العلاقة بين الشكر والهداية في رحاب ابراهيم (ع)

بهاء النجار

تحدثنا الآية 121 من سورة النحل عن علاقة الشكر بالهداية التي علمنا اياها خليل الرحمن ابراهيم عليه السلام، فبعد أن اوضحت الآية السابقة لها ان ابراهيم كان امة قانتا لله، وكذلك كان حنيفا ولم يكن ايضاً من المشركين، ادخلتنا في الصفة الاخيرة التي كان يتمتع بها الخليل وهي الشكر، فكانت نتيجة لهذه المواصفات الاخلاقية العالية ان اجتباه ربه وهداه الى صراط مستقيم.
ولو اخذنا صفة الشكر لوحدها ودرسناها ودرسنا علاقتها بالهداية لاستفدنا فائدة كبيرة، فقد تناولت سورة النحل في اية سابقة وهي الآية 107 علاقة الهداية بالكفر، ونحن نعلم ان الكفر له درجات ومراتب، ومن درجاته الكفر بالنعمة، وبالتالي فإن الهداية الإلهية تتناسب مع درجة الكفر عكسيا.
فقد بينت الآية 107 ان (الله لا يهدي القوم الكافرين)، فحتى يضمن المؤمن الهداية الالهية عليه ان لا يكون من الكافرين، واذا اخذنا معنى الكفر هنا هو الكفر بالنعمة فعلى ان لا يكون من الكافرين الجاحدين بنعمة الله، بل عليه ان يكون شاكراً لأنعم الله أسوة بإبراهيم الخليل عليه السلام.
وان لا يقتصر شكره على النعم الفردية بل عليه شكر ربه على النعم الاجتماعية مثل الأمن والاستقرار الرفاه وغيرها، وعليه كذلك ان لا يحجم شكره بالنعم المادية فعليه ان يشمل شكره النعم المعنوية مثل الصلاة وحب اهل البيت عليهم السلام والجنة والرحمة وووو.
وان لا يعتبر الشكر شكلاً واحداً مثل الشكر اللساني والقلبي او الجوارحي كالصلاة او الصوم او الصدقة، بل ينبغي ان يتعداه ليجسد الشكر عملياً، فمن يتنعم بنعمة العلم لا يكفي ان يشكر الله بلسانه او بصلاة ركعتين او صيام مجموعة ايام او غيرها من طرق التعبير عن الشكر، وإن كانت مطلوبة ومأجور عليها لكنه سوف لن يحصل على الهداية المناسبة كما حصل ابراهيم عليه السلام عليها، بل عليه ان يجهد نفسه جهدا مضاعفا لنشر هذا العلم شكراً منه للمنعم.
ولا يكفي ان يكون شكر صاحب الجاه او صاحب المال او صاحب الصحة او صاحب الخلق الكبير ببعض الحركات اللسانية او البدنية، بل لا بد من استثمار تلك الميزات لخدمة الدين واهله واقامة حكم الله كي يستفيد اصحاب تلك الميزات من هداية الهية مجزية.

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M