التوترات الإقليمية والمحلية المتشابكة في البحرين

سايمون هندرسون

 

على الرغم من زيارة رئيس جهاز استخبارات “الموساد” الإسرائيلي إلى المنامة مؤخراً، إلّا أن التطبيع الناشئ بين البحرين وإسرائيل محفوف بالحساسيات المحتملة، خاصة في أعقاب الصدامات الأخيرة بين إسرائيل والفلسطينيين في القدس وغزة. وقد وجدت المنامة طريقاً لمعالجة هذه التحديات بنجاح في السنوات الأخيرة، لكن جهود إقامة التوازن الحذر قد تبقى ضرورية إلى أجل غير مسمى.

في السادس من أيار/مايو، أعلنت وكالة الأنباء البحرينية الرسمية أن رئيس جهاز استخبارات “الموساد” الإسرائيلي يوسي كوهين زار الجزيرة الخليجية ذات الحكم الملكي لمناقشة “سبل دعم وتعزيز آفاق التنسيق والتعاون، والمجالات الأمنية، والتطورات الإقليمية، والمواضيع ذات الاهتمام المشترك“. ولم يتم ذكر إيران، لكنها بلا شك هيمنت على محادثات كوهين مع رؤساء “جهاز المخابرات الوطني” البحريني، مما يعكس العلاقات الثنائية الحميمة منذ التوقيع على “اتفاقيات أبراهيم” العام الماضي.

وقبل ذلك بثلاثة أيام، كان تعامل البحرين مع مسألة ذات صلة هي، توترات مع عناصر من سكانها المهمشين من المسلمين الشيعة أتباع مذهب [الأغلبية] في إيران – محط الأنظار حين دعت وزارة الداخلية القائمين بالأعمال الأمريكيين وغيرهم من كبار الدبلوماسيين الأجانب لزيارة سجن جاو. ويتم احتجاز العديد من المعتقلين الشيعة في البلاد الذين يقدر عددهم بنحو 2500 معتقل في هذه المنشأة، المعروفة رسمياً باسم “مركز الإصلاح والتأهيل”. وفي آذار/مارس، أدى تفشي فيروس كورونا إلى قيام بعض السجناء بتنظيم احتجاجات، في حملة أمنية أثارت انتقادات في وسائل الإعلام الأجنبية. وبعد هذه الزيارة في الثالث من أيار/مايو، غرّد السفير البريطاني رودي دراموند قائلاً: “تم اطلاعنا على مرفقٍ يدار بشكل جيد وتُقدم فيه الرعاية الصحية الوافية وإجراءات الوقاية من فيروس كورونا ( كوفيد-19)… أرحب بمشاركة [السلطات] في القضايا الصعبة التي يتناولها الإعلام. وأؤيد نية البحرين في مواصلة إصلاح نظامها القضائي ونظام السجون [الإصلاح والتأهيل]، وما يشمل ذلك من تطبيق العقوبات البديلة بشكل أوسع“.

وساهم تقرير صدر في التاسع من أيار/مايو حول الشيخ عيسى قاسم، أحد أهم رجال الدين الشيعة في البحرين، الذي يعيش حالياً في المنفى في إيران، في زيادة التوترات السياسية. وكان الشيخ قد دعا إلى صياغة دستور من قبل مجلس نواب يتمّ اختياره خلال انتخابات نزيهة وحرة، مشككاً ضمنياً في نتائج انتخابات 2018، وبالتالي، في العائلة المالكة السنية.

وعلى الرغم من انخفاض وتيرة التظاهرات وأعمال العنف في البلاد بشكل كبير في السنوات الأخيرة، إلا أن أن الهدوء النسبي جاء على ما يبدو نتيجة إجراءات صارمة اتخذتها الحكومة أكثر من أي جهود مصالحة. وتم قمع الانتفاضة التي اندلعت عام 2011 بوحشية، بدعم مسلح من السعودية والإمارات. كما تم هدم نقطة تجمع تلك الاحتجاجات – وهي “نصب اللؤلؤة” وأُعيد تشكيل دائرة المرور حوله، لكن التوترات استمرت. ولسنوات، تَضَمّن موقع السفارة الأمريكية على الإنترنت خريطة للأحياء الشيعية التي صدرت تعليمات للأفراد الأمريكيين بتجنبها، مما أثار استياء المسؤولين البحرينيين القلقين على صورة الدولة. ومنذ ذلك الحين تمت إزالة الخريطة، ولكن لا يزال التحذير الأمني ​​من عام 2020 ساري المفعول، وهو ينصح المواطنين الأمريكيين بتوخي الحذر “في جميع أنحاء البلاد”.

وفي موازاة هذه التوترات، لا تزال سياسة العائلة المالكة تشهد تغيرات مستمرة بعد وفاة رئيس الوزراء الذي حكم لفترة طويلة، خليفة بن سلمان، عم الملك حمد، في تشرين الثاني/نوفمبر. وتم تفويض الإدارة اليومية للبلاد إلى حد كبير إلى رجلين: رئيس الوزراء الجديد، ولي العهد سلمان بن حمد، الذي يتولى الشؤون الاقتصادية، وأخيه غير الشقيق الأصغر سناً بكثير ناصر بن حمد، مستشار الأمن الوطني. لكن يبدو أن الملك حمد – الذي يؤدي تركيزه الشخصي على التعايش الديني إلى دعم علاقات البحرين مع إسرائيل – أعاد التوازن إلى محفظتي نجليه في 23 نيسان/أبريل عندما عيّن ناصر في منصب رئيس مجلس إدارة الذراع الاستثمارية لـ”الهيئة الوطنية للنفط والغاز”، التي تعمل كصندوق ثروة سيادي.

وعلى وجه الخصوص، يُعتبر سلمان متسامحاً نوعاً ما تجاه المجتمع الشيعي ويؤيد تخفيف الأحكام الصادرة عن بعض السجناء. في المقابل، يرتبط ناصر بالمتشددين ضمن العائلة المالكة الذين يفضلون انتهاج مقاربة صارمة تجاه شيعة البحرين وإيران.

ومن جهتهم، يحرص المسؤولون الأمريكيون على الحفاظ على العلاقات الثنائية طويلة الأمد، ولا سيما فيما يخص القاعدة والمقرات التي توفرها البحرين للولايات المتحدة، بدءً من الأسطول الخامس، وإلى “القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية”، والأفراد المقيمين البالغ عددهم 10 آلاف شخص. وتتمثل المهمة غير المعلنة لهذه القوات في حماية المصالح الأمريكية وصادرات النفط والغاز لدول الخليج من التهديدات الإيرانية.

وفي غضون ذلك، فإن التطبيع الناشئ بين البحرين وإسرائيل محفوف بالحساسيات المحتملة. فقد بدأت السلع البحرينية تُعرض في محلات السوبرماركت الإسرائيلية، لكن الإسرائيليين الذين يعتزمون زيارة المملكة عندما تبدأ الرحلات الجوية المباشرة الشهر المقبل قد لا يحظون بالترحيب الحار نفسه من البحرينيين كالذي تظهره الحكومة، ولا سيما نظراً إلى الصدامات الأخيرة التي تجري مع الفلسطينيين في القدس. يُذكر أن العداء تجاه إسرائيل شائع بين الشيعة والسنّة البحرينين على حد سواء – وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أنه في أعقاب زيارة قام بها مجموعة من الحاخامات إلى البحرين قبل أربع سنوات، على سبيل المثال، قام النشطاء السنة بغسل الشارع الذي ساروا فيه بشكل رمزي. وقد وجدت المنامة طريقاً لمعالجة هذه التحديات بنجاح في السنوات الأخيرة، لكن جهود إقامة التوازن الحذر قد تبقى ضرورية إلى أجل غير مسمى.

سايمون هندرسون هو زميل “بيكر” ومدير “برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة” في معهد واشنطن، ومؤلف مقال المعهد عن الخلافة لعام 2019 بعنوان “البحرين بعد رئيس الوزراء“.

 

رابط المصدر:

https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/altwtrat-alaqlymyt-walmhlyt-almtshabkt-fy-albhryn

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M