أثر الإحتلال الأمريكي على العنف السياسي الطائفي في العراق (2003 – 2017)

إعداد : عبدالله جمال حسني يوسف   – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – قسم العلوم السياسية – جامعة القاهرة

إشراف: د/ إبتسام حسين

  • المركز الديمقراطي العربي

 

الفهرس

العنــــــــــــوان رقم الصفحة
المقدمة 1
المشكلة البحثية 1
أهمية الدراسة 2
المنهج 3
الأدبيات السابقة 4
الفصل الأول: الإطار النظري والمفاهيميالمبحث الأول: العنف الطائفي وأطرافه

المبحث الثاني: دوافع العنف الطائفي وأشكاله

1012

20

الفصل الثاني: الإحتلال الأمريكي والعنف الطائفي في العراق (2003- 2008)المبحث الأول: العنف الطائفي في العراق قبل وبعد الإحتلال الأمريكي

المبحث الثاني: سياسات الإحتلال الأمريكي تجاه التعددية الطائفية (2003 – 2008)

2830

38

الفصل الثالث: العنف الطائفي عقب الإنسحاب الأمريكي من العراق (2009-2017)المبحث الأول: العنف السني الشيعي

المبحث الثاني: العنف بين الأقلية الكردية والحكومة المركزية

47

49

53

الخاتمة والتوصيات 60
المراجع 64

 

أولا: مقدمة:

يتألف العراق من أعراق وطوائف كثيرة ومتشابكة مع بعضها البعض؛ فهو عرقيا يتألف من العرب والأكراد والتركمان والأشوريين، ودينيا من سنة وشيعة ومسيحيين وقلة من الديانات الأخرى. وقد ظلت هذه التعددية الواسعة متماسكة إلى حد ما حتى الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003. وبعد مرور أكثر من عشر سنوات على سقوط نظام صدام حسين، لايزال العنف والتوتر بين السنة والشيعة والأكراد يهدد استقرار العراق ومؤسساته.

وقد شكّل التنافس بين الشيعة والسنة في العراق محور الصراع السياسي في الدولة منذ سقوط الرئيس صدام حسين في عام 2003، فقد أعاقت التوترات الطائفية عمليات بناء الدولة وزعزعت إستقرار البلاد. كما أن الإجراءات التي إتخذتها الحكومات العراقية حتى الآن لم تؤد إلا إلى مزيد من إحتدام المزيد من الصراع السياسي، ومن ثم ترتب على هذه الإنقسامات إنتشار العنف الطائفي بين تلك الأعراق والديانات المختلفة. كما أن من أهم العوامل التي عززت العنف الطائفي في العراق هو الإحتلال الأمريكي، حيث أنه سعى إلى وضع نظام سياسي قائم على أساس طائفي وعرقي، ووضع دستورا جديدا مهد لوجود دولة رخوة ومفككة، وقد ترتب على ذلك إنتشار الفوضى في البلاد، وعدم ضبط حدودها، مما يسر الطريق لدخول عناصر مسلحة كان لها دور فعال في العنف الطائفي خاصة القاعدة وداعش والحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني.([1])

وبناء عليه، تهدف هذه الدراسة إلى معرفة سياسات الإحتلال الأمريكي تجاه هذه التعددية الطائفية، والتي نتج عنها إشتعال الحروب الأهلية بينهم وذلك حتى نهاية فترة الإحتلال في 2008. يلي ذلك دراسة شكل هذا العنف السياسي الطائفي منذ الفترة الثانية لرئاسة الوزراء لنور المالكي منذ 2010 وحتى ما توصل له العراق من أزمات حتى الإستفتاء الكردي بإستقلال إقليم كردستان العراق عن الدولة العراقية المركزية في 25 سبتمبر 2017.

ثانيا: المشكلة البحثية:

لماذا أثرت سياسات الإحتلال الأمريكي على تعزيز العنف السياسي الطائفي داخل العراق، وكيف أثر ذلك على عدم الإستقرار السياسي به؟ هذا السؤال يطرح نفسه على العديد من الباحثين في العلوم السياسية بوجه عام، والباحثين في النظم السياسية المقارنة بوجه خاص، لما يثيره الموضوع من إشكالية أو إهتمام لديهم. حيث يرى البعض أن من أهم أسباب إرتفاع حدة العنف الطائفي هي سياسات نظام صدام، بينما يرى البعض الآخر أن العنف الطائفي يرجع إلى سياسات الإحتلال الأمريكي والنظام السياسي الذي أقامه في العراق قبل إنسحابه منه، وكل ذلك أثر في النهاية على عدم الإستقرار السياسي في البلاد.

ومن ثم يكون التساؤل الرئيسي للدراسة: “كيف أثر الإحتلال الأمريكي على تعزيز العنف السياسي الطائفي في العراق وذلك في الفترة من 2003 حتى 2017؟”

الأسئلة الفرعية:

ويمكن أن نشتق من السؤال الرئيسي عدة أسئلة فرعية:

  • ما هو العنف السياسي الطائفي، وما هي أهم أشكاله؟
  • لماذا يندلع العنف الطائفي، وكيف يؤثر على إستقرار الدولة؟
  • ما هو دور نظام صدام في تعزيز العنف الطائفي في العراق؟
  • كيف كانت طبيعة العنف الطائفي عقب مجئ الإحتلال الأمريكي؟
  • للحكومات العراقية موقفا تجاه العنف الطائفي عقب الإنسحاب الأمريكي؟
  • ما هو دور الميلشيات وداعش في الصراع الطائفي؟
  • لماذا يتفاقم العنف بين الأقلية الكردية والحكومة العراقية المركزية؟

ثالثا: أهمية الدراسة:

تكتسب الدراسة أهميتها من عدة إعتبارات أبرزها، خطورة العنف السياسي الطائفي على وحدة العراق وعلى مستقبله، وكثرة الإدعاءات بأن الحل المناسب لمشكلة العنف الطائفي في العراق هو تقسيمه إلى 3 دول على أساس عرقي وطائفي، والخوف من إمتداد العنف الطائفي في العراق إلى محيطه العربي، وتأثير ذلك على الأمن القومي العربي، وإعطاء فرصة للقوى الخارجية للتدخل في الشأن الداخلي بحجة حماية إستقرار الدولة، وتأثير العنف الطائفي على العملية السياسية في العراق، والتي تصل أحيانا إلى العنف بين أبناء المذهب الواحد، ومن ثم يؤثر ذلك على إستقرار ووحدة الدولة.

رابعا: فرضية الدراسة:

إن إحتلال القوات الأمريكية للعراق، وما ترتب على ذلك من إستخدام مفرط للقوة العسكرية، والتي هي صورة من صور العنف، أدى إلى تدمير الجيش العراقي فضلا عن تدمير الدولة وحل مؤسساتها، وما تبع ذلك من إشاعة الفوضى بين صفوف الشعب، وزرع الفتنة، وخلق حالة من الإنقسام بين أطياف المجتمع لا يزال أثره ممتد حتى يومنا الحالي. وبالتالي للإحتلال الأمريكي دورا في تعزيز العنف الطائفي في العراق، وهذا ما يدفعنا إلى دراسة هذه الظاهرة مع توضيح نتائجها على المجتمع العراقي في مختلف المستويات.

خامسا: المنهج:

إن المنهج الذي سوف يقوم الباحث بإستخدامه في هذه الدراسة هو منهج الجماعة، وذلك لطبيعة الدراسة التي تقوم بتفسير التفاعلات بين الجماعات الطائفية في العراق، حيث أن هذا المنهج تركز مقولاته الأساسية على ثلاثة أمور، وهي:([2])

  • النظام السياسي للدولة هو عبارة عن شبكة معقدة من الجماعات تتفاعل فيما بينها بإستمرار، وأن الصراع بين هذه الجماعات هو الذي يقرر من يحكم، كما يتوقف التغير في النظام السياسي على التغير في تكوين هذه الجماعات.
  • تؤثر الجماعة على إتجاهات وسلوك أعضائها، وذلك لأن عادة يكون هدفها هو غرس تصورات ومفاهيم قد تكون سياسية أو إجتماعية، ولكن لها دلالة سياسية في عقول الأفراد المنتمين لها أو محاولة لجذب أفراد آخرين، ويرتبط تأثر الفرد بهذه الأفكار بمدى إرتباطه بهذه الجماعة.
  • تمارس الجماعات تأثيرا على النظام السياسي ككل؛ فهي دائما تسعى لتحقيق تأثير على السياسة العامة، وتتوقف درجة التأثير على عدة عوامل منها: الخصائص الذاتية للجماعة، حيث يجب أن تكون ذات حجم عضوية كبير، ودرجة تماسكها وتوحد آرائها، وحجم الموارد المالية.

وفي إطار ممارسة هذه الجماعة لنشاطها السياسي تستخدم هذه الجماعات عدة أساليب من أبرزها العنف، ومن المفترض أن تسهم هذه الجماعات في تحقيق الإستقرار السياسي للدولة.

وبالتطبيق على حالة الدراسة، فإن منهج الجماعة سيساعد الباحث على تفسير أحداث العنف الطائفي السياسي السائد في العراق منذ الإحتلال الأمريكي في 2003، وحتى والفترة الراهنة. كما سيتم التركيز على طبيعة التفاعل بين السنة والشيعة كجماعتين أساسيتين في المجتمع العراقي يتفاعلان دائما من أجل حصول أحدهما على السلطة، ولذلك يزداد دائما بينهما الصراع، والذي قد وصل في بعض الفترات إلى الحرب الأهلية. كذلك التفاعل بين العرب والأقلية الكردية حول التمثيل السياسي للأكراد، وصراعهم الدائم مع الحكومة المركزية من أجل الإنفصال عن العراق.

وبناء على ذلك، فإن دراسة التفاعل بين هذه الجماعات، بالإضافة إلى تأثير الغزو الامريكي، والذي أدى في النهاية إلى تهديد إستقرار الدولة العراقية بسبب ما نشأ عن هذه التفاعلات من أحداث عنف، وحروب طائفية، ومحاولات للإستقلال بسبب طمع كل جماعة على حدة في السيطرة على السلطة وإستغلالها، وذلك يتنافى مع فرضية المنهج بأن الجماعات تهدف دائما إلى الإستقرار السياسي للدولة.

سادسا: الأدبيات السابقة:

هناك العديد من الأدبيات السابقة التي إهتمت بدراسة مفهوم العنف في إطاره النظري، وذلك من خلال التطرق إلى تعريفه وتوضيح أهم الأسباب الدافعة إليه، والفاعلين الذين قد يساهمون في التدخل بشكل سلبي في الدولة من أجل تعزيز العنف فيها، أو الدول التي تتدخل بشكل إيجابي من أجل الحد من الصراع في الدولة. بجانب ذلك توجد دراسات أعطت إهتمامها لدراسة إنعكاس هذا العنف على عدم الإستقرار السياسي في الدولة. إضافة إلى ذلك هناك مجموعة من الدراسات اهتمت بدراسة حالة العنف الطائفي في العراق، خاصة بعد التدخل الأمريكي فيه عام 2003. وبناء على ذلك سيتم عرض تلك المحاور كالتالي:

  • المحور الأول: الدراسات التي تناولت الإطار النظري والمفاهيمي:
  • الدراسات التي تناولت تعريف العنف وفاعليه:

هناك مجموعة من الأدبيات التي اهتمت بتعريف العنف والطائفية وأهم الفاعلين فيه. فهناك دراسة بعنوان “رؤية نظرية حول العنف السياسي” إهتمت بتعريف العنف السياسي، كما حددت أهم الفاعلين والقوى التي من الممكن أن تمارس العنف، والذي يرتبط بالأساس بطبيعة الأهداف التي يرغب الفاعلون في الوصول إليها.([3]) كما ترى العديد من الدراسات أن أحداث العنف تحدث نتيجة لتتدخل قوى خارجية فيها؛ حيث ترى دراسة بعنوان “Fourth-Generation War and Other Myths” لـAntulio J. Echevarria II أن التدخل الخارجي قد يكون تدخل سلبي، حيث أن حروب الجيل الرابع التي بادرت الولايات المتحدة بإبتكارها منذ 1989 عادة تتجه للتدخل في الدول بشكل سلبي مما يعزز من أحداث الطائفية بها.([4]) بينما ترى دراسة أخرى لـTalal Nizzameddin بعنوان “Russia and Syria: The Reasons behind Putin’s Support for Bashar Al-Assad’s Regime” أن التدخل قد يكون إيجابيا، وذلك من خلال النظر إلى الدور الروسي في سوريا، حيث تسعى الدولة الروسية إلى تطبيق إستراتيجية هدفها الأساسي هو حماية النظام القائم، ومنع تدهور الإستقرار السياسي في سوريا، والحد من أحداث العنف فيها.([5])

وعلى الرغم من تعدد هذه الأدبيات إلا أن أغلبها اتفقت على أن العنف لا يشمل فقط فاعلين داخليين، بل قد يكون هناك فاعلين من خارج الدولة. لكن تباينت هذه الأدبيات حول دور الفعليين الخارجيين، حيث كان هناك إتجاه أن دورهم قد يكون إيجابيا من خلال التدخل من أجل الحفاظ على الإستقرار السياسي للنظام الحاكم، بينما كان هناك إتجاه أخر يرى أن التدخل قد يكون سلبيا وهدفه هو إسقاط الدولة وتفتيتها. ويتضح إذاً مما سبق أن هذه الدراسة سوف تستفيد من هذا المحور فيما يتعلق بتحديد أهم المقولات النظرية الخاصة بالعنف الطائفي سواء تعريفه أو دوافعه، متضمناً في ذلك توضيح دور الفاعلين، سواء كانوا من داخل أو خارج الدولة، في تلك الصراعات. بينما ستقوم الدراسة بتوضيح المفاهيم المرتبطة بالعنف الطائفي.

  • الدراسات التي تناولت دوافع العنف الطائفي وأشكاله:

هناك مجموعة من الأدبيات التي اهتمت بتناول أشكال العنف وتأثيره على النظام السياسي، وأهم الدوافع التي تؤدي إليه. فهناك دراسة لـ Dorte Andersenوأخرين بعنوان “Challenges to Civil War Research” اهتمت بالحرب الأهلية كأحد أهم أشكال العنف الطائفي في الدولة، حيث قامت بتعريف الحرب الأهلية، مع توضيح الإختلافات بينها وبين أشكال العنف السياسي الأخرى كالإنقلابات العسكرية، وأعمال الشغب العرقية.([6])بينما اهتمت دراسة أخرى لـJames D. Fearon وDavid D. Laitin بعنوان “Challenges to Civil War Research” بالأسباب الجذرية لإنتشار الحروب الأهلية وهي التي تتلخص في العداء العرقي والديني، وكذلك جذور الصراع التي ترجع لفترة زمنية منذ عمليات التكالب الإستعماري على الدول الأفريقية والأسيوية.([7]) بينما كانت هناك دراسة أخرى لـ Breanna C. Strand بعنوان ” Explaining Sectarian Violence in the Middle East: A Comparative Study of Bahrain and Yemen” تهتم بوجود متغيرات تساهم في تعزيز العنف الطائفي، كما يرى التقليديون أن هذه الظاهرة أكثر إنتشاراً في الدول الأقل نمواً، خاصة بين الجماعات الدينية.([8])

وعلى الرغم من تعدد هذه الأدبيات إلا أن أغلبهم اتفق على أن الحرب الأهلية هي أحد أهم أشكال العنف في الدولة، بالإضافة إلى أن الحرب الأهلية يكون المدنيون هم الأكثر تأثراً بها عن النظام السياسي. وبالتالي الدراسة سوف تستفيد من هذا المحور فيما يتعلق بدراسة جميع أبعاد ظاهرة الحرب الأهلية، من حيث أسبابها ونتائجها، بالإضافة إلى التعرف على أهم الدوافع التي تعزز من العنف الطائفي. بينما ستقوم الدراسة بإضافة بعض الأشكال الأخرى التي تنتج عن العنف الطائفي.

  • المحور الثاني: الدراسات التطبيقية عن العنف الطائفي في الدول المختلفة:
  • دراسات للعنف الطائفي في الدول المختلفة:

هناك دراسة لـكريمان طه معوض، بعنوان “التعددية العرقية والاستقرار السياسى فى الهند منذ الاستقلال”، تتناول العلاقة بين التنوع العرقي والإستقرار السياسي في الهند  منذ عام 1947، وتهدف إلى تفسير أسباب التعددية العرقية وأنواعها، مع شرح سياسات الدولة في التعامل معها، وإدارة هذه التعددية لتحقيق الإستقرار السياسي.([9]) بينما هناك دراسة لـعبدالوهاب الطيب بشير، بعنوان “الأقليات العرقية والدينية ودورها في التعايش القومي في إثيوبيا: من الإمبراطورية للفيدرالية”، تطرقت لفهم أسباب ظهور الحركات الإنفصالية على أسس عرقية أو دينية، وذلك من خلال فهم مدى إمكانية تحقيق التعايش الوطني في إثيوبيا في ظل تطبيق الفيدرالية، وانتهت تلك الدراسة بوجود فجوة بين ما جاء به الدستور الإثيوبي 1994 وممارسات النظام السياسي في التعامل مع الجماعات والقوميات المختلفة.([10]) وأيضا كان هناك دراسة لـمحمود أبو العينين، بعنوان “إدارة وحل الصراعات العرقية في أفريقيا”، مهتمة بظاهرة الصراعات العرقية بإعتبارها الأكثر تعقيدا في النظم السياسية، وتوصلت تلك الدراسة إلى أن تلك الظاهرة سياسية ولها أسباب متداخلة، أبرزها: الرغبة في إستخدام كل الأدوات للإحتفاظ بالسلطة، وإنتهت بأن الظاهرة العرقية تمثل تحديا للإستقرار السياسي في الدولة.([11]) كما يوجد دراسة لـ Christopher Paulوأخرون، بعنوان ” Lebanese Civil War 1975–1990 Case Outcome: COIN Loss (Mixed, Favoring Insurgents)” ذكرت أن كثرة أعداد الأطراف في الصراعات الطائفية والحروب الأهلية تزيد من تعقد الحالة، ففي الحالة اللبنانية خلال الحرب الأهلية، التي دامت 15 عاما، شهدت مجازر واسعة النطاق للمدنيين، وأعداد هائلة من المشردين داخليا واللاجئين نتيجة لوجود عدد كبير من الأطراف اللبنانية المشاركة في الحرب الأهلية، والتنافسات الإقليمية بين إسرائيل وسوريا وبين إيران والعراق في الفوضى في لبنان، مما سبب شدة تعقد هذه الحالة.([12])

تعدد هذه الأدبيات يشير إلى تعدد المسارات التي قد تسير فيها الدول التي تتسم بتعدد عرقياتها وطوائفها، وبالتالي فهي سوف تفيد الدراسة في التركيز على دور الدستور ومؤسسات الدولة في التعامل مع ظاهرة العنف الطائفي الناتج عن تعدد أطياف المجتمع، وتفسير أثر تعدد أطراف العنف الطائفي على تعقد علاجه. وأخيرا الإشارة إلى كيفية الإستفادة من هذه التعددية في بناء الدولة كالحالة الهندية.

  • دراسات للعنف الطائفي في العراق:

هناك دراسة لـسهام فوزي حسين، بعنوان “التنوع الإثني والمذهبي والأمن القومي: دراسة حالة العراق بعد أبريل 2003″، ترى أن العنف الطائفي في العراق تفجر بعد 2003 نتيجة العوامل التي عانت منها الجماعات الاثنية المذهبية بعد الاحتلال وقبله، حيث جاء الإحتلال ليصبح بمثابة الفرصة التي إستغلتها تلك الجماعات لتصل للسلطة والثروة.([13]) بينما اهتمت دراسة أخرى لـAhmed S. Hashim، بعنوان “Insurgency and Counter Insurgency in Iraq” بتقييم الوضع في العراق بعد الاحتلال، والأسباب التي أدت إلى تفجر العنف فيه، ونطاقه، ومواقف الجماعات الاثنية والمذهبية من العملية السياسية والعنف.([14]) في حين سلطت دراسة أخرى لـباسيل يوسف بجك وأخرون، بعنوان “إستراتجية التدمير وآليات الإحتلال الأمريكي ونتائجه (الطائفية، الهوية الوطنية، السياسات الإقتصادية)”، الضوء على الوضع في العراق، ودور الاحتلال الأمريكي في تصاعد أحداث العنف، وأثره في خلق الطائفية والتحزب الاثني، كما تحاول هذه الدراسة توضيح العلاقة بين الجماعات الاثنية والمذهبية في العراق والعوامل المؤثرة على جوهر هذه العلاقة.([15]) بينما ذكرت إحدى الدراسات لـKara Leigh Kingma، بعنوان “Democratic Transitions in Divided States: The Case of Iraq” أن التحولات الديمقراطية في الدول المقسمة على أسس إثنية أو عرقية أو دينية مصحوبة بنزاع عنيف ومن ثم لن يكون من المرجح أن تنجح. فإن نهاية الحكم الاستبدادي في العراق وإدخال الديمقراطية من قبل الولايات المتحدة تبعتها العديد من هذه التحديات، خاصة أن الجماعات هناك لا تمتلك الوحدة كما هو مطلوب.([16]بينما إتجهت دراسة لـعلي بكر، بعنوان “العنف في العراق .. وصعود النمط الداعشي”، نحو الإهتمام بنتائج أحداث العنف على عدم الإستقرار السياسي، حيث أن هناك دراسة إهتمت بتفسير أسباب ظهور داعش في العراق، وزيادة إنتشارها في المنطقة، والتي كانت نتيجة للعديد من التداعيات المحلية التي تتمثل في إرتفاع وتيرة العنف في العراق.([17])

على الرغم من تعدد هذه الادبيات، إلا أنهم إتفقوا على أن أحداث العنف تمت نتيجة سياسات الاحتلال الأمريكي في ترسيخ العنف الطائفي في العراق، كما كان له أثره في عدم الإستقرار السياسي، وظهور بعض الجماعات المتطرفة التي استغلت أحداث الطائفية في خدمة مصالحها. وبالتلي سوف تستفيد هذه الدراسة من تلك الادبيات معرفة سياسات الاحتلال الأمريكي في العراق، لكن هذه الأدبيات أغفلت دور القيادات العراقية في التعامل مع أحداث الطائفية وكيفية مساهمتها في تعزيزه، وهذا ما ستقوم الدراسة بالاهتمام به.

الفصل الأول : الإطار النظري والمفاهيمي

تعددت التعريفات لمفهوم العنف الطائفي، فالعنف الطائفي كغيره من المفاهيم المعقدة المتشابكة في العلوم الإجتماعية. ولهذا المفهوم العديد من المفاهيم المتصلة به، مثل: الإثنية، وعدم الإستقرار السياسي، والصراع السياسي. كما أن ظاهرة العنف الطائفي ليست ظاهرة فردية، بل هي ظاهرة متعددة الأطراف، قد تكون متشابكة ومعقدة للغاية بسبب كثرة الأطراف المشاركين فيها، حيث أن هؤلاء الأطراف ليس بالضرورة أن يكونوا من داخل الدولة التي تعاني من هذه الظاهرة، بل قد يشارك أطراف خارجيين في أحداث الطائفية.

كما أن هناك أسباب ودوافع مختلفة تشجع على ممارسة العنف، ولايمكن الإعتماد علي دافع واحد بعينه، بل هناك تداخلاً بين تلك الدوافع وبين الظروف السياسية والإقتصادية، وظروف البيئة السياسية المحلية وإرتباطها بالبيئة السياسية الخارجية. بالإضافة إلى ذلك يوجد العديد من الأشكال للعنف الطائفي كالحرب الأهلية، والإرهاب، والحركات الإنفصالية، وحروب العصابات. وفي هذا السياق سينقسم هذا الفصل إلى مبحثين: الأول يتناول تعريف العنف الطائفي وأطرافه، أما الثاني يناقش دوافع العنف الطائفي وأشكال.

  • المبحث الأول : العنف الطائفي وأطرافه

تتعدد التعريفات التي تفسر مفهوم العنف الطائفي، مع وجود مجموعة من المفاهيم المتصلة به كالإثنية، وعدم الإستقرار السياسي، والصراع السياسي. كما أن ظاهرة العنف الطائفي تشمل العديد من الفاعلين الداخليين والخارجيين. لذلك يهتم هذا المبحث بتعريف تلك المفاهيم، مع توضيح أطراف العنف.

أولا: المفاهيم الرئيسية:

تتعدد المقولات النظرية التي تعرف مفهوم العنف الطائفي، وسيتم عرضها بإيجاز كالآتي:

  • العنف:

كلمة عنف في اللغة العربية (ع ـ ن ـ ف)، وهي تعني الخرق بالأمر وقلة الرفق به، أي عنيف؛  لم يكن رفيقا في أمره. فالعنف هو كل سلوك يتضمن معاني الشدة والقسوة والتوبيخ واللوم، وعلى هذا الأساس فإن العنف قد يكون سلوكا فعليا أو قوليا.([18])

تتضمن أعمال العنف بصورة عامة إستخدام القسر أو الاجبار من جانب قوى المجتمع ضد الدولة، أو من جانب الدولة ضد المجتمع المدني أو ضد نفسها، ويكون من شأن هذه الأفعال زيادة القلق لدى الأفراد على أنفسهم وبلدهم، ويكون هدف العنف هو فرض إرادة تبحث عن الهيمنة، أي الوصول إلى إرغام المقابل والهيمنة عليه، ومن ثم تنفيذ الإرادة المطلوبة. ويعرف ينبورغ العنف بأنه “مختلف أعمال الشغب والتدمير والأذى التي تهدف أساسا إلى تحقيق أغراض تتمثل في تغيير سلوك الجماعات الأخرى”.([19])

ويعرفه ويلكينسون بأنه الإستعمال غير المشروع أو التهديد بالإكراه، وبقصد القتل أو إيقاع الضرر أو ردع أو إرهاب الأشخاص أو تخريب أو الإستيلاء على ملكية ما. ([20]) وهناك إتجاه أخر يذهب إلى عدم قصر العنف على إيقاع الأذى المادي فقط، بل يشمل أيضا سحبه للحرية، ونجد ذلك واضحا لدى جيرفتس حيث عرف العنف بكونه الأذى المرتكب بحق الأشخاص والذي يقع عليهم من خلال تهديدهم بحريتهم والتعذيب والموت.([21])كما يعرف العنف أيضا على أنه: “سلوك يستخدم الشدة والقسوة، يلجأ إليه الفرد أو مجموعة من الأفراد لإلحاق الأذى أو الضرر بطرف أخر لتحقيق هدف ما، وذلك من خلال إستخدام القوة المادية أو العسكرية”.([22])

وبناء على ما سبق ذكره يمكن أن نحدد التعريف الاصطلاحي للعنف – المتبنى في الدراسة – في ثلاثة اتجاهات رئيسية:

  • الاستخدام الفعلي للقوة المادية لالحاق الضرر بالاشخاص وتخريب الممتلكات.
  • التهديد باستخدام القوة المادية ليشمل السلوك القولي إلى جانب السلوك الفعلي.
  • هو مجموعة من الاختلالات والتناقضات الكامنة في الهياكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع.

وليس بالضرورة أن يكون العنف نتيجة حتمية للتركيبة الإثنية المتنوعة في بلد ما، ولكن يكون في ظل ظروف سياسية وإجتماعية معقدة، كالتي تشهدها بعض المجتمعات في أوقات التحول السياسي والاجتماعي والاقتصادي، حيث أن المجتمعات ذات التنوع الإثني تكون أكثر تعرضا لقيام أعمال العنف.([23])

  • الطائفية:

الطائفية تعني اليوم العصبية الدينية أو المذهبية، والفعل الطائفي يرد عليه عادة بفعل طائفي أخر، وبالتالي فالطائفية هي شر ممتد ومستمر. والطائفية السياسية هي مركز الفساد؛ لأن الزعماء لهم قدسيتهم تجاه الطائفة التي ينتمون إليها، وهي تعد معوق أمام الممارسة الديمقراطية في المجتمع، فأصحاب المناصب يأخذون مناصبهم حسب قوة طوائفهم.([24]) والعنف الطائفي هو عبارة عن عنف يقع بين مجموعة عرقية، أو ضد حكم معين من قبل جماعة ما كان لها هويتها العراقية أو الدينية أو اللغوية، أو غيرها من العوامل التي تجعل الحكم يتخذ منها موقفاً معادياً.([25])

يمكن القول أن هناك إتجاهين لتعريف مفهوم الطائفية وهما:

الإتجاه الاول: يرى أن مفهوم الطائفية يشير إلى التنوع في المعتقدات والممارسات الدينية بين الأفراد والمجموعات التي يتكون منها المجتمع،([26])ومن ثم فإن الطائفية عندما تستخدم في الحديث السياسي تعني العصبية الدينية أو المذهبية،([27]) وبالتالي يمكن تعريف الطائفية على أنها تشير الى إستخدام هذا التنوع الديني لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو ثقافية، مثل المحافظة على مصالح ومزايا مكتسبة أو النضال من أجل تحقيق هذه المصالح لزعماء أو أبناء طائفة معينة في مواجهة الطوائف الأخرى.([28]) ومن أنصار هذا الإتجاه بيتر برجر حيث يرى الطائفية على أنها شكل من أشكال الرابطة الدينية وأن الطائفة هي الشكل الذي يظهر نتيجة التأثير المباشر للدين.([29])

الإتجاه الثاني: يرى أن مفهوم الطائفية لا يشير فقط إلى جماعات مختلفة دينيا أو مذهبيا، بل يشمل أيضا أية جماعات دينية كانت أو إثنية، بل يطلق البعض إلى أنها جماعات تتبنى توجهات معينة.([30]) ومن أنصار هذا الإتجاه مدرسة السلوك الجماعي، حيث ترى هذه المدرسة أن الطائفة ذات طبيعية إقصائية لأنها تخلق مبادئ أخلاقية خاصة بها تختلف عن المجتمع ككل، وتتسم هذه المبادىء الأخلاقية بالتطرف، بحيث أنها لا تقبل أية تحفظات من قبل أعضائها، وأنها لا تهدف إلى توسيع عضويتها وتنظر الطائفة إلى العدو الداخلي والمنشقين على أنهم أخطر من الأعداء الخارجين، وأنه يتم تنظيمها على أسس سلطوية.([31])

ويتضح مما سبق، أن الدراسة سوف تتبنى مفهوم الطائفية لدى الإتجاهين معا، لكن بالتركيز على الإتجاه الأول لأنه أكثر تعبيرا عن حالة الدراسة لأنه يشير إلى إستخدام التنوع الديني لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو ثقافية، مثل المحافظة على مصالح ومزايا الجماعة الدينية أو الإثنية، أو النضال من أجل تحقيقهم. بينما يركز الإتجاه الثاني على فكرة المطالب الفئوية، لكن وفقا للعقل والمنطق، فالسمات المميزة للجماعة سوف تؤدي بالضرورة لوجود مطالب مميزة لها، لذلك سيتم التركيز على الإتجاهين، بإعتبار أن الإتجاه الثاني هو نتيجة للأول. وبالتالي يمكن تعريف الطائفية إجرائيا:

  • وجود تنوع عرقي أو ديني بين الجماعات التي يتكون منها المجتمع.
  • الطابع الطوعي للطائفة أي أن الأعضاء لا ينتمون إليها بالضرورة بحكم المولد.
  • إستخدام هذا التنوع الديني أو العرقي لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو ثقافية.([32])

ثانيا: المفاهيم المرتبطة بالعنف الطائفي:

إن مفهوم العنف الطائفي ليس مفهوم مستقل بذاته، بل هناك شبكة من المفاهيم المرتبطة به، مثل:

  • الإثنية:

يرى جوزيف رودولف أن الإثنية تعرف في ضوء الصفات الوراثية أو العرقية المشتركة. بالإضافة إلى أن الجماعات الإثنية لا تنحصر فقط في الإختلافات الجينية أو اللغوية، بل تنصرف أيضا إلى الإختلافات الدينية، وبالتالي فإنه يتم تعريف الجماعة الإثنية بطريقة عامة لتشمل أي جماعة بشرية تعرف نفسها في ضوء الإختلافات الثقافية مثل اللغة والدين، أو الإختلافات أجينية أو العرقية.([33])

ويتفق مع هذا التوجه ستيفين هاريس الذي يرى أن الإثنية تتناول الأبعاد الثقافية. وبالتالي يمكن تعريف الإثنية على أنها جماعة من الناس تعيش في مجتمع ما وتعتقد الجماعة بوجود روابط مشتركة تربط أفرادها ببعضهم البعض، وتتميز هذه الروابط بإشتراكها في خصائص ثقافية مشتركة كاللغة أو الدين أو التقاليد.([34])

  • عدم الإستقرار السياسي:

هناك خلط بين مفهومي العنف الطائفي وعدم الإستقرار السياسي في بعض الدراسات، وذلك بسبب أحداث العنف الطائفي التي تعد إحدى أهم مؤشرات عدم الإستقرار السياسي، لذلك أصبح المفهومان مترادفين، وبالتالي يصبح غياب العنف الطائفي يعني الإستقرار السياسي. ويرى جونسون أن عدم الإسقرار السياسي يشير إلى وجود مؤسسات سياسية في مجتمع معين غير فاعلة في إرضاء رغبات الجماهير وآمالهم، مما يؤدي إلى نشوب حالة من النفور السياسي([35]) وذلك بدرجات متفواتة بينهم. ومن دعاة نظرية التحديث يرون أن عدم الإستقرار السياسي يعني وجود عناصر الاضطراب داخل النظام، وينشا ذلك من إختلال التوازن بين مختلف القوى وبصورة غير سلمية مما يعرض النظام للخطر، وهذا هو جوهر عدم الإستقرار السياسي.([36])

وبالتالي إذا كان العنف الطائفي يعكس حالة من عدم الاستقرار السياسي، فإنه يمكن تحديد حالة عدم الإستقرار السياسي التي يتعرض لها النظام من خلال عدة مؤشرات كالتالي:

  • تآكل الشرعية السياسية في حالة فقدان القيادة السياسية للرضاء الشعبي.
  • عدم قدرة النظام السياسي على حماية المجتمع وتوازنه.
  • ظهور الإنقسامات الطائفية والمذهبية والحزبية وتعدد الولاءات.
  • إنتشار الثورات، وحركات التمرد، والحروب الأهلية، والحركات الإنفصالية.
  • زيادة تدفق الهجرة الداخلية والخارجية.([37])

 

  • الصراع السياسي:

الصراع هو التصادم والتعارض بين طرفين أو اكثر بينهما إختلافات قيمية ومصلحية، ويدخلان معا في مجموعة من الأفعال، ورود الأفعال التي ينتج عنها الأذى والضرر بالطرف الاخر، مع سعي كل منهم إلى تعظيم مكاسبه على حساب الأخرين وتأمين مصادر قوته.([38])

وفي هذا الإطار، نجد أن الصراع يحدث إذا تعارضت أهداف الفاعلين السياسين بصورة مباشرة، وعندما ينجح أحد طرفي العلاقة الصراعية في إلحاق خسارة مباشرة للطرف الثاني. وتكون العمليات الصراعية مدمرة إذا احتوت على تجاهل أهداف أحد الطرفين المتصارعين، ونظرا لإرتفاع تكلفة إستمرار الصراع يسعى أطرافه إلى تسويته.([39])

ويختلف العنف السياسي عن الصراع السياسي في البعد الزمني، فبينما يشمل العنف السياسي على جولة واحدة، فالصراع السياسي يتطور مع الزمن ويتميز بالاستمرارية،([40]) وليس بالضرورة أن ينتهي بقيام أعمال العنف السياسي، وقد يتخذ شكلا مستترا إلى أن تتوافر الظروف المهيئة لإنفجاره على شكل عنف سياسي مرة أخرى.

قد يكون الصراع السياسي خارجيا، أي صراع دولي لتحقيق أهداف سياسية أو إجتماعية أو اقتصادية، وبذلك يعد العنف أحد آليات إدارة الصراع، وهنا تتوقف شدته على كم وكيفية العنف السياسي المستخدم فيه. ويعد السلوك الصراعي حدثا صداميا عنيفا أو غير عنيف بين مجموعتين متصارعتين. وبذلك يتضح الفارق الجوهري بين الصراع والعنف؛ حيث أن مفهوم العنف يعد أحد مظاهر أو أشكال الصراع أي أن الصراع أعم وأشمل من العنف.([41])

ثالثا: أطراف العنف:

تتعدد القوى التي قد تمارس العنف السياسي، كما تتباين بالطبع الأهداف السياسية التي تسعى إلى تحقيقها، وبالتالي يجب تصنيف القوى التي تمارس العنف حسب طبيعة أهدافها كالآتي:([42])

  • العنف الموجه من النظام إلى المواطنين أو إلى جماعات معينة: وذلك لضمان استمراره وتقليص دور القوى المعارضة، ويمارس النظام العنف من خلال أجهزة الدولة التابعة له كالجيش والشرطة والمخابرات.. إلخ. ويعرف العنف في هذه الحالة باسم العنف الرسمي أو الحكومي.
  • العنف الموجه من المواطنين أو فئات معينةإلى النظام أو بعض رموزه: يتخذ العنف في هذه الحالة شكل التظاهرات والإضرابات والإغتيالات والإنقلابات.. إلخ. ويعرف بالعنف الشعبي أو غير الرسمي.
  • العنف الموجه من بعض عناصر أو أجنحة النخبة الحاكمة إلى بعض عناصرها أو أجنحتها الأخرى: يدخل هذا النوع من العنف في إطار الصراعات النخبوية، ويتخذ عدة أشكال منها: الاعتقالات، وإنقلابات القصر، وقد يصل الأمر إلى حد الصدامات المسلحة بين العناصر والقوى الموالية للأجنحة المتصارعة داخل النخبة الحاكمة. وقد يتم توظيف الجيش والشرطة وبعض القوى المدنية في هذه الصراعات.
  • العنف الموجه من بعض القوى أو الجماعات ضد جماعات أخرى داخل المجتمع: وذلك نتيجة أسباب سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية أو دينية، وقد يتدخل النظام لتصفية مثل هذه الصراعات، أو ليكون بجانب أحد أطرافها، خاصة الموالين له، ويطلق البعض على هذه الحالة اسم العنف السياسي المجتمعي. وهذا النوع من العنف هو موضع هذه الدراسة.

كما لا تقتصر القوى المشاركة في العنف السياسي الطائفي على القوى الداخلية فقط، بل قد يكون للقوى الخارجية، خاصة القوى الكبرى، والتي قد يكون لكل منها دور مختلف حسب مفهوم المصلحة الوطنية. فالتدخل الخارجي قد يكون إيجابيا من أجل إنهاء الصراع كالتدخل الروسي في سوريا. أو التدخل المصري في اليمن. بينما قد يكون التدخل الخارجي في الصراع من أجل تعزيزه من أجل تسهيل عملية نهب الدولة المفككة مثل التدخل الأمريكي في العراق وأفغانستان.

وبالتالي لا يمكن اعتبار أن الفاعلين الداخليين هم القائمون بالدور الرئيسي في عملية تعزيز العنف الطائفي، فقد يكون هناك فاعل خارجي يلعب دورا محوريا في أحداث الطائفية. فعلى سبيل المثال، اتبعت الولايات المتحدة الأمريكية سياسة حروب الجيل الرابع منذ عام 1989، والتي تهدف إلي تفتيت مؤسسات الدولة الأساسية والعمل على انهيارها أمنيا واقتصاديا، وتفكيك وحدة شعبها من خلال الإنهاك والتآكل البطيء للدولة، وفرض واقع جديد على الأرض لخدمة مصاح  العدو، وتحقيق نفس أهداف الحروب التقليدية (الجيل الأول – الثاني – الثالث)، لكن بتكلفة أقل، ونستطيع ملاحظة تلك السياسة من خلال دراسة التدخل الأمريكي في أفغانستان والعراق.([43])

ومن أبرز سمات هذا الجيل من الحروب أنها ليست نمطية كحروب الأجيال السابقة، وتعتمد على التقدم التكنولوجي ولا تستخدم فيها الأسلحة التقليدية بل الذهنية (القوة الذكية(، كما أنها تعمل على تحويل الدولة المستهدفة من حالة الدولة الثابتة إلي الدولة الهشة، وهي تستهدف الدولة بالكامل (بما فيها المدنيين). وتتسم أيضا بعدم وضوح الخطوط الفاصلة بين الحرب والسياسة، والعسكريين والمدنيين، وتعتمد على مجموعات قتالية صغيرة في الحجم وعلى شبكة صغيرة من الإتصالات والدعم المالي. وفيما يتعلق بأساليب وأدوات حروب الجيل الرابع فإن الإرهاب والتظاهرات بحجة السلمية تأتي في مقدمة هذه الأدوات، ويليها الإعتداء على المنشآت العامة والخاصة، والتمويل الغير مباشر لإنشاء قاعدة إرهابية غير وطنية أو متعددة الجنسيات داخل الدولة بحجج دينية أو عرقية أو مطالب تاريخية، والتهيئة لحرب نفسية متطورة للغاية من خلال الإعلام والتلاعب النفسي، وإستخدام محطات فضائية تكذب وتقوم بتزوير الصور والحقائق.([44])

  • المبحث الثاني : دوافع العنف الطائفي وأشكاله

تتعدد الأسباب والدوافع المختلفة التي تشجع على ممارسة العنف، والتي تتراوح بين الدوافع السياسية، الإجتماعية، الثقافية، الاقتصادية، وغيرها من الدوافع الأخرى. كما تتعدد صور وأشكال العنف الطائفي، مثل: الحروب الأهلية، الإرهاب، الحركات الإنفصالية، وحروب العصابات. لذلك يهتم هذا المبحث بتوضيح تلك الدوافع، مع التعرف على أهم أشكال العنف الطائفي.

أولا: دوافع العنف الطائفي:

هناك أسباب ودوافع مختلفة تشجع على ممارسة العنف، ولايمكن بالتالي الإعتماد علي عامل واحد أو عنصر واحد بعينه، بل هناك تداخلاً بين الأفكار والقيم وبين الظروف السياسية والإقتصادية، وظروف البيئة السياسية المحلية وإرتباطها بالبيئة السياسية الخارجية، وعليه يمكن حصر مجموعة من العوامل التي تثير العنف السياسي المجتمعي من أجل إجبار السلطة الحاكمة علي تعديل سياستها أو تبديل أساليبها أو دفعها للرحيل، وهذه العوامل يمكن تقسيمها إلي:([45])([46])

  • الدوافع السياسية: والتي تتمثل في إستبداد النظام السياسي وديكتاتورية الحكم وعدم وجود مشاركة شعبية، حرمان القوى السياسية من حرية العمل والتعبير، وإنعدام المؤسسات الشرعية التي توصل صوت الجماعات السياسية للسلطة، وإعتماد الدولة على الأساليب القهرية في تعاملها مع المواطنين. وقد يتم اللجوء للعنف من جانب جماعات سياسية معينة، إذا رأت أنه وسيلة ناجحة لتحقيق أهداف معينة، كإغتيال شخصية بارزة لأن إختفائها يمكن أن يغير سياسية النظام أو إتجاه حركة سياسية معينة أو التهيئة لإنقلاب عسكري. والواقع أن كل أنواع العنف تتوقف على طبيعة القائمين به، والأفكار التي يحملونها، والأهداف التي يرمون إليها فضلا عن طبيعة النظام السياسي.
  • الدوافع الإجتماعية: ظهور القوى المهمشة التي تعيش تشعر بعدم إهتمام السلطة بوضعها داخل المجتمع، وإنتشار الفساد الأخلاقي، وعجز الدولة عن استيعاب القوى الاجتماعية الجديدة. ويأتي الإغتراب كأحد أنواع الدوافع الإجتماعية، حيث تزداد أعمال العنف في المجتمعات التي يعاني فيها أفراد كثيرون من الشعور بالإغتراب أو الإحباط، حيث أن هذه الحالة عندما تسيطر على الفرد تجعله غريبا عن واقعه الاجتماعي. كما يشعر الفرد بالغربة تجاه السياسة والحكومة في مجتمعه، وأنه لم يعد ينتمي لهذا المجتمع لأسباب لا دخل لإرادته فيها، وإنما فرضتها ظروف قاهرة إجتماعية واقتصادية وسياسية ونفسية. إن هذه الظاهرة قد تولد نزعة عدائية لدى الأفراد والجماعات، قد تتحول إلى أنشطة متتطرفة من العنف، خاصة في النظم السياسية التي لا تتمتع إلا بشرعية محدوة.
  • الدوافع الثقافية: تعد الثقافة مرجع أساسي للسلوك الفردي والجماعي، ففي ظل الأنظمة الإستبدادية والشمولية تسود ثقافة وحدانية الفكر والسلوك والتبعية والنفاق، حيث تصبح الثقافة والأيديولوجية خاضعة لأجهزة السلطة كأداة لإنتاج القمع الفكري والنفسي. وهنا يعد العنف السياسي هو الدواء الناجح لتوحيد رؤية المجتمع وتوجهاته، ولكن إن نجح هذا العنف بشكل مؤقت في حل المشاكل الإجتماعية والسياسية، إلا أنه قد يزداد بسبب حدة الظروف السياسية والأوضاع الإجتماعية لأن العنف يدعو دائما للعنف المضاد. فالعنف السياسي هو الآلية التي تجيد إستخدامها النظم الاستبدادية وبعض الحركات السياسية، خاصة الدينية، ضد من لا يتفق معها في برنامجها السياسي لأنها تعتقد أن منهجها هو الصحيح مما يشكل خطرا كبيرا على الحياة السياسية للمجتمع.
  • الدوافع الاقتصادية: قد ترجع لأسباب غياب العدالة الإجتماعية، وتزايد التفاوت الطبقي، وعجز الدولة عن تلبية الحاجات الأساسية للمواطن كالعمل والتعليم والإسكان والعلاج، بجانب إخفاق الدولة في تحقيق التنمية، وإحتكار السلطة للثروة، ويلعب هذا الدافع دورا مؤثرا عندما تكون الظروف الاقتصادية ضاغطة بشدة.

كما قد يرجع العنف لبعض التقاليد الموروثة للمجتمع، خاصة في تلك المجتمعات التي سبق لها ممارسته من قبل لسبب أو آخر، وكذلك الإمكانات المادية للشروع في العنف.([47])

إن هذه الأسباب الكلية تعتبر محفزات ودوافع للجماعات السياسية والأيديولوجية المختلفة للشروع في ممارسة العنف أو التهديد به لتغيير الوضع القائم وإصلاحه بإعتباره المسؤول عن ظهور الأزمة السياسية أو الاقتصادية والإجتماعية. ومن أحد أهم نتائج أحداث العنف السياسي الطائفي هو عدم الإستقرار السياسي للدولة. حيث أنه وفقا لنظريات التحديث، فهي ترى أن عدم الإستقرار السياسي يعني وجود الإضطراب داخل النظام، وذلك نتيجة لإختلال التوازن بين مختلف القوى وبصورة غير سلمية، مما يعرض النظام للخطر.([48])

ثانيا: أشكال العنف الطائفي:

للعنف الطائفي العديد من الأشكال التي يمكن من خلالها أن يمارس أطرافه عملية العنف، فقد يأتي العنف الطائفي في صورة حروب أهلية، أو تدخل الجماعات الإرهابية في الصراع الطائفي، أو ظهور حركات إنفصالية عن الدولة وتكوين إقليم خاص بالجماعة المتصارعة، أو وجود حروب عصابات خاطفة.

  • الحروب الأهلية:

وبالحديث عن أهم صور العنف السياسي الطائفي داخل الدولة، فإننا بصدد الحديث عن الحروب الأهلية، فهي تحدث عندما يخفق الإنقلاب أو الثورة أو التمرد. وهي تمثل ذروة العنف السياسي، فهي تدور بين طرفين متنازعين لكل منهما قوة عسكرية خاصة تساعد على تحقيق أهداف كل منهما. وقد ينتج عن هذه الحرب إضعافا لهيبة الدولة، كما أنها فرصة مناسبة للقوات الأجنبية للتدخل كطرف في النزاع، وتساند الدول المتدخلة طرف دون الأخر، وتعطيه كل مقاليد الحكم من أجل إقامة حكومات تابعة لتحقيق أهدافها.([49])

إن ظاهرة الحرب الأهلية ليست جديدة، فقد عرفتها المجتمعات منذ فترة طويلة، وهي تدور بين فريقين أو أكثر في إقليم دولة واحدة، ويملك كل فريق قواته المسلحة بهدف السيطرة على الأمور. فالحرب الأهلية هي شكل من أشكال الصراع الداخلي تقوم به جماعة أو جماعات على أسس إثنية أو أيديولوجية من أجل تغيير بعض السياسات الحكومية، أو الإطاحة بنظام الحكم، أو الحصول على الحكم الذاتي لمنطقة ما، أو الإنفصال عن الدول. ويشتمل هذا الصراع على أعمال عنف مسلحة واسع النطاق من جانب جميع الأطراف المشاركة فيها.([50])

ويحتاج إندلاع الحرب الأهلية إلى وجود حالة عدائية واسعة وإستقطاب إثني من جانب النخب السياسية، فضلا عن معضلة أمنية، وعندما تتوافر هذه العوامل الثلاثة فإن كل منها يمارس تأثيرا متبادلا مع العاملين الأخرين. وتعد الحروب الأهلية القائمة على إعتبارات إثنية أخطر أنواع الحروب الأهلية، حيث أنها تزيد من حدة الولاءات الإثنية إلى درجة تصبح معها الدعوات السياسية التي تطالب بتجاوز هذه الولاءات ليس لها جدوى، وهو ما يعني إستمرار هذه الجماعات في الحرب حتى تستطيع تحقيق النصر.([51]) كما أنها تعمل على توريط نسبة كبيرة من السكان، وبالتالي تكون أكثر تكلفة من الحروب بين الدول، وذلك بالنسبة لكل الخسائر البشرية والإقتصادية التي تسفر عنها تلك الحروب.([52]ويمكن تقسيم الحروب الأهلية إلى:

  • حروب أهلية إثنية غير إنفصالية: وهي الحروب التي تنشأ على أسس إثنية ولكنها لا تنطوي على مطالب أو نزعات إنفصالية من جانب أي من الأطراف. ويكون الهدف الرئيسي في هذه الحروب هو الصراع على السلطة مثل الصراع بين السنة والشيعة في العراق والصراع بين التوتسي والهوتو في رواندا.
  • حروب أهلية إثنية إنفصالية: وهي الحروب التي تتميز بالإسقطاب الإثني الحاد، وتتسم هذه الحروب بغلبة النزعة الإنفصالية، بحيث يكون الهدف الرئيسي لجماعات المعارضة الإثنية هو الإنفصال، وتكوين دولة جديدة، مثل الصراع بين دارفور والشيشان في روسيا.
  • حروب أهلية إنفصالية غير إثنية: وهي الحروب التي يكون الهدف منها هو الإنفصال عن الدولة، ولكن دون أن تكون مرتكزة على إعتبارات إثنية، وهذا النوع نادر الحدوث.
  • حروب أهلية غير إثنية وغير إنفصالية: وهي الحروب التي لا تكون التحالفات الإثنية فيها واضحة، ويكون أساس عمليات التعبئة والحشد، وبناء التحالفات في هذه الحروب قائمة على إعتبارات سياسية، بحيث لا تستطيع جماعة إثنية أن تمثل فصيلا مستقلا في الحروب الأهلية، مثال الحرب الأهلية الأمريكية في السنوات الأولى من تكوين الولايات المتحدة الأمريكية.([53])
  • الإرهاب: على الرغم من أن الإرهاب ظاهرة عرفتها المجتمعات البشرية منذ القدم، إلا أن الباحثين إنقسموا إلى ثلاثة أقسام رئيسية في تعريف الإرهاب:

الإتجاه الاول: إتجه نحو إستبعاد محاولة التعريف، وذلك نتيجة لغموض تعبير الإرهاب، وإمكانية إطلاقه على كثير من المعاني.

الإتجاه الثاني: يلجأ لتعريف الإرهاب من خلال وصف الأفعال المادية التي يمكن أن يطلق عليها وصف الإرهاب بصرف النظر عن مرتكبيها. ويندرج تحت هذا الإتجاه تعريف اللجنة القانونية لمجموعة الدول الأمريكية بأنه: “الأفعال التي يمكن أن تكون من الصور التقليدية للجريمة مثل القتل والحرق وإستخدام المفرقعات، ولكنها تختلف عن الجرائم التقليدية بأنها تقع بنية مسبقة، بقصد أحداث الفوضى والخوف العام داخل المجتمع، وذلك من خلال إحداث تدمير النظام الاجتماعي”. ويعيب هذا الإتجاه أنه يغفل أمرا هاما هو معيار التفرقة بين الأفعال الإجرامية العادية والأعمال الإرهابية التي تهدف لتحقيق أغراض سياسية.

الإتجاه الثالث: حاول هذا الإتجاه تعريف الإرهاب عن طريق توضيح أسس معينة لمكوناته التي يرى من وجهة نظره أنها يجب أن تكون متضمنة بداخله، والتي تتمثل في:

  • الرعب كنتيجة للأفعال الإرهابية.
  • ضحايا مقصودين لذواتهم أو كوسيلة لإرهاب الأخرين.
  • أهداف أولية محددة موجهة إليها الأفعال (شعب – دولة – مجموعات كبيرة).
  • إستخدام العنف بصورة مختلفة.
  • يهدف لتحقيق أهداف سياسية.([54])

أما الإرهاب السياسي فيمكن تعريفه بأنه إستخدام أو التهديد بإستخدام العنف من قبل الأفراد أو الجماعات، بهدف إجبار الجماعات المستهدفة بتنفيذ مطالب هذه الجماعات، كما يهدف إلى إظهار عجز الحكومة القائمة عن تلبية متطلبات الأمن الأساسية لمواطنيها، وعزل المواطنين عن مضمونهم الإجتماعي.([55])

ويهدف الإرهاب الإثني إحلال ممارسة السيادة من جانب الدولة على إقليم معين بأخرين ينتمون للمجموعة الإثنية التي يمارس أفرادها الإرهاب، ويقود هذا الإرهاب عادة منظمات ذات طبيعية عرقية أو قومية تسعى إلى تحقيق الإنفصال عن الدولة المركزية لتقيم كيانها الذاتي المستقل. ومن ثم توجه هذه المنظمات أنشطتها الإرهابية ضد أفراد ومؤسسات الدولة التي تعتبرها مسؤلة عن حرمانها من بلورة كيانها القومي المستقل من جهة وضد المتعوانين من أبناء هذه الجماعات الاثنية من جهة أخرى.([56])

ويتميز هذا النوع من الإرهاب بالعنف الدموي وبالإستمرارية والطابع الشعبي، أي أن له إمتداد بين فئات الشعب التي يعبر عنها ويعمل بإسمها، كما أن هذا النمط من الإرهاب يعتمد على تأييد قطاعات عريضة من أبناء الجماعة الإثنية التي ينتمي اليها القائمون بالإرهاب الإثني، وهذا النوع من الإرهاب تحكمه وحدة الهدف المتمثل في العمل على خلق كيان قومي إثني مستقل، ويعتبر الجيش الجمهوري الايرلندي ومنظمة إيتا الإنفصالية الأسبانية من أشهر المنظمات التي تمارس هذا النوع من الإرهاب.([57])

  • الحركات الإنفصالية:([58])

الإنفصال هو رغبة إحدى الجماعات الإثنية في إقامة كيان سياسي مستقل معبرا عن الهوية الخاصة للجماعة الإثنية أو الرغبة في التخلص من هيمنة جماعة معينة، وذلك على الرغم مما يتطلبه الإنفصال من قدرات إقتصادية، وتنظيمية، وإدارية لازمة لقيام دولة في الإقليم الساعي للإنفصال. والمطالب الإثنية بالإنفصال هي تهديد خطير لأنها تعني تفتيتا للدولة، وهنا يلعب التأييد المحلي والدولي للحركات الإنفصالية دورا هاما في حسابات الجماعات الإثنية. تزداد رغبة الجماعات الإثنية في الإنفصال عندما تكون مدركة تماما بأنها مؤهلة لكي تقيم دولة خاصة بها، وبأن تواجدها في حدود الدولة التي تتواجد بها أقل من طموحاتها، وأقل مما تستحق. كما يؤدي نمو الهوية القومية الإثنية وتغلبها على هوية الدولة التي تتواجد بها الجماعات الإثنية إلى زيادة الرغبة في الإنفصال. وفي حالة الرغبة في الانفصال تبدأ الجماعات الإثنية في ممارسة العنف بعد فشل الطرق السلمية في محاولة الوصول لتحقيق الإستقلال، والتخلص من هيمنة ونفوذ الجماعة التي تسيطر على الحكومة المركزية، وعلى سبيل المثال إقليم كردستان في العراق وإقليم كتالونيا في أسبانيا.

  • حروب العصابات:([59])

هي حرب تسعى إلى تحقيق أهداف محدودة في الغالب، ولا تعتمد على إستخدام الأساليب النظامية للحرب التقليدية وخاصة في مراحلها الأولى، وإنما تعتمد على المناوشات والكر والفر والهجمات السريعة. ويعرف القاموس السياسي حرب العصابات بأنها قتال يأخذ صورة الحرب التي تقوم بها عادة جماعات من المواطنين ضد قوات الأعداء النظامية أو ضد الجيش النظامي للحكومة القائمة، وتتألف كل جماعة من عدد محدود من المواطنين المدربين على القتال وإستخدام الأسلحة الصغيرة. وتتميز حرب العصابات بعدة خصائص منها:

  • هي حرب صغيرة لا تخضع لأي قواعد ثابتة وتتميز بالقسوة، حيث قد يلجأ رجال العصابات إلى قتل الجرحة والأسرى لصعوبة نقلهم إلى مواقع تمركز وحدات حرب العصابات.
  • تتميز بإستخدام تكتيكات متغيرة وفقا لطبيعة الموقف مع العدو والظروف القائمة وتحتاج إلى درجة عالية من التنسيق فيما بين المجموعات المختلفة للعصابات.
  • تجمع حرب العصابات بين المركزية في المسائل والأمور الإستراتيجية واللامركزية في الجوانب التكتيكية والحملات والمعارك.
  • لا يوجد عدد معين لوحدات حرب العصابات، ولا تحديد معين للأعداد العاملة في كل وحدة من الوحدات.

بعد عرض مفهوم العنف الطائفي، والمفاهيم المتصلة به، تم التوصل إلى أن العنف الطائفي هي ظاهرة إجتماعية معقدة متشابكة لا يمكن تعريفها بشكل دقيق. بالإضافة إلى ذلك تعقد التعامل معها بسبب تعدد أطرافها، وترواحهم ما بين أطراف من داخل الدولة (الجماعات العرقية والمذهبية)، وأطراف خارجيين لهم أهداف خاصة بهم يحاولون تحقيقها من خلال الإستفادة من أحداث الطائفية، لذلك قد يساهمون في تعزيزها.

كما أن دوافع العنف الطائفي متعددة، وتزداد أهمية كل دافع من حالة لأخرى، لكن لا يوجد دافع بعينه هو المشجع على إشعال العنف، فجميع الدوافع تتداخل مع بعضها البعض حتى تتولد أحداث الطائفية، حيث أنه في حالة وجود دوافع سياسية للجماعة كالوصول للسلطة مثلا، فإن الدوافع الثقافية قد تساعد على تحريك الدافع السياسي السابق كشعور الجماعة الدينية أو الإثنية بالتمايز الثقافي الذي يمنحها الحق في الوصول للسلطة عن بقية الجماعات الأخرى، فيستخدموا العنف للتعبير عن هذا الحق، مثل شعور الشيعة في العراق أنهم الغالبية في المجتمع. وقد يكون التعبير عن هذا العنف في عدة صور كالحروب الأهلية، أو العمليات الإرهابية، أو الحركات الإنفصالية، أو حرب العصابات بين الجماعات المتنازعة.

وبناء على ما سبق ذكره في هذا الفصل، سيتم التطرق خلال الفصلين التاليين إلى تطبيق ما تم ذكره على الحالة العراقية منذ نظام صدام حسين، مرورا بالغزو الأمريكي للعراق، حتى وصولنا للوضع الحالي في العراق. حيث أن من خلال سياق الحداث سيتم معرفة الأطراف المشاركة في العنف الطائفي خلال تلك الفترة، مع التعرف على أهم الدوافع التي شجعت على إشعالها وتعزيزها، وما هي الصور التي ظهر من خلاله العنف الطائفي في العراق. 

الفصل الثاني : الإحتلال الأمريكي والعنف الطائفي في العراق (2003 – 2008)

سعت السلطات البريطانية منذ البداية إلى إقناع السنة، بأن الحكم والمناصب المتقدمة في الدولة بمرافقها المدنية والعسكرية، هي حق لهم وحدهم، وإن أية مشاركة للشيعة ستكون على حساب السنة، وبذلك نجحت السلطات في العهدين الملكي والجمهوري قبل عام 2003 في إضعاف التماسك الوطني. وبالتالي يهدف هذا الفصل للإجابة على تساؤلات الدراسة المتعلقة بدور نظام صدام حسين في تعزيز العنف الطائفي في العراق، ومعرفة طبيعة العنف الطائفي بعد مجئ الإحتلال الأمريكي. وفي حالة تغيره، يجب التعرف على الأسباب التي دفعت إلى حدوث هذا التغير، من خلال تتبع سياسات الإحتلال الأمريكي نتيجة  لوجود إدعاءات بتورط الإحتلال في تقنين التعددية الطائفية في العراق.

وبناء على ذلك، ينقسم هذا الفصل إلى مبحثين: الأول يتعلق بطبيعة العنف الطائفي في فترة صدام حسين، وطبيعته بعد مجئ الإحتلال. أما المبحث الثاني يهدف لمعرفة السياسات التي قام الإحتلال بإتباعها بعد دخوله العراق تجاه التعددية الطائفية.

المبحث الأول – العنف الطائفي في العراق قبل وبعد الإحتلال الأمريكي

لم تكن الدولة العراقية الحديثة، منذ إنشائها، طائفية بأي حال من الأحوال، ولكن الغرب، وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية، سوق بأن نظام صدام حسين هو نظام طائفي، وهو ما أيدته القوى المعارضة لنظام صدام داخل العراق، ولكن قبل التسليم بتلك الإدعاءات، يجب التعرف أولاً على طبيعة العنف الطائفي قبل الإحتلال. ثم ننتقل فيما بعد لطبيعة العنف الطائفي بعد مجئ الإحتلال، ودراسة أبعاده المختلفة.

أولا: العنف الطائفي قبل الإحتلال:

منذ تولي الرئيس السابق صدام حسين الحكم، أصبحت السلطة مركزة في شخصه؛ فلقد كان هو رئيس قيادة الثورة، ورئيس مجلس الوزراء، والأمين العام لحزب البعث العربي الإشتراكي.([60]) وقد تميز العراق خلال حكمه بهيمنة الدولة المركزية على كافة القطاعات الاجتماعية، السياسية، الإدارية، وجهاز أمني قوي للحفاظ على مركزية السلطة ونظام الحكم.([61]) وعلى الرغم من سُنية حكمه نتيجة لقيام النظام السياسي على أساس علاقات القرابة والعشائرية، إلا أنه لم يكن نظاما طائفيا، حيث كان حال الأكثرية السُنية مثل حال الشيعة من حيث التهميش.([62])

ولكن الكبت السياسي الذي مارسه النظام ومحاربته للأحزاب السياسية، دفعت الكثير من السياسيين إلى الهجرة، اللجوء السياسي، والعيش خارج البلاد. فضلا عن الحروب المتتالية وما ولدته من حصار اقتصادي، وسيطرة أزمة الممارسات الطائفية الإثنية والمذهبية والعشائرية. كل هذه العوامل كانت وراء الإنهيار السريع للنظام وقت الغزو الأمريكي.([63])

  • العلاقات الشيعية السنية في العراق:

منذ توليه السلطة، رفض صدام حسين أية مفاهيم طائفية أو قبلية بإعتبارها من مخلفات الاحتلال البريطاني، وأنها عدوا للحكومة المركزية.([64]) كما يلاحظ أن البعثيين من الشيعة لم يجدوا أية عرقلة أمام فرصهم للترقي في المجتمع العراقي، خاصة مع كون حزب البعث حزبا علمانيا، وفي ظل سعيه لجذب مؤيدين له من كافة أنحاء المجتمع،([65]) لذلك يلاحظ أن قيادات حزب البعث من الشيعة يقدر عددهم بحوالي 68% من إجمالي عدد القيادات.([66]) كما أنه أثناء الحرب العراقية الإيرانية، كان أكثر من نصف الجيش العراقي الذي حارب إيران من الشيعة.([67])

ويضاف إلى ذلك أن القوات الأمنية للنظام كانت من الطائفتين السنية والشيعية، كما أن هناك العديد من الضباط في المناصب العليا في الجيش ليسوا من العرب السنة. وينطبق الامر نفسه على قادة الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، حيث أن المعيار الاساسي لاختيارهم هو الولاء الأعمى للرئيس. كما يلاحظ أن بعض أقرب معاوني صدام ليسوا من السنة العرب، مثل: صباح مرزا (وهو شيعي كردي)، وكمال حنة (مسيحي). وبالتالي يمكن القول أن تولية الوظائف المرموقة تتحدد بناء على الولاء للنظام أكثر من الكفاءة المهنية، وذلك بغض النظر عن الخلفية العرقية أو المذهبية.([68])

  • المشكلة الكردية في شمال العراق:

نتيجة لكثرة المطالب الكردية من جانب مصطفى البرزاني بإنشاء حكم ذاتي وتشكيل جيش من الاكراد في كردستان العراق ومشاركتهم في الحكومة، كان بطبيعة الحال رد الحكومة المركزية بالرفض لهذه المطالب، الأمر الذي أدى إلى إستئناف القتال بين الأكراد والدولة المركزية عام 1965. وتوقف القتال في عام 1969، حيث إنتهى القتال بلقاء ما بين صدام حسين ومصطفى البرزاني، وفيه تم الإتفاق على إصدار بيان في مارس 1970، والذي بموجبه تم الإعتراف بالحقوق القومية للأكراد، وباللغة الكردية كلغة رسمية في المناطق ذات الأغلبية الكردية، وإقامة حكم ذاتي لها، وقد رحب البرزاني بتنفيذ الحكومة للإتفاق بشكل جيد.([69])

إلا أنه حدث تدهور في العلاقات بين الدولة المركزية وإقليم كردستان في عامي 1987 و1988؛ حيث قام صدام حسين بشن حملة الأنفال ضد الأكراد بسبب خيانتهم للنظام، وتعاون كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الفيدرالي الوطني الكردستاني مع إيران ضد العراق وقت الحرب العراقية الإيرانية، إلى درجة أن الاتحاد الوطني الكردستاني وقع إتفاقية مع إيران في أكتوبر 1986، حيث تم الإتفاق على محاربة صدام حسين حتى إسقاطه. غير أنه يلاحظ أن حملة الأنفال لم تشكل إبادة جماعية للأكراد – كما يزعم البعض – فقد شاركت قوات تتكون بالأساس من ميليشيات كردية موالية للحكومة العراقية، الأمر الذي ينفي إرتكاب جرائم إبادة جماعية أثناء الحملة.([70])

وبعد فشل التمرد الكردي في عام 1991، دخلت الجبهة الكردستانية في مفاوضات مع بغداد بناء على طلب الأخيرة، وكانت الموافقة الكردية على المفاوضات بناء على إدراك منها بأن صدام حسين بعد عاصفة الصحراء هو في أضعف حالاته، ومن ثم فإنه بالإمكان إنتزاع أكبر مكاسب للأكراد في ظل هذه الظروف. لكن المفاوضات فشلت لأن الاكراد طالبوا بتوسيع مناطق الحكم الذاتي، ولكن تم مقابلته بالرفض من قبل بغداد، وفي المقابل رفض الأكراد طلب بغداد بأن يقطعوا كل إتصالاتهم مع الخارج.([71])

وبناء على ذلك، قام صدام بسحب الإدارات المدنية والقوات العراقية من المنطقة، نتيجة لهجمات قوات البيشمرجة الكردية عليهما، بالإضافة إلى فرضه حصار اقتصادي حتى يجبر الحركة الكردية إلى العودة إلى بغداد، إلا أن ما حدث هو فرض الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني لسلطتهما بدعم أمريكي خارجي. وعلى الرغم من إعلان القيادات الكردية لتبني الفيدرالية بطريقة أحادية إلا أن قنوات الإتصال كانت قائمة بصورة متقطعة بين القيادتين الكردية والحكومة العراقية حتى الإحتلال في أبريل 2003، وكانت دوما تبرز وجهتي نظر مختلفتين في سبيل حل المشكلة الكردية بسبب ضعف الطرفين وعدم إمكانية أي منهما إجبار الأخر على القبول بوجهة نظره.([72])

ثانيا: العنف الطائفي بعد الإحتلال:

إختلف وضع العنف الطائفي بعد مجئ الإحتلال في أبريل 2003، حيث أنه مع أيامه الأولى شهد العراق موجة من حروب العصابات المستمرة، لكن هذه الحروب لم تستند إلى أية مرجع طائفي أو مذهبي مثلما كانت عليه وقت الحرب الأهلية (2006-2008) كما سيتم توصيحه فيما بعد. فقد بدأت حروب العصابات تتكثف منذ أغسطس 2003، وكان أبرزها يتمثل في الهجوم بالقنابل على السفارات المختلفة، هجوم على مقر الأمم المتحدة وإغتيال مبعوث الأمم المتحدة، قيام الميليشيات التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر بشن هجمات على قوات الإحتلال، وحدوث العديد من التفجيرات بالقنابل والسيارات الملغومة وحوادث لإطلاق النار.([73]) تلك الأحداث تدل على أن الأطياف العراقية المختلفة كانت منشغلة في عملية مقاومة الإحتلال أكثر من مقاومة بعضهم البعض.

إلا أن طبيعة العنف إتخذت مسارا مختلفا فيما بعد مع بداية عام 2006، حيث جاءت تفجيرات سامراء، بتاريخ 22/2/2006، في وقت وصل فيه الإحتقان الطائفي إلى درجات غير مسبوقة، تجسدت في الكشف عن وجود فرق موت داخل وزارة الداخلية تستهدف أبناء الطائفة السُنية، في ظل أزمة تشكيل الحكومة التي لم تفلح الأحزاب السياسية في التوصل إلى تسوية بشأنها بعد أكثر من شهرين على إنتخابات عام 2006، وتدل هذه التفجيرات على حدوث تغير نوعي في شكل الأهداف التي يختارها من يلعبون على وتر الطائفية داخل العراق، حيث تطوروا من إستهداف الأشخاص إلى إستهداف الرموز الدينية التي تتمتع بقداسة خاصة، مثل ضريح علي الهادي والحسن العسكري (رضي الله عنهما) المقدس لدى الشيعة والسنة في العراق لكونه يقع في مدينة سُنية (سامراء) ويزوره الشيعة من كل أنحاء العراق.([74])

ومن أهم مؤشرات العنف الطائفي في العراق زيادة عدد القتلى على أساس الهوية، والسيطرة الوهمية التي كانت تقتل المواطنين على أساس إنتمائهم العرقي أو المذهبي، وتفجير دور العبادة للطوائف المختلفة، وما تبعها من حرب الهاونات داخل بغداد بين مناطق السُنة والشيعة، كذلك عمليات التهجير القسري الواسعة من منطقة إلى أخرى على أساس عرقي وطائفي، وهذا ما سيتم مناقشته.

  • القتل على أساس الهوية:

تفيد الإحصاءات التي تناقلتها وسائل الإعلام أن أعمال العنف في العراق كانت تحصد نحو 30 قتيلاً كل يوم خلال عامي 2003 و2004، ثم أخذت في الإرتفاع مع نهاية عام 2005 لتصل إلى 50 قتيلاً، وازدادت إلى أكثر من 100 جثة في اليوم مع منتصف عام 2006 بعد تفجيرات سامراء، والأمر الخطير أن تلك الأعمال تقيد ضد مجهول يعرف عادة بعصابات الإرهاب التي تمثل وتنكل بالجثث.([75])

ووفقا لأرقام البنتاغون إرتفع عدد القتلى المدنيين العراقين من 500 قتيل في بداية عام 2006 إلى حوالي 3700 قتيل في بداية 2007 مع تصاعد أعمال العنف الطائفي، لكن العدد بدأ يتناقص على نحو متقطع إلى 2000 قتيل في منتصف عام 2007، وقرابة 600 قتيل في بداية 2008.([76])

وفي إعتراف صريح بتصاعد أعمال العنف الطائفي في العراق في ظل حكومة نوري المالكي في أواخر عام 2006، أكد تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية إرتفاع عدد الهجمات الاسبوعية إلى ما يزيد عن 1000 هجوم خلال عام 2006، وإرتفاع المعدل اليومي للضحايا إلى ما يزيد على 140 قتيلاً، ونوه البنتاغون إلى أن مساعي الحكومة في مجال المصالحة لم يكن لها أي تأثير على تهدئة أعمال العنف الطائفي.([77]) هذه الأرقام قد نرجعها إلى غياب دور الدولة القومية في إحتواء الأطياف المختلفة بها على إثر ما سببه الإحتلال في سقوط مؤسسات الدولة، وضعف قدرتها على النهوض مرة أخرى من أجل إحتواء الأزمة.

وفي تقرير لبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة للعراق، ذكر أنه “تعرض 94 مدنيا عراقيا للموت جراء العنف الطائفي طوال عام 2006، مع عدد مماثل من الإصابات، ويشكل الرجال الأغلبية العظمى من الضحايا مخلفين ورائهم عددا غير معلوم من الأرامل والأطفال الذين حرموا من مصدر عيشهم، مما يلقي بهم في دوامة من الأزمات، ويخلف عددا كبيرا من الضحايا الذين هم بحاجة ماسة إلى العنف”.([78])

ويمكن ملاحظة أن أعلى مستوى لعدد القتلى في العراق كان بين عامي 2006 و2007، وهي فترة صعود العنف الطائفي لأعلى مستوياته بعد  تفجير سامراء، حيث أكدت إحصائيات منظمة IRAQ BODY COUNT أن ما يقارب 48% من القتلى العراقين كانوا في هاتين السنتين (2006-2007)، مقابل 52% قتلوا خلال الفترة المتبقية من الحرب وهي 6 سنوات.([79]) وبحلول ديسمبر 2007، إنخفض عدد القتلى في بغداد إلى 120 قتيلا، ويرجع ذلك بأن معظم أحياء بغداد المختلطة قد إختفت، حيث أن الأقليات من السنة والشيعة فرت إلى مناطق الأغلبية من طائفتيهما، حيث الشعور بالقدر الأكبر من الأمان.([80])

  • التهجير القسري:

من أخطر المظاهر التي ترتبت على عملية الإقتتال بين الطوائف في العراق، التي يرى البعض أنها تخدم وتسهل في النهاية مخطط تقسيم العراق إلى كيانات عرقية وإثنية، ما يطلق عليه ظاهرة التهجير القسري، وهي الظاهرة التي تعني إجبار أتباع طائفة معينة إلى ترك المناطق التي بها أغلبية من أتباع الطائفة الأخرى حتى لا تتعرض للقتل.([81])

ونتيجة للعنف الطائفي الذي اشتعل بعد تفجيرات سامراء، فر آلاف من السنة من مناطق الشيعة إلى مناطق ذات أغلبية سُنية، وهكذا الأمر بالنسبة للشيعة. ومع صعود العنف الطائفي السني الشيعي إلى ذروته في عام 2006، فر آلاف من الأقليات تجنب للتطهير الإثني الذي كان يجري لإقامة أحياء سنية وشيعية متجانسة، ولاسيما في بغداد، حيث فرت الأقليات إلى شمال العراق كالمسيحيين والصابئة بالإجبار، وقد وصل عدد المهجرين قصريا من مناطقهم إلى مناطق إخرى إلى أكثر من 2 مليون مهاجر. وقد أشار تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة للعراق إلى أن عدد النازحين داخليا بلغ حوالي مليون فرد منهم 148 ألف قبل 2006، و800 ألف بعد 2006.([82])

ودلت التقارير والتقديرات على أن العنف الطائفي الذي شهده العراق كان سببا لإكراه 25 – 30% من السكان على هجر ديارهم إما داخليا أو خارجيا. والجدير بالذكر أن أغلب حالات النزوح كانت ناجمة عن العنف الطائفي المستتر، إذ ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أن 88% من النازحين داخليا الذين سجلوا مع المنظمة قد تم تهجيرهم على أساس هويتهم الطائفية والعرقية.([83])

وفي عام 2008 أدت موجة ثانية من العنف ضد المسيحين في الموصل إلى هروب آلاف العائلات المسيحية من المدينة، وقاموا بالتوجه نحو شمال العراق. وذكرت تقارير أنه لم يبقى في الموصل يزيدي واحد منذ عام 2007 بسبب العنف الذي تم ممارسته ضدهم. وكانت الموصل التي يسيطر عليها قوات البيشمركة أمنيا قد شهدت نزوح الأقليات إلى شمال العراق، وهو أمر لم يعترض عليه الأكراد للحصول على مناطق إضافية من سهل نينوى بحيث تكبر مساحة دولتهم المزعومة بحجة حماية هذه الأقليات.([84])

  • الاعتداءات على دور العبادة:

على صعيد الصراع السُني الشيعي، بدأت الخلافات تتصاعد على أثر تصاعد الإتهامات الصريحة المتبادلة بتعمد إستهداف كل منهما الاخر إلى أن تحولت هذه الإتهامات إلى قتال مادي على أرض الواقع. ورغم المواجهات الكثيرة بين الطائفتين، فإن الصراع لم يأخذ مسلكا خطيرا إلا بعد ما يسمي “بحرب المساجد في العراق” عقب تفجير عبوتين ناسفتين في ضريح الإمامين في سامراء، وما تبع ذلك من هجمات الميليشيات الشيعية على المساجد السُنية في كل أنحاء العراق.([85])

وفي تقرير لجنة مساعدة العراق التابعة للأمم المتحدة، ورد أنه بعد تدمير المرقدين حدث تفجر للعديد من أعمال العنف في بغداد والمناطق المحيطة بها، وفي البصرة، وفي مناطق أخرى من البلاد. وقد جرى العديد من أعمال القتل وكان من بينها الإعدامات العلنية التي قامت بها الميليشيات في مناطق متفرقة من بغداد، كما وقعت العديد من الإشتباكات والإعتداءات، وتعرض العديد من الأفراد إلى التوقيف على نقاط تفتيش إرتجالية أو جرى إعتقالهم خطفا من داخل المساجد والمنازل، وتم العثور على العديد من هولاء المعتقلين جثثا هامدة وعليها آثار التعذيب.([86])

وقد بلغ عدد المساجد السُنية التي تعرضت للإعتداء 168 مسجدا تقريبا أغلبها في بغداد، وقُتل أكثر من 1000 مواطن على الأقل بعد مرور 5 أيام فقط من تفجير سامراء. وعلى الجانب الشيعي، بلغ عدد الاعتداءات قبل تفجير المرقدين حوالي 80 اعتداء على حسينية ومزار شيعي خلال سنتين ونصف، أما عدد الاعتدائات بعد التفجير، فقد تراجع  إلى 69 إعتداء خلال ثمانية أشهر في جميع أنحاء العراق، كان أولها في مرقد الإمام علي (رضي الله عنه) في النجف، والذي يمثل أهم الرموز الدينية للشيعة في العراق.([87])

المبحث الثاني : سياسات الإحتلال الأمريكي تجاه التعددية الطائفية (2003 – 2008)

من المبحث السابق، يمكن القول أن هناك تغير بين طبيعة العنف الطائفي قبل الإحتلال الأمريكي وأثنائه، من حيث وجود إستقرار نسبي خلال فترة صدام، ثم حدوث تدهور في الإستقرار المجتمعي مع بداية الإحتلال، إلى أن وصل الأمر لنشوب حالة من الحرب الأهلية عام 2006. ويمكن إرجاع ذلك للإدعاءات بأن الإحتلال إتخذ مجموعة من التدابير والإجراءات التي تقنن التعددية الطائفية، مما قد يثير ذلك شعور الأطياف المختلفة تجاه بعضها البعض، وبالتالي يصبح لها إسهاما كبيرا في تعزيز العنف الطائفي في العراق.

أولا: تقنين الإحتلال الأمريكي للتعددية الطائفية (2003 – 2006):

في ظل الإحتلال الامريكي تسارعت وتيرة السياسات الطائفية واتضحت معالمها وتمثلت في التالي:

  • القضاء على مؤسسات الدولة:

حيث يلاحظ أن غياب قدرة الدولة لعبت دورا مهما في تحول ولاء الأفراد من الدولة إلى الكيانات دون القومية. ففي ظل الإحتلال الامريكي للعراق في عام 2003، تم القضاء على مؤسسات الدولة وحلها، فقد كانت هي أولى الخطوات التي اتخذها الاحتلال ممثلا في بول بريمير – الحاكم المدني في العراق – كما قام بحظر حزب البعث وحل المؤسسات الامنية، بما فيها الجيش، في مايو 2003.([88]) الأمر الذي أدى إلى إعتماد الأفراد في المناطق الريفية على القبائل والعشائر من أجل الحصول على الأمن، أما في المناطق الحضرية، مثل بغداد، فقد تم الإعتماد على الميليشيات في توفير الأمن.([89])

  • مأسسة الطائفية:

وبتشكيل مجلس الحكم المؤقت من قبل بول بريمر في يوليو 2003، اتضح البعد الطائفي والعرقي لسياسات الإحتلال، حيث تم توزيع عدد مقاعد المجلس، البالغ عددها 25 مقعدا، على أسس الطائفة والعرق بين معظم مكونات العراق المختلفة، ثم إمتد هذا التوزيع الطائفي إلى مختلف الوزارات التي تشكلت، وبالتالي فقد أصبحت الإعتبارات الطائفية هي المعيار الأساسي لإختيار الأعضاء وذلك لأول مرة في تاريخ العراق الحديث.([90])

وبالحديث عن الدستور الدائم الذي تم وضعه في ظل الإحتلال عام 2005، والذي يمثل مركز النزاعات الطائفية، فقد تم توزيع المناصب الرئيسية الثلاثة، وهي: منصب الرئاسة، ورئاسة الوزراء، ورئاسة البرلمان، بين الطوائف الثلاثة الأكبر حجما ممثلين في العرب السنة والشيعة والأكراد؛ حيث أن منصب رئاسة الوزراء، والذي يعد أهم المناصب الثلاثة نظرا إلى كون النظام السياسي العراقي نظاما برلمانيا، كان لصالح الطائفة الشيعية على الرغم من كونها في المرتبة الثانية من حيث  الحجم السكاني بعد الطائفة السنية، بينما ذهبت رئاسة الجمهورية إلى الطائفة الكردية على الرغم من كونها أصغر الطوائف الثلاثة حجما، لكن قد نُرجِع ذلك إلى أن ذلك المنصب هو شرفي بالأساس في النظم البرلمانية، لذلك تم إعطائه للطائفة الأصغر حجما، بينما أصبح منصب رئيس البرلمان للطائفة السنية على الرغم من أنها أكبر الطوائف الثلاثة حجما.([91])

  • السماح ببروز أحزاب طائفية وتبني نظام إنتخابي يشجع الطائفية:

لقد أكدت الولابات المتحدة هذا التوجه عن طريق السماح ببروز الأحزاب التي تتبنى أجندة طائفية، مثل الأحزاب الكردية والشيعية، الأمر الذي جعل هذه الأحزاب تناقش القضايا الوطنية من منظور طائفي، وقد قامت هذه الأحزاب بدورها بتعميق الشعور والإنتماء الطائفي، لكي تصبح الطائفة كتلة إجتماعية سياسية تقاد وفقا لشعارات وزعامات طائفية. كما أنها تبنت نظاما إنتخابيا يقوم على التمثيل النسبي، وتم إعتبار العراق دائرة إنتخابية واحدة، مما يشجع الطائفية ويعزز الإنقسامات الإثنية والمذهبية،([92]) وذلك لأن هذا النظام يسمح للمناطق المختلفة في أن تتنافس بقوة ضد بعضها البعض من أجل التمثيل في الحكومة، كما تعتمد نسبة تمثيل طائفة معينة في البرلمان على مدى مشاركة هذه الطائفة في الإنتخابات، ومن ثم فإنه إذا قامت طائفة معينة بالإشتراك بنسبة تقل كثيرا عن نسبتها إلى باقي الطوائف المختلفة فإنها لن تحصل على التمثيل، وبالتالي فقد هدفت الولايات المتحدة إلى إقامة هذا النظام لتعزيز الطائفية.([93])

والجدير بالذكر أن هذه السياسة سمحت بظهور قوى ساعدت على نشر الفتنة الطائفية في ظل الإحتلال؛ والتي تتمثل بالأساس في كل من تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وفرق الموت الشيعية، حيث يلاحظ أن تنظيم القاعدة تحول من محاربة الولايات المتحدة وبدأ في إستهداف الشيعة. وقد بدأت القاعدة هجماتها ضد الشيعة في مارس 2004 عندما إستهدفت المصلين الشيعة في كربلاء والنجف عند إحيائهم ذكرى عاشوراء.([94]) كما يلاحظ أن فيلق بدر، التابع للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية والمدرب إيرانيا، قام بتشكيل فرق الموت التي تعمل تحت مظلة وزارة الداخلية، والتي كانت تقوم بعمليات قتل ضد مئات من الطائفة السنية شهريا.([95]) والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة هي التي قامت بتعيين فيلق بدر في المناصب العليا في الجيش والشرطة، كما يلاحظ أن إيران إخترقت بعض الوحدات التابعة لجيش المهدي، وقامت بتوجيهها، والقيام بعمليات قتل ضد السنة.([96])

  • تحويل الأغلبية السنية إلى أقلية:

تبنت الولايات المتحدة إحصاءً يقوم على الإدعاء بأن الشيعة العرب هم الغالبية، وترسيخ فكرة أن الأقلية السنية استاثروا بحكم البلاد على مدى ثمانين عاما، وأن الشيعة حرموا من حكم البلاد على الرغم من كونهم الأغلبية،([97]) إذ قَدَرَت عددهم بحوالي 60% من إجمالي عدد السكان، بينما يبلغ حجم العرب السنة، وكذلك الاكراد، حوالي 20% من إجمالي عدد السكان، على الرغم من أنه إذا تم الرجوع إلى البطاقات التموينية كمؤشر لمعرفة نسب الطوائف المختلفة خاصة الصادرة عام 2003، فسوف نجد أن عدد سنة العراق يبلغ نسبتهم 58% (العرب والتركمان السنة يمثلون حوالي 41.5% – الأكراد السنة يمثلون معا 16.5%)، في حين تُقَدَر نسبة الشيعة بحوالي 40% عربا وتركمانا.([98]) لكن يمكن إرجاع التضارب بين الإحصاءات الغربية والحكومية إلى أن الإحصاءات الغربية لا تحتسب نسبة الأكراد ضمن الشعب العراقي، والذي يشكل أغلبهم نسبة مرتفعة من السنة، إلا أن الإحصاءات الحكومية تعتبر الأقلية الكردية جزء لا يتجزأ من الشعب العراقي.

ومما يضفي مزيد من المصداقية على كون المسلمين السنة أكثر من الشيعة، أن النتائج التي أعلنتها المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات بشأن إنتخابات يناير عام 2005 بأن المقاطعين من السنة بلغت نسبتهم 40% وغالبيتهم من العرب، ومن ثم فقد عمدت الولايات المتحدة إلى إثارة النزاعات الطائفية عن طريق المبالغة في تمثيل العرب الشيعة وتهميش السنة.([99])

  • تبني الفيدرالية الطائفية:

من خلال تتبع قانون “إدارة الدولة الإنتقالية” لعام 2003، نجد أنه تم تحديد نظام الحكم بإعتباره جمهورياً اتحادياً فيدرالياً ديمقراطياً، وبالتالي فقد أسست الفيدرالية في العراق. كما يلاحظ أنها حددت حدود الإقليم الكردي على أسس طائفية، وتنبع أهمية هذا القانون من تأثيره اللاحق على الدستور العراقي الدائم لعام 2005 الذي جاء فيه العديد من النصوص المشابهة بما ورد في هذا القانون.([100])

  • رعاية إعلام طائفي:

فقد قامت الولايات المتحدة بإلغاء وزارة الاعلام ولم تصدر أية قوانين أو تعليمات تنظم العملية الإعلامية، الأمر الذي أدى إلى بروز العديد من القنوات الفضائية على أسس عرقية وطائفية، حيث ظهرت قنوات فضائية شيعية كقناة الفرات، ومقابل ذلك ظهرت قنوات سنية كقناة الرافدين. وتقوم هذه القنوات بنقل الأحداث والأخبار من وجهة نظر عرقية وطائفية لمحاولة كسب الأفراد من خلال خطابات تكرس لمفهوم الطائفية والعرقية، الأمر الذي أدى إلى اضعاف الإنتماء الوطني والقومي.([101])

ثانيا: دور الإحتلال الأمريكي تجاه التعددية الطائفية (2006 – 2009):

منذ إندلاع الحرب الأهلية في العراق، يمكن ملاحظة أن القبضة الأمريكية على العراق قد تراجعت نسبيا عما كانت عليه قبل الحرب، فعلى سبيل المثال قام مجلس الشيوخ الامريكي بإقرار خطة غير ملزمة لتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم فيدرالية على أسس طائفية وعرقية في سبتمبر 2007، ويلاحظ أن جوزيف بايدن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ – الذي أصبح فيما بعد نائبا للرئيس الأمريكي الأسبق أوباما – هو الذي قدم هذا القرار.([102]) إلا أنه لا يمكن إغفال دور الولايات المتحدة الأمريكية في دخول العراق في حرب طائفية وأهلية، من خلال إتباعها سياسات متعددة بداية من حل الجيش العراقي السابق، وتحطيم البنية التحتية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والإجتماعية  للعراق، وتدخلها المباشر في صياغة الدستور، وكان غرضها من هذه الحرب الأهلية أن يتم إبعاد الخطر عن قواتها العسكرية ليتم التقاتل بين أبناء البلد الواحد.([103])

فقد قامت الولايات المتحدة الامريكية بمد القبائل السنية بالسلاح والعتاد وقيامها بتسليحهم من أجل مواجهة القاعدة في بعض الأماكن وبعض محافظات العراق، علي الرغم من خطورة الأمر فهي تسلح من يحتمل أن ينقلب عليهم في وقت لاحق أو يهاجم الميليشيات الشيعية. فكان من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تخطط لحرب أهلية جديدة في المستقبل،([104]) لأن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بتوسيع دائرة الحركة العسكرية للميليشيات الشيعية الموالية للسلطة من أجل القضاء علي الحركات السنية، وبالتالي إبعاد الهجمات عن قوات الولايات المتحدة الأمريكية وتوجيه الفوضي بين أبناء الشعب الواحد، وتستخدم قوات الاحتلال وسائل الإعلام في الوقيعة بين أبناء البلد من خلال تحويل الصراع من مواجهة المحتل إلي المواجهة الداخلية.([105])

  • الدور غير المباشر للولايات المتحدة في العراق:

ويمكن إرجاع الدور غير المباشر للولايات المتحدة الأمريكية في العراق أثناء الحرب الأهلية إلى وجود مشكلات داخلية لدى الولايات المتحدة نفسها، فعلى سبيل المثال، قبل الإحتلال الأمريكي للعراق، قام مجمع شركات النفط الأمريكية – بإعتباره جماعة ضغط داخل الولايات المتحدة – بإصدار تقرير به توصيات للرئيس بوش الابن، أهمها ضرورة تأمين مصادر جديدة خارجية للنفط، خاصة أن الدول المتحكمة في أكبر الإحتياطات النفطية هي دول ليست تابعة للولايات المتحدة – وكان من أمثلتها العراق – وبالتالي يجب إعادة تقييم سياسات الولايات المتحدة المريكية تجاه العراق.([106]) وبعد حصول الحزب الديمقراطي على الأغلبية في الكونجرس عام 2006، تعهد أعضائه على إتخاذ سياسات تجاه مجمع شركات النفط بسبب دورهم الرئيسي في تمويل الحملات الإنتخابية للحزب الجمهوري خلال الفترة من 1989 – 2006 من أجل أن يتبنى السياسات التي يرغبون فيها، خاصة بعد أن تم كشف التقرير السابق ذكره بخصوص العراق.([107])

إضافة إلى ذلك، واجهت الحكومة الأمريكية مشكلات مالية مع الكونجرس بسبب الإنفاق الشديد على الإرهاب في الداخل (الأمن الداخلي)، بجانب الإنفاق الأكبر على الحرب في الخارج في العراق وأفغانستان،([108]) حيث يقدر حجم الميزانية التي طلبها بوش الابن لوزارة الدفاع 483 مليار دولار، و141.7 مليار دولار لتمويل العمليات العسكرية في أفغانستان والعراق.([109]) فبعد قدوم الحزب الديمقراطي، قام بمحاسبة الحكومة على حجم الإنفاق الهائل، مما أثار ذلك الرأي العام الداخلي تجاه الحكومة الأمريكية، نتيجة إلى إنخفاض مستوى الرفاهة الاجتماعية لدى الشعب الأمريكي.([110]) مع العلم أن إدارة بوش الابن قامت بتزييف تقارير وكالة الإستخبارات الأمريكية الخاصة بمخزون أسلحة الدمار الشامل وبرامجها في العراق حتى تبرر التدخل الأمريكي، لكن تم إثبات أن تلك التقارير خاطئة إلى حد كبير في 2008.([111]) تلك الأمور دفعت فيما بعد لخسارة الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في 2008.

  • بروز دور مجالس الصحوة في العراق:

تلك الضغوطات الداخلية لدى الولايات المتحدة ساهمت بشكل كبير في إظهار تراجع دورها في المشهد العراقي، خاصة خلال الحرب الطائفية، الأمر الذي تتطلب بروز لدور العشائر والقبائل العراقية من أجل أن تساهم في تهدئة العنف بين أطياف المجتمع، حيث بدأ تكوين تحالفات عشائرية مع تأسيس مجلس صحوة الأنبار بقيادة عبد الستار أبو ريشة في منتصف عام 2006، أي بعد مرور حوالي 4 أشهر من بداية الحرب الأهلية. وقد تم تكوين هذا المجلس لمواجهة تنظيم القاعدة والمتعاونين معهم من أبناء العشائر الآخرين، الذين كانوا يمارسون العنف بحجة مواجهة الإحتلال.([112])وقد بلغ عدد مجالس الصحوة في العراق 186 مجلسا تعمل في 186 منطقة، من خلال ما يقارب 100 ألف عنصر مسلح.([113])

وبالفعل تبنى مجلس صحوة الأنبار إستراتيجية موحدة قوامها طرد القاعدة من محافظة الأنبار وملاحقتهم أينما وجدوا، وإستطاعوا بالفعل إلحاق الهزيمة بالقاعدة، مما ساهم في تخفيف حدة العنف في المحافظة، وإثارة دهشة المسئولين الأمريكيين، وإظهار إمكانية الإعتماد على العشائر لضمان الإستقرار الأمني لمناطقهم.([114]) وبعد تلك الهزيمة وزيارة الرئيس الأمريكي بوش الابن لمحافظة الأنبار وشكره لعبد الستار أبو ريشة لقضائه على بؤرة التوتر الشديدة في المحافظة، تم توسيع نطاق تطبيق عمل مجالس الصحوة في مناطق ساخنة أخرى من العراق، سنية وشيعية ومختلطة. ولقد إستمرت مجالس الصحوة في المحافظة على الأمن والإستقرار النسبي، ومن تخفيف حدة العنف في مناطق تواجدها،([115]) بإعتبارها الفاعل الأساسي في العراق خلال تلك المرحلة.

بيد أن النجاح الذي حالف مجالس الصحوات، والذي تمثل في السيطرة على الموقف الأمني وإلحاق الهزائم بالجماعات المتطرفة، قد دفع القوات الأمريكية إلى التفاوض مع هذه المجالس، لذلك أبرمت القوات الأمريكية إتفاقات مع أهالي المناطق السنية لتعميم تجربة الصحوات مع بقائها تحت قيادة القوات الامريكية، وقد حصلت على الموافقة الضمنية لها للعمل في كافة المناطق الساخنة مقابل الحصول على الدعم المادي واللوجستي من قبل القيادة العسكرية الأمريكية.([116])

وقد تعاملت القوات الأمريكية مع تشكيلات الصحوة بإعتبارها جماعات عراقية تريد العمل من أجل إستقرار الأوضاع الأمنية في مناطقها دون النظر إلى خلفياتها المذهبية، كما أن النجاح الذي حققته تلك المجالس جعل وزارة الدفاع الأمريكية تعتبر تجربة الصحوات من أنجح التجارب في العراق.([117]) وعلى الرغم من أن العراق أصبح أكثر أمانا وإستقرارا بكثير عن ما كان عليه وقت الحرب الأهلية، إلا أن إرتفاع وتيرة العنف عام 2009 وفي الأشهر التي سبقت الإنتخابات البرلمانية في مطلع عام 2010 أثبتت أن الدور الذي سيؤديه العرب السنة في مجالس الصحوة عامل أساسي لفهم المشكلات الأمنية وبناء الإئتلافات السياسية في المستقبل. والجدير بالذكر أنه مع إقتراب إنسحاب القوات الأمريكية من العراق، فقد سلمت تلك القوات الملف الأمني للحكومة العراقية وأعلنت إنتهاء عملية إنتقال مسؤلية مجالس الصحوة إلى السلطات العراقية بشكل عام 3\4\2009.([118])

وبالحديث عن موقف الحكومة العراقية من مجالس الصحوة، فلقد أشاد رئيس الإئتلاف الشيعي عبد العزيز الجكيم بدور مجالس الصحوة والعشائر في مطاردة الإرهاب والمجرمين، لكنه أكد على أن تكون هذه القوات ذراعا للحكومة العراقية ولا أن تكون بديلا عنها، مشيرا إلى ضرورة مراعاة التوازن في بناء قوات الصحوة خصوصا في الأماكن ذات الطبيعة السكانية المختلطة، وأن تكون في المناطق الساخنة فقط تحت رقابة حكومية مشددة. وعلى الصعيد الأخر، لقد استنكر التيار الصدري وبشدة دمج أبناء الصحوة في الأجهزة الأمنية، واحتجت الجماهير الصدرية في بابل لوقف تشكيل مجالس الصحوة في المنطقة.([119])

ونلاحظ مما سبق أن الحكومات العراقية في العهد الجمهوري إتبعت شكل محدود من أشكال الديمقراطية الطائفية ممثلة في إعطاء الحكم الذاتي للأكراد، وإن لم يعالج هذا الإجراء المشكلة نظرا لعدة عوامل من بينها التدخل الأجنبي والخلافات بين الجانبين حول عدة قضايا، منها: الخلاف حول الحدود، وسلطة الحكم الذاتي. كما يلاحظ أنه لم يكن هناك بروز للمشكلة الطائفية بين العرب السنة والشيعة. أما في مرحلة الاحتلال الأمريكي، يلاحظ أن الولايات المتحدة إتبعت سياسات عَمَدَت إلى تعزيز العنف الطائفي بين الطائفتين الشيعية والسنية، وبالتالي فقد أضافت بعدا جديدا للمشكلة الطائفية إلى جانب المشكلة الكردية، كما أنها قامت بمأسسة المحاصصة الطائفية، والفيدرالية الطائفية وذلك لأول مرة في تاريخ العراق الحديث.

كما يتبين من خلال مؤشرات العنف الطائفي في العراق، أن العراق كان في ظل كارثة حقيقة تمثلت في التهجير والقتل والتدمير، حيث تغلل العنف في جميع نواحي الحياة، بحيث أصبحت الحياة شبه مستحيلة في ظل هذه الظروف الصعبة، وكان ذلك بالتزامن مع خدمات معدومة، وأمن غير موجود، وحكومات فاشلة، وإحتلال مدمر. إلا أن العشائر العراقية ومجالس الصحوة كان لهم دورا بارزا في تخفيف حدة أعمال العنف في المناطق الساخنة، وإرجاع الإستقرار في العراق خاصة بين طائفتي السنة والشيعة، وذلك بعد التراجع في الدور الأمريكي تجاه العنف الطائفي بعد عام 2006. هذا الأمر يدفعنا لدراسة تداعيات الإنسحاب الأمريكي من العراق على العنف الطائفي

الفصل الثالث : العنف الطائفي عقب الإنسحاب الأمريكي من العراق (2009 – 201

عقب موافقة مجلس النواب العراقي في نوفمبر 2008 على إتفاقيات أمنية مع الولايات المتحدة بحيث تغادر جميع القوات الأمريكية العراق بحلول نهاية عام 2011،([120]) كان من المتوقع أن تنتهي وتيرة العنف الطائفي في المجتمع العراقي، إلا أن الإحتلال قد يكون له مجموعة من التداعيات المؤثرة على العنف الطائفي. ومن أجل دراسة تلك الإشكالية سيتم تحليل تداعيات الإنسحاب الأمريكي من العراق على العنف الطائفي خلال الفترة ما بين عامي 2009 و2017، وذلك من خلال بعدين من العنف: الأول يتعلق بالعنف السني الشيعي، بينما الثاني يتعلق بالعنف بين الأقلية الكردية والحكومة المركزية بشأن الإنفصال الكردي عن العراق، وسيتم مناقشة كلا البعدين في كل مبحث على حدة.

  • المبحث الأول : العنف السني الشيعي

إن العنف السني الشيعي تفجر منذ سنوات، إلا أن الأمر أصبح أعمق بكثير، إذ يعبر عن إحساس العرب السنة بالتهميش من تمثيلهم في النظام السياسي العراقي الجديد، وهكذا تحولت مظلومية الشيعة في العقود الماضية إلى مظلومية السنة في السنوات الأخيرة، لذلك هناك إدعاء بأن هذه المظلومية هي التي فرضت على السنة في العراق إحتضان القاعدة أولا، ثم تنظيم داعش كوسيلة للرد على ما يواجهونه من مظالم حكم طائفي يقوده نوري المالكي. وبناء على ذلك، هذا المبحث سيتم التركيز فيه على موقف حكومتي نوري المالكي، وحيدر العبادي تجاه الصراع السني الشيعي، بجانب الوقوف على داعش كنمط معزز للعنف الطائفي في العراق.

أولا: حكومتي نوري المالكي:

بعد إرساء نظام المحاصصة الطائفية معطيا الشيعة صفة الأغلبية، وجاعلا رئاسة الجمهورية للأكراد، والحكومة للشيعة، والمجلس النيابي للسنة، ومنح سلطات واسعة لرئيس الحكومة، أتاح كل ذلك لنوري المالكي أن يملك في قبضته زمام الأمور دون منازع، تسانده إيران من الخارج والمليشيات الشيعية في الداخل. وقد كان المالكي قائدا لإحدى هذه المليشيات التي إنتقلت من إيران إلى العراق إبان الغزو الأمريكي، وكانت ممارساته سببا في إتهامه من القوة السنية بالديكتاتورية، وإنحيازه إلى طائفته. ونتيجة لما سبق، طالبت الجماعات السنية بحقها في إنشاء إقليم سني أسوة بالأكراد، وهو ما كان مرفوضا من المالكي، وذلك على الرغم من أنه كان بالأساس إقتراح أمريكي خلال فترة الغزو.([121])

كما إستمرت الأزمة السياسية بين المالكي والمعارضة بسبب إنتفاضة السنة التي إتخذت الشكل السلمي بالتظاهر والإعتصام، إنتهت إلى حمل العشائر للسلاح ضد الحكومة، وإحتضان بعض العشائر لتنظيم داعش الإرهابي، متهمة الحكومة بالمماطلة في الإستجابة للمطالب الشرعية والدستورية؛ والتي تتلخص في رفع الظلم الذي تعرضوا له طوال العقد الماضي، وتحقيق التوازن الطائفي في مؤسسات الدولة، وخاصة الجيش، وإطلاق سراح المعتقلين، والتوقف عن ملاحقة بعض قادة السنة، وإصلاح الإعلام لدوره في تضخيم الطائفية، والحفاظ على العراق الموحد.([122])([123])

وجاء إجتياح داعش للموصل ونينوى صدمة بينت المدى الذي وصل إليه الإستقطاب الطائفي في العراق، كما كشف عجز حكومة المالكي، وبأنها تقود البلاد بهذه الطريقة إلى الهاوية بسبب تفكك أوصال العراق والمواجهات العسكرية في أرجائه، وإحتمالات تفاقم الموقف في حالة نجاح داعش في تحقيق تهديداتها، والتي تمثلت في هدم المراقد المقدسة الشيعية في سامراء والنجف وكربلاء، فقد استنفرت هذه التهديدات جموع الشيعة في العراق، وكشفت أن الشيعة من جانبهم قائمون على التسليح بدعم إيراني، فلم يكن خافيا على أحد نشاط فيلق بدر التابع للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وحزب الدعوة الإسلامي برئاسة نوري المالكي، وجيش المهدي التابع للتيار الصدري.([124])([125])

كل ذلك أوضح أن دور المالكي قد انتهى، ولم يعد ممكنا لتلبية إصراره على الإستمرار في حكم العراق بولاية ثالثة، وذلك بعد مطالبة الجميع في الداخل والخارج بالتخلي عن الحكم، وتم بالفعل إختيار خلفه الدكتور حيدر العبادي الذي كلفه الرئيس فؤاد معصوم بتشكيل الحكومة آنذاك.([126])

ثانيا: حكومة حيدر العبادي:

صرح العبادي بعد تسميته بضرروة التوحد ضد الحملة الهمجية التي يشنها مسلحو داعش، وإيقاف كل الجماعات الإرهابية، وأنه لا يمكن نجاح البلاد إلا إذا وضعناها فوق الطائفية والعرقية، وأن ميثاق المواطنة يحدده آمال المواطنين، فقد كانت التحديات التي تواجه حكومة العبادي منذ أيامه الاولى ترتكز على ثلاثة محاور أساسية كبح تمرد داعش، وجسر الهوة مع السنة, وإعمار البلاد.([127])

غير أن جهود العبادي الإصلاحية فشلت في استرضاء السنة؛ فبعد عام واحد من حكمه، انخفضت نسبة السنة الذين يعتقدون أن حكومته أكثر شمولا للجميع من حكومة المالكي من 50 في المئة في ديسمبر 2014 إلى 36 في المئة في سبتمبر 2015. وعلاوة على ذلك، أبدى 58 في المئة من السنة إعتقادهم أنهم ممثلون بصورة غير عادلة في حكومة العبادي.([128]) وبالتالي يمكن القول أنه لم يُقنع حيدر العبادي العديد من سنة العراق أنه يستطيع أن يقدم شيئا مختلفا عن سالفه، نوري المالكي، الذي ساهمت سياساته في تهميش السنة من العملية السياسية. كما خاب أمل السنة في عدم معاقبة الميليشيات الشيعية ذات الاعتبارات الطائفية، مثل قوات الحشد الشعبي.

وفي نوفمبر2016، أصدر البرلمان العراقي قانونا جديدا يقنن وضع قوات “الحشد الشعبي”، التي تمثل الفصيل غير النظامي الأبرز في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وهو ما أثار جدلا واسعا بشأن وضع هذه القوات تحديدا ضمن القوات المسلحة في العراق، خاصة أنها إتُهمت في مرات عدة بارتكاب انتهاكات ذات صبغة طائفية.([129]) في مقابل ذلك، رفضت الحكومة العراقية أية قوات تقدمها الجماعات السنية، مما زاد الأمر تعقيدا بين الطائفتين. على الرغم من وجود تفاهم بين الطائفتين حول نقطة أن داعش هي العدو الوحيد للدولة العراقية، وليس لطائفة بعينها.([130])

ثالثا: داعش والسنة والشيعة فى العراق:

هناك إدعاء أن تنظيم الدولة الأسلامية كان فى بادئ الأمر يحمى السنة؛ فقد اتبعت بعض الخطط والإستراتيجيات السياسية والعسكرية والاقتصادية التى كان من تداعياتها كسب ثقة الطائفة السنية فى العراق، وإعتبار “داعش” هى المُخَلِص من الاضطهاد والتهميش السياسى الذى يواجهه السنة.([131]) كما تمكنت “داعش” من الحد من التدخلات الإيرانية بسبب معاناة الطائفة السنية فى العراق منها، بجانب معاقبتها للميليشيات الشيعية التى أُصيبت السنة بخيبة الأمل فى معاقبتها.([132])

  • ظهور قوات الحشد الشعبي (الشيعي):

لعبت الميليشيات الشيعية دورا بارزا فى جميع النزاعات والصراعات الموجودة فى المنطقة العربية ولاسيما الصراع فى سوريا والعراق، وقد ظهر دور هذه الميليشيات فى العراق من خلال التصدى لتنظيم الدولة الإسلامية. فنتيجة لتزايد أعداد الضحايا فى العراق جراء العمليات المسلحة من قبل داعش، أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادى بتشكيل الحشد الشيعى، وإعتبارها قوات من الجيش العراقى، كما إعتبرها أنها الأساس لكل الميلشيات الشيعية الأخرى.([133])

  • خروج داعش وقوات الحشد الشيعى عن السيطرة:

وعلى الرغم من القول بأن داعش كانت حماية السنة، على إعتبار أنها سنية المذهب، إلا إنها استخدمت القوة مع بعض الفصائل السنية التى رفضت مبايعة أبو بكر البغدادي،([134]) لأن هذا يعارض هدفها فى تكوين إقليم منفصل للسنة، كما صدر قرار من داعش بقتل عشيرة زركوش، بسبب مساعدتها للقوات العراقية على الرغم من أنها سنية المذهب، وذلك بالإضافة إلى إعتدائتها المتواصلة على التركمان والشيعة.([135])

وبعد نجاح قوات الحشد الشيعى فى الحد من توسع داعش وتنفيذ بعض العمليات التى نتج عنها إستعادة مدينة جرف الصخر وعدد من القرى التى تسيطر عليها داعش،([136]) شجع ذلك قوات الحشد الشيعى فى التمادى فى إستخدام القوة والعنف، خاصة أنها مدعومة من الحكومة والقوات العراقية، وكذلك إمتلاكها أسلحة كثيرة وعدم خضوعها للقانون يجعل منها خطرا على المنطقة العربية.([137]) أدى ذلك لخروج قوات الحشد الشيعى وقوات داعش عن السيطرة، ودخول العراق فى سلسلة جديدة من الصراعات الطائفية إتخذت شكلا مسلحا، مما أثر بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية والسياسية فى العراق.

  • المبحث الثاني : العنف بين الأقلية الكردية والحكومة المركزية

يمر العراق بأحداث سياسية وطائفية معقدة، يأتي على رأسها الخلافات القائمة بين الحكومة المركزية (بغداد)، وحكومة إقليم كردستان (أربيل) المتمع بالحكم الفيدرالي. والجدير بالذكر أن هذه الأزمة ليست وليدة الأيام الحالية، بل هي امتداد لتراكمات كثيرة من الأزمات بين الجانبين – والتي قد سبق ذكرها منذ أيام الرئيس الأسبق صدام حسين – التي أسهمت في تصعيد الخلاف بينهما لهذه المرحلة البالغة الخطورة. وإذا تفاقمت الإنقسامات، أو إذا كانت هناك محاولة من بغداد لفرض حل على أربيل – والذي سيتبعه رد فعل عنيف – فإن السلامة الإقليمية للعراق ستكون مهددة. بالإضافة إلى أن استمرار هذه الأزمة يصب بالتأكيد في إشعال نيران الفتنة القومية والمذهبية في العراق الذي لم يتعاف سياسيا أو اقتصاديا أو إجتماعيا من الحروب التي أنهكته في العقود الماضية.([138]) وبناء على ذلك، سيتم مناقشة أسباب تفاقم الأزمة بين الأقلية الكردية والحكومة المركزية من خلال النقاط التالية:

أولا: الأسباب السياسية:

هناك بعض الأسباب السياسية التي أدت لتعقد الخلافات بين المركز والإقليم وأبرزها على النحو التالي:([139])

  • غياب الحس الوطني لكافة الأطراف العملية السياسية في العراق: فمن الملاحظ أن إحتدام الأزمة بين أطراف العملية السياسية وصعوبة احتواء تداعياتها هو نتيجة صراعات المصالح والإستحواذ على أكبر قدر من الفوائد التي يتم الحصول عليها من نظام المحاصصة، وما وصلته الخلافات بين القوى والأحزاب السياسية القائدة للعملية السياسية مع الإبقاء عليها دون معالجة جذرية لها، خاصة بعد أن إنتقلت إلى الشارع العراقي لتزرع فيه عوامل الفرقة والتنافر من جديد بين مكونات الشعب وأطيافه، وفقدان الإستقرار السياسي والإجتماعي، وتوقف عجلة التقدم والتطور.
  • إعمال مبدأ القوة والضعف في العلاقة بين الطرفين: لقد حكم هذا المبدأ العلاقة بين الحكومات المركزية المتعاقبة والقيادات الكردية طوال التاريخ وحتى وقتنا الحاضر. ففي أي وقت كانت فيه الحكومات المركزية تشعر بأن لديها من القوة ما يمكنها من الإستهانة بالمطالب الكردية أو سحق أي حركة تطالب بها، فإنها تلجأ إلى إستخدام القوة، حتى وإن كانت غاشمة، حتى يتم التراجع عن تلك المطالب، وإن كانت بسيطة. ولا تتم الإستجابة إلى المطالب الكردية إلا عندما تشعر الحكومة المركزية بأنها ضعيفة، وبالتالي يحتم عليها الخضوع للمطالب الكردية.
  • الإبتعاد عن الحوار واللجوء إلى التصرفات الإستفزازية: فبدلا من إلتزام الهدوء والحوار وأساليب التهدئة والتقريب من وجهات النظر المتباينة يلجأ أعضاء كل طرف إلى إطلاق التصريحات النارية والإستفزازية. بالإضافة إلى غياب دور الوسيط أو المهدئ للأمور بين الطرفين، وهذا أكثر ما يعقد عملية التوصل إلى تهدئة أو حل تفاوضي.
  • الإعتقاد بأن الظروف المواتية لتحقيق أهداف مرحلية: مثلت هذه الأزمة أو المشكلة عقبة في طريق إيجاد الصيغ المشتركة أو الحلول الواقعية طويلة الأمد بين الحكومات العراقية والأكراد في الشمال. ففي كل الأزمات الصعبة التي عاشها العراق بسبب القضية الكردية كان كل طرف يحاول تحقيق كل ما يحقق له مصلحته الذاتية.

ثانيا: الأسباب الإقتصادية:

يشكل نفط كركوك العقدة الأبرز في الأزمة بين بغداد وأربيل، حيث أن صادرات حقولها النفطية بالكامل تحت سلطة رئيس الإقليم مسعود البرزاني وعائلته وبعض المقربين منه. هذه العقدة، كان يرى فيها البرزاني إحدى نقاط قوته، ومحركا اقتصاديا لدولته المنشودة، وورقة كبرى للضغط على بغداد. إلا أن الأخيرة سلكت مسارين لمواجهة أربيل؛ الأول، بالطلب رسميا من دول الجوار بوقف إستيراد نفط كركوك. أما الثاني، بالشروع بعملية تأهيل وإصلاح الأنابيب الخاصة بالدولة العراقية، والتي تصل إلى ميناء جيهان التركي دون أن تمر بمناطق الإقليم.([140])

وقد كان بداية الخلاف الاقتصادي بين الطرفين خلال فترة ما بعد الحرب في العراق، حيث إستغل الأكراد الغموض في الأحكام الدستورية التي تحكم موارد الطاقة في البلاد وعقدوا صفقات مع شركات النفط الأجنبية مستقلة عن الحكومة المركزية. ورفضت بغداد صحة عقود الكرد وهددت برفض أي شركة كانت تحتفظ بمناقصة على صفقات جديدة من خلال وزارة النفط.([141])

وبينما تصر بغداد على أن “سومو” – الشركة التابعة للحكومة المركزية – هي الكيان الوحيد الذي يمكنه تسويق النفط العراقي، بدأ كردستان صادراته بشكل مستقل بعد أن إتهم بغداد بعدم إحترام إتفاق تقاسم الإيرادات وعدم تحويل أموال كافية من الميزانية الإتحادية، حيث نص الإتفاق على أن تصدر حكومة أربيل 250 ألف برميل نفط يوميا من حقولها لحساب الحكومة المركزية عبر خط الأنابيب التابع لها إلى تركيا. كما سيصدر 300 ألف برميل يوميا من حقول النفط المحيط بمدينة كركوك المتنازع عليها، التي يسيطر عليها مقاتلو البيشمركة منذ إنسحاب الجيش العراقي في يونيو 2014. وفي مقابل ذلك، سيحصل الأكراد على حصتهم في الميزانية المركزية، مع مليار دولار أخرى للمساعدة على دفع رواتب وتسليح مقاتلي البيشمركة. وكردستان في حاجة ماسة لإستئناف تدفقات خام كركوك، لأن صادراتها الخاصة لا تغطي حاجات ميزانيتها، وهو ما يجبر الإقليم على إقتراض مليارات الدولارات من تركيا، ومن شركات نفطية ومؤسسات تجارية، بضمان مبيعات نفط مستقبلية.([142])

وفي مارس 2017، سيطرت قوة عسكرية تابعة لحزب الإتحاد الوطني الكردستاني على شركة نفط الشمال في محافظة كركوك، وكانت تمثل تلك الخطوة إنذارا لبغداد للكف عن تصدير نفط المدينة إلى مدن أخرى، وبسبب أن إيرادات النفط المصدر من كركوك لا تصرف مستحقاتها بشفافية وبشكل عادل في إقليم كردستان، مما أثر ذلك سلبا على حياة مواطنيه. وكان هذا التحرك العسكري جاء بتأييد من الأحزاب السياسية في كركوك بسبب تعمد حكومتي بغداد وأربيل حرمان كركوك من حقوقها.([143])

ثالثا: الأسباب الدستورية والحدودية:

          لقد حصل الأكراد علي العديد من الحقوق والإمتيازات في العملية السياسية على الصعيد الوطني (على مستوى العراق) والمحلي (إقليم كردستان) بما جعلهم أعلى بدرجات بعيدة من الكرد في دول الجوار، تركيا وإيران وسوريا، من ناحية تلك الحقوق والإمتيازات، نعرض في ما يلي بعض المواد الدستورية التي تبين ذلك:([144])

  • المادة (4): اللغة العربية واللغة الكردية هما اللغتان الرسميتان للعراق، وتستعمل المؤسسات الإتحادية والمؤسسات الرسمية في إقليم كردستان اللغتين.
  • المادة (117): يقر هذا الدستور عند نفاذه إقليم كردستان، وسلطاته القائمة إقليما إتحاديا.
  • المادة (120): يقوم الإقليم بوضع دستور له، يحدد هيكل سلطات الإقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على أن لا يتعارض مع هذا الدستور القومي.
  • المادة (126): لايجوز إجراء أي تعديل على مواد الدستور من شأنه أن ينتقص من صلاحيات الأقاليم التي لاتكون داخلة ضمن الإختصاصات الحصرية للسلطات الإتحادية إلا بموافقة السلطة التشريعية في الإقليم المعني وموافقة أغلبية سكانه بإستفتاء عام.
  • المادة (140): تعتبر هذه المادة إمتدادا للمادة 58 من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الإنتقالية لعام 2004 والتي تنص على: “المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية والمنصوص عليها في المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية تمتد وتستمر إلى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور على أن تُنجز كاملة (التطبيع، الإحصاء وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق المتنازع عليها لتحديد إرادة مواطنيها) في مدة أقصاها الحادي والثلاثون من ديسمبر 2007”.

وعلى الرغم ما تمتع به الأكراد من حقوق وإمتيازات كما سبق الإشارة في المواد الدستورية، إلا أن المهلة القانونية الخاصة بالمادة (140) إنقضت دون تطبيق. فقررت الحكومة الفيدرالية العراقية تمديدها، بالرغم من أن التمديد لا يستند إلى أي نص دستوري، لأن المادة (140) جاءت مطلقة، بمعنى يجب تطبيقها في الموعد المقرر دون أن تتضمن أية إحتمالات للتمديد. وبناء على عدم إلتزام الحكومة المركزية بتطبيق تلك المادة الدستورية، نشبت أزمة كركوك بين الأقلية الكردية والحكومة المركزية، والتي لا تزال قائمة بين الجانبين، وهذا ما سيتم مناقشته فيما بعد.

وقد زادت العلاقة توترا بعد سقوط نينوى بيد “داعش” في يونيو 2014، وربما بلغ التوتر مداه حين أعلن مسعود بارزاني أن “دخول قوات البيشمركة إلى محافظة كركوك أنهى المادة 140 من الدستور العراقي الخاصة بالمناطق المتنازع عليها بعد إنسحاب الجيش منها وسيطرة “داعش” عليها”. وتابع بارزاني: “لقد صبرنا عشر سنوات مع الحكومة الإتحادية لحل قضية المناطق المتنازعة وفق المادة 140 لكنها كانت دون جدوى”، وأضاف: “بالنسبة لنا، المادة 140 أُنجِزت وإنتهت ولن نتحدث عنها بعد الآن”.([145]) بجانب ذلك، يوجد بعض المنافذ الحدودية التي يتنازع عليها الجانبين، مثل: معبر إبراهيم الخليل الحدودي مع تركيا، الذي يقع في مدينة زاخو في محافظة دهوك ضمن حدود إقليم كردستان العراق. أما معبر فيشخابور فيستخدم للتواصل مع مناطق سورية يشكل الأكراد أغلبية سكانها، وتقع بمحاذاة الشريط الحدودي مع العراق.([146])

لذلك كان لسكان إقليم كردستان العراق على موعد مصيري في 25 سبتمبر 2017 للإستفتاء حول المستقبل، في جميع أرجاء الإقليم متضمنة جميع المناطق والمحافظات التي تقع بداخله من وجهة نظر الأكراد أنفسهم. وهو كان موعد ثابت وفق كل المعطيات على رغم المواقف الإقليمية والدولية المتباينة، وسعي بعض القوى الكردستانية لتحويل الموضوع إلى ورقة في الحسابات الداخلية الحزبية، وكان موضوع الإنفصال هو السؤال المحوري للإستفتاء.([147])

أزمة كركوك:

وبناء على ماسبق عرضه من المواد الدستورية، وخاصة المادة (140)، فقد تركز الإهتمام الشديد على العلاقة المتدهورة بين حكومة إقليم كردستان وبغداد على وضع كركوك، وهي الأزمة التي تجمع بين الشق السياسي، والإقتصادي، والدستوري. وهذا أمر مفهوم، حيث تقع كركوك في منطقة يسكنها مزيج عالمي من الأكراد والعرب والتركمان والمسيحيين، وتقع بالقرب من ثاني أكبر حقل للنفط في العراق، تحتوي على 20 في المئة من احتياطيات النفط في البلاد، وكانت موضوعا دائم الخلاف بين القادة الأكراد، ويعتبرها الأكراد تاريخيا جزءا لا يتجزأ من المجال الكردي التي تتركت في عهد الإمبراطورية العثمانية، ثم تم تعريبها على يد الحكومة العراقية منذ بداية الدولة، وإزداد الطلب الكردستاني على “عودة كركوك” إلى إقليم كردستان أكثر فأكثر منذ عام 2003.([148])

بداية الأزمة الحالية كانت عندما أعلن مجلس الأمن بإقليم كردستان العراق أن القوات العراقية بدأت تحركا للسيطرة على قاعدة عسكرية وحقول نفطية في كركوك، وذلك عقب نتيجة الإستفتاء بعدة أيام قليلة، والذي أعلن إنفصال إقليم كردستان عن دولة العراق متضمنة محافظة كركوك ضمن حدود الإقليم، كما أعلن أن القوات العراقية والحشد الشعبي تتقدم نحو حقول النفط وقاعدة “K1” للإستيلاء عليها. كما أفادت مصادر إعلامية كردية وحكومية بأن القوات العراقية دخلت هذه القاعدة بدون قتال، إلا أن مدير أمن كركوك نفى سيطرة القوات العراقية على هذه القاعدة أو أية حقول نفطية.([149])

من جانب آخر، حثت رئاسة إقليم كردستان على عدم البدء بإطلاق النار إلا إذا تقدمت القوات العراقية بإتجاه البشمركة، وقد نقل التلفزيون عن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بتوجيه أوامره للقوات العراقية لضبط الأمن في كركوك بالتعاون مع البشمركة. لكن من جانب أخر، قد أكد المقدم صلاح الكناني من الفرقة المدرعة التاسعة بالجيش العراقي إن هدف هذا التقدم هو السيطرة على قاعدة “K1” الجوية غربي كركوك.([150]) هذا التضارب في التصريحات من داخل الحكومة المركزية أشار إلى نوايا الحكومة في التدخل في كركوك وإرجاعها لسيادة العراق كما كانت عليه قبل الاستفتاء، نظرا لما تتمتع به المحافظة من موارد نفطية هائلة تخدم المصالح الاقتصادية للعراق. وقد أثار ذلك حفيظة حكومة الإقليم وسط إستنكار واسع لهذا التصرف وسط شعب الإقليم.

وفي نهاية شهر أكتوبر 2017، إستقال “مسعود برزاني” وآلت الأمور إلى “نيجرفان برزاني”*، وبعدها توالت الهزائم للمعسكر الكردي المنادي بالاستفتاء، حيث أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق قرارا يقضي بعدم دستورية إستفتاء إقليم كردستان وإلغاء النتائج المترتبة عليه، كما أعلنت حكومة إقليم كردستان العراق احترامها لقرار المحكمة الاتحادية العليا، حتى تعالت الأصوات النادمة على إجراء الاستفتاء الذي لم يأت بالنفع للقومية الكُردية، بل زادها ضعفا وهشاشة وأوضح الانقسام الداخلي الكُردي الذي خسر بفِعله أهم مناطقه النفطية.([151])

وبخصوص المواقف الدولية، فقد اتفقت كافة القوى الدولية والإقليمية – عدا إسرائيل – على رفضها لإجراء الاستفتاء. وفيما يخص الولايات المتحدة الأمريكية، فإنها لم تكن رافضة للمبدأ نفسه، ولكنها تحفظت بشده على موعد إجراء الإستفتاء الذي يزعزع إستقرار الدولة العراقية في وقت إحتد فيه قتال تنظيم الدولة الإسلامية؛ لذلك طالبت الولايات المتحدة الفصائل الكردية بتأجيل موعد الاستفتاء،([152]) ولكنها لم تلق آذانا صاغية من القائمين على الإقليم، ومن ثم خسر مسعود برزاني الدعم الدولي الذي كان أقوى نقطة يرتكز عليها الأقلية الكردية في مفاوضاتها مع الحكومة العراقية، وذلك منذ أيام ما قبل الغزو الأمريكي.

وبعد عرض العنف السياسي الطائفي بعد الإنسحاب الأمريكي من العراق في نهاية 2008، اتضح أن مؤشرات العنف الطائفي قد تراجعت نسبيا مقارنة مما كانت عليه في فترة الإحتلال، وخاصة في فترة الحرب الطائفية (2006 – 2008). إلا أن ذلك لا ينكر أن الإحتلال كان له مجموعة من التداعيات، أبرزها تشبث الطائفة الشيعية بالسلطة وتهميشها للطائفة السنية، وذلك بحكم ما قننه الدستور العراقي الذي وضعه الإحتلال في 2005. ولذلك ظل العنف بين الطوائف الثلاثة الكبرى قائما طوال الفترة من 2009 وحتى 2017، وإن كان هناك أحيانا إتفاقا بينهم في بعض القضايا، أبرزها مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).

أما الأقلية الكردية في شمال العراق، اتضح أن الأسباب التي عززت من الخلاف بينها وبين الحكومة المركزية لم تكن مجرد أسباب سياسية، مثلما كانت عليها الخلافات السنية الشيعية، بل شملت أيضا أسبابا اقتصادية وحدودية، أبرزها أزمة محافظة كركوك التي لا يزال الخلاف عليها من خلال المادة 140 من الدستور، وغير المطبقة حتى الآن. فضلا عن خسارة إقليم كردستان للدعم الدولي لها، خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب تعنت القيادة الكردية في إجراء الإستفتاء في وقت غير مناسب للدولة العراقية بوجه خاص، والمنطقة العربية بوجه عام.

الخاتمة والتوصيات:

عقب دراسة أثر الإحتلال الأمريكي على تعزيز العنف الطائفي في العراق بعد عام 2003، يمكن القول أن الإحتلال كان له علاقة شديدة الإيجابية بتعزيز العنف بين الطوائف الثلاثة الكبرى (السنية، الشيعية، والكردية)، مما أثر ذلك سلبا على الإستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العراق، حتى أن وصل الأمر إلى إشتعال حرب طائفية عنيفة بينهم.

وبالرجوع للمدخل النظري للدراسة، تم ذكر أن أهم دوافع العنف هي الدوافع السياسية، الاقتصادية، الثقافية، والاجتماعية. والجدير بالذكر أن أبرز الدوافع تأثيرا في حالة العراق هو الدافع السياسي، الذي لم يختفي طوال فترة الدراسة، سواء من ناحية العنف السني الشيعي أو العنف بين الأقلية الكردية والحكومة المركزية، وذلك نتيجة للتهميش السياسي الذي يشعر به الطائفتين السنية والكردية. أما الدافعان الاقتصادي والثقافي، فقد تجلى ظهورهما في الحالة الكردية بشكل أوضح من العنف السني الشيعي، وذلك يرجع لتمتع الأقلية الكردية بثقافة مختلفة تماما عن بقية الشعب العراقي، بجانب تمتع إقليم كردستان العراق بالمقومات الاقتصادية الكافية لقيام أي دولة.

كما سبق وأن ذكرنا أن أبرز أشكال العنف هي: الحروب الأهلية، حروب العصابات، الحركات الإنفصالية، والإرهاب. ولكن من المؤسف أن نقول أن العراق عانى بالفعل من كل هذه الأشكال سالفة الذكر؛ فقد عانى العراق من حرب أهلية طائفية دامت لأكثر من سنتين (2006 – 2008)، وحروب عصابات منذ الإحتلال الأمريكي للعراق في 2003، ومحاولة لإنفصال إقليم كردستان شمال العراق في سبتمبر 2017، والإرهاب الذي عانى منه العراق خاصة مع إجتياح داعش له في عام 2014.

أما بالحديث عن سياسات الإحتلال في تعزيز العنف الطائفي، يمكن القول أن أبرز تلك السياسات هي إضعاف مؤسسات الدولة، وحل الجيش العراقي كأهم مكون للدولة، مما ساهم فيما بعد في إضعاف العراق ككل، مما سهل دخول العناصر والميليشيات الإرهابية، وتدخل القوى الإقليمية والعالمية في الشئون الداخلية للعراق. كما ركز الإحتلال على تأسيس فكرة أغلبية الشيعة وأقلية السنة، لكن يمكن القول أن هذه الفكرة كان قوامها أن الأكراد – ذات الأغلبية السنية – ليسوا من ضمن مكونات الشعب العراقي، وبالتالي إذا تم إعداد إحصائية فيما تخص الشعب العراقي العربي فقط، فسنجد بالفعل أن الشيعة العرب هم الأغلبية، إلا أن تلك الإحصائية لا يصح إجراؤها لأن الأقلية الكردية هي جزأ لا يتجزأ من الشعب العراقي الموحد.

وقد كان للإحتلال دور نشط في بداية الغزو, وذلك على خلفية أنه قادم لتطبيق الديمقراطية التوافقية ومحاربة الإرهاب، لكن فيما بعد تم إثبات زيف ذلك، وأن الديمقراطية ليست هي الهدف، والدليل أنه مع إندلاع الحرب الطائفية في 2006، تراجعت القبضة الأمريكية عن إمتلاك زمام الأمور. إلا أن التفسير الأقرب لهذا التراجع أن الأمريكان كانوا على إقتناع أن حل تلك الحرب يجب أن يأتي من داخل الشعب العراقي نفسه، وبناء عليه تم دعم الولايات المتحدة لمجالس الصحوة، بالإضافة إلى أن هذا الحل سوف يوفر على الولايات المتحدة المجهود في أن تستغله في ملفات أخرى، والدليل هي المشكلات الداخلية التي عانت منها الولايات المتحدة، وإنقلاب الرأي العام الأمريكي على بوش الابن، خاصة في عام 2008.

وتوصلت الدراسة أيضا إلى أن تطبيق نظام المحاصصة لتحقيق الديمقراطية التوافقية يعد أمرا غير مقبولا دائما من جانب الشعوب. فعلى سبيل المثال، تم قبول ذلك النظام من قبل الشعب اللبناني من أجل إنهاء الحرب الأهلية التي إندلعت خلال الفترة (1975 – 1990). إلا أن الأمر يختلف في الحالة العراقية، حيث أن ذلك النظام هو المساهم في إندلاع الحرب الأهلية في عام 2006، بعد وضعه في الدستور العراقي عام 2005، وهذا أكبر دليل على خطأ الولايات المتحدة في تطبيقه أو صنعه من الأساس، ولكن قد يكون هذا النظام مقبولا بين أطياف الشعب العراقي في حالة تم وضعه من قبل الشعب نفسه، حيث قد يكون الرفض له لمجرد أن من وضعه هو الإحتلال.

وفيما يتعلق بموقف الحكومات العراقية – التي جاءت بعد الإنسحاب الأمريكي من العراق – من العنف الطائفي، يمكن القول أنه لم يختلف كثيرا عن موقف الولايات المتحدة، وذلك يرجع إلى أن تلك الحكومات من الطائفية الشيعية، وهي المستفيد الأكبر من نظام المحاصصة الطائفية. بالإضافة إلى تلك الإستفادة، أن نوري المالكي كان قادما من إيران (الداعم الأول لنشر المذهب الشيعي في المنطقة) مع الإحتلال الأمريكي والإطاحة بنظام صدام، وأن حيدر العبادي ذو تنشئة بريطانية (المساعد الأول للولايات المتحدة في غزو العراق) منذ صغره، وبالتالي تغيير هذا النظام أو تعديله مرهونا بتغير أو غياب تلك القيادات – ذات الإنتماءات الخارجية – من الساحة السياسية العراقية.

كما أن محصلة النزاع بين الأقلية الكردية والحكومة المركزية هي وجود فقدان كبير للثقة ولحسن النية بين بغداد وحكومة إقليم كردستان، وذلك مع إعتقاد حكومة إقليم كردستان بأنها ضحية لبغداد، بينما تعتبر بغداد نفسها مستغلة من قِبل حكومة إقليم كردستان. لكن التدهور المستمر للعلاقة بين بغداد وحكومة إقليم كردستان ليس من مصلحتهما.

وفي ضوء ما توصلت إليه الدراسة من نتائج، تعرض الدراسة بعض التوصيات التي قد تمكن الشعب العراقي بحكومته من تخطي حالة العنف الطائفي التي يعاني منها العراق منذ قدوم الإحتلال، والتي تتمثل في الآتي:

  • التركيز على تحسين الحكم في العراقحيث يزدهر التطرف العنيف في المجتمعات التي يُنظر إلى حكوماتها من قبل شعوبها على أنها فاسدة وضعيفة وغير شرعية، وبالتالي إن أفضل طريقة لهزيمة التطرف العنيف هي دعم تطور حكومة عراقية فعالة ومستجيبة وشرعية.
  • تطوير الاقتصاد العراقي: تحتاج الدولة العراقية إلى اقتصاد فعال؛ وذلك من أجل مكافحة التطرف العنيف، وكذلك لتوفير فرص عمل للشباب المعرضين للتطرف، وذلك من خلال وضع خطة اقتصادية للنهوض بالاقتصاد العراقى خاصة لما يتمتع به العراق من حقول بترول وثروات تمكنه من الوقوف مجددا.
  • الإبقاء على تدريب القوات العراقية: فلن تنتهي التهديدات الأمنية التي يواجهها العراق بمجرد إخراج تنظيم داعش منه، وبالتالي فقوات الأمن العراقية تحتاج أن تكون مستعدة للدفاع طويل المدى عن الأراضي العراقية ضد تجدد حركات التطرف العنيف. لذلك يجب إعادة تكوين جيش قوى للحماية الإراضى العراقية.
  • الوساطة بين بغداد وحكومة إقليم كردستان: من شأن أي نزاع عسكري بين بغداد وحكومة إقليم كردستان، حيث أن ما يعرقل حل الأزمة الكردية في العراق هو غياب الوساطة بين الطرفين، وبالتالي سيكون من السهل إستخدام الطرفين للقوة العسكرية للدفاع عن آرائهم. كما يجب التوصل إلى تفاهم من كلا الجانبين حول المناطق المتنازع عليها، خاصة التي تخص المادة 140 من الدستور العراقي.
  • تعزيز الاندماج عبر الخطوط الطائفية: فلقد تمكن تنظيم داعش من الإستيلاء على ثلث أراضي العراق (إلى حد ما) بسبب السخط السني الكبير على الدولة العراقية. وبالتالي الاندماج بين أطياف الشعب العراقي هو الحل الأمثل لبقاء العراق مستقرا متحدا. فالحكومة العراقية بحاجة إلى معالجة التصورات السنية بشأن التهميش والحرمان إذا أرادت أن تهزم التطرف العنيف في العراق بشكل حازم. وعلى كلا من السنة والشيعة فى العراق بتقبل الاخر وعدم أثارة الفتنة والأعمال الطائفية.
  • منع التدخلات الخارجية سواء كانت الولايات المتحدة أو إيران حفاظاً على الأراضى العراقية.
  • وضع قانون صارم يعاقب من يثير الفتنة بين الشعب العراقى.

قائمة المراجع:

أولا: المراجع باللغة العربية:

  • ” تسلسل زمني لأهم الأحداث في العراق”، BBC عربي، 28/4/2014، متاح على:http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2014/04/140424_iraq_timeline.
  • “اتفاق بين بغداد وأربيل على صادرات النفط والميزانية”، BBC عربي، 2014، متاح على:http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2014/12/141202_iraq_kurdistan_deal.
  • “البيشمركة: لم نتوصل إلى اتفاق بشأن المعابر الحدودية حتى نتراجع عنه”، BBC عربي، 2017، متاح على:http://www.bbc.com/arabic/middleeast-41840056.
  • “العراق : غض الطرف عن تسليح مليشيات الحشد الشيعى”، منظمة العفو الدولية، 2017، ص 3، متاح على:https://www.amnesty.org/download/Documents/MDE1453862017ARABIC.PDF.
  • “القوات العراقية تسيطر على مناطق شاسعة في كركوك”، سكاي نيوز عربية، أكتوبر 2017، متاح على:https://www.skynewsarabia.com/web/article/988538/محاور-التحرك-العسكري-العراقي-كركوك.
  • “بارزاني في خطاب التنحي: لم يقف أحد معنا سوى جبالنا”، العربية، 29/10/2017، متاح على:https://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/iraq/2017/10/29/بارزاني-يلقي-خطاب-التنحي-عن-رئاسة-كردستان.html.
  • “بغداد تناور بين الدبلوماسية و«الحرب المفتوحة»: عملية عسكرية لاستعادة نفط كركوك”، الأخبار، العدد 3296، متاح على:http://www.al-akhbar.com/node/284612.
  • “تقرير حول حماية المدنيين في النزاع المسلح في العراق: 11 أيلول (سبتمبر) – 10 كانون الأول (ديسمبر) 2014″، مكتب حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، ص 19، متاح على:http://www.ohchr.org/Documents/Countries/IQ/UNAMI_OHCHR_POC_Report_11Sep-10Dec2014_AR.pdf.
  • “رؤية نظرية حول العنف السياسي”، مجلة الباحث، العدد 1، سنة 2002، متاح على: https://dspace.univ-ouargla.dz/jspui/bitstream/123456789/5541/1/R0111.pdf.
  • “عام على اجتياح داعش للعراق: الفساد والطائفية والاستبداد سر توسعه”، عرب 48، 7/6/2015 متاح على:https://www.arab48.com/أخبار-عربية-ودولية/أخبار–الوطن-العربي/2015/06/07/عام-على-اجتياح-داعش-للعراق-الفساد-والطائفية-والاستبداد-سر-توسعه.
  • “مجالس الصحوات في العراق”، Islam Online، 11/4/2009، متاح على:http://main.islammessage.com/newspage.aspx?id=1801.
  • “واشنطن ترفض بقوة الاستفتاء على استقلال كردستان”، Swiss info، 21 سبتمبر 2017، متاح على:https://www.swissinfo.ch/ara/واشنطن–ترفض-بقوة–الاستفتاء-على-استقلال-كردستان/43536020.
  • إحصاءات منظمة Iraq body count، 20/3/2011، متاح على: https://www.iraqbodycount.org/database/.
  • أحمد إبراهيم محمود، الحرب الأهلية في أفريقيا، (القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، 2001).
  • أحمد جلال عز الدين، “الإرهاب الدولي وإنعكاساته على الأمن القومي المصري”، رسالة دكتوراه، (القاهرة: أكاديمية ناصر العسكرية العليا، كلية الدفاع الوطني، 1984).
  • أحمد دياب، “المواقف العربية والإقليمية من أزمة العراق بعد صعود داعش”، شؤون عربية، العدد 159، خريف 2014، ص 51.
  • أحمد دياب، “مجالس الصحوة والأمن في العراق”، ملف الأهرام الإستراتيجي، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، العدد 158، فبراير 2008.
  • أحمد عاطف طه، “مشروع تقسيم العراق … الدلالات والتداعيات المحتملة”، مجلة شؤون خليجية، العدد 52، شتاء 2007.
  • أحمد عاطف، “بعد عام من توليها السلطة: حكومة المالكي إلى أين”، شؤون خليجية، العدد 50، 2007.
  • أحمد عبد الرحمن مصطفى، داعش من الزانزانة إلى الخلافة، ط1، 2015، ص 9.
  • أسامة محمد صالح، “إقتسام السلطة التوافقي والعنف السياسي في إيرلندا الشمالية”، رسالة ماجستير، (القاهرة: كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، 2006).
  • إلهام حميد سمين، “أثر تكوين الصحوات على الإستقرار في العراق”، رسالة ماجستير، معهد البحوث والدراسات العربية، جامعة الدول العربية، 2010.
  • أنتوني كوردسمان وآخرون، العراق تحت الإحتلال تدمير الدولة وتكريس الفوضى، (بيروت: سلسلة كتب المستقبل العربي، 2008).
  • بارينجتون مور، الأصول الاجتماعية للدكتاتورية والديمقراطية، ترجمة: أحمد محمود، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1973).
  • باسيل يوسف بجك وأخرون، إستراتجية التدمير وآليات الإحتلال الأمريكي ونتائجه (الطائفية، الهوية الوطنية، السياسات الإقتصادية)، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2006).
  • تقرير حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق من (1 يوليو – 31 ديسمبر 2007).
  • تقرير حقوق الإنسان لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق من (1 يناير – 28 فبراير 2006).
  • جوناثان ستيل، “العراق: طريق الخروج”، المستقبل العربي، العدد 336، 2008.
  • جيمس غلانز، “أعداد الضحايا في العراق”، المستقبل العربي، العدد 370، 2009.
  • حارث حسن، “الأزمة الطائفية في العراق: إرث من الإقصاء”، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 2014، متاح على:http://carnegieendowment.org/files/iraq_sectarian_crisis_Hassan_ARA_11.pdf.
  • حسن نافعة ونادية محمود مصطفى (محرران)، العدوان على العراق: خريطة أزمة .. ومستفبل أمة، نيفين عبد المنعم مسعد، “أثر المتغيرات الداخلية على سيناريوهات المستقبل العراقي”، (جامعة القاهرة: مركز البحوث والدراسات السياسية، 2003).
  • حسنين توفيق ابراهيم، ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية، مركز دراسات الوحدة العربية: سلسلة اطروحات الدكتوراه، الطبعة الثانية، (بيروت: أبريل ١٩٩٩)، متاح على: http://elibrary.mediu.edu.my/books/MEDIU2491.pdf.
  • خضر عباس علوان، “مستقبل ظاهرة العنف السياسي في العراق”، المستقبل العربي، العدد 330، 2006.
  • دﺳﺘﻮﺭ اﻟﻌﺮاﻕ اﻟﺼﺎدﺭ ﻋﺎﻡ 2005، متاح على: https://www.constituteproject.org/constitution/Iraq_2005.pdf?lang=ar.
  • رجائي فايد، “كردستان العراق: أكثر من فيدرالية وأقل من استقلال”، كراسات استراتيجية، العدد 156، 2005
  • رجائي فايد، أكراد العراق: الطموح بين الممكن والمستحيل، (القاهرة: دار الحرية، 2005).
  • ريمون قلتة، “الطائفية في لبنان والعراق”، مجلة شؤون خليجية، العدد 47، 2006.
  • ريناد منصور، “المأزق السنى فى العراق”، مركز كارنيغى للشرق الأوسط، 3 مارس 2016، متاح على: http://carnegie-mec.org/2016/03/03/ar-pub-62945.
  • سليمان الجميلي، “تحديات المشروع السني في العراق”، السياسة الدولية، العدد 162، أكتوبر 2005.
  • سماء سليمان، “الطائفية: المفهوم وإشكالاته ومخاطره”، مجلة شؤون خليجية، العدد 47، 2006.
  • سهام فوزي حسين، “التنوع الإثني والمذهبي والأمن القومي: دراسة حالة العراق بعد أبريل 2003″، رسالة ماجستير، (جامعة القاهرة: كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، 2008).
  • سيد أبو زيد عمر، “رد فعل سني على المد الشيعي في المنطقة بدعم من إيران”، شؤون عربية، العدد 159، خريف 2014، ص 44.
  • سيد أبو زيد عمر، “هل أثرت الثورات العربية على الأحداث في العراق؟”، شؤون عربية، العدد 157، ربيع 2014، ص 45.
  • صالح يحيي الشاعري، تسوية النزاعات الدولية سلميا، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 2006).
  • طالب حسين حافظ، “العنف السياسي في العراق”، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، جامعة بغداد، العدد 41، 2014.
  • عبد الباسط سيد، “استفتاء إقليم كردستان: حلم وتحديات”، الحياة، 2017، متاح على:http://www.alhayat.com/m/opinion/23272569#sthash.vffu0PwH.L1ZZgCh7.dpbs.
  • عبد الحسين شعبان، “الشيعة والنظام السياسي المعاصر في العراق”، مجلة الدراسات الإستراتيجية، المجلد الثالث، العدد 8، خريف 2007.
  • عبد الحسين شعبان، العراق: الدستور والدولة من الإحتلال إلى الإحتلال، (القاهرة: مركز المحروسة، 2004).
  • عبد الحليم المحجوب، “العراق عندما يتحول الأمن إلى لعبة في أيدي السياسيين”، الأهرام الاقتصادي، العدد 1124، 21/9/2009.
  • عبد الناصر حرير، الإرهاب السياسي: دراسة تحليلية، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1996).
  • عبد الوهاب حميد رشيد، التحول الديمقراطي في العراق: المواريث التاريخية والأسس الثقافية والمحددات الخارجية، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، يوليو 2006).
  • عبدالمنعم المشاط، نحو صياغة للأمن القومي العربي، المستقبل العربي، بيروت، العدد 45، 1983.
  • عبدالوهاب الطيب بشير، الأقليات العرقية والدينية ودورها في التعايش القومي في إثيوبيا: من الإمبراطورية للفيدرالية، (الخرطوم: جامعة إفريقيا العالمية، 2009).
  • علي بكر، “العنف في العراق .. وصعود النمط الداعشي”، مجلة السياسة الدولية، العدد 198، 2014.
  • علي حسن الربيعي، تحديات بناء الدولة العراقية”، في الإحتلال الأمريكي للعراق: المشهد الأخير، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2007، سلسلة كتب المستقبل العربي “56”).
  • عمر ستار، “نفط كركوك يعود ليتصدر الصراع”، Al Monitor، مارس 2017، متاح على: https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2017/03/kirkuk-patriotic-union-of-kurdistan-erbil-sulaimaniya.html#ixzz4wH49BzpZ.
  • عمر عبد الستار، “ما سر الخلاف بين بغداد وأربيل؟”، RT، أغسطس 2016، متاح على: http://bit.ly/2mmZjoK.
  • عمر كمال وأخرون، “مساجد في وجه النار”، مركز الرشيد للدراسات والبحوث، بغداد، 2006.
  • فرهاد إبراهيم، الطائفية السياسية في العالم العربي: نموذج الشيعة في العراق، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1996).
  • قطحان حسين، “العنف السياسي: دراسة في مضمونه وأشكاله وأسبابه”، مجلة العلوم الإنسانية، العراق، 2014.
  • كريمان طه معوض، “التعددية العرقية والاستقرار السياسى فى الهند منذ الاستقلال”، رسالة ماجستير، (القاهرة: كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، 2014).
  • مبارك مبارك أحمد، “الطابع الطائفي للصراع السياسي في العراق”، مجلة شؤون خليجية، العدد 53، ربيع 2008.
  • محمد عبده، “تفجيرات سامراء وأمن الخليج”، مجلة شؤون خليجية، العدد 45، 2006.
  • محمد قدري سعيد، “الإنسحاب الأمريكي من العراق والإحتمالات والبدائل”، أوراق الشرق الأوسط، العدد 39، يناير 2008.
  • محمد كمال المنوفي، نظرية النظم السياسية المقارنة، (الكويت: وكالة المطبوعات، 1985).
  • محمود أبو العينين، إدارة وحل الصراعات العرقية في أفريقيا، (ليبيا: الدار الجامعية للنشر والتوزيع والطباعة، 2008).
  • محمود أبو بكر، “الحشد الشعبي في العراق: من فصائل غير نظامية إلى تشكيل قتالي رسمي”، BBC عربي، 23 فبراير 2017، متاح على:http://www.bbc.com/arabic/middleeast-38383048.
  • مختار لاماني، “الأقليات في العراق الضحية الأخرى”، المستقبل العربي، العدد 369، 2009.
  • مروة حامد البدري، “الأكراد والشيعة بين الإنفصال والحكم الذاتي”، مجلة السياسة الدولية، العدد 136، أبريل 1999.
  • مصطفى حبيب، “الفصائل الشيعية أقوى من الجيش العراقى ؟”، نقاش، 29\1\2015، متاح على:http://www.niqash.org/ar/articles/security/3614/.
  • مقابلة مع مسئول عراقي رفض ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، القاهرة، 14/4/2018.
  • نور الدين العويديدي، “3 إحصاءات: السنة أكثر من الشيعة بالعراق”، Islam Online، 28/1/2004، متاح على:http://www.islamonline.net/Arabic/news/2004-01/28/article12.shtml.
  • نيفين عبد المنعم مسعد، “النزاعات الدينية والمذهبية والعرقية (الإثنية) في الوطن العربي”، مجلة المستقبل العربي، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية)، السنة 32، العدد 364، يونيو 2009.
  • نيفين مسعد (محرر)، معجم المصطلحات السياسية، (القاهرة: كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، 1994).
  • هشام الهاشمى، عالم داعش من النشأة إلى إعلان الخلافة، ط 1، (بغداد: دار بابل، 2015 )، ص 133.
  • هشام بشير، “العراق.. تصاعد الأزمة بين الحكومة والإقليم”، مجلة الديمقراطية، العدد 49، 2013، ص 165.
  • ياسر خضير البياتي، “تفكيك المشهد العراقي: مفخخات الطائفية السياسية والإعلامية”، المستقبل العربي، العدد 345، 2007.
  • ياسر خضير البياتي، “تفكيك المشهد العراقي: مفخخات الطائفية والسياسية والإعلامية”، مجلة المستقبل العربي، العدد 345، نوفمبر 2007.

ثانيا: المراجع باللغة الإنجليزية:

  • “Iraq Survey: Lack of Government Responsiveness Impacts Public Mood”, NDI, 23 November 2015, available on: https://www.ndi.org/Iraq_Survey_August_to_September_2015.
  • “Kurds in Iraq: The Struggle between Baghdad and ErbilI”, Volume XVI, No. 1, Available at:http://mepc.org/journal/kurds-iraq-struggle-between-baghdad-and-erbili.
  • Adeed Dawisha, “Identity & Political survival in Saddam’s Iraq”, Middle East Journal, Vol. 53, no. 4, Autumn 1999.
  • Adeed Dawisha, “The unraveling of Iraq: ethno sectarian preferences & state performance in historical perspective”, Middle East Journal, Vol. 62, no. 2, spring 2008.
  • Ahmed S. Hashim, Insurgency and Counter Insurgency in Iraq, (London: Cornell University Press, 2006).
  • Allan Bäck, “Thinking Clearly about Violence”, Spring, Vol. 117, available on: http://justviolence-102.weebly.com/uploads/2/7/2/7/27278649/thinking_clearly_about_violence.pdf.
  • Antonia Juhasz, The Tyranny of Oil: The World’s Most Powerful Industry – What We Must Do to Stop It, (New York: Harper Collins Publishers, 2008).
  • Antulio J. Echevarria II, “Fourth-Generation War and Other Myths”, United States Government، November 2005, available on: http://ssi.armywarcollege.edu/pdffiles/pub632.pdf.
  • Breanna C. Strand, “Explaining Sectarian Violence in the Middle East: A Comparative Study of Bahrain and Yemen”, Thesis, Naval Postgraduate School, California, June 2016.
  • Carl Conetta, “Masque of democracy: Iraqi electoral system still disfavours Sunni Arabs, Favours Kurds”, Project on defence alternatives Briefing memo, no. 35, December 2005.
  • Charles Nicas, Condoleezza Rice and Amy Zegart, “Engyn in Iraq: Choosing between Baghdad and Erbil”, Stanford Business, 2012, available on: https://www.gsb.stanford.edu/faculty-research/case-studies/engyn-iraq-choosing-between-baghdad-erbil.
  • Christopher Paul and others, “Lebanese Civil War 1975–1990 Case Outcome: COIN Loss (Mixed, Favoring Insurgents)”, in: Paths to Victory: Detailed Insurgency Case Studies, (RAND Corporation, 2013), available on: http://www.jstor.org/stable/10.7249/j.ctt5hhsjk.45.
  • Chung-Siahn, “Social Development and Political Violence”, Seoul National University, 1981.
  • David S. McDonough, “Beyond Primacy: Hegemony and Security Addiction in US Grand Strategy”,Orbis, Vol. 53, Issue 1, 2009.
  • Dorte Andersen and others, “Challenges to Civil War Research”, 2009، available on:http://www.ssoar.info/ssoar/handle/document/19194.
  • Dowse Robert and Hughes John, Political Sociology, (London: John Wiley and Sons, 1972).
  • Glenn Kesler, “The pre-war intelligence on Iraq: Wrong or hyped by the Bush White House?”, The Washington Post, 13/12/2016, available on: https://www.washingtonpost.com/news/fact-checker/wp/2016/12/13/the-pre-war-intelligence-on-iraq-wrong-or-hyped-by-the-bush-white-house/?noredirect=on&utm_term=.540636bc2007.
  • Grant Wardlaw, Political Terrorism: Theory, Tactics and Counter Measures, (London: Cambridge University press, 1982).
  • International crises group, “The Next Iraqi war? Sectarianism & civil conflict”, Middle East Report, no. 2, February 2006.
  • James D. Fearon and David D. Laitin, “Ethnicity, Insurgency, and Civil War”, The American Political Science Review, Vol. 97, No. 1, February 2003.
  • Joseph Rudolph, Politics and ethnicity: a comparative study, (New York: Palgrave Macmillan, 2003).
  • Kara Leigh Kingma, “Democratic Transitions in Divided States: The Case of Iraq”, Electronic Theses and dissertations, University of Denver, 2012.
  • Kenneth F. Johnson, “Causal factors in Latin American Political instability”, in Harry G. Kebschull,Politics in transitional societies, (U.S.A: Meredith corporation, 1973).
  • Naomi Klein, The Shock Doctrine: The Rise of Disaster Capitalism, (New York: Metropolitan Books, 2007).
  • Oren Barak, “Dilemmas of security in Iraq”, Security Dialogue, Vol. 38, no. 4, December 2007.
  • Paul Wilkinson, Terrorism and the Liberal states, (London: The Macmillan Press, 1977).
  • Peter L. Berger, “Sectarianism and religious association”, The American Journal of Sociology, Vol. 64, no. 1, 1958.
  • Peter Slugett & Marion Slugett, “Some reflections on the Sunni/ Shi’I Question in Iraq”, British Society for Middle Eastern Studies, Vol. 5, no. 2, 1978.
  • Peter W. Galbraith, “After Iraq: picking up the pieces”, Current History, Vol. 106, no. 704, December 2007.
  • Robert G. Rabil, “Operation: termination of traitors: the Iraqi regime through its documents”, Middle East Review of International Affairs, Vol. 6, no. 3, September 2002.
  • Roger O’Toole, “Underground traditions in the study of sectarianism: non-religious uses of the concept sect”, Journal of the scientific study of religion, Vol. 15, no. 2, 1976.
  • Satyanarayan Pattanayak, “Regime change in Iraq & challenges of political reconstruction”, Strategic Analysis, Vol. 29, no. 4, October – December 2005.
  • Stephen J. Harris, Race and ethnicity in Anglo-Saxon literature, (New York: Routledge, 2003).
  • Stephen Zunes, “The U.S. role in Iraq Sectarian violence”, (Silver city, NM & Washington DC: Foreign Policy in Focus), March 2006, available on: http://fpif.org/fpiftxt/3139.
  • Steve Simon, “The price of the surge: how U.S. strategy is hastening Iraq’s demise”, Foreign Affairs, Vol. 87, no. 3, May/ June 2008.
  • Talal Nizameddin, “Russia and Syria: The Reasons behind Putin’s Support for Bashar Al-Assad’s Regime”, American University of Beirut, No. 12, July 2012.
  • Thomas F. O’Dea, “Mormonism and the avoidance of sectarian stagnation: a study of church, sect and incipient nationality”, The American Journal of Sociology, Vol. 60, no. 3, 1954.
  • William Engdahl, A Century of War: Anglo-American Oil Politics and the New World Order, (London: Pluto Press, 2004).

([1]) حارث حسن، “الأزمة الطائفية في العراق: إرث من الإقصاء”، مركز كارنيغي للشرق الأوسط، 2014، متاح على:http://carnegieendowment.org/files/iraq_sectarian_crisis_Hassan_ARA_11.pdf.

([2]) محمد كمال المنوفي، نظرية النظم السياسية المقارنة، (الكويت: وكالة المطبوعات، 1985)، ص ص 29-37.

([3]) ”رؤية نظرية حول العنف السياسي”، مجلة الباحث، العدد 1، سنة 2002، متاح على: https://dspace.univ-ouargla.dz/jspui/bitstream/123456789/5541/1/R0111.pdf.

([4]) Antulio J. Echevarria II, “Fourth-Generation War and Other Myths”, United States Government, November 2005, available on: http://ssi.armywarcollege.edu/pdffiles/pub632.pdf.

([5]) Talal Nizameddin, “Russia and Syria: The Reasons behind Putin’s Support for Bashar Al-Assad’s Regime”, American University of Beirut, No. 12, July 2012.

([6]) Dorte Andersen and others, “Challenges to Civil War Research”, 2009, available on: http://www.ssoar.info/ssoar/handle/document/19194.

([7]) James D. Fearon and David D. Laitin, “Ethnicity, Insurgency, and Civil War”, The American Political Science Review, Vol. 97, No. 1, February 2003, pp. 75-90.

([8]) Breanna C. Strand, “Explaining Sectarian Violence in the Middle East: A Comparative Study of Bahrain and Yemen”, Thesis, Naval Postgraduate School, California, June 2016.

([9]) كريمان طه معوض، “التعددية العرقية والاستقرار السياسى فى الهند منذ الاستقلال”، رسالة ماجستير، (القاهرة: كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، 2014).

([10]) عبدالوهاب الطيب بشير، الأقليات العرقية والدينية ودورها في التعايش القومي في إثيوبيا: من الإمبراطورية للفيدرالية، (الخرطوم: جامعة إفريقيا العالمية، 2009).

([11]) محمود أبو العينين، إدارة وحل الصراعات العرقية في أفريقيا، (ليبيا: الدار الجامعية للنشر والتوزيع والطباعة، 2008).

([12]) Christopher Paul and others, “Lebanese Civil War 1975–1990 Case Outcome: COIN Loss (Mixed, Favoring Insurgents)”, in: Paths to Victory: Detailed Insurgency Case Studies, (RAND Corporation, 2013), available on: http://www.jstor.org/stable/10.7249/j.ctt5hhsjk.45.

([13]) سهام فوزي حسين، “التنوع الإثني والمذهبي والأمن القومي: دراسة حالة العراق بعد أبريل 2003″، رسالة ماجستير، (جامعة القاهرة: كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، 2008).

([14]) Ahmed S. Hashim, Insurgency and Counter Insurgency in Iraq, (London: Cornell University Press, 2006).

([15]) باسيل يوسف بجك وأخرون، إستراتجية التدمير وآليات الإحتلال الأمريكي ونتائجه (الطائفية، الهوية الوطنية، السياسات الإقتصادية)، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2006).

([16]) Kara Leigh Kingma, “Democratic Transitions in Divided States: The Case of Iraq”, Electronic Theses and dissertations, University of Denver, 2012.

([17]) علي بكر، “العنف في العراق .. وصعود النمط الداعشي”، مجلة السياسة الدولية، العدد 198، 2014، ص ص 90-95.

([18]) حسنين توفيق ابراهيم، ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية، مركز دراسات الوحدة العربية: سلسلة اطروحات الدكتوراة، الطبعة الثانية، (بيروت: أبريل ١٩٩٩)، متاح على: http://elibrary.mediu.edu.my/books/MEDIU2491.pdf.

([19]) المرجع السابق.

([20]) Paul Wilkinson, Terrorism and the Liberal states, (London: The Macmillan Press, 1977), p.23.

([21]) Allan Bäck, “Thinking Clearly about Violence”, Spring, Vol. 117, available on: http://justviolence-102.weebly.com/uploads/2/7/2/7/27278649/thinking_clearly_about_violence.pdf, p. 220.

([22]) Chung-Siahn, “Social Development and Political Violence”, Seoul National University, 1981, p. 12.

([23]) طالب حسين حافظ، “العنف السياسي في العراق”، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، جامعة بغداد، العدد 41، 2014، ص 96.

([24]) سماء سليمان، “الطائفية: المفهوم وإشكالاته ومخاطره”، مجلة شؤون خليجية، العدد 47، 2006، ص ص 63-67.

([25]) نيفين مسعد (محرر)، معجم المصطلحات السياسية، (القاهرة: كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، 1994)، ص214.

([26]) فرهاد إبراهيم، الطائفية السياسية في العالم العربي: نموذج الشيعة في العراق، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1996)، ص 24.

([27]) سماء سليمان، مرجع سبق ذكره، ص 63.

([28]) فرهاد إبراهيم، مرجع سبق ذكره، ص 24.

([29]) Peter L. Berger, “Sectarianism and religious association”, The American Journal of Sociology, Vol. 64, no. 1, 1958, p. 44.

([30]) Thomas F. O’Dea, “Mormonism and the avoidance of sectarian stagnation: a study of church, sect and incipient nationality”, The American Journal of Sociology, Vol. 60, no. 3, 1954, p. 286.

([31]) Roger O’Toole, “Underground traditions in the study of sectarianism: non-religious uses of the concept sect”, Journal of the scientific study of religion, Vol. 15, no. 2, 1976, pp. 146-151.

([32]) فرهاد إبراهيم، مرجع سبق ذكره، ص 18.

([33]) Joseph Rudolph, Politics and ethnicity: a comparative study, (New York: Palgrave Macmillan, 2003), pp. 1-2.

([34]) Stephen J. Harris, Race and ethnicity in Anglo-Saxon literature, (New York: Routledge, 2003), p.4.

([35]) Kenneth F. Johnson, “Causal factors in Latin American Political instability”, in Harry G. Kebschull,Politics in transitional societies, (U.S.A: Meredith corporation, 1973), p. 312.

([36]) عبدالمنعم المشاط، نحو صياغة للأمن القومي العربي، المستقبل العربي، بيروت، العدد 45، 1983، ص 12.

([37]) حمدان نايف مسعود الصرفي، “مصادر عدم الإستقرار السياسي في الجمهورية اليمنية (1990 – 2012)”، رسالة ماجستير، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2015، ص 30 – 35.

([38]) حسنين توفيق، مرجع سبق ذكره، ص 55.

([39]) كمال المنوفي، مرجع سبق ذكره، ص 141.

([40]) بارينجتون مور، الأصول الاجتماعية للدكتاتورية والديمقراطية، ترجمة: أحمد محمود، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1973)، ص 143.

([41]) حسنين توفيق، مرجع سبق ذكره، ص 56.

([42])”رؤية نظرية حول العنف السياسي”، مرجع سبق ذكره.

([43]) Antulio J. Echevarria II, Op. Cit.

([44]) Ibid.

([45]) قطحان حسين، “العنف السياسي: دراسة في مضمونه وأشكاله وأسبابه”، مجلة العلوم الإنسانية، العراق، 2014، ص ص345-352.

([46]) Dowse Robert and Hughes John, Political Sociology, (London: John Wiley and Sons, 1972), p. 442.

([47]) Id.

([48]) عبدالمنعم المشاط، مرجع سبق ذكره.

([49]) عبد الناصر حرير، الإرهاب السياسي: دراسة تحليلية، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1996)، ص59.

([50]) أحمد إبراهيم محمود، الحرب الأهلية في أفريقيا، (القاهرة: مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، 2001)، ص 25.

([51]) سهام فوزي حسين، مرجع سبق ذكره، ص 47.

([52]) نيفين مسعد، مرجع سابق، ص196.

([53]) سهام فوزي حسين، مرجع سبق ذكره، ص 47 وما بعدها.

([54]) أحمد جلال عز الدين، “الإرهاب الدولي وإنعكاساته على الأمن القومي المصري”، رسالة دكتوراه، (القاهرة: أكاديمية ناصر العسكرية العليا، كلية الدفاع الوطني، 1984)، ص ص 46-57.

([55]) Grant Wardlaw, Political Terrorism: Theory: Tactics and Counter Measures, (London: Cambridge University press, 1982), p. 16.

([56]) عبد الناصر حريز، مرجع سبق ذكره، ص 184.

([57]) المرجع السابق، ص 185.

([58]) أسامة محمد صالح، “إقتسام السلطة التوافقي والعنف السياسي في إيرلندا الشمالية”، رسالة ماجستير، (القاهرة: كلية الإقتصاد والعلوم السياسية، 2006)، ص 69.

([59]) عبد الناصر حريز، مرجع سبق ذكره، ص ص 66 – 69.

([60]) نيفين عبد المنعم مسعد، “النزاعات الدينية والمذهبية والعرقية (الإثنية) في الوطن العربي”، مجلة المستقبل العربي، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية)، السنة 32، العدد 364، يونيو 2009، ص 66.

([61]) علي حسن الربيعي، تحديات بناء الدولة العراقية”، في الإحتلال الأمريكي للعراق: المشهد الأخير، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2007، سلسلة كتب المستقبل العربي “56”)، ص 87.

([62]) حسن نافعة ونادية محمود مصطفى (محرران)، العدوان على العراق: خريطة أزمة .. ومستفبل أمة، نيفين عبد المنعم مسعد، “أثر المتغيرات الداخلية على سيناريوهات المستقبل العراقي”، (جامعة القاهرة: مركز البحوث والدراسات السياسية، 2003)، ص 199.

([63]) عبد الوهاب حميد رشيد، التحول الديمقراطي في العراق: المواريث التاريخية والأسس الثقافية والمحددات الخارجية، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، يوليو 2006)، ص 151.

([64]) Steve Simon, “The price of the surge: how U.S. strategy is hastening Iraq’s demise”, Foreign Affairs, Vol. 87, no. 3, May/ June 2008, p. 66.

([65]) Peter Slugett & Marion Slugett, “Some reflections on the Sunni/Shi’i Question in Iraq”, British Society for Middle Eastern Studies, Vol. 5, no. 2, 1978, p. 85.

([66]) عبد الحسين شعبان، “الشيعة والنظام السياسي المعاصر في العراق”، مجلة الدراسات الإستراتيجية، المجلد الثالث، العدد 8، خريف 2007، ص 77.

([67]) Adeed Dawisha, “Identity & Political survival in Saddam’s Iraq”, Middle East Journal, Vol. 53, no. 4, Autumn 1999, p. 558.

([68]) International crises group, “The Next Iraqi war? Sectarianism & civil conflict”, Middle East Report, no. 2, February 2006, p. 7.

([69]) مروة حامد البدري، “الأكراد والشيعة بين الإنفصال والحكم الذاتي”، مجلة السياسة الدولية، العدد 136، أبريل 1999، ص 101.

([70]) Robert G. Rabil, “Operation: termination of traitors: the Iraqi regime through its documents”, Middle East Review of International Affairs, Vol. 6, no. 3, September 2002, p.p. 16 – 18.

([71]) رجائي فايد، أكراد العراق: الطموح بين الممكن والمستحيل، (القاهرة: دار الحرية، 2005)، ص ص 215 – 252.

([72]) رجائي فايد، “كردستان العراق: أكثر من فيدرالية وأقل من استقلال”، كراسات استراتيجية، العدد 156، 2005، ص 20.

([73]) ” تسلسل زمني لأهم الأحداث في العراق”، BBC عربي، 28/4/2014، متاح على:http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2014/04/140424_iraq_timeline.

([74]) محمد عبده، “تفجيرات سامراء وأمن الخليج”، مجلة شؤون خليجية، العدد 45، 2006، ص 125.

([75]) خضر عباس علوان، “مستقبل ظاهرة العنف السياسي في العراق”، المستقبل العربي، العدد 330، 2006، ص 32.

([76]) جيمس غلانز، “أعداد الضحايا في العراق”، المستقبل العربي، العدد 370، 2009، ص 157.

([77]) أحمد عاطف، “بعد عام من توليها السلطة: حكومة المالكي إلى أين”، شؤون خليجية، العدد 50، 2007، ص 124.

([78]) تقرير حقوق الإنسان لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق من (1 يناير – 28 فبراير 2006)، ص 7.

([79]) إحصاءات منظمة Iraq body count، 20/3/2011، متاح على: https://www.iraqbodycount.org/database/.

([80]) أنتوني كوردسمان وآخرون، العراق تحت الإحتلال تدمير الدولة وتكريس الفوضى، (بيروت: سلسلة كتب المستقبل العربي، 2008)، ص 112.

([81]) ريمون قلتة، “الطائفية في لبنان والعراق”، مجلة شؤون خليجية، العدد 47، 2006، ص 75.

([82]) تقرير حقوق الإنسان بلعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق من (1 يناير – 28 فبراير 2006)، مرجع سبق ذكره، ص 7.

([83]) مختار لاماني، “الأقليات في العراق الضحية الأخرى”، المستقبل العربي، العدد 369، 2009، ص 163 وما بعدها.

([84]) تقرير حقوق الإنسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق من (1 يوليو – 31 ديسمبر 2007)، ص 23.

([85]) ريمون قلتة، مرجع سبق ذكره، ص 74.

([86]) عمر كمال وأخرون، “مساجد في وجه النار”، مركز الرشيد للدراسات والبحوث، بغداد، 2006، ص 238.

([87]) المرجع السابق.

([88]) Adeed Dawish, “The unraveling of Iraq: ethno sectarian preferences & state performance in historical perspective”, Middle East Journal, Vol. 62, no. 2, spring 2008, pp. 222 – 224.

([89]) Oren Barak, “Dilemmas of security in Iraq”, Security Dialogue, Vol. 38, no. 4, December 2007, p. 461.

([90]) Adeed Dawish, Op. Cit., p. 222.

([91]) Satyanarayan Pattanayak, “Regime change in Iraq & challenges of political reconstruction”, Strategic Analysis, Vol. 29, no. 4, October – December 2005, pp. 637 – 638.

([92]) International Crises Group, Op. Cit., p. 12.

([93]) Carl Conetta, “Masque of democracy: Iraqi electoral system still disfavours Sunni Arab, Favours Kurds”, Project on defence alternatives Briefing memo, no. 35, December 2005, p. 3.

([94]) International Crises Group, Op. Cit., pp 14-16.

([95]) Stephen Zunes, “The U.S. role in Iraq Sectarian violence”, (Silver city, NM & Washington DC: Foreign Policy in Focus), March 2006, available on: http://fpif.org/fpiftxt/3139.

([96]) Peter W. Galbraith, “After Iraq: picking up the pieces”, Current History, Vol. 106, no. 704, December 2007, p. 404.

([97]) مبارك مبارك أحمد، “الطابع الطائفي للصراع السياسي في العراق”، مجلة شؤون خليجية، العدد 53، ربيع 2008، ص 77.

([98]) نور الدين العويديدي، “3 إحصاءات: السنة أكثر من الشيعة بالعراق”، Islam Online، 28/1/2004، متاح على:http://www.islamonline.net/Arabic/news/2004-01/28/article12.shtml.

([99]) سليمان الجميلي، “تحديات المشروع السني في العراق”، السياسة الدولية، العدد 162، أكتوبر 2005، ص 66.

([100]) عبد الحسين شعبان، العراق: الدستور والدولة من الإحتلال إلى الإحتلال، (القاهرة: مركز المحروسة، 2004)، ص 103.

([101]) ياسر خضير البياتي، “تفكيك المشهد العراقي: مفخخات الطائفية والسياسية والإعلامية”، مجلة المستقبل العربي، العدد 345، نوفمبر 2007، ص ص 53 – 59.

([102]) أحمد عاطف طه، “مشروع تقسيم العراق … الدلالات والتداعيات المحتملة”، مجلة شؤون خليجية، العدد 52، شتاء 2007، ص114.

([103]) جوناثان ستيل، “العراق: طريق الخروج”، المستقبل العربي، العدد 336، 2008، ص 8.

([104]) المرجع السابق، ص 17.

([105]) ياسر خضير البياتي، “تفكيك المشهد العراقي: مفخخات الطائفية السياسية والإعلامية”، المستقبل العربي، العدد 345، 2007، ص 54.

([106]) William Engdahl, A Century of War: Anglo-American Oil Politics and the New World Order, (London: Pluto Press, 2004), p. 248.

([107]) Antonia Juhasz, The Tyranny of Oil: The World’s Most Powerful Industry – What We Must Do to Stop It, (New York: Harper Collins Publishers, 2008), p. 340.

([108]) Naomi Klein, The Shock Doctrine: The Rise of Disaster Capitalism, (New York: Metropolitan Books, 2007), p. 12.

([109]) David S. McDonough, “Beyond Primacy: Hegemony and Security Addiction in US Grand Strategy”,Orbis, Vol. 53, Issue 1, 2009, p. 14.

([110]) Naomi Klein, Op. Cit., p. 12.

([111]) Glenn Kesler, “The pre-war intelligence on Iraq: Wrong or hyped by the Bush White House?”, The Washington Post, 13/12/2016, available on: https://www.washingtonpost.com/news/fact-checker/wp/2016/12/13/the-pre-war-intelligence-on-iraq-wrong-or-hyped-by-the-bush-white-house/?noredirect=on&utm_term=.540636bc2007.

([112]) صالح يحيي الشاعري، تسوية النزاعات الدولية سلميا، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 2006)، ص 434.

([113]) “مجالس الصحوات في العراق”، Islam Online، 11/4/2009، متاح على:http://main.islammessage.com/newspage.aspx?id=1801.

([114]) صالح يحيي الشاعري، مرجع سبق ذكره، ص 434.

([115]) أحمد دياب، “مجالس الصحوة والأمن في العراق”، ملف الأهرام الإستراتيجي، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، العدد 158، فبراير 2008، ص17.

([116]) إلهام حميد سمين، “أثر تكوين الصحوات على الإستقرار في العراق”، رسالة ماجستير، معهد البحوث والدراسات العربية، جامعة الدول العربية، 2010، ص 44.

([117]) محمد قدري سعيد، “الإنسحاب الأمريكي من العراق والإحتمالات والبدائل”، أوراق الشرق الأوسط، العدد 39، يناير 2008، ص ص 4 – 6.

([118]) عبد الحليم المحجوب، “العراق عندما يتحول الأمن إلى لعبة في أيدي السياسيين”، الأهرام الاقتصادي، العدد 1124، 21/9/2009.

([119]) إلهام حميد سمين، مرجع سبق ذكره، ص ص 53 – 55.

([120]) “تسلسل زمني لأهم الأحداث في العراق”، مرجع سبق ذكره.

([121]) سيد أبو زيد عمر، “رد فعل سني على المد الشيعي في المنطقة بدعم من إيران”، شؤون عربية، العدد 159، خريف 2014، ص 44.

([122]) أحمد دياب، “المواقف العربية والإقليمية من أزمة العراق بعد صعود داعش”، شؤون عربية، العدد 159، خريف 2014، ص 51.

([123]) سيد أبو زيد عمر، “هل أثرت الثورات العربية على الأحداث في العراق؟”، شؤون عربية، العدد 157، ربيع 2014، ص 45.

([124]) سيد أبو زيد عمر، “رد فعل سني على المد الشيعي في المنطقة بدعم من إيران”، مرجع سبق ذكره، ص 45.

([125]) “عام على اجتياح داعش للعراق: الفساد والطائفية والاستبداد سر توسعه”، عرب 48، 7/6/2015 متاح على:https://www.arab48.com/أخبار-عربية-ودولية/أخبار–الوطن-العربي/2015/06/07/عام-على-اجتياح-داعش-للعراق-الفساد-والطائفية-والاستبداد-سر-توسعه.

([126]) ريناد منصور، “المأزق السنى فى العراق”، مركز كارنيغى للشرق الأوسط، 3 مارس 2016، متاح على:  http://carnegie-mec.org/2016/03/03/ar-pub-62945.

([127]) سيد أبو زيد عمر، “رد فعل سني على المد الشيعي في المنطقة بدعم من إيران”، مرجع سبق ذكره، ص 46.

([128]) “Iraq Survey: Lack of Government Responsiveness Impacts Public Mood”, NDI, 23 November 2015, available on: https://www.ndi.org/Iraq_Survey_August_to_September_2015.

([129]) محمود أبو بكر، “الحشد الشعبي في العراق: من فصائل غير نظامية إلى تشكيل قتالي رسمي”، BBC عربي، 23 فبراير 2017، متاح على: http://www.bbc.com/arabic/middleeast-38383048.

([130]) مقابلة مع مسئول عراقي رفض ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، القاهرة، 14/4/2018.

([131]) أحمد عبدالرحمن مصطفى، داعش من الزانزانة إلى الخلافة، ط1، 2015، ص 9.

([132]) هشام الهاشمى، عالم داعش من النشأة إلى إعلان الخلافة، ط 1، (بغداد: دار بابل، 2015 )، ص 133.

([133]) مصطفى حبيب، “الفصائل الشيعية أقوى من الجيش العراقى ؟”، نقاش، 29\1\2015، متاح على:http://www.niqash.org/ar/articles/security/3614/.

([134]) هشام الهاشمى، مرجع سبق ذكره، ص 140.

([135]) “تقرير حول حماية المدنيين في النزاع المسلح في العراق: 11 أيلول (سبتمبر) – 10 كانون الأول (ديسمبر) 2014″، مكتب حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، ص 19، متاح على:http://www.ohchr.org/Documents/Countries/IQ/UNAMI_OHCHR_POC_Report_11Sep-10Dec2014_AR.pdf.

([136]) المرجع السابق، ص2.

([137]) “العراق : غض الطرف عن تسليح مليشيات الحشد الشيعى”، منظمة العفو الدولية، 2017، ص 3، متاح على:https://www.amnesty.org/download/Documents/MDE1453862017ARABIC.PDF.

([138]) هشام بشير، “العراق.. تصاعد الأزمة بين الحكومة والإقليم”، مجلة الديمقراطية، العدد 49، 2013، ص 165.

([139]) المرجع السابق، ص 165 وما بعدها.

([140]) “بغداد تناور بين الدبلوماسية و«الحرب المفتوحة»: عملية عسكرية لاستعادة نفط كركوك”، الأخبار، العدد 3296، متاح على:http://www.al-akhbar.com/node/284612.

([141]) Charles Nicas, Condoleezza Rice and Amy Zegart, “Engyn in Iraq: Choosing between Baghdad and Erbil”, Stanford Business, 2012, available on: https://www.gsb.stanford.edu/faculty-research/case-studies/engyn-iraq-choosing-between-baghdad-erbil.

([142]) “اتفاق بين بغداد وأربيل على صادرات النفط والميزانية”، BBC عربي، 2014، متاح على:http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2014/12/141202_iraq_kurdistan_deal.

([143]) عمر ستار، “نفط كركوك يعود ليتصدر الصراع”، Al Monitor، مارس 2017، متاح على: https://www.al-monitor.com/pulse/ar/originals/2017/03/kirkuk-patriotic-union-of-kurdistan-erbil-sulaimaniya.html#ixzz4wH49BzpZ.

([144]) دﺳﺘﻮﺭ اﻟﻌﺮاﻕ اﻟﺼﺎدﺭ ﻋﺎﻡ 2005، متاح على: https://www.constituteproject.org/constitution/Iraq_2005.pdf?lang=ar.

([145]) عمر عبد الستار، “ما سر الخلاف بين بغداد وأربيل؟”، RT، أغسطس 2016، متاح على: http://bit.ly/2mmZjoK.

([146]) “البيشمركة: لم نتوصل إلى اتفاق بشأن المعابر الحدودية حتى نتراجع عنه”، BBC عربي، 2017، متاح على:http://www.bbc.com/arabic/middleeast-41840056.

([147]) عبد الباسط سيد، “استفتاء إقليم كردستان: حلم وتحديات”، الحياة، 2017، متاح على:http://www.alhayat.com/m/opinion/23272569#sthash.vffu0PwH.L1ZZgCh7.dpbs.

([148]) “Kurds in Iraq: The Struggle between Baghdad and ErbilI”, Volume XVI, No. 1, Available at:http://mepc.org/journal/kurds-iraq-struggle-between-baghdad-and-erbili.

([149]) “القوات العراقية تسيطر على مناطق شاسعة في كركوك”، سكاي نيوز عربية، أكتوبر 2017، متاح على:https://www.skynewsarabia.com/web/article/988538/محاور-التحرك-العسكري-العراقي-كركوك.

([150]) المرجع السابق.

* نيجرفان برزاني هو: حفيد مؤسس الحزب الديمقراطي الكردستاني “مصطفى البارزاني”، والرئيس الحالي لإقليم كُردستان العراق، وكان أول رئيس وزراء لحكومة كردستان الموحدة عام 2006.

([151]) “بارزاني في خطاب التنحي: لم يقف أحد معنا سوى جبالنا”، العربية، 29/10/2017، متاح على:https://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/iraq/2017/10/29/بارزاني-يلقي-خطاب-التنحي-عن-رئاسة-كردستان.html.

([152]) “واشنطن ترفض بقوة الاستفتاء على استقلال كردستان”، Swiss info، 21 سبتمبر 2017، متاح على:https://www.swissinfo.ch/ara/واشنطن–ترفض-بقوة–الاستفتاء-على-استقلال-كردستان/43536020.

 

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=61716

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M