جرائم إسرائيل وإشكالية المُحاكمة أمام الجنائية الدولية

إعداد الباحثين : أحمد أبو زهري       –         نضال خضرة

  • المركز الديمقراطي العربي

 

مقدمة:

الجرائم الإسرائيلية تستهدف الفلسطينيين الأبرياء، وتتصاعد وتيرتها بصور مختلفة وصلت إلى درجات جسيمة وخطيرة، فقد مارست قوات الاحتلال مختلف أنواع الممارسات الإجرامية، وكان منها المذابح المروعة، نتيجة رغبة الاحتلال تطهير المناطق من سكانها، إضافة إلى التهجير القسري، والاعتقال، والقمع، والتعذيب، والإهانة والإذلال، وهدم المساكن، واستخدام أشد الوسائل العسكرية الفتاكة التي تسببت بإزهاق الأرواح وخلفت إعاقات دائمة، ونشرت الخوف والرعب بين الشيوخ والنساء والأطفال، ونذكر بعض مجازر إسرائيل ومنها، مذبحة دير ياسين 10/4/1948، ومذبحة قرية أبو شوشة 14/5/1948، ومذبحة خان يونس 3/11/1956، ومذبحة المسجد الاقصى 8/10/1990، ومذبحة الحرم الإبراهيمي 25/2/1994، ومذبحة مخيم جنين 29/3/2002، ومجزرة رفح يوم 11 مايو/ أيار 2004، ومجزرة حي الشجاعية 20 يوليو 2014، فيما تزال القيادة الإسرائيلية تتمادى فى ذات السلوك دون رادع من المجتمع الدولي، أو حتى ملاحقات قضائية من قبل الجهات السيادية الفلسطينية، فما قدم إلى الآن مجرد خطوات شكلية وعمل تكتيكي لم يرق إلى استراتيجية لمواجهة مجرمي الحرب الإسرائيليين في المحافل الدولية، لذلك قمنا بإعداد هذه الدراسة التي تتناول طبيعة نظام المحكمة ونوعية الجرائم التي تنظرها، ومدى انطباقها على جرائم الاحتلال، وإشكالات المُحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق بمقاضاة قادة الاحتلال الاسرائيلي، وأهم الطرق والبدائل التي يمكن أن يسلكها الفلسطينيين، وتسليط الضوء على النتائج والتوصيات التي توصلت إليها الدراسة..

المحور الأول: العدالة الدولية وظروف إنشاء المحكمة

مع تطور الجرائم وتورط الأنظمة والحكومات بارتكاب أفعال وأساليب وحشية وإجرامية، من جرَّاء الصراعات والحروب والمجازر القائمة بين الدول، أو بين النظام ومواطنيه داخل البلد، وفى ظل فشل كل القوانين عن وقف هذه الجرائم أو الحد منها وملاحقة متسببيها ومحاكمتهم، نشأ نظام المحكمة الجنائية الدولية نتيجة للجهود الدولية الرامية إلى تحقيق السلام والأمن والاستقرار، حيث التحقت بعضوية المحكمة العديد من الدول، لتفصح عن رغبتها في التضامن مع هذا الجهد، والسعي لتحقيق السلام العالمي الذي يعتبر من أهم المصالح الدولية التي يحرص القانون الدولي الجنائي على حمايتها، حيث يُعدّ تهديده والاعتداء عليه خطورة جسيمة وضرراً بالغاً بالمجتمع الدولي، والذى يتعين عليه التصدي الفوري له وتجريمه. (مهنية، 2014، ص أ)

ومن هنا فقد جاء إنشاء المحكمة الجنائية الدولية كحلم يراود البشرية، وفى مؤتمر روما 1998 جرى إقرار النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ليبدأ سريانه الفعلي فى يوليو 2002، وصنفت العديد من الجرائم ضمن اختصاصات هذه الهيئة القضائية الدولية، حيث تختص حصرياً بأربعة من الجرائم وهى: الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، وجرائم الإبادة الجماعية، وجريمة العدوان. (عبد اللطيف، 2007، ص 198-199)

إن المحكمة الجنائية الدولية مثل باقي المحاكم الجنائية الوطنية الأخرى لابد لها من هيكل يتكون من قضاة ومدعين وموظفين لكي تمارس عملها الذي أنشئت من أجله، لابد من توافر شروط معينة ومحددة لكل من يشغل وظيفة قضائية بها، حيث سعت الدول المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية إلى التميز بصفتها العضوية والإدارية عن نموذج محكمتي يوغسلافية السابقة ورواندا، وبهذا تعد المحكمة الجنائية الدولية منظمة دولية مستقل بوصفها هيئة اتحاد دائم بين الدول الأعضاء ذات هيكل تنظيمي وصلاحيات قانونية تمارسها على المستوى الدولي، بهدف تحقيق العدالة، وإذا كان تصنيف المنظمات الدولية يجري وفقا لأهدافها، فإن المحكمة الجنائية الدولية تعد منظمة سلام دولي. على أساس المنظمات يفرق بين ثلاثة أنواع من الأجهزة: أجهزة تشريعية تمثل الدول الأعضاء، وأجهزة تنفيذية تمثل مصلحة المنظمة العامة وأجهزة قضائية، وبالرجوع إلى نظام روما الأساسي نجد أن غالبية مواد الباب الرابع من النظام مبينة لآلية تنظيم أجهزة المحكمة وصلاحياتها وهذا ما حددته المادة 34 منه، فنجد أنّ التوزيع الرباعي لأجهزة المحكمة قضائيا وإداريا جاء متماشياً مع طبيعة كل منها لتمكينها من أداء مهامها بشكل تكاملي من خلال التعاون والتنسيق فيما بينها وصولاً الي تطبيق نظام روما. (حرب، 2010، ص 201)

وبالرغم من الجهود الدولية إلا أن هذه المحكمة لازالت تواجه إشكالات وصعوبات مختلفة سواء متعلقة بآليات المحاكمة أو بالإشكالات المتعلقة بالدول، وننفرد هنا بتسليط الضوء على هذه الجرائم ومدى انطباقها على السلوك الإسرائيلي، وأهم الإشكالات المتعلقة بالقضية الفلسطينية فى الصراع الدائر مع الاحتلال الإسرائيلي، ونضع النقاط على الحروف فى جزئية محاكمة الاحتلال أمام الجنائية الدولية، والبدائل والمقترحات المتاحة فى ضوء ذلك.

المحور الثاني: الجرائم التي تنظرها المحكمة ومدى انطباقها على سلوك الاحتلال الإسرائيلي

  • أولاً: جريمة الإبادة الجماعية

توصف جريمة الإبادة الجماعية بأنها جريمة الجرائم، وهى من أكثر الجرائم انتشاراً وشيوعاً فى تاريخ الصراعات المسلحة والحروب، لذلك نالت اهتمام وعناية كبيرة فى المجال الدولي، ولهذا جاءت الدعوات بضرورة الحد من هذه الجريمة ومعاقبة الجهة التي تقف خلفها، وعُرفت جريمة الإبادة الجماعية بأنها “جريمة الإبادة الجماعية أو جريمة إبادة الجنس البشرى أو جرائم إبادة الأجناس، كلها تعبيرات عن معنى واحد، وهى مجموعة سلوك إجرامية واحدة هدفها القضاء على الجنس البشرى واستئصاله من بقعة معينة، أو القضاء على صنف معين من البشر أو على شعب من الشعوب”، أما بالنسبة لتعريف الإبادة الجماعية بحسب نظام المحكمة الجنائية الدولية فتعرفها بأنها ” أي فعل من الأفعال التالية ترتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه إهلاكاً كلياً أو جزئياً: (الشواني، 2012 ص19)

  • قتل أفراد الجماعة.
  • إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة.
  • إخضاع جماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد منها إهلاكاً فعلياً جزئياً أم كلياً.
  • فرض تدابير تستهدف منع إنجاب داخل الجماعة.
  • نقل أطفال الجماعة إلى جماعة أخرى”. (مطر، 2008، ص 136-137)

– مدى انطباقها على سلوك الاحتلال:

  • من خصائص جريمة الإبادة الجماعية أنها جريمة عمدية لا ترتكب بالخطأ، وهذا بدوره ينطبق على الجرائم الإسرائيلية، حيث تعمدت القوات الإسرائيلية قصف واستهداف الأحياء المدنية بشكل مركز بواسطة الطائرات الحربية، والدبابات وسلاح المدفعية، والبوارج المتمركزة فى عرض البحر، إضافة إلى الجرائم التي ترتكبها فرق المشاة التي تتوغل فى الأراضي الفلسطينية.
  • جرائم القوات الإسرائيلية لم تتقيد بالمساحة الجغرافية الفلسطينية بل امتدت إلى أماكن يتواجد فيها الفلسطينيون خارج فلسطين، لتلاحقهم بالتصفية الجسدية بشكل مقصود بغرض الإبادة.
  • من صور الجرائم التي استهدفت الفلسطينيين وهى مجزرة صبرا وشتيلا 1982، مجزرة كفر قاسم 1956، ومجزرة دير ياسين 1948، ومجازر حروب 2008 و2009 و2012 و2014.

– الموقف الدولي تجاه الاحتلال

فى عام 1982، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يصف المجازر التي ارتكبت ضد أبناء الشعب الفلسطيني فى مخيمي صبرا وشتيلا من قبل القوات الإسرائيلية (بالإبادة الجماعية)، على الرغم من معارضة بعض الدول لهذا القرار، وذلك لاعتبارها أن ذلك يعد إساءة لاستخدام المصطلح (الإبادة الجماعية)، وكانت إسرائيل قد سارعت لتشكيل غطاء لهذه الجريمة فى نوفمبر 1982 بعد حوالى شهر ونصف من المجزرة، حيث أمرت الحكومة الإسرائيلية المحكمة العليا لتشكيل لجنة تحقيق خاصة، وقد اعترف تقرير لجنة كاهان الصهيوني بمسؤولية بيغين وأعضاء حكومته وقادة جيشه عن هذه المذبحة، واكتفت اللجنة بتحميل النخبة الصهيونية المسؤولية غير المباشرة، واكتفت بطلب إقالة شارون، فيما رفض شارون قرار اللجنة، وأرغم على الإقالة فى حينه، ولم يردعه ذلك عن مواصلة جرائمه بحق الفلسطينيين بعد ذلك.

ثانياً: جريمة الحرب

يمكن تعريف جرائم الحرب بأنها الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني وترتكب ضد أشخاص أو ممتلكات تحميهم الاتفاقيات الدولية، وبهذا فإن جرائم الحرب هي عبارة عن “أفعال غير مشروعة تصدر عن أشخاص طبيعيين وتشكل انتهاكاً جسيماً لأعراف وقوانين الحرب لصالح دولة ما أو برضاها، أو دفعها وتشجيعها بشكل يسبب ضرراً جسيماً بقواعد القانون الدولي الإنساني، وقد حددت المادة (2/8) من نظام المحكمة الجنائية الدولية جرائم الحرب فى ما يلى: (حمودة، 2006، ص140)

  • الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف 1949، أي من الأفعال التالية يرتكب ضد الأشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم اتفاقية جنيف ذات الصلة، ثم حدد النص الأفعال التي تشكل جرائم حرب تحت هذا الإطار.
  • الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على منازعات دولية مسلحة فى النطاق الثابت للقانون الدولي.
  • الانتهاكات الجسيمة للمادة (3) المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربعة فى حالة النزاعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي، أي من الأفعال المرتكبة ضد الأشخاص غير المشتركة اشتراكاً فعلياً فى الأعمال الحربية، بما فى ذلك أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا سلاحهم أو أولئك الذين أصبحوا عاجزين عن القتال؛ بسبب المرض أو الإصابة أو الاحتجاز لأي سبب آخر.
  • الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على منازعات مسلحة غير ذات طابع دولي فى النطاق الثابت للقانون الدولي. (نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في روما، 1998)

وإذا ما تفحصنا المادة (1/8) من نظام المحكمة نجد أنها نصت: “على أن تكون للمحكمة اختصاص فيما يتعلق بجرائم الحرب ولا سيما عندما ترتكب فى إطار خطة أو سياسة عامة أو في عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم”.

– مدى انطباقها على سلوك الاحتلال:

تورطت القوات الإسرائيلية بجرائم حرب ضد الفلسطينيين على فترات مختلفة، فقد تحقق الركن المادي من جراء استهدافها المباشر للمدنيين، والمواقع المدنية، فتم قصف المباني السكنية، ودور العبادة، والمدارس، والقنوات الفضائية، والمستودعات الطبية والإغاثية، والمخازن والمصانع، إضافة إلى تحقق ركن آخر وهو إساءة معاملة ضحايا الحرب من المرضى والجرحى والأسرى، فقد وضعهم الاحتلال فى السجون، وأخضعهم لظروف غير صحية، وقام بقتل بعضهم، وتعذيب البعض الآخر، وعُومل عدد منهم كرهائن أثناء الحرب، إضافة إلى تورط قوات الاحتلال فى استخدام غازات خانقة وسامة، واستعمال المقذوفات المتفجرة أو المحشوة بمواد ملتهبة، إضافة إلى تحقق الركن المعنوي الذى تمثل بعلم القوات الإسرائيلية بطبيعة المهمات التي تنفذها وإرادتها وقصدها الجنائي نحو التسبب بسقوط ضحايا، إضافة إلى الركن الدولي لجرائم الحرب والذى مؤداه أن تقع جريمة الحرب بناءً على تخطيط من دولة محاربة.

ففي تقريرها للعام 2004 اتهمت منظمة العفو الدولية قوات الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب ضد المواطنين الفلسطينيين، وأشار التقرير إلى قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي فى العام 2004 بقتل 700 مواطن فلسطيني، من بينهم 150 طفلاً، وأكد التقرير أنهم قتلوا بدون وجه حق نتيجة إطلاق النيران العشوائية، والقصف البرى والجوي للمناطق المدنية والإعدام دون محاكمة (الاغتيالات) واستخدام الفلسطينيين كدروع بشرية، إضافة إلى التعذيب، معتبرة ذلك جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فسجل إسرائيل حافل بجرائم الحرب والتي كان منها أيضاً حرب 2008 و2009 و2012 و2014 التي مارست فيها أبشع الجرائم.

ثالثاً: جريمة العدوان

تعتبر جريمة العدوان جريمة دولية تدخل فى نطاق القانون الدولي الجنائي، وتعد من أقصى وأخطر الجرائم الدولية المرتكبة، وعلى الرغم من الاختلاف الفقهي حول التعريفات التي أثيرت حولها، إلا أن الجهود الدولية أثمرت فى النهاية لوضع تعريف موحد، وذلك لشعور المجتمع الدولي بخطورة هذه الجريمة وضرورة تقنينها فى نظام روما الأساسي، وذلك بإدراجها ووضع تعريف وبيان الأركان الخاصة بها، وتحديد آلية لممارسة الاختصاص بشأن جريمة العدوان، حيث صدر قرار سنة 2010 وقد اعتمد بتوافق الآراء فى الجلسة العامة الثالثة عشر بتاريخ 11 حزيران 2010 وبموجبه جرى إلغاء الفقرة الثانية من المادة (5) من نظام روما الأساسي.

حيث جاء التعريف وفقاً لنص المادة (08) مكرراً والذي تقرر فيه:

1- لأغراض الفقرة الأولى، يعنى “فعل العدوان” استعمال القوة المسلحة من جانب دولة ما ضد سيادة دولة أخرى أو سلامتها الإقليمية أو استقلالها السياسي، أو بأي طريقة أخرى تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة”.

وتنطبق صفة العدوان على أي فعل من الأفعال الآتية، سواء بإعلان حرب أو بدونه، وذلك وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3314 (د-29) المؤرخ فى 14 كانون الأول/ ديسمبر 1974:

  • قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى أو الهجوم عليه، أو أي احتلال عسكري، ولو كان مؤقتاً ينجم عن مثل هذا الغزو أو الهجوم، أو أي ضم لإقليم دولة أخرى أو لجزء منه باستعمال القوة.
  • قيام القوات المسلحة لدولة ما بقصف إقليم دولة أخرى بالقنابل، أو باستعمال دولة ما أية أسلحة ضد إقليم دولة أخرى.
  • ضرب حصار على موانئ دولة أو على سواحلها من جانب القوات المسلحة الأخرى.
  • قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرية أو البحرية أو الجوية أو الأسطولين البحري والجوي لدولة أخرى.
  • قيام دولة ما باستعمال قواتها المسلحة الموجودة داخل إقليم دولة أخرى بموافقة الدولة المضيفة على وجه يتعارض مع الشروط التي ينص عليها الاتفاق، أو أي تمديد لوجودها فى الإقليم المذكور إلى ما بعد نهاية الاتفاق.
  • سماح دولة ما وضعت إقليمها تحت تصرف دولة أخرى بأن تستخدمه هذه الدولة الأخرى لارتكاب عمل عدواني ضد دولة ثالثة.
  • إرسال عصابات أو جماعات مسلحة أو قوات غير نظامية أو مرتزقة من جانب دولة ما أو باسمها تقوم ضد دولة أخرى بأعمال من أعمال القوة المسلحة تكون من الخطورة، بحيث تعادل الأعمال المعدة أعلاه. (لطفي، ص1)

– مدى انطباق السلوك الإسرائيلي على هذه الجريمة:

تورط الاحتلال الإسرائيلي في صور مختلفة من الجرائم التي تندرج ضمن البنود التي شملها التعريف الخاص بجريمة العدوان، حيث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باحتلال الأراضي الفلسطينية، وفرضت حصاراً على القطاع طال الجو والبحر والحدود، واستخدمت القذائف والقنابل فى القصف.

وهذا بدوره يحقق الركن المادي فى الجرائم الإسرائيلية لتندرج ضمن تصنيف جريمة العدوان، إضافة إلى الركن المعنوي للجريمة والذي تحقق من خلال العلم والمعرفة بطبيعة الأعمال الحربية التي يقومون بها، وأنها من شأنها أن تعرض المواطنين للخطر وتمس سلامة أراضي دولة أخرى، وتؤثر على سيادتها، واستقلالها السياسي، والعلم أيضاً بأن هذا السلوك مجرم ومعاقب عليه، أي يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة، وتوفر القصد الجنائي لارتكاب هذه الجريمة، وقد ظهر ذلك مترجماً من خلال السلوك المادي، وفى ركنها الثالث فقد تحقق الركن الدولي كون هذه الجريمة تمس السلام والأمن العالمي، ولهذا تم تجريمها وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

رابعاً: الجرائم ضد الإنسانية

تناول نظام روما الأساسي الجرائم ضد الإنسانية، وقد عرفها وفقاً للمادة السابعة منه بقوله،

1- لغرض هذا النظام الأساسي، يشكل أي فعل من الأفعال الآتية جريمة ضد الإنسانية متى ارتكب فى إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين وعلى علم بالهجوم:

  • القتل.
  • الإبادة.
  • الاسترقاق.
  • إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان.
  • السجن أو الحرمان الشديد على نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي.
  • التعذيب.
  • الاغتصاب، أو الاستعباد الجنسي، أو الإكراه على البغاء، أو الحمل القسري، أو التعقيم القسري، أو بأي شكل من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة.
  • اضطهاد أي جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية، أو إثنية أو ثقافية أو دينية أو متعلقة بنوع الجنس أو لأسباب أخرى من المسلم عالمياً بأن القانون الدولي لا يجيزها.
  • الانتفاء القسري للأشخاص.
  • جريمة الفصل العنصري.
  • الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمداً فى معاناة شديدة، أو فى أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية. (كوثر، 2013)

– مدى انطباق السلوك الإسرائيلي على هذه الجريمة:

إنه ومن خلال المراجعة والفحص الدقيق لتفاصيل ومكونات هذه الجريمة وتعريفها الخاص، فإن ركنها المادي قد تحقق من خلال السلوك الإسرائيلي على الأرض تجاه الفلسطينيين، فقد تورطت القوات الإسرائيلية بالقتل العمد، وفعل الإبادة، وإبعاد السكان ومنها تهجير الفلسطينيين خارج قراهم ومدنهم، مثل تهجير اللاجئين الفلسطينيين، وإبعاد بعض سكان القدس، وإبعاد الأسرى المفرج عنهم من الضفة إلى القطاع، وإبعاد آخرين خارج فلسطين، وتحقق حالة السجن والحرمان حيث يقبع آلاف الأسرى فى السجون الإسرائيلية فى ظروف صعبة وقاسية، إضافة إلى تحقق سلوك التعذيب بحق المعتقلين والأسرى، إضافة إلى الاضطهاد وحرمان الفلسطينيين من الحقوق الأساسية على أساس تمييزي لدوافع سياسية، فضلاً عن تحقق سلوك الفصل العنصري من خلال الجدار الذى بنته إسرائيل واقتطع جزءاً كبيراً من أراضي الفلسطينيين، وتسبب بقطع التواصل بين القرى وشكل حواجز أمام تنقلهم ومرورهم وفاقم ظروفهم الإنسانية، وقد تحقق الركن المعنوي أيضاً من خلال توفر العلم والإرادة لتنفيذ هذا السلوك على الأرض، وكانت نية وتوجه وقصد القوات الإسرائيلية إزهاق الأرواح وإحداث معاناة وممارسة أقصى الضغوط على حياة الفلسطينيين، وإجبارهم على الرضوخ لهذه السياسات تحت تهديد القتل والاعتقال والإبعاد، وكذلك ينطبق الركن الدولي على السلوك الإسرائيلي الإجرامي لأن مختلف صوره تشكل المبادئ والأحكام التي قامت عليها هذه الجريمة الدولية.

المحور الثالث: الخطوات الفلسطينية للانضمام للمحكمة والدعوات المنظورة ضد الاحتلال

تأسست محكمة الجنائيات الدولية عام 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الحرب، ويبلغ عدد الدول الموقعة على قانون إنشائها 121 دولة حتى تاريخ 1 يوليو عام 2012 “بعد حرب عام 2008 وبعدما مارست إسرائيل أبشع المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين تعالت الأصوات المطالبة بمحاكمة إسرائيل وجنرالاتها وقيادتها السياسية، وبعد حصول دولة فلسطين صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة عام 2013 تعالت الأصوات داخل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية الفلسطينية والفعاليات الشعبية بمطالبة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية بطلب انضمام فلسطين لمحكمة الجنائيات الدولية؛ بهدف محاكمة إسرائيل وجنرالاتها العسكريين وقياداتها السياسيين بعد قيام السلطة الفلسطينية بسحب تقرير لجنة التحقيق الأممية التي شكلها مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في 3 من أبريل من العام 2009 والتي كان يرأسها ريتشارد غولدستون بعد حرب 2008، وماطلت السلطة الفلسطينية وأجلت قرار الانضمام لمدة عامين، وفي نهاية المطاف قررت القيادة الفلسطينية الانضمام لمحكمة الجنائيات الدولية في 1 أبريل نيسان عام 2015.

ومن الواضح بأن قرار القيادة الفلسطينية في حينه لم يكن قراراً استراتيجياً يفضي إلى الهدف المنشود، بل كان قراراً تكتيكياً بهدف الابتزاز السياسي؛ من أجل تحسين شروط التفاوض، ولتحقيق أغراض لا علاقة لها من قريب أو بعيد بمحاكمة إسرائيل.

ولاشك أن السلطة الفلسطينية ادعت بأن هناك ضغوطات سياسية مورست عليها من قبل الولايات المتحدة الامريكية بقطع التمويل في حال ذهبت لمحكمة الجنائيات الدولية، ولكن في الواقع هذا ليس السبب الحقيقي لعدم ذهاب السلطة للمحكمة الدولية، لأن الواقع السياسي يؤكد بأن انضمام فلسطين للمحكمة الدولية ليس له علاقة في الابتزاز السياسي الذي ادعته السلطة الفلسطينية، لأنه واقعياً لا يوجد مفاوضات إضافة إلى وقف المساعدات من قبل الولايات المتحدة التي أوقفت تمويلها، باستثناء التمويل الأمني، وهذا يؤكد بأن الانضمام كان بسبب ضغط المؤسسات الحقوقية والنقابية والفعاليات الشعبية، وأهداف الانضمام ليس لها علاقة في السعي لتحقيق إنجازات سياسية حتى قضية الاستيطان غير الشرعي، والذي يعتبر تجاوز لقرارات الشرعية الدولية والذي ابتلع أجزاءً كبيرة من أراضي الضفة الغربية، والذي أنهى حل الدولتين فلم تفكر السلطة في استخدام ورقة المحكمة بهدف إحراج إسرائيل أمام المجتمع الدولي. (آمنة، 2016، ص223)

علماً أن المحاكم الإسرائيلية تصدر أحكامها ضد السلطة الفلسطينية على خلفية قتل عملاء ومستوطنين، وتصدر أحكام بخصم مبالغ من أموال المقاصة تعويض لهذه العائلات، وهذا يجب أن يكون دافعاً للسلطة الفلسطينية بأن تقوم بمحاكمة إسرائيل إن لم يكن بسبب جرائم الحرب فبسبب الاستيطان والممارسات التي تنتهك حقوق الاسري في الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

المحور الرابع: إشكالية المُحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية

تكمن الإشكاليات فى طبيعة نظام وشروط المحاكمة، والإجراءات الواجب اتباعها، وفي الضغوط والممارسات الإسرائيلية والأمريكية التي مورست عليها لإفشال أي جهد فلسطيني، من شأنه مقاضاة قادة الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، حيث أن نظام المحكمة يشترط أن تكون الجريمة قد وقعت فى بلد يكون عضواً فى المحكمة، أو أن تسمح الدولة للمحكمة بالنظر فى القضية التي وقعت على أراضيها، إضافة إلى أن المحكمة تنظر فقط فى القضايا التي ما بعد 1 يوليو 2002 وأنه لا يمكنها نظر قضايا قبل هذا التاريخ، وفى أن المحكمة تمارس عملاً قضائياً تكميلياً، بمعنى أن تكون المحكمة الجنائية الدولية خطوة أخيرة، فى حال فشل المحاكم الوطنية عن الاضطلاع بدورها فى المحاسبة.

وكذلك ليس للمحكمة الحق فى مقاضاة أشخاص تم محاكمتهم أصلاً لدى القضاء الوطني أو أي قضاء آخر طبقاً لأحكام الفقرة 3 من المادة 20، وأن المحكمة هي من تقرر أن هذه الجرائم تعتبر فى درجة جسيمة وعالية الخطورة، فيما حرصت إسرائيل على عدم الانضمام أو التوقيع على نظام المحكمة؛ لتتفادى ملاحقة جنودها ومستوطنيها، لإدراكها خطورة الانضمام، ولفهامه طبيعة واختصاصات المحكمة، وعلمها المسبق أن الجرائم الإسرائيلية تدخل ضمن اختصاص المحكمة، فتصرفت –إسرائيل- بطرق التفافية أخرى من خلال إقامة محاكم صورية داخل إسرائيل لمحاكمة بعض ضباطها؛ لتفادى الملاحقات والمسائل الدولية، دون أن يحاسبوا بشكل جدي وفعلي، كما أن الإدارة الأمريكية لم تنضم لنظام المحكمة كونها تعتبرها تشكل تهديداً للسيادة الوطنية الأمريكية. (عيسى، 2002)

ويظهر من السلوك الأمريكي أنها حريصة على إفشال جهود المحكمة لأن المسؤولين الأمريكيين السياسيين والعسكريين كذلك لن يكونوا بعيدين عن الملاحقة، وهذا بدوره أدى إلى تعزيز دور إسرائيل وتقوية موقفها، وتتركز أيضاً أهم الإشكالات فى أن دولة فلسطين ليست عضواً فى اتفاقية روما، وأن الانضمام للمحكمة يمكن أن يتسبب بملاحقة النشطاء الفلسطينيين، سواء كانوا عسكريين أو سياسيين، ومنهم كوادر وعناصر المقاومة الفلسطينية، ليصبحوا على قوائم دولية يخضعون للملاحقة.

المحور الخامس: الخيارات والبدائل الفلسطينية

أولاً: الطلب من مجلس الأمن في الأمم المتحدة إنشاء محكمة خاصة مؤقتة على غرار محكمة يوغسلافية ورواند وسيراليون وكمبوديا والمحكمة الدولي لملاحقة قتلة الرئيس رفيق الحريري.

ثانياً: إحالة الأمر إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء محكمة دولية خاصة من قبلها طبقا لمبدأ الاتحاد من أجل السلام الصادر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 377 في العام 1950 بشأن كوريا، حيث يعد القرار المذكور إحدى السوابق التي يمكن اعتمادها والبناء عليها.

ثالثاً: العمل على مطالبة الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف بأن تقوم بواجباتها بالضغط على سلطات الاحتلال من أجل أن توقف عدوانها واحتلالها للشعب الفلسطيني وإجبارها على الالتزام بأحكام القانون الدولي الانساني وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين زمن الحرب وتحت الاحتلال ومطالبة الأجسام التابعة للأمم المتحدة بممارسة دورها في حماية حقوق الإنسان وقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية بما يكفل حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني. (عبد العاطي، 2014)

رابعاً: العمل على الانضمام إلى نظام روما، وإجراء تعديلات في القوانين والتشريعات الفلسطينية، بما يتناسب مع هذا النظام والسعي لإقراره من المجلس التشريعي.

خامساً: الاستمرار فى توثيق وإحصاء الجرائم وجمع بيانات يمكن أن تدين الاحتلال، وتجهيز ملفات لهذا الغرض.

سادساً: اللجوء إلى المحاكم الجنائية الوطنية ذات الاختصاص العالمي؛ لمحاكمة قادة الاحتلال كونها غير مقيدة وغير محصورة، وهذا ما يعرف بمبدأ (الاختصاص العالمي) حيث وبموجب هذا الاختصاص يمكن تكريس مبدأ العقاب ومنح الدولة التي يتواجد على إقليمها المتهم بارتكاب جريمة دولية خطيرة سلطة وحق مباشرة المتابعات والمحاكمات الجزائية ضده، مهما كانت جنسيته أو جنسية الضحايا، بغض النظر عن مكان ارتكابها.

سابعاً: حصر المحاكمات الصورية الإسرائيلية الداخلية المتعلقة بقيادات وضباط تورطوا فى ارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين، وجمع هذه الأحكام القضائية التي تتمخض عنها وإثارتها أمام الجهات القضائية الدولية، لفضح إسرائيل وكشف زيف ادعاءاتها وإفشال سياساتها فى التهرب من الملاحقات الدولية، كونهم لم يخضعوا لمحكمات حقيقية ولم يعاقبوا.

ثامناً: تفويض بعض الدول التي تتمتع بهذا الاختصاص لملاحقة قادة الاحتلال وفق مبدأ (تفويض الاختصاص القضائي).

النتائج والتوصيات:

أولاً: النتائج

  • عمدت إسرائيل إلى عدم الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية وذلك لتفادي ملاحقة قادتها العسكرين والسياسيين من منطلق أن أعمال المحكمة لن تخدم ممارساتها وسلوكها العدواني على الأرض والذي يمكن أن يفتح الباب نحو رفع دعاوى تدخل ضمن اختصاص هذه المحكمة
  • سلكت إسرائيل طرقاً بديلة يمكن أن تشكل مرحلياً حماية لقادتها المتورطين في جرائم ضد الفلسطينيين وذلك من خلال تشكيل لجان تحقيق وعمل محاكم صورية داخل دولة الاحتلال لتفادي مساءلتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية أو أي هيئة قضائية دولية أخرى
  • تواجه فلسطين معيقات وإشكالات كبيرة بسبب طبيعة عمل المحكمة والشروط الواجب مراعاتها أثناء رفع الدعوى وخصوصا أن المحكمة تمارس مهامها تجاه الدول الأطراف
  • لم تفلح فلسطين بإدخال تعديلات على قوانينها الداخلية بما يتوافق مع نظام المحكمة والذي يقتضي إدخال تعديلات وإقرارها من المجلس التشريعي، خصوصا أن دولة فلسطين ليس عضواً في اتفاقية روما
  • يشكل الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية ونظامها جانباً من المخاطرة كون النشطاء الفلسطينيين والكوادر السياسية والعسكرية يمكن أن يتم رفع دعاوى ضدهم وبالتالي ملاحقتهم وقد يشكل ذلك فرصة لإسرائيل وحلفائها.
  • نظام المحكمة الجنائية الدولية لا يعمل بأثر رجعي حيث إنها تنظر القضايا ما بعد 1 يوليو 2002، ولا يمكنها نظر الجرائم الإسرائيلية قبل هذا التاريخ.
  • دور المحكمة الجنائية الدولية هو دور تكميلي بحيث يتم استكمال إجراءات المحاكمة المنظورة لدى المحاكم الوطنية، ولا يحق للمحكمة أن تتحاكم شخصاً تمت محاكمته لدى القضاء الوطني.
  • جهود السلطة الفلسطينية للانضمام للمحكمة كانت شكلية وضمن ممارسة الضغط السياسي على إسرائيل ولم يترجم إلى جهد حقيقي أو استراتيجي في مواجهة جرائم إسرائيل، حيث لم يفتح أي تحقيق إلى الآن ولم تقدم أي مذكرة رسمية للمطالبة بذلك.
  • الجهات السيادية في السلطة الفلسطينية سواء المستوى السياسي أو القانوني لم يبحثوا التوجه إلى البدائل المتاحة دوليا وهي المحاكم الوطنية ذات الاختصاص العالمي.
  • يمكن لفلسطين العمل بنظام التفويض المعمول به في القانون الدولي وفق مبدأ تفويض الاختصاص القضائي، بحيث تقوم بتفويض دول بفتح قضايا تخص الجرائم الإسرائيلية لدى محاكمها الوطنية التي تسمح بالتحقيق والملاحقة ولا تشترط وقوع الجرم على أراضيها.
  • الملاحقة القضائية يمكن أن تقيد حرية القادة السياسيين والجنرالات العسكريين المتهمين وكشف رواية إسرائيل بانتهاكها للقانون الدولي الإنساني أمام الرأي العام الدولي والغربي بسبب ملاحقة مجرمي الحرب في إسرائيل
  • الملاحقة القضائية يمكن أن تقيد إسرائيل وتحد من استخدامها للقوة المفرطة في صراعها مع الفلسطينيين وستكون رادعاً للقيادات المتلاحقة في إسرائيل، وستحد من استخدام القوة المفرطة تجاه الفلسطينيين خشية من الملاحقة القضائية.

ثانياً: التوصيات

  • العمل على الانضمام إلى نظام روما وإجراء تعديلات في القوانين والتشريعات الفلسطينية، بما يتناسب مع هذا النظام والسعي إلى اقراره من المجلس التشريعي.
  • الاستمرار في توثيق وإحصاء الجرائم الاسرائيلية واعداد ملفات تشمل بينات وأدلة دامغة وكافية على إدانة إسرائيل.
  • اللجوء إلى المحاكم الجنائية الوطنية ذات الاختصاص العالمي، لمحاكمة قادة الاحتلال كونها غير مقيدة وغير محصورة، وهذا ما يعرف بمبدأ الاختصاص العالمي، والذي يمنح الدولة التي يتواجد على إقليمها المتهم بارتكاب جريمة دولية خطيرة سلطة وحق مباشرة المتابعات والمحاكمات الجزائية ضده مهما كانت جنسيته وجنسية الضحايا بغض النظر عن مكان ارتكابها
  • حصر المحاكمات الصورية الإسرائيلية الداخلية المتعلقة بقيادات وضباط تورطوا بارتكاب جرائم ضد الفلسطينيين وجمع هذه الأحكام القضائية التي تمخضت عنها وإثاراتها أمام الجهات القضائية الدولية لفضح إسرائيل وكشف زيف ادعاءاتها وإفشال سياساتها للتهرب من الملاحقات الدولية، كونهم لم يخضعوا لمحاكمات حقيقية ولم يعاقبوا.
  • العمل على تفويض بعض الدول التي تتمتع بهذا الاختصاص لملاحقة قادة الاحتلال وفق مبدأ تفويض الاختصاص القضائي العالمي .
  • الطلب من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة العمل على إنشاء محكمة خاصة مؤقتة تشابه محكمة يوغسلافيا وكمبوديا والمحكمة الخاصة بقتلة الرئيس الحريري، لفتح تحقيق حول الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.
  • السعي لتحميل إسرائيل المسؤولية حول دفع التعويضات عن حجم الأضرار التي سببتها للضحايا الفلسطينيين من جراء العدوان غير المشروع.
  • العمل على مطالبة الجهات الدولية المتعاقدة ضمن اتفاقية جينيف أن تمارس ضغوطاً على سلطات الاحتلال وأن تقوم بواجبها القانوني والأخلاقي من أجل وقف ممارسات وعدوان اسرائيل وجرائمها المستمرة.
  • اللجوء إلى المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية لمطالبته بفتح تحقيق من تلقاء نفسه لمباشرة التحقيق ضمن الجرائم التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة وذلك طبقا للمادة 15 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

المصادر والمراجع

  • آمنة، امحمدي بوزينة. (2016). انضمام فلسطين الي المحكمة الجنائية الدولية.
  • حرب، علي جميل. (2010). القضاء الدولي الجنائي، المحاكم الجنائية الدولية، دار المنهل اللبناني، بيروت.
  • حمودة، منتصر سعيد. (2006). المحكمة الجنائية الدولية ظن دار الجامعة الجديد، الإسكندرية.
  • الشواني، نزاد أحمد ياسين. (2012). الاختصاص القضائي في جريمة الابادة الجماعية، الطبعة الاولى، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان.
  • عبد اللطيف، براء منذر كمال. (2007). النظام القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، دار حامد عمان.
  • عبدالعاطي، صلاح. (2014). خيارات ملاحقة الاحتلال جنائيا بعد حصول فلسطين على عضوية الدولة المراقب في الأمم المتحدةhttp://cutt.us/a6FUi
  • عيسى، حنا. (2002). كيف ستواجه “اسرائيل” الجنايات الدولية؟؟. http://cutt.us/ZZ2GA /11714/
  • كوثر، ملعب. (2013). الجرائم ضد الإنسانية، دراسة نموذجية للسودان وليبيا، مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر فرع قانون العام تخصص القانون الدولي الانساني وحقوق الإنسان، جامعة عبدالرحمان بجاية، كلية الحقوق والعلوم السياسية.
  • اللجنة الدولية للصليب الأحمر، نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في روما في 17 تموز / يوليه 1998 ، المادة 8.
  • لطفي، كينة محمد. (د.ت). مفهوم جريمة العدوان في نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، جامعة الوادي.
  • مطر، عصام عبد الفتاح. (2008). القضاء الجنائي الدولي، دار الجامعة الجديد، الاسكندرية،.
  • مهنية، بدري. (2014). المحكمة الجنائية الدولية وإشكالية السيادة، رسالة ماجستير الطالبة بدري مهنية، جامعة محمد خضير بسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق.

 

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=61674

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M