اقتصاديات دول أسيا الوسطى : كنموذج للتنمية والتحول

اعداد الباحث : بشار شيخ علي – المركز الديمقراطي العربي

 

المقدمة:

تُعد عملية التنويع الاقتصادية ضرورة استراتيجية للدول ذات الاقتصادات الاحادية، لما في ذلك من أهمية تتجلى بحماية الاقتصاد بشكل عام من التقلبات والمخاطر التي قد تصيب تلك الموارد والاسواق الخاصة بها، ويبرز ذلك بشكلًا خاص في الدول النفطية التي تعتمد على هذا القطاع كمورد أساس للاقتصاد الوطني، ، وذلك نتيجة لما يترتب على أحادية الاقتصاد من نتائج خطرة تتمثل في التبعية لظروف السوق الخاص بالموارد الأحادية، مع عدم وجود المرونة الإدارية والإنتاجية.

حيث ينصب دور تلك المرونة في تحويل تلك الموارد الخام إلى العديد من المنتجات التي تباع بسعر أعلى مما يسهم في دعم القطاعات الاقتصادية المختلفة، إضافة إلى دورها في الصناعات التحويلية.

وتتضمن عملية التنويع الاقتصادي ثلاثة مراحل، هي المرحلة النفطية (|الموارد الطبيعية) التي يتم فيها الاعتماد على قطاع النفط كمصدر أساسي للاقتصاد، ثم المرحلة النفطية الضريبية المشتركة، وأخيرًا المرحلة الضريبية التي تتميز بنمو أوعية ضريبية تسمح بالانتقال من الاعتماد على الطاقة، نحو القطاعات الأخرى.

وبطبيعة الحال، الاقتصاد ينقسم إلى ثلاث قطاعات رئيسية هي القطاعات السلعية والتحويلية والخدمية وتتضمن داخلها قطاعات فرعية، وأن هيمنة قطاع ما أو قطاع فرعي ضمن هذه القطاعات، يفرض طبيعته على الاقتصاد الكلي مثل الاقتصاد الزراعي أو النفطي أو الخدمي وهكذا…

وتتجلى أضرار تلك التسمية على مستويين، الأول خارجي من خلال خلق التبعية للعالم الخارجي وظروف الأسواق الدولية، والمستوى الثاني يتجلى في تبعية القطاعات المحلية الأخرى للقطاع المهيمن، مما ينتج عنه في المحصلة نمو متذبذب وضعيف مع عدم وجود الكفاءة الإدارية، بالتالي يصبح التنويع الاقتصادي وسيلة لتحقيق المتانة الاقتصادي لتجنب عملية الانهيار الاقتصادي المحتمل في ظل الأحادية، وتصيح الاختلال في التناسب السلعي التي يترتب عليها ارتفاع تكاليف انتاج القطاعات الأخرى وضعفها أمام السلع المستوردة، ويضاف إلى ذلك اصلاح الاختلال بين القطاعات المالية والقطاعات الحقيقية لتجنب الازمات الاقتصادية، بالتالي يكون الهدف من التنويع الاقتصادي هو تحقيق نمو اقتصادي عادل يشمل مختلف القطاعات بُغية وجود نظام اقتصادي مرن قادر على التكيف مع مختلف الظروف  والنمو بشكلًا جيد[1].

وبالنسبة لدول أسيا الوسطى، يعد التنويع الاقتصادي هدفًا استراتيجيًا وأوليًا، ظهرت بوادره في أعقاب الاستقلال من الاتحاد السوفياتي، كوسيلة تساعد على الخروج من حالات الاقتصادات القطاعية التي كانت سائدة أنذاك، نحو اقتصاد متنوع في ظل نظام اقتصادي عالمي جديد، يتطلب العديد من الشروط الضرورية لتحقيقة التنمية الاقتصادية.

النظام الاقتصادي العالمي(الجديد):

من المعروف أن النظام الاقتصادي العالمي قد مر بعدة مراحل من التطور وصولًا إلى ملامحها الحالية التي لا تزال تتغير وتتطور باستمرار،  منذ اتفاقية “بريتون وودز” 1945م التي أنشئت النظام النقدي المالي –صندوق النقد الدولي- والنظام المالي الدولي ممثلًا بالبنك الدولي ثم اكتمل المضلع الثلاثي مع نشاءة  منظمة التجارة العالمية 1995، وأن النظام الجديد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والنظم الاقتصادية الاشتراكية والتقدمية، بزرت فيه هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية والنمط الغربي الرأسمالي كقاعدة عامة للاقتصاد الدولي، وهو ما برز في سلوكيات هذه المنظمات والشروط التي تقوم بفرضها مقابل تقديم القروض والاعانات، بالتالي أصبحنا أمام واقع دولي جديد يفترض أنواع وانماط معينة من التفاعل الاقتصادي في الفضاء الدولي، وأن دخول هذا الفُلك له شروط معينة لابد من اتباعها[2].

بالتالي يأتي موقع دول أسيا الوسطى ضمن هذا السياق، بأنها لم تكن بعيدة أو بمناءى عن هذا الوضع خاصة لكونها جمهوريات سابقة ضمن الاتحاد السوفياتي والظروف الاقتصادية المؤلمة التي عصفت بها عُقب الاستقلال، بالتالي لم تتوانى تلك الدول عن القيام بخطوات اصلاحية بغية التحول نحو النمط الجديد –اقتصاد السوق- من خلال برامج الخصخة والتحول التي قامت بها معظمها خاصة بفترة بمنتصف التسعينيات وإن كانت بنسب ونماذج متفاوتة.

وقد استمر الاقتصاد الدولي بالتغير بالتوازي مع الظروف الدولية والتحديات الطارئة، مرورًا بالازمة المالية العالمية 2008- أزمة الرهن العقاري-، وأزمة الديون السيادية في أوربا 2009، حيث مر الاقتصاد الدولي بفترة ركود وانكماش، ترافقت مع العديد من التطورات التي بدأت تغير شكل هذا النظام وانماط التفاعل فيه نحو تعددية قطبية اقتصادية، تأكلت فيها قوة الولايات المتحدة الأمريكية وهيمنتها بالتوازي مع أزمة المديونية العملاقة والظروف السياسية والحروب الخارجية المكلفة، ويضاف إلى ذلك بروز العديد من القوى الاقتصادية كمنافس على الساحة الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية من بينها دول البريكس وسعيها نحو إنشاء نظام مالي خاص أو أخر متنوع، ومن ذلك هو الصعود الصيني الذي ومن المتوقع أن تصبح الأولى اقتصاديًا في الفترة الحالية، كما أن هذه الظروف الاقتصادية قد نتج عنها العديد من الأزمات السياسية والاجتماعية التي أدت بالمجمل نحو الشك بكفاءة هذا النظام وآلياته بسبب الظروف التي قد نتجت عن تلك الأزمات مثل الفقر واتساع الهوة وغيرها[3].

وفي ظل هذه المستجدات خاصةً في ظل العصر المعولم، وعلى الرغم من أن هذه المجتمعات كانت بعيدة بعض الشيء عن التفاعل الخارجي وضعف الصلات البينية حتى، ولكن عملية التحول ومواكبة التطورات الدولية، فرضت على هذه الدول مجارات مقتضيات العولمة، فمن حيث التكامل الاقتصادي، قد اندمجت هذه الدول في العديد من التجارب الاقلقيمية والدولية، مثل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي مع روسيا، وكذلك طريق الحرير الصيني حيث تم عقد العديد من الاتفاقيات مع الجانب الصيني لتدفق الاستثمارات وتقديم التسهيلات لمواكبة هذا المشروع[4]، وكذلك مشروع التكامل والاندماج مع اسيا الوسطى الذي أعلن عنه الاتحاد الأوروبي 2007م[5].

وعدا التجارب الاقليمية، فإن مخرجات العولمة والعصر التقني قد وصلت إلى هذه المنطقة على مستوى النظم الاقتصادية والاجتماعية، ذلك أن الحركة التجارية والانتعاش الاقتصادي  والتنمية البشرية كان مرتبطًا وبالتوازي بالخطوات التحولية التي كانت تقوم بها هذه الدول، مثًلا في الفترة الحالية نجد التوجه الأوزبكي نحو الاقتصاد الرقمي كمؤشر نحو انفتاح ومواكبة تلك الدول لظروف النظام الاقتصادي الدولي الجديد.

وقد تفاوتت مفاهيم هذه الدول صراحةً، ذلك أن حوكمة الأداء الاقتصادي باتت ضرورة لتحقيق ذلك التحول والذي هو مطلب رئيسي يجعل من عملية الانتقال أمر يسير، على الرغم من أن العديد من هذه الدول قد أنشأت شبكات ومجالس مشتركة بين القطاعات الخاصة والحكومة الوطنية فيما يتعلق بريادة الأعمال وتسهيل الحركة الاقتصادية، ولكن لا تزال هذه الدول تعاني من بعض الجوانب السلبية خاصة فيما يتعلق بدور القانون والمساءلة  والقدرة على التحكم بالفساد، ومع ذلك فإن اتجاهات الحوكمة تظل ترتفع بإزدياد، خاصة في ظل مفهوم العالم المصغر ودور التكنولوجية والتواصل الاجتماعي الأمر الذي انعكس في زيادة الشفافية وحرية تدفق المعلومات واتاح المجال لمشاركات على نطاق واسع، انطلاقًا من أن كون الحوكمة مطلب ضروري لعملية التنمية.

آلية التحول:

تنوعت السياسات الاقتصادية التي أتبعتها هذه الدول لتحقيق التحول الاقتصادي مابين ثلاث مجموعة وأجيال قد مرت بها الدول موضوع الدراسة، وتتضمن المجموعة الأولى مجموعة من السياسات الكلية والجزئية التي تستهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي ومرونة التكيف المؤسسي ومعالجة التشوهات السعرية في بعض القطاعات والعديد من المشكلات على المستوى القومي كالبطالة، ويدخل ضمن هذه المجموعة السياسات المصرفية والشركات المملوكة للدولة  فيما يتعلق بالمعاملات والعلاقات والانظمة المالية وترشيد استخدام هذه الشركة، بينما المجموعة الثانية تدور حول عملية بناء أطر ونظم قانونية للصناعة والتمويل وبدأ مرحلة الخصخصة على النطاق المتوسط والواسع مع عملية إعادة هيكلة سوق العمل بما يتناسب مع الوضع الحالي،  ثم تأتي المرحلة الثالثة كمؤشر للانطلاقة الحقيقية بحيث تبدأ الدولة  في سعي نحو التعاون الإقليمي وتطوير سياسات لزيادة القدرة الصناعية التنافسية، فدول أسيا الوسطى تضمن العديد من الاتفاقيات فيما بينها التي تتيح التسهيلات التجارية والتعاون في مجالات الطاقة وسواها.

حيث كان الهدف الأساسي من هذا التنوع هو خلق بئية ملائمة للاستثمار الخارجي والقدرة التنافسية وكذلك معالجة الأثار السالبية التي ترتبت على حقبة مابعد السوفيات، وبالتالي شهدت هذه الدول عمليات التحول منذ منتصف التسعينيات، من خلال برامج الخصخصة واعادة الهيكلة التي قامت بطرحها والعمل على تنفيذها، وإن كان ذلك بطرق ونسب متفاوتة ولكن ذلك لاينفي أن تلك الدول بالمجمل قد تبنت التوجه نحو اقتصاديات السوق.

هيكل النظام الاقتصادي الجديد:

كما قد سلف الذكر مسبقًا، أن النظام الاقتصادي العالمي الجديد قد فرض مشروطية على عملية التحول وكذلك أن الثمار الايجابية لعملية التنمية قد اصبحت متوقفة على تحقيق هذه الشروط، والتي يفترض النظام الاقتصادي العالمي أنها سوف تحقق المرجو منها بشكل تلقائي فور اطلاقها وفي مقدمتها عملية الخصخصة ولبرلة الاقتصاد والتجارة، بالتالي فأن الحل بالنسبة لهذه الدول يكمن في تبني في هذا النموذج من خلال درجات مختلفة حيث بلغت أوجها في كازاخستان وقيرغزستان بينما أعتمدت أوزبكستان على نمط الاقتصاد الموجه –التحول التدريجي-،وكل ذلك بغية الانتقال نحو الاقتصاد المتنوع بعيدًا عن الاحادية الاقتصادي، وفي الحقيقة أن الاقتصاد المتنوع يخضع للعديد من المؤشرات التي تدل على مدى تنوع الاقتصاد من عدمه، وهل يشمل التنوع القطاعات كافةً أم قطاع بعينه، وسوف يتم تحليل تلك المؤشرات كالتالي:

تجدر الإشارة في البداية، أن حصيلة التحول الحالي والهيكلية الجديدة لايمكن نزعها من ضمن عملية التفاعل القائمة بين بيئة النظام الدولي بما يتضمن المحيط الخارجي لهذه الدول والأدوات والخطط والبرامج التي قامت بها، بالتالي أن البيئة الدولية والداخلية لهذه الدول كانت تتضمن مجموعة من العوامل التي شكلت فرصة سانحة للتحول، وفي مقدمتها ازدهار أسعار البضائع عالميًا خاصة موارد الطاقة بحكم أن هذه الدول كانت تعتمد بشكل كبير على الموارد الطبيعية التي تنتجها –نفطية وهيدروكربونية وزراعية-، وبالإضافة إلى تحسن كفاءة إدارة الاقتصاد وتدفق الاستثمارات ونمو الانتاج الصناعي والاستقرار السياسي، وغيرها من العوامل التي كانت كفيلة بتأمين بيئة مواتية للتقدم نحو اعادة الهيكلة.

المنهجية الاقتصادية (الخصخصة والحوكمة والسوق العالمية…..):

يتضمن هذا المؤشر العديد من الموضوعات التي تتناول موضوع المنهج الاقتصادي الذي تتبعه الدول حاليًا والعقلية التي تدير العملية الاقتصادية، وإلى أية درجة يتحقق ذلك ومدى كفاءة ذلك، فمن المعروف أن هذه الدول اتبعت منهج اقتصاد السوق منذ بداية إعلانها عن عملية الانتقال الاقتصادي، من تبني نصائح المؤسسات الدولية ذات الصلة –صندوق النقد الدولي والبنك الدولي- وإن كان ذلك بشكل تدريجي إلا ان تلك الاقتصادات انفتحت نحو السوق العالمية وبدأت تعمل على خلق الظروف المواتية لجذب رأس المال الأجنبي خاصة في ظل تصاعد التنافس العالمي حول هذه المنطقة بين الاقطاب الاقتصادية، بالتالي بدأت بتطبيق متطلبات اقتصادات السوق وفق طرق مختلفة وخطوط عريضة متشابهة. الجدول رقم (1)،  يقيس الأداء الاقتصادي بناءً على معايير ومقاييس اقتصاد السوق المفتوح(%) لعام 2019م

الدولة المؤشرات الاستثمارات التعاملات المالية التجارة التعرفة الجمركية الضريبة على الشركات
أوزبكستان 10 10 62.6 8.7 7.5
تركمانستان 10 10 76 2.0 8.0
طاجكستان 25.0 30.0 73.6 5.7 15
كازاخستان 50 50 80 2.5 20
أذربيجان 60 60 74.6 5.2 20
قيرغزستان 60 50 78.6 3.2 10

(المصدر: مؤسسة هيرتاجي، مؤشر الحرية الاقتصادية 2019 والأداء الاقتصادي الكلي

، متاح على: https://www.heritage.org/index/explore ،https://www.heritage.org/index/explore?view=by-variables&u=637086376562276680)

من الجدول السابق يتضح لدينا مدى أثر العامل الزمني في الأرقام التي حققتها تلك الدول، في جين تعتبر كازاخستان وقيرغزستان في مقدمة تلك الدول التي انفتحت على العالم الرأسمالي واقتصاد السوق مباشرةً في حين تأخرت باقي الدول  لظروف خاصة مثل طاجكستان أو لاتباعها مذهب تدريجي مثل أوزبكستان، ولكن بشكل عام فإن هذه الدول قد حققت أرقام جيدة على مستوى التجارة من خلال العديد من الخطوات والتسهيلات التي تقوم بها هذه الدول في سبيل تعزيز الاقتصاد الوطني، في حين أن الدول المصدرة للطاقة منذ البداية –كازاخستان وقيرغيزستان وأزربيجان- فأن عملية التحويل الكبير بالنسبة لها وتقديم التسهيلات كانت مبنية على موارد الطاقة وصادراتها منها، بالتالي اقتصاديات السوق كانت أوضح في تلك الدول من غيرها في بعض النواحي خاصةً في مجالات الاستثمار والتعاملات المالية، ولكن مع التطورات الحالية والتنافس الدولي المتزايد على المنطقة، والصعود الصيني وتعامل هذه الدول مع الصين وتعاونها معها أيضًا، قد دفع هذه الدول إلى تبني إجرات وخطوات جديد في سبيل التحرير الاقتصادي لتسهيل عملية الاستثمار خاصةً أوزبكستان التي قامت بإنشاء وزارة جديدة للاقتصاد مبنية على قواعد عصرية جديدة.

وفي الجزئية الثانية من الجدول فيما يتعلق  بالتعرفة الجمركية والضريبة على الشركات، فإننا نجد بأن هذه الدول، تحافظ على التعرفة الجمركية عند مستويات جيدة ومعقولة بشكل عام مقارنة بغيرها من الدول التي قد تتخطى ال 15%، وكذلك أن الضريبة على الشركات منخفضة في أغلب هذه الدول، بأستثناء كازاخستان وأذربيجان عند المستويات العالمية لهذه الضرائب، بالتالي تلك العملية تعمل على تشجيع مناخ الاستثمار والرأسمال الأجنبي، كإحدى متطلبات الاندماج بالسوق العالمية والانخراط في الاقتصاد المعولم، بيدا أن عملية الاندماج هذه وفقًا للأرقام الحالية تشير للتوجه التدريجي بالنسبة لهذه الدول، حيث أنها تشجع الاستثمار وتدفقات رأس المال، ولكن في محصلة هذا الجدول تقوم هذه الدول بحماية وتشجيع الصناعة الوطنية، وحماية التعاملات المالية و تضييق نطاق هروب الأرباح نحو الخارج نسبيًا، بالتالي مما يسهم في ثبات عملية التنمية والتحول.

جدول (رقم 2)، مؤشر الحوكمة العالمي، ( -2,2) لعام 2010م:

المؤشرات
الدولة التحكم في الفساد الكفاءة الحكومية الاستقرار السياسي الكفاءة التنظيمية دور القانون المساءلة
أوزبكستان -1.3 -0.7 -0.7 -1.6 -1.4 -2.1
تركمانستان -1.5 -1.6 0.3 -2 -1.5 -2
طاجكستان -1.3 -0.9 -1 -1 -1.2 -1.4
كازاخستان -1.0 -0.4 0.5 -0.3 -0.6 -1.1
أذربيجان -1.2 -0.8 -0.2 -0.4 -0.9 -1.3
قيرغزستان -1.2 -0.7 -1.0 -0.3 -1.3 -0.9

 

جدول رقم (3)، مؤشر الحوكمة العالمي,  (-2,2) لعام 2018م:

المؤشرات
الدولة التحكم في الفساد الكفاءة الحكومية الاستقرار السياسي الكفاءة التنظيمية دور القانون المساءلة
أوزبكستان -1.1 -0.5 -0.3 -1.1 -1.1 -1.6
تركمانستان -1.4 -1 0.0 -2 -1.5 -2.1
طاجكستان -1.4 -1 -0.7 -1 -1.3 -1.7
كازاخستان -0.5 0.0 0.0 0.4 -0.4 -1.2
أذربيجان -0.8 -0.1 -0.7 -0.4 -0.6 -1.5
قيرغزستان -1 -0.6 -0.6 -0.3 -0.9 -0.4

(المصدر: بيانات البنك الدولي، مؤشر الحوكمة العالمي، متاح على: https://databank.worldbank.org/reports.aspx?source=worldwide-governance-indicators )

الجدولين السابقين (2) و(3)، يتناولان الحوكمة والأداء الحكومي، كمفهوم معاصر فإن الحوكمة ذو أثر كبير على المستوى الاقتصادي، ذلك أن الدفة التي توجه الاقتصاد مرتبطة بالحوكمة، بالتالي الحوكمة الجيدة تنتهي إلى خلق وترك أثار ايجابية في العملية الاقتصادية وكذلك على مستوى التنمية الاقتصادية ومدى كفاءة أو ملائمة ذلك التقدم للوضع الحالي والمستقبلي، بالتالي نجد أن هذه الدول قد حافظت على مستويات متواضعة ومتدنية في بعض النواحي خاصة المساءلة، ولكن ذلك لاينفي وجود تحسنات وان كانت بسيطة خاصةً فيما يتعلق بمجال الاستقرار السياسي حيث يمكن القول أنها ضمن الفئة المتوسطة بناءً على هذا المؤشر.

ورغم ذلك نجد أن هذه الدول في الوقت الحالي تعمل على ادخال المزيد من الاصلاحات ضمن هذا المجال يما يعمل على تحسين كفاءة إدارة الاقتصاد، وعلى الرغم من ذلك فأن تلك الدول ق استطاعت خلق بيئة ايجابية للتنافسية الاقتصادية يمكن تطويرها في المستقبل لتحقيق نتائج افضل، من خلال مؤشر التنافسية للبنك الاوربي للتنمية واعادة الاعمار، حيث حققت كازاختسان 5.1 من 10 وهي في مقدمة تلك المجموعة وأدنى الارقام قد حققتها تركمنستان 2.8 من 10[6]، وتجدر الأشارة إلى أن هذه الأرقام والمقاييس لا تتناول عملية التحول والتنمية بمعزل عن الظروف  الحالية والتاريخية، بالتالي إذا تطرقنا للجوانب الكيفية والتفسيرية سوف نجد ما يعلل الأرقام والمستويات المتدنية في بعض النواحي ولايمكن أن ننسى أن هذه الدول لازلت قيد التطور والتحول.

التكامل الاقتصادي(التناسبية والتغذية):

بشكل عام هذه الدول تسير بخطى ثابتة نحو التقدم، فيما يتعلق بمجال التكاملية بين القطاعات الاقتصادية، وهنا لابد من المرور بهذه المرحلة كدلالة هامة على التنوع الاقتصادي وكخطوة مهمة جداً نحو التطور والنمو الاقتصادي للاندماج بالسوق العالمية، فالتكامل الاقتصادي يشير إلى مدى الترابط بين القطاعات الاقتصادي والاعتماد المتبادل فيما بينها، بما يعني عمل تلك القطاعات سويةً بشكل متوازي تقوم بتغذية بعضها البعض بحيث يكون الاعتماد متبادل ويحسر فرصة وجود قطاع مهيمن على الاقتصاد الكلي.

جدول رقم (4)، التكاملية والمرونة بين القطاعات الاقتصادية لعامي 2017-2018م، (0-10):

المؤشر التكامل الاقتصادي المرونة
الدولة 2017 2018 2017 2018
أوزبكستان 3.5 3.6 3.9 3.9
تركمانستان 4.3 4.4 3.4 3.2
طاجكستان 3.9 4 3.3 3.5
كازاخستان 5.2 5.3 6 6
أذربيجان 5.9 6 3.9 4
قيرغزستان 4.9 5.1 5.1 5.1

(المصدر: البنك الأوربي للتنمية واعادة الاعمار، متاح على: https://www.ebrd.com/what-we-do/economic-research-and-data/data/forecasts-macro-data-transition-indicators.html )

من الجدول السابق يتضح مدى التقدم التدريجي والفعلي الذي تقوم به هذه الدول، من خلال زيادة الترابط بين مختلف القطاعات الاقتصادية، وذلك يتم من خلال ضخ الاستثمارات ضمن مختلف القطاعات وجعل قطاع الطاقة كأساس لهذه العملية التنموية والتحولية، بالتالي زيادة أهمية القطاعات الأخرى ترتب عليه زيادة الاعتماد المتبادل بين مختلف القطاعات مما يجعل الاقتصاد الوطني أكثر مرونة ومتانة في التعامل مع الأزمات الداخلية والخارجية، وعلى الرغم من أن تلك النسب في المجمل متوسطة، ولكن المؤشر المستمر في الصعود يعني أن هنالك نمو حقيقي في القطاعات الأخرى غير الطاقة والهيدروكربونية، وتلك التكاملية تنصب بشكل أساسي في العلاقة ضمن النظام المالي –المعروض والطلب-، ومخرجات القطاعات الرئيسية الثلاث –خدمات وصناعة وزراعة- والاعتماد المتبادل، بالتالي مهمة عملية التكاملية والتغذية تنصب في معالجة الخلل الناتج عن اختلال هذه التوازنات.

المتغيرات الاقتصادية:

وتتضمن المتغيرات الاقتصادية مجموعة من المفاهيم والعوامل الاقتصادية التفصيلية التي تساعدنا على الفهم الصحيح لبنية الاقتصاد الوطني لمجموعة دول أسيا الوسطى، وتتضمن هذه المتغيرات كلًا من المنتجات والصادرات والاستيراد والإيرادات المختلفة، التي تمكننا على الاستدلال على مدى تنوع الاقتصاد أو من عدمه، بحيث توفر البيانات التالية تخصصات الدول من حيث الانتاج والتصنيع وكذلك مجمل إيراداتها ومصادرها.

جدول رقم(5)، تركيبة الناتج المحلي الاجمالي عام 2017، (%):

الدولة المؤشر الناتج المحلي الإجمالي نسبة النمو الصناعة الزراعة الخدمات نمو الإنتاج الصناعي
أوزبكستان 223 B 5.3 33.7 17.9 48.5 4.5
تركمانستان 103.7 B 6.5 44.9 7.5 47.7 1
طاجكستان 28.43 B 7.1 25.5 28.6 45.9 1
كازاخستان 478.6 B 4 34.1 4.7 61.2 5.8
أذربيجان 172.2 B 0.1 53.5 6.1 40.4 -3.8
قيرغزستان 23.15 B 4.6 31.2 14.6 54.2 10.9

(المصدر: CIA، متاح على: https://www.cia.gov/library/publications/resources/the-world-factbook/geos/aj.html (

فالجدول رقم (5) يشير إلى بنية قطاعات الاقتصاد من خلال إجمالي الناتج المحلي وتكوين هذا الناتج، فالأرقام تشير إلى استمرار النمو بشكل إيجابي، ولكن في ذات اللحظة تشير إلى غلبة القطاع الخدمي بأستثناء أذربيجان، ولكن هذا التفوق غير مطلق حيث يقابله نمو متزايد للقطاعات الصناعية بحيث تصبح النسب متقاربة، بينما يحل القطاع الزراعي في المرتبة الثالثة في معظم هذه الدول بأستثناء طاجيكستان، بالتالي يمكن القول أن الهيكل الاقتصادي يقترب مع مرور الوقت ليصبح في حالة شبه توازن بين القطاعين الخدمي والصناعي، مع تراجع شديد للقطاع الزراعي كما يظهر في الجدول أعلاه، وتجدر الإشارة أن غلبة القطاع الخدمي كنتيجة طبيعية للنمو في قطاعات فرعية مثل السياحة والنقل والفنادق وغيرها، بيدا أن هذه الدول تقوم بوضع تركيز كبير على تنمية القطاع الصناعي كما هو موضح في الجزء الأخير من هذا الجدول.

ولكن لنصبح أمام صورة أوضح، تفسر هذا النمو الكبير في القطاع الصناعي على نحو كبير، لابد أن ندخل ضمن نطاق تكوين هذا القطاع ومخرجاته، وهذا ما يوضحه الجدول التالي رقم (6)، الذي يتضمن المنتجات التي تقوم هذه الدول بتصنيعها ومدى تطور هذه الصناعة وتنوعها.

جدول رقم(6)، المنتجات الزراعية والصناعية، وإجمالي صادرات الوقود والمشتقات البترولية من السلع لعام 2017، (%):

الدولة البيانات المنتجات الزراعية المنتجات الصناعية صادرات الوقود والبترول من إجمالي صادرات السلع
أوزبكستان القطن، الخضروات، الفواكه، الحبوب والماشية المنسوجات، الأغذية، بناء الآلات، المعادن، التعدين، استخراجات هيدروكربونية، المواد الكيميائية 8.26
تركمانستان قطن، الحبوب، ماشية الغاز الطبيعي، النفط، المنتجات البترولية، المنسوجات، تجهيز الأغذية 90.3
طاجكستان القطن، الحبوب، والفواكه، الخضروات، الماشية الآلومنيوم، الأنتيمون، النسيج، الزيوت النباتية. N
كازاخستان الحبوب، والخضروات والماشية النفط، والفحم الخام وخام الحديد والمنغنيز والكروميت والرصاص والزنك والنحاس والتيتانيوم والبوكسيت والذهب والفضة والفوسفات والكبريت واليورانيوم والحديد والصلب، والآلات والجرارات الزراعية والمحركات الكهربائية ومواد البناء 63.44
أذربيجان الخضروات، الفواكه، الحبوب، الأرز، التبغ والشاي والقطن، والماشية البترول والمشتقات البترولية، الغاز الطبيعي، معدات حقول النفط، الصلب وخام الحديد، الكيمياويات والبتروكيماويات، الغزل والنسيج 91.12
قيرغزستان القطن،والخضروات والفواكه، والماشية والصوف الآلات الصغيرة، الأغذية، الأسمنت، الخشب، الثلاجات، الأثاث، المحركات الكهربائية، الذهب، المعادن النادرة 8.27

(المصدر: The Observatory of Economic Complexity ، متاح على: https://oec.world/ )

من الجدول السابق يتضح لدينا حقيقتين، الأولى تتعلق بنوعية المنتجات الصناعية والثانية تتعلق بصادرات هذه الدول، حيث يتبين أن معظم منتجات القطاعات الصماعية في هذه الدول تتركز في مجال الموارد الطبيعية والاستخراجية، خاصة الغاز والمشتقات البترولية والبتروكيمياوت والهيدروكربونية والمعادن المتنوعة وغيرها، ويضاف إلى ذلك الألات الزراعية والمحركات الكهربائية وبعض الآليات الأخرى، وفيما يتعلق بجزئية الصادرات، فأنه أيضًا يغلب عليه ذات الطابع، حيث تتصدر المنتجات البترولية والغاز والموارد الاستخراجية والطبيعية مقدمة صادرات هذه الدول، فمثلاً أوزبكستان على الذهب في صادراتها بنسبة 43.8 بينما تعتمد طاجيكستان على الآلومنيوم، بالتالي تتصدر الموارد الطبيعية أولويات الصناعة والتجارة لدى هذه الدول، التي تعتمد عليها كمحرك أساسي لتنمية القطاعات والصناعات الأخرى.

جدول رقم (7)، الإيردات لعام 2017 من الناتج المحلي الاجمالي، (%):

الدولة الإيرادات إيرادات ضريبية إيرادات الموارد النفطية إيردات المواردالطبيعية
أوزبكستان 10.55 0.86 14.69
تركمانستان 25.56 5.02 17.42
طاجيكستان 31.8 0.06 5.69
كازاخستان 14.9 10.19 16.19
أذربيجان 16.21 17.87 21.02
قيرغزستان 17.55 0.10 8.45

 

وحقيقة أن نمو الأوعية الضريبية كما هو موضح في الجدول رقم (7)، يقابله تراجع في الاعتماد على إيرادات الموارد الطبيعية والصناعات التقليدي، مقابل النمو في الاستثمارات والشركات والصناعات التي تقوم بتوفير أوعية ضريبية التي من الممكن الاعتماد عليها كمصدر للدخل والاقتصاد عوضًا عن تلك الموارد وخاصةً النفط وتقلباتها السعرية وظروفها التي تخضع لمقتضيات السوق العالمية المتذبذبة الخاصة بتلك الموارد.

ولكن بشكل عام، من الجداول الثلاث السابقة، يظهر نمو القطاع الصناعي بشكلًا ثابت في غالب هذه الدول، بينما أهمية القطاع النفطي و الموارد الطبيعية لم تتراجع إلى الحد الكبير الذي يمكننا أن نقول عنه مصدر ثانوي للاقتصاد الوطني الخاص بكل دولة، حيث انه جزء كبير من الصناعة قائمة على وجود هذه الموارد كما أنها تشكل رأسمال عملية التصدير، بالتالي لايزال هذا القطاع يحفتظ بأهميته، خاصةً ان هذه الدول تقوم بتوظيفه بغرض التنمية ضمن القطاعات الأخرى، ولا يمكن النكران أو الحكم القطعي في هذا الصدد، حيث ظهرت العديد من الصناعات الثقيلة مؤخرًا مثل الآلات والمعدات ولوازم الصناعة وغيرها وتوجه هذه الدول نحو مفهوم تكنولوجيا المعلومات وفق الخطط التنموية المستدامة.

الخاتمة –الخلاصة-،

من خلال ما سبق، يتضح لدينا أن خصائص نظام اقتصاد السوق، أو خاصةً الاقتصاد المتنوع، لا تظهر في مجال أو مستوى معين فقط دون سواه، ذلك ان عملية الانتقال تتطلب العديد من التعديلات والتغيرات في مجالات ومستويات مختلفة للوصول نحو التكاملية التي هي حجر أساس التنوع الاقتصادي، ويظهر أن مجموعة أسيا الوسطى بدأت تظهر لديها خصائص ذلك النظم على المستوى المالي خاصةً فيما يتعلق بالتجارة ومحاولات تشجيع الاستثمار، وعلى الرغم من أن التكاملية في مستويات متوسطة ولكنها مستمرة بالنمو في ظل التخطيط المتكامل للاقتصاد على المستوى الكلي والنمو في القطاعات المختلفة، ولكن تظل الخطوة الأخيرة هي المزيد من تشجيع الصناعات والقطاعات الصناعية المختلفة، وهو هدف استراتيجي تقوم به هذه الدول من خلال تحويل وفرات القطاعات المهيمنة نحو تنمية وتطوير القطاعات الأخرى، بالتالي هيكل اقتصادات هذه الدول أصبح قابًلا للتنوع وبشراهة خلال الفترة الأخيرة في ظل التطورات الدولية والتدخل الصيني في المنطقة من خلال ما يعرف بمشروع “طريق الحرير” أو “الحزام والطريق”.

ولكن في حقيقة الأمر، ليس هنالك تنوع مطلق او ما هو رأسمالي مطلق أو شيوعي مطلق أياً كان المسمى، ذلك أن تلك العملية وخاصةً على مستوى التنفيذ ضمن القطاعات الصناعية تحتاج إلى وقت طويل وتخطيط شامل ومتكامل ومتوازي أيضًا، بالتالي عملية التحول وبوتيرة متسارعة يمكن أن يكون له أثار سلبية كبيرة على المدى الزمني.

ربما النموذج الاجتماعي من اقتصاد السوق المفتوح هو الأقرب والأكثر إنتشارًا في ظل التحولات الأخيرة التي طرأت على النظام الاقتصادي العالمي، وحول اقتصادات هذه الدول التي تبنت نمط اقتصاد السوق بمدى ومنهجية مختلفة من دولة لأخرى، يظهر أنها استطاعت أن تبني خبرة جيدة في هذا المجال، بيدا أن موضوع الحوكمة والأداء الحكومي لايزال بحاجة إلى العديد من التحسينات والتعديلات وكذلك الاصلاحات، حتى يمكن توظيف الموارد بشكًلا أمثل وتخطيط عملية التنمية بشكل متكامل ودقيق، بما يتماشى مع سعي هذه الدول نحو استغلال الفرص المحيط والموارد المتاحة لتحقيق عملية التحول.

[1] حامد عبد الحسين الجبوري، “دور التنويع الاقتصادي في متانة النمو الاقتصادي”، مركز الفرات، 2018م، متاح على:

http://fcdrs.com/economical/1017

[2] حبيب محمود،” مراحل تطور النظام الاقتصادي العالمي الجديد”، المرجع الالكتروني للمعلوماتية، 2019م، متاح على: http://almerja.com/reading.php?idm=109304

[3] He Fan & Ye Qianlin,” World Economic Order: Present and Future”CSIS, 2017, Available: onhttps://www.csis.org/world-economic-order-present-and-future:

[4]

Balihar Sanghera and Elmira Satybaldieva,” Global capitalism in Central Asia and competing economic imaginaries”, Open Democracy, 2018,  Available on: https://www.opendemocracy.net/en/odr/global-capitalism-in-central-asia/

[5] Richard Pomfret,” Central Asia and the Global Economic Crisis “EUCAM, 2009, Available onhttp://aei.pitt.edu/11481/1/1880.pdf :

[6] Assessment of transition qualities 2018, EBRD, Available on: https://www.ebrd.com/what-we-do/economic-research-and-data/data/forecasts-macro-data-transition-indicators.html

 

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=64897

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M