- تُعَدّ أوروبا إحدى أكثر المناطق تضرراً من النشاطات التخريبية التي تستهدف الملاحة الدولية في منطقة شمال غرب المحيط الهندي، ولذا رَدَّ الأوروبيون بسرعة على التصعيد الحوثي في البحر الأحمر عبر مقاربة مشتركة تتضمن عملاً فردياً ومبادرات مصغرة داخل الاتحاد الأوروبي، ودبلوماسية جماعية من خلال الاتحاد نفسه.
- يُفسِّر التأكيد على المقاربة التعاونية والمشاركة القصوى للفاعلين المحليين سبب عدم دعم الاتحاد الأوروبي للضربات التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا ضد الحوثيين في اليمن، وتفضيل دول مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا الابتعاد عن عملية “حارس الازدهار” التي تقودها واشنطن في البحر الأحمر.
- من وجهة نظر أوروبية، توفر المُهمة التي تقودها أوروبا استناداً إلى مُهمّة “الوعي البحري الأوروبي في مضيق هرمز” تحت اسم “أسبيدس”، بديلاً أكثر جاذبية من الناحية السياسية للمُهمّة الموازية التي تقودها الولايات المتحدة، وبخاصة وفق منطق خفض التصعيد الإقليمي.
- في حين أن مُهمة “أسبيدس” الرئيسة ستكون مُرافقة السفن التجارية، فمن المُرجّح أن تُفوَّض بعض القطع البحرية لاعتراض الهجمات القادمة من خلال الدفاع النشط. ويأمل الأوروبيون أيضاً في تطوير دبلوماسية بحرية وآلية لفض الاشتباك، بمُشاركة شركائهم في المنطقة والخليج.
تنظر معظم العواصم الأوروبية إلى الهجمات المتواصلة من جانب الحوثيين في اليمن منذ نوفمبر 2023 ضد حركة الملاحة التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن على أنها أزمة خطيرة. وهذه الورقة تُسلِّط الضوء على دور أوروبا في مواجهة هذا التصعيد الحوثي، وكذلك على الموقف الأوروبي من عملية “حارس الازدهار” التي تقودها الولايات المتحدة في البحر الأحمر.
الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر: وجهة نظر أوروبية
بدأ المنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، مطلع عام 2024، مهمة جديدة في الشرق الأوسط، حيث زار لبنان والسعودية لبحث أهم القضايا المُلِحَّة في المنطقة وهي الحرب في غزة، وطرق احتواء حدوث تصعيد إقليمي. كما أن مخاطر حدوث تصعيد غير محسوب للأعمال العدائية على الجبهة الشمالية بين “حزب الله” وإسرائيل، والوضع الخطِر للأمن البحري في مضيق باب المندب والبحر والأحمر وخليج عدن تُشَكِّل مصادر قلق كبير. ويمر نحو 15% من التجارة العالمية البحرية عبر البحر الأحمر، بما في ذلك 8% من تجارة الحبوب العالمية، و12% من تجارة النفط البحري، و8% من تجارة الغاز الطبيعي المُسال في العالم.
واستهدف الحوثيون منذ نوفمبر 2023 أكثر من 30 سفينة تجارية لم يكن للكثير منها علاقة بإسرائيل، في أثناء عبورها باب المندب، بهجمات استخدموا فيها المسيرات والصواريخ والقوارب السريعة (انظر الشكل التوضيحي أدناه). وقد يُفضي هذا التهديد إلى حدوث مواجهة عسكرية طويلة الأمد عبر مضيق باب المندب الحيوي – والذي تسّبب بالفعل لغاية الآن بعرقلة حركة الشحن العالمية، وإرغام السفن للتوجه نحو رأس الرجاء الصالح – وما نَجَمَ عن ذلك من عرقلة سلاسل الإمداد والتسبُّب بحدوث تضخم وارتفاع أسعار الطاقة.
واتضح في أعقاب “الغزو” الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، وما تلاه من خطوات من جانب الاتحاد الأوروبي للتخفيف من الاعتماد على النفط والغاز الروسيين، أن أمن أوروبا أصبح بشكل متزايد مرتبطاً باستقرار الممرات المائية الحيوية مثل باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن ومضيق هرمز والخليج العربي والمحيط الهندي. واعتبر المجلس الأوروبي عام 2022 منطقة شمال غرب المحيط الهندي – التي تشمل مساحة بحرية تمتد من مضيق هرمز إلى مدار الجدي، ومن شمال البحر الأحمر باتجاه وسط المحيط الهندي – “منطقة بحرية ذات أهمية”. ويُمَثِّلُ هذا التصنيف إجماعاً بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بأن الأمن البحري قُبالَة شبه الجزيرة العربية يُشَكِّل مصلحة استراتيجية لأوروبا برمتها.
لذلك من الواضح كيف أن أوروبا قد تكون إحدى أكثر المناطق تضرراً من نشاطات الحوثيين التخريبية. ويمر نحو 40% من تجارة أوروبا مع آسيا والشرق الأوسط عبر هذه الممرات المائية. وتشير التقديرات إلى أن الزيادة الراهنة في تكاليف الشحن عبر البحر الأحمر قد تقود إلى زيادة قدرها 1.8% بالأسعار في أوروبا خلال الأشهر الـ 12 المقبلة. وقد ترتفع معدلات التضخم بنسبة 0.7% مقارنة مع الظروف العادية. ونظراً لأهمية هذا الممر الحيوي رَدَّ الأوروبيون بسرعة بالفعل على الأزمة الأخيرة في البحر الأحمر من خلال مقاربة مشتركة تتضمن عملاً فردياً ومبادرات مصغرة داخل الاتحاد الأوروبي ودبلوماسية جماعية من خلال الاتحاد الأوروبي نفسه.
مواقف الأوروبيين تجاه التصعيد في البحر الأحمر
شجب الاتحاد الأوروبي بشدة نشاطات الحوثيين التخريبية، ورحَّب بتبني قرار في مجلس الأمن الدولي طالب الحركة بوقف هجماتها في البحر الأحمر فوراً. وتعمل المقاربة المفضلة للاتحاد الأوروبي – والتي تأتي في إطار استراتيجية الأمن البحري للاتحاد الأوروبي، وخطة عملها المعدلة لعام 2023 – على تعزيز التعاون مع الشركاء والمنظمات الإقليمية والدولية لتعزيز الحوار والممارسات الفُضلى، وفرض النظام الذي يستند إلى القوانين في البحر. لذلك يُمَثِّلُ البحر الأحمر بهذا الصدد فرصة واعدة للاتحاد الأوروبي ودول الخليج العربية لتعزيز العلاقات البناءة والمفيدة للطرفين. كما أن من أولويات الاتحاد الأوروبي تمتين التعاون بين الاتحاد ودول مجلس التعاون الخليجي في المجال البحري من خلال “الشراكة ا لاستراتيجية مع الخليج“، والتي جرى الكشف عنها في مايو 2022. ويفسر التأكيد على المقاربة التعاونية والمشاركة القصوى للفاعلين المحليين سبب عدم دعم الاتحاد الأوروبي للضربات التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا ضد المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في 12 يناير 2024 وما تلاه من تشكيل تحالف عسكري بقيادة الولايات المتحدة ومشاركة كل من البحرين وكندا وأستراليا وهولندا.
وأعلن بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل الدنمارك وألمانيا وهولندا عن دعمها لهذه الهجمات التي أخفقت لغاية الآن في مهمتها الرامية إلى ردع الحوثيين وتقليص قدراتهم إلى درجة منعهم من شنّ الهجمات ضد السفن التجارية. كما قدمت هولندا الدعم اللوجستي والعسكري للولايات المتحدة. ويعود انخراط هولندا الفاعل في العمليات الأمريكية إلى أهمية ميناء روتردام – الذي يُعَدُّ أضخم ميناء في أوروبا – بالنسبة للاقتصاد الهولندي. وينطوي ميناء روتردام على أهمية كبيرة لإمدادات ونقل النفط الخام من الشرق الأوسط إلى أوروبا ونقل الغاز الطبيعي المُسال من قطر إلى هولندا نفسها، لأنه ضمن أفضل خمس موانئ اتصالاً بالعالم (إلى جانب موانئ أنتوريب، وشنغهاي، وننجبو، وكنجداو).
إن هذه الشحنات مُعرّضة لخطر شديد الآن؛ فمن الناحية السياسية، تبنّت الحكومة الهولندية موقفاً ثابتاً في الدعوة إلى ضرورة تحمّل مسؤوليات حماية حرية الملاحة الدولية، مُعتمدة بذلك على دعم كبير في الناخبين. وحقيقة أن سعي رئيس الوزراء الهولندي المؤقّت، مارك روته، للترشّح لمنصب الأمين العام لمُنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو المنصب الذي يحتاج إلى دعم أمريكي كامل، ربما أسهم في اتخاذ حكومته لهذا القرار.
لكن، وبخلاف الموقف الهولندي، رفضت دولٌ أوروبية مثل إسبانيا وفرنسا وإيطاليا المُشاركة في عملية “حارس الازدهار”، وهي المُبادرة الأمنية مُتعدّدة الجنسيّات في البحر الأحمر التي أطلقتها واشنطن في أوائل ديسمبر لحماية السفن التجارية من هجمات الحوثيين. ففي أعقاب إعلان وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، عن أسماء الأعضاء المُشاركين في التحالف البحري الدولي المُنشأ حديثاً، نفت إسبانيا بقيادة بيدرو سانشيز على الفور مُشاركتها، وأوضحت أنها لن تنضم إلا إلى المهام التي يقودها حلف شمال الأطلسي أو العمليات التي ينسقها الاتحاد الأوروبي. وتبنّت إسبانيا الموقف الأقوى، حيث انتقدت نائبة الرئيس، يولاندا دياز، نفاق المُجتمع الدولي في التعامل بشكل استباقي مع التهديد البحري مُقارنةً بعدم كفاءته في التعامل مع الحرب في غزة. وعبّرت كلمات سانشيز عن حاجة أوروبا إلى تجنّب المعايير المزدوجة في الرد على المأساة التي تتكشّف في قطاع غزة. وفي هذه الاثناء، صرّحت كلٌّ من إيطاليا وفرنسا أنه لا ينبغي اعتبار أن قواتهم في البحر الأحمر والمناطق المحيطة به تتبع الأوامر الأمريكية.
لقد فضَّلت باريس وروما ومدريد الابتعاد عن العملية العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة والضربات التي تلتها، خوفاً من أن يؤدّي ذلك إلى حدوث تصعيد عسكري خطِر آخر في المنطقة. واعترضت هذه الدول الأعضاء على أساس الحجة الأمريكية للتدخّل، من منطلق أن الهجمات على الحوثيين قد تؤدّي إلى تدهور سريع للوضع الأمني في المنطقة، وجرّ القوى الخارجية إلى مزيد من التصعيد، وتمدُّد الصراع بين إسرائيل وحماس. وفي حين أوضحت إيطاليا أنه لم يطلب منها المُشاركة، لأن أي مشاركة إيطالية كانت ستتطلّب موافقة البرلمان، أكّدت إسبانيا مجدداً أن قرارها بعدم التدخّل عسكرياً في البحر الأحمر جاء انطلاقاً من “التزامها بالسلام”. وبالمُقابل، يجب تأطير قرار الحكومة الفرنسية ضمن جهود البلاد للحفاظ على نفوذها، لاسيما في نزع فتيل التوتّرات بين حزب الله وإسرائيل، والحفاظ على بعض المساحة للوساطة في المنطقة؛ وتعكس هذه الخطوة الاستراتيجية مخاوف فرنسا المُتزايدة بشأن صورة البلاد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
في غضون ذلك، عملت العواصم الأوروبية خلال الشهرين الماضيين على تعزيز التزامها المُشترك بمُهمة عسكرية يقودها الاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر. وفي البداية، واجهت دول الاتحاد الأوروبي صعوبات في التوصّل إلى توافق في الآراء وإيجاد نهج مُشترك لمعالجة تهديد الحوثيين. وقد تجلى ذلك في القرار الذي اتخذته إسبانيا باستخدام حق النقض (الفيتو) في ديسمبر الماضي ضد اقتراح مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، بتوسيع تفويض عملية أتلانتا التابعة للاتحاد الأوروبي ليشمل التنسيق مع مجموعة العمليات التي تقودها الولايات المتحدة في حماية الأمن البحري في البحر الأحمر. وأتلانتا هي بعثة يقودها الاتحاد الأوروبي وتنشط منذ عام 2008 وتُركّز تقليدياً على مُكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال والقيام بمهام مدنية في القرن الأفريقي. وفي البداية عُزِّزَت عملية أتلانتا، وهي مُهمّة مشتركة بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، مع نشر وحدات بحرية من العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة وإسبانيا، من خلال إنشاء قوة واجب بحرية مُشتركة (CMF 151)، التي تضم أيضاً العديد من القوى العالمية، مع وجود مُهيمِن للقوات الأمريكية. ففي أواخر عام 2022، مُدِّدَت العملية مرة أخرى حتى ديسمبر 2024 بتفويض جديد لتحويل بعثة أتلانتا إلى القوة المرجعية في شمال غرب المحيط الهندي بوصفها مُزوّداً للأمن البحري. وتُمثّل البعثة، أولاً وقبل كل شيء، عنصراً مهماً في استراتيجية الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي، حيث تُقدّم الدعم لبعثتين بحريتين أخريين في المنطقة قبالة الصومال وهما (EUCAP-Somalia) و(EUTM-Somalia)، وتُغطّي أيضاً منطقة عمليات شاسعة تشمل خليج السويس وخليج العقبة والحوض الصومالي وخليج عدن.
مع هذا، رفض رئيس الوزراء الإسباني سانشيز النظر في مهمة يقودها الاتحاد الأوروبي في إطار عملية أتلانتا؛ لأن المُهمة ستفتقر إلى “الخصائص والطبيعة المطلوبة للبحر الأحمر”. وفي ضوء ذلك، بدأت دراسة إمكانية الاعتماد على المهمة الحالية التي تقودها فرنسا في مضيق هرمز، “الوعي البحري الأوروبي في مضيق هرمز” (EMASoH)، تنتشر بين العواصم الأوروبية وبروكسل كحل عملي. ووفقاً لوزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاجاني، فإن توسيع العملية الأخيرة يُمثّل “الحل الأسهل”. وأُطلِقَت هذه المُبادرة في عام 2019 بعد سلسلة من الحوادث التي ألحقت الأضرار بناقلات النفط ومحاولات الاستيلاء عليها في الخليج العربي وحوله من قبل إيران (ما يُسمى بـــــ “أزمة هرمز”)، وتختلف هذه المُبادرة وجناحها العسكري “عملية أجينور” عن مهمة الاتحاد الأوروبي في عملية أتلانتا من حيث أنها ليست مُبادرة يقودها الاتحاد الأوروبي، بل تمثِّل جهداً تعاونياً بين الدول الأعضاء الفردية. وتقود فرنسا هذه العملية، وتُشارك فيها دول مثل بلجيكا والدنمارك وألمانيا واليونان وإيطاليا وهولندا.
ومن السمات المميزة الأخرى لهذه العملية رفضها الصريح للوقوف إلى جانب أي قوة إقليمية مُحدّدة ضد القوى الأخرى. وهذا يفصل المُهمّة الأوروبية عن مبادرة “بناء الأمن البحري” الذي تقودها الولايات المتحدة وقوة الواجب التابعة لها “سينتينيل”، والتي تعمل في المياه نفسها. ومن وجهة نظر أوروبية، توفر هذه المُهمّة التي تقودها أوروبا بديلاً أكثر جاذبية من الناحية السياسية للمُهمّة الموازية التي تقودها الولايات المتحدة، وبخاصة وفق منطق خفض التصعيد الإقليمي. وفي 22 يناير، وافق مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي على هذه المُهمة التي تقودها أوروبا استناداً إلى مُهمّة “الوعي البحري الأوروبي في مضيق هرمز” تحت اسم “أسبيدس”.
عملية “أسبيدس” والمسار الأوروبي لتأمين الملاحة في البحر الأحمر
يُقال إن بناء الثقة مع الدول العربية الإقليمية مع تجنُّب أي موقف تصادمي تجاه إيران سيكون طموح البعثة “أسبيدس Aspides” التي تقودها أوروبا (تعني “أسبيدس”، “درع” باللغة اليونانية القديمة). وبدأت المبادرة باقتراح مُشترك من مجموعة ثلاث دول أوروبية، هي إيطاليا وفرنسا وألمانيا، والتي حصلت بالفعل على الضوء الأخضر من قبل الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي من حيث المبدأ، مع مُتابعة المداولات حول كيف ومتى وبموجب أي قواعد اشتباك ستعمل قريباً.
يجب أن يبدأ عمل بعثة “أسبيدس” بحلول 19 فبراير. وعلى غرار مهمة “الوعي البحري الأوروبي في مضيق هرمز” (EMASoH)، ستكون “أسبيدس” مُبادرة مُصغّرة ومُخصّصة ومرنة ومفتوحة لجميع الدول الأوروبية وللشركاء الإقليميين لأوروبا الراغبين في الانضمام إليها. ومن المُتوقّع أن تكون البرتغال والدنمارك واليونان وهولندا وبلجيكا من أوائل الدول التي ستنضم إليها، إلى جانب الدول المُبادِرة بالفكرة والتي تضم ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.
وستنشر إيطاليا قطعتين بحريتين رئيسيتين، وهما فرقاطتان مُتعدّدتا الأغراض من طراز “فيرجينيو فاسان” وفيديريكو مارتينيغو”، المُجهّزتيّن برادارات الجيل الأخير وأنظمة اعتراضية وقدرات الحرب المُضادّة للطائرات. وفي حين أن مُهمة “أسبيدس” الرئيسة ستكون، أولاً وقبل كل شيء، مُرافقة السفن التجارية، فمن المُرجّح أن تُفوَّض بعض القطع البحرية لاعتراض الهجمات القادمة من خلال الدفاع النشط. ويأمل الأوروبيون أيضاً في تطوير دبلوماسية بحرية وآلية لفض الاشتباك، بمُشاركة شركائهم في المنطقة والخليج. وبهذا المعنى، يُمكن لمهمة “أسبيدس” أن توفّر بالفعل بديلاً أكثر شمولاً للعمليات التي تقودها واشنطن ولندن في المنطقة. وفي هذا الصدد، تُعد خبرة أوروبا في الحوكمة البحرية مُتعدّدة الأطراف عنصراً قيّماً يحظى بتقدير دول المنطقة. وعند مُناقشة مجالات النجاح العملياتي الكبير التي حققتها بروكسل، يحتل الوعي بالمجال البحري (MDA) المرتبة الأولى. ويتضمّن ذلك مُشاركة المعلومات التي تُجمَع من خلال مزيج من الذكاء البشري والأنظمة التكنولوجية، مثل أنظمة التعرّف التلقائي (AIS) والرادارات والطائرات من دون طيار.
ومن خلال برنامج شراكة بناء القدرات “كريماريو” (CRIMARIO)، طوّر الاتحاد الأوروبي منصّة عالية التقنية تحت عنوان “أيوريس” (IORIS) لتبادل المعلومات الفورية لتعزيز الوعي بالموقف السائد. ويُعدّ تبادل البيانات أمراً بالغ الأهمية لتعزيز الأمن البحري وضمان سلامة الطرق البحرية الحيوية. وعند النظر في سياق البحر الأحمر والمنطقة البحرية الأوسع نطاقاً، يُمكن أن يكون التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول الخليج، تحديداً، مُفيداً بشكل خاص لجميع الأطراف، من خلال امتلاك أدوات لتعزيز تبادل المعلومات حول حماية الممرات والاتصالات البحرية، لاسيما ضد التهديدات غير المُتماثلة.
المصدر : https://epc.ae/ar/details/featured/aldawr-alamni-al-uwrubiy-fi-albahr-alahmar-tatir-nahj-badil-akthar-jadhibia-likhafd-altaseid