الدور الوظيفي للإعلام في معالجة الازمات والكوارث

مروة الاسدي

مقدمة:

بات للإعلام دوراً متزايداً وأهمية خطيرة كأحد أسلحة العصر الحاضر في تغطيته لإدارة الأزمات، نظراً لما يتوفر له من قدرات هائلة تمثل في انتقاله بسرعة كبيرة، واجتيازه للحدود، وتخطيه العوائق بما يملكه من وسائل مقروءة ومسموعة ومرئية، ولما له من قدرات هائلة على التأثير النفسي على الأفراد والسيطرة الفكرية والإقناع للجمهور في المجتمعات المختلفة، ومن ثم امكانية التحكم في سلوكياتهم وتوجيههم.

حيث تؤدي ان وسائل الاعلام تلعب درواً حيوياً في معالجة الازمات من خلال التوعية والإرشاد والتوجيه عن طريق الاتصال المباشر بين غرف العمليات الخاصة بمواجهة الأزمات وبين جماهير جمهور المشاهدين والمستمعين والقراء لتحذيرهم من الأخطار المحدقة التي تم التنبؤ بها، ومتى وأين ومكان وقوعها ومساراتها.

ويكمن وتكمن اهمية دور الاعلام في التخفيف من حدة الأزمات بتزويد الجماهير الجمهور بالحقائق للحد من انتشار الشائعات وتنوير الأفراد بما يساعدهم على تكوين رأي عام صحيح، لكن أحيانا يكون تأثير الإعلام في الأزمات “سلبيًا”، بدل أن يوضح الحقائق وينشر الوعي ويوصل الأخبار، يكون ممرًا للإشاعات للشائعات ومصدرًا للمغالطات.‏

لذا فأن معالجة الأزمة إعلاميًا تتطلب تكامل الجهود الإعلامية أهلية وحكومية مؤسسات وأفراد ضمن رؤية عامة لحماية البلد وتحصينه من المؤثرات الناتجة عنها.

فقد أصبحت عملية إدارة الأزمات إعلاميًا تخصصًا علميًا له قواعده ونظرياته وأسسه وآلياته واستراتيجيته، تهتم به المؤسسات التعليمية الأكاديمية والبحثية والمؤسسات الإعلامية والسياسية والدبلوماسية، كما حظى إعلام الأزمات “إعلام المواجهة” باهتمام القيادة القيادات العليا في أغلب دول العالم.

وعليه الإعلام إن لم يؤد دوراً بشكل صحيح وإيجابي وقت الأزمات فكيف يكون أداؤه وقت السلم والراحة والرخاء؟ عبارة زائدة لا داعٍ لها!.

دور الاعلام:

يعد الاعلام والاتصال من اقدم الممارسات التي عرفتها البشرية حيث ظهر مع بدء محاولات الانسان الاولى لتلبية النداء الفطري والرغبة الغريزية في العيش في حياة الاسرة والجماعة، فقد ادرك منذ ذلك الحين ان عليه ان يجد الطريقة التي يفصح بها عن افكاره ويعبر عن مشاعره ويحدد مكانته ويشعر من حوله بطريقة ما بما يتمتع به من قدرات.

وقد عهدت القبائل البدائية بمهام الاعلام والاتصال الى افراد بعينهم فقام بعضهم بوظيفة الحراس اللذين يحيطون القبيلة علما بالاخطار المحيطة والفرص المتاحة، فيكون هؤلاء الافراد والقائمون برصد الحياة من حول الجماعة اشبه بصفارات الانذار في حالتي الخطر والامان، وكذلك عهدت القبيلة الى بعض الافراد افراد مجلس القبيلة بسلطة اتخاذ القرارات عن احتياجات القبيلة واهدافها وسياستها، والتأكد من ان تلك القرارات ستنفذ وكان لابد من وجود رسل يحملون الاوامر والمعلومات من القبيلة الى افرادها او الى القبائل المجاورة ، وكذلك كفلت القبيلة لنفسها وسيلة تساعدها على الاحتفاظ بتراثها الثقافي.

مفهوم الاعلام:

اصبح الاعلام من العلوم الحديثة، وله قواعد واصول وفلسفة ونظرية، واضحى في الاونة الاخيرة علما مستقلا بذاته وليس تابعا، ويعرف بانه كافة اوجه الانشطة الخاصة التي تستهدف تزويد الجمهور بكافة الحقائق والأخبار الصحيحة عن القضايا والموضوعات والمشكلات وجريان الامور بطريقة موضوعية وبدون تحريف، بما يؤدي الى خلق اكبر درجة ممكنة من المعرفة والوعي والادراك والاحاطة الشاملة لدى فئات جمهور المتلقين للمادة الإعلامية، وبما يسهم في تنوير الرأي العام وتكوين الرأي الصائب لدى الجمهور في الوقائع والمشكلات المثارة والمطروحة.

يقصد بالإعلام ايضا تزويد الجماهير بالأخبار الصحيحة والمعلومات الصادقة بهدف معاونتهم على تكوين رأي عام وسليم ازاء مشكلة من المشاكل او مسألة من المسائل التي تشغل بال الرأي العام اي ان الاعلام في هذا التعريف يقوم على مخاطبة العقل لا الغريزة او العاطفة ودور الاعلام هنا يكمن في نقل الصورة، وبالتالي فان الاعلام لا يمكن ان يصدر عن سياسة فاشلة ضعيفة، بالمحصلة فالإعلام هو نقل المعلومة الى الرأي العام والتأثير به اي ان هدف الاعلام ليس الاعلام بحد ذاته بل التاثير في اتجاهاته.

ان الاعلام ليس مجرد اعطاء معلومات ومعارف وانما المقصود هو عملية تغيير اتجاهات وتحريك الجماعات للعمل في اتجاه معين لتحقيق الاهداف المرجوة، وبعبارة اخرى فان وسائل الاعلام تبلور صورة المستقبل، صورة قادرة على دفع الانسان لعمل ما يجب ان يعمله، وقادرة على تغيير البنيان الاخلاقي للمجتمع.

الاعلام لغة:

الإعلام لغة مصدر أعلم و يقال استعلم لي خبر فلان، و استعلمني الخبر فأعلمته إياه، وأعلم الفارس، جعل لنفسه علامة الشجعان، وأعلم الفرس أي علق عليه صوفا أحمر أو أبيض في الحرب، ويقال اعلم فلانا الخبر، وبه: اخبره به، واعلم فلانا حاصلا: جعله يعلمه، ويعني ايضا التبليغ، ويقال: بلغت القوم بلاغا، اي اوصلتهم الشيء المطلوب، والبلاغ ما بلغك أي وصلك، ففي الحديث: ” بلغوا عني و لو آية”، والمقابل اللغوي للفظ إعلام في اللغتين الإنجليزية و الفرنسية هو كلمة Information والنطق اللاتيني Informatio ماخوذة من Informatum أو الفعل Informare.

الاعلام اصطلاحاً:

يعرف الاعلام بانه التعبير الموضوعي لعقلية الجماهير ويتصل معنى الاعلام بالاخبار والالنباء والانباء والحوادث العريضة، ولايتضمن المعنى اللغوي اكثر من الانباء والاظهار والابراز، فيكون من هذه الجهة اكثر اتصالا بالاحداث واشد تعلقا بالصفة لاسيما المعاصرة، ويقرب معنى الاعلام اللغوي تعريفه الاصطلاحي وقد تنوعت التعاريف لمفهوم الاعلام وتعددت فيها:

1-أنه فن استقصاء الأنباء الآتية ومعالجتها ونشرها على جمهور واسع بالسرعة التي تنتجها وسائل الاعلام الحديثة.

2-وهو ايضا التعبير الموضوعي عن عقلية الجماهير وروحهم وميولهم واتجاهاتهم في الوقت نفسه.

3-عملية دينامية تهدف الى توعية وتثقيف وتعليم واقناع فئات الجماهير التي تستقبل مواده المختلفة وتتابع برامجه وفقراته ويجب ان يكون هناك فكرة محدودة تدور حول معنى معين يهدف مرسلهت مرسلها الى توصيلها الى تلك الجماهير.

وردت ثلاث تعريفات للاعلام في معجم مصطلحات الدعوة والاعلام الاسلامي ومن جهة اخرى وردت تعريفات اخرى للإعلام، منها:

1-التبليغ والاخبار.

2-عملية تزويد الناس بالأخبار والحقائق والمعلومات الصادقة عن طريق وسائل.

3-نشر الاخبار والمعلومات والآراء والحاجات والمشاعر والمعرفة والتجارب على الجماهير بشكل شفوي او باستخدام وسائل اخرى بغرض الاقناع والتأثير على السلوك.

اسس ومبادئ الاعلام:

ان الاسس والمبادئ التي يقوم عليها العمل الاعلامي لا تكاد تختلف من مجتمع لاخر، ويمكن تلخيص اسس ومبادئ الاعلام في النقاط التالية الآتية:

1- ان يقوم الاعلام على اساس واقعي، يلبي حاجات المجتمع، وان تكون المادة الاعلامية قوامها الحقائق الثابته الثابتة في الاحوال جميعها.

2- ينبغي ان تعرض هذه الحقائق في اطار يتسم بالموضوعية والحياد بغير اقحام لوجهات النظر الشخصية او اضفاء مسحة عاطفية عليها.

3- ان يكون الاعلام معبرا في كل جوانبه ومجالاته عن الجماهير التي يخاطبها، وان يكون ملائما ومتوافقا مع اهتمامات تلك الجماهير وميولها ومستوى ثقافتها، وكذلك مع الروح الاجتماعية والتقاليد السائدة في المجتمع.

اهمية الاعلام:

للإعلام اهمية كبرى على مستوى الفرد، الاسرة، المجتمع، الدولة، الامة، العالم، وفي جميع مرافق الحياة الانسانية: التربوية، الثقافية، الاجتماعية، الصحية، الاقتصادية، السياسية، وغيرها وذلك بوصفه بما يأتي:

1-اقوى ادوات الاتصال العصرية التي تعين الفرد على معايشة العصر والتفاعل معه.

2-من اهم الوسائل الحديثة في مخاطبة المجتمعات الانسانية.

3-ترجمة التوجهات الاجتماعية بمختلف المشارب الفكرية وتفعيل الحراك السياسي والمشهد الثقافي والنتاج الفكري.

4-شرح القضايا وطرحها في الراي العام من اجل تهيئته اعلاميا.

5-بناء الدول اقتصاديا، واجتماعيا، وسياسيا، وثقافيا، وفكريا.

6-التاثير على القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية.

7-العلم بما يجري في العالم من اخبار واحداث وتطورات والتفاعل معها.

8-التبادل الثقافي والحضاري والمعرفي بين الدول والشعوب والتفاعل فيما بينها.

9-بناء القناعات والاتجاهات والمعتقدات عند الافراد والجماعات.

الدور الوظيفي للإعلام:

توجد عدة وظائف للإعلام واهمها ما يلي:

1-اشباع رغبة الجمهور في التعليم: وهو من الوظائف المهمة التي تقع على عاتق الاعلام من خلال وسائله المختلفة، ويؤكد على ذلك ليبين ان وسائل الاعلام هي مصدر رئيسي للمعرفة يزود الناس بالمعلومات عن عالم الشؤون العامة.

2-تعبئة الجماهير والهامها بالفكر والمبادئ وروح العمل الجماعي: وهو الامر الذي يدفه يدفع بالمجتمع الانساني نحو التطور والابداع، وخاصة من خلال جمهور المثقفين بما لهم من شخصية وارادة واتجاهات وموقف اجتماعية.

3-دفع ودعم التنمية الوطنية والاقتصادية والاجتماعية: اي ان وسائل الاعلام هي افضل وسيلة يمكن ان تستخدم لإحداث التغيير في المجتمع، كما انها يمكن ان تقوم بمهمة كبيرة عند احداث التنمية، وذلك بتزويد الجمهور بالمعلومات عن المستجدات في كافة المجالات كافة.

4-التنمية السياسية: من خلال افراد مساحات جيدة تخصصها الرسالة الاعلامية للتثقيف السياسي، والتنشئة السياسية، كذلك تبصير الجمهور بأهمية المشاركة السياسية في اطار العلاقة الوثيقة بين البنيان الاعلامي وبنيان المجتمع، من خلال تعميق الشعور بالمسؤولية لدى الافراد والجماعات.

5-التوعية الوطنية: قيام الاعلام بدور يعتد به في تعميق روح الانتماء واذكاء مشاعر الانتماء الوطني والايمان بوحدة الامة ورسالتها الحضارية.

6-احداث التحول وتغيير الاتجاهات: ان محاولات الاقناع المتتالية من اجل تغيير الاتجاهات من المهام الاعلامية البارزة التي تسعى وسائل الاعلام لتحقيقها.

7-التنشئة والتوعية الاجتماعية للفرد: يقوم الاعلام بدور كبير في عملية التربية الفكرية السليمة للافراد وتدريبهم العقلي على اصدار الاحكام السليمة، من خلال عرض مواقف مماثلة تستلهم حلولا مثالية، وكذلك التنشئة الاجتماعية الصحيحة للافراد من خلال ارساء قيم ومثل تعمل هذه الوسائل على ترسيخها في عقلية الفرد.

8-صياغة المجتمعات: حتى يبرز المجتمع الجماهيري كقوة لها وزنها في تسيير الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحيث تلعب هذه الوسائل دورها في بلورة قيم هذه المجتمعات واتجاهاتها.

9-خلق راي عام: وذلك بعرض الحقائق الثابتة امام الجمهور جميعها، وامداده بالمعلومات الصحيحة والدقيقة كافة، التي تساعده في تكوين راي صائب في قضايا وموضوعات الساعة، فمهمة وسائل الاعلام هنا الوصول بجمهور المتلقين للرسالة الاعلامية الى اقصى درجة ممكنة من المعرفة والوعي والادراك.

10-خلق الشخصية الايجابية: وهي تلك الشخصية النشطة في التفاعل الانساني والتي تتقبل بسهولة وتفهم حضارات الامم الاخرى وتعمل على اللحاق بركب التطور في مرونة ورغبة صادقة.

11-نقل حضارات الامم الاخرى: من خلال التكنولوجيا المبهرة القائمة على الصوت والصورة والحركة السريعة في نقل كافة مشاهد التطور والانجاز في مختلف المجالات، وهذا يعني الانفتاح على الامم، وهو الامر الذي يسحب معه الشعوب الراكدة والامم المتخلفة الى ركب الحضارة.

12-دعم القيم الروحية والايديولوجية: في اطار تعبئة الجماهير الجمهور والهامها بالمثل والافكار والمبادئ وروح العمل الجماعي وتغذية العقل والوجدان بالمبادئ الروحية التي تدفع بالانسان الى الاستقامة والجد.

13-خلق الثقة: فوسائل الاعلام بما تتبناه من القيم والتعليمات الاخلاقية والمثل العليا، وبما تنتهجه من بث لقواعد التنشئة الاجتماعية للافراد تتمكن من غرس عادات صالحة تنزع بالافراد الى المشاركة والايجابية والطموح الفاعل وتولد الثقة في النفس وفي الاخرين، كأن تخلق الثقة بين الحاكم وافراد الشعب.

14-التحديث: من خلال المساهمة في ايجاد بنيات تلاحق التطور وتستجيب له، بالإضافة الى التطور في القيم والمعتقدات، ويرتبط التحديث ببناء الامة كهدف للسياسة العامة، هذا البناء جزء من عملية التغير للوصول للمجتمع الحديث ونجد وسائل الاعلام تعد محركات للتنمية اضافة لمساهمتها في تعميق الشعور الوطني والديني.

المعالجة:

في المعجم الوجيز وردت (Treatment) بأنها معالجة المعلومات و البيانات، وفي المورد و وردت بأنها طريقة أو التناول، واصل كلمة المعالجة من الفعل الرباعي (عالج) الشيء معالجة وعلاجا زاوله ومارسه المريض دواه وفلانا غالبه وعنه دافع، اما المعالجة في نظر الباحثين اللغويين تعني قياس العبارة والجمل وفقا لأسلوب تركيب الكلام العربي ثم تجري الاصلاح الذي ينقح الجمل من خللها اللغوي وتأتي بمعان ظاهرة وفصيحة، كذلك عرفت المعالجة” handling ” في اللغة الانكليزية بأنها معالجة الموضوع أو القضية أو الأمر.

المعالجة إعلامياً:

عُرفت بأنها الطريقة التي تتناول بها الصحف القضية أو الحدث أو الموضوع أو الفكرة على وفق سياسة تحريرية معينة تتحدد بناء على سياسة الصحيفة و ملكيتها وتشمل: ( )

1-المضمون وأساليب التأثير بإغفال الطابع الخبري أو الرأي.

2-أنماط التحرير المستخدمة، هل يغلب عليها الطابع الخبري أم الرأي.

3-الإخراج الصحفي، حيث يتأثر بتوجيه الصحيفة إذا ما كانت محافظة أم معتدلة وذلك باستخدام العنوانات والصور والألوان وغيرها لإبراز مضمون ما أو التقليل من أهميته.

الازمة

الازمة لغة:

تعني الازمة في اللغة العربية الشدة والقحط، وهي مأخوذة من الفعل (ازم) ويعني شدة العض، جمع كلمة ازمة (اوازم)، وتشير الى موقف او حالة طارئة واستثنائية مغايرة للمجرى العادي للأمور، ولم يكن لفظ ازمة شائعا في الادبيات العربية القديمة الى ان لفتت الدراسات الاجنبية انتباه الباحثين العرب اليه، وكانت الترجمة المباشرة لكلمة، Crisis تعني ازمة.

وتعود الاصول الاولى لاستخدام كلمة (ازمة) الى علم الطب الاغريقي القديم، وقد كانت هذه الكلمة تستخدم للدلالة على وجود نقطة تحول مهمة، ووجود لحظة مصيرية في تطور مرض ما، ويترتب على هذه النقطة اما شفاء المريض خلال مدرة مدة قصيرة او موته، وتعني الازمة في معاجم اللغة الانجليزية نقطة تحول في المرض او في تطور الحياة او في التاريخ، وتتصف بالصعوبة والقلق من المستقبل وتتطلب اتخاذ القرار المناسب خلال مدة زمنية محددة، ولها معان متعددة في معاجم اللغة الفرنسية اهمها: النزاع، التوتر، النوبة، الفقر، الفاقة.

مفهوم الازمات اصطلاحاً:

إن المتأمل لمفهوم الأزمة، يدرك دون عناء غزارة الزخم الفكري وثراءه، حيث تعددت التعريفات وتنوعت بتنوع الحقول المعرفية والعلمية التي تناولت المسألة، فمفهوم الأزمة يعتبر من المفاهيم الواسعة الانتشار في المجتمع المعاصر، إذ أصبح يمس بشكل أو بآخر كل جوانب الحياة بدءاً من الأزمات التي تواجه الفرد مروراً بالأزمات التي تمر بها الحكومات والمؤسسات، وانتهاء بالأزمات الدولية.

وهناك تعريفات كثيرة للأزمة، فالبعض يعرفها بأنها ” موقف طارئ يحدث ارتباكاً في تسلسل الاحداث اليومية للمنظمة ويؤدي الى سلسلة من التفاعلات ينجم عنها تهديدات ومخاطر مادية ومعنوية، مما يستلزم اتخاذ قرارا سريعة في وقت محدد وفي ظروف يسودها التوتر نتيجة لنقص المعلومات المتعلقة بموقف الازمة”.

وتعرف ايضاً على انها ” انعكاس لموقف وحالة وعملية وقضية يواجها متخذ القرار في احد الكيانات، اذ تتلاحق وتتداخل وتتشابك الأسباب والنتائج وتختلط الأمور وتتعقد، وربما يفقد متخذ القرار للوهلة الأولى قدرته على الرؤية عند اصطدامه واحتكاكه بها، او عند محاولته السيطرة السيطرة عليها او على منحنايتها منحنياتها وتوجهاتها”.

وهي موقف يحدث فيه صراع او تضارب بين الاهداف او المصالح مما يؤدي الى حالة من الصدام السياسي او العسكري.

وتتفق الباحثة مع التعريف الذي يرى الازمة على انها “وصول عناصر الصراع في علاقة ما الى مرحلة تهدد بحدوث تحول جذري في هذه العلاقة كالتحول من السلم الى الحرب، او تفكك التحالفات او تصدع العلاقات في المنظمات الدولية”.

ابعاد الازمة:

يمكن تحديد ابعاد الازمة فيما يلي:

1- مصدر الازمة واسبابها: أي هل هي مشكلات سابقة تطورت الى حد الازمة، ام تهديد خارجي، او عوامل طبيعية، وموقف طارئ داخلي.

2- تعقد الأزمة: ويقاس بما هو متاح من خيارات وامكانيات في مواجهتها.

3- كثافة الأزمة: وتقاس بمعدل الاحداث في فترة زمنية محددة، فكلما تلاحقت الاحداث في فترة زمنية وجيزة تكون الأزمة اكثر كثافة.

4- المدى الزمني للأزمة: أي الوقت الذي تستغرقه الأزمة ان كانت قصيرة او متوسطة او ممتدة.

5- نطاق الازمة: أي الاطار المكاني الذي تشمله الازمة قد تكون ازمة داخلية او ازمة داخلية ممتده ممتدة للخارج او ازمة خارجية.

أنواع الازمات:

تلخص أنواع الازمات بالشكل الآتي:

1- من حيث المستوى: الفرد، المجموعة، المنظمة، الوطني، الإقليمي، الدولي.

2- من حيث الطبيعة: اقتصادية، اجتماعية، دينية، سياسية، عسكرية.

3- من حيث العمق: ازمة سطحية هامشية التأثير، ازمة عميقة جوهرية بالغة التأثير.

4- من حيث المكان: ازمة داخلية، ازمة خارجية .

5- من حيث التكرار: ازمة ذات طابع عشوائي فجائي غير متكرر، او أخرى ذات طابع متكرر ودوري.

6- حسب الشمولية: ازمة ذات طابع شمولي، وأزمة خاصة ذات طابع جزئي.

7- حسب المظهر: ازمة مفاجئة، ازمة زاحفة، ازمة علنية صريحة، ازمة مستترة.

أسباب نشوء الأزمات:

اهم اسباب نشوء الازمات ما يأتي:

1- ترحيل او تأجيل المشكلات او تجاهلها: إذ ان تجاهل المشكلة يعمل على تراكمها للحد الذي يصعب السيطرة عليه، كأي مشكلة تتحول بسبب الصمت الى ازمة حقيقية.

2- عدم وجود آلية لاكتشاف الازمات قبل حدوثها: إذ ان الاختبار الحقيقي في أسلوب التعامل مع الازمات قبل حدوثها، يتم بتبني أنظمة للإنذار المبكر، وتوفير تعليمات واضحة الى شتى المعنيين، فضلاً عن توفير تقييماً لمختلف النتائج الواقعة والمحتملة.

3- عدم توفر استعدادات مسبقة قادرة على مواجهة الازمات عند حدوثها: إذ ان اهم أسس التعامل مع الازمات هو الاستعداد المبكر، وتخصيص المبالغ المالية اللازمة لحالات الطوارئ.

4- قصور التخطيط عن تصور المستقبل والاستعداد له: أي القصور بالإعداد والتخطيط الكافي لمواجهة الازمات المحتملة والتي تهدد المجتمع.

5- ضعف الإمكانات البشرية والمادية والفنية: اغلب المؤسسات تعاني من نقص في الإمكانات المادية والفنية والتي تحول دون تضمين خططها الاستراتيجية برامج وآليات لتوفير المعدات والأجهزة الحديثة لمواجهة الازمات.

6- الإدارة العشوائية: ان وجود إدارة علمية تستطيع اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب، وبناء على معلومات دقيقة وواقعية وحديثة لا شك في ان يكون ذلك الدرع الواقي للمجتمع والمؤسسة من الوقوع في الازمات.

7- الأخطاء البشرية: تشكل الأخطاء البشرية واحدة من اكبر مسببات الازمات داخل المؤسسات ذات الطابع الفني.

8- النزاعات الداخلية: تنشب احياناً داخل المجتمعات والمؤسسات صراعات مختلفة نتيجة لعدة أسباب أهمها عدم تجانس الافراد.

9- سوء الفهم او عدم استيعاب المعلومات: تحدث الكثير من الازمات تحدث نتيجة لسوء فهم المعلومات او خطأ في القرارات بسبب وجود معوقات في الاتصال يؤدي الى حدوث تشويش بالرسالة.

سمات الازمة:

هناك سمات أساسية للازمة هي كالتالي كما يأتي:

1- عبارة عن حدث ضد طبيعة الأشياء.

2- تفرض تحديات لاستخدام الموارد المتاحة.

3- يمكن ان تحدث اضراراً.

4- تتطلب الاهتمام والتصرف الفوري.

5- سيطرة الإدارة تكون محدودة.

6- يصعب التنبؤ بها.

7- لها مسؤولية قانونية تستدعي اهتمام الناس ووسائل الإعلام.

8- يتصرف الافراد بناء على احكامهم الشخصية وليس عن طريق تعليمات محددة مسبقاً.

لذا فأن هذه العوامل مجتمعة تتطلب معالجة الازمة مهارات أساسية واتجاهات وسلوكيات معينة.

المعالجة الإعلامية للازمات:

المعالجة الإعلامية تعني ” عملية الكشف عن اتجاهات ومديات واستراتيجيات التغطية الإعلامية من قبل جهة ما باتجاه قضية معينة وهي ايضاً الطريقة التي تمت بها نشر الرسالة من حيث الشكل والمضمون، والتي من شأنها تعزيز القيم او رفضها في المجتمع، بحسب طريقة عرضها وتناولها في الوسائل الاتصالية.

وبما ان الازمة هي نقطة تحول في موقف مفاجئ، تؤدي إلى أوضاع غير مستقرة، مما يهدد المصالح والبنية الأساسية للمنظمات والبلدان، كما تحدث ردات فعل غير متوقعة أو غير مدروسة إبان حدوث الأزمة وإعلانها للرأي العام، لذلك فإن وظيفة الإعلام الرئيسة في هذا المقام هي تغطية ومعالجة الأزمات وخلق وعي بها لدى المواطنين، ولكن أيضاً محاولة التغلب عليها واحتوائها حتى لا تستفحل.

وتوجد ثلاثة انواع من المعالجات الإعلامية للازمات وهي كالتالي:

1- المعالجة المثيرة: والتي تميل في تغطيتها الى التهويل والمعالجة السطحية، والتي ينتهي اهتمامها بالازمة بانتهاء الحدث، أي انها معالجة مبتورة تسبب في تضليل وتشويه وعي الجمهور، وان هذه المعالجة ما هي الا استجابة لما تفرضه اعتبارات السلطة في بعض الأنظمة او احتياجات السوق الإعلامية، والتي تركز على الوظائف التسويقية للإعلام دون النظر الى الوظائف التربوية او التثقيفية.

2- المعالجة الناقصة: يختلف هذا النوع من المعالجة تماما عن الأولى وهي مناقضة لها وعادة ما تكون ملازمة لها، “وهي لا تقوم على التهويل بل على التهوين، وبذلك قد تقلل من معلومـات وأخبـار ذات أهميـة قصوى بالنسبة للمجتمع، كتقليلها من الأصوات الداعية إلى انتهاج الحوار السياسي كحل للأزمـة، أو مبالغتها في اعتبار هذه الأصوات خطيرة على المجتمع.

3- المعالجة المتكاملة: وهي المعالجة التي تتعرض للجوانب المختلفة للازمة (مواقف الأطراف المعنية، الأسباب، السياق، التطورات، الآفاق)، إذ تتسم هذه المعالجة بالشمولية والعمق والمتابعة الدقيقة، والتي تحترم موضوعها ومتلقيها.

مراحل معالجة الازمات:

اهم هذه المراحل ما يلي:

1-التلطيف

2-الاستعداد والتحضير

3- المجابهة

4-اعادة التوازن

5-مرحلة ما بعد الازمة

الاعتبارات الواجب مراعاتها عند التعامل مع الإعلام في معالجة الأزمات:

إن العلاقة بين أجهزة الإعلام وفريق إدارة الأزمات يجب أن تتم معالجتها بدرجة عالية من الدقة والحيطة والحذر، وهنالك بعض الاعتبارات يجب مراعاتها أثناء التعامل مع الإعلام عند حدوث أزمة بالمنظمة:

1 – يجب تلبية احتياجات أجهزة الإعلام التي تتطلب معرفة الحقائق بسرعة ودقة ووضوح.

٢- الإعلان عن الحقائق وتطورات الموقف بصورة واضحة لا تقبل الالتباس حتى لا يحدث تحريف فيها.

3- الاعتراف بالأخطاء وتوخي الأمانة والصدق في نقل المعلومات وتوضيح أسباب حدوث الأخطاء لأن إنكارها ومعرفة الإعلام بها من جهات أخرى ممكن أن يؤدي إلى موقف غير مستحق من جانب الإعلام في تغطية الأزمة .

4 – مواجهة الغموض وعدم التأكد والانفعال العاطفي المصاحب للأزمات.

5-عدم اتخاذ المنظمة موقف الدفاع عن النفس والإجابة على التساؤلات بثقة ومصداقية.

6- إعداد قائمة بالإجابات عن الأسئلة المتوقعة مثل عدد الوفيات أو الإصابات والخسائر وقت حدوث الأزمة.

7- في وقت حدوث الأزمة لا يجب محاولة كسب ثقة وتعاون وتعاطف الإعلام والموظفين والرأي العام.

۸ – عدم إصدار تعليقات خارج الإطار الرسمي المحدد من قبل فريق الإدارة الأزمات.

9. – الاستعانة بالمحامين والخبراء لتحديد الوسيلة التي يمكن بها معالجة الموقف وإعداد المذكرات والتصريحات اللازمة للإعلام.

…………………………………………………………………………………………….

 

المصادر:

(1) مصطفى يوسف كافي، الاعلام التفاعلي، عمان، دار الحامد، 2016م، ص17.
(2) سامية ابو النصر، الاعلام والعمليات النفسية في ظل الحروب المعاصرة واستراتيجية المواجهة، القاهرة، دار النشر للجامعات، 2010م، ص19.
(3) بسام عبد الرحمن المشاقبة، الاعلام المقاوم بين الواقع والطموح، عمان، دار اسامة، 2011م، ص12.
(4) ابراهيم امام، الاعلام والاتصال بالجماهير، القاهرة، مكتبة الانجلو المصرية، ط2، 1985م، ص431.
(5) محمد الطيب زاوي، الإعلام الإسلامي الإلكتروني المعاصر مع دراسة وصفية لثلاثة وأربعين موقعا إسلاميا على شبكة الإنترنت، رسالة غير منشورة، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والإعلام، قسم علوم الإعلام والاتصال، 2003م-2004م، ص33.
(6) محمد جمال الفار، معجم المصطلحات الاعلامية، عمان، دار اسامة، 2013م، ص26-28.
(7) طه احمد الزيدي، معجم مصطلحات ، بغداد، دار الفجر، 2010م، ص41
(8) حامد عبد الواحد، الاعلام في المجتمع الاسلامي، دن، دت، ص20-21.
(9) ابراهيم جابر السيد، الاعلام والمجتمع، الاسكندرية، دار التعليم الجامعي، 2015م، ص142-143.
(10) إبراهيم السامرائي، المعجم الوجيز في مصطلحات الإعلام، بيروت، مكتبة لبنان، 1999م، ص 145.
(11) منير البعلبكي، قاموس المورد، بيروت، دار العلم، 1990م، ص412.
(12) فاطمة محمود حمه الطلباني، معالجة الصحافة الكردية للازمات بين حكومة اقليم كردستان العراق والحكومة الاتحادية- دراسة تحليلية في جريدتي التاخي والاتحاد العام لعام 1/1/2014م_1/7/2014م، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة بغداد، كلية الاعلام، قسم الصحافة، 2016م، ص22.
(13) عبد الوهاب نجم، القاموس الإعلامي، بغداد، دار القادسية للطباعة، 1982م، ص 650
(14) فتحي حسن عامر، معالجة الإعلام لقضايا الوطن العربي، القاهرة، دار العربي للنشر والتوزيع، 2010م، ص 29.
(15) اشرف السعيد احمد، الاعلام المعاصر وادارة الازمات، دار الكتاب الحديث، 2019م، ص63.
(16) يوسف ابو فارة، ادارة الازمات، بيروت، المكتبة العالمية للكتاب الجامعي، 2008م، ص21.
(17) ثريا السنوسي، ادارة الازمات الارهابية إعلامياً: ازمة شارلي أيبدو أنموذجاً، بحث منشور في مجلة الإعلام العربي والمجتمع، دبي، العدد 21، 2016م، ص2.
(18) علي عجوة وكريمان فريد، إدارة العلاقات العامة بين الادارة الاستراتيجية وإدارة الازمات، القاهرة، عالم الكتب، 2005م،ص135 .
(19) ماجد سلام الهدمي وجاسم محمد، مبادئ ادارة الازمات – الاستراتيجية والحلول، الاردن، دار زهران للنشر والتوزيع، 2012م، ص18.
(20) اسماعيل عبد الفتاح عبد الكافي، معجم مصطلحات عصر العولمة، ص40-41.
(21) عباس رشدي العماري، إدارة الازمات في عالم متغير، القاهرة، مركز الاهرام للترجمة والنشر، 1993م، ص26.
(22) احمد جلال عز الدين، إدارة الأزمة في الحدث الإرهابي، الرياض، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، 1990م، ص28-29.
(23) حسن عماد مكاوي، الإعلام ومهالجة معالجة الازمات، القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، م2005، ص51-52.
(24) استبرق فؤاد وهيب، المعالجة الاعلامية للاحتلال الامريكي للعراق، رسالة ماجستير، عمان، جامعة الشرق الاوسط للدراسات العليا، كلية الإعلام، 2009م، ص10.
(25) حميد غزال مهدي، دور الفضائيات العراقية في تدعيم اتجاهات الجمهور نحو الازمات الامنية من وجهة نظر قادة الرأي في بغداد، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الشرق الاوسط، كلية الإعلام،م2015،ص67.
(26) حسين قادري ومختار جلولي، معالجة الصحافة الجزائرية الخاصة للازمات الداخلية، بحث منشور في مجلة دفاتر السياسة والقانون، العدد 13، 2015م، ص94-95.
(27) سوسن سالم الشيخ، ادارة ومعالجة الازمات في الاسلام، القاهرة، دار النشر للجامعات، 2003م، ص16.
(28) عبد العزيز بن سلطان، التخطيط الإعلامي ودوره في مواجهة الازمات والكوارث، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة نايف العربية،2004م، ص16.

 

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/studies/22681

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M