يقظان الخزاعي
بسم الله الرحمن الرحيم
كثيرة هي المشاكل الاسرية والتي يرجع اكثرها الى حالة الافراط والتفريط وقد تكون الحالة الاكثر هي مسألة التفريط بمعنى الابتعاد عن الاسرة وهذا الامر يكون واضحاً عند أصحاب الاعمال التي تقتضي التواجد كثيراً خارج البيت وقد يكون الابتعاد كحالة روحية وليست جسدية فبعض الرجال يكون موجوداً في البيت بجسده فقط الا ان روحه وعقله تسيح في أماكن اخرى وهو أبعد ما يكون عن عياله وهذه الحالة لها اسباب معروفة لا نريد الوقوف عندها وهي تنشأ من الجهل بالمعرفة في كيفية التعامل مع الاسرة.
وفي هذه الحلقة سنسلط الضوء على مشكلة تربوية أُسرية كثيراً ما يقع فيها بعض الازواج وهي كيفية التعامل مع المشكلة الزوجية
فمثلاً عندما تحدث مشكلة بين الرجل وزوجته تجده أول ما يباشر بضربها وشتمها وقد تصل الحالة الى خلاف كبير يكون نهايته الطلاق وهذه الطريقة خلاف السلوك القرآني في علاج مثل هذه الحالات فقد قال الله تعالى: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء:34]
والمقصود هنا هو ملاحظة حالة التدرج في التعامل مع المشكلة ومع المرأة الناشز ابتداءً بالموعظة وهي الحوار باتجاه الحل فان لم ينفع وبذلنا الوسع في ذلك علينا ان ننتقل الى المرتبة الثانية وهي حالة الهجر في المضجع وتأتي هذه المرحلة إذا لم ينفع الوعظ ولم تنجع النصيحة ومع الهجر وعدم المبالاة بالزوجة علينا أن نظهر عدم الرضا منها لعل هذا الموقف الخفيف يؤثر في نفسها ومن ثم ننتقل الى حالة الضرب فيما اذا تجاوز العصيان عندها والتمرد على الواجبات
ومضت في طريق العناد واللجاج دون أن تردع بالأساليب السابقة فلا النصيحة تفيد ولا العظة تنفع ولا الهجر ينجح ولم يبق من سبيل فحينئذ يأتي دور الضرب فاضربوهن لدفعهن إلى القيام بواجباتهن الزوجية لانحصار الوسيلة في هذه الحالة في استخدام شيء من العنف ولهذا سمح الإسلام في مثل هذه الصورة بالضغط عليهن ودفعهن إلى القيام بواجباتهن من خلال التنبيه الجسدي وأن يكون الضرب ضربا غير مبرح، أي لا يبلغ الكسر والجرح، بل ولا الضرب البالغ حد السواد كما هو مقرر في الكتب الفقهية فقد ورد عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) : (هو -أي الضرب- بالسِّواك) والمقصود بالضرب هنا هو حالة تربوية تنبيهية وليس المقصود منها التنكيل والايذاء.
الا ان العكس هو الذي يحصل في مجتمعاتنا مع شديد الاسف وهو الانتقال الى حالة الضرب ويكون الحوار هو اخر الحلول التي نفكر بها ونسعى لها.
ولكن مع هذا وفي نفس الوقت الشريعة المقدسة أمرتنا بالصبر فيما اذا كانت الزوجة سيئة الخلق مع زوجها فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): من صبر على سوء خلق امرأته واحتسبه أعطاه الله تعالى بكل يوم وليلة يصبر عليها من الثواب ما أعطى أيوب (عليه السلام) على بلائه، وكان عليها من الوزر في كل يوم وليلة مثل رمل عالج.
بل أكثر من ذلك قالت ان بعض الرجال هم يستحقون الضرب فعن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: إنّي أتعجّب ممّن يضرب امرأته وهو بالضرب أولى منها
وفي ختام هذه الحلقة أقول: كثيرة هي الحلات التي نحتاج فيها الى التوازن في المواقف والافعال وهذه الحلقات هي لبيان بعض ما نقع فيه من حالات الافراط والتفريط والمهم كل المهم ان نتخذ التوازن كمنهج حياة وان يكون هو الاساس في تعاملاتنا اليومية في العمل في البيت مع الاصدقاء بل حتى في مواقفنا المصيرية والحساسة مواقفنا مع البلدان ومع من يعارضنا وقد تكون حالة التوازن مطلوبة حتى مع عدونا أتمنى أن تكون الفكرة قد وصلت لان الخوض في مصاديق عدم التوازن كثير جداً وقد يُسبب الملل للقارئ الكريم
وفقنا الله واياكم لما يحب ويرضى انه سميع مجيب الدعاء
حاشية
النشوز: هو كناية عن حالة الطغيان والترفع.
المصادر
————-
١- بحار الانوار
٢- ميزان الحكمة
٣- تفسير الامثل
رابط المصدر:
https://www.facebook.com/929297887428782/posts/1192495617775673/