تقديم الذات في الشبكات الاجتماعيّة ( تويتر نموذجًا)

عبدالله السفياني

 

مدخل:

الذات في الشبكات الاجتماعية أحد الموضوعات الطريفة التي تلامسنا يوميًّا بسبب اندماجنا الهائل في الشبكات الاجتماعية، وغفلتنا عما يُدار فيها وعما تفعله فينا اجتماعيًّا ونفسيًّا. وطرافته تنبع من أمور، منها:

1- أصبح الإنترنت والشبكات الاجتماعية وما يُسمّى بالعالم الافتراضي كله أو العالم السيبراني حياتَنا وليس جزءًا منها فقط، ونحن مقيمون فيه بأشكال متنوعة. قبل فترة وجدت تغريدة طريفة جدًّا لمغرد أمريكي اسمه جيم كويك (Jim Kwik) يقول فيها: “أتذكر عندما كنا نقول: (برب/BRB)[1] طوال الوقت حين نكون على الإنترنت، نحن الآن لم نعد نقول ذلك؛ لأننا لا نغادره، نحن الآن نعيش فيه!”، وهو يشير هنا إلى أننا مع ثورة الشبكات الاجتماعية والأجهزة الذكية التي لا تفارقنا لم نعد ننفصل عن هذا العالم؛ فصرنا نسكن فيه أو هو يسكن فينا.

2- الفلاسفة وعلماء التربية والاجتماع مشغولون بالتغييرات التي يحدثها العالم الرقمي في إدراكنا وحياتنا النفسية والاجتماعية، هذا العالم الذي بات يغيرنا بالكلية، فهناك مفاهيم كثيرة تغيرت في حياتنا دون أن نشعر، مفاهيم مهمة ومركزية، مثل: مفهوم الإنسان الذي كنا في لحظات سابقة نكاد نجمع عليه، ومفهوم الزمان والمكان، ومفهوم التربية، ومفهوم الاجتماع والمجتمع، ومفهوم الصداقة.. وهلم جرًّا.

ومثلها المفاهيم المتعلقة بهذا العالم الافتراضي التي تتخذ لنفسها مواقع جديدة، وأبرزها ” العالم الافتراضي”، فصار من المهم أن نعيد السؤال الملحّ مرة أخرى، وهو: ما الحدود الفاصلة بين الافتراضي والواقعي؟ وهل الافتراضي خيالي أم غير حقيقي؟ هل هو مرادف للوهم والوهمي؟

إنني أعتقد أن المقاربات الموجودة الآن ليس لديها جزمٌ كامل بفكرة الافتراضي، والذي يظهر أنه مر بمراحل تطورية، فكان يمكن أن نسميَ بهذا المصطلح ، في فترة من الفترات، العالمَ الإلكتروني أو الرقمي، حينما كنا ندخل إلى هذا العالم بأسماء مستعارة ونلِج إليه بفكرة التخفي (إخفاء الهوية / إخفاء الذات)، أو الدخول بأكثر من هوية وبأكثر من (معرّف/ حساب)؛ بل كان الإفصاح عن الهُوية في المنتديات وعالم الإنترنت عمومًا نوعًا من التهور غير المبرر، فضلًا عن وضع الصور الخاصة ومشاركة الحياة اليومية، لكن هذا لم يدم طويلًا حتى أصبح المستخدمون يدخلون بهوياتهم الحقيقية إلى عالم الإنترنت وإلى عالم الشبكات، بل ويحرصون على إثبات الهوية في داخل الشبكات عبر الأسماء والصور والتوثيق الرسمي لها وربط الحساب برقم الجوال وغير ذلك؛ بل أصبحنا نضيق ذرعًا بالأسماء المستعارة التي تشاركنا هذا الفضاء، ويستنكف بعضنا أن يتعامل معها ونضجر حين ينتحل شخصٌ ما هُويتنا ويتخذها اسمًا مستعارًا له!

هذا يعني أن العالم الرقمي في فترة ما كان عالمًا لكائنات مستعارة “مفترضة”؛ ولكنه مع مرور الزمن سمح بتحطيم الافتراض/ الوهم ورفع الأقنعة، وسمح بالظهور أمام الملأ على الحقيقة، وهذا يعني أن التطابق أصبح كبيرًا جدًّا بين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي، وأن العالم الافتراضي هو عالم حقيقي بكل ما تعنيه الكلمة، وليس عالمًا مزيفًا أو وهميًّا أو من نسج الخيال؛ بل كل ما فيه حقيقي لكنه عالم مغاير، ويمكن أن أسميه العالم الموازي الذي انتقلت فيه أشياء من العالم الواقعي مثلما هي، واستجدت فيه أشياء أخرى لم تكن موجودة في العالم الواقعي، وتغيرت فيه أشياء تغيرًا جذريًّا[2].

وبما أننا في عالم حقيقي سميناه عالمًا موازيًا أو افتراضيًّا، ونعيش فيه بذواتنا وخبرتنا؛ فإن السؤال الذي تطرحه هذه المقالة هو: كيف نقدم قراءة فكرية/ اجتماعية (قراءة أو مقاربة) لما يحدث داخل هذه الشبكات الاجتماعية؟

وبطبيعة الحال فإن العالم الرقمي عالم كبير، والشبكات الاجتماعية بتنوعها هي جزء صغير من هذا العالم، وسينصب حديثنا هنا في الدرجة الأولى على أحد نماذجها (تويتر) بعدِّه من أهم الشبكات المستخدمة، في الخليج العربي والسعودية تحديدًا، وما ينطبق عليه يمكن تطبيقه على الفيس بوك والسناب شات وغيرهما.

وسنحاول معًا أن نجد مقاربة فكرية أو اجتماعية لما يحدث في العالم الاجتماعي الحقيقي، ولما يحدث أيضًا في عالم الشبكات؟ ونتساءل: هل النظريات الاجتماعية التي كانت تفسر الوجود الاجتماعي الواقعي يمكن اقتباسها وتطبيقها على عالم الشبكات؟ أو أنه يجب أن نبحث عن علم اجتماع جديد يتناسب مع معطيات الشبكات الاجتماعية خصوصًا أنها تحمل لفظ “Social/ اجتماعي” الذي يجعلها تتماسّ بشكل كبير مع علم الاجتماع.

إننا في العالم الحقيقي نمارس سلوكيات اجتماعية، ونمارس أيضًا في الشبكات سلوكياتٍ اجتماعيةً، كما نقوم في العالم الحقيقي بعمليات تواصل حقيقية مع الجيران والناس من حولنا.. إلخ، وفي العالم الافتراضي أيضًا نقوم بعمليات تواصل على نطاق أوسع.

لقد كنّا قبل عصر السيارة نقوم بعمليات تواصل اجتماعي لكنها محدودة جدًّا؛ فنتعرف فيها على من حولنا في الحي، وبعد أن ظهرت السيارة توسعت دائرة العلاقات أكثر، وصرنا ننتقل إلى داخل المدن ونتعرف على وجوه جديدة ونتواصل معها اجتماعيًا، وقل مثل ذلك عن الطائرات وظهور الهاتف، ونلاحظ كمية الأعباء الاجتماعية التي تدخل إلى سلسلة العلاقات الخاصة بالأفراد مع تزايد أساليب التواصل.

وفي عالم الإنترنت أصبح العدد غير محدود!، فشبكة مثل الفيسبوك تطرح علينا كل يوم مقترحات من الأصدقاء، مع أن الصداقة مصطلح كلاسيكي معروف في الفلسفات جميعها، والأعراف الثقافية كلها، وله شروطه وسياقاته الثقافية والاجتماعية، (متى نسمي الشخص صديقًا، ومواصفات الصديق) والأدبيات المعقدة عن الصداقة؛ غير أن العالم الرقمي يفرض أدبيات جديدة لمفهوم الصداقة والتواصل. وسوف نستخدم هنا ثلاث مقاربات لقراءة المشهد في عالم الشبكات:

المقاربة الأولى- استخدام نظرية الدراما الاجتماعية إرفنغ غوفمان (Erving Goffman):

غوفمان هو صاحب كتاب “عرض الذات في الحياة اليومية” الذي صدر عام 1950م[3]. وهو عنوان شبيه بالعنوان المستخدم في هذه المقالة، ومردّ هذا التشابه المقصود هو أن نظرية غوفمان الاجتماعية التي قدمها في هذا الكتاب لتفسير تقديمنا لذواتنا في حياتنا اليومية يمكن مقاربتها إلى حدٍّ ما مع يجري في الشبكات الاجتماعية على نحو ما.

يعتقد غوفمان أننا في حياتنا اليومية نضطلع بأدوار مسرحية متنوعة وبمشاركة الجميع، وكل شخص يختار الأدوار المناسبة له في مواقف متعددة، وكأنه في الحقيقة على خشبة المسرح، فهو يراعي بشكل كبير الجمهور المشاهد، وما يتطلبه كل دور من لغة وخطاب وحركات ولباس وتقاليد خاصة؛ ليحقق النجاح في تقمص هذا الدور ضمن فريق المسرحية.

فالحياة عند غوفمان مسرح كبير على الحقيقة وليس على المجاز، ونحن عبارة عن ممثلين لأدوار موكلة إلينا، ولكل شخص منا أكثر من دور ضمن العروض المسرحية اليومية، فأنت في المنزل تمثل دورًا يختلف عن دورك في العمل وعن دورك في الشارع أو في الحفل، وفي كل دور من هذه الأدوار اشتراطات معينة حسب سياقها وعرفها الاجتماعي، وأنت تتلبس هذه الأعراف وهذه الاشتراطات؛ لذلك تبدو شخصيتك مع رفاقك في نزهة أو حفلة خاصة مختلفة تمامًا عن شخصيتك في المنزل مع أبنائك أو والديك، وكذلك في العمل مع مديرك والموظفين من حولك، ويكمن نجاحك في تقديم ذاتك في قدرتك على أداء الأدوار وما يتعلق بها على وجه مسرحي صحيح يتلاءم مع مكانتك الاجتماعية داخل هذا الدور، ودون أن يكون هناك تداخل في هذه الأدوار أو انتقال للمعلومات التي قد تفسد دورك في المسرحية، إننا نراعي في كل مسرح متطلباته من اللغة والإشارات والملابس والتعبيرات التي تتلاءم معه تمامًا دون أن نخلط بين هذه المسارح؛ إذْ لدينا القدرة على الانتقال بسلاسة من مسرح لآخر دون وعي تامٍّ منا، وفي حال وقع اختلال معين وإقحام لكلمات أو إشارات معينة لا تناسب المسرح الذي نحن فيه نُصاب بالحرج والارتباك وترمقنا أعين من حولنا بالدهشة والاستغراب!

يجعل غوفمان من عبارة شكسبير المجازية “العالم كله مسرح، والرجال والنساء مجرد لاعبين” حقيقة ونظرية تفسر كثيرًا من سلوكياتنا اليومية التي نمارسها بطريقة عفوية، وهي سلوكيات نمطية مطلوبة منا ونمارسها لإنجاح أدوارنا المسرحية.

ليس المهم هنا الدخول في تفاصيل النظرية وتفسيراتها الممتعة لمشاهد الحياة اليومية ومناقشة تنميطها للسلوك الإنساني ضمن مدرسة التفاعل الرمزي في علم الاجتماع؛ بل نحن وعلى نحو ما نحاول أن نجيب عن السؤال الملح:

هل يمكن أن تكون الحياة على الشبكات الاجتماعية و”العالم الافتراضي” مسرحًا هو الآخر يمكن لنظرية غوفمان أن تفسر لنا ما نشاهده فيه؟

يسعنا أن نقول: إن الشبكات الاجتماعية والمنتديات والألعاب التفاعلية تهيِّئُك سلفًا لفكرة أنك ممثل، فتطلب منك اختيار اسمك “المستعار” وهو القناع الذي ستلبسه في مسرحية الشبكات، وتمكنك بعض الشبكات والتطبيقات من اختيار “Emoji” صورة رمزية لك تناسب الدور الذي تريد القيام به، وتختار حينها اللباس الذي تفضله وتحب أن تظهر به وألوانه، بل والشكل الذي تحب أن يراك الآخرون به من حيث: (الطول/ الوزن/ الشعر/ اللحية/ الشارب)، ويبدو الوضع إلى هنا مقاربًا مع فكرة أن المشاركين في الشبكات الاجتماعية ممثلون فعلًا.

ولكن إذا قلنا إنّ الحياة الواقعية مسارحُ مختلفةٌ، والإنسان فيها يؤدي أدوارًا متنوعة تبعًا لكل مسرح، وليست مسرحًا واحدًا فحسب، بينما الشبكات الاجتماعية مسرحًا واحدًا مستقلًّا، ويكون ظهورنا فيه بصورة واحدة فقط!

إن الإشكاليّة هنا أن المقاربة ليست متطابقة تمامًا؛ فنظرية غوفمان تصلح للعالم الواقعي بشكل كبير جدًّا؛ لأن فيها غيرَ مسرحٍ نتقمص فيه غيرَ شخصيةٍ، وننتقل من مكان إلى آخر دون أن نواجه صعوبات بالغة؛ لأن الجمهور يمثل معنا في هذه المسارح والأدوار، بينما في الشبكات الاجتماعية نحن نظهر بصورة واحدة أمام الجميع؛ بمعنى أننا لا نمثل إلا على خشبة واحدة!

وقد يفسر لنا أحيانًا تعجبنا من بعض الشخصيات التي كنا ننظر إليها بانبهار وإعجاب من كتاب أو شعراء؛ لأننا شاهدناهم وتعرفنا عليهم في مسرح كانوا يمارسون فيه دورًا يتسم بالكمال، والذي ظهر أمامنا حينها هو جزء من المشهد في أحد المسارح؛ لكن في الشبكات الاجتماعية ليس أمامه إلا مسرح واحد، ودفعه عدم الوعي بفكرة المسارح والمشاهد أن يخرج إلى الناس بصورة لا تناسب ولا تتوافق مع صورته الواقعية التي رأيناه فيها؛ لأنه اختار دون شعور في الغالب بالكيفية التي يظهر إلى الناس من خلالها مع ضعف تقدير في حقيقة الشبكات الاجتماعية وشعوره فيها بانفراده أو بالمحيط الذي حوله، فقد يعتقد أنه أمام أصدقائه أو طلابه فيتعامل على أساس هذه الرؤية، وباختصار؛ فالذي يظهر على الشبكات الاجتماعية فجأة دون أن يكون عنده وعي بفكرة كيفية الظهور، وما المسرح الذي سيظهر فيه؟ وما الملابس التي يخرج بها؟ وما اللغة التي يتحدث بها؟ ستحصل عنده هذه الإشكالية ويفاجئ الكثير من الناس.

وقد تتشابه نظرية غوفمان إلى حدٍّ ما مع ما يقوله جي ديبور صاحب كتاب “مجتمع الاستعراض أو مجتمع الفرجة”[4] عن العصر الجديد بأن: “كل ما كان يعاش على نحو مباشر الآن تباعد ليصبح تمثيلية” وهو متأثر بالفيلسوف الألماني فيورباخ (Ludwig Feuerbach(1843م)؛ حيث ينقل عنه أن: “عصرنا يفضل الصورة على الشيء، والنسخة على الأصل، والتمثيل على الواقع، والمظهر على المخبر”.

والفرق بين هذه المقولات والرؤية وبين رؤية غوفمان هو أن الأخير يقدم نظريةً كاملة للحركة الاجتماعية التي تنهض على الرموز والانطباعات في داخل المشاهد، ومن خلالها يفسر عملية التواصل الاجتماعي الإنساني، بينما هؤلاء يقدمون نظرية نقدية لما آلت إليه الحياة البشرية مع الحضارة وعصر الصورة.

وعلى كل حال إذا كنا حقًّا نمثل في الشبكات الاجتماعية وفقًا لغوفمان؛ فإنه من المهم أن نحدد اعتبارات كثيرة تراعي السياق الاجتماعي الذي سنظهر به، ويكون لدينا إدراكٌ كامل بأن الجمهور هنا ليس محصورًا تربطنا به روابط واقعية تجعلنا لا نتحفظ في المشاركة، وأن أدوارهم في مسرحية العرض هنا غير واضحة المعالم والحدود كما هو حاصل في الحياة الواقعية؛ لذلك لا يمكن لنا أن نتوقع ردود أفعالهم لنتماهى معها، وهم كذلك ليس لديهم ما يكفي من معلومات عنا تمكنهم من ممارسة أدوارهم بإتقان لا يوقعهم ويوقعنا في الحرج.

المقاربة الثانية- (نظرية رأس مال الثقافي والاجتماعي) لبورديو:

بيير بورديو (Pierre Bourdieu)[5] من أشهر العلماء الذين أثّروا في الدراسات الاجتماعية بشكل كبير وامتدّ تأثيره للدراسات التربوية والنفسية، والسبب – في نظري – الذي جعل بورديو بهذا الحجم والتأثير الكبير في الدراسات الاجتماعية أنه لم يقتنع بالمدرسة الاجتماعية التي كانت تنظر إلى أنّ الحركات الاجتماعية أو علم الاجتماع عمومًا يُفهم من خلال البنية الأساسية أو البنى الاجتماعية “الموضوع”، وأيضًا رفض فكرة المدرسة الاجتماعية التي تقول: إن التأثير في المجتمعات وحركتها يكون من خلال الفاعلين في هذه البنى/ “الذات”.

جاء بورديو ليجمع بين الموضوع والذات، بين البنى والفاعلين، وفسّر كثيرًا من الظواهر الاجتماعية التي نراها من خلال النظريات التي قدمها، والتي لم تغفل البنى الاجتماعية الأساسية ولم تتجاوز الفاعلين الاجتماعيين وأدوارهم داخل البنى الاجتماعية، ومن أشهر ما قدمه بورديو توسيعُ فكرة رأس المال الذي كان مطروحًا في الفلسفة الماركسية بعدِّه أهم محاورها الأساسية، ويقصد به رأس المال الاقتصادي وعدّه المؤثر الأقوى في المجتمع، والبنية الأساسية التي تدور حولها وفيها الطبقات الاجتماعية؛ وعلى الرغم من أهمية رأس المال الاقتصادي إلا أن بورديو أضاف رؤوس أموال أخرى لها تأثيرها المقارب والموازي للاقتصاد وحركته في المجتمع، فأضاف الرأس مال الثقافي والرأس مال الاجتماعي وكلها تشكل مجتمعةً الرأس مال الرمزي.

لقد نظر بورديو إلى الرأس مال الاقتصادي فوجده يتميز بميزات منحته هذه القدرة على التأثير، كالتراكم والسلطة والهيمنة، وهو إلى ذلك يحقق منافعَ ويمنح مزايا لأصحابه، وحين قلّب النظر في الثقافة وجد أنّها تنهض بهذا الدور وتمنح أصحابها تراكمًا وسلطة، وتعطيهم مزايا وتحقق لهم منافعَ، والأمر ينسحب كذلك على رأس المال الاجتماعي.

أ- رأس المال الثقافي (Cultural Capital):

يمكن أن ننظر إلى الرأس مال الثقافي بعدّه رأس مال رمزيًّا يحقق لأصحابه تقديرًا ومكانةً معنوية من أفراد المجتمع، وعادة ما يتكون من:

1- رأس مال ثقافي موروث: حيث ينتسب الفرد لأسرة ذات مكانة علمية يتوارث الأبناء عن الآباء عن الأجداد هذه المكانة، وتصبح هذه الأسرة ذات رأس مال ثقافي، ويحظون بتقدير معنوي في المجتمع.

2- رأس مال ثقافي مكتسب: وفيه يسعى الفرد إلى الحصول على الشهادات الجامعية والدورات التدريبية المهنية واللغات والمهارات، فيكوّن لنفسه رأس مال ثقافيًّا مؤثرًا.

ب- رأس المال الاجتماعي (Social Capital):

ويقصد به امتلاك الفرد أرصدة وموارد اجتماعية وشبكة من العلاقات الاجتماعية المؤثرة، ويحظى بثقة ومنزلة ومكانة كبيرة فيها، وقد يتكون للمرء أرصدة اجتماعية كونه من أسرة ذات مكانة خاصة في مجتمعها، وقد تكون هذه المكانة متوارثة عبر الأجيال (إمارة/مشيخة/قيادة) أو من خلال بناء الفرد لشبكات من العلاقات التي يكون لها نفوذها الخاص في المجتمع، وتكوّن هذه الرساميل مجتمعةً رأس المال الرمزي الذي يظهر في صور من الشرف والمكانة والهيبة والسلطة.

ونحن في الحياة الواقعية نستخدم هذه الرساميل سواء شعرنا بذلك أم لم نشعر، فكثير ممن يحيطون بنا يعرفوننا جيدًا ويضعون كل شخص في سياقه الثقافي والاجتماعي، ويتعاملون معه في ضوء هذه الرمزية التفاعلية في التواصل، وعادةً ما يحضر الفرد في المناسبات الثقافية والاجتماعية متمترسًا برأس ماله الثقافي والاجتماعي؛ مما يسهل عليه عمليات التواصل، ولا يخشى كثيرًا من انتهاك موقعه الرمزي؛ لأن المحيط في الغالب يدركون ذلك ويتعاملون من خلاله.

وإذا انتقلنا إلى الشبكات الاجتماعية فسيكون الوضع مختلفًا تمامًا؛ لأن التواصل فيها مع ألوف من البشر ليس لهم أي علاقة غالبًا بالفرد، ولا يملكون أي فكرة مسبقة عمّا يمتلكه من رصيد رمزي اجتماعي أو ثقافي، فيحصل في الشبكات الاجتماعية ما يشبه الانهيار الذي يسميه مايكل ويش Michael Wesch (انهيار السياق/ Context Collapse).

إننا نتعامل مع مجموعات نسميها (أصدقاء)، بينما نحن في الحقيقة لا تربطنا بهم علاقة صداقة ولا يعرفون عنا إلا الأسماء المعلقة في الفضاء، فقد تدخل في حوار ساخن حول النانو وأنت تحمل شهادة دكتوراة في هذا التخصص مع شخص لا يحمل شهادة جامعية فضلًا عن أن يكون متخصصًا في هذا المجال!

أمام هذه المفارقات العجيبة وهي الحضور من سياق اجتماعي واقعي ندرك فيه مكانتنا ومكانة من حولنا ونبني سياقاتنا التواصلية بوعي تام، إلى ما يشبه الدخول في متاهة غرائبية، إنها طبيعة العلاقات الافتراضية كما يسميها كاثي (Kathy)[6] التي تلاشت فيها حـدود المكـان والزمـان وتراجعـت فيـها مفـاهيم القرابـة وصـلات الـدم والعمـل والمـصالح والتـشابه والاخـتلاف، لتحـل محلـها مفـاهيم جديـدة تمامًـا.

ومع ذلك فإن الشبكات الاجتماعية حرَصت على أن تقدم لنا خيارات كثيرة تساعدنا على الحضور برمزيتنا الاجتماعية والثقافية في الشبكات، ونعرف بأنفسنا من خلالها.

لقد منحنا تويتر وغيره من الشبكات القدرةَ على أن ننقل شيئًا من رأس مالنا الثقافي والاجتماعي إلى عالم الشبكات، وذلك من خلال عدد من الأدوات والإعدادات سننظر إليها تباعًا وإلى كيفية توظيف ذواتنا لها.

  • المعرف الشخصي:

عادة ما يختار الأفراد أسماءهم الحقيقية للتعريف بهم، وقد يلجأ آخرون إلى إخفاء هويتهم لأسباب كثيرة، من أبرزها شعورُهم بالأمان في التعبير عن آرائهم مهما كانت شاذة وقاسية وخطيرة، وإبعادُ ذواتهم الحقيقية وذويهم عن أي خطر قد تفرضه طبيعة الآراء التي يفصحون عنها، أو السلوكيات التي يرتكبونها خاصة إذا اتسمت بالتنمر والتهور.

والاسم هو الدلالة الأولية للذات، والعلامة التي نحملها للإحالة إلى أنفسنا؛ ولكنها دلالة ليست عميقة إلى الحد الكافي لإيصال كل شيء عنا، إنها مجرد اسم ووسم قد نتخلى عنه في لحظة ما ونستبدل به غيره، ولكي نعزز من قدرة الاسم على حمل المسمى يعمد بعضُنا إلى تطريز الاسم بلقب سابق أو لاحق يشير إلى رأس مال ثقافي أو اجتماعي (الدكتور/المهندس/الأمير/السيد/الشريف.. إلخ).

بهذه الطريقة يكون بعضُنا تحصّن قليلًا في الفضاء السيبراني، وحاول من خلال اللقب والاسم أن يستخدم رأس مال رمزيًّا (مكانة/هيبة) تجعل بعض مَن في الشبكات يتعاملون معه وفق هذه الهيبة التي يحاول استخدامها.

لكن تحظى هذه الطريقة في تقديم الذات في الشبكات بشيء من الانتقاد، فكثيرون يرون أن هذه الألقاب يجب أن تكون محصورة في أماكن العمل أو في الحياة الواقعية، ويرون أن استخدامها في الشبكات يدل على شيء من الغرور والتعالي الذي لا يروق لهم.

بسبب هذا النقد تخلى بعض المشاركين في الشبكات من أصحاب الألقاب عن ألقابهم، واستخدموا أسماءهم مجردة من السوابق واللواحق، وهي طريقة في عرض الذات تريد أن تقول أحيانًا انظروا إليَّ كم أنا متواضع، لقد تخلّيت عن لقب (الدكتور/الشيخ/المهندس.. إلخ) إنها لا تعني لي شيئًا.. خاصة عند أولئك الذين يكررون تبريرهم لترك اللقب باستمرار، أو يتوجهون بالنقد المستمر لأولئك الذين يستخدمونه، إنها تبدو تسويقًا للذات بطريقة التواضع المصطنع؛ لكسب تعاطف جماهير الشبكات من فئة الشباب الذين يروق لهم هذا الصنيع.

وهذا بطبيعة الحال لا ينفي أن هناك مَن يتعامل مع الموضوع برمته بعفوية تامة، ولا يعني له الأمر أي شيء سوى أنه يضع اسمه فقط؛ ولكنها تظل طريقة في تقديم الذات قد تفسر بغيرِ طريقةٍ سواء شعر بذلك أم لم يشعر!

  • النبذة (البايو/Bio):

يتيح لنا تويتر وغيره من الشبكات مساحة للتعبير المختصر عن أنفسنا (سيرة ذاتية مختصرة) يمكن أن تتلخص في سؤال مفاده: من أنت؟ أو كيف تعرف نفسَك للآخرين في هذا الفضاء؟

في هذه المساحة يحاول بعض المشاركين جلب رساميلهم الثقافية والاجتماعية إلى الشبكة من خلال التعريف بأنفسهم، فيحددون مراكزهم الوظيفية أو رتبهم العلمية ومجالاتها التخصصية أو ما يشير إلى طبقتهم الاجتماعية، ومن المثير للاستغراب أحيانًا ترك بعضهم لاستخدام اللقب المرقوم قبل اسمه، بينما في النبذة يتحدث بإسهاب عن رصيده الوظيفي والاجتماعي، فهو فلان ابن فلان في الاسم؛ ولكنه في النبذة (أستاذ دكتور في… ومستشار.. ومؤلف كتب:… أو مدير شركة أو شيخ قبيلة.. إلخ)، وقد يسرد جزءًا من إنجازاته ومؤلفاته، وهي طريقة موجودة على الشبكات في تقديم الذات، وقد تشير إلى فكرة التواضع المصطنع أو قد نعدها من زاوية أخرى طريقة منطقية، فالنبذة لا تطالعنا كل حين مثل اللقب قبل الاسم؛ ولكنها متاحة لمن أراد أن يتعرف أكثر على صاحب التغريدة بالدخول إلى ملفه الشخصي، وقد تفهم حينها بأنها فكرة ممتازة لزيادة الموثوقية، خاصة حين يتحدث الشخص في مجال علمي؛ فتكون النبذة سندًا داعمًا له (رأس مال ثقافي) أمام المتابعين والقراء.

وفي أحيان أخرى يتخلى بعض المشاركين في الشبكات عن تدوين سيرهم الذاتية المختصرة في النبذة، ويعمد إلى كتابة عبارات ذوات أبعاد فنية أو إبداعية أو عبارات فلسفية ذوات عمق ودلالات رمزية، وهم بذلك يحاولون من طرف خفي لفت الانتباه لاهتمامهم بهذه الحقول لا من خلال ما يقولونه عن أنفسهم؛ بل من خلال اختيارهم لهذه العبارات التي تسعى من خلال الاستمالات العاطفية والإبداعية للتأثير في المتابعين.

وهذه طريقة في عرض الذات تريد من المتابعين أن ينظروا إليهم من خلال مرآة عاكسة تتزين بجميل القول وزخرفه، وكأنه يقول بشيء من الخجل المصطنع أيضًا هذا أنا..!، ويصلح أن يكون البايو في تويتر على وجه التحديد موضوعًا لدراسة معمقة من جوانب متعددة تكشف عن دلالاته الرمزية وعلاقتها بأصحاب الحسابات وبالمحتوى المقدم، وتقيس المسافات بين القيم العليا (الشعارات) والقيم الدنيا (الممارسات)، وكذلك دورها في ردم الفجوة بين صاحب الحساب والمتابعين، والتقليل من تعثرات انهيار السياق وأثر ذلك في التواصل التداولي في الحوارات والنقاشات في تويتر.

وأرى أنه من المهم أن أعيد التكرار أن القراءات لما يحدث في الشبكات لا يستلزم إيجاد الجانب السلبي أو حتى الإيجابي على وجه التحديد؛ بل هو فضاء مفتوح على أكثر من تأويل للفهم كما هو حاصل في الحياة الاجتماعية، كما تظل هناك جوانب لا يمكن تفسيرها أو رؤيتها تتعلق بخصوصية كل شخص ونظرته الخاصة، وما يعنيه له كل إجراء على الشبكة مما لا يعلنه ولا يوضحه.

  • الصورة الشخصية:

لا يمكن للصورة أن تكون مجرد ألوان صامتة فقط تموت معها الدلالات الرمزية، وقد ذكرنا سابقًا أن استخدام الاسم الحقيقي والصورة الشخصية في الإنترنت قديمًا عملية شبه جنونية، ومع الزمن صارت العملية عكسية تمامًا، إلا للذين ما زال لديهم ما يخفونه ويخشون عليه ويخبئونه تحت الأسماء المستعارة والصور الرمزية.

إن أول ما تقوله الصورة لنا بكل بساطة (هذا أنا) ولست شخصًا آخر، وإذا كان الاسم دعوى فالصورة دليلها، ومن خلال صورتك تظهر للعالم على حقيقة كونك ذاتًا إنسانية يمكن أن تُعرف وتُميز عن غيرك؛ لذلك تحمل هوياتنا الوطنية وجوازات السفر صورنا الشخصية، إنها تحملها وتحملنا معها، ولا يمكننا العبور للآخر إلا من خلالها، فموظفو الجوازات يحسنون التحديق في ملامحك وفي صورتك على الجواز وربما في ملامح صور تشبهك على جهازه قبل أن يقول لك تفضل هذا أنت!

ولا ننسى أنّ الصور الشخصية تركز على الوجه بعدّه الكتابَ المقروء للعالم في تواصله معك، فالوجه في الفلسفة خصوصًا عند ليفيناس[7] هو المميز لفلسفته؛ حيث يعد الوجه عنده حاملًا للإنسانية التي نحن محكومون بها، فالخير محبة، والمحبة وجه، واختيار وحريّة وطيبة، وأننا يجب أن لا نفهم الوجه في شكله الظاهري؛ بل في المعاني التي يمكن أن يُوحي بها، فعندما ننظر إلى الوجه يمكننا أن نقرأ الكثير من المعاني التي ربما تعجِز اللغة المستعملة التعبير عنها، فالوجه هو الذي يحرّم عليّ قتل الآخر؛ إذ لا يمكن لشخص قتل آخر وهو ينظر إليه وجهًا لوجه؛ لذلك يقول ليفيناس في فلسفته: “ليس الوجه شيئًا يمكنني أن أدركه ولكنه تجل وحالة تكشف”[8].

وأظن أن كثيرًا منا يتفحص الوجوه في الصور وتتسرب إلى نفسه منها إيحاءات تحدث عن أصحابها؛ إذْ يمكن أن ننظر إلى الوجه بعدِّه ذاكرة الإنسان التي تترك الحياة آثارها عليه من ندوب وخطوط وتموجات، هذا ما لم تتعرض الصور لتقنيات تعديل الصور بالبرامج المخصصة لذلك، والتي تحيلها إلى أقنعة بلاستيكية لا يمكن لبصيرتك أن تنفذ من خلالها، فقد شكَّلت الصورة الفوتوغرافية عند ظهورها انقلابًا مهمًّا في عملية الوعي بالذات، يقول بارت في كتابه (الغرفة المضيئة): “ومما يثير الفضول أننا لم نفكر في اضطراب الحضارة الذي جاء به هذا الفعل الجديد، ذلك أن الصورة الفوتوغرافية هي حضوري أنا نفسي بوصفي آخر، هي انفصال مراوغ للوعي بالهوية” أن تنفصل عن ذاتك لترى نفسك بين يديك، إنها فكرة كانت سابقًا ضربًا من الجنون!

وعلى كل حال تتيح لنا الصورة فكرة أن ننقل الرأس مال الثقافي والاجتماعي إلى الشبكة عبر اختيار الصور القادرة على ذلك. يتحدث رولان بارت في كتابه السابق “الغرفة المضيئة”[9] عن الصور ودلالتها الرمزية والتواصلية، وكيفية تحليلها وتأويلها من ثلاث زوايا: زاوية المصوِّر وزاوية المشاهد للصورة وزاوية الشخص المصوَّر وهو ينظر إلى نفسه، ويستخدم بارت مصطلحين مهمين هنا هما: الاستيوديوم والبنكتيوم لمحاولة العبور من خلال الصورة.

الاستيوديوم: ويمكن أن نعبر عنه بأنه الطريقة التي نقرأ بها المحتوى الثقافي للصورة، ونعرف مثلًا صورة من هذه الصورة؟ إنها الصورة كما هي في رسالتها الأولى التي تريد أن تقول من خلالها هذا أنا.

البنكتيوم: وتعني الإيحاءات والإشارات التي تحيل إليها الصورة عبر أجوائها وما يحيط بها من أشكال وألوان تحمل دلالات معينة، ويمكن لنا من خلال فكرة البنكتيوم البارتية أن نختار الصور القادرة بمكوناتها الخاصة لننقل الرساميل التي نريد.

نشاهد على الشبكات الاجتماعية صورًا شخصية يمسك فيها صاحبها لاقطًا صوتيًّا (مايك) أو في قاعة مؤتمرات أو في قناة تلفزيونية أو في مكتبة أو ممسكًا بكتاب؛ ليقول لك بطريقة غير مباشرة إنه شخصية ثقافية أو علمية مشاركة ذات حضور إعلامي مثلًا.. أو قد يختار صورة له وهو بجوار شخصية مرموقة (أمير/شيخ/مشهور) ليدلك إيحائيًّا على مكانة اجتماعية معينة ليتكون من خلال ذلك رأسمال رمزيًّا؛ بل حتى الملابس التي يظهر بها في الصورة المنتقاة للعرض لها إشاراتها الرمزية (ثوب/بدلة/بشت)، والمكان الذي التقطت فيه الصورة والهيئة التي يظهر بها في الوقوف أو الجلوس، ولو رحنا نحلل كل صورة وما نستشفه منها لطال بنا المقام، ويمكن أن ينسحب الكلام في الصورة الشخصية إلى الصور التي توضع عادة في رأس الملف الشخصي (header) وكيفية انتقائنا للصور فيها بما يحقق تعزيز وجودنا الرمزي والاجتماعي في الشبكة.

وهناك حالات كثيرة يتخذ فيها الأشخاص صورًا رمزية غير شخصية قد تكون من الطبيعة أو من غيرها بدلًا من استخدام صورهم الشخصية لأسباب أحيانًا تتعلق بحفظ الخصوصية خاصة للنساء اللاتي لا يرغبن في الظهور المعلن، أو حتى للرجال الذين يفضلون فكرة غير الوجه غير المرئي في التواصل الشبكي، وقد يكون لقراءة كل صورة للملف الشخصي على حدة ما قد يشير إلى سمات معينة تتعلق بالشخصية ربما يدركها المتخصصون في الدراسات النفسية.

هذه مجموعة من الخيارات والأدوات التي يوفرها تويتر وغيره من الشبكات تمكن المشاركين فيه من عرض ذواتهم من خلالها، وتبدو هذه الخيارات للعرض (شكلانية) لا تتعلق بالمضامين، وهذا بطبيعة الحال موجود في الحياة الواقعية، فالاهتمام بالشكل في حضور الذات في المواقف اليومية أمرٌ ملاحظ ومشهود؛ بل أصبح المحور الأساسي في الواقع المعاصر مع تزايد صرخات الموضة وعمليات التجميل والمبالغة في التجمل والظهور الشكلي اللافت، وهو ما انعكس كذلك على الحضور ذاته في الشبكات الاجتماعية، سواء من خلال هذه الخيارات أو من خلال المحتوى كذلك الذي يعزز فيه المشارك في الشبكات نشر لحظاته اليومية التي يصور فيها انغماسه في عالم من الرموز الشكلية (سفر/تجميل/سيارات/تسوق/ملابس/عطور)!

وحاولنا في هذه النبذة أن نربط بين فكرة الرأس مال الثقافي والاجتماعي عند بورديو وكيفية توظيفنا لها في تويتر أو غيره من الشبكات.

المقاربة الثالثة- “تسويق الذات/ Self marketing“:

أعتقد أنه لا شيء يطغى على منظومة الحياة الإنسانية المعاصرة أكثر من التسليع، وقابلية تحويل كل شيء إلى سلعة قابلة للبيع والشراء، وقبل ذلك كله عملية (التسويق)!

أشرعت ما بعد الحداثة الأبواب أمام هذه السيولة الجارفة التي لم يعد للحدود فيها أي معنى يمنع من أي شيء ما دام يحقق متعة أو فائدة أيًّا كانت في عالم استهلاكي بالدرجة الأولى.

وقد يُعد تسويق الذات من إفرازات هذه السيولة إذا وصل إلى مرحلة من المبالغة، وكثيرًا ما يستخدم مصطلح تسويق الذات للدلالة على كيفية تنمية الشخص لمهاراته وقدراته وتطويرها ثم عرضها بطريقة مبهرة على الشركات والمؤسسات؛ ليحظى بفرص وظيفية أو استثمارية تحقق طموحاته؛ ولكنني أعتقد أن هذا المفهوم الإجرائي قاصرٌ؛ لأنه يحرمنا من النظر إلى فكرة تسويق الذات بشكل أكثر شمولية؛ لتعني مقدرة الفرد على لفت الانتباه إليه بما يحقق حضورًا جماهيريًّا واسعًا وتأثيرًا قويًّا باستخدام طرائق مختلفة مشروعة وغير مشروعة.

وتشكّل الشبكات الاجتماعية ثورة كبيرة يتنافس فيها روادها في تسويق أنفسهم لحصد أكبر عدد ممكن من المتابعين أو الأصدقاء لتحقيق أهداف مختلفة معنوية ومادية.

يرى كوتلر[10] في كتابه التسويق الإستراتيجي للمنظمات غير الربحية أنه من الخطأ النظر إلى التسويق بعدّه عملًا تجاريًّا؛ بل يجب أن يمتد للمؤسسات الخيرية والتطوعية، فهو يرى أننا جميعًا مسوقون ونسوِّق لأنفسنا في العمل وفي المنزل، بل ونسوق أنفسنا لأنفسنا لنحصل على الرضا وتعزيز الذات.

إن الشبكات الاجتماعية لاحظت هذه الفكرة وعززتها حتى صار التنافس في الشبكات محمومًا للحصول على أكبر قدر من التقدير الإيجابي، من خلال زيادة أعداد المتابعين (بالشراء أحيانًا) وزيادة عدد الإعجابات والتفضيلات وإعادة التدوير (الرتويت) وأعداد المشاهدات.

لقد صار للعدد أهميةٌ كبيرة في تويتر وغيره من الشبكات، ويحسب مدى تأثيرك في هذا الوسط المزحوم من خلال هذه الأعداد التي تجمعها وتسوق لذاتك من خلالها، ويُحقق المتنافسون في الشبكات من خلال جزء من هذه العملية رأس مال رمزيًّا يتمثل في المكانة والشهرة، وصار مشاهير الشبكات بسبب قدرتهم على تسويق ذواتهم أكثر حضورًا في المجتمع الشبكي والواقعي، ومن أجل تحقيق هذه المكاسب تُكسَر كثير من المفاهيم الأخلاقية والاجتماعية لخلق حالة من الإثارة التي يشتهر بها هؤلاء، والتي صار كثير من النقاد يسميها (التفاهة).

ويسوِّق أغلب من في الشبكات لأنفسهم لتحقيق أهداف مالية أو من أجل تحقيق رساميل ثقافية أو اجتماعية أو رمزية، ولكل شخص طريقته الخاصة في التسويق من خلال الأدوات التي تتيحها إعدادات الشبكة: (الصور /النبذة/ الاسم) ومن خلال المحتوى المقدم، واهتبال الفرص والوسوم (الهاشتاقات) لتقديم محتوى يؤثر في الجماهير للإغراء بالمتابعة.

وفي هذا الاتجاه يمكننا ملاحظة أنواع من المحتوى يعرض من خلالها المشاركون ذواتهم ويسوقون لأنفسهم، فهناك النمط الذي يتخذ التخصص الذي ينتمي إليه مجالًا خاصًّا لتغريداته، ويقصر نفسه عليه ويحصر نفسه فيه؛ ليكون أحد المراجع الحصرية على الشبكة، ويفتح المجال للاستشارات والاستفسارات في مجال تخصصه، ورغم ما يتعرض له كثير منهم من نقد في بعض ما ينشرونه ومدى دقته إلا أنهم يحققون شهرة واسعة ويكوّنون علاقات جيدة بالمجتمع الشبكي ويستضافون في الندوات والقنوات الإعلامية.

وهناك من يتخذ المحتوى المتنوع مجالًا له ويطالع المتابعين بما يحاول أن يكون جديدًا ومدهشًا من خلال كتابته أو نقله أو ترجمته، وتشبه فكرته التسويقية محلات البيع التي تحاول أن توفر لك كل شيء حتى لا تبحث عنه عند غيرها، وهم كذلك رغم الشهرة الواسعة التي يحققونها لا تخلو معلوماتهم التي يبثونها من الأخطاء وخبط العشواء.

ويتخذ المشاركون في الشبكات عمومًا وتويتر على وجه الخصوص نمطين من أنماط الظهور وتقديم الذات لها ما يبررها ويدعو لها:

  • النمط غير المتحفظ:

من جانب نفسي يشعر المشاركون في الشبكات والفضاء الرقمي/السيبراني بما يمكن أن يسمى القلق السيبراني، وفيه يعيش الأفراد ترقبًا وتحفزًا في انتظار للتفاعل والردود وإرسال الرسائل واستقبالها.

النمط غير المتحفظ هو نوع من عرض الذات يشعر خلالها الفرد بأنه بعيد عن الرقابة والمتابعة، وأن لديه مساحة من الحرية كبيرة وغير واضحة الحدود؛ ما يدفعه إلى ممارسة السلوكيات التي يريدها دون تحفظ على خلاف واقعه الاجتماعي الحقيقي، فيشتم ويتنمر ويتحرش ويعرض صورًا وكتابات خادشةً للذوق العام دون مبالاة، ويساعده الفضاء السيبراني على ذلك فيما تسميه ماري آيكن “التصعيد السيبراني”[11]؛ حيث ترتفع حدة الحماس وتتحول القضايا العادية إلى نار مشتعلة ويفقد المشارك آليات الضبط فيندفع في حوارات تأخذه إلى مسارات يتحدث فيها بما يعجِز عنه في حياته الواقعية، ويجد بعضهم في تويتر فرصةً لكسر حالة الخجل التي تسيطر على حياته الحقيقية ومتنفسًا يسكب فيه أفكاره ومفرداته بعيدًا عن الضغط النفسي والاجتماعي المباشر.

يذكر سولر[12] ستة أسباب لظهور النمط غير المتحفظ أو ما يسميه التخلي عن التحفظ عند استخدام الإنترنت (The_online_disinhibition_effect)، منها القدرة على الظهور دون الكشف عن الهوية باستخدام أسماء مستعارة توحي للشخص بعدم تحمل مسؤولية ما يقوم به، وتمنحه فرصة للانخراط في مظاهر وسلوكيات تعوقه عنها حياته الاجتماعية الحقيقية.

ومنها اللاتزامن؛ وهو فقدان التواصل الفوري المباشر الذي تتلقى فيه عادة ردات الأفعال مباشرة وتجعلك أكثر تحفظًا؛ لأننا نتلقى في الاتصال والتواصل التزامني إشارات وردات أفعال غير لفظية من ملامح الجسد وتعبيراته؛ تجعلنا نحد من تواصلنا ونراعي المقام قدر المستطاع، بينما في الشبكات الوضع مختلف تمامًا فنحن لا نتلقى ردات الأفعال مباشرة ولا نستطيع تقديرها على وجه الدقة.

ومن الأسباب التي أشار إليها أن الشبكات قللت من فكرة المكانة والسلطة التي عادة ما تحكم طرائق التواصل بين البشر في العالم الحقيقي، فحين يتواصل طرفان أحدهما يمتلك مكانة وسلطة أعلى (معلم وطالب، طبيب ومريض) فإنه في العالم الحقيقي يسود ما يسميه فان دايك[13] سلطة الخطاب التي تفرض على الأدنى مراعاة الأعلى واحترامه إلى درجة قد تصل إلى التزام الصمت، أما في الشبكات فيسود إحساس بعلاقات الزمالة لأننا نحضر فيها مجردين من الرأسمال الثقافي والاجتماعي كما ذكرنا سابقًا رغم محاولاتنا لردم هذه الفجوة من خلال ما تتيحه الشبكات.

ويشير سولر إلى أن من الأسباب كذلك الظن لدى بعض مستخدمي الإنترنت أنه عالم خيالي أو وهمي (افتراضي)، ويمتد ذلك إلى فكرة أكثر دقة وهو ما يتملكنا من إحساس غريب في حواراتنا على الشبكات بأن الطرف الآخر موجود في أذهاننا فقط، وهو نوع يطلق عليه بعض الفلاسفة الإيمان بالأنا (Solipsims)، وقد يكون ذلك فيما أرى بسبب الاندماج في فضاء حوارات الشبكات الاجتماعية والشعور بحالة من التوحد أو بالذات؛ ما يجعل القدرة على ضبط التحفظ غائبًا بدرجات متفاوتة.

ويمكننا أن نضيف هنا سببًا آخر وهو ما أفضل تسميتَه بـ(جرأة التباعد)؛ حيث إن انفصالنا عن الآخر وعدم مباشرتنا له بالحوار وجهًا لوجه تمكننا من اكتساب مناعة إضافية لقول ما نريد قوله بدون المزيد من التحفظ الذي يفرضه الموقف المباشر من مراعاة لأمور كثيرة، إنه يشبه إلى حدٍّ ما فكرة الحديث عن الشخص في حال غيابه، فالغياب يزيد من جرعة الجرأة في إبداء الرأي دون تحفظ، وكذلك يفعل التباعد الذي توفره الشبكات في حواراتها المختلفة.

ومن أسباب عدم القدرة على التحفظ في الشبكات ما أشرنا إليه سابقًا من أن بعض المشاركين ليس لديه القدرة على تمييز نوع المسرح الذي سيظهر عليه في الشبكة، ولديه شعور أنه في منطقة آمنة متاحة لأخذ حريته فيبدو غير متحفظ في طرحه وكأنه في مجموعة من أصدقائه المقربين الذين يرفعون الحرج في تواصلهم مع بعض، بحسب ما تحدثنا فيه عن نظرية غوفمان.

  • النمط المتحفظ على الشبكات:

وهذا النمط هو بخلاف السابق تمامًا، وكثيرًا ما تتبناه الشخصيات ذوات الطابع الرسمي أو العلمي، والذين يمتلكون مكانة اجتماعية يحضرونها معهم في الشبكات ويحاولون المحافظة عليها؛ لذلك تجدهم يتحسسون من أي مساس بهذه المكانة أو التعرض لها في أثناء الحوارات المفتوحة، ويشهرون (الحظر) في وجه أي محاولة بحسب تقديرهم تقترب من هذه المنطقة الممنوعة، وكثيرًا ما تجد نقدًا لاذعًا عند بعض هؤلاء للشبكات الاجتماعية وتصدر التافهين فيها؛ بسبب المنافسة على المكانة ومنافذ الخطاب، فحين يشاهدون غيرهم حاز هذه المكانة والشهرة على الشبكات ولم يستطيعوا تحقيق قدر كاف منها كما حققوه في الواقع الاجتماعي الحقيقي؛ فإنهم يوجهون أصابع الاتهام لهؤلاء وللجماهير التي تتابعهم وللمنابر التي سمحت لهم بالظهور وتحقيق المكانة الرمزية! وتعود طريقة عرضهم لذواتهم في نمط متحفظ لأمور كثيرة، من أبرزها:

  • المحافظة على المكانة: وهو رأس المال الرمزي الذي عادة لا يفرط فيه أصحابه بسهولة، والبقاء في الشبكات الاجتماعية وسط جماهير لا تعرف هذه المكانة وتتعامل مع الآخرين بشيء من الندية تسقط معها تراتبية سلطة الخطاب قد يعرضها للانتقاص والاهتزاز؛ لذلك يفضلون التحفظ في المشاركة والردود المقتضبة وتجاوز الإساءات قدر المستطاع، وحظر أي شخص يشعرون بأنه يهدد هذه المنطقة لديهم مبررين هذا الحظر أحيانًا بعدم الاحترام ومراعاة أدب الحديث.. إلخ.
  • الخوف: وهو عامل مهم يدفعنا في أحيان كثيرة للعمل وفق تدابير من التحوط والتحفظ، سواء كان الخوف من السلطة أو من المسؤولين في العمل أو من نظرة المجتمع الحقيقي لنا في الشبكات بصورة لا تليق بنا وتحط من قدرنا أمامهم.
  • لائقية المظهر: يقول جلاوكون شقيق أفلاطون: “إن النّاس يحبون أن يظهروا بمظهر لائق أكثر من كونهم أشخاصًا صالحين”[14]، والتحفظ طريقة جيدة يكتسي فيها المشارك مظهرًا جيدًا يتجمل به أمام المتابعين، ويحاول ماريني موشي أن يوضح ذلك أكثر، فيقول: يجوز الاعتقاد بأن القاعدة هي أن الناس تتصرف بطريقة مثلى أمام الآخرين مقارنةً بما يفعلونه في حياتهم الخاصة، وقد يفسر لنا ذلك استخدام نظام المراقبة بالكاميرات؛ حيث يجتهد العاملون في أن يظهروا بصورة لائقة ومثلى[15].

ونحن هنا نتحاشى التعميم الذي قد يفهم من فكرة جلاوكون، والتي ناقشها أفلاطون بتوسع في فكرة العدالة، أو حتى نظرة ماريني موشي لأن هناك أشخاصًا هم فعلًا جيدون مظهرًا ومخبرًا، ويمثلون وجودهم الحقيقي والموازي بالطريقة نفسها، ولا ينفي عدم التعميم أن لدى بعض المشاركين في الشبكات رؤيةً مفادها أن الظهور على الشبكات فرصة لتجميل الذات والظهور بصورة مدهشة وإن كانت تخالف الحقيقة، وعدّها مسرحًا خاصًّا يحتاج إلى ظهور خاص كما عند غوفمان، وأن بالمقدور أن يظهروا بصورة مثالية في الحوار وتقبل الرأي والرأي الآخر والاحتفاء بالحوار والترويج له، ولديهم المقدرة على اقتناص الفرص التي تتيحها الشبكات للمشاركة بفاعليةٍ وتميزٍ، متحفظين على أي مشاركة قد تخدش هذه الصورة الكمالية.

لدى هذه الفئة بالذات قدرةٌ عالية على تسويق نفسها في الشبكات والظهور في كل موقف باللباس الخاص واللغة الخاصة التي تراعي جيدًا حس الجمهور واتجاهاته وميولاته، إنهم شعبيّون ولكن بطريقة احترافية وأدوات نخبوية؛ لذا يحظون بمديح كبير وتبجيل عال؛ لأنهم يحسنون دغدغة مشاعر الناس ليكيلوا لهم المدائح التي يسارعون عادة لإعادة نشرها وتفضيلها والرد عليها بعبارات التواضع المصطنع مع ضرورة عدم التعميم هنا!

وفي الختام، يظل العالم الموازي/الافتراضي والشبكات الاجتماعية حقلًا خصبًا ومميزًا للدراسات النفسية والتربوية والاجتماعية التي ما زالت حقلًا بكرًا خصوصًا في الدراسات العربية، آملين أن يحظى باهتمام الباحثين مع مرور الزمن وتوسيع حقول البحث والمدارسة فيه.

 


[1] رمز كان يعني: Be right back

[2] للمزيد يمكن مطالعة كتاب: عالمنا الافتراضي ما هو؟ وما علاقته بالواقع؟ لمؤلفه بيير ليفي، وترجمة: رياض الكحال. وكتاب الفيس بوك والفلسفة من تحرير دي إي وتركوور.

[3] [تجري ترجمته حاليًا من قبل دار منصة معنى للنشر والتوزيع ]

[4] جي ديبور (Guy Debord) كاتب وسينمائي فرنسي مشهور، مات منتحرًا، وتُرجم كتابه هذا باسم مجتمع الاستعراض، ترجمة: أحمد حسان، عن دار شرقيات مع تعليقات عليه، وتصدير الطبعة الإيطالية الرابعة عام 2000م، وكان قد نشر في 1994 بدون التعليقات والتصدير باسم “مجتمع الفرجة – الإنسان المعاصر في مجتمع الاستعراض”.

[5] پيير بورديو عالم اجتماع فرنسي، أحد أبرز المراجع العالمية في علم الاجتماع المعاصر ونظريته مبثوثة في مجموعة من كتبه، والتي من أشهرها المترجمة للعربية: العنف الرمزي وحرفة علم الاجتماع، ترجمة: نظير جاهل، والرمز والسلطة، ترجمة: عبد السلام بنعبد العالي وأسئلة علم الاجتماع، ترجمة: إبراهيم فتحي، وغيرها.

[6] للمزيد حول فكرة العلاقات الافتراضية ينظر: العلاقات الافتراضية بين الشباب في المجتمع السعودي، لماهر الضبع في مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية لجامعة الإمام، عدد 37.

[7] فيلسوف فرنسي من أصل ليتواني من أهم فلاسفة القرن العشرين وفلسفة ما بعد الحداثة، توفي عام 1995.

[8] ينظر بحث الغيرية والتجلي المقدس لوجه الآخر عند ليفيناس ضمن البحوث المنشورة في مجلة مؤمنون بلا حدود، 2018م.

[9] كتاب الغرفة المضيئة تأملات في الفتوغرافيا، رولان بارت، ترجمة: هالة نمر، صادر عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة، وله ترجمة أخرى بعنوان غرفة التظهير، ترجمة: منذر العياشي، عن دار نينوى.

[10] فيليب كوتلر: رائد التسويق في العصر الحديث، مؤلف أكثر من 60 كتابًا في التسويق، من مواليد 1931م.

[11] ماري آيكن عالمة في مجال السيكولوجيا السيبرانية، لها كتاب التأثير السيبراني: كيف يغير الإنترنت سلوك البشر؟ من منشورات الدار العربية للناشرين.

[12] جون سولر أستاذ في علم النفس وبحثه بعنوان: (The_online_disinhibition_effect) منشور على الرابط الآتي:

https://www.academia.edu/3658367/The_online_disinhibition_effect

[13] فان دايك: الخطاب والسلطة، ترجمة: غيداء العلي، من منشورات المركز القومي للترجمة.

[14] في كتاب الجمهورية لأفلاطون ضمن مناقشة طبيعة العدالة حوارٌ بين غلوكون وأديمنتس، يستخدم فيه غلوكون فكرة أن العادل يبدو للناس عادلًا لأنه يخفي طبيعته ويتجمل بأقنعة تخفي حقيقته، المحاورة في كتاب: الجمهورية، ترجمة دار أسامة، دمشق، الطبعة الأولى، من ص42.

[15] ميمي مارينوشي في بحث له بعنوان لا يمكنك المواجهة على الفيسبوك ضمن كتاب: الفيسبوك والفلسفة، ضمن منشورات المركز القومي للترجمة ص129.

 

رابط المصدر:

https://mana.net/self-in-twitter

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M