يتصدر الجيش الإسرائيلي قائمة جيوش العالم على مستوى التصنيع الدفاعي وتطور المنظومات الدفاعية، وبالأخص في منظومات الرادارات والمنظومات الدفاعية الذاتية والتشويش والمسيرات والصواريخ إلخ، وتلقى رواجًا كبيرًا على مستوى العالم مع إمداد الزبائن بأمثلة من الدلائل الميدانية على جودة هذه المنتجات. ووفقًا لجريدة “Times Of Israel” في عددها بتاريخ 14 يونيو- 2023، فقد بلغت مبيعات الشركات الإسرائيلية من التسليح 12.5 مليار دولار في عام 2022، وكان للمنظومات الدفاعية وأنظمة الذكاء السيبراني والحرب الإلكترونية النسبة الأكبر من المبيعات بنسبة 35% مما يترتب عليه الثقة الكبيرة في المنتجات، ولكن على الرغم من ذلك انهارت كل هذه الأنظمة في يوم 7 من أكتوبر- 2023. ويتبادر إلى أذهاننا جميعًا ما هو النظام الدفاعي لإسرائيل؟
تحليل تكتيكي للمشهد العسكري في غزة – المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية (ecss.com.eg)
1- أنظمة الإنذار المبكر والرادارات العاملة:
يندرج الدفاع الجوي الإسرائيلي كجزء من سلاح الجو ويعتمد الجيش الإسرائيلي على مزيج من الرادارات الأمريكية والإسرائيلية محلية الصنع وتشمل:
* EL/ M- 2040: رادار إسرائيلي من إنتاج شركة “IAI” الإسرائيلية وهو رادار عابر للأفق يصل مداه لآلاف الكيلومترات بواسطة الاستفادة الكاملة من أشعة الرادار المرسلة لطبقة الأيونوسفير واستقبال الأشعة المرتدة من الأهداف الجوية والبرية والبحرية ويستخدم ويعمل بتردد عالٍ يتراوح ما بين 3-30 جيجا هيرتز.
* AN/ TPY- 2: رادار أمريكي من إنتاج شركة “Raytheon” يتراوح مدى كشفه الراداري ما بين 870-3000 كم مصمم لرصد وتتبع الصواريخ الباليستية في المقام الأول وإمكانية توجيه النيران لبطارية الدفاع الجوي الباليستي THAAD.
* EL/ M- 2090: رادار إسرائيلي للإنذار المبكر من إنتاج شركة “IAI” الإسرائيلية بمدى يصل إلى 500 كم ومصمم أيضًا لرصد وتتبع الصواريخ الباليستية في المقام الأول.
* EL/ M- 2080: رادار إسرائيلي من إنتاج شركة “IAI” الإسرائيلية بمدى يصل إلى 500 كم ومصمم أيضًا لرصد وتتبع الصواريخ الباليستية في المقام الأول وإمكانية توجيه النيران لبطارية الدفاع الجوي الباليستي Arrow.
* EL/M-2084: رادار إسرائيلي من إنتاج شركة “IAI” الإسرائيلية بمدى يصل إلى 470 كم مصمم للرصد والتعقب لكافة الطائرات والصواريخ أرض/أرض وإمكانية توجيه النيران لبطارية الدفاع الجوي David Sling.
* ELM-2248 : رادار إسرائيلي من إنتاج شركة “IAI” الإسرائيلية بمدى يصل إلى 324 كم ومصمم لرصد الصواريخ الباليستية والأهداف الجوية على ارتفاع منخفض وعالٍ يصل لـ 30 كم وإمكانية توجيه النيران لصواريخ الدفاع الجوي الموجودة على القراويطات البحرية من نوع Sa’ar.
* AN/ MPQ- 53: رادار أمريكي من نتاج التعاون بين شركتي Lockheed Martin وRaytheon بمدى يصل إلى 100 كم ومصمم لرصد الطائرات والصواريخ أرض/ أرض ومختلف الأهداف الجوية على ارتفاع عالٍ ومتوسط وإمكانية توجيه النيران لبطارية الدفاع الجوي PAC- 2 باتريوت.
ويتم تعزيز هذه الرادارات بواسطة منظومات جوية للإنذار المبكر من طراز:
* طائرات الإنذار المبكر من طراز Nachshon Oran محلية الصنع من شركة IAI، وتحمل النسخة الجوية من الرادار EL/ M- 2080 والمعروفة باسم EL/ M- 2085 على بدن طائرة مدنية محورة من طراز
Gulfstream g550، وهي مجمع تكنولوجي متكامل للإنذار المبكر تجمع ما بين خواص طائرات “Eitam” الرادارية والخواص الاستخباراتية لطائرات “Shavit” من الجيل الحالي لتكوين صورة جوية كاملة في مسرح العملية عن مختلف الأهداف الجوية والبرية والبحرية.
* مناطيد مسيرة من فئة HAAS- High Availability Aerostat System محلية الصنع من شركة IAI، وتحمل كاميرات مراقبة بجانب رادارات للإنذار المبكر من طراز ELM- 2083 للنسخ الحديثة التي ظهرت في 2023.
وتتكامل هذة الرادارات مع الأقمار الصناعية من طراز “أفق” من شركة “IAI” وبالأخص النسخة الأحدث على الإطلاق “أفق- 13” التي تم إطلاقها في مارس- 2023 وهو رادار مراقبة لمهمات المسح الأرضي والإنذار المبكر ورصد وتعقب الأهداف.
* منظومات مراقبة الحدود بالرادار والمنظومات الكهروبصرية من شركة “Elbit” وتدعيمها بطائرات دون طيار من طراز “Eitan” و”Searcher” من شركة “IAI” و”Hermes” من شركة “Elbit”.
2-أنظمة الدفاع الجوي والمقاتلات والقيادة والسيطرة:
المنظومات دفاعية تقوم بالتعامل مع أهداف متوسطة وبعيدة المدى:
* Arrow: مشروع إسرائيلي / أمريكي مشترك بين شركتين IAI&Boeing.
أقصى ارتفاع 50 كم/ أقصى مدى: 150 كم.
* Patriot- PAC2: أمريكي الصنع من شركة Raytheon.
أقصى ارتفاع 40 كم/ أقصى مدى: 96 كم.
* Barak: مشروع إسرائيلي نتاج تعاون شركتين IAI&Rafael.
أقصى ارتفاع 20 كم/ وأقصى مدى: 100 كم.
* David sling: مشروع إسرائيلي/أمريكي مشترك بين شركتين Rafael &Raytheon.
أقصى ارتفاع 15 كم/ أقصى مدى: 250 كم.
* صاروخ Tamir “قبة حديدية: مشروع إسرائيلي نتاج تعاون شركتين IAI&Rafael.
أقصى ارتفاع 10 كم/ أقصى مدى: 70 كم.
المنظومات الدفاعية التي تقوم بالتعامل مع أهداف قصيرة المدى:
* منظومة صاروخية Spyder: مشروع إسرائيلي من شركة Rafael
بمدى 15 كم.
* منظومة ليزرية Iron Beam: مشروع إسرائيلي من شركة Rafael.
بمدى 10 كم.
* رشاشات أرضية Machbet: تطوير إسرائيلي من شركة Rafael لمنظومة M163 الأمريكية من شركة General Dynamics.
بمدى 2.5 كم.
* رشاشات أرضية مدمج عليها رادار توجيه Sky Capture من شركة Rafael: بمدى 3 كم.
ويتم تعزيز هذه المنظومات بواسطة منظومة Drone Dome من شركة Rafael المصممة لاكتشاف واعتراض المسيرات بواسطة التشويش الإلكتروني أو بواسطة القتل الصعب بالرشاشات أو الليزر.
ويشارك سلاح الجو الإسرائيلي في مهمات الدفاع الجوي من خلال:
*طائرات إف16 أمريكية الصنع من شركة Lockheed Martin المطورة محليًا من تعاون 3 شركات Rafael&IAI&Elbiet تحت اسم “Barak ” وهي المقاتلة الأخف في سلاح الجو الإسرائيلي وتمتلك قدرات كبيرة للاشتباك الجوي من الرادار والتسليح.
*طائرات إف 15 أمريكية الصنع من شركة MacDonnel Douglas المطورة محليًا من تعاون 3 شركات Rafael&IAI&Elbiet تحت اسم “Baz-AUP ” وهي النسخة الأخف من إف 15 للاشتباك الجوي بمحركات قوية ورادار بعيد وإمكانية حمل عدد كبير من الصواريخ.
*طائرات إف 35 أمريكية الصنع من شركة Lockheed Martin وهي أفضل طائرات سلاح الجو الإسرائيلي بسبب امتلاكها منظومات رصد وكومبيوتر مهام ثوري وتصميم عصري قليل البصمة الرادارية من الجيل الخامس ولكن مع عدد محدود من التسليح.
*طائرات الهليكوبتر المقاتل من طراز Apache AH-64 D ويتم عادة توجيهها لاعتراض المُسيّرات.
وتقوم جميع هذه المنظومات الرئيسية للرصد والمنظومات القتالية وغيرها من المنظومات الفرعية بتكوين فكرة كاملة للأجواء لاكتشاف كافة الأهداف الجوية والبرية والبحرية، وتنصب كل هذه المعلومات داخل منصات ونظم للقيادة والسيطرة والمعروفة بـ “C2/ C4” داخل غرف العمليات لتسير وفقًا للترتيب:
* ELS- 8994 RICent: منصة محلية الصنع من شركة IAI لتحليل كافة المعلومات المستلمة من جميع منظومات الرصد والاكتشاف الراداري والأرضي والكهروبصري جوًا وبرًا وبحرًا.
* ELS- 8994 StarLight : منصة إدارة العمليات الرئيسية محلية الصنع من شركة IAI من خلال استلام التحليلات النهائية من المنصة السابقة ومعالجتها بالذكاء الاصطناعي وتقديم حلول عملياتية سريعة تناسب الموقف الحالي وليتم توزيع الواجبات.
* Moshav & ELI- 4000: منصتان ثانويتان محلية الصنع من شركة IAI تتلقى الأوامر من المنظومات السابقة لتساعد في عملية التخطيط وإدارة العمليات الجوية والسيطرة على التشكيلات الجوية.
مميزات وعيوب الشبكة الدفاعية الإسرائيلية
اعتمد الجيش الإسرائيلي على تصميم شبكة دفاعية قد تبدو متكاملة على مدار السنين مبنية على تهديدات مختلفة التأثير طبقًا لآخر التكنولوجيات الموجودة وتدعيمها بنظم قيادة وسيطرة بواسطة الذكاء الاصطناعي AI الذي تتم تغذيته بالمعلومات وتعليمه المزيد من التكتيكات من خلال:
* المهمات القتالية السابقة التي كانت على نطاق محدود وتندرج تحت بند المناوشات سواء كانت مهمات الاعتراض السابقة للاختراقات الجوية من سوريا ولبنان التي كانت تتم بواسطة الطائرات المقاتلة أو القاذفات وكانت تتم عادة من سلاح الجو السوري بواسطة طائرات المقاتلة/ القاذفة مثل ميج 23، وكانت تتم على ارتفاع شديد الانخفاض جدًا أو حتى الاقتراب من الحدود بواسطة قاذفات السو 24، بجانب أيضًا الاختراق بواسطة المسيرات من لبنان وسوريا وبالأخص بواسطة النوع الاستطلاعي لرصد القوات الإسرائيلية ومتابعة أنشطتها. أيضًا من خلال عمليات صد أنواع الصواريخ أرض/ أرض مختلفة الأنواع التي تطلق من سوريا ولبنان وقطاع غزة.
* التدريبات الداخلية والخارجية ومتعددة الجنسيات التي تتم المشاركة بها، ويعتبر ذلك أهم العوامل التي تساعد القيادة الإسرائيلية لتدريب قادتها وأنظمتها على فهم المخاطر المختلفة ومن ثم العمل على صدها. حيث إن عادة تعتمد التدريبات الداخلية على سيناريو قتالي واحد، وهو عملية دفاعية تتمثل في التعرض لهجوم متزامن من الصواريخ أرض/ أرض، وطيران معادٍ وتوجيه ضربة للقواعد الجوية الإسرائيلية. لتنطلق الطائرات المقاتلة الموكل إليها عملية الدفاع الجوي لدعم منظومات الدفاع الجوي في العملية الدفاعية ضد مختلف الأهداف، ومن ثم تنطلق الطائرات المقاتلة الهجومية لمهمات تقديم ضربات ضد بنك أهداف مجهز بعناية من الاستخبارات العسكرية ووحدة التدريب والتخطيط في قاعدة Ovda في الجنوب الإسرائيلي، أما في حالة التدريبات متعددة الجنسيات وبالأخص التدريب الأكبر Blue Flag والذي يتضمن مشاركة العديد من أسلحة الجو الأجنبية، والذي يجمع ما بين الطائرات المقاتلة ذات التكتيكات الشرقية والغربية في سيناريوهات هجومية ودفاعية للوقوف على العديد من التكتيكات لتنفيذ المهمات نفسها.
فكل هذه الخبرات وغيرها تنصب داخل المنظومة الإسرائيلية للقيادة والسيطرة التي تدار بواسطة الذكاء الاصطناعي الذي يستطيع تحليل أداء سريع لأي طائرات مقاتلة أو صواريخ أو مسيرات معادية ومن ثم تقديم أفضل الحلول التكتيكية واختيار أفضل المنظومات أو الوسائل لاعتراضها بنسبة نجاح كبيرة جدًا ليترك مسألة الاختيار لقادة غرف العمليات، ومن ثم نقل الأوامر بشكل سريع للمشغلين من الأرض والبحر أو الطيارين ليقوموا بالتنفيذ الحرفي لها.
وبالنظر إلى الكيفية التي تدار بها المنظومة الإسرائيلية الدفاعية المتطورة جدًا يجعلنا نتساءل عما هي نقاط الضعف؟
نقطة الضعف الأولى: الاعتماد شبه الكامل على الذكاء الاصطناعي والذي يعد سلاحًا ذا حدين لأن النظام تعلم آلاف التكتيكات والسيناريوهات المفترضة والتي بموجبها سيعمل على تقديم الحلول ولكن في حالة خروج تكتيك جديد سيصاب بالشلل الكامل ومن الممكن أن يبدو ذلك صعبًا ولكن هناك تكتيكات تساعد لنجاح المهمة من خلال:
* تشتيت الانتباه بواسطة المناورات والمناوشات الخداعية بواسطة منظومات مختلفة.
* دعم المجهود الهجومي بواسطة التشويش الإلكتروني على الاتصالات والرادارات حتى وإن كان يبدو عملية صعبة.
* الهجوم المتعدد من مختلف الجهات والمنظومات والاتجاهات والسرعات.
نقطة الضعف الثانية: وهي مبنية على النقطة السابقة بالاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي التي قد تنعكس سلبًا على قدرة قادة العمليات للجيش الإسرائيليين للارتجال في تقديم حلول ميدانية سريعة بعد الحرمان من المنظومات التكنولوجية للقيادة التي دائما لا غنى عنها، وقد ظهر ذلك في تخبط القرارات وتأخر الحشد والمناورة بالقوات في الساعات الأولى لاجتياح مقاتلي حركة حماس في صباح يوم 7 أكتوبر. مما سينعكس سلبًا على أداء المشغلين والطيارين الإسرائيليين في مسرح العمليات فلم يمتلكوا سرعة البديهة في مقاومة الصدمة ومحاولة التصدي للهجمات.
نقطة الضعف الثالثة: إذا أردنا أن نحدد الصفة المشتركة بين المنظومات الدفاعية الإسرائيلية فهي أنها جميعًا مصممة لاعتراض أهداف مختلفة الأحجام والبصمات الحرارية والرادارية ولكن بسرعات متوسطة وعالية، ولكن ليست بسرعات قليلة جدًا بجانب العجز عن صد هجمات الإغراق الصاروخي متعدد الاتجاهات.
ختامًا.. على مدار التاريخ العسكري لم توجد منظومة أو خطة مثالية أو مكتملة الأركان، وهناك دائمًا نقاط ضعف ومعدل فشل وخسائر حتى وإن كانت مدعمة ومعززة بأقوى التكنولوجيات، ولكن يبقى هناك حكمة واحدة قد تم ذكرها في كتاب “فن الحرب” لـ”صن تزو” وهي أن “السر دائمًا يكمن في إرباك العدو”، ولذلك تتم دراسة قدرات العدو جيدًا، ليس فقط لمنظوماته الدفاعية ولكن أيضًا لمنظومة القيادة والسيطرة الخاصة به، لأن تحييد هذه المنظومة من خلال تكتيكات جديدة مبتكرة قد لا يكون مكلفًا، ولكن السر يكمن دائمًا ألا تكون قد تم استخدامها من قبل، وقد شاهدنا ذلك في عملية “طوفان الأقصى” ووقع الصدمة الكبير على الجيش الإسرائيلي بعد إنفاق المليارات لبناء شبكة دفاعية طبقية من الأعقد والأكثر تقدمًا في العالم، والتي انهارت بواسطة إمكانات وتكتيكات بسيطة وغير مكلفة كثيرًا
المصدر : https://ecss.com.eg/42835/