علي … المعارض المنصف

بهاء النجار

بهاء النجار

 

بحسب إطلاعي المتواضع لم أقرأ مقالة حول الإنصاف الذي كان يتمتع به الإمام علي عليه السلام عندما كان معارضاً ، سواء المعارضة السياسية او المعارضة الدينية والفكرية ، فالكل كرّس جهوده ليتناول عدالة علي في حكمه وترك جانب المعارضة المنصفة لعلي التي لا تقل أهمية عن عدالته سلام الله عليه ، لذا جاءت هذه المقالة لتثير الاهتمام بهذا الجانب الغائب عن النخب فضلاً عن عامة الناس .
فرغم أن علياً عليه السلام كان – وفق المعتقد الشيعي – إماماً على المستوى الديني فضلاً عن المستوى السياسي إلا أنه حافظ على مبادئه في مواجهة مغتصبي مقامه ( الديني والسياسي ) ، فقد يكون المعارض السياسي منصفاً تجاه الحكّام باعتبار ما سيخسره هو أمر سياسي ، لكن أن يكون المعارض الديني منصفاً فهذا قد لا يستوعبه عامة الناس لأنه قد يكون في خانة التهاون في نصرة الدين والتخاذل في الحفاظ على شريعة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله أجمعين .
لكنّ علياً عليه السلام تمكّن من الموازنة بين انتقاد السلطة ( من الناحية السياسية و الدينية ) والحفاظ على هيبة الدولة الإسلامية ، فلم ينظر الى هيبة الدولة على أنه ملكٌ للحكّام الذين يعتبرون – على الأقل من وجهة نظره ووجهة نظر أتباعه – أنهم مغتصبون للسلطة الدينية ، فكان هدفه سمعة الإسلام ورفعته فهو أهم بالنسبة له من أن يطالب بحقه الذي يعتقد أنه شرعي (100%) .
لذا نرى كثيراً من المناقب التي حُسِبَت لصالح الحكّام الذين عارضهم يرجع فضلها للمعارضة المنصفة لعلي عليه السلام ، ومن هنا على كل من يرى علياً عليه السلام شخصاً يستحق الاقتداء به ( مسلمين وغير مسلمين ) أن يكون معارضاً منصفاً حتى وإن كان الحاكم ظالماً غاصباً للسلطة ، وذلك على المستوى الديني والسياسي .
فعندما نرى تقدمَ دولٍ في مجالات معينة فلا نركّز على ما قدّمه حكّام هذه الدول ونتصور أن الفضل منحصر بهم ( وإن كان من المحتمل أن يكون لهم دور فاعل في تقدم دولهم ) ، ولكن علينا أن ننظر الى إنصاف المعارضة ، فلو كانت المعارضة غير منصفة لما تقدمت تلك الدول بل ولتقهقهرت ، ويكشف حصر دور الحكّام في تقدم الدول عن ضعف ٍكبيرٍ في فهم دور المعارضة المنصفة في رقي الدول وتقدمها .
من هنا يتحمل أتباع علي عليه السلام مسؤولية أكبر في ممارسة الدور الإيجابي في المعارضة المنصفة تجاه الحكّام ، وربما من يعتقد أن علياً عليه السلام كان معارضاً – أي الشيعة – يتحملون الجزء الأكبر من هذه المسؤولية ، لأن غيرهم لا يرونه سلام الله عليه معارضاً ، بل يرونه مؤيداً للحكّام الذين سبقوه .
فالإنصاف في المعارضة ثقافة غائبة عند أغلب الناس من المسلمين وغيرهم ومن أتباع علي عليه السلام ومن غيرهم ، وقد أسسها علي عليه السلام وأيدها بنوه الطاهرون ، فهم الذين سُجِّل في تراثهم من الأدعية الواردة عنهم ( وعلى الرعية بالإنصاف وحسن السيرة ) ، فتركنا هذه الفقرة وصببنا اهتمامنا على فقرة ( وعلى الأمراء بالعدل والشفقة ) !!

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M