نوران عوضين
تشير العديد من التحليلات إلى وجود ارتباط بين سوريا والتصعيد العسكري الحالي في أوكرانيا، وذلك تخوفًا من حضور روسي دائم مشابه لحضورها الراهن في سوريا. لكن لا يكمن الربط بين الأزمتين عند هذا الأمر، وإنما يرجع الترابط بين الأزمتين إلى كون الأراضي السورية مركز التقاء للوجود الروسي الأمريكي بشكل مباشر، فضلًا عن كونها أرض اختبار لمدى تأثير الأزمة الأوكرانية على تفاعلات روسيا مع بعض الفواعل الإقليميين كتركيا وإيران وإسرائيل. وعليه، يصبح من المهم دراسة مدى تأثير الأزمة الأوكرانية على تحركات الفاعلين الدوليين داخل الأراضي السورية، وما قد تحمله الأزمة من تأثير مباشر على مستقبل الأزمة.
قبل تحول الأزمة بين روسيا وأوكرانيا إلى شكلها العسكري الراهن، كانت سوريا جزءًا رئيسيًا في معركة استعراض القوة الروسية قبالة الغرب. ففي 15 فبراير 2022، وفي سياق الجدل المثار من قبل الولايات المتحدة بشأن غزو روسي وشيك لأوكرانيا، توجه وزير الدفاع الروسي “سيرجي شويجو” -بشكل مفاجئ وغير مخطط له- إلى سوريا بغرض تفقد المناورات البحرية الروسية في ميناء طرطوس شرق المتوسط. وبحسب وزارة الدفاع الروسية، فإن المناورة التي تزامنت مع مناورات أخرى في البلطيق والبحر الأسود وبيلاروسيا، قد أُجريت على خلفية تواجد مجموعات جوية تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في منطقة البحر المتوسط.
موقع سوريا في ظل التصعيد الروسي الغربي السابق للحرب
قبيل اتخاذ الأزمة للطابع العسكري، شهدت الساحة السورية تحركات عدة ميدانية وسياسية عاكسة للتوترات القائمة ما بين روسيا والغرب، بما في ذلك محاولة كل طرف تثبيت قدر أكبر من نفوذه وسيطرته على مجريات الصراع، الأمر الذي يمكن التدليل عليه عبر الإشارة إلى أكثر من ملمح:
أولًا- مناورات متبادلة: تمثلت أبرز تلك التحركات في اختيار روسيا لقاعدة حميميم لتكون مشاركة في مشهد المناورات الواسعة السابق الإشارة إليها. وتزامنت تلك المناورات أيضّا مع مناورات روسية أخرى أُجريت بالقرب من قواعد التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في سوريا. ففي 20 فبراير 2022، اقتربت الطائرات الروسية من منطقة التنف التي تضم أكبر قواعد التحالف الدولي، وقد تزامنت هذه التحركات أيضًا مع مناورات عسكرية بمشاركة طائرات حربية أجرتها القوات الروسية بالذخيرة الحية وبمشاركة سلاح المدفعية في عدة قرى تقع شمال نهر الفرات في ريف دير الزور، والتي تبعد مسافة عدة كيلومترات عن أكبر القواعد الأمريكية في شرق الفرات وهي “قاعدة العمر”.
وفي منتصف فبراير، أشارت تقارير إلى إجراء طائرة تابعة للبحرية الأمريكية من طراز P-8A Poseidon ثلاث مكالمات وثيقة منفصلة مع طائرات مقاتلة روسية فوق البحر المتوسط على بعد خمسة أقدام من طائرة تابعة للبحرية الأمريكية، وكانت هذه المواجهات هي الأولى من نوعها التي يتم الإبلاغ عنها في المنطقة منذ عامين.
وفي مقابل التحركات العسكرية الروسية، أجرى التحالف الدولي في 18 فبراير، مناورات مشتركة مع “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) في ريف دير الزور الشمالي الشرقي، وبمشاركة عربات مدرعة وعشرات الجنود الأمريكيين الذين يدربون قوات “قسد” على استخدام المدفعية وقذائف الهاون والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات. أعقب ذلك نشر الجيش الأمريكي مزيدًا من مركبات “برادلي M2A3” القتالية في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات “قسد”. كما أجرى التحالف الدولي تدريبات مشابهة بالذخيرة الحية في قاعدة معمل كونيكو للغاز بالتزامن مع تنفيذ الطيران الحربي عدة غارات جوية بالقرب من المدينة الصناعية والطريق الخرافي.
ثانيًا- تراجع التنسيق العسكري الروسي الإسرائيلي: شهدت الفترة السابقة للحرب تراجعاً نسبياً في التنسيق الروسي الإسرائيلي. فعلى الرغم من عدم توقف الضربات الإسرائيلية على سوريا خلال هذه الفترة ولكن كان هناك عدد من المؤشرات التي فُسِّرت على أنها ضغط روسي على إسرائيل بغرض عدم تقديم الأخيرة لأي دعم سياسي عسكري أو تقني لأوكرانيا. تمثل المؤشر الأول لتراجع هذا التنسيق في إعلان وزارة الدفاع الروسية في الرابع والعشرين من يناير عن قيام الطائرات الروسية والسورية بدوريات مشتركة على طول الحدود السورية، وعلى طول مرتفعات الجولان ثم على طول الحدود الجنوبية وعلى طول نهر الفرات والمناطق الشمالية من سوريا. واعتبر الجانب الإسرائيلي هذه التدريبات نشاطًا غير معتاد للجيش الروسي على الحدود الإسرائيلية، لا سيما مع ما أكدته وزارة الدفاع بشأن دورية تلك التدريبات، بما يعني احتمال التأثير على مساحات الحركة الإسرائيلية في سوريا التي تستهدف الأصول الاستراتيجية الإيرانية هناك، والتي اعتادت روسيا -بناء على توافقات مبرمة فيما بينهما- غض الطرف عنها.
ويتمثل الملمح الثاني فيما أشارت إليه تقارير إسرائيلية، يوم 31 يناير 2022، بشأن تسبب النشاط العسكري الروسي في سوريا في تعطيل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في المجال الجوي الإسرائيلي، مما قد يعرّض الرحلات الجوية التي تهبط في مطار “بن غوريون” للخطر، هذا فضلًا عما أشارت إليه هيئة البث الإسرائيلية بشأن تعرض الطيران الإسرائيلي لتشويش عند تنفيذه غارات على دمشق في التاسع من فبراير 2022.
ثالثًا- اجتذاب العامل الكردي: شهدت الفترة السابقة للتصعيد الروسي محاولات روسية وأمريكية لجذب العامل الكردي في صفه، كل بطريقته. ففي السابع عشر من فبراير 2022، تحدث نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، عن ضرورة مشاركة ممثلي الأكراد في عملية “الإصلاح الدستوري” بسوريا، لأن ذلك سيحول دون أي اتهامات بالانفصال. ولاقت هذ الدعوة ترحيبًا من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، مبدية استعدادها التام لأي جهود تضمن تحقيق الحل والتوافق السوري.
وعلى الرغم من وجود تمثيل كردي بالفعل داخل اللجنة الدستورية، حيث تضم اللجنة ممثلين عن المجلس الوطني الكردي، الذي هو على وفاق مع تركيا، لا يوجد أي تمثيل لمجلس سوريا الديمقراطية (المظلة السياسية لقسد) داخل هذه اللجنة، وبالتالي فهم المعنيون بحديث بوغدانوف.
ويمكن تفسير حديث المسئول الروسي من زاويتين؛ أولهما أن التقارب السياسي الروسي مع قسد هو أمر مرفوض من جانب تركيا، وبالتالي قد يأتي هذا الحديث في إطار الضغط الروسي الممارس على الفاعلين المنخرطين في أزمتها مع أوكرانيا بشكل عام، وعلى تركيا عضو حلف الناتو على وجه التحديد.
وتنصرف الزاوية الثانية للتفسير فيما تمنحه روسيا لقوات سوريا الديمقراطية من شرعية ودعم سياسي في مقابل غياب البعد السياسي عن الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لشريكها المحلي في سوريا، حيث اكتفت الولايات المتحدة بتقديم دعم عسكري فقط إلى قوات “قسد” دون أن يصاحب ذلك أي دفع في اتجاه إشراكهم داخل مفاوضات العملية الدستورية. ولكن في مقابل هذا، قدمت الولايات المتحدة مزيدًا من الدعم العسكري لقوات “قسد” عبر نشر مركبات “برادلي” في مناطق سيطرتهم، لا سيما أن هذه المركبات وفقًا لبيان قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب، قد أسهمت في تمكين قوات “قسد” في إفشال محاولة تنظيم داعش لتحرير معتقليه، بما يمنح قسد المزيد من الشعور بالثقة في قتالها الدائر ضد داعش.
ارتدادات الحرب في أوكرانيا على سوريا
منذ اندلاع الحرب حتى اللحظة الراهنة، لا تزال الأوضاع الميدانية كما هي، حيث لم تتعد تحركات جميع الأطراف كونها تحركات اعتيادية، حيث لم تتوقف إسرائيل عن استهداف مواقع ومستودعات أسلحة تابعة للمليشيات الموالية لإيران، ولا تزال تركيا مستمرة في قصف مناطق انتشار القوات الكردية، كما لا تزال إيران تعمل على تعزيز حضورها بالتوازي مع إعادة الانتشار ميدانيًا تجنبًا للاستهداف الإسرائيلي. فيما شهد النشاط العسكري الروسي تراجعًا نسبيًا منذ بدء حربها على أوكرانيا، ولكن ظلت القوات الروسية ملتزمة بتسيير دوريات مشتركة مع الجانب التركي.
وعلى الرغم من ثبات الوضع الميداني، شهدت الفترة اللاحقة للحرب في أوكرانيا تصاعدًا في حجم التصريحات الدبلوماسية والتحركات السياسية التي تربط التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، بتدخله السابق في سوريا، بجانب التشديد على أهمية محاسبة النظام السوري.
وفي الثالث من مارس، نشرت وزارة الداخلية البريطانية، تغريدة عبر حسابها على موقع تويتر قالت فيها: “يتضامن السوريون مع الشعب الأوكراني، بعد أن أرهبهم القصف الروسي قرابة سبع سنوات”.
سبق هذا في الأول من مارس، تأكيد السفارة الأمريكية في دمشق، عبر حسابها على تويتر أيضًا، أن شهر مارس الحالي سيكون “شهر المحاسبة”، والإفلات من العقاب “سينتهي” في سوريا. فعلى الرغم مما كان حاضرًا خلال عام 2021 من انخفاض حاد في وتيرة العقوبات المفروضة، لم يتضح بعد الإجراءات التنفيذية التي سيتم اتخاذها في إطار المحاسبة، بمعنى هل سيتم تشديد العمل بقانون قيصر أم سيتم محاصرة مناطق نفوذ النظام السوري، لا سيما مع ما يتم تداوله عن اقتراب إعلان الإدارة الأمريكية عن إعفاء مناطق شمال شرقي وغربي سوريا (فيما عدا إدلب) من عقوبات قانون قيصر، بما يعني تمكين هذه المناطق من الاستفادة من التعاملات التجارية والمالية مع الكيانات والدول الأجنبية (فيما سيظل قطاع النفط والغاز حتى التابع لتلك المناطق خاضعًا للعقوبات)، على عكس المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، التي سيحمل عمل أي جهة أجنبية بداخلها مخاطرة تخشى تلك الجهات مواجهتها.
وبلا شك فإنه في ظل استمرار التوترات والتصعيد الروسي إزاء الغرب، سيكون هناك صدى على النظام السوري، حيث تشديد العقوبات الأمريكية ومحاولة محاصرته، لا سيما مع ما يبديه النظام من مؤازرة واضحة للتحركات الروسية ابتداء من الاعتراف بجهوريتي دونيتسك ولوغانسك، حتى تأييد التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، والتصويت ضد مشروع قرار للأمم المتحدة يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، والمساعدة في نقل مرتزقة سوريين، لمشاركة القوات الروسية في تدخلها العسكري ضد أوكرانيا.
ويجد النظام السوري في تأييده لحليفه الروسي محاولة للخروج من العزلة الدولية المفروضة عليه من قبل الولايات المتحدة وحلفائها. فبحسب الرئيس السوري “بشار الأسد” “فإن ما يحصل اليوم هو تصحيح للتاريخ وإعادة للتوازن إلى العالم الذي فقده بعد تفكك الاتحاد السوفيتي”، وبالتالي من غير المرجح أي تراجع سوري عن تقديم الدعم المستمر لحليفه الروسي.
في الوقت نفسه، قد يلجأ النظام إلى استخدام مساحة من المناورة، هذا فقط في حال تقدم المحادثات بين إيران والغرب لدرجة الوصول إلى إحياء الاتفاق النووي. يضمن عودة العمل بالاتفاق، عودة شرعية إيران كفاعل دولي. وبالتالي، قد تصبح إيران في حال استمرار التوتر مع روسيا وسيطًا بل وممثلًا عن النظام السوري إزاء القوى الغربية. يعزز ذلك ما شهدته الفترة الماضية منذ بدء التصعيد من محاولات إيرانية لتعزيز تواجدها العسكري والسياسي والاقتصادي داخل سوريا، وهو ما يبدو أنه لاقى ترحيبًا لدى النظام السوري. ويستدل على ذلك بزيارة علي مملوك رئيس مكتب الأمن الوطني السوري إلى طهران ولقائه أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني “علي شمخاني”، وذلك عقب التدخل العسكري الروسي بأوكرانيا. تبع ذلك إجراء كل من علي أصغر حاجي كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني، وفالح الفياض رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق بزيارة إلى دمشق، ولقائهما الرئيس السوري في مشهد يبدو الغرض منه إبراز استمرار التنسيق السوري الإيراني على الصعيدين السياسي والأمني.
يُضاف إلى ما تقدم تحركات وكلاء إيران في سوريا الهادفة إلى توسيع وتعزيز الحضور في المناطق التي تراجع النفوذ الإيراني فيها، لا سيما في شرق الفرات وجنوب سوريا، هذا فضلًا عن توسيع عمليات نقل الأسلحة والإمدادات من العراق إلى سوريا. كذلك، قد تميل طهران خلال الفترة المقبلة إلى توسيع حضورها الاقتصادي في سوريا مستغلة حالة الانشغال الروسي، ولا سيما في قطاعات الطاقة والبناء وإعادة الإعمار. وهنا يمكن الإشارة إلى ما أكد عليه شمخاني خلال لقائه الأخير مع مملوك بخصوص ضرورة تسهيل وتسريع وتيرة تنفيذ وثائق التعاون والاتفاقيات الثنائية، خاصة في المجال الاقتصادي.
مسارات محتملة
هناك وجهتا نظر متقابلتان يمكن عبرهما تصور ما قد تئول إليه الأحداث في سوريا بناءً على التطورات الجارية في أوكرانيا. تفيد وجهة النظر الأولى بهدوء الأوضاع في سوريا، نظرًا لأن الاهتمام العالمي كله منصب على روسيا. في مقابل هذا، تشير وجهة النظر الثانية إلى أنه في حال استمرار تصاعد التوتر، سيكون من المؤكد وجود انعكاس لذلك على كل مكان، بما في ذلك داخل الأراضي السورية.
وفقًا لوجهة النظر الثانية، يمكن تصور العديد من التحركات المحتملة للفاعلين وفقًا لاحتمالين أساسيين، يرتبط الأول بنجاح روسي في فرض إرادته على مجريات الصراع في أوكرانيا، أو على الأقل الوصول إلى تسوية ترضي الجانب الروسي، في حين ينصرف الاحتمال الثاني إلى تحقق انتصارٍ للغرب على روسيا داخل الساحة الأوكرانية.
وبالتالي، في حال تحقق الاحتمال الأول، سيعني هذا ضمنيًا تأكيد للسيطرة الروسية على زمام الأزمة السورية، وحينها سيصبح من غير المتوقع حدوث أي تغيير على المشهد السياسي أو العسكري الراهن في سوريا، وإنما سيكون من الملاحظ دفع أكبر في اتجاه الدعوة إلى الانخراط في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، فضلًا عن جولات ومباحثات روسية تستهدف عودة التطبيع مع النظام السوري، وهذا في سياق استمرار انسحاب الولايات المتحدة من منطقة الشرق الأوسط سياسيًا وعسكريًا.
أما في حال تحقق الاحتمال الثاني فمن المتوقع اتجاه روسيا نحو تأكيد سيطرتها على زمام الأمور في سوريا، حيث ستكون سوريا حينها هي نافذة ضغط روسية إزاء الغرب، ومن غير المتصور التخلي عنه. في مقابل هذا، من الممكن تصور تراجع التنسيق الأمريكي الروسي في سوريا، حيث من المحتمل اتجاه الولايات المتحدة نحو إعادة التموضع العسكري في سوريا، إلى جانب الدفع في اتجاه العودة لمسار جنيف بدلًا من مسار الآستانة الذي أسسته روسيا بجانب الضامنين التركي والإيراني.
قد يعني نجاح غربي في أوكرانيا إعادة إحياء آمال تركيا بشأن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وبالتالي انحياز أكبر من جانبها في اتجاه الغرب، وهو ما قد يواجه برد روسي متمثل في تصعيد الضربات على إدلب أو ربما عملية شاملة تعني في حال حدوثها أزمة لاجئين جديدة على الحدود الأوروبية.
ولكن تركيا التي ما زالت تسعى إلى التعامل مع الأزمة من زاوية الوسيط بين الجانبين، من المتوقع أن تستمر في اتباع نفس النهج القائم على استمرار التنسيق مع الجانب الروسي.
ومن جانب إيران، سيتوقف الأمر على المدى الذي ستصل إليه محادثات الاتفاق النووي، ففي حال الوصول لاتفاق فسيعني هذا احتمال دور أكبر لإيران الموازنة في علاقتها إلى حد كبير بين روسيا والغرب، ولكن في حال فشل المحادثات فسيعني هذا اصطفافًا أكبر لإيران إلى جانب روسيا في مواجهة الغرب.
ختامًا، لا يتعلق تطور الأحداث في سوريا بما ستئول إليه الأمور في أوكرانيا فقط. فكما سبق التوضيح، فإن الأراضي السورية هي ملتقى مباشر لكافة الفاعلين المتنافسين، وبالتالي من المتوقع أن تعيش سوريا خلال الفترة القادمة حالة اختبار لمردود يمزج ما بين تداعيات الحرب الأوكرانية وكذا تطورات مسار المفاوضات الإيرانية. بمعنى آخر، سيكون من المهم متابعة تطورات التنسيق الروسي الأمريكي في سوريا، وكذا التنسيق الروسي الإسرائيلي الموجه ضد إيران، إلى جانب ما ستكون عليه التفاعلات الروسية التركية، والأمريكية التركية بناء على الموقف التركي الراهن من الأزمة. وأخيرًا، موقف روسيا من التحركات الإيرانية داخل سوريا في حال حدوث تقدم في مفاوضات اتفاقها النووي مع الغرب، ومع ذلك، يظل ما يمكن تأكيده هو أن روسيا ستظل هي المتحكم الرئيسي في مسار الأزمة السورية، فمن غير المتوقع أن تقدم روسيا في أي وقت على التنازل عن موقعها المتقدم في سوريا، أيًا كان ما ستسفر عنه تطورات الأزمة في أوكرانيا.
.
رابط المصدر: