إعادة فتح الاقتصاد الذي نريد

جون تايلور

 

ستانفورد ـ مع تبني الحكومات العديد من التدابير لوقف الانكماش الاقتصادي الناجم عن وباء “كوفيد 19” وتمهيد الطريق للانتعاش الآمن، نحتاج إلى البدء في التركيز على إيجاد طرق جديدة لفتح وخلق الأسواق. حتى الآن، تحمل القطاع الخاص وحده مسؤولية تنفيذ هذه المهمة. ولذلك، يتعين على الحكومات القيام بالمزيد لدعم هذه الجهود.

تتمثل الخطوة الأولى في مراقبة عملية فتح الأسواق على وجه التحديد بعد أشهر من ممارسة التباعد الاجتماعي ووقف الأنشطة الاقتصادية. وفقًا لأحدث بيانات مكتب الإحصاء الأمريكي، ارتفعت نسبة مبيعات التجزئة خارج المتاجر (عبر الإنترنت بشكل أساسي) بنسبة 8٪ في أبريل / نيسان، في حين كانت تبلغ 5٪ في مارس / آذار. في المقابل، انخفضت جميع فئات الإنفاق الرئيسية الأخرى: تراجعت مبيعات السيارات وقطع الغيار بنسبة 12٪، وانخفض حجم مبيعات محلات البقالة بنسبة 13٪، كما عرف الإنفاق على الملابس والإكسسوارات تراجعًا بنسبة 79٪. ولكن ضمن هذه الفئات الأخرى، عرفت بعض السلع إقبالا كبيرًا، بما في ذلك لوازم المكاتب المنزلية الأساسية والمعدات الرياضية مثل دراجات بيلوتون للرياضة المنزلية. كما أشار الرئيس التنفيذي لشركة وولمارت دوج ماكميلون مؤخرًا، “لقد ارتفعت نسبة مبيعات الدراجات الهوائية للبالغين بعد انضمام الآباء إلى أطفالهم في ركوب الدراجات”.

وبالمثل، يعرف نظام الطب عن بعد تقدمًا ملحوظًا حيث يقوم العديد من مزودي الخدمات بإطلاق الخدمات عبر الإنترنت وتشجيع الناس على التحول إلى الرعاية الصحية الافتراضية. تدل الزيادات في استخدام عرض النطاق الترددي على استجابة المرضى بشكل كبير. يُعد الاندماج الذي تم الإعلان عنه مؤخرًا بين شركة الاتصالات السحابية “تويليو” وشبكة الأطباء والمرضى “زوك دوك” (لحجز مواعيد الرعاية الطبية عبر الإنترنت) مجرد مثال واحد على التقدم الذي تم إحرازه. ارتفع معدل استخدام موقع “تويليو”، الذي تم قياسه عن طريق المشاركين المتزامنين، بنسبة 850٪ منذ منتصف فبراير/شباط (وبنسبة 500٪ من حيث دقائق الفيديو اليومية). تعمل الشركة الآن على إطلاق خدمة مكالمات الفيديو المجانية “زوك دوك” المتوافقة مع قانون إخضاع التأمين الصحي لقابلية النقل والمحاسبة.

من ناحية أخرى، لاحظ الرئيس التنفيذي لشركة “راد نت” هاورد بورغر زيادة كبيرة في أعمال التصوير، حيث دفع ارتفاع حجم الطلب على الطب عن بعد الأطباء إلى استخدام أدوات التشخيص عن بُعد التي تتطلب مقاطع فيديو أو صورًا عالية الدقة.

تتفرع أيضًا الأساليب الجديدة لعمليات الشراء والبيع عبر الإنترنت إلى مجالات لم يتم استكشافها سابقًا مثل التعليم والتمويل، حيث تم إدخال نظام مؤتمرات الفيديو بسرعة وعلى نطاق واسع. وفقًا للرئيس التنفيذي لشركة “اتصالات زوم فيديو” رجل الأعمال الصيني الأمريكي إريك يوان، فقد ارتفع عدد مستخدمي تطبيق “زوم” من 10 ملايين مشارك في الاجتماعات يوميًا في العام الماضي إلى 200 مليون مشارك في الوقت الحالي. وكما أظهر عامي جوزيف من شركة “هيدجيي”، فقد زادت قيمة فواتير تطبيق “زوم” التراكمية من حوالي 11 مليون إلى 22 مليون منذ شهر مارس/آذار. وتشهد منصات الاتصالات الرقمية الأخرى تغيرات مماثلة.

في الواقع، تقوم العديد من الشركات أيضًا بتطوير خطط تسمح للمزيد من الموظفين بممارسة أعمالهم عن بُعد بشكل دائم. في الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، أعلن مارك زوكربيرج أنه بعد عقد من الزمن سيعمل أكثر من نصف موظفي شركة فيسبوك البالغ عددهم 48.000 موظفًا من منازلهم.

تتسبب هذه الصدمات النظامية في إعادة النظر في مختلف قطاعات الاقتصاد. لقد حان الوقت لقيام الحكومات بمتابعة السياسات المناسبة لتشجيع فتح الأسواق الجديدة وتعزيز نموها. من جانبها، قامت إدارة الرئيس دونالد ترامب بالفعل بإزالة حاجز واحد أمام التطبيب عن بعد من خلال الإعلان عن أن برنامجي التأمين الصحي الحكوميين الرئيسيين (ميديكير وميديكايد) سيدفعان نفس معدلات الزيارات الافتراضية مثل المواعيد في المكاتب. على الرغم من أن هذه التغييرات مؤقتة، إلا أنه يمكن ويجب تمديدها.

علاوة على ذلك، في 19 مايو/أيار، اتخذ ترامب إجراءات مباشرة لفتح أسواق جديدة. في أمر تنفيذي بشأن الإغاثة التنظيمية لدعم الانتعاش الاقتصادي، جادل أنه “يجب على الوكالات معالجة حالة الطوارئ الاقتصادية في ظل انتشار الفيروس التاجي من خلال إلغاء أو تعديل أو التنازل أو تقديم إعفاءات من القوانين والمتطلبات الأخرى التي قد تمنع الانتعاش الاقتصادي”.

هناك الكثير من العمل يمكن القيام به. يجب على حكام الولايات، إلى جانب مسؤولي المقاطعات والبلديات، إصدار أوامرهم التنفيذية، ربما على غرار تلك التي يقوم البيت الأبيض بإصدارها. يمكن أن تشمل هذه الأوامر القضايا التنظيمية النموذجية المحلية مثل الترخيص المهني واستخدام الأراضي والمعاملات عبر خطوط الولاية والمقاطعة.

تتمثل الخطوة الواضحة الأخرى التي يتعين على الولايات المتحدة اتخاذها في اعتماد قانون جديد يقضي بعكس قرار المحكمة العليا الأمريكية لعام 2018 في قضية ساوث داكوتا ضد شركة وايفير، والذي بموجبه تفرض الولايات زيادات ضريبية على عمليات الشراء عبر الإنترنت من أجل منح فرص مماثلة لتُجار البيع بالتجزئة. علاوة على ذلك، يجب أن يشمل أي تشريع جديد في مجال البنية التحتية الإنفاق على النطاق العريض لمن يعانون من نقص في الخدمات.

في الواقع، أصبح ضمان الاتصال الرقمي لمن يفتقرون إليه أكثر أهمية من دعم بناء الطرق والجسور، كما تتمتع الولايات المتحدة بالإمكانيات اللازمة لتحسين أنظمة الأجهزة والبرامج الخاصة بها. لقد وعدت بعض الشركات مثل شركة ألفابت، الشركة القابضة لشركة جوجل، بتعزيز التعلم عن بعد والرعاية الصحية عن بعد وتوسيع النطاق العريض. كما أشار الرئيس التنفيذي السابق لشركة جوجل إريك شميت مؤخرًا في لقاء له عبر برنامج “واجه الأمة” على قناة “سي بي إس” الاخبارية الأمريكية، فقد جلب الشهران الماضيان “عشر سنوات من التغيير إلى الأمام. فجأة، لم يعد الإنترنت اختياريًا”. من خلال تجربتي الخاصة في تدريس علم الاقتصاد عبر الإنترنت، أتفق تمامًا مع هذا الرأي.

من الواضح أننا لا نتجه نحو وضع طبيعي جديد، بل نحو حالة من التغيير والتحديث المستمرين. لكي تتمكن الولايات المتحدة والدول الأخرى من الاستمرار والاستفادة في هذا العصر الجديد، عليها اعتماد إستراتيجية اقتصادية لفتح الأسواق، وإبقائها مفتوحة، ومن ثم الحفاظ على نموها. إن فتح البلاد ليس بديلاً عن فتح الأسواق. يجب علينا القيام بالأمرين معًا.

 

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/economicarticles/23398

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M