فرضت وزارة الخزانة الأمريكية في 22 كانون الثاني 2024 عقوبات تشمل شخصيات سياسية وأمنية عراقية فضلاً عن شركة فلاي بغداد للطيران تحت ذرائع مختلفة. وكانت التهمة الموجّهة لشركة فلاي بغداد نقل أسلحة ومعدات عسكرية لصالح الحرس الثوري الإيراني الى مطارات إقليمية. وتشير قائمة العقوبات الجديدة إلى ضغوطات وعقوبات سوف يتصاعد فرضها على العراق بالتزامن مع تشكيل لجنة عسكرية مشتركة بين العراق الولايات المتحدة للتفاوض بشأن تقييم تهديد تنظيم داعش الارهابي والشراكة الأمنية المستقبلية بعد جلاء التحالف الدولي من العراق.
إن شمول شركة مستقلة في القطاع الخاص العراقي بنظام العقوبات الأمريكية يشكل واحدة من أهم الضغوطات التي تحاول أن تستهدف عن طريقها الولايات المتحدة الأمريكية الوضع السياسي والأمني في العراق، فالاتهامات الموجهة إلى الشركة تفتقر إلى أدلة منطقية يمكن التفاهم بشأنها فضلاً عن أن الولايات المتحدة الأمريكية قد فرضت هذه العقوبات دون أي إخطار إلى الحكومة العراقية أو سلطة الطيران المدني التي تعد الجهة المسؤولة عن جميع الأعمال التي تتعلق بشركات الطيران وإجراءات التفتيش والرقابة الخاصة بالأمن، كما هو الحال بشأن إخطار البنك المركزي باحتمالات فرض عقوبات على مصارف عراقية كونها لم تنتهج أساليب معينة في عمليات تداول الدولار.
العقوبات الأمريكية ضغوط مباشرة بأدوات تهز الثقة
إن أساليب فرض العقوبات على جهات خاصة كحالة شركة فلاي بغداد هو انتقال رسمي بفرض العقوبات على المؤسسات كبديل عن الحكومة العراقية وهي تلويح بالمضي أبعد في حال عدم خضوع العراق، فشركة فلاي بغداد هي شركة عراقية مستقلة تم تسجيلها بموجب القانون العراقي وهي تتعامل مع جميع التعليمات التي توجه إليها من قبل سلطة الطيران المدني وبموجب القوانين الدولية، ومن ثم فإن فرض عقوبات مباشرة على مثل هذه المؤسسات يدخل في نطاق فرض الارادة الأمريكية والتلويح للحكومة بأن عدم الالتزام بالقرار الأمريكي ورؤية واشنطن لما يجري في الشرق الأوسط سيؤدي إلى فرض عقوبات أكبر تشمل الحكومة العراقية نفسها.
من الناحية القانونية فإن الولايات المتحدة تدخل هذه العقوبات في نطاق تهديد الأمن القومي الأمريكي إذ يحق لها بموجب هذه التهديدات المفترضة أن تفرض عقوبات خاصة ذات صفة أحادية، وبالنظر إلى موقع الولايات المتحدة الأمريكية في النظام الدولي فإن ذلك يمنحها القدرة على تمرير هذه العقوبات على الحلفاء وإجبارهم على الالتزام بها مما يعطيها مصدر تأثير أكبر ويجعل قدرة بلدان العالم ولا سيما الشركات الخاصة على تجاوز هذه العقوبات أمرا غاية في الصعوبة من دون دعم حكومي يسهم في تخفيف حدة هذه العقوبات.
المصدر : https://www.bayancenter.org/2024/01/10768/