قمع أقلية الإيغور: لماذا كل هذا الصمت الإسلامي؟

دلال العكيلي

كثيرة هي المعلومات التي تنشر بشكل يومي عبر الاعلام عن الفظاعات التي ترتكب بحق الايغور في الصين وملاحقاتهم واضطهادهم، الإيغور مسلمون وتعود أصولهم إلى الشعوب التركية ( التركستان)، ويعدون أنفسهم أقرب عرقيا وثقافيا لأمم آسيا الوسطى، ويشكلون نحو 45 في المئة من سكان شينغيانغ، في حين تبلغ نسبة الصينيين من عرقية الهان نحو 40 في المئة، ويتهم الإيغور السلطات الصينية بممارسة التمييز ضدهم، بينما تقول الصين إن الإيغور تشن حملة عنف تشمل التآمر للقيام بعمليات تفجير وتخريب وعصيان مدني من أجل إعلان دولة مستقلة.

كشفت وثائق جديدة تفاصيل صادمة عن ممارسات الصين بحق أقلية الإيغور في مراكز الإعتقال، مؤكدة أنّها “سجون للمسلمين” وأوضحت الوثائق أن “السلطات الصينية تتعاطى مع المعتقلين بصرامة، وتحدّد لهم متى يستحمون أو يستخدمون المرحاض، ويتم مراقبتهم بشكل حثيث وحبسهم في سجون بأبواب مزدوجة”، ويصل عدد المعتقلين في هذه السجون إلى ما يقارب المليون شخص من أقلية الإيغور، وتفرض عليهم نظام تعليم إلزامي قسري كذلك، فإنّ السلطات الصينية تتبع المعتقلين إلكترونية، وتخضهم لنظام مراقبة دقيق.

الصين: سنواصل “تدريب” سكان شينجيانغ

دافعت الصين عن شبكتها الواسعة من معسكرات إعادة التعليم في شينجيانغ، مؤكدة أنها ستستمر في “تدريب” السكان، في أعقاب تسرب وثائق حكومية تتضمن تفاصيل مراقبة وسيطرة بكين على الأويغور في المنطقة، أطلقت الحكومة حملة دعائية أخيرا لتبرير حملتها الأمنية بعد ظهور التسريبات وتمرير الكونغرس الأميركي مشروع قانون يدعو إلى فرض عقوبات على المسؤولين المتورطين في هذه السياسة المثيرة للجدل.

ورفض رئيس المنطقة الواقعة في أقصى غرب الصين شهرات ذاكر تقديرات منظمات حقوق الإنسان والخبراء الأجانب بأن أكثر من مليون من الأويغور وآخرين معظمهم من الأقليات المسلمة محتجزين في المنشآت، لكنه لم يقدم رقماً محددا لعدد الأشخاص الموجودين في ما تصفه الحكومة باسم “مراكز التدريب المهني”، وقال ذاكر إنّ “الطلاب … بمساعدة الحكومة حققوا عمالة مستقرة وحسّنوا نوعية حياتهم”، وأوضح أن المتواجدين في المراكز حاليا “أكملوا جميعا دوراتهم”، مضيفا “هناك أشخاص يدخلون ويخرجون”.

بالإضافة إلى هذه المراكز، قال ذاكر إنّ الخطوة التالية لحكومة شينجيانغ هي “المضي في التدريب التعليمي اليومي والروتيني والعادي والمفتوح لكوادر القرى وأعضاء الأحزاب الريفية والمزارعين والرعاة والعاطلين عن العمل من خريجي المدارس المتوسطة والثانوية”، دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل، وتظهر وثائق حصل عليها “الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين” ونشرتها 17 وسيلة إعلامية في أنحاء العالم في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، النظام الصارم المعتمد في مراكز الاحتجاز في شينجيانغ وتحكم بكين بكل تفاصيل الحياة في المخيمات حيث يتم احتجاز قرابة مليون من الأويغور وأبناء أقليات أخرى غالبيتهم من المسلمين.

كما نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية منتصف الشهر الفائت أيضا معلومات تستند الى أكثر من 400 صفحة من الوثائق الداخلية الصينية تفيد بأن الرئيس شي جينبينغ أمر المسؤولين بالتحرّك “بلا أي رحمة” ضد النزعات الانفصالية والتطرف، ووصف محتجزون سابقون المنشآت في شينجيانغ بأنها معسكرات تلقين في إطار حملة لمحو ثقافة الأويغور وديانتهم، بعد أن أنكرت بكين في البداية وجود معسكرات لإعادة التعليم، أقرت بكين بأنها فتحت “مراكز للتعليم المهني” في شينجيانغ تهدف إلى منع التطرف عن طريق تدريس لغة المندرين (إحدى اللغات الصينية) والمهارات الوظيفية.

ويصف المحتجزون السابقون منشآت شينجيانغ بأنها معسكرات تلقينية تشكل جزءًا من حملة للقضاء على ثقافة الأويغور والدين، أفادت جماعات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام الأجنبية، بما في ذلك وكالة فرانس برس، أن الوثائق الرسمية وصور الأقمار الصناعية تظهر أن المنشآت مجهزة وتدير مثل السجون، وتمسكت وزارة الخارجية الصينية برفضها الوثائق، واتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية غينغ شوانغ “بعض وسائل الإعلام” ب”تشويه جهود الصين في مكافحة الارهاب والتطرف في شينجيانغ”.

بكين: واشنطن “ستدفع ثمن” اعتماد مشروع قانون بشأن الاويغور

هددت الصين الولايات المتحدة بانها “ستدفع الثمن” لاعتماد مجلس النواب الأميركي مشروع قانون يطلب فرض عقوبات على بكين على خلفية ملف احتجاز المسلمين الأويغور من منطقة شينجيانغ، وتزيد هذه المبادرة الأميركية من حدة التوتر بين القوتين العظمتين، اللتين تخوضان محادثات صعبة بهدف التوصل إلى “اتفاق أولي” لوضع حد للنزاع التجاري بينهما.

والعلاقات متوترة أصلاً جراء إصدار الرئيس الأميركي لقانون يدعم تظاهرات المطالبة بالديموقراطية التي تشهدها هونغ كونغ منذ حزيران/يونيو، وردت بكين الاثنين بفرض عقوبات على منظمات غير حكومية مقرها الولايات المتحدة، كما فرضت تعليقاً على عبور السفن الحربية الأميركية في المياه الإقليمية الصينية، ووافق مجلس النواب الأميركي بغالبية ساحقة على مشروع قانون متعلق بملف الأويغور ولا يزال النص بحاجة إلى موافقة مجلس الشيوخ، حيث من المتوقع أن يحظى بدعم كبير، قبل أن يرفع إلى الرئيس دونالد ترامب، وقالت رئيسة مجلس النوّاب الديموقراطيّة نانسي بيلوسي قبل التصويت “اليوم، كرامة الأويغور وحقوقهم مهدّدة جراء أعمال بكين الوحشيّة والتي تُشكّل إهانة للضمير الجماعي العالمي”. وأضافت “نبعث رسالة إلى بكين: أميركا تُراقب ولن تبقى صامتة”.

تنديد شديد اللهجة

ويدعو النص الرئيس دونالد ترامب إلى فرض عقوبات على كبار المسؤولين الصينيّين في منطقة شينجيانغ في شمال غرب الصين الموضوعة تحت حماية أمنية مشددة بعدما تعرضت لهجمات، وتتهم واشنطن ومنظمات للدفاع عن حقوق الإنسان وخبراء بكين بانها تحتجز ما يصل الى مليون من المسلمين، من الاويغور خصوصاً، في معسكرات في الإقليم لإعادة تأهليهم سياسياً، وتنفي بكين هذا العدد، وتؤكد أن هذه المعسكرات ليست سوى مراكز للتأهيل المهني لمكافحة التطرف والإرهاب، ولمساعدة السكان في العثور على وظائف.

وتتهم الحكومة الانفصاليين والجهاديين بالقيام بعمليات إرهابية، وفرضت إجراءات أمنية مشددة في الإقليم الذي تفوق مساحته بثلاثة أضعاف مساحة فرنسا، ويقع على الحدود مع باكستان وأفغانستان، وردت الصين بغضب على تصويت النواب الأميركيين لصالح هذا القانون، وأعلنت هوا شون يينغ وهي متحدثة باسم الخارجية الصينية خلال مؤتمر صحافي “أعتقد أن مقابل كل خطأ بالتصرف أو التصريح، هناك ثمن يجب أن يدفع يجب على (المنفذين) أن يدفعوا الثمن”، معربةً عن “تنديدها الشديد”، ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الخطوة الأميركية ستؤثر على المفاوضات التجارية، لم تجب هوا بشكل مباشر، مكتفيةً بالقول إن “من غير الممكن ألا يكون هناك أثر على العلاقات” الثنائية.

الأسرار عن معسكرات شينجيانغ الصينية

نشرت مجموعة صحفيين دولية وثائق حكومية صينية سرية تصف أعمال القمع في معسكرات اعتقال في شينجيانغ، في ثاني تسريب نادر خلال بضعة أيام لملفات سرية تتعلق بالإقليم المضطرب في غرب البلاد، ويأتي نشر الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين للوثائق في أعقاب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز عن وثائق سرية تكشف تفاصيل حملة الصين القمعية على أقلية الويغور المسلمة ومسلمين آخرين في المنطقة، ويقول خبراء من الأمم المتحدة ونشطاء إن مليون شخص على الأقل من أقلية الويغور وأفراد من أقليات أخرى أغلبها مسلمة محتجزون في معسكرات في شينجيانغ.

وقال الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين إنه حصل على قائمة توجيهات تعود إلى عام 2017 “تعتبر فعليا كُتيب إرشادات لإدارة المعسكرات” وتحتوي على توجيهات لكيفية منع الهرب والحفاظ على سرية وجود المعسكرات وتلقين النزلاء مبادئ “ومتى يسمح لهم برؤية أقاربهم أو حتى باستخدام دورات المياه”، وتشمل وثائق أخرى حصل عليها الاتحاد “إفادات مخابراتية” تظهر كيف تم توجيه الشرطة “من خلال كم هائل من البيانات المجمعة ونظم التحليل التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لاختيار فئات كاملة من سكان شينجيانغ لاعتقالهم”.

وقال قنغ شوانغ المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية في مؤتمر صحفي إن شؤون شينجيانغ مسألة داخلية تخص الصين، وإن استقرار وازدهار الإقليم هو خير رد على ما قال إنها افتراءات، ونقلت صحيفة جارديان، العضو في الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، نقلت عن السفارة الصينية في لندن قولها إن “ما تسمى بالوثائق المسربة هي أنباء ملفقة تماما وكاذبة”، وجاءت التسريبات وسط موجة غضب عالمية متصاعدة بشأن سجل الصين فيما يتعلق بحقوق الإنسان في شينجيانغ وقادت الولايات المتحدة أكثر من 30 دولة في انتقاد ما وصفتها بأنها “حملة قمع مروعة”.

مهندس مراكز احتجاز أقلية الأويغور “تشو هايلون”

كشفت وثائق سرية للحكومة الصينية والتي نشرها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الإثنين الدور المحوري الذي لعبه نائب زعيم الحزب الشيوعي في إقليم شينجيانغ (شمال غرب الصين) تشو هايلون فيسياسة قمع الأقلية المسلمة من الأويغور، وتتضمن التسريبات لائحة توجيهات أقرها تشو هايلون لإدارة مراكز الاحتجاز، حيث يتم اعتماد نظام صارم يتحكم في كامل تفاصيل الأشخاص المحتجزين الذين يقارب عددهم المليون، من الأويغور أو من أبناء أقليات أخرى غالبيتهم من المسلمين، وفق الوثائق المنشورة.

وتقوض الوثائق المسربة رواية الحزب الشيوعي الصيني عن تلك المخيمات بوصفها “مراكز تدريب مهني صديقة يتلقى فيها الأويغور وغيرهم من المسلمين الصينيين تدريبات بشكل طوعي”، وظهر توقيع تشو هايلون في الوثائق السرية الثلاث التي تصف كيف يمكن لنظام المراقبة الإلكترونية الهائل الذي تم إنشاؤه في شينجيانغ تحديد الأفراد الذين يجب وضعهم في مراكز إعادة التأهيل كما تصف هذه الوثائق المئات من الحالات في أنحاء الإقليم التي يُطلب فيها من قوات الأمن تنفيذ “عمليات اعتقال” أو “استكمال تحقيقات” حول الأشخاص الذين تم القبض عليهم في شبكة المراقبة بالفيديو الواسعة.

وبحسب الوثائق المنشورة فإن المحتجزين يتم تقييمهم بناء على نظام نقاط لقياس “تحولهم العقائدي ودراستهم وتدريبهم وامتثالهم للانضباط” وتضيف (الوثائق) أنه “يجب أن تكون هناك مراقبة كاملة عبر الفيديو تغطي المهاجع وقاعات الدراسة دون أي استثناء لضمان مراقبة الحراس المناوبين لحظة بلحظة وتسجيل كل الأمور بالتفاصيل والإفادة فورا عن أمور مشبوهة”.

وبحسب مذكرة مسربة بتاريخ حزيران/يونيو 2017، فإن أكثر من 15 ألف شخص في شينجيانغ أرسلوا إلى “التدريب والتعليم” بموجب منصة العملية المشتركة الموحدة، فيما وضع نحو ألفين تحت “المراقبة الوقائية”.

وحتى الآن، بقي تشو البالغ من العمر 61 عاما في ظل تشن كوانجو، ممثل الحزب الشيوعي الصيني في إقليم شينجيانغ وتوصل تشن كوانجو، الرجل “ذو القبضة الحديدية” إلى “التهدئة” مع التبت عام 2016، أدت إلى تهدئة التطلعات الانفصالية لأقلية الأويغور، في هذا الإطار قام تشن كوانجو فورا بنسخ النظام الذي حقق له النجاح في التبت وقام بتحديث نظام مراقبة ومضايقات الشرطة من خلال استخدام الابتكارات التكنولوجية على غرار التعرف على الوجه.

إلا أن كوانجو احتاج إلى خبير في هذا المجال لتطبيق نظريته في شينجيانغ هذا هو الدور الذي أوكل إلى تشو هايلون، الذي أنشأ الجهاز القمعي الذي ابتكره تشن كوانجو، ابتداء من عام 2016 “كان تشن كوانجو تجسيدا للحزب، لكن تشو هايلون هو الذي يعلم ما كان يجب فعله، من يجب توقيفه وكيفية المضي قدما”، وفق ما لخص رجل أعمال من الأويغور في المنفى نقلا عن وكالة أسوشيتيد برس.

ووصل تشو هايلون إلى شينجيانغ في العام 1975، قدم إليها كجزء من مبادرة الحزب الشيوعي، أرسلت خلالها شباب الحضر المتعلمين للعيش بضع سنوات في المناطق النائية من الصين، و”على عكس معظم أقرانهم الذين عادوا بسرعة إلى مسقط رأسهم في نهاية مهمتهم، اختار تشو هايلون البقاء في شينجيانغ”، وفق ما أشار الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، وفي شينجيانغ تدرج هايلون حتى أواخر التسعينيات من القرن العشرين في صفوف مناصب الحزب الشيوعي على المستوى المحلي وبنى سمعة للكفاءة والسلطة، وقد عرف عن هايلون أنه اعتاد تنفيذ غارات الشرطة في منتصف الليل في القرى الريفية ذات الأغلبية المسلمة للقيام بمهمته الأمنية.

هذه الأساليب لاقت استحسان بكين، وعندما اندلعت أعمال الشغب الإثنية في عام 2009 في أورومتشي، عاصمة إقليم شينجيانغ، قرر النظام ترقية هذا المسؤول المتحمس إلى منصب نائب زعيم الحزب في هذه المدينة، ما يعتبر قرارا استثنائيا، لأن “الحزب الشيوعي الصيني يرسل عادة رجال بكين إلى العواصم الإقليمية لمنحهم خبرة ميدانية في مناصب بارزة” وفقا لأسوشيتد برس.

عقب تعيينه بفترة قصيرة، نظم تشو هايلون حملة مضايقة واسعة النطاق نفذتها قوات الأمن ضد السكان المسلمين المحليين، وفي عام 2016 اعتُبرت سياسته تطبيقا للمنهج القمعي الذي دعا إليه تشن كوانجو لكنها تجاوزت بكثير من حيث الحجم والضراوة الحملة في التبت، لذا فإن الرجلين يشتركان في ميل مشترك لسياسة العصا في عام 2017، ألقى تشو هايلون خطابا قويا للغاية لمئات من ضباط الشرطة ودعا قوات الأمن إلى “حمل سلاحهم وتوجيه سيوفهم وضرب المسلمين بقوة ووحشية” كما ذكرت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” في هونغ كونغ.

وبالتزامن مع مساعيه لتعبئة قوات الأمن، بدأ تشو هايلون الإشراف على بناء معسكرات “إعادة التأهيل”، وداخلها يُطلب من المسؤولين المحليين مراقبة المحتجزين على مدار الساعة، ومنها عندما يذهبون إلى المراحيض، لمنعهم من الهرب، كما يمنع على الموظفين مصادقة المحتجزين والانخراط في “مبادلات شخصية” لمنع “التآمر”، وفي أوائل عام 2019، تقاعد تشو هايلون، وتم انتخابه لرئاسة البرلمان الإقليمي، والذي تعتبر هدية نهاية وفق الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين ليخلفه في المهمة وانغ جون تشنغ، البالغ من العمر 56 عاما، وهو أحد أبرز نجوم الحزب الشيوعي الصيني الصاعدة.

ويأتي التسريب بعد أسبوع من نشر صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية معلومات تستند إلى أكثر من 400 صفحة من الوثائق الداخلية الصينية تفيد بأن الرئيس شي جينبينغ أمر المسؤولين بالتحرك “بلا أي رحمة” ضد النزعات الانفصالية والتطرف، في خطاب ألقاه عام 2014 في أعقاب هجوم شنه مسلحون من الأويغور على محطة قطارات.

صمت العالم الاسلامي أمام الانتهاكات الصينية بحق الأويغور

“أيها المسلمون، لا أتمنى لكم رمضان كريم!” بهذه الكلمات وبنبرة ملؤها الأسى والغضب، أطلقت مديرة معهد الأويغور بأوروبا ديلنور ريحان في شهر مايو/أيار الماضي صرخة عبر مجلة “نوفيل أوبسيرفاتور” الفرنسية موجهة للعالم الإسلامي تشجب فيها عدم مبالاته بـ”أحد أكبر الجرائم ضد الإنسانية في القرن 21″، في إشارة إلى القمع الذي تتعرض إليه أقلية الأويغور في منطقة شينجيانغ، شمال غرب الصين، وقد كشفت الأحد وثائق سرية مسربة تقارير حصل عليها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين ونشرتها وسائل الإعلام في أنحاء العالم، أن الصين احتجزت ما يصل إلى مليون شخص من الأويغور في معسكرات إعادة تأهيل. لكن بكين تنفي الاتهامات الموجهة إلهيا، وتتحدث عن “مراكز تدريب مهني” لإغناء المعارف ومحاربة التطرف الإسلامي.

وهاجمت ديلنور ريحان، وهي من الأويغور ومقيمة في فرنسا، في الوقت ذاته الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكتبت رسالة مفتوحة مشتركة مع النائب اليساري بالاتحاد الأوروبي رافائيل غلوكسمان نشرتها صحيفة “ليبيراسيون” إن “الجرائم الكبرى تتغذى من الصمت، لقد سقط الأويغور الآن في نوع من الثقب الأسود… ثقب أسود مشروع في الصين […] وثقب أسود سياسي في العالم: فهم بالكاد يُذكرون في مفاوضات بلداننا مع القادة الصينيين، لكن، ورغم نشر معلومات جديدة عن مراكز احتجاز في شينجيانغ، يبقى التضامن مع هذه الأقلية المسلمة التي تتعرض للقمع الممنهج من قبل السلطات الصينية، محدودا.

مؤيدي ومنتقدي بكين

خلال اجتماعات الأمم المتحدة، يظهر الخط الفاصل بين المدافعين ومنتقدي السياسة التي تقودها الصين في شينجيانغ فخلال اللجنة الثالثة للشؤون الاجتماعية والإنسانية والثقافية في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول، دانت 23 دولة -بما فيها فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة- قمع الأويغور الممنهج في المقابل حصلت بكين على دعم 54 دولة، غالبيتها من إفريقيا، أثنت على سياسة الإدارة الصينية في منطقة الحكم الذاتي، أما الجولة الأولى من هذه المعركة فقد وقعت في يوليو/تموز الماضي في نفس الحلبة، حيث برز هذا الانقسام عندما وجهت 22 دولة رسالة إلى الأمم المتحدة تندد فيها بمعاملة السلطات الصينية لأفراد من أقليات عرقية في منطقة شينجيانغ وتدعوها إلى وضع حد للاعتقال التعسفي فيها.

ردا على ذلك، هبت 37 دولة لدعم بكين من بينها 14 دولة عضوا في منظمة التعاون الإسلامي بما فيها السعودية ومصر وباكستان والإمارات وقطر والجزائر. هذه الدول قامت بدورها بتوجيه رسالة هنأت فيها “الصين بإنجازاتها اللافتة على صعيد حقوق الإنسان”، كما أنها “أخذت علما بالأضرار الهائلة التي تسبب بها الإرهاب والتوجه الانفصالي والتطرف الديني لكل المجموعات الإثنية في شينجيانغ”. وتابعت هذه الدول “في مواجهة التحدي الخطير للإرهاب والتطرف، اتخذت الصين سلسلة إجراءات لمكافحة الإرهاب والتطرف في شينجيانغ وخصوصا عبر إنشاء مراكز تعليم وتدريب مهنية”، مشددة على أن “الأمن عاد” إلى المنطقة.

هذا الموقف يترجم صمت منظمة التعاون الإسلامي، التي تضم 57 دولة، إزاء التقارير التي تتهم الصين بالانتهاكات بحق الأويغور، رغم أن المنظمة توحدت مواقفها مرارا عند وقوع انتهاكات بحق المسلمين، كما كان الحال أثناء أزمة الروهينغا في عام 2017 حيث احتشدت الدول الأعضاء فيها دفاعا عن هذه الأقلية ضد السياسة التي يتبعها الجيش البورمي.

 

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/rights/21773

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M