العقوبات السعودية في قضية مقتل خاشقجي تضع العلاقات الأمريكية أمام اختبار جديد

سايمون هندرسون

يقترب الجانب القانوني من مقتل الصحفي السعودي المنشقّ جمال خاشقجي من نهايته. وتنتقل الآن مرحلة العلاقات العامة، التي بدأت بالفعل، إلى مستوى أعلى، ومن غير المرجح أن يكون إعلان المدّعي العام السعودي في الثالث والعشرين من كانون الأول/ديسمبر الفصل الأخير في القضية.

لقد تمّ الحكم بالإعدام على خمسة أعضاء من الفريق المتهم بقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول في تركيا، في أكتوبر/تشرين الأول 2018، بينما حُكم على ثلاثة آخرين بالسجن لمدة 24 عاماً. إلّا أن قرار المحكمة ليس نهائياً بعد، وبالطبع باستطاعة الملك سلمان أن يظهر دائماً رحمته ويخفّف الأحكام.

إنّ التحدي الذي يواجه الولايات المتحدة وغيرها من الحلفاء الغربيين في السعودية هو ما إذا كان الرأي العام والسياسي سيسمحان [بتقبّل] الحكم الحالي الصادر عن “وكالة المخابرات المركزية” الأمريكية ومحقق خاص تابع للأمم المتحدة، واللذيْن خلصا بشكل منفصل – ولكن مع تحذيرات بيروقراطية – إلى أنّ جريمة القتل قد أُقِرّت من قبل الرياض، وعلى وجه الخصوص من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الزعيم الفعلي للبلاد البالغ من العمر 34 عاماً. وقد قبل وليّ العهد منذ شهرين “المسؤولية الكاملة” عن مقتل خاشقجي، إلا أنّ ذلك أبعد ما يكون عن الاعتراف بأنه قد أمر بذلك أو علِمَ أن الجريمة ستحدث.

ولم يذكر البيان الصادر عن الرياض في 23 كانون الأول/ديسمبر أسماء الذين حُكم عليهم بالإعدام (والذي وفقاً للمصطلحات السعودية ربما يعني قطع الرأس)، ولكن من المحتمل أن يشملوا رئيس الفريق الذي تولّى القتل وجرّاح الطب الشرعي الذي كُلّف بتقطيع الجثة. أما الثلاثة الآخرون الذين ربما يواجهون عقوبة الإعدام فكانوا هم أيضاً في الغرفة. ولم تتمّ محاكمة كبير مساعدي وليّ العهد، سعود القحطاني، ولا نائب رئيس المخابرات الذي يُفترض أنه أشرف على العملية.

نحن على معرفة بهذا المستوى من التفاصيل لأنّ السلطات التركية كانت تسجّل ما يحصل في القنصلية ومرّرت التسجيلات إلى “وكالة المخابرات المركزية” وغيرها من المخابرات الغربية. (وقد قيل لي إنّ التنصّت على المؤسسات الدبلوماسية أمر شائع للغاية في مختلف أنحاء العالم). ويمكن الاستماع في أحد التسجيلات عن محادثة يشعر فيها أخصائي الطب الشرعي السعودي بالقلق من اضطراره إلى تقطيع جثة دافئة لكي يصبح من الممكن وضعها في كيس من البلاستيك الأسود. وادّعى البيان السعودي الصادر في 23 كانون الأول/ديسمبر أنّ القتل لم يكن مع سبق الإصرار، ولكن إذا كان ذلك صحيحاً، فإنّ البيان لم يفسّر سبب أخذ الفريق – الذي تولّى عملية القتل – منشار معه لقطع العظام إلى تركيا.

وهناك عدة جوانب لحجّة استمرار العلاقة القوية مع السعودية:

·أهمية السعودية من حيث إمدادات النفط العالمية؛

·الحاجة إلى الحفاظ على تحالف تكتلي بين الولايات المتحدة والسعوديين ضد سياسات إيران المزعزعة للاستقرار؛

·الروابط بين الجيش الأمريكي وصناعة الدفاع الأمريكية مع المملكة؛

·الحاجة إلى تشجيع تأكيد المملكة على الإسلام المعتدل مؤخراً؛ و

·الأمل في أن يتم إبعاد محمد بن سلمان عن الإجراءات غير المدروسة والتي يُعتقد أنّ عملية [تقطيع أوصال] خاشقجي هي الأكثر فظاعة بينها (وتشمل الإجراءات الأخرى الاستقالة القسرية بل القصيرة لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وسجن المنافسين الأميريين وأقطاب الأعمال في فندق “ريتز كارلتون في الرياض” واعتقال ناشطات).

ولا يمكن على الأرجح أن تستند حملة العلاقات العامة على “تعب خاشقجي”، على الرغم من أنّ هذا [الوصف] قد بدأ بالظهور. ويبدو أنّ الاستراتيجية تصوّر كلّ تطور في المملكة بأنّه إيجابي. ووفقاً لتقارير نشرتها “نيويورك تايمز” و “وول ستريت جورنال” و “فايننشال تايمز” و “الإيكونومست”، كان الطرح العام الأولي لشركة أرامكو السعودية مؤخراً مخيّباً للآمال. إلّا أن الردّ السعودي على ذلك كان التأكيد على نجاحه المحلي المحدود وتجنب الإشارة إلى أنّ المضي قدماً فيه كان دليلاً آخر على عناد محمد بن سلمان؛ وقد وُصفت التقارير المخالفة بأنها مجرد مؤشر على أنّ الأجانب لا يفهمون المملكة.

وفي غضون ذلك، حدثت للتوّ نتيجة أخرى لأسلوب محمد بن سلمان في كوالالمبور، من خلال استضافة ماليزيا قمة إسلامية شاركت فيها بلدان مثل تركيا وإيران وقطر. ووفقاً لتقارير إخبارية كانت باكستان، الدولة الإسلامية الوحيدة المسلحة نووياً في العالم، ستحضر القمة أيضاً لو لم يتم استدعاء رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إلى الرياض وإجباره على التخلّي عن المشاركة.

وترى السعودية نفسها كزعيمة للعالم الإسلامي، لذلك لا تحبّ انعقاد مثل هذه القمم. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل يتمّ تحدّي قيادتها بذلك؟ هذا هو نوع الموضوع الذي ربما كان جمال خاشقجي قد كتب افتتاحية حوله في صحيفة “واشنطن بوست”.

رابط المصدر:

https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/saudi-sentences-in-khashoggi-murder-will-again-test-u.s.-relations#.XgNsMyqFCSc.twitter

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M