رب زائر للحسين والحسين يلعنه

بهاء النجار

نسمع كثيراً الحديث الشريف ( رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه ) في إشارة الى أن كثيراً ممن يقرأ القرآن ولا يطبق تعاليمه وإرشاداته بل يعمل بالضد مما خطط له القرآن ولذلك فإن القرآن يلعنه بدل أن يشفع له ، وبما أن القرآن والعترة لن يفترقا بشهادة وتأكيد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأن الحسين عليه السلام من العترة فإن الحسين عليه السلام يلعن كما أن القرآن يلعن ، ومع الأسف نجد فقط التركيز على أن الحسين عليه السلام هو باب الرحمة وأنه سفينة النجاة – وهو كذلك – من دون إلفات النظر الى إمكانية أن يكون الحسين عليه السلام باباً للنقمة مما أدى بالمؤمنين الى التعامل مع القضية الحسينية والشعائر الحسينية تعامل الرجاء بلا خوف ، وهذا نقص في التربية الأخلاقية للمؤمنين لأن قلب المؤمن يجب أن يتساوى فيه الخوف والرجاء .
طيب ومن يلعنه الحسين عليه السلام ؟ والجواب هو : أن الحسين عليه السلام يلعن كل من يلعنه القرآن الكريم لأنهما لن يفترقا ، فبما أن القرآن يلعن كل من يعمل ضد تعاليمه وقواعده ونواهيه فكذلك الحسين عليه السلام – وسائر أئمة أهل البيت عليهم السلام – يلعن كل من يعمل ضد تعاليمه وقواعده ونواهيه ، طيب وما هي تعليمات الحسين عليه السلام وقواعده ونواهيه ؟ الجواب : هي التعليمات والضوابط والنواهي الشرعية التي بينها لنا علماؤنا الأعلام ومراجعنا العظام .
وهنا لا نريد أن نكرر ما أوصت به المرجعية منذ أكثر من أربع سنوات وأكدها بعض وكلاء المرجعية في كربلاء وغيرها من المدن العراقية مؤخراً مثل إقامة الصلاة في أوقاتها او التزام النساء بالحجاب وعدم الاحتكاك بالرجال وغيرها من التوصيات ، وهذا لا يعني أن الزائرين قد طبّقوا ما أرادته المرجعية والشرع بشكل كامل وذلك بسبب عدم استيعاب هذه التوصيات بشكل كافٍ ، فالصلاة ما زالت لا تؤدى في أوقاتها إلا بنسبة قليلة أما الصلاة جماعة فهي نادرة ، وكثيراً من النساء لم يلتزمن بالحجاب وما زال الاختلاط مع الرجال أثناء تأدية الزيارة يراوح في مكانه خصوصاً بعد دخول أكثر من ثلاث ملايين زائر إيراني بضمنها أكثر من 10 آلاف امرأة (الرقم تخميني) غير ملتزمة بالحجاب الشرعي بل متهتكات بلباس كاشف لبعض أجزاء أجسامهن من دون مراعاة للأضرحة المقدسة والأماكن المطهرة ومن دون أي اعتراض من قبل المشرفين على العتبات المقدسة .
ما نريد أن نلفت له الانتباه مما لا يلتزم به أغلب الزوار ومما يؤذي الإمام الحسين عليه السلام وقد تجعله يلعن زواره كما يلعن القرآن قرّاءه ، إنه (الخمس) واجب شرعي بإجماع علماء الأمة قديماً وحاضراً ، إذ يمكن القول أن %90 من الزوار وأصحاب المواكب وهذا ما يمكن أن يتأكد منه أي متتبع من خلال استطلاع أقاربه وذويه وأصدقائه وجيرانه وزملائه ومن له صلة معرفة به ، سيجد أن أقل من 10% منهم يخمسون على رغم من تنبيه مراجع عاملين مصلحين لهذا الواجب ، فما الفرق بين شخص لا يصلي ولا يخمس (من حيث ترك الواجب) ؟ فكلاهما عاصيان ، نعم الأول الذي لا يصلي يقرّع من قبل العرف بينما من لا يخمس لا يجد انتقاداً له من قبل الناس بسبب تركه تلك الفريضة المهمة .
كيف يرضى الإمام على شخص ترك واجباً إما تهاوناً أو تسامحاً أو تغافلاً ولا يلعنه ؟! نعم ربما الأشخاص العوام الجهلة الذين لا يعرفون هذا الواجب ممكن أن نقتنع أن يقبل الإمام زيارته أما غيره فذلك يحتاج الى مراجعة ، وكم واجب تُرِك تهاوناً أو تسامحاً أو تغافلاً لا غفلة وجهلاً ؟! فما فائدة زيارة الإمام الحسين عليه السلام ونحن نعصي خالقه وخالقنا عمداً جهرة ؟! كم منا لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر وهما أبرز واجبين خرج بهما الإمام الحسين عليه السلام ؟! كم منا لم يسعَ الى الإصلاح وهو من أهم الغايات التي خرج من أجلها الإمام الحسين عليه السلام ؟!
علينا إذاً مراجعة أنفسنا وإلا فإننا سنصدم يوم القيامة ، فبدل أن نتوقع الشفاعة نرى إعراضه عليه السلام عنا بل ولعننا والعياذ بالله ، نستجير بالله من هذه النتيجة ووفقنا الله لما فيه خير الدنيا والآخرة .

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M