كيف تؤثر الأزمة العالمية على الاقتصادات الناشئة؟.. تركيا وجنوب أفريقيا والهند نموذجًا

أسماء فهمى

 

أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى تدهور سريع في التوقعات المستقبلية للاقتصاد العالمي، بجانب الصدمات التي تعرضت لها اقتصادات الدول، دعم ذلك ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والأسمدة؛ فقد أظهرت المؤشرات تقلبًا ماليًا واقتصاديًا واضحًا، وسحب الاستثمارات، وإعادة تشكيل سلسلة التوريد العالمية، وارتفاع التكاليف. وهو الأمر الذي أثر على تراجع المكاسب التي حققها الاقتصاد العالمي بعد بلوغه مرحلة التعافي من جائحة كورونا، والذي ترك انعكاسًا على مسار التنمية المستدامة التي تسعى الدول إلى تحقيقها. وذلك لكون روسيا وأوكرانيا لاعبين عالميين في أسواق الأغذية الزراعية، وتمثلان 53٪ من التجارة العالمية في زيت عباد الشمس والبذور، و27٪ في القمح.

وتعد الدول الناشئة والدول النامية بشكل خاص أسرع تطورًا من حيث التقلبات الاقتصادية التي سببتها الحرب، حيث سيؤثر الارتفاع الشديد في أسعار الغذاء والوقود على الفئات الأكثر ضعفًا. ولكن على الرغم من تأثير الحرب على الصادرات الغذائية، فإن توقعات منظمة الأغذية والزراعة بشأن إمدادات الحبوب والطلب عليها تشير إلى أن يصل إنتاج القمح العالمي في عام 2022 إلى 784 مليون طن، بزيادة 1.1٪ عن العام السابق، ويرجع ذلك إلى اتجاهات الإنتاج المواتية في مناطق مثل الصين والهند وأمريكا الشمالية والاتحاد الأوروبي، والتي يمكن أن تساعد في استقرار الأسواق العالمية.

أولًا: مؤشرات أهم السلع المصدرة لروسيا وأوكرانيا

فيما يتعلق بأسواق الطاقة فإنه في أوائل أبريل انخفض إنتاج النفط الروسي بمقدار 700 ألف برميل يوميًا، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، والتي ذكرت أن الانخفاض قد يصل إلى 1.5 مليون برميل يوميًا بنهاية أبريل، وحوالي ثلاثة ملايين برميل في مايو. وقد تحاول روسيا إيجاد أسواق جديدة لنفطها في آسيا أو في أي مكان آخر، ولكن إذا استمر الانخفاض في الإنتاج، فقد يؤثر ذلك في النهاية على اقتصاد البلاد.

وأطلق بعض أعضاء وكالة الطاقة الدولية ما يعادل 120 مليون برميل من مخزونات النفط -وهو أكبر إصدار للمخزون في تاريخها- وأمر الرئيس الأمريكي بإطلاق كميات كبيرة من النفط من احتياطيات الولايات المتحدة؛ في محاولة لخفض تكاليف الوقود المرتفعة، وترغب الولايات المتحدة أيضًا في أن تزيد المملكة العربية السعودية إنتاجها النفطي، وتتطلع إلى تخفيف العقوبات المفروضة على نفط فنزويلا.

وبالنسبة لصادرات دول الحرب من السلع الغذائية، فإن روسيا وأوكرانيا تمثلان معًا أكثر من ربع صادرات القمح العالمية، بينما تشكل أوكرانيا وحدها ما يقرب من نصف صادرات زيت عباد الشمس. كلاهما من السلع الأساسية المستخدمة في العديد من المنتجات الغذائية، وإذا تم إعاقة الحصاد والمعالجة في أوكرانيا التي مزقتها الحرب، أو تم حظر الصادرات، فسيواجه المستوردون صعوبة في استبدال الإمدادات. وساعد نقص الإمدادات في زيادة 23٪ شهريًا في مؤشر منظمة الأغذية والزراعة للزيوت النباتية. وأدت عاصفة كاملة من ارتفاع أسعار زيت عباد الشمس وزيادة تكاليف النفط الخام وانخفاض صادرات الزيوت النباتية من أمريكا الجنوبية إلى ارتفاع أسعار الزيوت الأخرى مثل النخيل وفول الصويا وبذور اللفت.

وتعتمد بعض الدول بشكل خاص على الحبوب من روسيا وأوكرانيا. على سبيل المثال، تعتمد تركيا ومصر عليها فيما يقرب من 70٪ من وارداتها من القمح، أوكرانيا هي الأخرى أكبر مورد للذرة للصين، ويمكن الإطلاع على عدد من المؤشرات المتعلقة بالقمح الروسي والأوكراني من خلال الجدول التالي:

يبين الجدول السابق تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على أسواق الحبوب العالمية بتراجع حجم الصادرات والتي وصلت فيما بعد لدرجة الوقف شبه الكامل لصادرات الحبوب الأوكرانية، نظرًا لأن أوكرانيا مصدر رئيس للقمح والذرة، فقد كانت النتيجة تحولًا مفاجئًا في الطلب إلى الموردين الآخرين كالأرجنتين والبرازيل، وزيادة ملحوظة في أسعار المصدرين لتلك الحبوب، في حين أن الأسعار الأوكرانية لم تعد متوفرة حيث تسارع البلاد لبدء الشحن عبر السكك الحديدية بدلًا من البحر، واستأنفت أسعار القمح الروسي وصادراته، مما أدى إلى بعض الاستقرار في الأسعار، وتراجعت الأسعار في روسيا بمقدار 10 دولارات / للطن وسط الظروف المعتدلة في الغالب للمحاصيل الشتوية واستمرار القدرة على التصدير من البحر الأسود.

وفيما يتعلق بالحبوب الأخرى فإنه تغطي الأسواق العالمية حاليًا سحابة من عدم اليقين حول قدرة أوكرانيا على تصدير الذرة والشعير على المدى القصير والسنة المقبلة، حيث بلغ حجم صادراتها من الذرة 24.6 مليون طن ومن الشعير 5.6 مليون طن، أما روسيا فقد بلغت صادراتها من الذرة 4.1 مليون طن ومن الشعير 5.1 مليون طن خلال عام 2021، ويمكن متابعة تطور حجم إنتاج واستهلاك وصادرات أوكرانيا من محصول الذرة والشعير من خلال الجدول التالي:

بصفة عامة، بلغ إجمالي واردات الذرة العالمية 8.1 مليون طن، ساهمت فيها أوكرانيا بنسبة 45% وهو حجم صادرات الذرة الأوكرانية، وهي نفس الكمية مقارنة بالعام الماضي كما هو موضح بالجدول السابق. أما إجمالي واردات الشعير العالمية فقد بلغت 5.0 مليون طن، تم توريدها بشكل رئيس من أوكرانيا بنسبة 33%، ومن المتوقع أن تكون صادرات أوكرانيا صغيرة؛ إذ يحد الصراع المستمر بشدة من قدرة أوكرانيا على نقل الحبوب من البحر الأسود.

ثانيًا: تأثير الحرب على عدد من الدول الناشئة

لا أحد ينكر الدور الكبير الذي تلعبه روسيا وأوكرانيا في الزراعة العالمية لكونهما مصدرًا رئيسًا للمنتجات الزراعية، وفي المقابل هناك أسواق تعتمد بشكل رئيس في توفير الإمدادات من تلك السلع على تلك الدولتين، بجانب أن روسيا تعد ثالث أكبر منتج للنفط في العالم بعد السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وبلغت صادرات روسيا من النفط الخام والسوائل الغازية 5.95 مليون برميل يوميًا ونحو 1.68 مليون برميل يوميًا من المشتقات النفطية في شهر نوفمبر 2021، وبالتالي فإن تعطل الإمدادات بسبب الحرب قد عرض الأسواق التي تعتمد على روسيا وأكرانيا للصدمات والتقلبات، وفيما يلي نستعرض تأثير الحرب على عدد من الدول الناشئة ومنها:

  1. الهند

أدت الحرب الأوكرانيا الروسية إلى ارتفاع أسعار النفط، وأثارت مخاوف من تضرر الانتعاش الاقتصادي في الهند، خاصة وأنها تستورد ما يقرب من 85% من احتياجاتها من النفط الخام وحوالي 50% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي. وأثر الصراع بشكل كبير كذلك على التعافي الناشئ للاقتصاد الهندي من الوباء، وأدت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية ودخول الاقتصاد في حالة من الركود التضخمي.

وعلى المدى القصير، ساهمت الأزمة في هروب رأس المال إلى الخارج وارتفاع فاتورة الاستيراد وعجز الحساب الجاري وبالتالي تراجع حجم الاحتياطيات، وهو ما قد يدفع بالبنك المركزي الهندي إلى رفع أسعار الفائدة في وقت قريب بهدف دعم العملة المحلية، ويمكن أن ترتفع تكلفة الأموال بالنسبة للبنوك والشركات المالية غير المصرفية، مما يؤدي إلى تراجع الطلب على الائتمان.

ونجد أن الهند تعتمد على روسيا في استيراد المواد الغذائية وزيت الطعام (زيت عباد الشمس) والأسمدة، إذ يمثل حجم إيرادات الهند من روسيا وأوكرانيا 80% من إجمالي واردات الهند من زيت عباد الشمس في 2020-2021، ومع تعليق أوكرانيا عملياتها في الموانئ فسيؤدي ذلك إلى تعطيل سلسلة التوريد سواء من السلع المستوردة من أوكرانيا ومنها المنتجات الزراعية والمنتجات المعدنية والبلاستيك، أو من روسيا وعلى رأسها الوقود والزيوت المعدنية واللآلئ والأحجار الكريمة والآلات والمعدات الكهربائية وغيرها.

وتستورد روسيا وأوكرانيا الشاي الهندي، حيث بلغ إجمالي الصادرات إلى هذه البلدان 30.89 مليون كجم و1.6 مليون كجم على التوالي في الفترة من يناير إلى نوفمبر 2021، ومن المرجح أن تؤثر التوترات المستمرة على صادرات الشاي الهندي، مما يتسبب في زيادة العرض في السوق المحلية وما يترتب على ذلك من انخفاض في الأسعار.

وتصدر الهند الأدوية إلى روسيا بنسبة 2.4% وبما يقارب من 591 مليون دولار أمريكي عام 2021 بزيادة قدرها 6.95% تقريبًا عن العام السابق، وإلى أوكرانيا 0.74% من إجمالي صادرات الهند من الأدوية، وبما يعادل أكثر من 181 مليون دولار أمريكي في السنة المالية 21 بنمو سنوي يقارب 44%. ومع تزايد التوترات بين روسيا وأوكرانيا، قد يشهد قطاع الأدوية الهندي اضطرابات في الصادرات الإجمالية للأدوية.

ومع تمتع الهند بعلاقات تاريخية اقتصادية ودفاعية مع روسيا، في المقابل على مدى عقدين أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر شريك تجاري واستثماري، وبالتالي فإن الهند تواجه تحديًا في إدارة علاقاتها مع كل الأطراف في حالة تصعيد الولايات المتحدة من عقوباتها ضد روسيا.

وبالرغم من ذلك، فإنه قد يكون للأزمة في الوقت نفسه آثار إيجابية على الهند متمثلة في أنه دفع تعطيل الإمدادات من السلع الزراعية العالمية إلى خلق بصيص من الأمل لقطاع الزراعة الهندي،  خاصة وأن الهند في وقت سابق قامت بتأمين إمدادات الأسمدة الإضافية من المغرب وإسرائيل وكندا، ومع تراجع قدرة أوكرانيا وروسيا على تصدير القمح قامت الدول التي كانت تعتمد في وراداتها من القمح على روسيا وأوكرانيا بالتوجه نحو الهند لتأمين احتياجاتها منه، ومن هذه الدول مصر وإسرائيل وعمان ونيجيريا وجنوب إفريقيا، والتي كانت تعتمد تقليديًا على واردات القمح الروسي أو الأوكراني.

ويمثل إنتاج الهند من القمح 14٪ من إنتاج القمح العالمي أي على قدم المساواة مع روسيا وأوكرانيا مجتمعين، إلا أن حصتها في السوق العالمية لا تتجاوز 3%، نظرًا لأن معظم القمح الهندي يستخدم للأغراض المحلية، ومع ذلك فإنه بالنظر إلى أن مخزون القمح الهندي فإنه يبلغ ثلاثة أضعاف الحد الإلزامي البالغ 7.6 مليون طن، وبالتالي فإنه يمكن لنيودلهي بسهولة سد الفجوة التي خلفتها كييف وموسكو.

  1. تركيا

تمر تركيا بأزمة اقتصادية منذ عام 2018، حيث فقدت الليرة التركية 47% من قيمتها خلال العام الماضي، وارتفعت الأسعار بأكثر من 54%، ويمثل ارتفاع التضخم وتدهور العملة والذي صاحبه الصراع الحالي نذير بمزيد من تدهور اقتصادي في تركيا؛ نظرًا لكون روسيا وأوكرانيا شريكين رئيسين اقتصاديًا وتجاريًا لتركيا، وهو ما دفعها إلى استضافة محادثات سلام بين البلدين في مارس، وفي نفس الوقت عدم قدرتها على الالتزام بالعقوبات المفروضة عليهما من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. إلا في أضيق الحدود.

وتستورد تركيا 45% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي و70% من القمح من روسيا. وكذا، تعد روسيا أيضًا أكبر مصدر للسياح في تركيا، حيث استضافت 4.7 مليون سائح روسي أي بنسبة 19٪ من إجمالي السياح إلى البلاد في عام 2021.

وفي نفس الوقت فإن تركيا تتمتع بعلاقات اقتصادية كبيرة مع أوكرانيا، حيث تستورد 15% من وارداتها من القمح من أوكرانيا، وبالتالي تعد ثاني أكبر مزود لتركيا من القمح، وتعد ثالث أكبر مصدر للسياحة في تركيا مع استقبالها مليوني أوكراني في عام 2021.

ومن هنا نجد أن الحرب ألقت بظلالها على الاقتصاد التركي، وأدت إلى تراجع النمو وارتفاع معدلات التضخم؛ فوفقًا لمعهد الإحصاء التركي سجلت أسعار المستهلك زيادة بنسبة 16.4% خلال الشهرين الأولين من عام 2022، وارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات بنحو 124% خلال الفترة بين فبراير 2021 وفبراير 2022. وفي عام 2019 أصبحت تركيا ثالث أكبر مستورد للقمح في العالم حيث وصل حجم استيرادها ما يقرب من 11 مليون طن سنويًا، وبما أنها تعتمد في جزء كبير من وارداتها من القمح على روسيا وأوكرانيا فقد تأثرت بارتفاع أسعار القمح، وهي كذلك تعد أكبر مستورد من زيت عباد الشمس، و70% من هذه الواردات تأتي من روسيا وأوكرانيا.

وعلى مستوى الشركات، هناك حاليًا أكثر من 700 شركة تركية في أوكرانيا باستثمارات تزيد على 4.5 مليار دولار ومنها “مجموعة مشروبات إيفس” والتي تعد خامس أكبر مصنع للبيرة في أوروبا وبعدد أفرع 11 في روسيا وثلاثة في أوكرانيا وتم إغلاقهم مؤقتًا بسبب الحرب. وكذلك أدت الحرب إلى توقف مبيعات مصانع الملابس الجاهزة بإسطنبول حيث تمثل الطلبات الروسية والأوكرانية منها 40% من حجم التجارة السنوية.

  1. جنوب أفريقيا

بحسب تصريحات رسمية، نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لجنوب إفريقيا بنسبة 1.2٪ في الربع الرابع من عام 2021، مما رفع معدل النمو السنوي لعام 2021 إلى 4.9٪، وهذا يدل على تعافي الاقتصاد من الوباء، إلا إن معدل النمو هذا لا يكفي لوقف معدل البطالة المرتفع في البلاد.

ومع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية والتي أدت إلى رتفاع أسعار النفط والحبوب على مستوى العالم وتعطل الإمدادات من القمح والذرة والزيت، فإن أسعار السلع الأساسية مثل الوقود والخبز ارتفعت ضمن مؤشر أسعار المستهلكين في جنوب إفريقيا، خاصة وأن دولة جنوب أفريقيا من ضمن أكبر عشر دول أفريقيا مستوردة للقمح والذرة من روسيا وأوكرانيا، وبالتالي تلت تلك الارتفاعات تأثيرات تضخمية مع زيادة أسعار النقل العام والمواد الغذائية لتعويض ارتفاع تكاليف الوقود للشركات.

وأدى الصراع كذلك إلى مزيد من البطالة وخفض الناتج المحلي الإجمالي لعام 2021/2022 عما كان متوقعًا في السابق. وتمتلك جنوب إفريقيا استثمارات في روسيا تصل إلى ما يقرب من 80 مليار راند جنوب أفريقي (5 مليارات دولار؛ 3.7 مليار جنيه إسترليني)، بينما يبلغ إجمالي الاستثمارات الروسية في جنوب إفريقيا حوالي 23 مليار راند، وبالتالي فإن الحرب أثرت بشكل كبير على الشركات التجارية في جنوب أفريقيا وخسرت 77 مليار راند.

ومن هنا نجد أن الحرب الروسية الأوكرانية تسببت في تراجع مؤشرات النمو بالدول الناشئة، وارتفاع معدلات التضخم والبطالة، وذلك بعد أن أدت إلى اضطراب أسواق الطاقة وأسواق الغذاء، مما دفع أسعار النفط والغاز والسلع الغذائية الأساسية إلى أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من عقد من الزمان، وأجبر العديد من البلدان على إعادة النظر في إمدادات الطاقة والغذاء، فوفقًا لوكالة الطاقة الدولية تعد روسيا أكبر مصدر للنفط في العالم للأسواق العالمية، وتعد موسكو وكييف سلة للسلع الغذائية وبالتالي مع تعطل الإمدادات فإن الدول سعت إلى إيجاد أسواق بديلة لسد احتياجاتها من السلع الغذائية.

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/69472/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M