جون أوثرز
وصفت على نطاق واسع سوق الأسهم الصاعدة التي تعطلت عن العمل لعشر سنوات بعد عام 2009 بأنها أكثر مسيرات السوق البغيضة في التاريخ. فقد فوجئ الكثيرون، وأنا منهم، بما جرى حتى مع تدفق الأموال إلى السندات.
تعاملت أسواق الأسهم خارج الولايات المتحدة تقريبا، كما كان من المفترض أن تفعل بعد انهيار كبير، وقامت بتداولات جانبية في مجموعة واسعة لسنوات عديدة. وفي الولايات المتحدة صعدت الأسهم في الحال، وبعد فوات الأوان قلل الكثير منا من قوة وعزيمة بنك الاحتياطي الفيدرالي.
يبلغ عمر المسيرة الحالية حوالي 10 أسابيع، لكنها ربما كانت الأكثر بغضاً في التاريخ. فقد حدث ذلك مجدداً بطريقة تفوق بكثير التعافي السابق من الصدمات الكبرى، ويحدث ذلك على الرغم من مقاييس التقييم التي تصرخ بأن الأسهم باهظة الثمن وأن عوائد السندات منخفضة لدرجة أنها تشير إلى اقتصاد سيعيش في غيبوبة لسنوات قادمة. فبعد أن فوجئت بمدى هذا الارتفاع الذي لا يمكنني إنكاره، بذلت قصارى جهدي لأكون منفتحاً، وقلت إن هذه المسيرة قد تكون مبررة إذا كان لدينا انتعاش حقيقي على شكل حرف V في الأرباح، ومنحنى عائداً هائلاً يسيطر عليه بنك الاحتياطي الفيدرالي بطريقة لا تضر بالبنوك.
أوضحت أن هذا يمكن تصوره لكنه غير محتمل، وأن جميع المخاطر كانت في اتجاه الهبوط. ووفقاً للتعليقات، يعتقد الجميع أنني كنت متفائلاً إلى حد السذاجة. إذا استمرت الأسهم في الارتفاع، كما فعلت الثلاثاء الماضي، فإن هذا الارتفاع سيكون كئيباً وقاتماً.
لذلك هناك بعض الأسباب الأخرى التي تدعو للخوف من المزيد من المكاسب لسوق الأسهم في المستقبل. إذا كان هناك مقياس حاسم لمعنويات «المخاطرة» في الأسواق العالمية، فهو الدولار. فحتى لو كانت الولايات المتحدة هي نفسها لب المشكلة، فإن الأموال تتدفق هناك إلى ملاذ آمن في أوقات الاضطرابات. والدولار القوي بدوره يجعل الحياة أكثر صعوبة للأسواق الناشئة مع المجازفات المعتمدة على الدولار، مما يضاعف من الضغط الانكماشي في الولايات المتحدة. لذلك من العلامات الإيجابية (أو السلبية لأولئك الذين يكرهون الارتفاع) أن مؤشر بلومبرغ للدولار، الذي يقارن الدولار بالعملات المتقدمة والناشئة، قد وصل إلى المتوسط المتحرك لمائتي يوم.
يعتبر ذلك علامة على أن المسيرة يمكن أن يكون لها أرجل أكثر، ويظهر استمرار تخفيف التوتر، حيث تتعامل الأسواق كما لو كانت في وضع يمكنها من التعافي، ويمكنها من تحقيق ذاتها. يبدو أن البرازيل في وضع مثير للقلق لتصبح المركز العالمي التالي للوباء، لكن الريال البرازيلي قد تعزز أكثر من أي عملة أخرى مقابل الدولار حتى الآن في الأسبوع الجاري.
تعتبر لندن ونيويورك وهونغ كونغ مراكز لأسواق ضخمة والأشخاص الذين يعيشون فيها لديهم أسباب لرؤية العالم بشكل سلبي في الوقت الحاضر. في نيويورك، لم تشهد أحداث الليالي القليلة الماضية أي تخفيف لقواعد المباعدة الاجتماعية خلال الشهرين الماضيين.
قمت بزيارة عيادة طبيب قريب من مكتب بلومبرغ الثلاثاء، واكتشفت أن واجهات المتاجر في الجزء السفلي من المبنى الخاص بنا، وجميع المتاجر التي تواجهه على الجانب الآخر من شارع «ليكسينغتون» قد تحطمت. ومشهد العمال يزيلون جبالاً من الزجاج المكسور من مكان العمل، ورؤية الركام على طول الطريق ليس بالمشهد الإيجابي على الإطلاق ولن يشجع أي شخص في نيويورك على العمل.
لذلك سيكون من المنطقي أن يميل الناس الذين يعيشون في مراكز الأسواق إلى تبني توقعات أكثر قتامة لمستقبل الوباء مقارنة بأولئك الذين يعيشون في الخارج. يفسر ذلك درجة القبلية في السياسة الأميركية، حيث إن التداخل بين المناطق الأكثر تأثراً بفيروس «كورونا» وتلك ذات اللون السياسي الأزرق قريب إلى حد كبير. أنا مثلاً أعرف الكثير من الأشخاص المصابين بفيروس «كورونا» ممن لم يفقدوا وظائفهم (على الرغم من أن عدداً ممن يعملون من منازلهم قد نفد دخلهم). لا شك أن ملايين الأشخاص في الولايات المتحدة على العكس تماماً، فهم لا يعرفون أياً من المرضى، لكنهم يعرفون العديد ممن فقدوا وظائفهم.
هل مقاومة مسيرة السوق تأتي من الناس الذين يعيشون في المراكز المالية الذين يعرضون تجربتهم مع الفيروس في مناطق أخرى؟ تلقيت الاقتراح التالي من بريان ألكسندر بشركة «قبرص لإدارة المال» في فانكوفر بكندا:
أعلم أنك لا يمكنك السفر الآن، لكن بصراحة إذا كنت قادراً على الخروج من مدينة نيويورك، فسترى أن الكثير من العالم يتعامل بشكل جيد وبشكل معقول. هذا ليس للشماتة أو التباهي لأننا ربما كنا محظوظين الآن، لكنني أعتقد أن معظم وسائل الإعلام تركز بشكل قصير النظر على مدينة نيويورك ولندن والتي لا تعكس بقية العالم.
في منطقتي الصغيرة، أرى المدارس مفتوحة، والمطاعم متاحة بسعة محدودة مثل الصالات الرياضية والمتاجر وغيرها. يرتدي الناس أقنعة عندما يكون الإبعاد الجسدي غير ممكن، لكن بخلاف ذلك لن تلاحظ الكثير.
في الأساس، يعتبر أي تجمع داخلي لأكثر من خمسين شخصاً أمراً محظوراً، لكن هذا هو الحال. والبناء لم يتوقف أبداً. صحيح أننا لم نكن متساهلين تماماً مثل السويد، لكننا قريبون جداً منها.
وجهة نظري هي أنه في حين أن فقدان الوظائف حقيقي، فقد يكون ذلك مؤقتاً لأن الأشخاص خارج النقاط الساخنة لفيروس «كورونا» لن يشعروا بالخوف من مغادرة منازلهم لفترات طويلة من الوقت مع انفتاح الاقتصاد. وبالتأكيد لا يبدو سكان فانكوفر مثلاً قلقين للخروج وقضاء الوقت.
يتحكم الأشخاص الذين يعيشون خارج النقاط الساخنة لـ«كورونا» في الكثير من المال. ففي حين أجد نفسى أحسد أي شخص يعيش في فانكوفر في أفضل أوقاتها، فإن الناس في هذه الأماكن قد يقللون من شأن المخاطر القادمة بحسب تجربتهم حتى الآن (تماماً كما قد يبالغ سكان نيويورك ولندن في المبالغة في تقدير ذلك).
وضعت الإنفلونزا الإسبانية عام 1918، والتي جاءت في ثلاث موجات، إطار مناقشة موجة أعمق لتتبعها. فإذا اتبع هذا الوباء نفس النمط، فلن يحدث الانتعاش على شكل حرف V إذا كانت مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين يعيشون في النقاط الساخنة للفيروس يبالغون في احتمالية حدوث ذلك مرة أخرى (ولدينا بشكل فعال حجم عينة واحد للأوبئة ذات النطاق المكافئ في التاريخ الحديث ، لذلك فإن الدليل على الموجة الثانية ليس كبيراً)، فإنه من الممكن بناء مسيرة الأسواق على أسس أقوى مما تبدو.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»
رابط المصدر: