعينيات وبداية 2000، ما يعني هناك علاقة طردية بين الإنتاج و الاستهلاك، فكثرة الطلب يعني أن قيمة الغاز ترتفع سواء من الناحية الاجتماعية بتلبيته للحاجة المحلية، أو من حيث تحفيز الشركات الروسية المختصة و على رأسها غازبروم من أجل الرفع من وتيرة إنتاجها، وعليه تقوية الشركات الوطنية من جهة، و جلب شركات أجنبية قصد تكثيف الإنتاج من جهة أخرى،[28] فروسيا احتلت المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2012 من حيث نسبة استهلاكها للغاز الطبيعي على المستوى العالمي، بحيث تقدّر نسبة الاستهلاك حوالي 13.2 % من الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي.[29]

هذه السياسة الطاقوية لروسيا تعبر بشكل واضح على ذلك الربط الذي تسعى إلى توثيقه بين القدرات الإنتاجية للغاز الطبيعي وما يترتب عنه من تصدير إلى القارة الأكثر طلباً على هذه المادة أي أوروبا، الذي يمنح روسيا قدرة أكبر لتحسين وضعية اقتصادها من خلال ما تجنيه من بيعها لهذه المادة للدول الأوروبية كألمانيا مثلاً، وكذا توسيع مجال الاستثمار في هذا القطاع، بالتالي انطلاقاً من هذه المعطيات نصل إلى القول بأن ثقل الغاز الطبيعي في السياسة الطاقوية الروسية منذ مجيء الرئيس بوتين، وكذا تأثير هذا المتغير -إيجابياً أو سلبياً -على حالة الاقتصاد الروسي، يجعلنا نستنتج بأن هذه المادة هي من الأعمدة التي يبنى عليها الاقتصاد الروسي، وهناك نظرة تفاؤلية في ما يخص دورها في تطور هذه الدولة اقتصاديا ولعبها دور المحدد الأول في السياسة الإقليمية والدولية.[30]

المطلب الرابع: الشركات الروسية لإنتاج النفط والغاز

لا يمكن الحديث عن الغاز الطبيعي في روسيا من دون التعرف على أهم أعمدة إنتاجه، فنجد ثلاث شركات لها ثقل إقليمي ودولي، وهي غازبروم (Gazprom)، روسنفط (Rosnefit)، نوفاتك (Novatek)، هي أهم الشركات المسيطرة على قطاع المحروقات، رغم تواجد أقطاب أخرى، فشركة غازبروم مصنفة الثانية عالمياً وروسنفط في المرتبة 15 عالميا كذلك، حسب ترتيب سنة 2012، [31]رغم أن هناك تضارباً في الأرقام من سنة إلى سنة، إلا أن هذه الشركات تبقى ضمن قائمة أقوى المؤسسات الطاقوية العالمية.

تقريباً كانت بدايات هذه الشركات النفطية في الفترة ذاتها، فغازبروم كانت عبارة عن وزارة صناعة الغاز لتتحول إلى شركة غازبروم سنة 1989[32] أي في نهاية العهد السوفيتي، أما شركة روسنفط فكانت بدايتها سنة 1993،[33] فأكثر من 75% من أسهم روسنفط هي تابعة للحكومة،[34] و شركة نوفائك باشرت نشاطها سنة 1994،[35] ما يبرز بان هاته الشركات هي عبارة عن نظرة روسية جديدة لنظام سياسي جديد، حيث أن لتفكك الاتحاد السوفيتي انعكاسات على نظرة روسيا إلى البيئة الدولية من حيث الآليات المستخدمة في الاقتصاد و السياسة معاً، فتحويل وزارة إلى شركة هو منطق يبرز التحول من النظرة السياسية المحضة إلى النظرة المزدوجة للبيئة الخارجية، أي النظرة السياسية – الاقتصادية، بحيث أصبح تركيز النظام الروسي على قطاع المحروقات ليس فقط من أجل أبعاد اقتصادية فقط، بل وفقاً لتصور جيوبوليتيكي يرمي إلى أن الغاز الطبيعي آلية من أجل التحكم والضغط على الشركاء في هذا المجال، كما أن روسيا تعمل من خلال تفعيل سياسة طاقوية قائمة على الغاز الطبيعي على تعزيز البنى التحتية من خلال الاستغلال العقلاني لعائدات الغاز سواء بما تجلبه الصادرات نحو الدول الزبونة للغاز الروسي أو من خلال الدخول في مشاريع شراكة مع دول أخرى في مجال الطاقة.

والهدف الأبعد من كل هذا هو السيطرة وإعادة السيطرة على المناطق التي كانت تحت لواء الاتحاد السوفيتي، بجعل تلك الدول خاضعة لروسيا سواء بمد خطوط أنابيب للغاز الطبيعي عبر أراضي هذه الدول نحو دول غرب أوروبا والاستفادة من امتيازات هذه الامدادات، أو من خلال دخول من فترة إلى أخرى في مساومات ومفاوضات لوضع تسعيرة للغاز الطبيعي بطريقة قد لا تلائم اقتصاد هذه الدول التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي.[36]

تعتبر شركة غازبروم تعتبر الأهم والأقوى بين هذه الشركات، فهي تغطي ما يقارب 74% من إنتاج الغاز الطبيعي في روسيا، كما أنها تسيطر على أغلب مناطق الاحتياطي الغاز الطبيعي بروسيا، حوالي 65 %،[37] لهذا تعتبر غازبروم عصب قطاع المحروقات في روسيا، بحيث هي مؤسسة صناعية اقتصادية لكن بصيغة سياسية، إلا أن هناك شركات روسية أخرى في مجال الطاقة، والجدول الآتي يوضح الكميات التي تنتجها الشركات الروسية يوميا من الغاز الطبيعي.

جدول: المعدل اليومي لإنتاج الشركات الروسية للغاز الطبيعي للعام 2012

الإنتاج (الوحدة: بليون قدم مكعب) اسم الشركة
47.1 غازبروم (Gazprom )
1.2 روسنفط (Roseneft)
1.6 لوكوال (Lukoil)
1.2 سورغوتنفط –غاز  (Surgutneftegas)
1.3 تي أن كا – بي بي (TNK – BP)
1.6 شركات أخرى
1.2 إيترا (Itera)
5.5 نوفاتك (Novatek)
2.6 بي أس أ للتنقيب (PSA operators)
63.4 المجموع

المصدر: وكالة المعلومات الطاقوية (eia.gov)، سنة 2012

يتضح من هذا الجدول وبوضوح بأنّ شركة غازبروم هي القطب الأول لإنتاج الغاز الطبيعي في روسيا، بحيث تصل طاقة إنتاجها إلى 47 بليون قدم مكعب يوميا، وهذا ما يعطيها أهمية اقتصادية وحتى بعداً سياسياً على المستوى الإقليمي والدولي. في المقابل نجد إنتاج الشركات الأخرى وهي مجتمعة لا يتعدى نصف إنتاج غازبروم يومياً، وتتواجد شركة غازبروم في ثمانية عشر (18) دولة في الاتحاد الأوروبي، وهي تبحث دائما عن التوسع أكثر في هذا الاتحاد، قصد السيطرة أكثر على سوق الغاز الطبيعي بأوروبا وأيضاً جعل هذا التوسع في إطار تعزيز السياسة الروسية في أوروبا من جهة أخرى.

للإشارة فإن شركة غازبروم هي الشركة الروسية الوحيدة التي لها حق التوجه إلى سوق خارجية وفق مرسوم رئاسي صدر سنة 1992، الذي ينص على احتكار غازبروم لبيع الغاز الطبيعي خارج الحدود الروسية، حتى غاية العام 2020.[38]

ومادام أن لشركة غازبروم علاقة وطيدة بالكرملين فإنه من غير الممكن توقع تناقضات بين توجهات الشركة و سياسة روسيا، فالمدير العام للشركة يتم تعيينه من قبل الرئاسة، بما هو مؤشر على أن العمل بين الرئاسة وإدارة الشركة هو متناسق، بحيث أن مراكز صنع القرار ستتقاسم الرؤى ذاتها فيما يتعلق بالملفات ذات البعد الاقتصادي والسياسي معاً، بالتالي هي معطيات توضح بان هيكلة شركة غازبروم لا تخضع فقط لحسابات اقتصادية فقط، بل أن  البعد السياسي هو جوهر توجه الشركة، فنظرياً، مسألة التسعير و طاقة الإنتاج لن تكونا مرهونتان بمعطيات السوق فقط، بل حقل السياسة الدولية هو كذلك ضمن الأرضيات التي تحدد مسير الشركة في عصر تلعب فيه مثل هذه المؤسسات دوراً محورياً في العلاقات الدولية.[39]

المطلب الخامس: الإنتاج والاستهلاك الروسي من الطاقة

دراسة إنتاج روسيا للنفط والغاز الطبيعي سيقدم لنا نظرة شاملة حول سياسة هذه الدولة في مجال الطاقة، بحيث قد يمكننا من الوصول إلى قدرات روسيا الإنتاجية للطاقة، ومن ثمة معرفة مدى تواجد النفط والغاز الروسي في السوق العالمية وإمكانية تنافس روسيا مع دول لها قدرات إنتاجية معبرة.

الرسم البياني التالي يوضح القدرة الإنتاجية لروسيا خلال للفترة 1992-2012، وهذا لمعرفة إن كان هناك تطوراً أو انكماشاً في الإنتاج للغاز الطبيعي.

الشكل رقم (6) الإنتاج الروسي للغاز الطبيعي ما بين (1992 – 2012)

الإنتاج الروسي للغاز الطبيعي ما بين (1992 – 2012)

المصدر: وكالة المعلومات الطاقوية (eia.gov)، سنة 2012

يوضح هذا الشكل بأن هناك منحاً تصاعدياً في إنتاج الغاز الطبيعي بروسيا، ابتداء من عام 2000، لكن مع انكماش حاد في الإنتاج بدأ عام 2005 وبلغ ذروته عام 2009 ارتباطاً بالأزمة الأوكرانية وتبعاتها على القدرة الإنتاجية لروسيا لمادة الغاز الطبيعي، لكن هناك عودة بقوة ابتداء من عام 2010 إلي غاية 2012، ما يؤشر إلى أن  إنتاج الغاز الطبيعي هو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالوضع السياسي والأمني للإقليم، كما أن هذه المعطيات تبرز الكمية المهمة للغاز لطبيعي المنتجة من قبل هذه الدولة، والذي يعطينا صورة واضحة حول مدى أهمية الغاز الطبيعي في السياسة الروسية،[40] بالتالي جهود الحكومة الروسية في جعل نسبة إنتاج النفط والغاز الطبيعي دائماً في أعلى مستوياتها هو دليل قوي على أن هناك سياسة منتهجة قصد إنعاش الاقتصاد الوطني من خلال عائدات هذه المادة من جهة، وكذا وضعها كآلية في السياسة الخارجية الروسية من جهة أخرى، رغم ذلك يبقي نصيب الغاز الطبيعي من صادرات روسيا الطاقوية ضعيفاً إذا ما قورنت مع حصة النفط من صادراتها الطاقوية، بحيث وصلت نسبة صادرات روسيا للغاز الطبيعي عام 2013 إلى 14% في حين حصة النفط الخام عادلت 33%، هذه المعطيات توضح بأن أمام السياسة الطاقوية الروسية عمل من أجل الوصول إلى مستوى يجعلها أكثر تواجداً في السوق الغازية العالمية وخاصة الأوروبية،[41] من ناحية الأخرى يبرز الشكل الآتي حصص استهلاك الطاقة في روسيا لعام 2011.

الشكل رقم (7) استهلاك الطاقة في روسيا عام 2011

استهلاك الطاقة في روسيا عام 2011

المصدر: وكالة المعلومات الطاقوية (eia.gov)

يتضح من الشكل رقم (7) أن الاستهلاك الروسي من الطاقة يعتمد بشكل رئيسي على الغاز الطبيعي، الذي يحتل المرتبة الأولى من بين مصادر الطاقة المستهلكة في روسيا، حيث وصلت نسبته إلى 56% أي تجاوز كمية الطاقات المستهلكة في مختلف المصادر مجتمعة، في حين أحتل النفط المرتبة الثانية بنسبة 19% وبعده الفحم بنسية 15%، أما النسبة المتبقية فيه للطاقات المتجددة و موارد طبيعية أخرى، بما يعنيه ذلك أن الغاز الطبيعي يتصدر قائمة مصادر الطاقة التي تعمل روسيا على تطويرها، سواء للاستهلاك على المستوى الداخلي من خلال جعله في متناول كل المواطنين خاصة وأن هذه الدولة معروفة بدرجات حرارتها المنخفضة طول العام، أو لتصديره إلى العالم من خلال تزويد دول أوروبا وحتى دول أخرى من القارة الآسيوية بالغاز الطبيعي، نظراً للإمكانات التي تملكها روسيا وتجعلها في صدارة الدول المنتجة أو المستهلكة للغاز الطبيعي في العالم.


الهامش

[1] جان ماري جوفاليیه، معارك الطاقة الكبرى، ترجمة: لميس عزب، مكتبة الملك فهد للطباعة والنشر، الرياض، 2009، ص 321.

 *  بوريس يلتسن: هو أول رئيس لروسيا الاتحادية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، ولد عام 1931 وتوفي عام 2007، وعمل مهندساً معمارياً حتى أصبح المدير العام لمصنع المباني الجاهزة في عام 1963 وانضم للحزب الشيوعي عام 1961 وشغل عدد من المناصب منها تعبنه سكرتير أول للحزب الشيوعي لمدينة موسكو عام 1985، ثم أصبح عضواً في المكتب السياسي للحزب، وانتخب عضواً في مجلس الدوما الروسي عام 1999، قدم استقالته من الحزب عام 1990 . وفي عام 1991 انتخب رئيساً للجمهورية في روسيا الاتحادية، وأعيد انتخابه لولاية ثانية في حزيران من عام 1996.

[2] ناصر زیدان، دور روسيا في الشرق الأوسط وشمال افريقيا من بطرس الأكبر حتي فلاديمير بوتين، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت،2014، ص 22.

[3] مروان اسکندر، الدب ينقلب نمرا: روسيا الولادة الجديدة، دار رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، 2011، ص167

[4] أحمد دياب، عودة بوتين؛ تحديات وطموحات روسيا بعد انتخابات الرئاسة، مجلة السياسية الدولية، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، القاهرة، العدد 188، 2012، ص 104.

*  استطاعت روسيا تحقيق معدل نمو اقتصادي يصل إلى 7% سنوياً في عام 2011، واحتل اقتصادياً المرتبة الثامنة بين الدول الأكثر تقدماً في نفس العام.

[5]  جفري مانكوف، أمن الطاقة الأوراسية، سلسلة دراسات عالمية، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي، العدد 89، 2010، ص 12.

[6] أحمد ابراهيم محمود، الصناعات العسكرية الروسية تدعيم الاقتصاد والمكانة الدولية، مجلة السياسة الدولية، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، القاهرة، العدد 170، 2007، ص 61.

[7] زبغنيو برجنسكي، رؤية استراتيجية: أمریکا وأزمة السلطة العالمية، ترجمة: فاضل جتكر، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، 2012، ص 33

*   هي أول نظرية عامة في الاستراتيجية العامة والقوى العالمية قَدَّمَها ماكندر مفهوم قلب العالم – HeartLand  ليُفسر للإمبراطورية البريطانية الحاجة إلى معالجة التوسع الروسي باتجاه الخليج الفارسي، في وقت كانت روسيا تعزز بقوة نظام القوة البرية الممثلة من طرف روسيا أنْ تكون تقريباً كمحرك للقوة البحرية الممثلة من طرف الإمبراطورية البريطانية وهذا يمنح مزايا حاسمة في جزيرة العالم.

[8] عادل الجوجري، فلاديمير بوتين جاسوس على عرش الكرملين، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، 2013، ص 12.

[9] بافل بایيف، القوة العسكرية وسياسة الطاقة: بوتين والبحث عن “العظمة” الروسية، دراسات مترجمة مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي، 2010، ص 26- 27.

[10] صلاح نيوف، الشراكة العسكرية: الاستراتيجية الروسية -السورية قاعدة طرطوس، المركز الكردي للدراسات، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات على الرابط http://nike.net/index.php/2014

[11] هادي زعرور، توازن الرعب القوى العسكرية العالمية، شركة المطبوعات التوزيع والنشر، بيروت، لبنان، 2013، ص 85.

[12]  بافل بایيف، القوة العسكرية وسياسة الطاقة: بوتين والبحث عن “العظمة” الروسية، دراسات مترجمة مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي، 2010، ص 33.

[13] بافل بایيف، القوة العسكرية وسياسة الطاقة: بوتين والبحث عن “العظمة” الروسية، دراسات مترجمة مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي، 2010،ص 97-81

[14] جوزيف عبد الله، مسار وآفاق الصعود الروسي في ترتيب النظام العالمي وانعكاساته على القضايا العربية والإسلامية، مقال منشور على الشبكة الدولية للمعلومات، على الرابط : http : //www.kobayat.org.

[15] إيمانويل تود، ما بعد الإمبراطورية: دراسة في تفكك النظام الأمريكي، دار الساقي، بيروت، ط2،2004، ص 166.

[16] علي محمد رجب، تحديث القوة العسكرية الروسية، مجلة الملك خالد العسكرية، الرياض، العدد 97، 2019، ص16- 18.

[17] Yury E Fedorov, Different strains of thought in Russias strategic thinking programme, the Royal International Affairs, chatham House, 2009, pp.78-88

[18] توماس هلبلينغ، آفاق الاقتصاد العالمي، نشرة الصندوق الدولي، 21 كانون الثاني 2013، أنظر الرابط www.imf.org/external/arabic/index.htm(12:00- 19/03/2014).

[19] رؤوف فتيحاني، دور متغيّر الغاز الطبيعي في العلاقات الروسية – الأوروبية (2000 –2014)، مذكرة مقدمة لنيل الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر، 2014، ص 36-37.

[20] روسيا_دين_خارجي_اقتصاد، روسيا اليوم/ https://arabic.rt.com/business//

[21] أحمد قاسم حسين العلاقات الأوروبية-الروسية في مجال الطاقة : ضغوط التعاون و صراع المصالح، مجلة  سياسات عربية، العدد 23، 2016، ص61.

[22] Learn more about trade in Russia, www.atlas.media.mit.edu/profile/country/rus/ (15:45 – 03/12/2014).

[23] www.gazprom.com/about/strategy/exploration/ (19:45- 11/04/2014).

[24] Anders Aslund, The Russian Economy: More than Just Energy? Testimony for the Committee on Foreign Affairs of the European Parliament, Peterson Institute for International Economics; april 2009, P. 03.

[25] www.data.albankaldawli.org/country/russian-federation (17:50- 01/12/2014).

*  عبارة عن نمط أو نظام اقتصادي يعتمد مصدراً واحداً للدخل، وغالباً ما يكون هذا المصدر طبيعياً، مثل المعادن والمياه والنفط والغاز، لكنه لا يتوقف عند هذه الموارد. وبحسب بعض الاقتصاديين، فإنه نظام اقتصادي استثنائي لا يدوم طويلاً، لأنه مرتبط بالموارد الطبيعية التي من المحتمل أن تنفَذ، لأنه لا يعتمد على رأس مال بشري قادر على الابتكار، وبحسب بعض المصادر، فإن الاقتصاد الريعي يجعل الدولة محتكرة للموارد الطبيعية.

[26] صلاح الدين عبد السيد، الغاز الطبيعي أفضل بكثير من الفحم بالنسبة للبيئة:

www.sis.gov.eg/Ar/Templates/Articles/tmpArticles.aspx?ArtID=51076#.VH4PKG_74 (21:50 – 02/12/2014).

[27]  www.climat-e-russie.com (22:18 – 02/12/2014).

[28] رؤوف فتيحاني، دور متغيّر الغاز الطبيعي في العلاقات الروسية – الأوروبية (2000 –2014)، مذكرة مقدمة لنيل الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر، 2014، ص49.

[29] Quels sont les plus importants consommateurs de gaz dans le monde ? : www.connaissancedesenergies.org/quels sont-les-plus-importants-consommateurs-de-gaz-dans-le-monde120903 (14: 55 – 03/12/2014).

[30] رؤوف فتيحاني، دور متغيّر الغاز الطبيعي في العلاقات الروسية – الأوروبية (2000 –2014)، مذكرة مقدمة لنيل الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر، 2014، ص52

[31] کریستوفور میلمان، قائمة أكبر الشركات النفطية في العالم”، أنظر الموقع

www.forbesmiddleeast.com/read.php?story=795 (12:15 – 15/03/2014).

[32] – www.gazprom.com/about/historychronicle/1989-1985/ (15 :10 – 22/02/2014)

[33]  www.rosneft.com/about/historyl (14:15 – 20/02/2014).

[34] www.arabic.rt.com/russia/economic_in_russia/?mainmenu (18:00 – 25/02/2014).

[35] www.novatek.ru/en/about/generalhistory (11 :10 – 03/03/2014)

[36]  رؤوف فتيحاني، دور متغيّر الغاز الطبيعي في العلاقات الروسية – الأوروبية (2000 –2014)، مذكرة مقدمة لنيل الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر، 2014، ص 25-26

[37] www.ela.gov/countries/cab.cfm?fips=RS (17:10 – 05/03/2014).

[38]رؤوف فتيحاني، دور متغيّر الغاز الطبيعي في العلاقات الروسية – الأوروبية (2000 –2014)، مذكرة مقدمة لنيل الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر، 2014، ص 28.

[39] جهاد عودة، النظام الدولي نظريات وإشكاليات، دار الهدى للنشر والتوزيع، القاهرة،  ط1، 2005، ص 11.

[40] رؤوف فتيحاني، دور متغيّر الغاز الطبيعي في العلاقات الروسية – الأوروبية (2000 –2014)، مذكرة مقدمة لنيل الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر، 2014، 23 – 24.

[41] المرجع السابق، ص 24.

 

.

رابط المصدر:

https://eipss-eg.org/%d9%85%d9%83%d8%a7%d9%86%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%81%d8%b7-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%a7%d8%b2-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%a8%d8%b9%d8%a7%d8%af/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M