الخلاف القطري يلقي بظلاله على قمة الرياض

سايمون هندرسون

من المقرر أن يعقد قادة مجلس التعاون الخليجي قمتهم السنوية الأربعين في المملكة العربية السعودية يوم العاشر من كانون الأول/ديسمبر وسط تكهنات واسعة بمشارفة الخلاف المستعر منذ فترة طويلة مع الدولة القطرية العضو على خواتيمه. منذ بدء انعقاد هذه القمم في العام 1981 كوسيلة لتفادي التداعيات المترتبة عن حرب إيران والعراق على المنطقة، لم تعدُ هذه الفعالية في غالب الأحيان سوى مناسبة لالتقاط الصور للمسؤولين الخليجيين – ولم تتغير هذه السمعة إلى حدٍّ يُذكر في السنوات الأخيرة حين كان الخلاف بشأن العلاقات مع قطر، من جملة مسائل أخرى، يمزّق أوصال المجلس. فالدول الأعضاء المتمثلة بالسعودية والإمارات والبحرين قطعت علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع الدوحة بالكامل منذ منتصف العام 2017، في حين تجنبت دولة الكويت وسلطنة عمان التحيز إلى أيّ جانب في الخلاف الجاري. مع ذلك، من المقرر أن يشهد اجتماع الرياض هذا الأسبوع تمثيلاً من كل هذه الدول الأعضاء الستة.

في حين أن الأسباب الرئيسية المعلنة لعزل قطر- أي دعمها المزعوم للإرهاب وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول المجاورة لها – لا تزال قائمة على ما يبدو، يبدو أن زعماء مجلس التعاون الخليجي أدركوا أن التعامل مع التحديات التي تسببها أعمال إيران في المنطقة أكثر أهمّية، وهذا ما ساهم إلى حد كبير في إثارة ارتياح واشنطن. وربما كانت زيارة وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني غير المعلنة إلى الرياض خلال تشرين الأول/أكتوبر خطوةً ضرورية لتسهيل الوفاق الذي تسري حوله الشائعات. والحدث الأجدد في هذا السياق هو قيام كل الدول الأعضاء بإرسال فرق كرة القدم لديها إلى الدوحة للمشاركة في “كأس الخليج العربي” الذي انتهى في الأمس بفوز البحرين واستلامها الكأس من الأمير القطري. وليس معروفًا ما إذا كانت الدول المحاصِرة حصلت على تنازلات مقابل مشاركتها في الدوري أم لا.

في مطلق الأحوال، لا أحد يعتقد أن الخلاف مع قطر سيكون بندًا رسميًا على جدول أعمال القمة هذا الأسبوع، على افتراض أن تتم أي مساعٍ دبلوماسية بشأن هذا الموضوع على هامش القمة. من هنا، سيكون على المتابعين الترصّد لمؤشرات أخرى من شأنها تقييم نجاح الاجتماع من فشله:

الحاضرون: تشير القمة بمفهومها إلى اجتماع بين رؤساء الدول، ولكن المأزق القطري صعّب مؤخرًا استيفاء هذا المعيار. ففي العام 2017، أي في العام الذي بدأ فيه الخلاف، أوفدت البحرين والسعودية والإمارات عددًا أقل من الممثلين عنها. وفي قمة الرياض المنعقدة العام الماضي، أرسل الأمير تميم القطري وزيرًا بالنيابة عنه، ممتعضًا على ما يبدو من الطريقة التي تلقّى بها دعوته. ونظرًا إلى أن الأمير يقوم بزيارة إلى أفريقيا هذا الأسبوع، من المستبعد أن يحضر القمة، ربما لأنه لم يتم تحضير اتفاق رسمي لتسوية الخلاف. المتخلف الأكيد عن الحضور هو السلطان العماني قابوس المريض الذي تم تسفيره إلى بلجيكا هذا الأسبوع للخضوع للعلاج الطبي. والوضع الصحي لأمير الكويت التسعيني صباح الأحمد الصباح غير مستقر أيضًا مع أنه كان منخرطًا بشكل كبير في مساعي الوساطة بالخلاف القطري ومن المتوقع أن يكون ضمن الحاضرين.

المشهد الظاهري: مع أن الملك سلمان السعودي البالغ من العمر 83 عامًا هو الذي سيستضيف القمة، فالسلطة الفعلية في القاعة تكمن بيد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (على الرغم من أنه سيحرص على الأرجح على أن لا يحجب والده). ويُعتقد أن أحد العوامل الأساسية في الدبلوماسية الأخيرة داخل مجلس التعاون الخليجي هو إدراك ولي العهد لضرورة ألا يكون الخلاف مع قطر مشكلة تشتت الانتباه أكثر عن التهديد الإيراني، لا سيما بعد الهجوم الذي تعرّضت له محطات النفط التابعة لأرامكو في بقيق خلال شهر أيلول/سبتمبر.

ومن المرجح ألا يحضر أيضًا نظيره الإماراتي ولي العهد الأمير محمد بن زايد آل نهيان – وهذا ليس بالأمر المفاجئ فعليًا نظرًا إلى موقفه المتشدد من قطر – ولكنه يملك عذرًا دبلوماسيًا للتخلف عن الحضور، وهو أن الإمارات قد تكون ممثلةً بحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد. وبما أنه كان من المفترض في بادئ الأمر أن تُعقد القمة في العاصمة الإماراتية، قد يدل تغيير الموقع إلى الرياض على رغبة الإمارات في تفادي التقارب مع قطر. ولكن إمكانية أن تتصدى للخطوات الأخرى التي تُتَّخذ على طريق المصالحة فهي محط جدال.

فضلاً عن ذلك، من الممكن لطريقة اصطفاف الشخصيات لالتقاط الصورة الرسمية للقمة أن تحمل دلالات هي أيضًا. فإذا وقف الممثلون البحريني والسعودي والإماراتي معًا، قد يعني ذلك أنهم لا يزالون على خلاف مع قطر إنما أيضًا مع الكويت وعمان اللتين تُعتبران متعاطفتين مع الدوحة.

البيان النهائي: لا شك في أن مسؤولي مجلس التعاون سبقوا أن وضعوا واتفقوا على صيغة البيان الختامي. وبما أن البيانَين السابقين لم يأتيا على ذكر الخلاف مع قطر، من المستبعد أن يتم ذكره هذه المرة. فأبرز فقرات هذه البيانات تتحدث بتراتبية متفاوتة عن إيران والإرهاب الإسلامي والقضية الفلسطينية الإسرائيلية، علمًا بأن لهجتها تكون عادةً حذرة حرصًا على تحقيق التوافق بين كل الأطراف، ولذا لا يجدر توقع حدوث أي تغير هام في السياسات بأي اتجاه كان.

رابط المصدر:

https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/qatar-rift-overshadows-riyadh-summit#.Xe-SOr0gAzY.twitter

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M