شهد مركز مصر للمؤتمرات والمعارض الدولية بمدينة القاهرة الجديدة، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم انطلاق فعاليات النسخة الثالثة من المعرض الدولي للصناعات الدفاعية والعسكرية “إيديكس 2023″، والتي تستمر حتى يوم 7 ديسمبر الجاري، وترتبط أهمية هذا المعرض الذي تحتضنه القاهرة بجملة من الاعتبارات الرئيسة، سواءً تلك المرتبطة بكم الشركات والدول المشاركة في المعرض، أو ما يُتيحه المعرض من فرصة لاستعراض مدى التطور في الصناعات العسكرية والدفاعية في العالم، بالإضافة إلى كون المعرض فرصة لتلاقي دوائر صنع القرار العسكرية في العالم وتبادل وجهات النظر وتقريبها تجاه بعض القضايا، وهو ما يمكن وصفه بـ “الدبلوماسية الدفاعية”، في إشارة إلى المباحثات العسكرية التي تحقق أهدافًا دبلوماسية تخدم مساعي التقريب بين الدول.
نسخة استثنائية من “إيديكس”
حظيت النسخة الحالية من معرض “إيديكس” ببعض الخصوصية وكذا الاعتبارات التي أكسبتها أهمية متزايدة، وهو ما يمكن بيانه على النحو التالي:
1- تشهد نسخة العام الحالي نسبة أكبر من حيث معدلات مشاركة الشركات، إذ تشارك في النسخة الحالية والتي تعد الثالثة للمعرض منذ انطلاقه في 2018، نحو 400 شركة من 46 دولة حول العالم، بمعدل 22 جناحًا دوليًا داخل المعرض، بمشاركة شركات من الولايات المتحدة الأمريكية والصين والهند وكوريا الجنوبية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليونان والسعودية والإمارات العربية المتحدة والبرازيل ورومانيا وجمهورية التشيك وصربيا وسلوفاكيا وبلغاريا وأوكرانيا وكازاخستان وباكستان وأرمينيا والبوسنة والهرسك بالإضافة إلى مصر، وبالإضافة لذلك تمت دعوة وفود من أكثر من 100 دولة لحضور فاعليات المعرض.
2- تشهد النسخة الحالية من “إيديكس” مشاركة العديد من الشركات الكبرى في حقل الصناعات العسكرية والدفاعية، على غرار مجموعات “لوكهيد مارتن”، ومجموعة “نورثروب غرومان”، ومجموعة “بوينج” للصناعات الجوية، وهي شركات أمريكية رائدة في هذا المجال، بالإضافة إلى مجموعة من الشركات الأخرى على غرار شركة “فينكانتيري” الإيطالية للصناعات البحرية، وشركة “ليوناردو” للصناعات الجوية، ومجموعة “داسو” الفرنسية للصناعات الجوية، ومجموعة “إيرباص” للصناعات الجوية، ومجموعة “نافال” الفرنسية للصناعات البحرية، ومجموعة “تاليس” الفرنسية للصناعات الدفاعية.
3- يشارك في المعرض للمرة الأولى مجموعة من الشركات التركية العاملة في مجال الأمن والدفاع، حيث تعرض أكثر من 20 شركة تركية منتجاتها في نسخة هذا العام، ومن أبرز الشركات التركية المشاركة في نسخة هذا العام، شركة “بايكار” للطائرات المسيرة والأنظمة غير المأهولة، وشركة الصناعات الجوية والفضائية “توساش”، وشركة “روكيتسان” للأنظمة الصاروخية، وشركة “أسيلسان” للصناعات الإلكترونية العسكرية.
أهمية كبيرة للدولة المصرية
يحظى معرض “إيديكس” بأهمية كبيرة بالنسبة للدولة المصرية، إذ إنه يمثل إحدى أدوات “الدبلوماسية الدفاعية” للدولة المصرية، فضلًا عن كونه مساحة مهمة لعرض التطورات التي يشهدها قطاع الصناعات الدفاعية المصرية والتسويق لها على مستوى عالمي، ويمكن القول إن هناك جملة من الاعتبارات التي تزيد من أهمية المعرض بالنسبة للدولة المصرية، وذلك على النحو التالي:
1- شهدت النسخة الحالية من معرض “إيديكس” الإعلان عن العديد من المنتجات الجديدة الخاصة بالهيئة العربية للتصنيع ووزارة الإنتاج الحربي، ومنها راجمة الصواريخ المصرية رعد 200، والذخائر الجوية التي حملت اسم “حافظ” بأربعة مستويات، فضلًا عن الإعلان عن مركز قيادة وسيطرة متعدد المهام ويعمل حتى المستوى التعبوى، وهو تصميم وتصنيع مصرى 100%، وكذلك الإعلان عن تصميم للسيارات المقاومة للشغب تحت مسمى «قادر 1»، فضلًا عن خمس منظومات لمجابهة الطائرات المسيرة، وهى منظومات تمت بشراكة مع أفرع وإدارات أخرى بالقوات المسلحة، كما يجرى عرض جهاز الكشف والقياس الإشعاعى، وتم تصميمه وإنتاجه فى مصر، وتم تصنيعه في نسختين أحدهما للاستخدام المدني وآخر للعسكري، كما تم التعاون مع شركات عالمية مثل شركة داسو الفرنسية، حيث تم تصنيع أجزاء من الطائرات، وفي هذا السياق يمثل المعرض فرصة مهمة من جانب لإظهار أحدث التقنيات العسكرية والدفاعية المصرية وبيان ما وصلت إليه الصناعات الدفاعية المصرية، ومن جانب آخر التسويق لهذه المنتجات على مستوى دولي واسع.
وفي ذات السياق أعلن قائد القوات البحرية المصرية الفريق أشرف إبراهيم عطوة، أنه تم “الانتهاء من صناعة 3 فرقاطات بالتعاون مع فرنسا من طراز “جوويند”، إضافة إلى 30 ريبًا قتاليًا و11 لانشًا، واستعرض فيلم تسجيلي، بعنوان “الإرادة والتحدي” خلال فعاليات معرض “إيديكس 2023″، تصنيع وإنتاج أول فرقاطة بحرية مصرية، “ميكو إيه 200″، بأيد مصرية 100 %، وتتمزيز الفرقاطة بأن طولها 121 مترًا وعرضها 16.34 مترًا، ولديها قدرة على الإبحار لمسافة 7200 ميل بحري وسرعتها القصوى 27.5 عقدة بحرية، وتملك منظومات تسليح حديثة تمكنها من تنفيذ كافة المهام القتالية وقتي السلم والحرب، ومكافحة كافة التهديدات السطحية والجوية وتحت السطح، حيث تتسلح الفرقاطة بمدفع رئيسي ثقيل عيار 127 ملل من طراز ليوناردو، و 32 صاروخ دفاع جوي طراز ميكا، و16 صاروخًا، ومدفعًا خفيفًا 20 ملل، ومدفعى دفاع جوي صغير ، وتوربيدات خفيفة وثقيلة، وقذيفتين للأعماق السطحية، وقاربين خفيفين للقوات الخاصة، وإمكانية حمل طائرتين هليكوبتر.
2- يمثل معرض “إيديكس” فرصة مهمة للتعرف على أبرز الصناعات الأجنبية الحديثة في المجال العسكري والدفاعي، خصوصًا في ظل حرص الشركات العسكرية والدفاعية على عرض أحدث منتجاتها الدفاعية وإبراز تفوقها على نظيرتها في السوق، وذلك من أجل الفوز بعقود في مواجهة الشركات المنافسة، الأمر الذي يفتح الباب أمام الوقوف على أحدث ما توصلت إليه هذه الشركات، وإبرام عقود لشراء هذه المنظومات الحديثة، وقد حدث ذلك في النسخة الأولى من “إيديكس” في 2018 عندما تعاقدت البحرية المصرية مع شركة سيلينجر الفرنسية لتصنيع القوارب المطاطية، لنقل تكنولوجيا التصنيع المشترك والبناء والتسويق والبيع لزوارق قتالية سريعة تنتجها الشركة، كما وقعت أيضًا الشركتان الفرنسيتان داسو ورافال صفقات مع مصر تضمن استمرار تدفق قطع الغيار لسلاح الجو المصري، وفي “إيديكس” 2021 تعاقدت القوات المسلحة المصرية على شراء عدد من المنظمات التسليحية مع عدد من الشركات.
3- يجد المتابع لمسار معرض مصر للصناعات الدفاعية “إيديكس” منذ انطلاقه في عام 2018، أن الدولة المصرية استطاعت وفق المؤشرات الحالية إنجاح تجربتها ونموذجها الخاص في هذا الصدد، إذ تكشف المعطيات الراهنة عن تنامي في عدد الشركات والوفود المشاركة في المعرض من 376 شركة في النسخة الأولى إلى 400 شركة في النسخة الحالية، فضلًا عن زيادة عدد زوار “إيديكس” من 10 آلاف في نسخته الأولى إلى نحو 35 ألف زائر في النسخة الحالية، وهي كلها مؤشرات تعبر عن حالة التطور التي يشهدها المعرض في كل نسخة له، وتعبر عن المكانة المهمة التي بات معرض القاهرة يحظى بها وسط عشرات المعارض الدفاعية التي تُعقد سنويًا في عدد من الدول الكبرى بالعالم.
4- بعث وزير الدفاع المصري الفريق أول محمد زكي بجملة من الرسائل السياسية المهمة على هامش المعرض، سواءً تلك المتعلقة بالسياق المضطرب الذي يأتي المعرض في ظله، وهو السياق الذي زاد من أهمية المعرض، على اعتبار أنه يمثل رسالة ردع لأي أطراف تفكر في تهديد الأمن القومي المصري أو أمن الدول الشقيقة والصديقة، فضلًا عن التأكيد على الرؤية المصرية القائمة على أن “امتلاك القوة الرشيدة هو الضمان الأساسي للأمن والسلام”، وكذلك التأكيد على رفض المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وفي الختام يمكن القول إن تنظيم الدولة المصرية للنسخة الثالثة من “إيديكس” بهذه المشاركة الواسعة والفاعلة من قبل الشركات العالمية الكبرى في هذا المجال، هو أمر يحمل العديد من المكاسب الاستراتيجية، إذ إنه يكرس لأهمية ومكانة “إيديكس” على المستوى العالمي، وكذا يمثل فرصة مهمة لممارسة “الدبلوماسية الدفاعية” من خلال المباحثات المكثفة مع الوفود المشاركة في المعرض، فضلًا عن كونه فرصة للتسويق للمنتجات العسكرية والدفاعية المصرية.
المصدر : https://marsad.ecss.com.eg/80098/
