درس اقتصادي من زيارة الأربعين

بهاء النجار

نستثمر موسم زيارة الأربعين ومناسبتها مع الإصلاحات التي نادى بها أبناء الشعب لبيان درس اقتصادي تكتنفه ثنايا هذه الزيارة المليونية .
فمن شارك في هذه الزيارة الكبيرة التي يصل عدد زائريها الى العشرين مليون زائر وربما أكثر يرى أن مواكب الخدمة تقدم أنواع الخدمات الى الزائرين لتسهل عليهم مهمة الزيارة وتقلل من تعبهم
ومعاناتهم خاصة وأن هناك كثير منهم قد سار لعدة أيام ولمئات الكيلومترات ، وبعضهم يحمل أطفالاً والبعض الآخر مرضى أو كبار في السن .
وهنا يأتي الدرس الذي نريد أن نستفيد منه … لو فرضنا أن مواكب الخدمة لا تقدّم الخدمة مباشرة وإنما تقوم بتوزيع الأموال بدل الخدمات ، فبدل أن تعطي الزائر وجبة طعام فإنها تعطيه مبلغ
الوجبة (وليكن 5000 دينار عراقي) ليأكل في المطاعم او يشتري من الأسواق ما يسد جوعه ، وبدل أن توفر له سكناً تعطيه مبلغ ( 10 آلاف دينار مثلاً ) ليستأجر سريراً في أحد الفنادق ليرتاح فيه ، هكذا باقي الخدمات ، فماذا سينتج عن هذه الفرضية ؟
1) إن توزيع الأموال سيدفع المحتاج وغير المحتاج لاستلام هذه الأموال لضمان الحصول على الخدمة التي يحتاجها كالطعام والمسكن وما شابه .
2) هذا التوزيع للأموال سيولّد زخماً على المطاعم والفنادق وباقي المرافق الخدمية غير المجانية بشكل يصعب على الزائر الاستفادة من هذه الخدمات بشكل سلس وميسر بسبب أعداد الزائرين الغفيرة .
3) هذا الزخم الذي تولد في النقطة (2) سيرفع من قيمة الخدمة المقدمة ، وهو ما يُطلق عليه في الاقتصاد ( التضخم ) ، فإذا كان سعر وجبة الغداء في الأيام الطبيعية 5000 دينار فستصبح ( 10 آلاف دينار ) ، وإذا كانت أجرة المبيت في فندق 10 آلاف دينار ستصبح 20 ألف دينار أو أكثر .
وربما هناك نتائج أخرى ، ولكن هذه النتائج كافية لنتعلم الدرس الاقتصادي من الزيارة ، فهذه النتائج نتائج سيئة لا يمكن أن يفكر بها صاحب الموكب الذي يعتبر غير مختص اقتصادياً فكيف يطبقها المختصون في مجال الاقتصاد ؟!
إن ما يحصل في اقتصاد العراق اعتماد الجميع على النقد والأموال ، فكل شيء يُدفع مقابله نقود ، ولا نجد تقديم خدمة بل النقد ، فالنقد يفتح أفواه الفاسدين ويجعل توزيع الأموال مركزة عند أشخاص وجهات من دون حصول المواطن على الحد الأدنى من متطلباته المعيشية ، هذا فضلاً عن التضخم الذي سببه توزيع الأموال ، وهذا كله قد حصل في النقاط الثلاثة أعلاه .
فعلى العراقيين ابتداءً من الشعب مروراً بالبرلمان ثم الحكومة العراقية أن يغيّروا ثقافتهم الاقتصادية ، وأن يقللوا من استخدام النقد في تعاملاتهم التجارية وأن لا يكون تقديم الخدمة من خلال النقد إلا عند الضرورة .

وعلينا أن لا ننسى أن نسلم على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى أبي الفضل العباس وعلى أخته الحوراء زينب التي كان له دور كبير في إيصال صدى زيارة الأربعين التي فاضت بركاتها المعنوية والمادية فاستفدنا منها درسنا الاقتصادي .

 

رابط المصدر:

https://www.facebook.com/636159879796973/posts/2528032620609680/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M