تداعيات الانسحاب الأميركي من سورية على أطراف الصراع: (في ميزان الربح والخسارة)

اعداد : منصور أبو كريم – باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية

 

مقدمة:

تتسم قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتناقض حيال عدد من الملفات الداخلية والخارجية، من أهمها الملف السوري، ومن بين أبرز تلك التناقضات تعزيزه جهود بلاده العسكرية في ذلك البلد رغم مطالبته النأي بالنفس عما يحدث هناك حين كان مرشحا للرئاسة، ثم طالب أكثر من مرة بسحب القوات الأميركية من سورية، كما يؤخذ عليه مطالبته إخراج القوات الإيرانية من سورية وتخليها عن الفصائل المقاتلة جنوب سورية وإيقاف الدعم العسكري لها، وكذلك فعل مع المقاتلين الأكراد. لذلك أدى قراره بسحب القوات الأميركية من سورية عاصفة من ردود الفعل المتباينة بين المؤيد والمعارض والمنتقد، سواء داخل الولايات المتحدة الأميركية أو خارجها، خاصة في ظل دخول الأزمة السورية مرحلة التسويات، ما قد يؤدي إلى تداعيات كبيرة على مسار الأحداث السياسية والعسكرية وعلى أطراف الصراع داخل وخارج سورية.

أثارت تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الأخيرة حول الانسحاب القريب لقوات بلاده من سورية، عددًا من التساؤلات حول ما سيحصل إن نفذ هذا الأمر بالفعل ومن سيتكبد أكبر خسارة جراء ذلك القرار، باعتبار أن الانسحاب سيصب في صالح عدد من أطراف الصراع، سيكون في غير صالح أطراف أخرى.

مشكلة الدراسة

جاء قرار الرئيس ترامب بسحب قواته من سورية مفاجئ ليس فقط لحلفاء أمريكا أو خصومها بل جاء مفاجئ لوزارة الخارجية والدفاع الأميركية التي اعترضت على القرار، ما أدى بوزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس لتقديم استقالته اعتراضاً على القرار الذي جاء عكس الاستراتيجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط.

قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من سورية فتح الباب أمام كافة الاحتمالات، فالقرار وقع كالصاعقة على أطراف كثيرة وترك تداعيات كبيرة على الصراع داخل سورية وخارجها. وتكمن مشكلة هذه الدراسة في التداعيات السياسية والعسكرية والاستراتيجية التي يمكن أن تترتب على قرار الرئيس ترامب سحب قواته من سورية، لأن هذا القرار جاء لصالح أطراف كثيرة وتضرر منه أطراف أخرى. وتحاول هذه الدراسة الإجابة على تساؤل رئيسي هو:

  • ما تداعيات الانسحاب الأميركي من سورية على أطراف الصراع داخل وخارج سورية؟

ويتفرع من هذا التساؤل عدة تساؤلا فرعية، هي كتالي:

  1. ما أهداف ومبررات قرار الرئيس ترامب سحب القوات الأميركية من سورية؟
  2. ما تداعياته القرار على الداخل الأميركي وعلى الصراع في سورية؟
  3. ما تأثير القرار على البيئة الإقليمية ودول جوار سورية؟

ثالثاً: فرضية الدراسة

سحب القوات الأمريكية من سورية بشكل مفاجئ سوف يؤثر على جهود مكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، وسوف يفتح الباب أمام مزيد من الصراع بين الأكراد وتركيا من جانب والنظام النظام السورية والحكومة التركية من جانب آخر.

رابعاً: أهداف الدراسة

تحاول الدراسة تحقيق مجموعة من الأهداف، منها:

    • معرفة أهداف ومبررات القرار الأميركي بالانسحاب من سورية.
    • توضيح التداعيات السياسية للقرار على الداخل الأميركي.
    • الكشف عن الرابحون والخاسرون من القرار داخل وجارج سورية.
    • توضح القلق الإسرائيلي من قرار ترامب الانسحاب من سورية.

خامساً: أهمية الدراسة

تنبع أهمية هذه الدراسة كونها:

  • تناقش تداعيات الانسحاب الأميركي من سورية على أطراف الصراع الرئيسة.
  • تعطي صورة واضحة عن الطريقة التي يتم فيها اتخاذ القرار داخل إدارة ترامب.
  • تساعد والطلاب الباحثين والمهتمين بقضايا الصراع في سورية.

 

سادساً: منهجية الدراسة

  • المنهج الوصفي التحليلي: وهو أسلوب من أساليب التحليل المركز على معلومات كافية ودقيقة وموضوعية عن ظاهرة أو موضوع محدد، أو فترة أو فترات زمنية معلومة، وذلك من اجل الحصول على نتائج علمية، ثم تفسيرها بطريقة موضوعية بما ينسجم مع المعطيات الفعلية للظاهرة. وسوف تستخدم الدراسة هذا المنهج لوصف وتحليل تداعيات قرار الرئيس ترامب سحب قواته من سورية على الداخل الأميركي وعلى الصراع داخل وخارج سورية.
  • منهج صنع القرار

تنصب اهتمامات مدخل صنع القرار على دراسة أحد أهم وأبرز جوانب العملية السياسية ألا وهو الجانب الذي يتعلق بدراسة القرار السياسي والمتغيرات المؤثرة فيه، وتعد عملية صنع واتخاذ القرار وظيفة تعرفها كل النظم السياسية البسيطة والمركبة، التقليدية والحديثة، الديمقراطية وغير الديمقراطية، حيث ترجع الجذور الحديثة لهذا المنهج الى جملة الدراسات الوضعية التي انصرفت الى شرح الظروف التاريخية السابقة على قرار معين والمحيطة به، وكذلك تعود الى التحليلات الاقتصادية، والنفسية، والادارية والسياسية التي اهتمت الى بيان نوعية المتغيرات المؤثرة في عمليات اتخاذ القرار. حيث يأخذ بعين الاعتبار العوامل المؤثرة في صنع القرار، وعناصر ودوافع صنع القرار. سيتم توظيف هذا المدخل للمساعدة على فهم ظروف اتخاذ قرار الانسحاب من سورية، ورده الفعل السياسية داخل إدارة ترامب على القرار.

المحور الأول دوافع القرار وتداعياته على الداخل الأميركي

ترك قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تداعيات كبيرة على الداخل الأمريكي، فالقرار جاء تعبير عن النزعة الفردية التي باتت تحكم سلوك ترامب في صنع السياسات الأمريكية على المستوى الداخلي والخارجي، بعد عامين فقط على توليه مقاليد الحكم في ظل حدوث تغيرات بنيوية كبيرة داخل إدارته شملت العديد من المناصب العليا، التي لم يتبقى منها سوى نائب الرئيس والأخرى تم استبدالها أكثر من مرة.

أولاً: قرار الانسحاب من سورية والعودة عنه

الوجود العسكري الأميركي في سورية ليس بالعدد الكبير، فهو ما بين2 الاف و3 ألاف جندي في سورية، معظمهم من القوات الخاصة ويتولون تدريب القوات الكردية، ومحاربة التنظيمات الإرهابية عبر عمليات نوعية. وهم يتركزون في منطقتين: في شمال شرق الدولة، في الجيب الكردي؛ وفي الجنوب الشرقي، في منطقة التف، معبر الحدود مع العراق وعلى مسافة غير بعيدة من الحدود مع الاردن واسرائيل. لكنه كان يمثل ضمانة لأطراف كثيرة، كانت ترى فيه ضرورة للحد من التمدد الروسي والإيراني في سورية، وهو جاء في سياق الاستراتيجية الأميركية التي أعلنت عنها إدارة أوباما لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية(داعش) في العراق وسورية، عقب تمدد التنظيم بشكل كبير عقب الانسحاب الأميركي من العراق.

بدأت القوات الأميركية عملياتها البرية في سورية أواخر العام 2015، حيث وصل عدد من عناصر الوحدات الخاصة إلى مناطق في شرق وشمال البلاد، لتشكيل تحالف مع ميليشيات محلية وفصائل معارضة للنظام، ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”. ازداد عدد القوات الأميركية بشكل تدريجي في سورية اعتبارا من 2016 ليصل تعدادها رسميا إلى 2000 جندي يتمركزون في قواعد عسكرية بمناطق شرق وشمال البلاد حسب ما كشفت عنه صحيفة نيويورك تايمز. ونقلت صحيفة العربي الجديد عن مصادر في المعارضة السورية أن أبرز هذه القواعد هو مطار الرميلان بمحافظة الحسكة في شمال شرق سورية قرب الحدود مع تركيا والعراق. المطار موجود في منطقة تضم عددا من الآبار النفطية، تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية (تجمع قوات عربية وكردية) التي تشكل أحد أهم عناصر التحالف العسكري الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”. وإلى جانب هذا المطار تنتشر القوات الأميركية في خمس مواقع رئيسة أخرى في هذه المنطقة الغنية بالنفط، والواقعة في محيط نهري دجلة والفرات. بينها قاعدة الشدادي الواقعة بين محافظتي الرقة ودير الزور، وقرب نهر الخابور، ما يكسبها أهمية استراتيجية خاصة، عدا عن قربها من الحدود السورية العراقية، ما يمنحها القدرة على قطع خطوط إمداد التنظيم بين الطرفين. وتضم هذه القاعدة مهبطا للطائرات المروحية ومعسكرا للتدريب ([1]).

أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يوم الأربعاء 19 ديسمبر/ كانون الأول 2018م، عزمه سحب القوات الأميركية من سورية، في خطوة بدت مفاجئة للعديد من المراقبين. وقال ترامب إن القوات الأميركية نجحت في هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية”، ولم تعد هناك حاجة لبقائها هناك، فهو يؤمن بنظرية الركوب بالمجان، لا يريد تحمل تكلفة القوات الأميركية التي تحارب تنظيم داعش في حين تستفيد روسيا وإيران من هذا الأمر، لذلك فضل الانسحاب لتحمل الأطراف الأخرى تكاليف محاربة داعش.

وفي نفس اليوم نشرت كل من صحيفتي “واشنطن بوست” و “وول ستريت جورنال” أن ترامب أمر بـانسحاب سريع” للقوات من سورية. وذكرت جورنال أن “الولايات المتحدة بدأت على الفور في نقل عدد قليل من جنودها من سورية، وستقوم بسحب 2000 جندي بأسرع وقت ممكن، خلال الأسابيع القليلة المقبلة”. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز: “تلك الانتصارات على داعش في سورية لا تشير إلى نهاية التحالف العالمي أو حملته. بدأنا إعادة القوات الأميركية إلى الوطن مع انتقالنا إلى المرحلة التالية من هذه الحملة”([2]).

لكن ترامب عاد وتراجع قليلاً عن قراره بسحب قواته فورًا من سورية عقب العاصفة التي اندلعت في واشنطن نتيجة قراره المفاجئ بسحب القوات الأميركية، وأوضح ترامب: “لم أقل أبدا سريعا أو بطيئا… قال أحدهم لأربعة أشهر، لكنني لم أقل ذلك أيضا”، بحسب شبكة “CNN” الأميركية. وأضاف: “نحن نخرج من سورية. انظر، نحن لا نريد سورية”، ليستكمل بعدها بالحديث عن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قائلا عنه: “لقد تخلى عن سورية قبل سنوات عندما لم ينتهك الخط الأحمر” وبدا في الأيام القليلة الماضية أن ترامب يتراجع عن الانسحاب السريع للقوات وأكد أن العملية ستكون بطيئة. كما أبلغ السناتور الجمهوري البارز ليندزي غراهام الصحفيين بعد لقاء مع ترامب بأن الأخير ملتزم بضمان عدم اشتباك تركيا مع قوات “وحدات حماية الشعب” الكردية عقب انسحاب القوات الأميركية من سورية ([3]). وتأتي هذه التصريحات بعد خبر نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، أكدت فيه نقلا عن مصادر انسحاب القوات الأميركية في موعد أقصاه أربعة أشهر، قبل أن يعلن دونالد ترامب، أن “الخروج من سورية أمر محتوم، يجب أن يتم بذكاء، ودون تحديد مدة زمنية له” أن موقف ترامب “غير متبلور”، إذ أكد ضرورة الدعم الأميركي للمسلحين الأكراد ومحاربة فلول “داعش”، دون أن يوضح إمكانية حدوث ذلك مع تمسكه بالانسحاب، ما يجعل تصريحه الأخير وكأنه يتراجع عن موقفه السابق، وربما يرجع ذلك إلى الانتقادات التي طالت القرار الأميركي بالانسحاب من سورية، وفقا لمراقبين([4]).

مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون أكد إن انسحاب قوات بلاده من سورية يخضع لشروط، وفي ذلك إشارة إلى أن الولايات المتحدة قررت التدرج في الانسحاب. وأضاف بولتون، خلال زيارة إلى إسرائيل وتركيا، إنه يسعى للحصول على ضمانات تركية على أن يكون الأكراد شمالي سورية في مأمن، وأن تندحر بقايا تنظيم الدولة الإسلامية هناك. وقد تعرض الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى انتقادات شديدة بسبب قرار سحب قوات بلاده من سورية. وقال ترامب، في منتصف ديسمبر/ كانون الأول، عن القوات الأميركية في سورية: “سيعودون جميعا، وسيعودون فورا”، معلنا “هزيمة” تنظيم الدولة الإسلامية في سورية. وبحسب مسؤول أمريكي، فإن القوات الأميركية أعطيت مهلة 30 يوما للخروج من سورية ([5]).

يتناقض قرار ترامب مع ما قاله كبار مسؤولي الأمن القومي الأمريكي الآخرين للعالم منذ أشهر إذ قال في أغسطس 2018م وزير الدفاع الأميركي المستقيل جيمس ماتيس “إن القوات الأميركية ستبقى حتى يتم إحراز تقدم على المسار السياسي”. وقال أيضاً مستشار الأمن القومي جون بولتون في سبتمبر: “لن نغادر طالما أن القوات الإيرانية خارج الحدود الإيرانية والتي تشمل وكلاء ومليشيات إيرانية”. وقال وزير الخارجية مايك بومبيو في خطاب له في أكتوبر / تشرين الأول إن هدف هزيمة الدولة الإسلامية “انضم إليه الآن هدفان متعاضدان آخران: حل سلمي للصراع و” إزالة جميع القوات المدعومة من إيران وإيران من سورية ” سوف ينظر التاريخ إلى ذلك باعتباره أحد أكثر الخطوات الاستراتيجية غباءًا قبل التفاوض”. “من أجل الحصول على نتيجة دبلوماسية ناجحة، يجب أن يكون لديك خيار عسكري ووجود عسكري”([6]).

الإعلان المفاجئ عن القرار والعودة عنه أو في أحسن الأحوال تأخير تنفيذه بصورة متدرجة وضع إدارة ترامب في موقف محرج، فالإعلان عن القرار عبر “تغريدة” لترامب أثار جدل كبير داخل الولايات المتحدة الأميركية وخارجها حول آليه اتخاذ القرار والإعلان عنه في إدارة تبدو مختلفة في كل شيء عن الإدارات الأميركية السابقة.

ثانياً: أسباب القرار وتداعياته على الداخل الأميركي

ترك قرار ترامب المفاجئ سحب قواته الخاصة من سورية تداعيات مثيرة على المشهد السياسي الأميركي، كان أقلها تقديم وزير الدفاع استقالته، وظهور ارباك في السياسية الخارجية الأميريكية، ففي الوقت الذي يحاول ترامب الضغط فيه على إيران لوقف تمددها في المنطقة يعلن بشكل مفاجئ سحب قواته من أهم مناطق الصراع في المنطقة.

كان ضغط “الحزب الديمقراطي” على الإدارة الحالية، بهدف الحصول على إيضاحات حول الاستراتيجية العسكرية الأميركية في سورية قد يكون أحد أسباب القرار، فقبل صدور نتائج الانتخابات النصفية والتي أدت إلى فوز الأكثرية الديمقراطية بمجلس النواب. قال الرئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب إن “الإشراف على العمليات العسكرية الحساسة” سيكون أولوية قصوى”. وخلال جلسة استماع أمام اللجنة، انعقدت في تشرين الأول 2018، وجه النائب الديمقراطي (سيث مولتون) انتقادات لمساعد وزير الدفاع (روبرت كارم)، حول التصريحات التي أدلى بها (جون بولتون) بشأن إيران، وقال مستشار الأمن القومي إن عودة الجنود من سورية ستتم بعد مغادرة إيران. النائب الديمقراطي (جيمي بانيتا) قال في حديثه لمجلة “أتلانتيك” “إن قرار توسيع المهمة العسكرية الأميركية في سورية إلى ما بعد هزيمة الدولة الإسلامية هو خارج نطاق القانون” وأضاف قائلاً “لم يأذن الكونغرس باستخدام القوة ضد إيران”([7]).

أشار تقرير لمجلة “أتلانتيك” إلى مستقبل القوات الأميركية في سورية بعد ما ستتمكن من هزيمة “تنظيم داعش”، لاسيما مع سيطرة “الحزب الديمقراطي”، المعارض للتواجد العسكري الأميركي في سورية، على أغلبية مجلس النواب الأميركي، خلال الانتخابات النصفية، مما يعرض خطة إدارة (دونالد ترامب) لضغوطات كبيرة بهدف تقديم استراتيجية أفضل لمحاربة إيران. ويرى التقرير، وجود أسباب يمكن أن تطرح لاستمرار التواجد الأميركي. حيث من الممكن أن يؤدي الإيفاء بالوعود العسكرية، إلى دفع عناصر “قسد” إلى محاربة نظام (الأسد) وقد يشجع المملكة العربية السعودية على تقديم دعم مالي للمناطق المتضررة من سيطرة “داعش” ومساعدتها على الاستقرار. كما يعتقد العديد من المسؤولين الأميركيين أن نشر القوات الأميركية سيزيد من قوة الولايات المتحدة على طاولة المفاوضات التي تهدف إلى التوصل إلى تسوية سياسية في سورية ([8]).

صحيفة “واشنطن بوست” نشرت مقالا تحليليا لمراسلتها كارين دي يونغ، تعلق فيه على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب القوات الأميركية من سورية، مشيرة إلى أنه أدهش المستشارين والحلفاء. وتبدأ الكاتبة مقالها، ” بالإشارة إلى ما قاله الرئيس في نيسان/ أبريل 2018م: “أريد عودة الجنود، أريد عودتهم سريعا”، إلا أنه تم إقناع الرئيس في أيلول/ سبتمبر بتغيير موقفه، ووافق على بقاء حوالي 2000 جندي في سورية لأجل غير محدد، وليس حتى هزيمة تنظيم الدولة، بل حتى التأكد من خروج القوات الإيرانية التي تدعم بشار الأسد. وتشير دي يونغ إلى أن ترامب جعل الرؤوس تدور داخل حكومته والعالم في يوم الأربعاء عندما ناقض نفسه، لافتة إلى أنه اتخذ قراره يوم الثلاثاء في اجتماع عقده مع كبار مستشاريه، وبحضور وزيري الخارجية والدفاع، اللذين لم يوافقا على القرار ([9]).

كما هو الحال مع معظم قرارات سياسة ترامب، هناك الكثير من الارتباك وسوء الفهم، والتفاصيل لا تزال غير واضحة. لكن لا شك في أن جيمس جيفري، الممثل الأميركي الخاص لمشاركة سورية، أعلن منذ أيام قليلة عن استراتيجية متعارضة تماما لقرار ترامب بسحب القوات! وفي عرض قدمه في المجلس الأطلسي في واشنطن، قال جيفري إن الولايات المتحدة ستبقى في سورية إلى أن يتم تحقيق ثلاثة أهداف: ضمان الهزيمة الدائمة للدولة الإسلامية، وتقليص النفوذ الإيراني وتحقيق حل سياسي للأزمة. “الاستراتيجية هي استخدام هذه الروافع المختلفة، رافعة كل هذه القوات العسكرية التي تدور، حقيقة أن الكثير من الأراضي والعديد من الموارد الأكثر قيمة مثل النفط والغاز ليست في أيدي النظام”، وقال جيفري إن منع نظام الأسد وروسيا وإيران من تحقيق نصر كامل بشروطهما ([10]).

المديرة التنفيذية لمركز الأمن الأميركي الجديد، والمساعدة السابقة لوزير الخارجية لشؤون أوروبا ويوروشيا فيكتوريا نولاند، علقت على قرار الرئيس دونالد ترامب سحب القوات الأميركية من سورية. بالقول إن “هذا القرار منح رئيس النظام السوري بشار الأسد وتنظيم الدولة والكرملين وطهران هدية عام جديد لا تقدر بثمن، فضمن هذا القرار تخريب الإنجازات العسكرية هناك كلها، والقضاء على أوراق النفوذ والقوة التي ربما كانت في يد وزير الخارجية مايك بومبيو والمبعوث الخاص إلى سورية جيمس جيفري لتحقيق تسوية سياسية في سورية، تسوية تخدم أهداف الإدارة الأميركية، وتحد من عودة تنظيم الدولة، وتقلل تأثير إيران”([11]).

ترامب وقع في المصيدة ذاتها التي وقع بها الرئيس باراك أوباما عندما انسحب من العراق عام 2011، لذلك فأن قرار ترامب يعني تدهور الأوضاع الأمنية مع عودة تنظيم الدولة، واستقواء إيران، وهو ما سيدفع أمريكا للعودة إلى سورية لكن بكلفة عسكرية أكبر، وفي ظروف أخطر مما لو بقيت القوات في سورية”. وتؤكد “ويوروشيا فيكتوريا نولاند” المديرة التنفيذية لمركز الأمن الأميركي الجديد أن “كل شيء في هذا القرار الزئبقي من الرئيس يهدد مصالح الأمن القومي كما يفهمها ترامب؛ لأن تنظيم الدولة لم يهزم، فقبل ستة أشهر قدرت البنتاغون عدد المقاتلين له في سورية والعراق بما بين 20 ألف مقاتل إلى 30 ألفا، فالتنظيم وإن خسر مواقعه وأراضيه إلا أن المقاتلين يختبئون في المناطق البعيدة عن السلطة المركزية في الشرق وفي أحياء إدلب، وعندما تخرج القوات الأميركية سيقوم التنظيم باتخاذ ثلاث خطوات: إعلان النصر على القوات الأميركية الكافرة، وشحن بطارية التجنيد في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وضخ مقاتلين جدد إلى شرق سورية، وسيخرج من مخابئه لاستعادة مناطق شرق سورية من قوات سورية الديمقراطية التي دعمتها الولايات المتحدة”([12]).

صحيفة نيويورك تايمز قالت إن استقالة وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس الذي خضعت خبرته واستقراره على نطاق واسع لتوازن رئيس لا يمكن التكهن بتصرفاته، جاءت احتجاجاً على قرار الرئيس ترامب بسحب القوات الأميركية من سورية ورفضه التحالفات الدولية. وكان ماتيس قد قال مراراً وتكراراً لأصدقائه ومساعديه خلال الأشهر الأخيرة، إنه ينظر إلى مسؤوليته عن حماية قوات الولايات المتحدة التي يبلغ قوامها 1.3 مليون جندي، والتي تستحق التنازلات اللازمة بصفته وزير دفاع لرئيس زئبقي. وقال مسؤولون إن السيد ماتيس ذهب إلى البيت الأبيض بكتاب الاستقالة التي كتبت بالفعل، ولكنه رغم ذلك قام بمحاولة أخيرة لإقناع الرئيس بالتراجع عن قراره بشأن سورية، وهو ما أعلنه ترامب في اليوم التالي لقراره حول اعتراضات كبار مستشاريه ([13]).

كما انتقد السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، أحد أنصار ترامب، قرار الانسحاب واصفا إياه بأنه “خطأ كبير يشبه أخطاء أوباما”. وحث غراهام الرئيس الأميركي على “الاستماع إلى نصيحة عسكرية صحيحة عندما يتعلق الأمر بالانسحاب من سورية ومكافحة تنظيم الدولة الإسلامية”، مضيفا أن الانسحاب من سورية هدف مشترك لكن “متى وكيف”. وعلى جانب الحلفاء، لم تنتقد الحكومة البريطانية قرار الانسحاب صراحة، لكنها قالت إن “تنظيم “الدولة الإسلامية” ما زال يشكل تهديدا على الرغم من التقدم المهم الذي تم إحرازه في الأيام الأخيرة. وانتقدت قوات سورية الديمقراطية، الحليف السوري الأبرز للولايات الأميركية في حربها ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، قرار الانسحاب الأميركي، في بيان قالت فيه إن القرار “سيؤثر سلبا على حملة مكافحة الإرهاب، وسيعطي للإرهاب وداعميه ومؤيديه زخما سياسيا وميدانيا وعسكريا للانتعاش مجددا، للقيام بحملة إرهابية معاكسة في المنطقة” ([14]).

وقال السيناتور مارك وارنر من ولاية فرجينيا، -أكبر ديمقراطي في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ-، على حسابه في تويتر: “هذا أمر مخيف”. ووصف السيناتور بن ساس، جمهوري من نبراسكا، استقالة وزير الدفاع بأنه “يوم حزين بالنسبة لأميركا لأن الوزير ماتيس كان يقدم النصيحة التي يحتاج الرئيس إلى سماعها”. كانت رسالة استقالة السيد ماتيس هي أكثر الاحتجاجات حدة والأكثر شعبية من داخل إدارة ترامب بسبب رفض الرئيس للتحالفات والعلاقات التي عززت الأمن الأميركي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. كما كانت أول استقالة بشأن قضية رئيسة تتعلق بالأمن القومي من قبل عضو بارز في مجلس الوزراء منذ عام 1980، عندما استقال سايروس فانس كوزير للخارجية. غادر السيد فانس بسبب قرار الرئيس جيمي كارتر بمحاولة إنقاذ الرهائن الأميركيين في إيران، والتي اعتبرها السيد فانس غير حكيمة وانتهت بمأساة ([15]).

لقد أثبت السيد ترامب مرة أخرى، بالنسبة له ولعالمه، أنه لا توجد سياسة أمريكية أو التزام أجنبي محصن ضد نزواته. ادعى السيد ترامب أن الدولة الإسلامية قد هزمت، لكن هذا ليس رأي إدارات الدفاع والدولة. لا يزال الآلاف من المقاتلين الجهاديين في سورية ويسيطرون على رقع الأراضي في وادي الفرات. إن الانسحاب الأميركي سيعطي المتطرفين فرصة لإعادة تشكيلهم، كما فعلوا في العراق في أعقاب الانسحاب الأميركي السابق لأوانه الذي أمر به الرئيس باراك أوباما ([16]).

ترك قرار الرئيس ترامب بسحب قواته من سورية صدى كبير داخل الولايات المتحدة الأميركية بسبب معارضة وزيري الخارجية والدفاع للقرار. القرار أظهر بشكل جلي مدى التخبط والتناقض في المواقف والتصريحات والاستراتيجيات الأميركية في منطقة الشرق الأوسط في داخل، فتوقيت سحب القوات وطريقة الاعلان عن ذلك عبر “تغريدة” كتبها الرئيس ترامب في توتير واستقالة وزير الدفاع رفضا لهذا القرار توضح الطريقة التي تدار بها السياسة الخارجية الأميركية في عهد ترامب. 

المحور الثاني: انعكاس القرار على الأزمة السورية

كثيرة هي التداعيات الإقليمية التي ترتبت على قرار الرئيس ترامب الانسحاب من سورية، سواء على الصراع داخل سورية وخاصة حلفاء الولايات المتحدة الأميركية وعلى وجه التحديد الأكراد الذي كان الوجود الأميركي بمثابة المظلة السياسية لتوسعهم السياسي أو الجغرافي، أو على الأطراف التي تحاول الحفاظ على مصالحها في سورية، وخاصة إسرائيل التي رات في الانسحاب الأميركي تهديد لمصالحها الاستراتيجية.

أولاً: تداعيات القرار على الصراع داخل سورية

لا شك أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب قواته من سورية جاء ضد مصالح أطراف كثير، في مقدمتهم الأكراد ونزعتهم الانفصالية، لكنه بالتأكيد صب في صالح أطراف أخرى، ترى في الوجود الأميركي في شمال سورية معطل لتحركاتها السياسية والعسكرية، مثل تركيا وروسيا اللتان رحبتا بالقرار على الفور، لكن القرار ترك تداعيات كثيرة وكبيرة على الصراع في سورية وعلى أطراف المعادلة.

على الرغم أن الاستراتيجية الأميركية في سورية جاءت بعد انتقادات مكثفة لغياب الرؤية المتماسكة من الإدارة بشأن ما تريد تحقيقه، وفي بداية رئاسته مدح ترامب لأنه قام بإطلاق صواريخ كروز ضد قواعد عسكرية للنظام، بعد استخدام الأخير السلاح الكيماوي ضد شعبه”. لكن رؤية الإدارة ظلت متعكرة، خاصة فيما يتعلق بالموقف من رئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي اقترح ترامب اغتياله، وفي ظل استمرار الرئيس في الحديث عن ضرورة جلب القوات الأميركية من سورية. تم التوافق على الاستراتيجية رغم موقف الكونغرس المتشكك تجاهها، وكانت هناك آمال بالتحرك نحو خطة سلمية، وتحديد أثر إيران، التي باتت تعاني من أثر العقوبات الأميركية القاسية، ومن هنا ساد اعتقاد أنها لن تجد مفرا إلا الاستسلام للمطالب الأميركية، والانسحاب من سورية ([17]).

فتح القرار الأميركي صراع على مثلت منبج، التي انتزعتها قوات كردية تدعمها الولايات المتحدة من داعش عام 2016، بؤرة للتوتر بين واشنطن وأنقرة، فقد أدى القرار إلى سرعة ترك جميع الأطراف لملأ الفراغ، وعقب إعلان الانسحاب الأميركي الوشيك تصاعد التوتر بشأنها، وعززت تركيا قواتها على الحدود التركية السورية، وأكد الجيش السوري استعاده دخول منبج شمالي حلب استجابةً لدعوة من وحدات حماية الشعب الكردية لحماية الأهالي الأكراد من تهديدات تركية محتملة خاصة مع انسحاب الوحدات التركية منها للتفرغ لمحاربة داعش والجماعات “الإرهابية” شرق الفرات ومناطق أخرى. وأكدت روسيا هذه الأنباء ورحبت بها في حين نفتها القوات الأميركية في سورية وشككت بها تركيا واعتبرها أردوغان مجرد “حرب نفسية ([18]).

وتسيطر “قوات سورية الديمقراطية” المدعومة من التحالف الدولي على نحو ثلث مساحة سورية الواقعة في مناطق شرق نهر الفرات بعد استعادتها من قبضة تنظيم “الدولة الاسلامية”. كما تسيطر على نحو 90 في المئة من الثروة النفطية بالإضافة إلى 45 في المئة من إنتاج الغاز. وهذه لمحة عن أبرز الثروات والمنشآت الواقعة في تلك المنطقة والتي قد تكون سببا لفصل جديد من القتال بين أطراف الصراع في سورية ([19]).

وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قال إن المسلحين الأكراد شرقي الفرات في سوريا “سيدفنون في خنادقهم في الوقت المناسب”، وذلك بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدء الانسحاب الكامل لقواته من سوريا. ونقلت وكالة الأناضول الرسمية للأنباء عن أكار قوله: “أمامنا الآن منبج وشرقي الفرات. نعمل بشكل مكثف على هذه المسألة”. وذكرت تركيا أنها ستشن عملية عسكرية قريبا ضد وحدات حماية الشعب التي تسيطر على تلك المناطق شمالي سورية ([20]). ولكن ترامب حذر تركيا، من “كارثة اقتصادية” في حال شنت هجوما ضد الأكراد بعد انسحاب القوات الأميركية من سوريا، بالتزامن مع دعوته الأكراد إلى عدم “استفزاز أنقرة”. على لسان وزير خارجيتها، مولود شاووش أوغلوا، على “تغريدة” الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، التي توعد فيها بتدميرها اقتصاديا، مشيرة في الوقت ذاته إلى قبول ضمني لخيار المنطقة الآمنة في شمال سوريا الذي طرحه، ونقلت وكالة “رويترز” عن شاووش أوغلوا قوله “إنه لا شيء يمكن أن يتحقق عن طريق تهديد تركيا اقتصاديا”، مضيفا أن بلاده تعمل “ما هو مطلوب للحفاظ على السلام ومنع الانتهاكات في إدلب”. واعتبر أن “تغريدة” ترامب جاءت في سياق “سياسات داخلية في الولايات المتحدة”، مؤكدا أنه “لا ينبغي للشركاء الاستراتيجيين أن يتواصلوا عبر شبكات التواصل الاجتماعي”([21]).

انسحاب الوحدة العسكرية الأميركية من سورية، يعني أن قوات سورية الديمقراطية التي تسيطر الآن على ضفة الفرات اليسرى، ستبقى من دون دعم واشنطن. في غضون ذلك، تنوي تركيا السيطرة قريباً ليس فقط على منبج، إنما وكردستان السورية بأكملها. وتصر دمشق على أن تسلم قوات سورية الديمقراطية المناطق الغنية بالنفط في الضفة اليسرى إلى الحكومة السورية وتنسحب طواعية إلى الشمال، وعندئذ يضعها الجيش العربي السوري تحت حمايته. وهذا يعني أن سورية، وروسيا التي تدعمها، ستدخلان حتما في حرب مع تركيا. يستبعد الخبراء أن تُقدم دمشق وموسكو على هذه الخطوة. بالإضافة إلى ذلك، تتلقى قوات سورية الديمقراطية الآن عوائد كبيرة من آبار النفط، يصعبها التخلي عنها ([22]).

صحيفة “واشنطن بوست” قالت في افتتاحيتها في اليوم التالي لقرار ترامب أن هذه ليست الطريقة المثالية للخروج من سورية أدى التحرك المفاجئ لرئيس الولايات المتحدة إلى إخراج القوات الأميركية من سورية إلى إضعاف العديد من أهداف السياسة الخارجية التي دافع عنها. ووعد الرئيس بإنهاء مهمة تدمير الدولة الإسلامية، لكن الانسحاب سيترك آلاف المقاتلين في مكانه. وتعهد بتراجع تمدد إيران في الشرق الأوسط، لكن قراره سيسمح لقواتها بالركود في البلاد التي تشكل حجر الزاوية في طموحات طهران. ووعد بحماية إسرائيل، لكن هذه الأمة سوف تترك الآن لمواجهة التكتل من قبل إيران ووكلائها على طول حدودها الشمالية. لقد طور كبار مستشاري الأمن القومي للرئيس وتوصلوا إلى استراتيجية للحفاظ على الوجود الأميركي في سورية إلى أن كان تنظيم الدولة الإسلامية خارج نطاق الانتعاش، وسحبت إيران قواتها -وهي خطة كانوا يدافعون عنها حتى هذا الأسبوع ([23]).

بعد قرار الانسحاب لن يكون لدى القوى السورية الديمقراطية الكردية، التي تسيطر على الرقة، خيار سوى إبرام صفقة مع النظام، وإعادة المنطقة الشمالية الشرقية الغنية بالموارد إلى سيطرة الأسد. كما ستضطر القوات العربية المحلية التي تعمل مع الولايات المتحدة إلى تبديل الجوانب من أجل البقاء، تشارلز ليستر، زميل معهد الشرق الأوسط قال: “إنه لأمر مؤسف أن يتخلى حلفاؤنا الرئيسيون على الأرض، الذين أراقوا الدماء وآلاف الأرواح من أجل قتالنا ضد داعش، بشكل جيد وحقيقي”. كانت نظرية إدارة ترامب (حتى الآن) هي أن نظام الأسد وروسيا وإيران سيحتاجان إلى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي للمساعدة في دفع تكاليف إعادة إعمار سورية، لمساعدة اللاجئين على العودة، وبالتالي إعطاء الغرب بعض النفوذ. لقد كانت السياسة الأميركية في سورية خاطئة منذ البداية، وهي مزيج من الانخراط غير المخلص، والدبلوماسية المتعطشة والوعود المتعثرة ([24]).

القرار الأمريكي جاء لصالح تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” تشعر بارتياح كبير إزاء هذا التطور الجديد: إن ترامب يغادر سورية دون هزيمة الدولة الإسلامية بالكامل، بغض النظر عما يدعي العكس. لا تزال المنظمة تحتفظ بأرض على الحدود العراقية السورية. وعلى الرغم من خروجها من مدينة “حاجين”، ما زالت المنظمة تضم ما يقرب من 15 ألف عضو في سورية، وهي مشغولة بإعادة تنظيمها في ضوء التطورات الجديدة الأكراد. الميليشيات الكردية هي وحدها الآن. خلال السنوات الثلاث الماضية، تم حمايتهم وتدريبهم وتسليحهم من قبل الجيش الأميركي في جيب مقام في شمال شرق سورية. لكن بدون المدافعين الأميركيين، يواجه الأكراد الآن تهديدات بغزو من الجيش السوري إلى الجنوب والجيش التركي إلى الشمال ([25]).

خروج القوات الأميركية من شمال سورية يعني أن “تنظيم الدولة سيقاتل الوحدات التركية، ما يعني دوامة جديدة من الدم، فيما ستواصل إيران شحناتها العسكرية عبر سورية، ما سيدخل إسرائيل وطيرانها العسكري، وعند هذه النقطة ستتظاهر روسيا بأنها وسيط السلام القادر على صناعة صفقات مع إسرائيل والأردن وتركيا، وفي هذه الخطوة يكون بوتين قد حقق حلمه بإعادة الهيمنة الروسية على الشرق الأوسط.

في هذا السياق تعلق نولاند المديرة التنفيذية لمركز الأمن الأميركي الجديد، “قائلة إن “الدبلوماسية الأميركية ماتت بطريقة حزينة من خلال تغريدة، وسيجد جيفري الممثل الأميركي ” السابق” لسورية نفسه أمام معضلة جديدة بعدما حققه من نجاحات، مثل تخفيض التوتر في إدلب، ومحاولة الدفع بخطة أمريكية لكتابة الدستور، ولو خرجت القوات الأميركية فلن يستمع حلفاء أمريكا له؛ لأنهم سيكونون مشغولين بالدفاع عن أنفسهم ضد إيران وتنظيم الدولة”. وترى: “قبل فترة انتقد ترامب سلفه على قرار سحب القوات من العراق عام 2011، وعودته في عام 2014، ونشرت الولايات المتحدة في العراق 5200 جندي بكلفة يومية تقدر بـ 13.6 مليون دولار، وكان يجب أن ينظر لألفي جندي في سورية على أنهم ورقة ضمان من كلفة أسوأ لسورية والعالم وميزان القوة”([26]).

انعكس قرار الانسحاب الأميركي من سورية بصورة سريعة ومباشرة على الصراع داخل سورية، فهو منح تركيا حرية التحرك في شمال سورية لضرب أي تواجد للأكراد في جبهة الشمال، ما قد يمهد لفتح صراع تركي كردي جديد الربح منه النظام السورية وداعش، كما أنه سوف ينعكس على التسوية السياسية وقدرة المعارضة على فرض يؤدي حلول سياسية مرضية في مفاوضات الأستنانة أو جنيف بعد أن فقدت أمريكا أوراق القوة.

ثالثاً: تأثير القرار الأميركي على الأطراف الدولية والإقليمية

ترك قرار الرئيس دونالد ترامب سحب قواته من سورية تداعيات كبيرة على أطراف الصراع خارج سورية. صحيفة نيويورك تايمز رأت إن القرار الأميركي بالانسحاب من سورية قد يهز الشرق الأوسط، وقالت القرار سارع فجأة إلى تخريب الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط، مما مهد الطريق أمام إيران لتوسيع نفوذها عبر المنطقة، تاركا إسرائيل وحدها في مواجهة إيران، وبينت -رغم صغر القوات الأميركية-إلا أن القرار له عواقب بعيدة المدى في حرب معقدة، مما يترك الحلفاء يكافحون للتعامل مع الخصوم، وشجعهم. كما أن تركيا وإيران وحكومة الرئيس السوري بشار الأسد ستستفيدان أيضاً من فوائد فورية هائلة من الانسحاب الأميركي ([27]).

خطوة سحب القوات في حال تحقيقها ستكون خطأ قاتلاً وستترك المنطقة للاعبين سيدخلونها في دوامة أكثر حدة وتعقيداً من الفوضى العارمة، كما يرى كيرستن -كاتب صحفي بمؤسسة DW، خبير في شؤون الشرق الأوسط-الذي علق على القرار بالقول” بغض النظر عن رأينا بالرئيس الأميركي ترامب، فإنه يتقن لعبة شغل بال المراقبين. آخر ما تفتقت به قريحته في مجال السياسة الخارجية هو سحب القوات الأميركية من سورية، لا يجانبنا الصواب عندما نقول إن كلام ترامب هو خاطرة عفوية، لن يتبعها على أرض الواقع سحب القوات. إذ أنه في حال تحققه سيكون اعترافاً بأن السياسة الأميركية في سورية إلى اليوم لم تحقق الكثير، إذا أردنا أن نكون متحفظين في التعبير. سيكون الأمر-وقبل كل شيء -خطوة أخرى باتجاه فقدان أمريكا لأهميتها الجيواستراتيجية في المنطقة. وبالنسبة للشرق الأوسط ستكون الخطوة باهظة الثمن، على عكس ما حصل عام 2003، عندما غزت الولايات المتحدة العراق استناداً على أكاذيب وقحة، وبفعلتها تلك لم تُدخل العراق وحده فقط في كارثة كبيرة، بل كل المنطقة ([28]).

عبد الرحمن الراشد رأى في “البيان” الإماراتية أن “تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الانسحاب من سورية نتيجة طبيعية لفشل القوى الإقليمية في النظر إليه كمشروع سلام هناك”. ويضيف الكاتب أن القوى الإقليمية تعاملت مع قرار الانسحاب على أنه “انسحاب المهزوم” ويقول: “العراق حليف واشنطن أظهر ارتباكاً وتراجعا أمام ضغوط طهران. وتركيا سارعت لتقديم تنازلات لروسيا وإيران، وكذلك ميليشيا الكرد السورية (قسد)، المحسوبة على واشنطن، مالت لدمشق وإيران، في وقت زادت فيه طهران شحناتها العسكرية إلى أرض المعركة” ويورد الكاتب أن “وزراء ترامب اعتمدوا لغة قوية للتعويض عن لغة الانسحاب الانهزامية السابقة. جون بولتون حذر الأتراك بأنه لا انسحاب لقوات بلاده من سورية إلا إذا تعهدت تركيا بعدم القيام بأي خطوة في سورية من دون إذن واشنطن، وحذرها من استهداف المقاتلين الأكراد. لغة أمريكية اعتبرت أنقرة أن فيها عجرفة لكنها لم تتجرأ على تحديها”. ([29])

تداعيات الانسحاب تبدو جلية على فواعل النظام الإقليمي الأساسيين من غير العرب، كإسرائيل، وتركيا وإيران، إضافة إلى روسيا، وهو سيعيد خلط أوراق محدَّدة بصرف النظر عن نهاياتها الفعلية والعملية، وهي في مطلق الأحوال ستحرك المياه الراكدة في موازين القوى الإقليمية في المنطقة، لجهة محاولة كل طرف إعادة رسم قواعد اشتباك جديدة لمصلحته، وهو أمر ليس بالضرورة أن يمر بوقائع وظروف هادئة ([30]).

القرار يصب في صالح تركيا، ففي المكالمة الحاسمة التي جرت قبل اعلان ترامب سحب قواته من سورية سأل ترامب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إذا سحبنا قواتنا، هل بوسعكم القضاء على داعش؟ فأجاب أردوغان بأن القوات التركية قادرة على إنجاز المهمة. ليبلغه ترامب على الفور: “إذن عليكم القيام بذلك“. وقال ترامب لجون بولتون: “ابدأ العمل لسحب القوات الأميركية من سورية”.

وبفعل الإعلان الأميركي عن الانسحاب، ظهرت وقائع ومواقف متعددة الاتجاهات ورسائل وإشارات، كان أولها الدفع الأميركي باتجاه تسليم الواقع السوري الشمالي إلى تركيا، ما يعني أن ثمة خلط أوراق جديدة تتعلق بالعامل التركي وإعادة تموضعه في الأزمة السورية، وهذه المرة تحديداً في الورقة الكردية، وسبق أن أعلنت تركيا التحضير لعمليات عسكرية وازنة ستكون تداعياتها المباشرة على الوضع الكردي تحديداً، وحيازة أوراق جديدة ضاغطة في أي مقترحات حلول مستقبلية ([31]).

القرار يقدم لإيران خدمة كبيرة، حيث ستتقدم للمناطق التي ستتركها الولايات المتحدة، وقد تأمر طهران مقاتليها ومن حزب الله، الموجودين في الجنوب والغرب، للتحرك نحو الشرق، فقبل ثلاثة أشهر كان مستشار الأمن القومي جون بولتون يتحدث عن بقاء أمريكي طويل حتى تخرج القوات الإيرانية والموالية لها، إلا أن الرئيس دعا “بتغريدة” يوم الاربعاء لتعميق وجودها العسكري والاقتصادي والسياسي على قطعة مهمة من الشرق الأوسط، وستسيطر إيران على مناطق النفط في دير الزور، بشكل يسمح لها بتمويل السيطرة على الأراضي”([32]).

الطرف الإيراني، وأن عدت طهران الانسحاب نوعاً من أوراق سياسية وأمنية رابحة بالنسبة إليها، إلا أن الانسحاب لا يعتبر مؤثراً واضحاً وحاسماً لجهة العمليات العسكرية والأمنية، فالقوات الأميركية ما زالت متواجدة عملياً في العراق وتركيا علاوة على قواعدها وأساطيلها المنتشرة في غير مكان من العالم. وهي قادرة عملياً وفعلياً على تنفيذ عملياتها من خارج الأراضي السورية، وهي بطبيعة الأمر أقل كلفة معنوياً من التواجد المباشر واحتمال تحملها خسائر بشرية في حال الاصطدام المباشر ([33]).

موسكو رحبت بقرار الانسحاب واصفة إياه بالخطوة الصحيحة وأنه “يفتح آفاقا للتسوية السياسية في سورية”. لكن موسكو أثارت شكوكا حول الجدية الأميركية، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة أعربت منذ سنوات عن نيتها الانسحاب من أفغانستان لكنها مازالت موجودة حتى الآن. وكان النظام السوري قد طالب مرارا بضرورة خروج القوات الأجنبية الموجودة على الأراضي السورية بشكل غير شرعي ودون موافقة الحكومة السورية، مؤكدا أن هذا الوجود “عدوان موصوف واحتلال ينتهك ميثاق ومبادئ الامم المتحدة”. كما دعت الحكومة السورية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى إدانة ما وصفتها “الجرائم التي يرتكبها تحالف واشنطن بحق المدنيين في مناطق شمال شرق سورية”([34]).

ستستفيد موسكو من القرار، فبعد سنوات من التظاهر بالتفاوض على حل سياسي مع واشنطن للأزمة، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيتجاهل أي محاولات من مبعوثي ترامب؛ لأن واشنطن لا تملك قوات عسكرية على الأرض، وسيواصل الكرملين دعمه للأسد وتوطيد سيطرته على سورية كلها حتى 2021، وتنظيم انتخابات لرئيس جديد، ولن تقوم موسكو بتوسيع وجودها في سورية فقط، بل ستعمل أيضا على تقديم دعم تكتيكي للقوات الإيرانية على الأرض، وهي التي تقوم الآن بأعمال الأمن في غرب سورية، وقد تسمح لطهران بتقسيم الغنيمة من دير الزور وربما حصلت على الغنيمة كلها”([35]).

في مقابل الاستفادة الروسية الإيرانية التركية هناك قلق كبير لدي حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين والمحليين، نشرت صحيفة “جورنال دو ديمونش” الفرنسية تقريرًا سلطت فيه الضوء على قلق فرنسا من قرار دونالد ترامب بسحب كامل القوات الأميركية من سورية، خاصة وأن قرار الرئيس الأميركي يخالف موقف فرنسا من هذا الملف. وقالت الصحيفة في تقريرها إن دونالد ترامب أعلن عن هذا القرار في تغريدة جاء فيها: “لقد هزمنا تنظيم الدولة، وهو السبب الوحيد لوجود (القوات الأميركية) في سورية خلال رئاستي”. في الإطار ذاته، أفاد مسؤول أمريكي، رفض الكشف عن هويته، لوكالة فرانس برس، أن “الانسحاب سيكون بصفة تامة” “وفي أسرع وقت ممكن”. ومنذ حملة الانتخابات الرئاسية لسنة 2016، خطّط دونالد ترامب لسحب القوات الأميركية من الأراضي السورية، من جانبه، ومنذ وصوله إلى قصر الإليزيه، حاول نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ثنيه عن ذلك ([36]).

تداعيات القرار على إسرائيل تبدو كبيرة، فقد ذكر الموقع الاستخباراتي الإسرائيلي “ديبكا”، أن الانسحاب الأميركي من سورية سيكون له مشاكل كثيرة على إسرائيل، إذ ستصبح في مواجهة مباشرة مع كل من إيران وحزب الله اللبناني في سورية. وأورد الموقع أن الجبهة الشمالية لإسرائيل باتت تواجه مباشرة كل من إيران و”حزب الله”، وبأنه رغم إعلان الرئيس ترامب لأكثر من مرة الانسحاب من سورية، خاصة آخر مرة في شهر مارس/ آذار الماضي، فإن إعلان الإدارة الأميركية الانسحاب الكامل من سورية يبدو أنه سيكون حقيقيا وفعليا، وهو ما يعني أن حركة السير بين إيران وسورية، عبر العراق، ستصبح أكثر سهولة ويسر، وسينقل السلاح الإيراني مباشرة إلى سورية و”حزب الله”، دون أي اعتراض. وزعم الموقع الاستخباراتي العبري أن الانسحاب الأميركي سيمنح إيران الانتصارات، الواحد تلو الآخر، وبأن “حزب الله” سيكون له نتائج جيدة بدوره، من جراء هذا الانسحاب المفاجئ ([37]).

ثمة تخوّف وتوجّس ظاهرين لدى القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، إذ تعتبر الانسحاب خسارة مدوية، وذات صلة بقضايا استراتيجية متعلقة بأمنها القومي، وهذا ما أوحى به رئيس الحكومة “الإسرائيلية” بنيامين نتنياهو بُعيد لقائه بوزير الخارجية الأميركي بومبيو في البرازيل، حيث خفّف هذا الأخير من التداعيات المحتملة للانسحاب الأميركي، مجدداً دعم العلاقات الاستراتيجية مع «إسرائيل»، ومحاولاً تفهم الهواجس «الإسرائيلية» لجهة الوجود الإيراني في سورية، ذلك في ظل سعي «إسرائيل» الحثيث لإعادة رسم قواعد اشتباك جديدة في سورية، بعد إسقاط الطائرة الروسية وإعادة موسكو آنذاك لخلق قواعد اشتباك كانت إسرائيل مرتاحة لها قبلاً. وفي أي حال من الأحوال لن تترك واشنطن تل أبيب بالنظر لعضوية واستراتيجية العلاقات البينية، وبالتالي فإن الانسحاب لن يغير بطبيعة الالتزام الأميركي تجاه إسرائيل ([38]).

عيران ليرمان” المساعد السابق لرئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، ومساعد مدير “مركز يروشليم للدراسات الاستراتيجية”، والضابط السابق في شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”، رأى أن بلاده “ستبكي لأجيال” بسبب قرار ترامب، فهذا القرار سيوفر  بيئة تسمح لإيران بتعزيز وجودها في سورية انهيار الوجود الكردي في شمال شرق سورية يعني إفساح المجال أمام إيران وتركيا لتكريس وقائع على الأرض، بما يتناقض مع مصالح تل أبيب وواشنطن،  وأن ما يدلل على الخطورة الكامنة في الانسحاب من سورية، يكمن في معارضة كل من كبار المسؤولين في إدارة ترامب نفسها، لاسيما وزيري الخارجية والدفاع، مايك بومبيو وجيمس ماتيس، ومستشار الأمن القومي جون بولتون،  ورأى أن الأمل أن يتمكن ترامب من إقناع دول عربية بتجنيد قوة للتمركز في المناطق التي كانت تتواجد فيها القوات الأميركية، من أجل الحيلولة دون تحقق المخاطر المتوقعة من قرار الانسحاب الأميركي.

الجنرال، “غيورا إيلاند” صاحب مشروع الحل الإقليمي، رأى أن “الروس والإيرانيون هم المستفيدون من قرار سحب القوات الأميركية من سورية، وقال إن قدرة إسرائيل على التأثير على قرار الرئيس دونالد ترامب صغيرة جدا. ورأى أن القرار له علاقة باتفاق مع تركيا، حيث سيشتريون أنظمة أمريكية وليست أنظمة دفاعية روسية، ومن ثم ستفعل تركيا ما تريده من الأكراد، لكن هذا جزء من افتقارها للسياسة، الآن الأميركيون غير ملتزمين بأي شيء، من المستحيل فهم ما سنخرج منه ([39]).

شمعون شيفر الكاتب في صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية رأى أن قرار ترامب بسحب قواته يشير إلى انعطافه خطيرة في مكانة اسرائيل في الساحة الاقليمية. فهذا القرار المتسرع كفيل بإن يأتي على حساب إسرائيل. يمكن القول إن ترامب ترك إسرائيل تواجه مصيرها، وأكد أن إسرائيل لم تتدخل بشكل كامل في الحرب الاهلية في سورية واعتمدت على أن يضمن الأميركيون المصالح الاسرائيلية حين تنتهي الحرب. أما الان فيبدو أنه من المحتمل أن يكون ترامب قد أخطأ؛ سورية آخذة في الانقسام بين اعداء اسرائيل الألداء.  كلهم يجلسون الان حول الطاولة كي يقسموا الكعكة السورية – ولا يوجد هناك أحد يحرص على مصالح إسرائيل، المظلة الاستراتيجية للأميركيين ضعفت أيضا على المسرح الدولي. صحيح أن أياً من صانعي السياسة الإسرائيليين في الدفاع لا يعتمدون على الجنود الأميركيين للقتال من أجلنا، ولكن لا شك في أن الدولة اليهودية تمتعت بإعلام أعدائنا بأنه في حالة الطوارئ، تقف أرض الحرية معنا ([40]). أما “يوسي ميلمان” الكاتب في صحيفة هآرتس، قال إذا كان الحديث يدور أن الأميركيين سيسحبون قواتهم من سورية صحيحا وسيحصل بالفعل!، فان هذا سيشكل ضربة قاسية للسياسة الاسرائيلية.

لكن صحيفة” معاريف” الإسرائيلية رأت القرار الأميركي يخدم إسرائيل لكنه يحررها من أي حسابات لها علاقة بأمن الجنود الأمريكان في سورية، وأكدت أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب القوات الأميركية من سورية ليس هو نزوة رئيس؛ وإنما دليل على فهمه الاستراتيجي العميق ويأتي لصالح اسرائيل. واضافت أن ترامب يدرك الواقع الاستراتيجي في سورية على وجه الخصوص، مؤكدة أن هذا أيضاً ليس قراراً معادياً لإسرائيل، ولكنه شهادة على صداقة الرئيس الحقيقية مع دولة إسرائيل ويأتي لصالحها. وأكدت الصحيفة أن سحب القوات الأميركية من سورية لصالح اسرائيل ويثبت أن ترامب مدافع كبير عن اسرائيل، معللة ذلك بان أكثر من 2000 كوماندوز أمريكي لن يستطيعوا حماية أنفسهم في حال نشوب حرب حقيقية وسيصبحون رهائن بيد إيران، خاصة ان سورية تقع بين محور العراق ولبنان وإيران مما سيجعل مهمتم صعبة ([41]).

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حاول طمأنة إسرائيل قائلا “إن قرار ترامب بشأن سورية لن يغير من طبيعة العلاقة الخاصة بين الدولتين. بومبيو جدد التزام بلاده بحماية إسرائيل والتعاون معها لوقف ما وصفه بـ “العدوان الإيراني”. وأثناء لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في البرازيل على هامش تنصيب الرئيس البرازيلي الجديد، وأضاف المسؤول الأميركي أن “الحملة ضد (تنظيم الدولة الإسلامية) داعش مستمرة، وجهودنا لمواجهة العدوان الإيراني مستمرة، والتزامنا باستقرار الشرق الأوسط وحماية إسرائيل مستمر بنفس الطريقة التي كان عليها قبل القرار”، حسب تعبيره. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قال قبيل لقائه بومبيو إن “هناك الكثير من القضايا التي علينا مناقشتها. سنناقش التعاون المكثف بين إسرائيل والولايات المتحدة، المسائل التي ترتبت على القرار الأميركي بشأن سورية”. وأضاف أن المحادثات ستبحث “كيفية تكثيف تعاوننا الاستخباراتي والعملياتي بشكل أكبر في سورية وغيرها من المناطق لوقف العدوان الإيراني في الشرق الأوسط”، حسب تعبير نتنياهو ([42]).

من الواضح أن قرار ترامب سيجعل من إسرائيل منصة لمواجهة مباشرة مع إيران وسورية و”حزب الله” معا، تل أبيب ستكون في وضع استراتيجي عسكري جديد في الجبهة الشمالية لها. وأن عملية درع الشمال” أمام “حزب الله”، التي بدأت في الرابع من الشهر الجاري، ستكون مجرد عملية عسكرية هامشية، وأن إسرائيل عليها الاستعداد لعملية عسكرية أكبر لمواجهة التمدد الإيراني في سورية.

إسرائيل التي كانت تأمل في أن يمنع الوجود الأميركي في سورية إيران من استكمال ممرها إلى البحر، يجب أن يكون لها واقع جديد. مايكل هرتسوغ، وهو زميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومسؤول دفاع إسرائيلي سابق قال معلقاً على القرار الأميركي: “هذا يتركنا وحدنا في الساحة مع الروس”. “نحن وحدنا في المعركة ضد إيران في سورية.” وبينما ينتقل القرار الأميركي عبر المنطقة، ستضطر العديد من الدول إلى إعادة تقييم علاقاتها. يمكن أن تكون النتيجة سلسلة من أعمال التوازن الجديدة: إسرائيل تحاول استمالة روسيا ضد إيران، وتركيا تلعب ضد روسيا والولايات المتحدة من بعضها البعض، وتوازن سورية بين الأكراد ضد تركيا، من بين آخرين. كان الوجود الأميركي في سورية مثيرا بشكل خاص لإيران، ومنع الميليشيات المدعومة من إيران من العبور إلى سورية من العراق. إن الانسحاب من شأنه أن يحرر طهران من التعامل مع الحدود العراقية بحيث يسهل اختراقها بالكامل، مما يخفف من حركة المقاتلين والأسلحة -ويحتمل أن تكون صواريخ متطورة وأسلحة أخرى عبر سورية إلى حزب الله، شريك إيران في لبنان ([43]).

صحيفة “يديعوت احرونوت” الإسرائيلية  رأت أن انسحاب القوات الأميركية من سورية هو علامة طريق تهدد بتغيير ميزان القوى الاقليمي وخلق واقع جديد على الارض، واقع ليس بالضرورة محسن لإسرائيل. الرابحون: إيران وروسيا الخاسرون: اسرائيل والاكراد، إيران هي الاخرى كسبت كسبا كبيرا، فتواجدها في الأراضي السورية سيتسع الان ليشمل المناطق الأميركية. إسرائيل بقيت وحدها، فبلا التواجد الأميركي قرب الحدود الشمالية، فقدت اسرائيل مصدر ردع هام ومساعدة عسكرية محتملة في حالة التصعيد الإقليمي، بوتين هو الآخر سجل إنجازاً إضافياً: رغم أنه لم تسجل صدامات عنيفة بين الجيش الروسي والأميركي في السنوات الثلاثة الأخيرة، تبقى روسيا، إلى جانب إيران، القوة العسكرية المركزية في المنطقة. وإذا لم يكن هذا بكاف: فإنه يخطط لتوسيع نشاطه في أهداف استراتيجية، ولا سيما في الموانئ البحرية ([44]).

وتبقى الجهة الرئيسية المعنية بالموضوع وهي سورية، الأكثر استفادة وإن كانت معنوية بالدرجة الأولى، فهي تعتبر الخطوة ورقة رابحة في ظل التنافس الأميركي -الروسي الساخن في الساحة السورية، وهو أمر من شأنه تعزيز فرصها في التسويات المحتملة القادمة للكثير من الملفات الداخلية. كما بدا الأمر مترافقاً مع إشارات قوية وذات طابع تنفيذي لعودة سورية إلى الحضن العربي مجدداً عبر العديد من الوقائع الحاصلة سابقاً. ما يعزز فرص إعادة ترتيب البيت العربي، ومحاولة إعادة ترميم النظام الإقليمي العربي الذي تأثر بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة بفعل الحراك العربي في غير دولة ([45]).

لا شك أن تركيا وروسيا والنظام السوري هما أكثر المستفيدين من قرار سحب القوات الأميركية من سورية، لكن تظل إسرائيل والأكراد أكثر الأطراف تضررًا من قرار الرئيس ترامب سحب قواته من سورية، فهي كانت تعول على هذا الوجود كضمانة لأخذ مصالح إسرائيل في عين الاعتبار عن حدوث أي تسوية سياسية، والتي من أهمها إخراج الحرس الثوري وقوات حزب الله من سورية، ما يعني أن إسرائيل يمكن أن تزيد من استهدافها للوجود الإيراني في سورية خلال الفترة القادمة، لضمان عدم استقرار هذا الوجود بشكل دائم، ما قد يؤدي لاندلاع مواجهة عسكرية بين الطرفين خلال الفترة المقبلة.

خاتمة:

تناولت هذه الدراسة تداعيات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب قواته من سورية بشكل مفاجئ على أطراف الصراع داخل وخارج سورية، وحاولت قياس ميزان الربح والخسارة التي ترتبت على هذا القرار المفاجئ على أطراف الأزمة السورية، وكما حاولت الدراسة قياس ردة الفعل الأميركية الداخلية على هذا القرار الذي جاء خلافا لرغبة كثير من مستشارين ترامب السياسيين والعسكريين، الأمر الذي اثار عاصفة سياسية داخل واشنطن عاصمة القرار الأمريكي.

وقد توصلت الدراسة لعدد من النتائج يمكن تحديدها في النقاط التالية:

  1. ألقى قرار الرئيس ترامب سحب القوات الأميركية من سورية تداعياته الكبيرة والمثيرة على الداخل الأميركية وعلى منطقة الشرق الأوسط وعلى الأزمة السورية على وجه التحديد، فالقرار المفاجئ لم يترك تداعيات على الصراع سورية فقط بل من المنتظر أن تمتد تداعياته وانعكاساته على كامل منطقة الشرق الأوسط، التي من المنتظر أن تدخل عام الحسم. فمن المنتظر أن تشهد المنطقة حسم كثير من القضايا والملفات خلال عام 2019م، أهمها الأزمة السورية والقضية الفلسطينية قبل دخول إدارة ترامب عام التحضير للانتخابات الرئاسية القادمة.
  2. جاء قرار الانسحاب من سورية في سياق استراتيجية ترامب “الانسحابية” التي تعبر عن سياسة بلاده الخارجية خلال فترة حكمه، التي كان من بينها الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ والاتفاق النووي مع إيران، والخروج من مجلس حقوق الانسان واليونسكو، كون ترامب من مؤيدين للسياسة الانعزالية، ففي حملته الانتخابية كرر في مرات عديدة أنه لا يحب أن تكون الولايات المتحدة شرطي العالم. لذلك فضل الانسحاب من سورية في ذروة الأحداث السياسية والعسكرية.
  3. يعد قرار سحب القوات الأميركية من سورية والعودة عنه بشكل نسبي عن مدى التخبط في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه كثير من مناطق العالم، ولاسيما منطقة الشرق الأوسط. فقد أظهر القرار وطريقة الإعلان عنه كثير من مواطن الخلل التي تعتري آلية صنع القرار الداخلي والخارجي في إدارة ترامب، والتي أدت لترك عدد كبير من مساعدين ترامب مناصبهم اعتراضا على النزعة الفردية التي يميل لها ترامب في اتخاذ القرار.
  4. صعب القرار في طالح أطراف كثيرة داخل سورية وخارجيها، فالقرار جاء لصالح الوجود الروسي والإيراني في سورية، الأمر الذي يسمح لهذه الأطراف بالتحكم في عملية التسوية والمفاوضات القادمة، في ظل فقدان أطراف المعارضة كثير من أوراق القوة.
  5. يمسح القرار بفتح صراع تركي كردي جديد في شمال سورية، المستفيد الوحيد منه النظام السوري وحلفائه وداعش، خاصة على المناطق الغنية بالنفط والغاز، ما يعني تأزم الوضع العسكري والأمني في شمال سورية، في حالة تم الانسحاب بصورة سريعة.
  6. ترك القرار الأميركي تداعيات كبيرة على منطقة الشرق الأوسط، وعلى حلفاء والولايات المتحدة في المنطقة، وخاصة إسرائيل التي تعتبر من أكثر الأطراف تضررًا من القرار، حيث كانت تعتبر الوجود الأميركي في سورية ضمانة استراتيجية لأخذ مطالبها في عين الاعتبار عند حصول التسويات السياسية، والتي من أهمها إخراج الوجود الإيراني من سورية.
  7. القرار سوف يؤثر على التسوية السياسية في سورية على المدى القريب والبعيد، وعلى قدرة المعارضة المعتدلة في الحصول على تسوية سياسية عادلة، تضمن حقوق الشعب السورية عبر إيجاد دستور سوري جامع لكل أطياف الشعب السوري، بعد أن فقدت المعارضة.
  8. بشكل عام القرار يعطي لنا صورة واضحة عن كيفية اتخاذ القرار في داخل إدارة ترامب، وانفصالها عن إرث صناعة القرار في الولايات المتحدة الأميركية خلال العقود الماضية. فالمتابع لكيفية إصدار، القرارات وكيفية الاعلان عنها والالتزام بها؛ يدرك تماما أننا أمام إدارة أمريكية مختلفة ومتناقضة تماماً مع الإدارات الأميركية السابقة، فنحن أمام إدارة غيرت معظم كبار المساعدين لترامب بهدف البحث عن أفراد يمكن لهم القبول بدور شكلي في إدارة الرجل الواحد.

التوصيات:

  • على المعارضة السورية المعتدلة الاتحاد في جبهة سياسية موحدة لمواجهة التحديات الكبيرة التي أصبحت تقف في طريق التسوية السياسية والمفاوضات، بعد ما مال ميزان القوى الداخلي لصالح النظام السوري، بفضل التدخل الروسي في الأزمة السورية، وعدم الاتكال على المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأميركية التي تبحث عن مصالحها في البحث عن تسوية عادلة للأزمة السورية.
  • يتوجب على المعارضة السورية دراسة الخيارات المتاحة جيدا بعد الانسحاب الأمريكي من سورية، فهذا الانسحاب سوف يترتب عليه تداعيات كبيرة على مفاوضات التسوية.

 

 

 

الهوامش

  1. دويدري، رجاء، وحيد: البحث العلمي: أساسياته النظرية وممارسته العملية، دار الفكر، دمشق:2000، ص 185.
  2. ([1]) الخزرجي، ثامر، النظم السياسية الحديثة والسياسات العامة دراسة معاصرة في استراتيجية إدارة السلطة، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان، الاردن، 2004، ص67:66.
  3. الوجود الأمريكي في سوريا: المقرات العسكرية وتداعيات الانسحاب المرتقب، (21 ديسمبر2018)، موقع قناة فرنسا 24.
  4. انسحاب ترامب من سوريا. من “خروج فوري” إلى “التراجع الكبير” (7 يناير 2019) موقع سكاي نيوز عربي
  5. ترامب يفاجئ الجميع بحقيقة ما وجده في سوريا وسبب الانسحاب، (يناير 2019) الروسية.
  6. عبد الخالق، دينا، بعد 15 يوما هل تراجع ترامب عن وعوده بالانسحاب من سوريا؟، (3يناير20019) جريدة الوطن المصرية.
  7. الحرب في سوريا: انسحاب القوات الأمريكية “يخضع لشروط” (6 يناير 2019) موقع BBC عربي.
  8. [1]Josh Rogi, Trump undermines his entire national security team on Syria, (December 19,2018) , the Washington post,
  9. خياط، جلال، أتلانتيك: هذه التحديات التي ستواجه ترامب في محاربة إيران بسوريا، (6 ديسمبر 2018) موقع أوربت نت
  10. خياط، جلال، أتلانتيك: هذه التحديات التي ستواجه ترامب في محاربة إيران بسوريا، (6 ديسمبر 2018) موقع أوربت نت
  11. [1]Trump’s decision to withdraw U.S. troops from Syria startles aides and allies, (December 19,2018), the Washington post
  12. Josh Rogi, Trump undermines his entire national security team on Syria, (December 19,2018) , the Washington post,
  13. Victoria Nuland, In a single tweet, Trump destroys U.S. policy in the Middle East, (December 19,2018) , the Washington post
  14. Victoria Nuland, In a single tweet, Trump destroys U.S. policy in the Middle East, (December 19,2018) , the Washington post
  15. Helene Cooper, Jim Mattes, Defense Secretary, Resigns in Rebuke of Trump’s Worldview , (December20,2018) The New York Times
  16. تقرير صحفي بعنوان: سوريا: ماذا بعد إعلان ترامب سحب القوات الأمريكية؟، (21 ديسمبر 2018م) موقع BBC بالعربي.
  17. Helene Cooper, Jim Mattes, Defense Secretary, Resigns in Rebuke of Trump’s Worldview (December20,2018), The New York Times
  18. This is not the way to leave Syria, ,(December 19,2018) the Washington post
  19. Trump’s decision to withdraw U.S. troops from Syria startles aides and allies, (December 19,2018),
  20. the Washington post
  21. تداعيات الانسحاب الأمريكي من سورية واتفاق روسي تركي وأزمة بسبب “أسلحة” الأكراد، (22 ديسمبر 2018) موقع رصيف
  22. أحدث التطورات بعد إعلان الجيش السوري دخول قواته مدينة منبج شمالي سوريا، (28 ديسمبر 2018) موقع BBC عربي
  23. بعد “الانسحاب الأميركي” تركيا تتوعد أكراد سوريا “بالدفن” (20ديسمبر 2018)، موقع سكاي نيوز عربية.
  24. تركيا ترد على تهديد ترامب و”توافق” على اقتراحه، (13 يناير 2019) موقع قناة سكاي نيوز عربية.
  25. كذبة الانسحاب الأمريكي من سوريا، (28 ديسمبر 2018) موقع روسيا اليوم.
  26. This is not the way to leave Syria, (December 19,2018) the Washington post
  27. Josh Rogi, Trump undermines his entire national security team on Syria, (December 19,2018) , the Washington post,
  28. سمدار بيري، الفائزين والخاسرين في الشرق الأوسط الجديد، (20 ديسمبر 2018) يديعوت.
  29. Victoria Nuland, In a single tweet, Trump destroys U.S. policy in the Middle East, (December 19,2018) the Washington post
  30. David M. Halbfinger, American Withdrawal From Syria Shakes Up the Middle East, (December20, 2018) , The New York Times
  31. كيرستن كنيب، هل الانسحاب الأمريكي من سوريا فكرة في محلها؟، 2018، موقع WD
  32. صحف عربية: ماذا وراء قرار الانسحاب الأمريكي من سوريا؟، (8 يناير 2019) موقع BBC عربي.
  33. حسين، خليل، تداعيات الانسحاب الأمريكي من سوريا، (7 يناير 2019)، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية.
  34. حسين، خليل، تداعيات الانسحاب الأمريكي من سوريا، (7 يناير 2019)، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية.
  35. [1] Victoria Nuland, In a single tweet, Trump destroys U.S. policy in the Middle East, (December 19,2018) the Washington post
  36. حسين، خليل، تداعيات الانسحاب الأمريكي من سوريا، (7 يناير 2019)، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية.
  37. تقرير صحفي بعنوان: سوريا: ماذا بعد إعلان ترامب سحب القوات الأمريكية؟،(21 ديسمبر 2018م) موقع BBC بالعربي. Victoria Nuland, In a single tweet, Trump destroys U.S. policy in the Middle East, (December 19,2018) the Washington post
  38. ميلاد، بسمة، لماذا يثير قرار ترامب بسحب قواته من سوريا مخاوف فرنسا؟،(20 ديسمبر 2018)، موقع عربي 21
  39. موقع استخباراتي إسرائيلي يكشف تداعيات الانسحاب الأمريكي من سوريا، (20 ديسمبر 2018)، وكالة SPUTNIK الروسية.
  40. حسين، خليل، تداعيات الانسحاب الأمريكي من سوريا، (7 يناير 2019)، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية.
  41. انسحاب الولايات المتحدة من سوريا: “ركزت إسرائيل على نقل السفارة والآن لا يلتزم الأمريكيون بأي شيء“، (22 ديسمبر 2018)، صحيفة معاريف العبرية
  42. شمعون شيفر، الولايات المتحدة تغادر إسرائيل لخوض معاركها وحدها، (20 ديسمبر 2018) صحيفة يديعوت احرونوت
  43. كارولين غليك، سحب القوات الامريكية من سوريا يخدم إسرائيل، (22 ديسمبر2018)، صحيفة معاريف العبرية
  44. Pompeo: The withdrawal from Syria will not affect our support for Israel, 2019, made for minds DW, https://p.dw.com/p/3ArtP
  45. David M. Halbfinger, American Withdrawal from Syria Shakes Up the Middle East, (December20, 2018), the New York Times.
  46. سمدار بيري، الفائزين والخاسرين في الشرق الأوسط الجديد، (20 ديسمبر 2018) يديعوت.
  47. حسين، خليل، تداعيات الانسحاب الأمريكي من سوريا، (7 يناير 2019)، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية.

[1] الوجود الأمريكي في سوريا: المقرات العسكرية وتداعيات الانسحاب المرتقب، (21 ديسمبر2018)، موقع قناة فرنسا 24.

[2] انسحاب ترامب من سوريا. من “خروج فوري” إلى “التراجع الكبير” (7 يناير 2019) موقع سكاي نيوز عربي

[3] ترامب يفاجئ الجميع بحقيقة ما وجده في سوريا وسبب الانسحاب، (يناير 2019) وكالة  SPUNTUIKالروسية .

[4] عبد الخالق، دينا، بعد 15 يوما هل تراجع ترامب عن وعوده بالانسحاب من سوريا؟ ،(3يناير20019) جريدة الوطن المصرية.

[5] الحرب في سوريا: انسحاب القوات الأمريكية “يخضع لشروط” (6 يناير 2019) موقع BBC  عربي.

[6]Josh Rogi, Trump undermines his entire national security team on Syria, (December 19,2018) , the Washington post,

[7] خياط، جلال، أتلانتيك: هذه التحديات التي ستواجه ترامب في محاربة إيران بسوريا، (6 ديسمبر 2018) موقع أوربت نت

[8] خياط، جلال، أتلانتيك: هذه التحديات التي ستواجه ترامب في محاربة إيران بسوريا، (6 ديسمبر 2018) موقع أوربت نت

[9]Trump’s decision to withdraw U.S. troops from Syria startles aides and allies, (December 19,2018), the Washington post,

[10]Josh Rogi, Trump undermines his entire national security team on Syria, (December 19,2018) , the Washington post,

[11] Victoria Nuland, In a single tweet, Trump destroys U.S. policy in the Middle East, (December 19,2018) , the Washington post

[12] Victoria Nuland, In a single tweet, Trump destroys U.S. policy in the Middle East, (December 19,2018) , the Washington post

[13] Helene Cooper, Jim Mattis, Defense Secretary, Resigns in Rebuke of Trump’s Worldview , (December20,2018)  The New York Times

[14] تقرير صحفي بعنوان: سوريا: ماذا بعد إعلان ترامب سحب القوات الأمريكية؟، (21 ديسمبر 2018م) موقع BBC بالعربي.

[15]  Helene Cooper, Jim Mattis, Defense Secretary, Resigns in Rebuke of Trump’s Worldview (December20,2018),  The New York Times

[16] This is not the way to leave Syria, ,(December 19,2018)  the Washington post

[17]Trump’s decision to withdraw U.S. troops from Syria startles aides and allies, (December 19,2018),

the Washington post

[18] تداعيات الانسحاب الأمريكي من سورية واتفاق روسي تركي وأزمة بسبب “أسلحة” الأكراد، (22 ديسمبر 2018) موقع رصيف

[19]أحدث التطورات بعد إعلان الجيش السوري دخول قواته مدينة منبج شمالي سوريا، (28 ديسمبر 2018) موقع BBC عربي

[20] بعد “الانسحاب الأميركي” تركيا تتوعد أكراد سوريا “بالدفن” (20ديسمبر 2018)، موقع سكاي نيوز عربية.

[21] تركيا ترد على تهديد ترامب و”توافق” على اقتراحه، (13 يناير 2019) موقع قناة سكاي نيوز عربية.

[22] كذبة الانسحاب الأمريكي من سوريا، (28 ديسمبر 2018) موقع روسيا اليوم.

[23] This is not the way to leave Syria, (December 19,2018)  the Washington post

[24] Josh Rogi, Trump undermines his entire national security team on Syria, (December 19,2018) , the Washington post,

[25] سمدار بيري، الفائزين والخاسرين في الشرق الأوسط الجديد، (20 ديسمبر 2018) يديعوت احرونوت.

[26]Victoria Nuland, In a single tweet, Trump destroys U.S. policy in the Middle East, (December 19,2018)  the Washington post

[27]  David M. Halbfinger, American Withdrawal From Syria Shakes Up the Middle East, (December20, 2018) , The New York Times

[28] كيرستن كنيب، هل الانسحاب الأمريكي من سوريا فكرة في محلها؟، 2018، موقع WD

[29]صحف عربية: ماذا وراء قرار الانسحاب الأمريكي من سوريا؟، (8 يناير 2019) موقع BBC عربي.

[30] حسين، خليل، تداعيات الانسحاب الأمريكي من سوريا، (7 يناير 2019)، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية.

[31] حسين، خليل، تداعيات الانسحاب الأمريكي من سوريا، (7 يناير 2019)، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية.

[32] Victoria Nuland, In a single tweet, Trump destroys U.S. policy in the Middle East, (December 19,2018)  the Washington post

[33] حسين، خليل، تداعيات الانسحاب الأمريكي من سوريا، (7 يناير 2019)، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية.

[34] تقرير صحفي بعنوان: سوريا: ماذا بعد إعلان ترامب سحب القوات الأمريكية؟،(21 ديسمبر 2018م) موقع BBC بالعربي.

[35] Victoria Nuland, In a single tweet, Trump destroys U.S. policy in the Middle East, (December 19,2018)  the Washington post

[36] ميلاد، بسمة، لماذا يثير قرار ترامب بسحب قواته من سوريا مخاوف فرنسا؟،(20 ديسمبر 2018)، موقع عربي 21

[37] موقع استخباراتي إسرائيلي يكشف تداعيات الانسحاب الأمريكي من سوريا، (20 ديسمبر 2018)، وكالة SPUTNIK الروسية.

[38] حسين، خليل، تداعيات الانسحاب الأمريكي من سوريا، (7 يناير 2019)، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية.

[39] انسحاب الولايات المتحدة من سوريا: “ركزت إسرائيل على نقل السفارة والآن لا يلتزم الأمريكيون بأي شيء“، (22 ديسمبر 2018)، صحيفة معاريف العبرية

[40] شمعون شيفر، الولايات المتحدة تغادر إسرائيل لخوض معاركها وحدها، (20 ديسمبر 2018) صحيفة يديعوت احرونوت

[41] كارولين غليك، سحب القوات الامريكية من سوريا يخدم إسرائيل، (22 ديسمبر2018)، صحيفة معاريف العبرية

[42] Pompeo: The withdrawal from Syria will not affect our support for Israel, 2019, made for minds DW, https://p.dw.com/p/3ArtP

[43]   David M. Halbfinger, American Withdrawal from Syria Shakes Up the Middle East, (December20, 2018), the New York Times.

[44] سمدار بيري، الفائزين والخاسرين في الشرق الأوسط الجديد، (20 ديسمبر 2018)  يديعوت احرونوت.

[45] حسين، خليل، تداعيات الانسحاب الأمريكي من سوريا، (7 يناير 2019)، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية.

 

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=60254

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M