التحالف الدولي بالبحر الأحمر.. تشكك تجاري وغياب سعودي

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن تشكيل تحالف دولي يضمّ عشرة بلدان للتصدّي لهجمات الحوثيين المتكررة على سفن يعتبرونها “مرتبطة” بإسرائيل في البحر الأحمر.

وجاء في بيان لوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن “البلدان التي تسعى إلى ترسيخ المبدأ الأساسي لحرية الملاحة عليها أن تتكاتف لمواجهة التحدّي الذي تشكّله هذه الجهة”.

وصعّد المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران هجماتهم على ناقلات النفط وسفن الشحن وغيرها في البحر الأحمر، معتبرين أنهم بذلك يمارسون ضغوطا على إسرائيل بسبب حربها مع حركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة.

وقال أوستن إن التحالف الأمني سيعمل “بهدف ضمان حرية الملاحة لكل البلدان ولتعزيز الأمن والازدهار الإقليميين”.

ويضم التحالف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنروج والسيشل وإسبانيا.

لكن غياب السعودية عن قائمة بالدول المشاركة في تحالف بحري جديد لحماية الملاحة في البحر الأحمر من جماعة الحوثي اليمنية كان ملفتا للانتباه وربما مثيرا للدهشة.

وبدأت التجارة العالمية تتأثر سلبا هذا الأسبوع بالهجمات، مما أدى إلى تعطيل طريق تجاري رئيسي يربط أوروبا وأمريكا الشمالية بآسيا عبر قناة السويس.

كما ان شركات الشحن البحري لا تزال متشككة بشأن التحالف البحري الدولي الجديد الذي تشكله الولايات المتحدة لمواجهة الهجمات في البحر الأحمر، مع استمرار العديد من السفن في تجنب المنطقة أو إلغاء عقودها.

وستقوم المجموعة المعروفة في معظم وسائل الإعلام باسم “قوة العمل” بتسيير دوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

وقال أوستن في بيان “هذا تحد دولي يتطلب عملا جماعيا” معلنا عن إطلاق مبادرة “حارس الازدهار”.

ودعا أوستن الدول الأخرى إلى المساهمة وندد “بأفعال الحوثيين المتهورة”.

لكن لم يتضح بعد عدد الدول الأخرى التي ترغب في القيام بما فعلته السفن الحربية الأمريكية في الأيام القليلة الماضية، إذ أسقطت صواريخ وطائرات مسيرة تابعة للحوثيين وتوجهت سريعا لمساعدة السفن التجارية التي تتعرض لهجوم.

وقال دبلوماسي من إحدى الدول الأوروبية المشاركة في قوة العمل إن فكرة العملية تتمثل في إسقاط سفن الدول المشاركة الصواريخ والطائرات المسيرة ومرافقة السفن التجارية عبر البحر الأحمر.

وكان الحوثيون أعلنوا أن “القوات المسلحة اليمنية” التابعة لهم “نفذت عملية نوعية ضد سفينتين لهما ارتباط بالكيان الصهيوني الأولى سفينة سوان اتلانتيك محملة بالنفط والأخرى سفينة إم إس سي كلارا تحمل حاويات وقد تم استهدافهما بطائرتين بحريتين”.

وحذّر الحوثيون في بيانهم الإثنين “كافة السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من أي جنسية كانت من الملاحة في البحرين العربي والأحمر حتى إدخال ما يحتاجه أخواننا الصامدون في قطاع غزة من ماء ودواء”.

وقال أوستن في مؤتمر صحافي “في البحر الأحمر، نقود قوة بحرية متعددة الجنسيات لصون المبدأ الأساسي لحرية الملاحة. دعم إيران لهجمات الحوثيين على السفن التجارية يجب أن يتوقف”.

وقال الجيش الأميركي إن مدمرة أميركية أسقطت السبت 14 مُسيَّرة في البحر الأحمر انطلقت من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن. وقالت حكومة المملكة المتحدة إن إحدى مدمراتها أسقطت أيضًا مُسيَّرة يشتبه بأنها هجومية في المنطقة.

وقال أوستن إن إيران تقف وراء هجمات الحوثيين. وتنفي إيران تورطها لكنها تقول إنها تدعم حلفاءها الحوثيين.

وقال الدبلوماسي الأوروبي الذي رفض الكشف عن هويته إن قوة العمل تهدف إلى إرسال رسالة قوية إلى إيران ووكلائها. وأضاف “لا شك أن الحوثيين يتصرفون نيابة عن إيران”.

ويحجم العديد من الحلفاء العرب الرئيسيين للولايات المتحدة حتى الآن عن الانضمام إلى قوة العمل. وذكرت صفحة رسمية على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء أن وزير الدفاع البحريني اجتمع مع نظراء غربيين لبحث الأمن البحري، لكنها لم تذكر تفاصيل أخرى.

وأعلن المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام السبت عن وساطة عمانية لحماية الممر المائي. وقال على موقع “إكس” إن المناقشات جارية “برعاية من الأشقاء في سلطنة عمان… مع عدد من الجهات الدولية بشأن العمليات في البحر الأحمر وبحر العرب”.

وقال محمد علي الحوثي القيادي في جماعة الحوثي لقناة العالم الإيرانية يوم الثلاثاء إن أي دولة تتحرك ضد اليمن ستستهدف سفنها في البحر الأحمر.

وقال المكتب السياسي لجماعة الحوثي اليمنية في بيان إن التحالف الدولي الذي شكلته الولايات المتحدة لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر يأتي في إطار العدوان على الشعب الفلسطيني، مضيفا أن التحالف يتناقض مع القانون الدولي.

وقال بيان الحوثيين “إن التحالف الدولي الذي أعلنته أمريكا بحجة حماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر إنما هو تحالف لحماية الكيان الإسرائيلي وحماية السفن الإسرائيلية، وهو جزء لا يتجزأ من العدوان على الشعب الفلسطيني وعلى غزة وعلى الأمة العربية والاسلامية”.

وأضاف “هو يهدف إلى تشجيع الكيان الصهيوني لمواصلة جرائمه الوحشية بحق الشعب الفلسطيني في غزة، إن هذا التحالف يتناقض مع القانون الدولي ولا يحمي الملاحة البحرية بل يهددها ويسعى إلى عسكرة البحر الأحمر لصالح الكيان الإسرائيلي”.

وتابع “القوات المسلحة اليمنية وهي تنفذ عملياتها ضد العدو الإسرائيلي فإنها لا تمثل أي تهديد لأي دولة في العالم، فهي فقط تستهدف سفن العدو الإسرائيلي أو السفن المتجهة إلى موانئه”.

وجاء فيه أيضا “نؤكد أن الشعب اليمني ثابت على موقفه المبدئي المساند للشعب الفلسطيني حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة”.

وقلل مسؤول في الجيش الأمريكي رفض نشر هويته من فكرة أن السفن البحرية سترافق السفن التجارية بسبب وجود مئات السفن التي تسلك هذا الطريق يوميا، لكنه قال إن العملية الأمريكية ستضع السفن في مناطق يمكن أن تحقق فيها أكبر فائدة أمنية.

التأثير على التجارة العالمية

وبدأت التجارة العالمية تتأثر سلبا هذا الأسبوع بالهجمات، مما أدى إلى تعطيل طريق تجاري رئيسي يربط أوروبا وأمريكا الشمالية بآسيا عبر قناة السويس.

وعلقت شركة النفط الكبرى بي.بي كل عمليات النقل عبر البحر الأحمر، وبدأت كبرى شركات الشحن مثل ميرسك في تغيير مسار الشحنات التي تمر عادة عبر قناة السويس لتدور حول رأس الرجاء الصالح في الجزء الجنوبي من أفريقيا.

ويضيف المسار الجديد حول أفريقيا أياما إلى زمن الرحلة ويتسبب في ارتفاع التكاليف. وزاد عدد الشركات التي تتجنب المرور من البحر الأحمر.

وأصيبت السفينة النروجية “إم/في سوان أتلانتيك” الاثنين “بجسم غير محدد” في البحر الأحمر، وفقاً للشركة المالكة “انفينتور كيميكال تانكرز” Inventor Chemical Tankers التي قالت في بيان “لحسن الحظ لم يصب أفراد الطاقم الهندي بأذى، وتعرضت السفينة، وفقًا لهم، لأضرار محدودة”، مشيرة إلى أن الناقلة التي انطلقت من فرنسا باتجاه جزيرة ريونيون، لا تربطها أي علاقة بإسرائيل.

والسفينة “إم/في سوان أتلانتيك” هي الآن تحت حماية البحرية الأميركية.

ولا تتوفر في الوقت الحالي معلومات حول السفينة الثانية التي ورد اسمها في البيان الصادر من صنعاء.

إثر الهجمات، علقت شركات شحن كبرى المرور عبر مضيق باب المندب الذي تمر عبره 40 في المئة من التجارة الدولية إلى حين ضمان سلامة الملاحة فيه. ومن بين هذه الشركات الدنماركية ميرسك والألمانية هاباغ-ليود والفرنسية سي ام إيه سي جي إم والإيطالية السويسرية إم أس سي.

وأعلنت شركة النفط البريطانية “بريتيش بتروليوم” (بي بي) أنها علقت عبور جميع سفنها “نظرا لتدهور الوضع الأمني للنقل البحري في البحر الأحمر” وذلك على نحو مؤقت.

وبعد الظهر، قالت شركة “فرونتلاين” وهي الرابعة عالميًا بين شركات الناقلات العملاقة ومقرها العام في ليماسول، في قبرص، إنها ستتجنب المرور عبر البحر الأحمر وخليج عدن.

ووقعت هجمات الإثنين في حين كان وزير الدفاع الأميركي يجري زيارة لإسرائيل، بعدما زار البحرين حيث قاعدة الأسطول الأميركي الخامس.

كما قررت شركة بي.بي تعليق كل عمليات النقل عبر البحر الأحمر وقالت مجموعة ناقلات النفط فرونت لاين إن سفنها ستتجنب المرور عبر الممر المائي، مما يشير إلى توسع الأزمة لتشمل شحنات الطاقة.

وارتفعت أسعار النفط الخام بسبب هذه المخاوف لليوم الثاني على التوالي حيث أدت هجمات الحوثيين على السفن إلى تعطيل التجارة واضطرار المزيد من الشركات إلى تغيير مسار سفنها.

وواصلت شركات الشحن تغيير مسارها. وقالت شركة ميرسك الدنمركية، التي علقت عمليات الشحن في البحر الأحمر، إن سفنها ستبحر حول أفريقيا حتى إشعار آخر.

وأضافت ميرسك في بيان أن هذه العملية تمثل تطورا “إيجابيا”، لكنها أوضحت أنها تسعى للحصول على مزيد من التفاصيل حول سبل تنفيذ مهامها.

وقالت الشركة في بيان “مع زيادة عدد السفن المتضررة في المنطقة بصورة سريعة، سيكون من الضروري للتحالف الإسراع في المضي قدما من أجل تقليل التأثير السلبي المباشر على التجارة العالمية”.

وقالت شركات دولية إنها تضع خططا للطوارئ. وقالت شركة إلكترولوكس السويدية إنها شكلت فرقة عمل لإيجاد طرق بديلة أو تحديد عمليات التسليم ذات الأولوية إذا لزم الأمر.

ولا تزال العديد من السفن الأخرى تبحر في البحر الأحمر. وأظهرت بيانات (إل.إس.إي.جي) وجود حراس مسلحين على متن عدة سفن تبحر الآن.

وقالت مصادر في القطاع إن تأثير الأزمة على التجارة العالمية يعتمد على مدة استمرارها لكن أقساط التأمين والمسارات الأطول ستكون من بين الأعباء الفورية.

وقال عدد من صانعي السياسات الاقتصادية إنه من السابق لأوانه تقييم الأثر المالي الأوسع، لكن القلق الرئيسي يكمن في ما إذا كانت هذه الاضطرابات ستصبح خطيرة بما يكفي لإشعال جولة جديدة من التضخم العالمي، في الوقت الذي بدأت فيه البنوك المركزية أخيرا في التغلب على ضغوط الأسعار بعد جائحة كوفيد-19.

ويمر نحو 12 بالمئة من حركة الشحن العالمية عبر قناة السويس، وهي أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا، لتعبر بعد ذلك أيضا البحر الأحمر قبالة اليمن.

وفي العادة، تبحر نحو 11800 رحلة شهريا عبر قناة السويس، حوالي 393 رحلة يوميا، وفقا لتحليل أجرته رويترز لبيانات من شركة أبحاث سلسلة التوريد بروجيكت44

شكوك بشأن قدرة التحالف

بدورها قالت مصادر إن شركات الشحن البحري لا تزال متشككة بشأن التحالف البحري الدولي الجديد الذي تشكله الولايات المتحدة لمواجهة الهجمات في البحر الأحمر، مع استمرار العديد من السفن في تجنب المنطقة أو إلغاء عقودها.

وتقول المصادر، وبينها مسؤولون في الشحن والأمن البحريين، إنه لا يُعرف سوى قليل من التفاصيل العملية عن المبادرة التي أطلقتها واشنطن أو ما إذا كانت ستنخرط بشكل مباشر في حالة وقوع مزيد من الهجمات المسلحة في البحر.

وقال كوري رانسلم، الرئيس التنفيذي لشركة درياد جلوبال البريطانية لاستشارات المخاطر البحرية والأمن، “ما زال هناك عدد من الأمور المجهولة فيما يتعلق بالتحالف. لا نعرف على وجه التحديد عدد السفن الحربية التي ستشارك أو المدة التي ستستغرقها تلك السفن للوصول إلى المنطقة أو قواعد الاشتباك الخاصة بها وخطة الحماية الفعلية التي ستوفرها”.

وأضاف “هذه منطقة صغيرة إلى حد ما على صعيد العالم، ومع ذلك فإن توفير الحماية للسفن التجارية في هذه المنطقة يمكن أن يكون مهمة كبيرة اعتمادا على عدد السفن إلى جانب أي تغييرات في تكتيكات الحوثيين”.

وفي 19 نوفمبر تشرين الثاني، هبطت قوة خاصة تابعة للحوثيين على متن سفينة “جالاكسي ليدر” من طائرة هليكوبتر وأعادت السفينة إلى ميناء الحُديدة شمال اليمن. ولا تزال السفينة المحملة بسيارات وطاقمها رهن الاحتجاز.

وتعطل الهجمات طريقا تجاريا رئيسيا يربط أوروبا وأمريكا الشمالية بآسيا عبر قناة السويس وتسببت في ارتفاع تكاليف شحن الحاويات بشكل حاد مع سعي الشركات لشحن بضائعها عبر طرق بديلة أطول في كثير من الأحيان.

وقال رانسلم “نتوقع أن يستمر التهديد الذي يواجه الشحن البحري في المستقبل المنظور طالما استمر الصراع في غزة. واعتمادا على كيفية تعاون التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، يمكننا أيضا أن نرى مستوى التهديد ضد انخفاض الشحن التجاري إذا كانت جهودهم فعالة”.

وأضاف “عدد من شركات الشحن العالمية تحّول مسارها حول أفريقيا أو توقف تماما عملياتها مؤقتا داخل هذه المنطقة. وإذا لم تكن جهود التحالف فعالة فإننا نتوقع تحول مزيد من شركات الشحن لطريق رأس الرجاء الصالح”.

وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، أثناء زيارة للبحرين، مقر البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط، هذا الأسبوع إن البحرين وبريطانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا من بين الدول المشاركة في العملية الأمنية بالبحر الأحمر.

وستُسّير المجموعة دوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن المجاور.

وقال مصدر في صناعة الشحن البحري متسائلا “هل سيفعلون أي شيء باستثناء إطلاق الصواريخ…؟ إذا كان هذا كل شيء فهل سيقدمون الضمانات المطلوبة لشركات الشحن؟ لا نعرف بعد”.

وقال مصدر آخر “السوق بحاجة إلى أن ترى أنها حققت بعض النجاح أو الإجراءات الملموسة”.

وقالت غرفة الشحن الدولية إنها تتوقع أن تتيح فرقة العمل الجديدة “جهدا منسقا عبر عدد كبير من السفن الحربية العسكرية التي ستتيح ردا صارما”.

توقف رحلات البحر الأحمر

واصلت شركات شحن الحاويات على وجه الخصوص وقف رحلاتها مؤقتا عبر البحر الأحمر، واستخدمت بدلا من ذلك طريق رأس الرجاء الصالح الذي يضيف أياما إلى أوقات الرحلة ويرفع التكلفة. وأدى ذلك بدوره إلى إثارة مخاوف بشأن التأخير في التسليم وارتفاع الأسعار الذي قد يؤدي إلى موجة جديدة من التضخم العالمي.

وقال متحدث باسم شركة هاباج لويد الألمانية “سنواصل تغيير مسار جميع السفن المخطط لها حتى 31 ديسمبر كانون الأول. وعندئذ سنعيد تقييم الوضع ونتخذ القرار”.

وقال مصدر آخر بقطاع الشحن إن بعض مالكي السفن ألغوا عقود تأجيرها عبر البحر الأحمر بحجة “الملاحة غير الآمنة” أو طلبوا علاوة مخاطر بالإضافة إلى سداد تكاليف التغطية التأمينية المتزايدة ضد مخاطر الحرب.

وتوجد بالفعل قوة بحرية مشتركة بقيادة الولايات المتحدة تضم 39 دولة ومقرها البحرين. وتتركز اهتماماتها الرئيسية على “مكافحة المخدرات ومكافحة التهريب وقمع القرصنة وتشجيع التعاون الإقليمي”، بحسب الموقع الإلكتروني للقوة.

وقال جيري نورثوود، المستشار بشركة الأمن البحري (ماست) والقبطان السابق في البحرية البريطانية، إن التحالف الجديد ستقوده في البداية الولايات المتحدة وبريطانيا وبمرور الوقت “سيتم إقناع الأعضاء الآخرين بالقيام بواجبهم”.

وأضاف نورثوود، الذي قاد سفنا حربية في المنطقة سابقا، “لذا، سيتعين على الصناعة أن تدعمه.

“ستوضع قواعد الاشتباك للسماح للسفن بالدفاع عن الملاحة ضد التهديدات على السطح ومن الجو. نقل القتال إلى الحوثيين على الشاطئ سيكون من أجل عملية مختلفة”.

تساؤلات عن غياب السعودية

غياب السعودية عن قائمة بالدول المشاركة في تحالف بحري جديد لحماية الملاحة في البحر الأحمر من جماعة الحوثي اليمنية كان ملفتا للانتباه وربما مثيرا للدهشة، والسعودية لديها جيش مزود بعتاد أمريكي وتشن حربا على الحوثيين منذ نحو تسع سنوات وتعتمد على موانئ البحر الأحمر في 36 بالمئة من الواردات. لكن المملكة وحليفتها الخليجية الإمارات أعلنتا عدم اهتمامهما بالمشروع الأمريكي.

والسبب الرئيسي فيما يبدو لغيابهما هو قلقهما من أن تنتقص المشاركة من هدف استراتيجي طويل الأمد يتمثل في نفض يديهما من حرب عبثية في اليمن ونزاع مدمر مع إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين.

ويشن الحوثيون الذين يسيطرون على جزء كبير من اليمن هجمات على السفن في البحر الأحمر منذ أسابيع ردا على الحرب التي تخوضها إسرائيل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة.

ولا يوجد تأثير مباشر كبير لهجمات الحوثيين على إسرائيل لأن شركات الشحن قالت إن عددا من السفن المستهدفة لم تكن متجهة إلى إليها، لكن الهجمات أضرت بحلفاء إسرائيل الغربيين بتعقيدها لمسار التجارة العالمية. وهدد زعيم الحوثيين اليوم الأربعاء بتوسيع هذه الحملة لتشمل السفن الحربية الأمريكية.

وتجنب مسؤولون أمريكيون القول بصراحة إن البلدين لن يشاركا، ولم يرد متحدثون باسم حكومتي السعودية والإمارات على طلبات من رويترز للتعليق.

لكن سواء امتنعا عن المشاركة تماما أو اضطلعا بدور في الدهاليز، يريد كلا البلدين تجنب الظهور بمظهر المشاركين في حملة قد تؤدي إلى الإخلال باستراتيجيتهما الإقليمية طويلة الأمد وتحويل الغضب العربي مما يحدث في غزة ضدهما.

وقال مصدران في الخليج مطلعان على الأمر إن الغياب السعودي والإماراتي كان بسبب رغبتهما في تجنب تصعيد التوترات مع إيران أو تعريض جهود السلام في اليمن للخطر من خلال الانضمام إلى أي عمل بحري.

وقال إياد الرفاعي من جامعة الملك عبد العزيز في جدة “إن حربا أخرى ستعني الانتقال من العملية السياسية إلى عملية عسكرية أخرى قد تفسد الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط في الوقت الحالي”.

وحاولت السعودية والإمارات لسنوات، بدافع من قلقهما بشأن الالتزام الأمريكي طويل الأمد، تغيير توجهات سياستهما الإقليمية، والبحث عن شركاء جدد، وإعادة النظر على العلاقات مع إسرائيل وتسوية التنافس مع إيران.

وتمثلت أكبر الخطوات في هذه العملية حتى الآن في اتفاق بوساطة صينية بين السعودية وإيران في فبراير شباط وإقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والإمارات عام 2020.

لكن السعوديين يريدون أيضا إنهاء حربهم الدائرة منذ نحو تسع سنوات في اليمن والتي تحولت إلى مأزق أضر بسمعتهم وتسبب في زعزعة الأمن من خلال هجمات الحوثيين بطائرات مسيرة على مطارات ومحطات طاقة.

صحيح أن الإمارات سحبت الكثير من قواتها في اليمن في عام 2020 لكن السلام هناك مازال مهما لها. وما زالت الإمارات تدعم جماعات في اليمن، واستهدف الحوثيون عاصمتها أبوظبي بهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ العام الماضي.

استراتيجية إقليمية

كانت السعودية تأمل في أن يسمح حل هذه النزاعات الإقليمية بالتركيز على قائمة طموح للأولويات تشمل بناء مدن جديدة تستشرف المستقبل واحتلال مكانة أكبر في الساحة الدولية، بما في ذلك استضافة كأس العالم 2034.

وتخوض إسرائيل حربا في غزة بدعم أمريكي كامل بعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول. وتهدد هذه الحرب بتقويض هذا الحلم السعودي وإلقاء المنطقة في حقبة جديدة من عدم اليقين وإثارة الغضب العربي ضد الغرب وحلفائه في الخليج.

وأصاب الجفاء علاقات الإمارات وإسرائيل بسبب الحرب التي جعلت محادثات التطبيع السعودية الإسرائيلية تخرج عن مسارها، وجعلت أي اتباع للسياسة الأمريكية خيارا غير مريح للقادة العرب.

وفي الوقت نفسه، أشاد كثيرون من العرب بهجمات الحوثيين بطائرات مسيرة في استهداف لإسرائيل وبضربات الجماعة لحركة الشحن في البحر الأحمر كمثال نادر على العمل العربي لدعم الفلسطينيين.

وفي المقابل، تقف إيران على رأس ما تسميه محور المقاومة وهو تحالف فضفاض يضم حماس بالإضافة إلى جماعات شيعية مسلحة في أنحاء المنطقة تواجه إسرائيل وحلفاءها الغربيين عسكريا.

وتنفي إيران مزاعم سعودية وغربية بأنها تقدم دعما ماديا للحوثيين الذين يمثلون جزءا من محور المقاومة، أو توفر لهم الإرشاد والتوجيه. لكنها أوضحت وجهة نظرها بشأن تحالف البحر الأحمر.

وقال علي شمخاني، وهو مستشار للمرشد الأعلى الإيراني، في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي، إن “أي دولة تنضم إلى التحالف الأمريكي للتصدي لهذا العمل (الحوثي) هي مشارك مباشر في قتل النظام الصهيوني للأطفال”.

لكن التردد السعودي في العصف باستراتيجية إقليمية تقوم على الوفاق مع إيران والسلام مع الحوثيين ستوازنه حاجة المملكة إلى الأمن في البحر الأحمر عموما واعتمادها المستمر على المظلة الأمنية الأمريكية.

وقال السفير الأمريكي السابق لدى اليمن جيرالد فيرستاين إن الولايات المتحدة “ربما لا تكون سعيدة” لأن السعودية والإمارات لم تشتركا علنا في قوة المهام.

لكن فيرستاين أضاف أن البيت الأبيض “لا بد أنه كان أعمى وأصم وأبكم حتى لا يفهم ما يجري ويُفاجَأ برد الفعل من الجانب السعودي أو الإماراتي”.

وما زالت الولايات المتحدة أهم حليف للسعودية ومزودها الرئيسي بالسلاح، على الرغم من سنوات من الخلافات حول عناصر السياسة الشرق الأوسط.

وقد يثير ذلك تساؤلات حول دور محتمل للسعودية في الدهاليز للعمل بشكل أكبر مع الولايات المتحدة بشأن أمن البحر الأحمر.

والسعودية والإمارات عضوان بالفعل في القوة البحرية المشتركة بقيادة الولايات المتحدة التي تعمل في الخليج والبحر الأحمر، على الرغم من قول الإمارات في مايو أيار إنها ستنسحب من القوة.

وردا على سؤال مباشر عن عدم المشاركة فيما يبدو من جانب الدولتين الخليجيتين، قال جون كيربي، المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض “أترك كل دولة عضو، سواء أرادت الإقرار بذلك أم لا، أن تتحدث هي عن نفسها”.

وقال كيربي لاحقا، دون إشارة مباشرة إلى أي من البلدين، “هناك بعض الدول وافقت على المشاركة وعلى أن تكون جزءا من هذا لكن… لها أن تحدد رغبتها في مدى علنية ذلك”.

المصدر : https://annabaa.org/arabic/reports/37411

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M