سايمون هندرسون
من المرجح أن يسعى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى لعب دور في إحياء الاتفاق النووي، فضلاً عن المساعدة الإيرانية في استيعاب مشجعي “كأس العالم” في كرة القدم في وقت لاحق من هذا العام.
وفقاً لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، يصل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يوم 12 أيار/مايو إلى طهران لإجراء محادثات في البلاد. ومن هناك، من المتوقع أن يزور ألمانيا وبريطانيا لمناقشة قضايا أمن الطاقة المتعلقة بالأزمة الأوكرانية. والواقع أن هذه الدولة الخليجية الغنية، على الرغم من عدد سكانها الصغير – حوالي 300 ألف مواطن – تتمتع بطاقات دبلوماسية هائلة لأنها تمتلك ثالث أكبر احتياطي للغاز في العالم كما أنها من كبرى الدول المصدّرة للغاز الطبيعي المسال، لا سيما إلى آسيا.
وتشير الأحاديث المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن الدوحة قد تشارك في ترتيبات معينة للإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة، خاصة وأن سفير دولة قطر في طهران كان قد التقى بمحافظ “البنك المركزي الإيراني” قبل ثلاثة أيام فقط. ومن المسلّم به أن الخلاف حول هذه القضية ما هو إلا أحد العوامل الكثيرة التي منعت إيران والولايات المتحدة من إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، إلا أن قطر تنسق على الأرجح دوراً ما مع واشنطن. وربما أيضاً تُربط تحويلات الأموال بالإفراج عن الأشخاص المحتجزين الذين يحملون جنسية البلدين، وهي عملية لعبت فيها سلطنة عُمان الخليجية دوراً في السابق. وبغض النظر عمّا إذا كانت الجهود القطرية ستنجح أم لا، من المرجح أن تلقى الاستحسان من إدارة بايدن.
لكن الأمر الأكثر إثارة للجدل هو أن الدوحة تتفاوض مع إيران لتأمين أماكن إقامة احتياطية لمشجعي كرة القدم الذين سيحضرون بطولة “كأس العالم” في تشرين الثاني/نوفمبر. فحتى الآن، سيتم التعويض عن الأماكن المحدودة في الفنادق القطرية عبر تأمين السكن في سفن الرحلات البحرية الراسية في الموانئ، لكنّ إحدى الخطط البديلة المقترحة هي استخدام الفنادق الإيرانية الموجودة على “جزيرة كيش” على بُعد خمسة وثلاثين دقيقة عن الدوحة. ويبدو أن الحاجة إلى مثل هذا الخيار تنبع من الصعوبات المستمرة التي تواجهها قطر مع دولتَي البحرين والإمارات المجاورتين، اللتين كانت قد انضمتا إلى السعودية ومصر في الحصار الاقتصادي والدبلوماسي الذي فُرض على البلاد منذ عام 2017 وحتى العام الماضي. فعند صياغة الطلب القطري لاستضافة “كأس العالم” أساساً، كان من المتصور أن تستضيف الإمارات على وجه الخصوص بعض المشجعين؛ لكن يبدو أن الدوحة لم تعد تعتبر هذا الاحتمال وارداً.
ومن وجهة نظر الأمير تميم، تُعتبر خيارات قطر محدودة بسبب علاقاتها الصعبة تاريخياً مع الدول العربية المجاورة والحقيقة الجيولوجية البسيطة بأن احتياطاتها العملاقة من الغاز موجودة بشكل أساسي في “حقل الشمال” البحري المتاخم لـ “حقل بارس” الجنوبي في المياه الإيرانية. وبما أن طهران لم تعمل بالسرعة نفسها على تطوير احتياطاتها هناك، فلا يزال احتمال نشوب خلافات ثنائية حول حقوق الغاز يلوح في الأفق. غير أن الدوحة تعوّض جزئياً عن هذا الخطر من خلال استضافة القوات الأمريكية في “قاعدة العديد الجوية”، التي لعبت دوراً حاسماً في العمليات الجوية في كل من أفغانستان والعراق وسوريا. حتى أن الولايات المتحدة أعلنت قطر حليفاً رئيسياً لها من خارج حلف “الناتو” خلال شهر آذار/مارس.
وليس من الواضح بعد ما إذا كانت طهران تعتبر علاقات الدوحة مع واشنطن أداةً مفيدة في المفاوضات النووية. ففي كانون الثاني/يناير، التقى الأمير تميم بالرئيس الأمريكي بايدن في البيت الأبيض، ولا شك في أن الصور من ذلك اللقاء ستوضع إلى جانب صور الزيارة المرتقبة هذا الأسبوع مع القادة الإيرانيين. إن رحلة الأمير هي، على أقل تقدير، تذكيرٌ بأن قطر ترى إيران دولةً يجب التعامل معها بدلاً من مواجهتها.
.
رابط المصدر: