د. عدنان أبو عامر
مقدمة
بينما تصافح وزراء خارجية عدد من الدول العربية، وهي مصر والإمارات والبحرين والمغرب، مع نظيريهم الأمريكي والإسرائيلي في قمة النقب، في الداخل الفلسطيني المحتل، وقبلها انعقاد قمة شرم الشيخ التي جمعت زعماء مصر والإمارات و إسرائيل، يمكن الحديث عن جملة من الدلالات السياسية والأمنية والاقتصادية، فضلا عن الاستراتيجية الإسرائيلية بعيدة المدى منهما، مع التركيز على إيران ودول الخليج ومصر والمغرب، وغياب الأردن والفلسطينيين عنهما.
بدا واضحا أن قمتي شرم الشيخ والنقب اللتين عقدتا تباعا أواخر مارس/آذار، ركزتا على “التقاط الصورة”، حيث سعت الدول المشاركة فيهما لإيصال رسالة مفادها أنهم موحدون في مواجهة ما يعتبرونها التحديات المشتركة، وسعت الولايات المتحدة لأن تثبت من خلال القمة الثانية، رغم غيابها عن القمة الأولى، التزامها تجاه حلفائها في المنطقة.
مع أن الدول الخليجية تحديدا، لا تستطيع عملياً منع إبرام اتفاق نووي مع إيران، وباستثناء إسرائيل، فهي مترددة في مواجهة عسكرية معها، رغم أنه من ناحية التوقيت الزمني، فقد ظهر أن انعقاد القمتين تزامن مع مواصلة الحوثيين قصف السعودية والإمارات، دون رد حقيقي منهما.
يبقى السؤال الإسرائيلي مفتوحا، أنه في ظل ما تعتبره تل أبيب “إنجازا” سياسياً ودبلوماسياً، ولعله دعائياً، من وجود القمة ذاتها في النقب المحتل، وقبلها مشاركتها بقمة شرم الشيخ، فإن درجة تصميم وقدرة المشاركين فيهما على ترجمة التفاهمات المتحققة خلالهما بحاجة لمزيد من البحث والتحري، مع وجود جملة عقبات كأداء تحول دون تحقيقها.
أجندة القمتين
تشبه تداعيات القمتين على الأمن القومي لإسرائيل، ومكانتها في الشرق الأوسط، وعلى الساحة الدولية، الخيط الذي لا يكاد يرى بالعين المجردة، فقد اجتمع وزراء خارجية مصر والإمارات والبحرين والمغرب والولايات المتحدة وإسرائيل في “قمة النقب”، الأولى من نوعها، عقب قمة شرم الشيخ في مصر، في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية حول العالم بسبب الحرب الأوكرانية الروسية، مع تمنع دول الخليج عن الاستجابة للطلب الغربي، والأمريكي تحديدا عن ضخ مزيد من النفط لتعويض الروسي بسبب العقوبات الدولية، فيما توشك القوى العظمى على توقيع الاتفاق النووي مع إيران.
وقد عكس توقيت القمتين وجهة نظر الدول المشاركة فيهما، فيما تعتبرها التهديدات المشتركة التي تواجهها، لاسيما القادمة من إيران، وخشيتها مجتمعة من رفع العقوبات عنها، وإطلاق الموارد التي تخدمها بمواصلة توسعها في المنطقة، بزعم أنها تزعزع استقرارها، رغم أن إسرائيل هي أساس التوتر الإقليمي.
كما ظهر مصدر آخر لقلق الدول المشاركة في القمتين، وهو التصور السائد لديها حول ابتعاد الولايات المتحدة عن المنطقة، وعواقبها الناجمة عن ذلك، مما خلق أساساً للعمل المشترك بين الدول الحاضرة فيهما تحضيرا للواقع العالمي والإقليمي الجديد، بما في ذلك تشكيل تعاون مشترك لمواجهة إيران كنوع من التحالف الأمني الإقليمي، على غرار اتحاد الغرب ضد روسيا من خلال حلف الناتو.
ليس سراً أن انعقاد القمتين تزامن مع بداية تشكل ونشوء وضع عالمي جديد يتسم بالمنافسة المتزايدة بين قواه الكبرى والطامحة، وباتت ساحته الرئيسية في هذه المرحلة أوروبا، ويعزز هذا التطور الخروج التدريجي للولايات المتحدة من الشرق الأوسط، مما يترك فراغاً ستتمكن إيران من تعبئته بزيادة تدخلها ونفوذها في جميع أنحائه، لذلك ترى الدول المجتمعة في القمتين ضرورة المضي قدماً في التحرك لسد هذا الفراغ، مع أنها تعلم أنها قد تضطر للوقوف في مواجهة موحدة مع الولايات المتحدة لاختيار جانب في مواجهة الهجوم الروسي على أوكرانيا.
هناك زاوية في أجندة القمتين تتمثل في أنهما لم تخفيان تهميشهما للقضية الفلسطينية من المسرح الإقليمي، وكأن الدول العربية المشاركة فيهما باتت تقبل انضمام إسرائيل لتركيبة المنطقة دون شروط رفعت سابقا بشأن إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وهو منحدر صعب وقاسي، يمثل ذروة التخلي العربي الرسمي عن القضية الأساسية في المنطقة، ولذلك لم يتم دعوة السلطة الفلسطينية لحضور القمتين معاً.
في الوقت ذاته، جاء انعقاد القمتين في ظل وساطة باتت علنية ومعروفة تقوم بها إسرائيل بين الدول الخليجية وواشنطن، حيث تسهم علاقاتها الخاصة معهما بجعلها طرفاً وسيطا مقبولا عليهما لعدول الأخيرة عن بعض مواقفها الإقليمية، خاصة تجاه إيران وحلفائها في المنطقة، لاسيما الحوثيين، الذين زادوا من هجماتهم على الرياض وأبو ظبي في الآونة الأخيرة، دون أن يواجهوا موقفا أمريكيا حاسما، مما يعني أن دور الوساطة الذي تقوم به تل أبيب يؤكد لتلك الدول العربية أن الطريق إلى واشنطن يمر عبرها.
وفي الوقت الذي اعتبرت فيه دولة الاحتلال أن قمتي النقب وشرم الشيخ إنجازاً مثيراً للإعجاب لسياستها الخارجية، بزعم أنها أثبتت نفسها محورا رئيسيا ولاعبا أساسيا في تصميم بنية إقليمية جديدة، لكن يمكن الافتراض أن الإطار الإقليمي ربما لن يمكن حكومتها بتكوينها المتزعزع الحالي مجالاً للمناورة والمرونة التي ستمكنها من التحرك على المستوى الثنائي الإسرائيلي الفلسطيني، لاسيما بالتزامن مع تراجع الاهتمام العربي الرسمي بالقضية الفلسطينية، ودفعها لأسفل أولوياتها.
من الواضح، على الأقل وفق الرؤية الإسرائيلية، أن القيادات العربية المشاركة في القمتين اختارت بالفعل، حسب اعتبارات دولها، أن تكون إسرائيل حليفاً حيوياً وهاماً لها في الآونة الأخيرة، ونظراً لتراجع القضية الفلسطينية على الأجندة الإقليمية والدولية، فإن مساحة التأثير والنفوذ الفلسطيني آخذة في التقلص، ولا يجعل عدم حل القضية الفلسطينية عائقا أمام التقارب بين إسرائيل والدول العربية.
المصالح المصرية
استضافت مصر قمة شرم الشيخ التي جمعت رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت وولي العهد الإماراتي محمد بن زايد في ضيافة عبد الفتاح السيسي، لبحث التطورات الدولية والإقليمية، بما عكس الاهتمام بتشكيل تحالفات إقليمية جديدة في مواجهة تراجع الحضور الأمريكي، وضرورة أن تهتم الدول بشؤونها الأمنية والاقتصادية المشتركة معاً في ظل غياب قوة عالمية، وبلورة محور عمل إقليمي يشترك في اهتمامات ومصالح مشتركة حول قضايا:
- البرنامج النووي الإيراني: أظهرت الدول الثلاث رغبتها بتقديم جبهة صلبة أمام الإدارة الأمريكية تجاه عودة محتملة للاتفاقية النووية، وفي الوقت الذي تتزايد فيه التحفظات الإسرائيلية على بعض البنود الواردة فيها، وتم التعبير عنها، فإن مصر مهتمة بزيادة التنسيق الأمني مع إسرائيل وباقي دول المنطقة، ومنع اندلاع مزيد من التوترات، لاسيما من جماعة الحوثي التي تستهدف حلفاءها الخليجيين، ويمكن أن تعطل قناة السويس التي تعد مصدراً مهماً لإيرادات النقد الأجنبي في مصر.
- حرب أوكرانيا: رغم أن الدول الثلاث تعتبر نفسها حليفة لواشنطن، إلا أنها تسعى جاهدة للحفاظ على مساحة شرعية للمناورة في ضوء مصالحها الأمنية والاقتصادية المباشرة تجاه موسكو، فمصر على سبيل المثال، تستورد خمسين بالمائة من قمحها من روسيا، وتعتمد على السياحة الروسية، ووضعت البنية التحتية لعدد من المشاريع الاقتصادية الروسية في أراضيها من محطة توليد الكهرباء إلى المنطقة الصناعية في السويس، إضافة للتعاون الروسي المصري على الساحة الليبية، والأهمية التي توليها مصر لموقف روسيا في أزمة سد النهضة.
- الحفاظ على الاستقرار في مصر والمنطقة، حيث يعاني المصريون من صعوبات اقتصادية شديدة منذ اندلاع حرب أوكرانيا، منها انخفاض الجنيه المصري بأكثر من 15٪، وارتفاع حاد في أسعار الغذاء والطاقة، مما قد يثير اضطرابات سياسية واجتماعية، وقد انضمت إسرائيل لمساعدة مصر في تعويض خسارة السياحة من روسيا وأوكرانيا، عندما تم الاتفاق على افتتاح شركة طيران جديدة بين تل أبيب وشرم الشيخ، وأعلنت أبو ظبي عن استثمار ملياري دولار في شركات مصرية، وقد تقف الدولتان بجانب مصر في جهودها لجمع المنح من المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي.
أما فيما يتعلق بقمة النقب، فقد ظهرت مصر آخر دولة أكدت مشاركتها فيها، ربما خشية على مكانتها الإقليمية أن تتراجع إن شعرت أن هناك اتفاقات جديدة قد توقعها الدول العربية المدعوة للقمة دون حضورها، ورغبتها بأن تبقى الدولة العربية الأولى، وربما الحصرية، في كونها “ضابط الاتصال” مع إسرائيل، بعد أن تبدى لها أن اتفاقات التطبيع مع الامارات والبحرين والمغرب قد يسحب منها ما تعتبره “امتيازا”، لا يجوز التنازل عنه.
في الوقت ذاته، لا تتطابق مواقف القاهرة مع تل أبيب وأبو ظبي من عدة نواحٍ، سواء ما تعلق بتغييب القضية الفلسطينية بهذه الصورة، بجانب عدم الرغبة بالدخول مع إيران في حالة مواجهة سافرة علنية، بافتراض أنها لا ترى فيها تهديداً لاستقرار المنطقة، رغم أنها تتابع بقلق ما يُنظر إليه على أنه يقوض التزام واشنطن تجاه حلفائها الإقليميين، وفي الوقت ذاته، فهي تحرص على إدانة هجمات الحوثيين على السعودية، والتي أدت منذ فترة طويلة لارتفاع أسعار النفط، لكنها لا تشارك دول الخليج وإسرائيل بنفس الشعور بالتخوف من إنجاز الاتفاق النووي.
ولعل مشاركة مصر في قمة النقب بحضور الوزير الأمريكي جاء بسبب رغبتها كذلك في الحصول على مساعدة الولايات المتحدة ودول الخليج وإسرائيل للتعامل مع التحديات الاقتصادية المتفاقمة التي تشهدها بسبب حرب أوكرانيا، وسبق لها أن تقدمت لصندوق النقد الدولي للحصول على حزمة مساعدات جديدة، وتحتاج لدعم الولايات المتحدة للموافقة عليها، وتتوقع زيادة الدعم من حليفيها الخليجيين، السعودية والإمارات.
إضافة لذلك، ترى مصر أن الظروف الحالية تزيد من جاذبية المشاريع الثنائية والإقليمية، بمشاركة إسرائيل، خاصة في مجالات الطاقة والسياحة والأمن الغذائي ومواجهة النفوذ الإيراني، وتقريب العراق من الأردن ومصر كجزء من تحالف “بلاد الشام الجديد”، وتأمين الرحلات البحرية في البحر الأحمر في مواجهة تهديدات الحوثيين في اليمن، وإمداد لبنان بالغاز عبر الأردن وسوريا؛ ومن الممكن أيضا إحداث تقارب متجدد لسوريا مع العالم العربي.
بالتزامن مع قمة شرم الشيخ، صدرت تعديلات مصرية في بعض القوانين الداخلية والاتفاقيات والمعاهدات مع إسرائيل، مما اعتبر توافقا مع حالة “السلام الدافئ”، وآخرها يتعلق باللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال باستثناء مناطق “شرم الشيخ ودهب وقطاع خليج العقبة” من أحكام قانون التنمية المتكاملة، الذي يحظر التملك أو حق الانتفاع أو الإيجار في الأراضي والعقارات الواقعة بالمناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية والمناطق المتاخمة للحدود بالمنطقة، وكذلك المحميات الطبيعية وجزر البحر الأحمر.
في الوقت ذاته، شهدت سيناء، جنبا إلى جنب مع قمة شرم الشيخ، الاتفاق على تدشين خط طيران مباشر بين مدينتي شرم الشيخ وتل أبيب للمرة الأولى، وتعديل الاتفاقية الأمنية مع إسرائيل، بما يسمح بزيادة عدد قوات حرس الحدود، وإمكاناتها في منطقة رفح المصرية، وغيرها من اتفاقيات نقل الغاز الطبيعي بينهما، الأمر الذي يفتح الباب أمام تملك الإسرائيليين في جنوب سيناء.
حدود الدور الأمريكي
منذ تنصيب الرئيس باراك أوباما عام 2009، تزايدت المؤشرات بشأن تراجع اهتمام الولايات المتحدة عن المنطقة، وميل بلدانها الرئيسية لحل أزماتها ومشاكلها خلال العقدين الماضيين بصورة ثنائية أو جماعية، دون الاستعانة المباشرة بها، بعد عدم انحيازها لنظام مبارك في مصر في بداية الربيع العربي، وغض طرفها عن استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي ضد الشعب السوري، فضلا عن الموقف من البرنامج النووي الإيراني، وزيادة نفوذها العسكري بأجزاء واسعة من المنطقة.
تم تتويج قلق الدول المجتمعة في القمتين بالإعلان الأمريكي الواضح عن استراتيجيتها الأمنية الجديدة التي تركز على التعامل مع خصميها الصين وروسيا، وجاء اندلاع حرب أوكرانيا ليمنحها مزيدا من المصداقية والوجاهة، وفي الوقت ذاته فقد ساعدت هذه التحولات الأمريكية، من بين أمور أخرى، في تقريب العديد من الدول العربية من إسرائيل، انطلاقا من قناعتها بأن تقليص الالتزام الأمريكي تجاهها يتطلب شراكات جديدة، والتخلي عن التحالفات السابقة، أو التخفف منها.
في الوقت ذاته، جاء الحضور الأمريكي لقمة النقب في مسعى واضح لشرح سياستها بشأن الملف الإيراني، وتهدئة مخاوف الدول المشاركة في القمة، والطلب منها للمساعدة بتنفيذ العقوبات على روسيا بزيادة إنتاج النفط والغاز الطبيعي، وصادراته.
صحيح أن هناك انسحابا أمريكيا تدريجيا من المنطقة، لكن واشنطن ما زالت تراها مهمة، والتزامها بأمن الخليج قائما، وإن شهد تراجعا ملموسا، فضلا عن بقاء علاقاتها مع إسرائيل استراتيجية وبعيدة المدى، رغم التباين القائم في عدد من الملفات، لكن اهتمامها بالقضايا الرئيسية في المنطقة، والتاريخ الطويل للعلاقات بين إسرائيل والدول المحورية فيها قد يتطلب من كل هذه الأطراف مجتمعة المساعدة في تحفيز عملية التطبيع الإقليمي.
لقد سعت إسرائيل من هاتين القمتين للمساهمة في زيادة التعاون العملياتي والاستخباراتي مع الولايات المتحدة، وتعزيز قدراتها الدفاعية لتوفير مزيد من الحماية للدول العربية المستهدفة، مع التركيز على الصواريخ والطائرات بدون طيار، لكن من الواضح أن دول الخليج تربط استعدادها للرد على الطلب الأمريكي بزيادة إنتاجها للنفط، مقابل رفع مستوى المساهمة الأمريكية في الدفاع عنها.
وتوافقت الدول المشاركة في القمتين على فكرة أن الولايات المتحدة لا يمكن الوثوق بها لمساعدتها إذا تعرضت للهجوم من قبل إيران، في ضوء ما تشهده حرب أوكرانيا، ولعل القمتين جاءتا للرد على واشنطن بأنه يمكن إقامة حلف إقليمي عربي إسرائيلي، بدونها، صحيح أن الأخيرة ستواصل اتخاذ المزيد من الإجراءات لدعم أمن دول الخليج وإسرائيل، لكن هناك شكوك باستمرار تدخلها في المنطقة مستقبلا، مما يدفع الدول المشاركة في القمتين للاعتقاد أنها بحاجة لمزيد من التحوط من المخاطر والفرص.
الملف الإيراني
لا يختلف إسرائيليان على الاستنتاج بأن “قمة النقب” هي أولاً وقبل كل شيء مساهمة مهمة للأمن القومي لإسرائيل، فقد أصبحت رسميا وعلانية جزءً من النسيج الإقليمي، ومحوراً مركزياً في التعاون بين الدول العربية “المعتدلة”، مما يعزز موقفها تجاه العناصر المعادية، بقيادة إيران، وفي محاولة تعويض الغياب الحاصل من الولايات المتحدة عن المنطقة.
صحيح أن القمة اقتصرت على وزراء الخارجية، لكنها شكلت استمرارا لقمة الرؤساء في شرم الشيخ، وفي القمتين حضر الملف الإيراني بكل جوانبه: البرنامج النووي، وسياستها الإقليمية، وتمركزها العسكري، مما جعل من مواجهتها قاسما مشتركا واضحا وملموسا لجميع المشاركين في القمتين، رغم وجود بعض الاختلافات الطفيفة في كيفية التعامل معها.
وفي حين ترى إسرائيل أن القضية النووية أخطر تهديد استراتيجي لها، لكن الدول العربية “المعتدلة” تشعر بقلق أكبر بشأن سياسة إيران الإقليمية، وتخشى أن تؤدي العودة للاتفاق النووي لتقليص مشاركة الولايات المتحدة في المنطقة، مما يمنح إيران وحلفاءها حرية أكبر للتوسع في المنطقة، وتعزيز حضورهم، وتهديد بعض الأنظمة القائمة، من خلال تكثيف أنظمة الصواريخ والطائرات بدون طيار.
هذا يعني، وفق ما رشح عن القمتين من نقاشات، أن الاحتمال المتزايد لإنشاء نظام دفاع إقليمي مشترك مع الولايات المتحدة، لمواجهة القدرات الإيرانية التكنولوجية العالية، يعتبر سيناريو صعب بالنسبة لها، لأنه في الماضي القريب، وبعد توقيع اتفاقات التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين، حذرتها طهران من السماح بأي نشاط ضدها ينطلق من أراضيها، وهددت برد قاس، ولعل الهجوم الأخير على منشآت أرامكو النفطية في السعودية عزز اهتمام جميع المشاركين في قمتي شرم الشيخ والنقب بضرورة التعاون في الدفاع عن مصالحهم الحيوية.
مع العلم أن نظاماً دفاعياً من هذا النوع، ليس لدى إيران إجابة عنه، سيتخطى قدراتها، وإذا تم تنفيذه، فسيعزز علاقات دول الخليج مع إسرائيل والولايات المتحدة، في تناقض صارخ مع مصلحة طهران، لكن دون أن تخرج القمتان بتفاصيل إضافية عن كيفية إقامة هذا التحالف، ومدى موافقة جميع الأطراف المشاركة على هذا النظام.
.
رابط المصدر: