مفاهيم مغلوطة عن التغذية

خلال فترة انتشار وباء كورونا المستجد (كوفيد-19)، أصبح الحفاظ على اتباع نظام غذائي صحي أكثر أهمية من أي وقت مضى. ومع توقع حدوث اختلالات كبيرة في النظم الغذائية، فإن ضمان الوصول إلى الأطعمة المغذية أصبح أمراً بالغ الأهمية. ومن المهم أيضًا التخلي عن المفاهيم المغلوطة والخاطئة وتصحيحها. وأجدر من يقوم بهذه المهمة هي لورين لانديس، التي انضمت إلى برنامج الأغذية العالمي في عام 2009، بعد أن عملت مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومنظمة إنقاذ الطفولة، ومنذ عام 2016 أصبحت مديرة قسم التغذية في البرنامج. وفيما يلي مقابلة أجرتها لوبيتسا فويادينوفيتش

هل المثل القائل إن “تفاحة في اليوم تبقي الطبيب بعيداً” صحيح؟

تكثر المفاهيم المغلوطة والخاطئة عن الغذاء والتغذية في جميع أنحاء العالم. وجميعنا نشأ على هذه المفاهيم، مثل حكايات الجدات حول العلاجات لنزلات البرد الشائعة. ولا نستطيع القول بأن كل المفاهيم المغلوطة ضارة، لكني أعتقد أنه من المهم ألا يلتبس على الناس الأمر مع التغذية الصحية. ورداً على سؤالك – الإجابة هي “لا”!

من المؤكد أن التغذية علم يدرس، ولكن هناك أيضًا الكثير من استخدام الفطرة السليمة في التغذية الصحية. ومعظمنا لديهم فكرة جيدة عن أنواع الأغذية التي تجعل أجسامنا تعمل بشكل جيد. ومع ذلك، هناك بعض المفاهيم المغلوطة والخاطئة التي يتعين علينا التخلص منها، حيث يمكن أن تكون مدمرة في الأوقات الحرجة مثل الوقت الراهن مع انتشار وباء كورونا المستجد (كوفيد-19).

ما هي المفاهيم المغلوطة الثلاثة الرئيسية حول التغذية؟

فكرة وجود نوع واحد من الأغذية يمكنه أن يضمن التمتع بصحة جيدة. هناك الكثير من المعلومات الخاطئة على نطاق واسع في الأوساط الرقمية التي تدعي أن أطعمة معينة – مثل الثوم أو الليمون أو الموز – يمكن أن تحمينا من الأمراض. وهذه المفاهيم المغلوطة شديدة الخطورة. علينا أن نعلم أن النظام الغذائي الصحي يتكون من مجموعة متنوعة من الأطعمة تنتمي لمجموعات غذائية مختلفة: الأطعمة الأساسية مثل الأرز والمكرونة والحبوب والمحاصيل الجذرية والدرنية، والفواكه والخضراوات؛ ومصادر البروتين مثل العدس. وكذلك كميات معتدلة من الأطعمة الحيوانية المختلفة. وتختلف متطلبات النظام الغذائي الصحي بحسب العمر والجنس ومستوى النشاط والبيئة التي يعيش فيها الإنسان، سواء في المناخات الباردة أو الحارة. ومن المهم أن نتذكر أن النظام الغذائي الصحي هو الغذاء المتوازن بشكل جيد.

هناك فكرة مغلوطة شائعة أخرى نواجهها في بعض البلدان التي يعمل فيها البرنامج وهي أن الرجال فطرياً يتطلبون الحصول على احتياجات غذائية أعلى من النساء. غالبًا ما يؤدي هذا المفهوم الخاطئ إلى أن تأكل النساء بعد أن يأكل الجميع وبكميات أقل، خاصة في أوقات الأزمات.

لورين في بعثة إلى تشيكابا في كاساي، في جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 2018
لورين في مهمة إلى تشيكابا في كاساي، في جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 2018

هناك فكرة مغلوطة شائعة أخرى نواجهها في بعض البلدان التي يعمل فيها البرنامج وهي أن الرجال فطرياً يتطلبون الحصول على احتياجات غذائية أعلى من النساء. غالبًا ما يؤدي هذا المفهوم الخاطئ إلى أن تأكل النساء بعد أن يأكل الجميع وبكميات أقل، خاصة في أوقات الأزمات.

الليمون في أحد أسواق المزارعين في لبنان. الصورة: برنامج الأغذية العالمي / ألدو بينتينرو
الليمون في أحد أسواق المزارعين في لبنان. الصورة: برنامج الأغذية العالمي / ألدو بينتينرو

لا تزال المراهقات عرضة بشكل خاص لجميع أشكال سوء التغذية. والفتاة المراهقة الحامل أو المرضع تحتاج لأكبر كمية من المغذيات بين أفراد الأسرة. ويترتب على عدم تلبية هذه الاحتياجات ثمن باهظ جدًا – فهذا يؤثر على كل من الفتاة المراهقة التي قد يكون جسمها لا يزال في مرحلة النمو، وكذلك على نمو طفلها البدني والعقلي.

وأخيرًا، هناك اعتقاد خاطئ شائع بأن مشكلات التغذية لا تؤثر إلا على شعوب البلدان النامية. إن كل بلد من بلدان العالم تعاني من شكل واحد على الأقل من سوء التغذية. على سبيل المثال، يؤثر نقص المغذيات الدقيقة – المعروف أيضًا باسم “الجوع الخفي” – على ملياري شخص حول العالم.

وتعتبر زيادة الوزن والسمنة شكلاً آخر من أشكال سوء التغذية. وبينما نشهد ارتفاعًا كبيرًا في معدلات السمنة في العديد من البلدان المتقدمة، فإننا نشهد أيضًا ارتفاع هذه المعدلات في العديد من البلدان النامية. وتعاني العديد من البلدان من “العبء المزدوج”، حيث يوجد نقص التغذية والوزن الزائد في نفس المجتمعات وحتى داخل الأسرة نفسها. هذا ليس مفاجئًا لأن السبب الجذري هو نفسه وهو عدم اتباع أنظمة غذائية صحية.

المشاركات في برنامج تدريبي لبرنامج الأغذية العالمي في منطقة ساتخيرا، بنجلاديش، يحصلن على المواد الغذائية لأسرهن، قبل فترة طويلة من انتشار وباء كورونا المستجد (كوفيد-19). الصورة: برنامج الأغذية العالمي/راناك مارتن
المشاركات في برنامج تدريبي لبرنامج الأغذية العالمي في منطقة ساتخيرا، بنجلاديش، يحصلن على المواد الغذائية لأسرهن، قبل فترة طويلة من انتشار وباء كورونا المستجد (كوفيد-19). الصورة: برنامج الأغذية العالمي/راناك مارتن

هل صحيح أن التغذية الجيدة تبدأ أثناء تكون الجنين داخل الرحم؟

إن الألف يوم الأولى من حياة الطفل – أي من الحمل إلى أن يتم الطفل عامه الثاني – لها تأثير كبير على قدرة الطفل على النمو والتعلم والازدهار. وتُظهر الأبحاث أن الاستثمار في التغذية خلال هذه الفترة يساعد على ضمان التمتع بصحة جيدة. باختصار، إن التأكد من تغذية أطفالنا جيدًا يمكن أن يساعد في زيادة إنتاجيتهم المستقبلية وبالتالي إنتاجية البلدان، مع تقليل التكاليف المخصصة للرعاية الصحية. ومن المرجح أن تلد الأمهات اللاتي يتمتعن بتغذية جيدة أطفالاً يتمتعون بتغذية جيدة.

كيف يتعامل برنامج الأغذية العالمي مع المفاهيم المغلوطة؟

يوجد جزء مهم من تحسين التغذية في العديد من البلدان وهو إتاحة ونشر التثقيف والمعلومات التي تتناول التغذية الجيدة. ويعالج البرنامج النظم الغذائية الرديئة ويحاول سد ثغرات التوعية الغذائية بطرق مختلفة منها: أن استراتيجيات التواصل لتغيير السلوك الاجتماعي تتضمن توفير مكملات المغذيات الدقيقة، ويقدم البرامج المدرسية التي تساعد الأطفال على الحصول على وجبة صحية في المدرسة، وينشر ثقافة النظم الغذائية الصحية كجزء من المقرر الدراسي.

دائمًا ما يتطلب تحسين التغذية تحقيق درجة من تغيير السلوك. حتى عندما نعرف ما يجب أن نأكله من أجل اتباع نظام غذائي صحي، نحتاج أحيانًا إلى شيء يساعدنا في اتخاذ هذه الخيارات الأفضل لنا –مثل: الموز أم الشوكولاتة.

في كثير من الأحيان يمكن أن تؤثر الجدات والخالات تأثيراً كبيراً على ما تعتقد الأسرة بأكملها أنه طعام جيد لهم ويجب عليهم تناوله. ومع ذلك، نجد أنه ليس من المهم تعليم الأطفال والأمهات وحدهم ولكن يجب تعليم الأسرة ككل وتتضمن الآباء أيضًا. ولتغيير ثقافة تناول الطعام، يتطلب الأمر أيضًا إدماج قادة المجتمع والقادة الدينيين والحكومات المحلية والوطنية.
طفل سوري في مخيم للاجئين يدعمه برنامج الأغذية العالمي في سوريا. الصورة: برنامج الأغذية العالمي / دنيز أكوس

في كثير من الأحيان يمكن أن تؤثر الجدات والخالات تأثيراً كبيراً على ما تعتقد الأسرة بأكملها أنه طعام جيد لهم ويجب عليهم تناوله. ومع ذلك، نجد أنه ليس من المهم تعليم الأطفال والأمهات وحدهم ولكن يجب تعليم الأسرة ككل وتتضمن الآباء أيضًا. ولتغيير ثقافة تناول الطعام، يتطلب الأمر أيضًا إدماج قادة المجتمع والقادة الدينيين والحكومات المحلية والوطنية.

عملت لورين لانديس كمدير قطري لبرنامج الأغذية العالمي في تشاد من 2013 حتى 2015. الصورة: برنامج الأغذية العالمي
عملت لورين لانديس كمدير قطري لبرنامج الأغذية العالمي في تشاد من 2013 حتى 2015. الصورة: برنامج الأغذية العالمي

يعمل البرنامج مع مجموعة متنوعة من القطاعات والحكومات لتعزيز برامج التغذية القائمة على الأدلة. ومن خلال الشراكات القطرية والإقليمية، وكذلك من خلال القيادة والمشاركة في منصات التنسيق العالمية، مثل حركة تعزيز التغذية (SUN)، تظل الشراكات حجر الزاوية في العمل التغذوي للبرنامج.

يمكن أن يكون للحصول على التغذية اليوم تأثيرًا كبيرًا على قدرتنا على الحفاظ على صحتنا وصحة أطفالنا في مواجهة وباء كورونا المستجد (كوفيد-19) وأي حالات طوارئ مستقبلية قد نواجهها. وتعتبر التغذية أمرًا حاسمًا لبناء القدرة على الصمود وضمان الصحة والرفاهية والنجاح الاقتصادي لعالمنا المستقبلي.

 

رابط المصدر:

https://ar.wfp.org/stories/nutrition-myths-debunked-no-single-food-can-ensure-good-health

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M