بهاء النجار
وإن كان مصطلح العولمة ذا جذور فكرية غربية ولكن استعرته لأقرب وجهة نظري للقارئ ، فالغاية من العولمة هو نشر ثقافة محددة الى كل أنحاء العالم ، بحيث يتلون العالم بثقافة موحدة ، وقد يلمس المتتبع ذلك بوضوح في ثقافات شعوب العالم ، وإن كانت لم تغطي كل الشعوب وكل الثقافة الغربية ، فما زالت هناك ثقافات عصية على التأثر بالثقافة الغربية ، ولكنها في طور الاندماج استسلاماً للسلوك الجمعي .
العولمة من حيث المبدأ والأصل ضرورية في إقامة الدولة المهدوية ، فبث الثقافة المهدوية النابعة من الأسس الإسلامية تحتاج الى أرضية صالحة لإيصالها الى كل شعوب العالم ، فالآلة التي يقودها الغرب لنشر ثقافته يمكن أن يقودها الإمام المهدي عليه السلام لنشر ثقافته أيضاً .
ويمكن فهم اتساع ثمرة العولمة في التقدير الإلهي من خلال النقاط الآتية :
1) هو نوع من أنواع البلاءات التي تمر بها البشرية لتصفو صفوة من الناس الذين حافظوا على إيمانهم ولم ينساقوا مع كل سائق .
2) إن العولمة كانت على يد البعيدين عن الشرع الإلهي والمخالفين للعقائد التي كانوا يؤمنون بها ، لأن هذه العولمة إما أن تكون بيد عدو من أعداء الله، او بيد ولي من أولياء الله وهو المهدي عليه السلام باعتباره خاتم الأولياء ، فتحققها بيد عنوان آخر من المؤمنين يعني أن المؤمنين في عزة وقوة وتجعل الهدف من الغيبة فارغاً .
3) استخدام العولمة بشكل سلبي سيجعل المبررات أكبر لمن يرغب بالانضمام الى العولمة الإيجابية التي يقودها الإمام المهدي عليه السلام .
إن انقلاب الحجج سنة إلهية شاهدناها في حوادث تأريخية عديدة وربما ذكرت بعضها في القرآن الكريم بشكل مفصل او جزئي ، فمثلاً حادثة محاولة حرق النمرود للخليل إبراهيم عليه السلام ، فقد جمع النمرود الناس ليكيد بإبراهيم عليه السلام فانقلب السحر على الساحر فكادت معجزة النار الباردة بالنمرود وجلاوزته ، وتحول جمع الناس من حجة للنمرود عدو الحق الى ابراهيم عليه السلام الذي يمثل الحق ، ومثل هذه الحوادث كثيرة .
وكذلك العولمة ، فقد أُعِدّ لها لتكون حجة لأعداء الحق والإنسانية أعداء المهدي عليه السلام ليتسلطوا على الناس وستكون حجة للمهدي عليه السلام باعتباره يمثل الحق ، فتكون العولمة صهوة جواد بيد فارس نبيل يعرف كيف يوجهها والى أين يوجهها ، سيوجهها ومن يتبعها ومن تأثر بها الى الحق بعد أن كانت موجهة نحو الباطل .