الكورونا بين الاتهامات الأمريكية – الصينية والواقع “دراسة بحثية”

اعداد : م.م ضحى مهند علي – المركز الديمقراطي العربي

 

منذ أن تفشى فيروس كورونا الى اليوم تتبادل الاتهامات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين عن احتمالية كونه سلاحاً بيلوجياً لتحقيق مكاسب سياسية, ففي عالم اليوم الذي يشهد صراعاتٍ سياسية وتجاذباتٍ دولية هل يمكن أن يكون فيروس كورونا سلاحاً بيلوجياً بالفعل لأغراض سياسية واقتصادية؟

    • هل من المنطق أن نتحدث عن نظرية المؤامرة في الوقت الذي تشهد فيه أغلب دول العالم حالة استنفارٍ كبرى مع غلقٍ للحدود وتعطيل للمطارات وفي مقدمتها الدول الكبرى الأطراف في الصراع؟
    • هل من الممكن أن نتحدث عن نظرية المؤامرة والحرب البيلوجية في الوقت الذي وصل فيه فيروس كورونا لشخصياتٍ سياسية وفنانين ولاعبين ومن كل الفئات والقوميات حتى اصبح الجميع متساوٍ أمام هذا المرض؟
  • ماذا عن السياسة فيما بعد أزمة الكورونا بعد الاتهامات المتبادلة بين امريكا والصين هل سيتم اعادة ترتيب الأوراق السياسية؟

سنتناول هذا الموضوع بالدراسة والتحليل وفقاً لأربع جزئيات, نستعرض من خلالها مفهوم الاسلحة البيلوجية والتطور التأريخي لإنتشارها ثم نتطرق لفيروس كورونا وظهوره في ووهان الصينية وانتشاره عبر العالم, ومن ثم نتطرق لثلاث احتمالات أساسية لفيروس كورونا المستجد وما سيؤول اليه المستقبل في ظل الاتهامات المتبادلة.

أولاً- مفهوم الأسلحة البيلوجية وتاريخ انتشارها :

تعد الأسلحة البيولوجية بأنها الاستخدام المتعمد للكائنات الحية الدقيقة، والسموم الميكروبية أو النباتية أو أصل حيواني وذلك لإنتاج الأمراض التي تعمل على موت البشر والثروة الحيوانية والمحاصيل, وتؤدي التقنيات المتطورة إلى انتشار هذه الأسلحة لغرض الدفاع عن النفس, ويمكن استخدام هذا النوع من الأسلحة بواسطة الدول أو المخابرات أو بواسطة الإرهابيين من دون التوصل الى الفاعل الحقيقي, وذلك لان تأثيرها لا يظهر إلا بعد مدة حضانة معينة بحيث يكون الفاعل قد أختفى تماماً في أثاء هذه المدة وقبل أن يتم أكتشاف امره, ويعد الرذاذ بأنه الطريقة المثلى لنشر هذه الكائنات فضلاً عن الطائرات التي تطير على مدى منخفض أو عربات النقل أو رشاشات المزروعات, لذا فإنه لا يمكن الشعور بإطلاقها لأن وسائل إطلاقها عديدة وميسرة, وتتميز الأسلحة البيلوجية بفعاليتها بدرجة كبيرة إذ أنها تعيش لتبقى تنقل العدوى لمدة طويلة من اطلاقها فضلاً عن أنها لا تُرى بالعين المجردة, وهناك الكثير من الميكروبات والسموم التي يمكن أن تُستَخدم كأسلحة بيلوجية بعضها قديم مثل الطاعون والكوليرا والجدري فضلاً عن أن بعضها تم تطويره حديثاً, ويذكر كتاب “منظمة معاهدة شمال الأطلسي” بأن هناك 39 نوعاً يمكن استخدامه كسلاح بيلوجي منها البكتريا والفيروسات والسموم ومعظمها قد تكون مشتقة من نبات أو حيوان أو ميكروب.

يعود تاريخ استخدام الكائنات الحية كأسلحة بيلوجية الى عصور قديمة جداً تصل الى عام 300 ق.م , وقد استخدم اليونانيين القدماء مخلفات بعض الحيوانات بالعمل على تلويث مياه الشرب التي يشرب منها أعداؤهم فضلاً عن ذلك فقد أستخدم الفرس والروم الاسلوب نفسه إذ كان تلويث مياه الشرب احد أهم الوسائل التي تلجأ اليها الجيوش لتشل حركة الجيش المعادي والانتصار عليه, وقد جاء القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين حاملاً معه العديد من الاكتشافات الهائلة لأسرار وخبايا علم البكتيريولوجي فقد وسع مدارك الدول, ولفت انظارهم الى استخدام الميكروبات كسلاح في الحروب, وفي سنة 1915م اثناء الحرب العالمية الأولى اتهمت ايطاليا ألمانيا باستخدام ميكروب الكوليرا في حربها ضدها, فضلاً عن ذلك فقد أتُهِم الألمان بأستخدام ميكروب الطاعون في حربهم ضد الروس في مدينة “سان بطرسبرج”.

وفي محاولة الدول للتصدي لمثل هذه الأسلحة بعد الحرب العالمية الأولى جاء بروتوكول جنيف عام 1925م ليحظر استخدام الغازات السامة, والكائنات الدقيقة, والبكتيرليوجية, ونلحظ أن هذه المعاهدة لم تحظر إجراء الأبحاث أو امتلاك مثل هذه الأسلحة, ولم يكن هناك نوع من الرقابة, والتفتيش على انتاجها مما أدى الى زيادة الدول التي تعمل على انتاج هذه الأسلحة بسرية تامة على الرغم من كون أغلبها قد وقعت على بروتوكول 1925م .

وقد كانت اليابان من الدول المتقدمة في إجراء الأبحاث على استخدام الاسلحة البيلوجية في المدة التي سبقت الحرب العالمية الثانية واثناءها إذ كان اليابانيون يستخدمون السجناء في إجراء تجارب تلك الأسلحة ولاسيما ميكروبات الأنثراكس, والنيسيرية, والكوليرا فضلاً عن بكتيريا الطاعون لذا فإن عشرات آلاف هؤلاء السجناء توفوا ما بين 1932-1945, وقد اعترف العلماء اليابانيون الذين تم أسرهم بعد الحرب العالمية الثانية بأنهم استخدموا الأسلحة البيلوجية في 12 محاولة أثناء هجومهم على 12 مدينة صينية.

بدأت الولايات المتحدة بالاشتراك مع بريطانيا وكندا عام 1941م برنامجاً لأبحاث التسلح البيلوجي, واجريت البحرية الامريكية أول تجربة لهذه الاسلحة سلالة غير الضارة في الهواء الطلق عام 1950م في (نورفولك) بولاية (فرجينيا) , وفي عام 1976م اتَهَمت جريدة (واشنطن بوست) هذه التجارب بأنها السبب في بعض حالات العدوى التي حدثت ومنها الالتهاب في عضلة القلب الداخلية فضلاً عن حالات الالتهاب الرئوي, كما اخذ الاتحاد السوفيتي يسير بمهنية ونشاط في سنة 1979م لتصنيع الاسلحة البيلوجية, ونشرت صحيفة (وول ستريت) تقريراً في سنة 1982م تُحَذِر من التقدم الذي وصل اليه الاتحاد السوفيتي في هذا المجال.

ثانياً- فيروس كورونا المستجد :

أبلغ مركز منظمة الصحة العالمية في الصين بتاريخ 31 كانون الأول 2019م بوجود 27 حالة في مقاطعة هوبي في الصين مشتبه بإصابتها بالالتهاب الرئوي والأسباب في ذلك غير معروفة, وفي 1 كانون الثاني 2020 تم اغلاق سوق المأكولات البحرية بعد التأكد من ارتباطه الوثيق بالمرضى, واستبعد الأطباء والمختصين من أن يكون الالتهاب الرئوي الحاد (السارس) أو افلاونزا الطيور سبباً للمرض, ومن ناحية أخرى ابلغت هونغ كونغ عن حالات مشتبه بإصابتها بالفيروس اضافة الى حالاتٍ أُخرى مؤكدة فضلاً عن تسجيل حالات وفاة, لذا تم تشخيص المرض على أَنه نوع جديد من الفيروسات التاجية, وعملت الصين على حجر مدينة ووهان بالكامل, وقد افادت منظمة الصحة العالمية بأن العالم يجب أن يستعد لإنتشار العدوى من انسانٍ لآخر حول العالم واطلقت على فيروس كورونا الجديد اسم “COVID-19”, وفي تاريخ 16 كانون الثاني 2020 تم التأكد من أَن رجلاً من طوكيو عاصمة اليابان كان مصاباً بهذا المرض وذلك بعد سفره الى ووهان الصينية, واعلنت تايلند اكتشافها حالة لسيدة كانت تسكن في ووهان, لذا بدأت الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول بفحص القادمين من ووهان عبر المطارات, وفي ذلك الوقت أخذ الفيروس يتفشى في جميع انحاء الصين, وعلى الرغم من الاجراءات المشددة التي اتخذتها بعض الدول ألاَّ أَنَّ الفيروس أخذ ينتشر في غالبية دول العالم, وتم تأكيد إصابة أول أمريكي وهو رجل في الثلاثينيات من عمره بفيروس كورونا المستجد في ولاية واشنطن, وسجلت ايطاليا وإسبانيا والمانيا وايران والولايات المتحدة وفرنسا وكوريا الجنوبية المراتب الأولى في قائمة أكثر الدول في عدد الإصابات, وقد قال الرئيس الصيني (شي جين بينغ) إن إنقاذ الأرواح على رأس الأولويات وإن المعلومات حول المرض يتم نشرها في “الوقت المناسب”

تراجعت أسواق الأسهم في الصين مع حظر السفر بين الدول وتوقف حركة السياحة إذ أصبح العالم في حالةِ شللٍ تام, وأُلحِقَت خسائر اقتصادية عدة تتجاوز الترليونات دولار, فضلاً عن ذلك انخفضت أسعار النفط العالمية, وتم ايقاف حركة الملاحة والطيران, وتسبب الفيروس بعزل العالم واجبار سكانه على السكن في المنازل وترك اعمالهم.

ثالثاً- احتمالات فيروس كورونا :

مع تبادل الاتهامات بين الولايات المتحدة والصين نتناول هنا أهم مركزين في قائمة الاتهامات الأمريكية-الصينية مع الإشارة الى الاحتمال الثالث الطبيعي للفيروس.

  • معهد ووهان لأبحاث الفيروسات

يعد معهد ووهان لأبحاث الفيروسات الذي تم تأسيسه عام 1956م بأنه معهد أبحاث يقع في مدينة ووهان في الصين على بعد حوالي 20 ميلاً من سوق هوانان للمأكولات البحرية, وقد افتتح المعهد أول مختبر للسلامة البيلوجية المستوى الرابع في عام 2015م , واستغرق عقداً من الزمن لتجهيزه, واستُخدِمَ لدراسة السارس والإيبولا إذ يعد هذا المختبر بأنه الوحيد في الصين المخصص لدراسة مسببات الأمراض الخطيرة مثل السارس والإيبولا.

حذر خبراء السلامة الأحيائية الأمريكيون في سنة 2017م من أن فيروس يشبه الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) قد “يتسلل” الى خارج مختبر أنشِئ في مدينة ووهان الصينية, ومن الضروري أَن تكون هذه المختبرات مجهزة ببدلات مقاومة للهواء أو مساحات عمل “خزانة” خاصة تعمل على حصر الفيروسات والبكتيريا التي يمكن أن تنتقل عبر الهواء إلى الصناديق المغلقة التي يصل إليها العلماء باستخدام القفازات عالية الجودة, وقد عملت الصين على تحسين السلامة لتوسيع قدرة البلاد على مواصلة دراسة الفيروسات في المختبر, فضلاً عن ذلك فقد تم تجهيز مختبر ووهان لإجراء أبحاث على الحيوانات أيضاً.

ذكرت مجلة التايمز بأن الفيروس التاجي الذي اصاب أغلب دول العالم تحور في الحيوانات وأصبح قادراً على إصابة البشر في سوق ووهان للمأكولات البحرية, فهنا نتسائل هل فعلاً تسلل الفيروس من مختبر ووهان كما حذر بعض العلماء من قبل أم أن الأمر محض مصادفة؟

من الواضح أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصر على تسمية فيروس كورونا بالفيروس الصيني خلال المؤتمر الصحفي اليومي لفريق المهام المكلف بمكافحة فيروس كورونا في الولايات المتحدة الأمريكية, فضلاً عن ذلك يتبنى التوصيف نفسه وزير الخارجية الأمريكي (مايك بومبيو) على الرغم من نفي الصين امتلاكها أي أسلحة بيلوجية هجومية, وقد يبدو لدى البعض أن هذا الأحتمال قريب للواقع أَلاَّ أَن علماء مختبر ووهان ذكروا بأن فيروس كورونا هو ضمن عائلة كبيرة من الفيروسات ويعمل المختبر منذ عام 2003م على دراسة هذه الفيروسات مما يجعل توقع التسرب لا صحة له, كما يذكر العلماء أنه من الصعب التلاعب بمثل هذا النوع من الفيروسات الخطيرة لأن الفيروسات ليست كائنات حية بل هي عبارة عن مادة وراثية مصنوعة من الحمض النووي وهي سريعة التغير بالوقت القصير مما يجعل هذه النظرية باطلة.

  • مختبر فورت ويتريك

وهو مختبر أمريكي لأبحاث الجراثيم والفيروسات تابع للقيادة الطبية للجيش الأمريكي يقع بولاية ميريلاند وقد تم اغلاقه اواخر عام 2019م إذ يتناول بالدراسه الجراثيم والسموم التي يمكن استخدامها فضلاً عن ذلك فهو يحقق في تفشي السموم ويقوم بمشاريع بحثية حكومية, وتذكر جريدة نيويورك تايمز بأن هذا المعهد يضم ما يقارب 263 مختبراً حكومياً خاص, وما يقارب 900 موظف, فضلاً عن أنه يضم ما يقارب 67 من السموم المختارة التي تشمل الكائنات التي تسبب الايبولا, والجدري, والجمرة الخبيثة, والطاعون, والسارس التي تشكل تهديداً للصحة العامة, والسلامة النباتية, والحيوانية, وقد اجرى الخبراء في هذا المركز دراسات عدة حول ايبولا وسارس, وتم اغلاق هذا المعهد دون أي معلومات تذكر عن اسباب الإغلاق وذلك لضرورات تتعلق بالأمن القومي الأمريكي حسب ادعاء المتحدث الرسمي بأسم المختبر.

تذكر جريدة نيويورك تايمز بأنه خلال اجراءات تفتيش حكومية وُجِدَت مشاكل في نظام التطهير الكيميائي للمختبر فضلاً عن تسريبات أَلاَّ أَن تلك التسريبات كانت داخل المختبر وليس في العالم الخارجي مما ادى الى ايقاف العمل به حتى يتم التمكن من ايجاد نظام جديد للتطهير بأستخدام المواد الكيميائية أو بناء محطة جديدة للتعقيم بالبخار وعلى الرغم من ذلك يستمر العديد من علماءه بالعمل لإنجاز مشاريعهم وابحاثهم.

طالب خبراء الصين الكونغرس الأمريكي والبيت الأبيض بتوضيح سبب الاغلاق في إشارة لنوع من الاتهام للمختبر المذكور بتطوير فيروس كورونا ومن ثم تجريبه على الخفافيش ونشره في مدينة ووهان الصينية عبر المخابرات الدولية الأمريكية (CIA), إذ قال الرئيس الصيني بعد تفشي المرض في ووهان “سننتصر على الأعداء” في إشارة منه لأمريكا, وقد اتهم المتحدث بأسم الخارجية الصينية علانيةً وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) بنشر الفيروس في مدينة ووهان وذلك من خلال جنود شاركوا في دورة عسكرية عالمية كانت قد أقيمت في مدينة ووهان في تشرين الأول 2019م مما دفع الخارجية الأمريكية الى استدعاء السفير الصيني.

من السهولة على البعض التوقع بأن كورونا له علاقة بالرأسمالية, تتمثل استعدادات الولايات المتحدة لتقزيم الصين وحلفاءها واضعافهم في المنطقة ضمن فتوحات متعددة إن كتاب صدام الحضارات لصموئيل هنتكتون يوضح بأن الخطر الأحمر قد انتهى وهناك خطراً جديداً وصراعاً مستمراً وهو صراع الايديولوجيات سواءً كانت الصينية أو الاستالينية…الخ مما سيخلف عدو جديد وسيدوم مبدأ وجود القوة المؤثرة التي تحكم العالم مع تغير القيادات والرؤساء.

حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أن تأخذ أنفاسها بعد الانتكاسات الشديدة التي تعرضت لها في افغانستان والعراق, ومن الممكن بعد أن استعادت انفاسها أن تستخدم بدائل الاساليب العسكرية, وعلى الرغم من أنه في إطار الصراع الأمريكي الصيني فإن اهم نقاط وبؤر الوجود التي تؤرق أمريكا وتعيش خلافات معها وتخضع لعقوبات وحروب تجارية هي التي حصدت النسب الأعلى في الاصابة بفيروس كورونا في بداية مراحله, وهي الصين, وإيران, وايطاليا, وإسبانيا, وفرنسا, والاصابات في هذه البلدان أثرت على معاملها ومصانعها ومطاراتها ومؤسساتها ودوائرها كاملة, لكن في المقابل لايمكن تغاضي النظر عن أن دول العالم الأخرى لم تسلم من هذا المرض, وأخذت الولايات المتحدة تصل لمراتب متقدمة, حتى بدأت تحصد المراتب الأولى في عدد الإصابات لذا اتهم الرئيس الأمريكي ترامب الصين بأنها لم تُعلن عن المرض مبكراً, وقد اعلنت منظمة الصحة العالمية بكون هذا المرض وباءً عالمياً مما يتوضح كونه لا يستثني أحد كل هذه المؤشرات تؤدي الى بطلان نظرية المؤامرة لاسيما وأن الحرب البيلوجية تستخدم في حالة الحرب والتقابل في مواجهة مصيرية علاوة على أن نظريات المؤامرة تأتي وتتغير حسب معطيات الأرض.

  • احتمال الطبيعة

قام علماء مختصين في علم الاحياء والمناعة من معهد سكريبس للأبحاث والعلوم الطبية في الولايات المتحدة الأمريكية بإنهاء التكهنات حول جائحة فيروس كورونا بقولهم أنه نتاج لتغيرات الطبيعة وهو ليس من صنع البشر إذ لا يوجد دليل يوحي على كونه صناعة بشرية أُنشئ من هندسة وراثية بل أن الأدلة التي تم تأشيرها لدى العلماء تتناسب تماماً مع التغيرات في الطبيعة, إذ يرى العلماء والمختصين بأن الفيروسات تتكيف وتتغير من أجل البقاء بشكل طبيعي وعلى مرور الوقت بعد أن تتلامس هذه الفيروسات مع العديد من الأِشياء الأخرى يكون من الصعوبة إيقاف انتشارها, واستناداً إلى تحليل التسلسل الجيني خلص العالم المختص (أندرسن) ومعاونوه في معهد سكريبس إلى السيناريوهين التاليين:-

السيناريو الأول: تطور الفيروس إلى حالته المرضية الحالية من خلال الانتقاء الطبيعي في مضيف غير بشري ثم قفز إلى البشر, وهذه هي الطريقة التي تفشى بها الفيروس التاجي السابق (سارس)، وقد اقترح الباحثون أنه قد تكون الخفافيش هي الأكثر ترجيحاً لنقل هذا المرض للبشر, لأن الجينات الموجودة في الفيروس تشبه الى حد كبير الفيروسات الموجودة في الخفافيش, ولكون العلماء يعتقدون بأنه لاتوجد ادلة تثبت انتقال العدوى من الحيوانات الى البشر لذا فهم يرجحون أن يكون هناك طرف وسيط بين الحيوانات والبشر لنقل العدوى.

السيناريو الثاني: يشير الى أنه قد قفزت نسخة غير مسببة للمرض من الحيوان الى البشر ثم تطورت الى حالتها المرضية الحالية. وعلى اختلاف السيناريوهات المطروحة للطبيعة نيل الى الاتجاه القائل بعدم وجود حرب بيلوجية في الوقت الحالي.

رابعاً- الى ماذا ستقود الاتهامات الأمريكية-الصينية :

اضعفَ فيروس كورونا الموقف الأمريكي في التعامل مع القضايا العالمية لاسيما بعد موقفها الضعيف والمتفرج مع الدول المتضررة بنسبة كبيرة من الفيروس, فضلاً عن ذلك فإن المعطيات تؤشر الى وجود حرب باردة تلوح في الأفق بين أهم دولتين في عالم اليوم وهما أمريكا والصين فالاتهامات المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين حول فيروس كورونا تشير الى لغة جديدة في التعامل الامريكي الصيني مما يوحي الى التقاطع في المنظومة الدولية.

يستشعر الطرفان ضرورة اضعاف الطرف الآخر لتحقيق المكاسب السياسية, إذ أن الولايات المتحدة تستشعر بأنها إذا لم تقم باجراءات لاضعاف الصين أو هزيمتها في شرق آسيا فإن الصين سوف تضعف من قدرات الولايات المتحدة الأمريكية في المستقبل القريب وكل هذه الصراعات للتاريخ تتمثل بمراحل ومن الواضح أن المرحلة الأولى ستستمر من 2020-2030 وتتمثل بشل قدرات الطرف الآخر فهي مرحلة الحرب الباردة إذ أن عدم استقرار التاريخ يظهر صعوبة المحافظة على الهيمنة ومن الصعب على الولايات المتحدة أن تشرف على كل العمليات الأساسية فعالم اليوم أصبح أكثر تعقيداً إذ لا يمكن التنبؤ بعالم الغد فهو خطر وقضية سحابة صغيرة تبدو في الأفق قادرة أن تحمل معها عاصفة مدمرة, وتبدأ المرحلة الثانية من 2030-2040 إذ تبرز فيها ملامح الضعف ولفظ الأنفاس الأخيرة, وصولاً إلى المدة مابين 2040-2050 والتي ستحسم الأمر.

للمزيد من المعلومات تُنظَر المصادر الآتية :-

  • Denise Grady, Deadly Germ Research Is Shut Down at Army Lab Over Safety Concerns, The New York Times , 5 Aug 2019 , See: https://www.nytimes.com .
  • Edgar J. DaSilva, Biological warfare, bioterrorism, biodefence and the biological and toxin weapons convention, EJB Electronic Journal of Biotechnology, Vol.2 No.3, Universidad Católica de Valparaíso , Chile, 15 December 1999, P110-113 .
  • James Hohmann, The Daily 202: Simulations before coronavirus foreshadowed infighting beween agencies in pandemic response, The Washington Post , 20 March 2020 , See: https://www.washingtonpost.com .
  • Joel Bozue, Christopher K. Cote, Pamela J. Glass, MEDICAL ASPECTS of BIOLOGICAL WARFARE, Office of The Surgeon General, Borden Institute, Texas, 2018, P165-169 .
  • NATALIE RAHHAL, US HEALTH EDITOR , Wuhan, China’s coronavirus epicentre, has SARS, dailymail , PUBLISHED: 22:08 GMT, 23 January 2020 | UPDATED: 01:56 GMT, 25 January 2020, See: https://www.dailymail.co.uk .
  • The COVID-19 coronavirus epidemic has a natural origin, scientists say, Scripps Research Institute, 17 March 2020, See: chrome-extension://fcaacbfglejpnljiiokpcplbmmlbmnbk/tab.html .
  • عبد الهادي مصباح , الأسلحة البيلوجية والكيميائية بين الحرب والمخابرات والإرهاب , تقديم: أسامة الباز , الدار المصرية اللبنانية , القاهرة , 2000 , ص47-56 .
  • مصطفى عاشور , الميكروبات والحرب البيلوجية , منشأة المعارف للنشر , مصر , 2005 , ص11-12 .

 

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=65453

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M