الحقوق الأساسية المكملة للحق في الانتخاب

يعد الحق في الانتخاب وبحق أجلى مظاهر الحقوق السياسية للفرد والمجتمع وليتسنى لأفراد المجتمع التمتع بمقتضاه لابد من كفالة الحق في الاقتراع العام السري المباشر على المستوى المحلي والوطني على حد سواء، كما يلزم ضمان ممارسة الحق في الاقتراع بنحو من الحرية التامة في الاختيار وكفالة ذلك بنصوص قانونية تكفل ما تقدم، إضافة لضمان حقوق وحريات ساندة من شأنها ان تمنح الاقتراع الفاعلية لينطلق الناخب وهو على بينة من أمره بالنسبة للنظام الانتخابي والمرشحين، والمعرفة بعظم المسؤولية في اختيار ممثلي الهيئات العامة، إذ من شأن ذلك التأثير على واقع المجتمع ومستقبل الأجيال اللاحقة.

بعبارة أخرى نحن بحاجة إلى جملة من الحقوق التي من شأنه ان تكون مكملة أو معززة لحرية الاختيار الديمقراطي، ومن نافلة القول ان العامل الحاسم فيما تقدم يتمثل في وجود نظام حكم يؤمن بالديمقراطية وقدرة أفراد الشعب على حسن الاختيار، إذ تشير المادة (21) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 إلى أن “لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارهم بحرية، ولكل شخص بالتساوي مع الآخرين حق تقلد الوظائف العامة في بلده” وأشارت المادة (20) من الدستور العراقي للعام 2005 إلى أن “للمواطنين رجالاً ونساءً حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشح” فمن الثابت ان احترام إرادة الشعب هي المعيار الوحيد لديمقراطية نظام الحكم في الدولة وهي السبب الوحيد لشرعية الوصول إلى السلطة، ونبين فيما يلي بعض أهم الحقوق أو الحريات المكملة للحق في الانتخاب الحر ومنها:

أولاً: حرية الرأي:

فالاقتراع العام الذي كفله الدستور العراقي في المادة (5) منه والتي تنص على أن “السيادة للقانون، والشعب مصدر السلطات وشرعيتها، يمارسها بالاقتراع السري العام المباشر وعبر مؤسساته الدستورية” بحقيقته هو إتاحة الفرصة أمام المواطن ليدلي برأيه السياسي في اختيار حزب أو رأي سياسي، من خلال اختيار مرشح معين يوم الاقتراع ليكون ممثلاً عنه في المجلس النيابي أو المحلي من جهة، ويمارس من خلال اختياره أجلى مظاهر حرية الرأي والتعبير، والأخيرة تعد وبحق عماد أو صلب الحق السياسي في الانتخاب، فلا يمكن تصوره بدونها، وهذا ما انتهت إليه المادة التاسعة عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للعام 1948، والتي تنص على أن “لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون إي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية”، وبذات الاتجاه انتهت المادة التاسعة عشر من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 “لكل إنسان الحق في اعتناق آراء دون مضايقة، لكل إنسان حق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو فـــي قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها، “فحرية الإنسان في تكوين رأيه السياسي والتعبير عنه تعتبر ضمانة أساسية من ضمانات الحق في الانتخابات، ومن الواضح ان حرية التعبير لن تجدي نفعاً دون الآتي:

1- ضرورة المساواة في الوصول إلى وسائل الإعلام والمساواة التامة في المساحة الإعلامية ليتسنى للمرشحين القدرة على طرح البرامج الانتخابية، بغية استجلاب الناخبين وإقناعهم بصواب الأفكار والبرامج التي يتبناها المرشح.

2- ضرورة المساواة بين المرشحين في الوصول إلى المعلومات الانتخابية ومنها عدد القادرين على الاقتراع المسجلين وأسباب التلكؤ في تسجيل الناخبين وآليات التغلب على الإشكاليات التي تعترض ما تقدم.

3- تكافؤ الفرص بين المرشحين في استعمال أجزاء متاحة من المال العام كمحرمات بعض الساحات العامة لنشر الدعاية الانتخابية، وعقد اللقاءات مع الأنصار والمؤيدين.

ثانياً: حرية التجمع السلمي:

فالحق التجمع أهمية كبيرة بوصفها الوسيلة الأنجع لإدارة الحملات الانتخابية والحصول على دعم الأنصار وتنظيم حملات الدعم للمرشح وقد أشار الدستور العراقي إلى هذه الحرية في المادة (38) والتي تنص على أن “تكفل الدولة وبما لا يخل بالنظام العام والآداب: حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل، حرية الاجتماع،….، وتنظم بقانون” ويأتي النص المتقدم تأكيداً لما تضمنته المادة (۲۱) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، المصادق عليه من العراق العام 1971، والتي تتضمن أنه: “يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به، ولا يجوز ان يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم، “وأن الاجتماعات العامة والتجمعات في الأماكن العامة أو الخاصة أمر مباح وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، على أن تكون أغراض الاجتماع ووسائله سلمية ولا تنافي النظام العام أو الآداب العامة، وبالعادة يستخدم المرشحون هذه الوسيلة لتمكينهم من:

1- الاجتماع بعامة الناس أو خاصة الأنصار والمؤيدون لشرح مضامين برامجهم الانتخابية، وشحذ الهمم باتجاه الترويج لما تقدم.

2- لحرية التجمع أهمية كبيرة للمرشحين لبيان مواقفهم من الوقائع المهمة والقضايا المصيرية التي لا تضمن في البرنامج الانتخابي صراحة.

3- لحرية الاجتماع أهمية بكونها الوسيلة الأهم في مخاطبة الناخبين المترددين بالاختيار أو المتأرجحين بين القوائم والمرشحين لاستجلابهم وتشجيعهم بالتصويت لصالح المرشح أو القائمة.

ثالثاً: الحق في اختيار المرشحين في انتخابات فرعية:

فمن الواضح أن أغلب الأحزاب والقوى السياسية تحرص على استجلاب الكثير من الشخصيات الاجتماعية والسياسية المؤثرة والتي تمتلك نفوذاً وقدرة على جلب الأنصار والمؤيدين وحين يجري اختيار المرشحين وقيادة القائمة الانتخابية قد يكون هنالك أكثر من خيار فمن الممكن تنظيم انتخاب فرعي أو استفتاء بشكل محدد للأنصار، فالانتخابات الفرعية أو القبلية هي عملية تمكن الناخبين أو أعضاء الحزب الواحد من اختيار مرشح واحد أو أكثر أو بعبارة أخرى هي عملية ترجيح مرشح واحد اعتماداً على عملية انتخاب فرعية تمهيداً لخوض الانتخابات المحلية أو العامة بحسب التقسيمات الإدارية للحزب أو البلد، كما يمكن ان تكون هذه الانتخابات متاحة لعامة الناس (الانتخاب التمهيدي المفتوح) كما في دائرة انتخابية معينة أو يمكن ان تنحصر في أنصار حزب معين (الانتخاب التمهيدي المغلق) ومن شروط نجاح هذه التجربة الديمقراطية:

1- ان تكون مفتوحة ومتاحة لأكبر عدد ممكن من الأفراد.

2- ان تكون الانتخابات اختيارية.

3- نتيجتها تكون اختيارية.

4- إنها تعطي تصور أولي عن القناعة الشعبية بالمرشحين ولو بشكل أولي.

5- من شأنها ان تحدد اتجاهات الرأي العام.

رابعاً: الحرية الحزبية:

فتشكيل الأحزاب واحدة من أهم الحريات الأساسية للأفراد وتعد الأحزاب منظمات سياسية من شأنها المشاركة في تشكيل الهيئات العامة التابعة للدولة أو التأثير فيها، على ان تتبع الأحزاب الوسائل السلمية وتهدف إلى الوصول إلى السلطة بالطرق الديمقراطية، وهو ما أشار إليه الدستور العراقي في المادة (39) والتي تنص على أن “حرية تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية، أو الانضمام إليها مكفولة، وينظم ذلك بقانون، لا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى أي حزب أو جمعية أو جهة سياسية، أو إجباره على الاستمرار في العضوية فيها “ويشير العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة (22) منه إلى ما تقدم بـ”لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه” ولفاعلية الحرية الحزبية لابد من:

1- احترام العمل الحزبي وإتاحة السبل أمام فاعليته لاسيما في ميدان الإعلام الحزبي الذي يلعب دور في تنوير الرأي العام أو التأثير فيه.

2- احترام المبادئ الديمقراطية في التكوين الهيكلي للحزب والعمل اليومي لاسيما في اختيار القيادة الحزبية وفق أسس موضوعية ومعايير ديمقراطية رصينة.

3- تمكين الحزب من ممارسة دوره في المجالس النيابية لاسيما أحزاب المعارضة وإتاحة الفرصة لها بالحصول على البيانات والمعلومات وعرضها على أنظار الرأي العام.

4- تمكين الأحزاب من مخاطبة جمهور ناخبيها وتحشيدهم لاسيما في الانتخابات المحلية أو الوطنية والسماح للأحزاب بالاطلاع على:

‌أ- سجل الناخبين وتقديم الاعتراضات الموضوعية بشأنه.

‌ب- آلية توزيع البطاقة الانتخابية وتمكين الناخب.

‌ج- آلية تقسيم الدوائر الانتخابية واختيار المراكز الخاصة بالاقتراع.

المصدر : https://annabaa.org/arabic/reports/37163

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M