الانتخاب الاحتجاجي في الجزائر منذ ظهور التعدّدية الحزبية، 1990 – 2017

مقدمة:

شهدت سنوات 1990، 1991، 1995، 1997، 1999، 2002، 2004، 2007، 2009، 2012، 2014 و2017 مواعيد انتخابية مهمة في الجزائر بعثت برسائل سياسية متنوعة. وقد حُضِّر لموعد 1997 على عجل، حتى يكون كمخرج وكقطيعة مع الانتخابات التشريعية لعام 1991. أو كتعويض بسيط لانتصار الجبهة الإسلامية للإنقاذ، في الانتخابات المحلية لسنة 1990. وحُسمت نتائج هذا الموعد الأخير بتهميش جبهة التحرير الوطني في التشريعيات وفُرض محلّها بأسلوب عنيف التجمع الوطني الديمقراطي. كما سَمَحَت الانتخابات الرئاسية لعام 1995 بتطوير عملية التحوّل الديمقراطي، في حين صَاغَت الانتخابات التشريعية والمحلية لعام 2007 رسالة سياسيّة مُعاكسة بسبب ما عرفته من تزوير واسع النطاق.

يَبْلُغ عمر التعددية الحزبية في الجزائر ثمانية وعشرين عاماً. والمؤكد أن تجربة الجزائر في هذا المجال قصيرة ولكنها غنية بما فيه الكفاية لفهم خصائصها الرئيسية وحدودها الأكثر وضوحاً. وعليه فإن المُراجعة السريعة لهذه المواعيد الإثني عشر التي عرفتها الجزائر سيكشف عن حجم ظاهرة ضخمة تُسمى «الانتخاب الاحتجاجي». ويتيح تحليل هذه الظاهرة التعرف إلى معالمها والمنطق الداخلي لتجربة التعددية الحزبية الجزائرية.

تُعَد هذه الظاهرة نتيجة لتغيّر وتطوّر مَعنى الانتخاب، من سُلوك يَرتبط بمواقف إيجابية أساسها دعم السلطة وتَأييدها، إلى سُلوكات تُعبّر عن مواقف سلبية تُجاه السياسة والسياسيين، ما جعله يتحول إلى آلية للاحتجاج والتعبير عن رفض الوضع القائم، يَقُوم به المواطن عبر سلوك الامتناع الانتخابي أو الانتخاب الأبيض اللذين يُمثلان مجموع السُلُوكات، المُسمَّاة الانتخاب الاحتجاجي (Le Vote protestaire)‏[1].

صَوَّت الجزائريون، في عام 1991، بكثافة ولكن من أجل لا شيء بسبب إيقاف المسار الانتخابي وإلغاء نتائج الانتخابات التشريعية. أمّا في عام 1997، فكان إقبال الجزائريين على التصويت أقلّ ولكنهم لا يَزالُون أوفياء للتوجه إلى صناديق الاقتراع. رغم عدم وضوح الرسالة السياسيّة مُنذ تَعَرُّض تَصويتهم للخيانة بواسطة التزوير الواسع النطاق المُعترف به من قبل السلطات العمومية. ومنه قَلَّ أداء الجزائريين لواجبهم الانتخابي شيئاً فشيئاً، منذ عام 2002. وتزايدت نسبة الامتناع والانتخاب بالأبيض من تصويت لآخر، حتى بلغت أعلى مستوى لها في آخر تصويت لعام 2017، ما صَبَّ مَزيداً من التشكيك على نتائج الانتخابات المُثيرة بالفعل للجدل.

من خلال هذه المُلاحظات، يمكن صوغ بعض الأسئلة: هل الجزائريون غير مُسَيَّسين؟ أو بتعبير أدق، هل يُعَدّ الانتخاب الاحتجاجي في الجزائر فعـلاً سياسياً أم مؤشراً على الابتعاد من التَسَيُّس؟ وهل يُمكن التأكيد أن الصراع الدموي في سنوات التسعينيات أَنْهَكَ ولَفَّقَ الخِزْيَ بالعمل السياسي والالتزام الحزبي؟

أولاً: الامتناع سلوك انتخابي

يُعد الحق في التصويت إحدى الصلاحيات الرئيسية للمواطن في النظام الديمقراطي. وبقدر ما يتم تعريف التصويت على أنّه مُشاركة المواطنين في انتخابات حُرّة وتعدّدية، يُمثِّل الامتناع الموقف المُعاكس، أي عدم مُمارسة المواطن حقه في التصويت‏[2]. إذاً، المُمتنع هو المواطن المُسجَّل في القائمة الانتخابية ولكنه لم يُصوِّت في الانتخابات. ويتم احتساب الامتناع عن التصويت، في الجزائر أيضاً، وفقاً لهذا المعيار. وعلى العكس من ذلك، الامتناع، بمعناه الواسع، هو الأخذ في الحسبان جميع الأفراد البالغين سنّ التصويت والذين لم يُصَوِّتُوا. هذا هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يُعَد مُمتنعاً كل مواطن بلغ سنّ التصويت ولكن لا يُمارس هذا الحق.

ولتوضيح أفضل لظاهرة الامتناع في الجزائر، تَجْدُر الإشارة إلى أن معنى الامتناع يُمكن أن يُفهم من خلال مَنظورين مُختلفين جذرياً: الأول، غير سياسي؛ والثاني سياسي.

1 – المُقاربة غير السياسيّة للامتناع

يُعد الامتناع عن التصويت، في المقاربة غير السياسيّة، سُلوكاً يَعكس اللامُبالاة‏[3] أو عدم الاهتمام بالسياسة‏[4]. فالنِسْيَان، واللامُبالاة، والالتزامات المختلفة وتغيير مَحَلّ الإقامة، وشُعُور المرء بأنّه غير كفء‏[5]، وعدم التسجيل في القوائم الانتخابية وسوء الأحوال الجوية؛ كُلُّها أسباب غير سياسيّة لتفسير الامتناع. وقد جادلت السلطات الجزائرية بأحوال الطقس، لتفسير انخفاض نسبة الإقبال في الانتخابات التشريعية والمحلية في عام 2007. فبحسبها بسبب درجات الحرارة المرتفعة في صيف أيار/مايو 2007، فَضّل الناخبون البحث عن نَضَارَة الجو بعيداً من مراكز الاقتراع. كما أن الأمطار الغزيرة، في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، هي التي من شأنها منع الجزائريين من الخروج إلى التصويت.

ويقدَّم هذا النوع من التفسير بانتظام، لأن الامتناع غير السياسي لا يُنظر إليه دائماً على أنه مُشكلة. في الواقع، يُمكن أن يُعَدّ ظاهرة طبيعية، إذ إن الأشخاص ليسوا متساوين، أو متماثلين سياسياً، وليس لديهم نفس الاهتمام بالانتخابات. ومن ثمّ سيُعَدّ الامتناع عن التصويت شكـلاً من أشكال الانتقاء الطبيعي: فالمواطنون الذين يشاركون في إدارة الشؤون العامة، يعتقدون بأن لديهم مصلحة حقيقية في تعيين المديرين الذين يُؤدون الأدوار القيادية. في حين أن الآخرين الذين لديهم حافز ضئيل وضحايا عدم اهتمامهم، سيجدون أنفسهم مهمَّشين على نحو فعال.

إن هذا التعريف غير السياسي للامتناع هو الذي اختاره الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، أحد المُكوّنات الثلاثة للائتلاف الحكومي في السلطة منذ عام 1999. فبحسب عبد العزيز بلخادم، الامتناع عن التصويت لا يعني أبداً الرغبة في معاقبة الحكومة، لأن الذي لا يَذهب إلى صناديق الاقتراع لا يعني أنّه مقاطع للانتخابات‏[6]. ووفقاً لوزير الداخلية، محمد يزيد زرهوني، فإن تغيير مكان الإقامة والتسجيل المُزدوج (أو المُضاعف) الناتج من عدم تَحديث القوائم الانتخابية، هو ما يُفسِر عدم ذهاب الجزائريين للتصويت. ولاختبار هذه الفرضية، أَرْسلت وزارته، في عام 2007، بين 3 و4 ملايين رسالة إلى الممتنعين المزعومين يطلب منهم تحديد الأسباب الفنية لعدم تصويتهم في الانتخابات. حقَّقت هذه المُبادرة نتائج مُتباينة وقد ورد فقط 250.000 رَدّ إلى الوزارة‏[7]. نَظَرَت وسائل الإعلام الخاصة وعدد كبير من السياسيين إلى هذه الخُطوة على أنّها خيانة لإرادة الناخبين ومُحاولة السيطرة عليهم وممارسة نوع من الضغط المعنوي عليهم. دافعت الحكومة من جهتها على نحوٍ جيّد عن خُطوتها، ولكنها اعترفت أخيراً أن هذه المبادرة كانت غير فعّالة وأُديرت على نحوٍ سيئ.

إذاً، قد يَعكس الامتناع في الواقع غياب، أو عدم وجود، مصلحة من وراء هذه الانتخابات. غير أن الامتناع هذا لا يُمكن، تحت أيّ ظرف من الظروف، أن يُختَزل في هذا التفسير الوحيد. لأن الامتناع عن التصويت هو أيضاً اتخاذ موقف تُجاه المُرشحين، والنخبة الحاكمة والمُعارضة والقيم التي يَحملها كل واحد من هؤلاء.

2 – المُقاربة السياسيّة للامتناع

يمتثل الامتناع عن التصويت، من منظور هذه المقاربة السياسيّة‏[8]، لمنطق مُختلف. فليست اللامبالاة هي من يملي الامتناع عن التصويت، ولكن تصوُّر المواطن للتصويت نفسه. لذلك، فهو يَختار عن دِرايَة عدم التصويت. في السياق الجزائري، يَمتنع المواطنون عن التصويت ليقينهم بأن أصواتهم لن يُعترف بها بسبب التزوير المُحتمل للنتائج المعروفة مسبقاً، وهم يلقون بظلال من الشك على نزاهة أخلاق المنتخَبين الذين لا يَحترمون التزاماتهم.

يَبْدُو الامتناع عن التصويت فعـلاً سياسياً بارزاً، لأنّه يُشَكل تَحدياً لأداء المجال السياسي. فوصفه بالسلبية ما هو في الواقع إلا علامة للتعبير عن القطيعة بين الناخب من جهة، المُرشح للانتخابات والنظام السياسي من جهة أخرى. لهذا لا يُعدّ الامتناع عن التصويت فعـلاً سلبياً بقدر ما هو عمل نضالي.

وسواءٌ عُدَّ الامتناع عملاً سياسياً أو غير سياسي أو نَزْعاً للتَّسْييس، فإن تَوسع هذه الظاهرة يُمَثّل مُشكلة خطيرة، تَكمن في أن أقلية تُقرر عن الأغلبية. لكن أزمة التمثيل تُؤدي لا مَحالة إلى أزمة شرعية المُنتخَبين وإلى أزمة سياسيّة. ومن المُفارقات، يُثير الامتناع مُشكلة حقيقية للحكام الجزائريين الذين، خلافاً لقادة الأنظمة السلطوية الأخرى، تخلُّوا عن نتيجة 99.9 من المئة. هذا التنازل قد يكون راجعاً إلى إرادة داخل دوائر صنع القرار – أي الإصلاحيين – لمُواصلة الزخم الذي بَدأ في العام 1989. وقد يَرتبط ذلك أيضاً بنوع من الحتمية التاريخية والسياسيّة، ما يَجعل بُلوغ نسب مشاركة على شاكلة 99.9 من المئة أمراً متعذراً إن لم يكن مُستحيـلاً. وما يَدْعَم هذه الفرضية الثانية، وُجود صحافة خاصة وأحزاب سياسيّة لن تتوانى عن الشَّجب والتشكيك في الطبيعة الفَظَّة للخداع الذي ينتهجُه النظام السياسي.

يختلف، بهذا المعنى، الامتناع بعدم الذهاب للتصويت عن الامتناع بالأبيض. لأن هذا الأخير، يَحمل اهتماماً خاصاً بالسياسة مقارنة بالأوّل. فالممتنع قد يكون لامُبالياً سياسياً، لكن الناخب بالأبيض يقول أنا موجود، وأنا غير راضٍ بعرضكم هذا. وبهذا يصبح آلية للتعبير السياسي.

ثانياً: الانتخاب الأبيض، آلية للتعبير السياسي

إلى جانب الامتناع عن التصويت، عَرَفَ الانتخاب الأبيض (Le Vote blanc) ارتفاعاً مَلحُوظاً في السنوات الأخيرة. لكن من دون أن يُشكل موضوعاً هاماً عند الباحثين، بحكم عدم دلالته، بوصفه صوتاً مُلغى؛ وغير مَحسوب ضمن الأصوات المُعبَّر عنها. وكانت أوّل دراسة تناولته علمياً، في فرنسا سنة 1999 من قبل «أوليفيه دوران» (Olivier Durand)‏[9].

1 – معاني الانتخاب الأبيض

يعرّف الانتخاب الأبيض بأنه ورَقة تَصويت لا يُوجد عليها أيّ نوع من التسجيل، لا تَحمل أيّ تَعبير عن خيار من بين الخَيارات المَطروحة‏[10]. ويُعَرّف أيضاً بأنه ورقة انتخاب توضع في الصندوق ولم يُكتب عليها اسم ولا أيّ إشارة‏[11]. ومن الناحية القانونية، هو صوت لا تَأثير له في النتيجة النهائية، ويَنتمي إلى فئة الأصوات غير المُعبّر عنها، مثلُه مثل الصوت المُلغى.

وقد عرَّفه قانون الانتخابات الجزائري في المادة 52 منه بأنه: «لا تُعتبر الأوراق المُلْغَاة أصواتاً معبَّراً عنها أثناء الفرز. وتُعتبر أوراقاً ملغاة: الظرف المجرد من الورقة أو الورقة من دون ظرف، عدّة أوراق في ظرف واحد، الأظرفة أو الأوراق التي تَحْمل أية علامة أو المُشوَّهة أو المُمَزَقَة، الأوراق المَشْطُوبة كلياً أو جزئياً […] والأوراق أو الأظرفة غير النظامية»‏[12]. والنتيجة هي واحدة فالانتخاب الأبيض كالمُلغى، حيث الأصوات لا تُؤخذ بعين الاعتبار. والسُؤال المَطروح ما الذي يَدفع الناخب إلى القيام بتَصَرُّف لا يُؤخَذ في الحُسبان في نتائج الانتخاب؟ وما هي دلالاته؟

2 – دلالاته السياسيّة

يُعَدّ الانتخاب الأبيض أو الملغى من الناحية السياسيّة طريقة للتعبير عن مُعارضة للعَرض السياسي بتصرُّف عقلاني‏[13]. ويُسميه كثير من الباحثين «الامتناع المدني» (Abstention civique)، على غرار أديلايد زلفكاريزيك (Adelaide Zulfikarpasic)، الذي يعرِّف الانتخاب الأبيض بأنه «امتناع بالاستياء تُجاه السياسة، ولكنه مُكَلل بشعور الواجب الأخلاقي للانتخاب، الذي يُؤدي به إلى الذهاب إلى مَكتب الاقتراع رغم كل شيء»‏[14].

ويترجِم الانتخاب الأبيض أو المُلغى، الشعورَ بالخَيبة، والعداء للسياسة ونقص الثقة بالديمقراطية التَمثيلية. لكن، هذا لا يَعني الانسحاب بل يريد المواطن عبر هذا التصرف إسماع صوته، كطريقة للاحتجاج بطريقة سلمية، وبثورة هادئة وبحضور قويّ، يُريد المواطن به حَمْل الضغط على السياسيين، وإنزال العُقوبة بالحكومة الحالية نتيجة أدائها السلبي. يَقول فيليب ماير (Philippe Meyer) إنه نوع من التعبير السياسي ذو بُعد احتجاجي، مُعترَف به اجتماعياً‏[15]. في الوقت الذي اعتبره آخرون، بأنه أخطاء لا مَعنى لها سياسياً. ولكن هذا الاعتقاد يستحيل أن يصمد مع التَصاعد الذي شهده هذا السلوك والخَطر الذي يُمكن أن يُشَكله على تَعيين القادة السياسيين. لأن الانتخاب في الأخير، تَأسيس وتَعيين للمُؤسسات وليس سَبراً للآراء. ما يَدفع إلى البحث عن العوامل الرئيسية، التي تقف وراء اتساع هذه الظاهرة السلوكية وانتشارها بين أعضاء الهيئة النَاخبة.

ثالثاً: عوامل تنامي الانتخاب الاحتجاجي في الجزائر

فسح غياب معاهد استطلاعات الرأي العام في الجزائر، التي تُظهِر حالة الرأي العام وتبَيِّن اتجاهاته الرئيسية، المَجال لاستطلاعات الرأي المُنجزة من جانب هيئات غير مُتخصصة. فقبل الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني/نوفمبر 2007، أَطْلَقَت يومية الخبر، وهي جريدة تَصدر باللغة العربية واسعة السحب والمقروئية، على موقعها الإلكتروني استطلاعاً للرأي يَخُصّ نيات التصويت، وكانت النتائج حاسمة: حيث أَفصَحَت نسبة 91.68 في المئة من المستطلعين أنهم لن يُصوتوا‏[16]؛ وهو ما ترك المجال للاتجاه الذي يُركز على التفسيرات التي مرجعيتها المخاطر المناخية وتغيير محلّ السكن. تَقْتَرب هذه النسبة كثيراً من النتائج الرسمية المُعلن عنها، حيث قُدرت نسبة الممتنعين والمصوتين بالأبيض معاً نحو 69.49 من المئة.

كما كشف استطلاع لتوجهات الجزائريين بشأن الانتخابات التشريعية ليوم 10 أيار/مايو 2012، أنجزه الموقع الإلكتروني ليومية الشروق، وهي جريدة تصدر باللغة العربية، عن تَصَدّر الأحزاب السياسيّة ذات الخلفية الإسلامية بنسبة 60 في المئة. حيث حَلَّ «تكتل الجزائر الخضراء» في المرتبة الأولى، بنسبة قاربت الـ 30 في المئة من الأصوات‏[17]. إلا أن هذا الاستطلاع لم يستمر بسبب إيعاز السلطات العمومية بإيقافه‏[18]. غير أن إعلان النتائج النهائية من قبل المجلس الدستوري، أَوْرَد حُصول «تكتل الجزائر الخضراء» على نسبة 6.22 في المئة من الأصوات المُعبَّر عنها، محتـلاً بذلك المرتبة الثالثة بمجموع 47 مقعداً، بعد كل من حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.

لذلك فإن تحليل الامتناع في الجزائر يَنبغي أن يُركز على: الامتناع ــــ العقابي والامتناع ــــ غير المُسيّس والامتناع بالأبيض. وللقيام بذلك سيُعمل: أولاً، على رصد سلوك الناخِبين والمنتخَبين؛ وثانياً، على تحليل أحكام قانون الانتخابات الجزائري.

1 – القانون الانتخابي .. كمُنمٍّ للاحتجاج الانتخابي

خلال السنوات الثلاثين الأولى للجزائر المستقلة، لم يكن للتصويت أيّ معنى سوى مُبايعة أو تأييد القرارات التي اتُّخذت على أعلى المستويات في الدولة. حيث تمّ تفريغ التصويت تماماً من معناه السياسي وأصبح مُتَجاوباً مع منطق الزبونية والإِجماع. فبطاقة الناخب المُؤشر عليها من قبل السلطات الرسمية تَحمي صاحبها من المتاعب الإدارية، في حين أن بطاقة الانخراط في حزب جبهة التحرير الوطني (FLN)، الحزب الواحد آنذاك، كان شرطاً ضرورياً ولكنه غير كاف للوصول إلى مواقع المسؤولية والحُصول على الامتيازات والمكافآت المادية والرمزية. وفي نهاية المَطاف، اختُزل وضع الناخب إلى مُجرد موضوع بسيط، لا يُمارس حقوقه وواجباته كمواطن.

أمَّا اليوم، فبالرغم من أن التعددية الحزبية قَطعت أشواطاً، إلّا أن القوانين الانتخابية المُنَفَّذة من جانب الحكام لا تزال تَهدف إلى ضمان استدامة النظام السلطوي. فالقانون الانتخابي الجديد الصادر بتاريخ 25 آب/أغسطس 2016، والذي عَدَّل المواد 73 و94 و142 من القانون العضوي رقم 16 – 10 المتعلق بنظام الانتخابات، عَزَّزَ بشكل غير مُباشر الأحزاب المُمَثّلة في الإدارة على حساب تَشكيلات المعارضة: حيث فَرض إجراءات بيروقراطية طويلة وشاقة للتصديق على استمارات دعم التَرَشُّح ويشترط كفيل حسابي مما يُعقد ويَحُدّ من اختيار بعض الناخِبين والمرشحين‏[19]. ومع ذلك، لا وجود لهذه العَقبات بالنسبة إلى الأحزاب الموجودة في الحكومة. أيضاً، لم يُعدل قانون الانتخابات المُعَدَّل المادة 154 من القانون العضوي الرقم 16 – 10، وهو ما يجعل تشكيل اللجان الانتخابية الولائية مُرتَبطاً بحسن نيَّة وزير العدل الذي يُعيّن ثلاثة قضاة. وهذا ما ساهم مثل غيره من الأحكام الأخرى، في جعل القضاء امتداداً لوظيفة السلطة التنفيذية.

أشارت اللجان الانتخابية التي تَمَّ إنشاؤها خلال الانتخابات التعددية، إلى حالات كثيرة من التزوير الانتخابي. وقد أثارت هذه الوضعية أحياناً حركات احتجاجية واسعة، غُطِّيت من جانب وسائل الإعلام. ونظراً إلى حجم هذه التظاهرات السلمية، تَمَّ تشكيل لجان تحقيق ولكن تقاريرها لم يتم الكشف عنها أبداً. إضافة إلى ذلك، فإن القانون العضوي الرقم 16 – 11 المؤرخ في 25 آب/أغسطس 2016، المتعلق بالهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، لا يُجبر وزارة الداخلية المسؤولة عن الانتخابات تزويد الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات بكل المعلومات التي تحتاج إليها‏[20]. وبالتالي، فإن التأثير المُحْتَمل للسلطة التنفيذية على التصويت، هو مصدر الشّك والريبة قبل كل موعد انتخابي.

أَشَارَت اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات في تقريرها الأولي، بعد الانتخابات التشريعية عام 2007، التي عرفت نسبة امتناع قياسية، إلى العديد من حالات الاحتيال. كما أعلن رئيس هذه اللجنة، سعيد بوالشعير، قبل أن يتراجع عن ذلك، عن بعض حالات الاحتيال هذه، كحشو صناديق الاقتراع بأوراق الانتخاب ومنع وجود مُراقبين في بعض المكاتب. وزعمت وسائل الإعلام الخاصة أن معدل المشاركة الفعلي كان بالتأكيد أقل من 20 بالمئة، وأن ما لا يقلّ عن 15 بالمئة من مراكز الاقتراع قد تمّ تزوير نتائجها‏[21]. أيضاً اسْتشهد الأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي (RND) خلال مُناظرة تلفزيونية، عقب انتهاء الانتخابات التشريعية لعام 2007، بحالة ممثلي الأحزاب السياسيّة في ولاية وادي سوف الذين هربوا بصناديق الاقتراع ورموها في الصحراء‏[22]. وباعتباره عضواً في التحالف الرئاسي ومن مسؤولي الصّف الأول، يبدو اعترافه هذا اعترافاً رسمياً بالتزوير.

واستمر الشكّ والريبة بمُناسبة اقتراب كل موعد انتخابي، حيث لاحظ مولود حمروش، رئيس حكومة أسبق، قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2004، أن مُخططات الاحتيال كانت واضحة قبل «الانطلاق الرسمي للحملة الانتخابية […] وأن القيادة العسكرية آثرت اختيار بوتفليقة […]». أمّا عبد السلام علي راشدي، رئيس حزب السبيل غير المُعتمد، فإنه يجد تقنيات تزوير الانتخابات متنوعة. فلم يَعُد الآن حَشْو صناديق الاقتراع بأوراق التصويت ضرورياً، عندما تعمل الآلة الانتخابية بشكل جيّد. حيث يكفي تهيئة كل الظروف المناسبة، القادرة بالمضيّ بالانتخابات إلى النتيجة المَرجوَّة. من خلال انتهاج أسلوب العودة إلى منطق الزبونية، وشراء الأصوات: فمع كل حملة انتخابية، يُضاعف مُرشحو السلطة (التحالف الرئاسي) ظُهورهم في وسائل الإعلام، والحملات الحوارية، ويُطلقون الوعود الطنَّانة والرَاجِحَة التي من الممكن تَجسيدها بسبب قُربهم من مراكز صنع القرار. بعبارة أخرى، في الوقت الذي يُفترض فيه من الإدارة الحياد، نجدها تتحول إلى تابع لأحزاب السلطة. في مثل هذه الحالة، يمتنع جزء من الناخِبين عن التصويت ويُصوت جزء آخر بالأبيض، في حين يُراهن الجزء الآخر على «الحصان الرابح»‏[23].

ورأت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (LADDH) أن أحد مفاتيح تنظيم انتخابات ذات صدقية هو وجود هيئة انتخابية وطنية مستقلة قادرة على ضمان انتخابات شفافة. لكن السلطات الجزائرية تُريد من هذه اللجنة أن تكون مُجرد مُزكّية لنتائج الاقتراع ولا تُسلط الضوء على مختلف عمليات الاحتيال. وهذا هو سبب عدم تجديد عهدة «سعيد بوالشعير» على رأس هذه الهيئة خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2009، لأنّه أشار إلى بعض الحالات الشاذة في الانتخابات التشريعية التي سبقتها العام 2007‏[24].

2 – العرض السياسي .. كمُحَدّد للانتخاب الاحتجاجي

في وجود طبقة سياسيّة فشلت في مشروعها، وديناميتها واستراتيجيتها الهجومية، يُعاني المرشحون في الانتخابات نقصاً خطيراً في الشرعية. ومنه فالانتخاب الاحتجاجي بنوعيه: الامتناع عن التصويت والانتخاب الأبيض أو الملغى، هو سبيل الناخِبين للتعبير عن رفضهم لطبقة سياسية يُنظر إليها على أنّها طبقة طائفية أو بالأحرى منغلقة على نفسها، تعمل لمصالحها الخاصة ولإعادة إنتاج نفسها.

تبدو الأحزاب السياسيّة الجزائرية كأحزاب في طور التكوين، وبالتالي خارج المواعيد الانتخابية، أحزاب غائبة تقريباً عن الساحة السياسيّة. فقط الأحزاب المُمثلة في المجلس الشعبي الوطني، هي من يُبدي بعض الآراء الخجُولة. غير أن افتقادها التماسك واقْتِفَاءها لخطى السلطات، ساهم كثيراً في تشويه سُمعتها بدلاً من جعلها أقْرب إلى المجتمع.

تتميَّز التشكيلات السياسيّة المُعارضة كثيراً بما يُسميه البعض النظام الأبوي الجديد (هشام شرابي، 1996). وغالباً ما تُحتكر السلطة في هذه الأحزاب، منذ نشأتها، من قبل قادتها الذين يَعتبرون الحزب كما الممتلكات الشخصية الأخرى. وهذا هو حال التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (RCD)، وحزب جبهة القوي الاشتراكية (FFS) وحزب العمال (PT). أمّا حركة مجتمع السلم (MSP)، فقد أدى رحيل قائدها إلى تَغَيُّر خطها السياسي. في حين شهد حزبا الحكومة: جبهة التحرير الوطني (FLN) والتجمع الوطني الديمقراطي (RND)، تَنَاوباً في قيادتهما، ومن ثمّ يبدو أنّهما يُشكلان استثناءً. حيث تَعاقب على رأس التجمع الوطني الديمقراطي، خلال عشرين عاماً من الوجود، ثلاثة أمناء عامين. في حين عرفت جبهة التحرير الوطني، منذ عام 1989، ستة أمناء عامين. وهذا التناوب ليس مُرادفاً للتداول السياسي والأداء الديمقراطي الداخلي. في الواقع، إن هذه التغييرات لم تتم وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في النظام الداخلي للحزب، كما أنّها ليست انعكاساً للنقاش الداخلي للأفكار، ولا نتيجة للاختيار الحُرّ لمناضلي الحزب. على سبيل المثال، شهدت جبهة التحرير الوطني بقيادة علي بن فليس، في العام 2003، انقلاباً داخلياً حقيقياً. حيث نَظَّم مُؤيدو عهدة ثانية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة مُؤتمراً لَيْلِياً لإطاحة القيادة الرسمية والشرعية. وقد تمكن عبد العزيز بلخادم، المتحمس لدعم رئيس الدولة، من خلافة علي بن فليس، الذي كان مُرشحاً لرئاسة الجمهورية. أمّا التجمع الوطني الديمقراطي، فالأمثلة أكثر عدداً: حيث جيء بالطاهر بن بعيبش في عام 1998 بديـلاً لــعبد القادر بن صالح، الذي استهدفته حملة التشويه ضد زروال ــــ بتشين‏[25].

وبعد عام، سقط بن بعيبش لمصلحة أحمد أويحي. هذا الأخير أوشك، بدوره، في عام 2004، أن يفقد قيادة الحزب لكنه استعادها بعد أسبوع. إن هذا التداول على رأس هذين الحزبين هو نتيجة مباشرة لاقتراب موعد السباق الرئاسي‏[26]. وقد تفاقمت الصراعات داخل هذين الحزبين، حتى وإن ظهر بعض الانفراج بداخلهما أثناء إجراء انتخاب قضاة المحكمة العليا. من ناحية أخرى، لم يكن بمقدور أيّ أحدّ البروز عشية الانتخابات الرئاسية عام 2009. والسبب وجيه، وهو أن تعديل الدستور المصمم خصيصاً للرئيس بوتفليقة، قد أدى إلى إبادة جميع المخاطر أمامه. علاوة على ذلك، فمن المرجح بعد تجديد الحكم للرئيس بوتفليقة، أن لا تحدث الاضطرابات والمنافسات داخل أحزاب الحكومة. وفي نهاية المطاف، فإن الصراعات والتغييرات التي تحدث داخل قيادتي: حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، هي بمنزلة إطالة للصراع العشائري على السلطة أكثر منها انعكاساً للمناقشات الفكرية الداخلية.

إن سعي هذين الحزبين إلى السلطة بمختلف الطرق، هو أساساً من أجل توزيع الامتيازات المادية والرمزية بأنواعها. وامتناع الجزائريين عن التصويت أو تصويتهم بالأبيض نابع من إدراكهم الجيّد أن السياسات العامة لا ترتبط بأيّ حال من الأحوال بأصواتهم. فلماذا إذاً التصويت في الانتخابات التشريعية، في حين أن سلطة الأحزاب السياسيّة وهمية واللعبة السياسيّة مغلقة‏[27]. فالمجلس الشعبي الوطني هو مؤسسة ليس لها سلطة حقيقية في صنع القرار ـــــ والسلطة التنفيذية عادة ما تُشرع بموجب مراسيم. ولكن في الوقت نفسه، أن تكون نائباً معناه تَوَافرك على فوائد مادية كبيرة. يُعتبر عجز البرلمان من أكثر الإشكاليات التي لاحظها البرلمانيون أنفسهم عام 2008، في حين تعَاظُم دور الوزراء والولاة ومسيِّري الإدارات العمومية الرئيسية في تزايد مستمر‏[28].

علاوة على ذلك، ساهمت مواقف قيادات بعض الأحزاب في شأن الانتخابات الرئاسية في تغذية الامتناع عن التصويت. وأدى عدم مشاركة زعماء بعض التشكيلات السياسيّة في الانتخابات الرئاسية إلى توليد إحباط حقيقي بين المناضلين الناخِبين ومُؤيدي الأحزاب، مثل التجمع الوطني الديمقراطي، حركة مجتمع السلم وجبهة القوى الاشتراكية. هذه الأخيرة، لا تزال رمزاً للمعارضة التاريخية في المناطق القبلية ولدى هامش معيَّن من المجتمع. ومع ذلك، لم يتمكن هؤلاء السكان من التصويت إلّا في مناسبات نادرة جدّاً، لدعوة جبهة القوى الاشتراكية دوماً إلى مقاطعة الانتخابات. كذلك قرر حزب التجمع الوطني الديمقراطي، عام 1999، وهو أوّل قوّة سياسيّة في البلد رسمياً، عدم تقديم مُرشح للانتخابات الرئاسية حتى لا تُثار بداخله توترات حقيقية. ولم تُقدم حركة مجتمع السلم (حمس)، وهي القوّة السياسيّة التي لا يمكن تَجنبها منذ العام 1995‏[29]، أيّ مرشح للانتخابات الرئاسية منذ عام 1999، عندما قَرر جميع المرشحين للرئاسة الانسحاب من السباق الانتخابي، مُقتنعين بأن المُباراة قد حُسمت مُسبقاً لمصلحة «مُرشح الجيش». علاوة على ذلك، هَزَّ حزب حركة مجتمع السلم (حمس) أزمة داخلية خطيرة في العام 2008. أمّا جبهة التحرير الوطني، فقد عانت في عام 2009 انتكاسة سياسية خطيرة، لقرار الرئيس الترشح مرَّة أخرى كمرشح مُستقل. إن انسحاب الأحزاب السياسيّة في البلاد من السباق الرئاسي، أعطى للناخبين انطباعاً بأن هذه الأحزاب لديها القليل من الطموح السياسي، وتفتقد جُرأة الرأي أو أنّها ترضى بتلقي عدد قليل من الحوافز المالية والرمزية مُقابل دعم المرشح الذي يُرشحه آخرون.

ساهمت تصريحات بعض المسؤولين أيضاً، في زيادة أعداد المصوتين بالأبيض، الذين هَمُّهم التأشير على بطاقة الناخب من قبل السلطات الرسمية تَفَادياً للمتاعب الإدارية. فقد صرح عبد القادر زوخ والي ولاية الجزائر العاصمة، قبيل الانتخابات الرئاسية الماضية التي أجريت في 17 نيسان/أبريل 2014، أن: «المواطنين الذين لا ينتخبون لن يستفيدوا من سكن اجتماعي». قبل أن يَعود ويَنفي هذه التصريحات، التي نقلتها وسائل الإعلام بالصوت والصورة. وهي التصريحات التي أثارت جدلاً واسعاً وسط ساكني الأكواخ ولدى سياسيين وحقوقيين، استنكروا ربط حق السكن بالانتخاب.

3 – الناخِب.. كطرف فاعل في الامتناع عن التصويت والامتناع بالأبيض

إن المُمَثل بامتياز للانتخاب الاحتجاجي هو الناخِب المُمتنع والمُصَوّت بالأبيض. فمنذ تبني سياسة التعددّية الحزبية، سُجلت أعلى مُعدلات المشاركة في مناسبتين: في عامي 1990 و1995. مع نسبة امتناع قُدرت بــــ 25 بالمئة. وتُعَدّ الانتخابات الرئاسية لعام 1995 من أبرز المواعيد الانتخابية التي شهدت أكبر تعبئة للناخبين. والسببان الرئيسيان لهذه التعبئة غير المسبوقة التي لا مثيل لها، هما:

أ – شَسَاعَة وتنوع العرض السياسي مع ترشح مرشحين من جميع التيارات الأيديولوجية.

ب – العنف الإرهابي الذي وَلَّدَ تعبئة للبحث عن مخرج لهذا المأزق.

أمّا بالنسبة لنسبة المشاركة العالية في الانتخابات المحلية عام 1990 (62 من المئة)، فتُفسر بتأثير جدّة الحدث، والحماسة الزائدة من جراء تبني التعددّية الحزبية. وقد تميّزت هذه الانتخابات بفوز ساحق للجبهة الإسلامية للانقاذ (FIS). وقد تَكرر هذا الفوز بعد 18 شهراً خلال الانتخابات التشريعية، ولكن مع انخفاض نسبة المشاركة بـــ 3 من المئة.

وفي الجانب الآخر من الطيف، سُجلت أعلى نسبة امتناع في تشريعيات العام 2007‏[30]. مع نسبة مشاركة قُدرت بـــ 35.5 من المئة، وقد دَقَّ جميع الفاعلين السياسيين (الحكومة، الأحزاب السياسيّة ووسائل الإعلام) ناقُوس الخطر. وذهبت أغلب أحزاب المعارضة بعيداً مُشيرة إلى أن النسب الرسمية ضُخمت عمْداً. على أيّ حال، لم تَبلغ نسب المشاركة الرسمية أبداً 50 من المئة منذ عام 1999، في حين كانت النسبة الرسمية 57.7 من المئة في الانتخابات الرئاسية عام 2004 مُثيرة للجدل. إن المناطق المُمتنعة هي بلا شك المدن الكبرى (الجزائر العاصمة، تيزي وزو، البويرة ووهران…)، حيث مستويات المشاركة غالباً ما كانت أقلّ من 30 بالمئة في هذه المناطق. لا يَبْدو الامتناع مُنتظماً ولا تفاضلياً، ولكن يظهر على شكل ثابت. في المقابل نجد في المناطق النائية والمدن الداخلية الصغيرة للبلد، أن المشاركة أكثر أهمية وتُساعد على رفع المعدل الوطني، وهي يمكن أن تبلغ نسبة 75 بالمئة، وفقاً للأرقام الرسمية. صحيح أن قاطني المدن الكبرى عادة ما يكونون أكثر تعليماً، واتصالاً بالعالم الخارجي من خلال وسائل الاتصال الحديثة (القنوات الفضائية والإنترنت…). لذلك لديهم مُتطلبات أعلى كثيراً من نُظرائهم في المناطق الريفية، وأكثر من ذلك تَجِدهم ينتقدون العروض السياسيّة المُقترحة والإنجازات. من هذا المنظور، الامتناع عن التصويت هو وسيلة احتجاج افتراضية تنشأ مباشرة من إفلاس الطبقة السياسيّة، التي من المفترض أن تمثّل المواطنين وتدافع عن مصالحهم على أعلى مستويات الدولة. ونظراً إلى الأسباب المذكورة أعلاه، فشلت الأحزاب السياسيّة في إقناع المواطنين خلال الحملات الانتخابية، ناهيك بتعبئتهم يوم الانتخاب.

يختلف الوضع في المناطق الريفية، حيث الرابط الاجتماعي أقوى كثيراً. ولا تزال تُميِّزها بصمة «الولاءات الأولية»، التي تراوح بين الروابط العائلية المُمْتَدّة والانتماء إلى نفس الزاوية (الأخَوية)، مُروراً بالقرية والمنطقة. وهكذا فإن وجاهة المرشح أكثر أهمية كثيراً من الحزب، لما لديه من مكانة خاصة في قريته أو «دَشْرَتِه» مسقط رأسه‏[31]. وتشجَّع النعرة المحلية والإقليمية على أعلى مستويات الدولة. وهكذا تمّ استبدال المثلث الشهير المعروف بالمختصر الفرنسي (BTS) (ب ت س) (باتنة، تبسة وسوق أهراس) الواقع شرق البلاد، بالمثلث الغربي المعروف هو الآخر بمختصر (TNT) (ت ن ت) (تلمسان، ندرومة وتيارت). وهذه المنطقة الأخيرة كانت ولا تَزال مُمثلة بقوّة في الحكومة، ولا سيّما من خلال الدائرة الاقتصادية: شكيب خليل، وزير الطاقة وحميد تمار وزير الصناعة، اللذان أصلهما من غرب البلاد.

من الواضح أن الامتناع عن التصويت أقلّ شدّة في المناطق المُحافظة الواقعة في داخل البلاد. وتلعب الأحزاب، كحزب جبهة التحرير الوطني، على الروابط العرقية أو القبلية لتعبئة الناخِبين. والواقع، لا تزال جبهة التحرير الوطني حقيقة اجتماعية، رُبَّما أكثر منها سياسيّة، في العديد من المناطق المُولعة بالبُعد التاريخي للحزب. وبالنسبة إلى فئة من السكان الذين عايَشوا تجربة التحرر من الاستعمار، فإن الحِمْل الرمزي والعاطفي للجبهة التي قادت إلى استقلال الجزائر لا يزال مُستَمِراً. وهي لا تَزال تُقاوم الفشل السياسي والأزمة الاقتصادية التي حَطَّت من قداستها في أماكن أخرى من الوطن.

في المُقابل، توصَّلت إحدى الدراسات الميدانية الجزائرية إلى أن الممتنعين بالأبيض ليسوا من الشباب. بل هم من فئة الكُهُول (الأكثر من 45 سنة)، وهم مُندمجون اجتماعياً، ذوو مستوى تعليمي (الحاملون لدرجة الماجستير والدكتوراه) وذوو كفاءة سياسيّة‏[32]. وهي خاصية سوسيولوجية تُميّزُهم عن الممتنعين بعدم الذهاب للتصويت الذين لم يرتبطوا بفئة معينة ومَسَّ جميع الفئات وكل المستويات التعليمية.

تُظْهر الجداول ذوات الأرقام (1) و(2) و(3)، أن هناك خطاً تصاعدياً في أعداد الممتنعين عن التصويت وأعداد المنتخبين بالأبيض، تقريباً في كل المواعيد الانتخابية التعددّية، التي عرفتها الجزائر منذ عام 1990 إلى غاية عام 1997. ويَظهَر أن التذبذب الوحيد الحاصل في أعداد الممتنعين كان في الانتخابات الرئاسية 2009، حيث انخفضت عمَّا كانت عليه من قبل. ورُبَّما يعُود السبب في ذلك إلى نجاح السلطات آنذاك في إقناع الجزائريين بالإقبال على صناديق الاقتراع بعد أن نشرت وعوداً سارة (تَحققت بالفعل بعد هذه الانتخابات) بالزيادة في الأجور، وزيادة قيمة منحة الطالب الجامعي وإلغاء دُيُون الفلاحين. وبالموازاة، ضَيَّقَت على نشاط المُنادين بالمُقاطعة. أمّا في ما يخص تذبذب أعداد المنتخبين بالأبيض في كل من انتخابات الرئاسة لعام 2004، والانتخابات البرلمانية لعام 1995 والانتخابات المحلية لعام 2007، فمردُّه على الأرجح إلى فشل العرض السياسي، الذي فاقم النظرة السلبية للناخب تُجاه فاعلية السلطة، التي بَدَت سلبية ولا تخدم إلّا مصالحها الخاصة.

الجدول الرقم (1)

عدد الممتنعين والمصوتين بالأبيض في الانتخابات الرئاسية منذ ظهور التعددّية الحزبية

تاريخ الانتخاب الممتنعون نسبة مئوية المنتخبون بالأبيض نسبة مئوية
16 تشرين الثاني/نوفمبر 1995 3.761.522 24.65 347.722 2.28
15 نيسان/أبريل 1999 6.954.385 39.75 454.474 2.59
8 نيسان/أبريل 2004 7.585.778 41.93 329.075 1.81
9 نيسان/أبريل 2009 5.244.378 25.89 1.042.727 5.06
17 نيسان/أبريل 2014 10.500.915 49 1.087.449 4.97

 

الجدول الرقم (2)

عدد الممتنعين والمصوتين بالأبيض في الانتخابات التشريعية منذ ظهور التعددّية الحزبية

تاريخ الانتخاب الممتنعون نسبة مئوية المصوتون بالأبيض نسبة مئوية
26 كانون الأول/ديسمبر 1991 5.435.929 41 964.096 7.27
5 حزيران/يونيو 1997 5.700.000 34.13 727.000 4.71
30 أيار/مايو 2002 9.662.591 53.82 867.669 4.3
17 أيار/مايو 2007 12.072.314 63.05 961.751 5.12
10 أيار/مايو 2012 11.499.026 56.86 1.704.047 7.87
4 أيار/مايو 2017 14.627.304 62.90 2.109.917 9.07

 

الجدول الرقم (3)

عدد الممتنعين والمصوتين بالأبيض في الانتخابات المحلية (البلدية والولائية) منذ ظهور التعددّية الحزبية

تاريخ الانتخاب الممتنعون نسبة مئوية المصوتون بالأبيض نسبة مئوية
12 حزيران/يونيو 1990 4.475.009 34.85 381.972 2.97
23 تشرين الأول/أكتوبر 1997 5.108.520 33.57 700.821 4.43
10 تشرين الأول/أكتوبر 2002 7.880.544 56.01 2.119.456 11.80
29 تشرين الثاني/نوفمبر 2007 10.317.085 54 880.667 4.77
29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 11.951.618 55.74 1.007.961 4.70

 

خاتمة

أظهرت السلطات العمومية قلقها إزاء شبح الامتناع الذي أرخى بظلاله، أثناء التحضير للانتخابات التشريعية لعام 2017. وقد تضاعف هذا القلق، مع احتمال أن يصبح هذا الاقتراع على المحك، وكان هذا سبباً كافياً ليجعل الحكومة تُطلق حملة شاملة لإقناع الجزائريين بالتصويت. وذلك من خلال حملات تلفزيونية وإذاعية؛ الرسائل النصية على الهواتف المحمولة؛ دروس التربية المدنية في المدارس؛ حافلات تسير في الشوارع تحمل ملصقات تحُثّ على التصويت… إلخ. ولأن الخوف من الامتناع عن التصويت كان من الضخامة بمكان، قَرَّرت الحكومة إشراك المساجد، وهو ما يُناقض أحكام المادة 184 من قانون 16 – 10، الذي يَمنع منعاً باتاً استخدام دور العبادة لأغراض سياسيّة. فطلب وزير الشؤون الدينية، محمد عيسى، من أئمة المساجد المشاركة في الحملة الانتخابية لحثّ الناس على التصويت الواسع، وَذُكر في خُطب الجمعة التي تزامنت مع الحملة الانتخابية، أن الامتناع عن التصويت ليس من القيم التي نادى بها الإسلام‏[33].

كشفت هذه الحملة الانتخابية النقاب عن زيف وعي الحكام، الذين بدلاً من أن يهتموا بالحلول الشاملة تَبَنّوا نصف الحلول أو حلولاً على المقاس، لأنّهم أهملوا المشكلة الأساسية، ألا وهي أزمة الثقة. ومن المُثير للاهتمام أن أرقام المشاركة عكست بصورة موثوقة الواقع مرتين: الأولى، تُشير إلى فترة من الأمل في التغيير السياسي، حيث بدا النظام أنّه يقبل بالتداول الديمقراطي (1998 ــــ 1991)؛ بينما أَشارت الثانية إلى فترة من عدم الاستقرار الكبير حيث قَدَّم النظام نفسه كضامن للأمن ضد الإرهاب (1995). وهكذا، انخفض الامتناع عن التصويت في كل مَرَّة كان يجد فيها المواطن نفسه في وضع استثنائي (كالانتقال من الحزب الواحد إلى نظام تعدد الأحزاب والشّعور بالانهيار الأمني). مع العلم أن الحالة الاستثنائية الأولى لا يُمكن أن تتكرّر، في حين من المُرجح أن يُصبح الخطر الثاني قاعدة. فالنظام الذي يَستوعب الدولة يصبح ملاذه الآمن تقديم خدمة حيوية وحيدة وهي الأمن والسلامة. وهكذا أصبحت التعبئة الانتخابية مسألة محورية في نظام تقلّصت شرعيته إلى مجرد الركيزة الأمنية الوحيدة.

المصادر:

(*) نُشرت هذه الدراسة في مجلة المستقبل العربي العدد 467 في كانون الثاني/يناير 2018.

(**) نصير سمارة: أستاذ العلوم السياسيّة والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر 3.

[1] المُصطلح استخدمه كثير من الباحثين الفرنسيين، منهم : آلان لنسلو (Alain Lancelot)، فيليب مير (Philippe Meyer)، ميشال هلفينغ (Michel Helving) وأوليفيه دوران (Olivier Duraud).

[2] «Abstentionnisme,» <http://www.universalis.fr/encyclopedie/C050049/ABSTENTIONNISME.htm>.

[3] قارن بـ : Pierre Bréchon, Annie Laurent et Pascal Perrineau, La Culture politique des Français (Paris: Presses de sciences politiques, 2000), p. 103.

انظر أيضاً: غرايم جيل، ديناميات السيرورة الديمقراطية والمجتمع المدني، ترجمة من الإنكليزية يوسف شوكت (دمشق: وزارة الثقافة، 2005)، ص 164؛ نبيل رمزي إسكندر، الاغتراب وأزمة الإنسان المعاصر (الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية، 1988)، ص 220، وعلي السيد الشتا، نظرية الاغتراب من منظور علم الاجتماع (الرياض: عالم الكتب للنشر والتوزيع، 1954)، ص 208.

[4] Jacque Lagroye, Bastien François et Fréderic Sawichi, Sociologie politique, 6ème ed. (Paris: Presses de sciences politiques; Dalloz, 2012), pp. 346 – 355.

[5] قارن بـ : Françoise Subileau et Marie-France Toinet, Les Chemins de l’abstention (Paris : La Découverte, 1993), p.131, et Pierre Bréchon, Comportements et attitudes politiques (Paris: Presses universitaires de France, 2010), p. 53.

انظر أيضاً: ليبست سيمور مارتن، كيونج وتوريز وجون تشارلز، «تحليل مقارن للمتطلبات الخاصة بالديمقراطية،» ترجمة من الإنكليزية إنصاف سلطان، المجلة الدولية للعلوم الاجتماعية، العدد 136 (أيار/مايو 1993)، ص 105.

[6] Madjid Makedhi, «Algérie: Le RND et le FLN divergent autour de l’abstention et la fraude: Abdelaziz Belkhadem acculé,» El Watan, 25/5/2007.

[7]    Lematindz.net, 21/11/2007.

[8] Jacque Bouverssée, «Abstention, participation: Les Déclinaisons politiques de l’absence,» dans: Christophe Boutin et Frediric Rouvillois, L’Abstention électorale: apaisement ou épuisement? (Paris: Colloque de centre, 2001), pp. 118-125.

[9] Olivier Durand, Le Vote Blanc: Pour un suffrage vraiment universel (Paris: L’Harmattan, 1999).

[10] Paul Bacot, Dictionnaire du vote: Elections et délibération (Lyon: Presse universitaire du Lyon, 1999), p. 190.

[11] Grand dictionnaire encyclopédique Larousse (Paris: Larousse, 1982), vol. 2, p. 1280.

[12] الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، قانون عضوي رقم 16 – 10 مؤرخ في 22 ذي القعدة عام 1437 الموافق 25 آب/أغسطس سنة 2016، يتعلق بنظام الانتخابات، الجريدة الرسمية، العدد 50، ص 16.

[13] Philippe Meyer, «Le Progrès fait rage,» Revue Commentaires, no. 85 (printemps 1999), p. 31.

[14] Adélaïde Zulfikarpasic, «Le Vote blanc: Abstention civique ou expression politique,» Revue Française des sciences politiques, nos. 1‑2 (2001), pp. 247‑269.

[15] Meyer, Ibid., p. 35.

[16] Lematindz.net, 21/11/2007.

[17] تَضَمَّن الاستطلاع سؤالاً واحداً مفاده: من سَتَنْتَخِب في الانتخابات التشريعية؟ وكانت النتائج على النحو التالي:

اسم الحزب عدد المصوتين النسبة المئوية
جبهة التحرير الوطني 18222 11.61
التجمع الوطني الديمقراطي 4325 2.75
تكتل الجزائر الخضراء 45448 28.95
حزب العمال 3273 2.08
الجبهة الوطنية الجزائرية 755 0.48
جبهة القوى الاشتراكية 11705 7.46
جبهة العدالة والتنمية 16609 10.58
جبهة التغيير 36511 23.26
حزب الحرية والعدالة 6354 4.05
الحركة الشعبية الجزائرية 831 0.53
أحزاب أخرى 6714 4.28
المجموع 96.03

المصدر:           <http://www.echoroukonline.com/ara/articles/126295.html?=50012output type=rss>.

[18] اتصال هاتفي مع السيد «ع.ر، ب» أحد المشرفين على الموقع الإلكتروني لجريدة الشروق اليومية الجزائرية.

[19] بِمُوجب التعديلات المذكورة، يجب أن تُزكّى صراحة القائمة في الانتخابات المحلية والتشريعية من قبل حزب سياسي حصل على ما لا يقل عن 4 بالمئة من الأصوات المُعبّر عنها في أحد الانتخابات الأخيرة. كما يجب أن يكون هذا الحزب حاضراً في 25 ولاية على الأقلّ، وحصل على ما لا يقلّ عن 2000 صوت لكل ولاية. أمّا الاحتمال الثاني فهو أن تتضمن القائمة 10 منتخَبين على الأقلّ في الدائرة الانتخابية المترشح فيها. في حين يتمثل الاحتمال الثالث بأن تُدَعَّم القائمة بخمسين توقيعاً على الأقل من ناخبي الدائرة الانتخابية المعنية، في ما يخص كل مقعد مطلوب شغله للمجالس المحلية، أو مئتين وخمسين توقيعاً على الأقلّ لانتخابات المجلس الشعبي الوطني. أمّا الانتخابات الرئاسية، فالقانون يتطلّب ما لا يقل عن 60.000 توقيع فردي على الأقلّ لناخبين مُسجّلين في القائمة الانتخابية. ويجب أن تُجْمَع عبر 25 ولاية على الأقلّ وينبغي ألا يقلّ العدد الأدنى من التوقيعات المطلوبة في كل ولاية من الولايات المقصودة عن 1500 توقيع. أو الحُصول على 600 توقيع من المنتخَبين المحليين أو البرلمانيين. وعليه فقد تمّ استبعاد 10 أحزاب سياسيّة من أصل 19 حزباً في العام 2002. انظر: الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، قانون عضوي رقم 16 – 10 مؤرخ في 22 ذي القعدة عام 1437 الموافق 25 آب/أغسطس سنة 2016، يتعلق بنظام الانتخابات، الجريدة الرسمية، العدد 50، ص 9 – 37.

[20] الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، قانون عضوي رقم 16 – 11 مؤرخ في 22 ذي القعدة عام 1437 الموافق 25 آب/أغسطس سنة 2016، يتعلق بالهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، العدد 50، ص 41 – 46.

[21] Louisa Dris-Aït Hamadouche, «The 2007 Legislative Elections in Algeria: Political Reckonings,» Mediterranean Politics, vol. 13, no. 1 (March 2008), pp. 87‑94.

[22] Makedhi, «Algérie: Le RND et le FLN divergent autour de l’abstention et la fraude: Abdelaziz Belkhadem acculé».

[23] بدأ عبد العزيز بوتفليقة حملته الانتخابية، بعد إعلانه الترشح للرئاسة، بجولة في البلاد وأعلن خلالها أنّه سيتم مَسْح جميع ديون الفلاحين، التي بلغت قيمتها الإجمالية حوالى 500 مليون دولار. وكان قد أعلن قبل ذلك إنشاء صندوق للاستثمار بقيمة 150 مليار دينار لتمويل المشاريع المحلية. وفي نهاية كانون الأول/ديسمبر 2008، خَصَّص الرئيس 40 مليار دينار لبرنامج الطوارئ. إذاً في غضون شهرين، وعد الرئيس المُرشح بما يُقارب 3 مليارات دولار.

[24] Salah-Eddine Sidhoum et Algeria-Watch, «Algérie: Guerre, émeutes, État de non-droit et déstructuration sociale; Situation des droits humains en Algérie 2002 », Algeria-Watch (mars 2003), <http://www.algeria-watch.org/fr/mrv/2002/rapport_2002/rapport_2002_02.htm#protestation>.

[25] سَبَق استقالة الرئيس اليامين زروال حملة إعلامية شرسة للغاية ضدّ مستشاره محمد بتشين، الذي تمّ دفعه إلى الاستقالة بعد هجمات استهدفت امبراطوريته الاقتصادية والإعلامية فضـلاً عن طريقة إدارته لمكافحة الإرهاب.

[26] Dris-Aït Hamadouche, «The 2007 Legislative Elections in Algeria: Political Reckonings».

[27] Mohammed Hachmaoui, «La Représentation politique en Algérie entre médiation clientélaire et prédation (1997‑2002),» Revue française de science politique, vol. 53, no. 1 (2003), pp. 35‑72.

[28] Yahia H. Zoubir, «Islamist Parties in Algeria,» Middle East Affairs Journal, vol. 3, nos. 1‑2 (hiver-printemps 1997), pp. 95‑122.

[29] المصدر نفسه.

[30] شَهِدَت المدن الكبرى، خلال الانتخابات المحلية التي أُجريت في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2007، امتناعاً لم يَسبق له مثيل: البليدة 29 بالمئة؛ بومرداس 37 بالمئة؛ الجزائر العاصمة 23 بالمئة؛ قسنطينة 29 بالمئة؛ وهران 37 بالمئة. وبلغت نسبة المشاركة في ولاية ورقلة، المُتواجدة في جنوب البلاد، التي كان من المفترض أن تكون نسبة الامتناع عن التصويت فيها منخفضة، حوالى 46 بالمئة فقط.

[31] Hachmaoui, «La Représentation politique en Algérie entre médiation clientélaire et prédation (1997‑2002)».

[32] ناجية حمدي، «دور المواقف السياسيّة في تحديد التوجهات السياسيّة للجزائريين، 1990 ـــ 2014،» (أطروحة دكتوراه غير منشورة، قسم التنظيم السياسي والإداري، كلية العلوم السياسيّة والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر 3، 2015)، ص 351.

[33] Nadjia Bouaricha, «L’État franchit le pas,» El Watan, 17/2/2009.

 

رابط المصدر:

https://caus.org.lb/ar/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d8%aa%d8%ae%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%aa%d8%ac%d8%a7%d8%ac%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%b2%d8%a7%d8%a6%d8%b1-%d9%85%d9%86%d8%b0-%d8%b8%d9%87%d9%88/?fbclid=IwAR0nHJ8yK0zmlKhwv488JXPDf8g4zlMJbTITJ-x8g3g8DLGlyGX7HSpqalA

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M