اعداد : لقاء سيد أحمد رفاعي & سارة ناصر محمد عبد الرحمن – إشراف : د. أحمد يوسف – المشرف العام : أ. د. دلال محمود – عميد الكلية : د. محمود السعيد – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر
المقدمة :-
شهد العالم العربي علي مدي السنوات الأخيرة مجموعة من الاضطرابات التي صاحبت الانتفاضة الشعبية ٢٠١١ آلت هذه الاضطرابات إلي مخاطر أصبحت تهدد الأمن العربي ألا وهو خطر الإرهاب، الأمر الذي أستدعي تكوين قوة سلام عربية لمواجهة هذا الخطر والحفاظ علي الأمن العربي والحيلولة دون تدخلات أجنبية، وساعد علي ذلك أن جامعة الدول العربية لديها معاهدة دفاع عربي مشترك تم التوقيع عليها عام ١٩٥٠؛ تقوم علي أساس أن أي عدوان ضد أي دولة موقعة علي البروتوكول يعتبر بمثابة عدوان علي كافة الدول الموقعة علي البروتوكول ويجب التصدي له، ومن هذا المبدأ جاءت فكرة الرئيس عبد الفتاح السيسي بدعوة الدول العربية لتشكيل قوة عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب؛ لاسيما بعد أن أصبح الارهاب يهدد الدول العربية والأمن القومي العربي معرضًا لمخاطر داخلية وخارجية خاصةً بعد تنامى تنظيم داعش وغيره من الجماعات المتطرفة، ومن مظاهر ذلك ما شهدته ليبيا من تهديدات إرهابية عندما تم التعدي علي مصريين فيها من قبل عناصر إرهابية، وكذلك ما حدث في العراق حيث أحتلت مدينة الموصل وهي ثاني أكبر مدن العراق من قبل إرهابيين أيضًا وأُعلنت دولة الخلافة الإسلامية وأصبح أمن العراق مهددًا بشكل كبير، وغير ذلك من تهديدات إرهابية تواجه باقي الدول العربية، فضلاً عن انتشار الصراعات والانقسامات الداخلية، وهكذا أستدعي الأمر تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك لمكافحة هذا الخطر الذي يهدد كيان الوطن العربي ، ونظرًا لأن نص معاهدة الدفاع المشترك معني بشكل أساسي بدفع الاعتداء عن دول الجامعة ولا تنص علي مواجهة الاعتداء الواقع من دولة علي أخري بالتدخل؛ أي أن الإرهاب لا يقع ضمن المخاطر التي تطبق عليها معاهدة الدفاع المشترك، فكان هناك حاجة إلي وجود قوة تشارك فيها جميع الدول العربية للقضاء علي هذا الخطر المتزايد، مما دفع رئيس جمهورية مصر العربية في ٢٠١٤ بطرح فكرة إنشاء قوة عربية مشتركة في حديث للتليفزيون المصري، وتم عرض الاقتراح في قمة شرم الشيخ ٢٠١٥م والموافقة عليه، وتم تكليف الأمانة العامة للجامعة العربية بمتابعة الأمر، وبالتالي تبرز أهمية وجود هذه القوة للحد من الأزمات في المنطقة العربية واحتوائها ومنع التدخل الخارجي وغيرها من المخاطر التي تهدد أمن الدول العربية.[1]
ومن ثم في هذه الدراسة سنقوم بتسليط الضوء علي بروتوكول القوة العربية المشتركة وأهميته للنظام العربي وتحليل أسباب تأجيل التوقيع علي البروتوكول لأجل غير مسمي رغم أهميته في حماية الأمن العربي من خطر الإرهاب.
المشكلة البحثية :-
منذ الاحتجاجات الشعبية ٢٠١٠م ، وما نتج عنها من أحزاب الإسلام السياسي ودولة الخلافة الإسلامية وتفاقم الإرهاب وتهديده للأمن القومي العربي، جاء قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي ٢٠١٥م والذي تبلور حول إنشاء قوة عربية مشتركة من شأنها حماية الأمن القومي العربي من الإرهاب، ومع ذلك لم توقع جميع الدول العربية علي هذا البروتوكول رغم ما يتعرض له الأمن القومي العربي من تهديد ؛ حيث تلقت الجامعة العربية مذكرة من المملكة العربية السعودية تطلب تأجيل البروتوكول وكذلك قطر والبحرين والكويت والإمارات والعراق طلبت الإرجاء ! ومن ثم تتمحور المشكلة البحثية حول أسباب تأجيل التوقيع علي البروتوكول وتباين مواقف الدول العربية منه رغم دوره في حماية الأمن القومي العربي من الإرهاب.
ومن ثم يتمحور السؤال الرئيسي حول:
لماذا تم تأجيل التوقيع علي بروتوكول القوة العربية المشتركة رغم أهميته في حماية الأمن القومي العربي من خطر الإرهاب ؟
ومن هذه المشكلة البحثية ينبثق عدد من الأسئلة الفرعية علي النحو التالي :
- ما هو مضمون مبادرة الرئيس السيسي ؟
- ما هو موقف الدول العربية من هذه المبادرة حتي تم إقرارها ؟
- ما هو مضمون بروتوكول القوة العربية المشتركة ؟
- ما هي أسباب طلب تأجيل التوقيع علي بروتوكول القوة العربية المشتركة ؟
- ما مستقبل القوة العربية المشتركة ؟
أولاً التحديد الزمني للدراسة :-
تبدأ الدراسة منذ عام 2015؛ لأنه العام الذي تم فيه الدعوة إلى قيام قوة عربية مشتركة من قِبَل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في قمة شرم الشيخ 26 مارس 2015م، وتنتهي الدراسة حتي الآن؛ وذلك بسبب تأجيل التوقيع على البروتوكول الخاص بإنشاء القوة العربية المشتركة من جانب وزراء الدفاع والخارجية العرب لأجل غير مُسمى.
ثانياً التحديد المكاني للدراسة :-
يتحدد النطاق المكاني للدراسة في النظام العربي؛ ففي ظل التهديدات الأمنية للدول العربية وتفاقم الإرهاب، طرح رئيس مصر ” عبد الفتاح السيسي ” المبادرة بتأسيس قوة مشتركة لمكافحة الإرهاب علي القمة العربية، وشاركت كافة الدول العربية في صياغتها ومناقشتها وكذلك تباينت مواقف الدول العربية من البروتوكول بعد ما تم إقراره .
ثالثاً التحديد المجالي للدراسة:-
تقع الدراسة ضمن حقل العلاقات الدولية، نظراً لكونها تتضمن موضوع القوة العربية المشتركة الذي يتطلب مشاركة عدد من الدول العربية فيه، ويحظى أيضاً باهتمام دول أخري في العالم قد تعارض قيام مثل هذه القوة.
تهدف الدراسة إلي معرفة أسباب تأجيل الرئيس عبد الفتاح السيسي القوة العربية المشتركة إلي أجل غير مسمي، ورفض بعض الدول العربية التوقيع علي البروتوكول علي الرغم من أهميته في مكافحة الإرهاب الذي يهدد الأمن القومي العربي منذ ثورات الربيع العربي ٢٠١١م، والفائدة التي تعود علي كافة الدول العربية من تطبيقه فهو لا يهدد كيان دولة عربية أو تنظيمًا معينًا، وإنما يهدف إلي إحياء النظام العربي وحمايته من خطر الإرهاب.
ينطلق الفرض العلمي من فرضية مفادها أن هناك علاقة ترابطية بين تباين مصالح الدول العربية وتأجيل التوقيع علي البروتوكول، فالتباين في مصالح الدول العربية كان سببًا في تأجيل التوقيع علي بروتوكول القوة العربية المشتركة؛ رغم أهميتها في حماية الأمن القومي العربي من خطر الإرهاب الذي يهدد منذ الحراك العربي ٢٠١١.
تعتبر هذه الدراسة ذات أهمية بالغة من الناحية العلمية، فهي توضيح بعض المفاهيم التي ترتبط بموضوع الدراسة، كما تُسهم في إثراء الجانب المعرفي الخاص بأهمية ودوافع الأحلاف خاصةً في المنطقة العربية لمواجهة مختلف التحديات الإقليمية والدولية، والدراسة العلمية لمختلف ردود الفعل حول هذه الأحلاف، بالتركيز على الدراسة العلمية للقوة العربية المشتركة التي تعبر عن حلف عربي، وتختلف عن غيرها من الدراسات في أنها لن تكتفي بعرض القوة العربية المشتركة ودوافعها فقط بل ستتطرق إلي دراسة أسباب تأجيلها وتحليل ردود فعل الدول العربية تجاه برتوكول القوة، وتحليله وعدم الاكتفاء بعرض نصه.
منذ ثورات الربيع العربي ٢٠١١م وتصاعد ظاهرة الإرهاب؛ وأصبح حماية الأمن القومي العربي يشغل صناع القرار في الدول العربية، ومن ثم تكمن الأهمية العملية لهذه الدراسة في أنها قد تساعد صناع القرار في الوطن العربي في مواجهة الإرهاب الذي يعتبر خطر مشترك يهدد أمن الدول العربية مما يستدعي تضامن الدول العربية مع بعضها البعض واتخاذ قرارات موحده وصارمة لحماية الوطن العربي، كما أن الدراسة تساعد في معرفة الدور الذي يُمكن أن تلعبه القوة العربية المشتركة في مواجهة كافة التحديات الإقليمية والدولية، وستُسهم الدراسة التحليلية لأسباب تأجيل التوقيع على البروتوكول في التفسير العملي والواقعي لدور صناع القرار العرب ومدي تأثُرهم بالضغوط الداخلية والخارجية، وتقديم حلول عملية لتجاوز هذه المعوقات التي تحول دون التوقيع على بروتوكول القوة العربية المشتركة .
سوف يتم تقسيم الأدبيات السابقة إلي ثلاث محاور علي النحو التالي :
المحور الأول: الدراسات التي تناولت الظروف التي سادت في الوطن العربي بعد ثورات الربيع العربي2011م .
١) دراسة للكاتب ” أسامة أحمد محمد الشركسي ” بعنوان ” التحديات السياسية وتأثيرها علي الأمن المجتمعي العربي ٢٠١١-٢٠١٦ م “
هدفت هذه الدراسة إلي معرفة التحديات السياسية التي واجهت الوطن العربي في الفترة من ٢٠١١-٢٠١٦ وأثرها علي الأمن المجتمعي العربي؛ لاسيما وأن الوطن العربي شهد في الآونة الأخيرة حالة من عدم الاستقرار الأمني والسياسي ، وقسمت الدراسة التحديات إلي خارجية، وداخلية أي التي يواجهها العالم العربي من داخله وتؤثر علي بنيته التحتية ومن ثم تؤثر علي الدول العربية علي الصعيدين المحلي والدولي، واحده من تلك التحديات الداخلية هي ثورات الربيع العربي؛ والتي كانت بمثابة نقطة تحول في ميزان القوي السياسية والإقليمية وأثرت علي أمن المجتمعات العربية بشكل كبير، وخلصت الدراسة إلي ان الإرهاب أضحي يهدد استقرار امن الدول العربية ، كما أن ثورات الربيع العربي كانت أقوي التحديات السياسية التي أثرت علي أمن المجتمعات العربية في الوطن العربي، حيث ساعدت علي ظهور الطائفية والديكتاتورية والإرهاب؛ هذا وبالإضافة إلي ما خلفته الثورات من ضحايا وجرحي ولاجئين، الأمر الذي يستدعي ضرورة التعاون بين الشعوب العربية وبعضها البعض لمواجهة الطائفية والإرهاب والديكتاتورية ومساعدة المتضررين من تلك الثورات دون السماح لتدخل خارجي لمساعدتهم، وأن يصمم صناع القرار خطط لمعالجة الأوضاع السياسية في الوطن العربي لحفظ الأمن المجتمعي . [2]
٢) دراسة للكاتب ” علي مدوني” بعنوان ” ثورات الربيع العربي ومآلات الانتقال الديمقراطي المنشود :- دراسة في القواسم المشتركة ”
هدفت هذه الدراسة إلي التركيز علي الظاهرة الاحتجاجية وتوسعها في عدد من الدول العربية وما إذا حققت تحول ديمقراطي وحققت هدفها أم لا؟ ورغم أن الاضطرابات الامنية والسياسية بدأت في ٢٠١١ وكان لها تأثير علي أنظمة سياسية عربية إلا أنها ما زال لها تداعيات علي أنظمة سياسية أخري ولازالت تداعيتها موجودة ليس علي المنطقة العربية فحسب وإنما ارتدت إلي المدن الأخري الاوربية والآسيوية فيما عرف بالربيع اللاتيني، وتوصلت الدراسة إلي أن الشعوب العربية استطاعت إثبات وجودها في المشهد السياسي وقدرتها علي التغيير في سياق الربيع العربي، لكن مآل الديمقراطية بعد مرور عشر سنوات علي ثورات الربيع العربي لم تثمر في كل الدول العربية ، فتعتبر تونس أكثر دولة عربية شهدت تحول ديمقراطي متميز، لكن هناك دول عربية أخري لم تشهد ذلك؛ حيث دخلت كلاً من سوريا وليبيا حالة من الفوضى والحرب حتي الأن، كما أن اليمن نتيجة للحرب الأهلية ومقتل الكثيرين اصبحت تعاني حتي اليوم من مأساة كادت تجعل اليمن علي حافة المجاعة، أما في مصر انقلبت المؤسسة العسكرية علي الصورة وانتخب السيسي عام ٢٠١٤ رئيسًا للبلاد وأعيد انتخابه مرة أخري في ٢٠١٨، ووجه إليه عدد من التهم مثل التضييق علي الحريات، وفي ٢٠١٩ قام بتعديل دستوري ليمد عهدته الرئاسية، وكذلك شهدت ليبيا حالة من الفوضى وسوريا حالة من الدمار الشامل، ومن ثم استنتجت الدراسة أنه رغم أن الاحتجاجات الشعبية أثبتت ان الشعوب العربية قادرة علي التغيير والدخول في المشهد السياسي إلا أنها لم تحقق الديمقراطية ” هدفها المنشود ” في كل الدول العربية بل تحقق في البعض دون الآخر.[3]
٣) دراسة للكاتب ” عمر ياسين خضيرات ” بعنوان ” مواقف القوي الدولية والإقليمية من ثورات الربيع العربي وأثرها علي النظام الإقليمي الشرق أوسطي ( ٢٠١٠ – ٢٠١٥) ” .
تهدف هذه الدراسة توضيح مواقف القوي الدولية ( الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الأوربي والصين )، ومواقف القوي الاقليمية ( إيران وتركيا وإسرائيل ) من استغلال الوطن العربي بعد زعزعة استقراره بعد ثورات الربيع العربي، والاستفادة من ذلك لصالحها، وخلصت الدراسة إلي أن القوي الدولية والإقليمية سعت إلي تحقيق مصالحها من ثورات الربيع العربي وليس مصالح الشعوب العربية، وعندما دخلت دول الربيع العربي في حالة من التراجع وزعزعة الاستقرار وصراعات لأسباب داخلية وخارجية؛ ازداد دور الدول الإقليمية ( تركيا وايران واسرائيل ) في تعزيز دورهما في الهيمنة علي عكس الدول العربية التي أصبح دورها محدود؛ وهكذا استفادت القوي الإقليمية والدولية من ثورات الربيع العربي .[4]
نقد المحور الأول :
ركزت الأدبيات في المحور الأول علي تداعيات الحراك العربي 2011علي الوطن العربي ، وأكدت أن الوطن العربي شهد حالة من عدم الاستقرار ، كما أن التحول الديمقراطي الذي كان هدفاً من الحراك لم يتحقق في كافة الدول الداخلة في الحراك العربي وسعي القوي الدولية والإقليمية للاستفادة من الحراك لصالحها، لكن هذه الأدبيات لم توضح موقف صناع القرار في الوطن العربي من حالة عدم الاستقرار هذه وكيفية مواجهتها رغم إدراكهم أن هذا الوضع سيهدد الأمن القومي العربي فيما بعد؛ ويفتح الباب أمام عناصر إرهابية للتدخل.
المحور الثاني : الدراسات التي تناولت تصاعد الإرهاب وزعزعة الأمن القومي العربي بعد الربيع العربي 2011 .
١) دراسة للكاتب “حسنين توفيق إبراهيم”، بعنوان ” التنظيمات الجهادية الإرهابية والأمن الإقليمي في العالم العربي: الوضع الراهن وآفاق المستقبل”.
هدفت هذه الدراسة إلي تحليل واقع التنظيمات الجهادية الإرهابية لكونها ظاهرة تهدد الأمن الإقليمي بالتركيز على تنظيمي داعش والقاعدة، خاصةً بعد أن تفاقمت من حيث عددها وقدرتها على التأثير بعد التحولات التي مر بها العالم العربي منذ عام 2011، وأصبحت تتواجد في مناطق الأزمات والصراعات، كما تطرقت الدراسة إلى تداعيات الربيع العربي في العديد من الدول العربية والمتمثلة في الحروب الأهلية والصراعات الداخلية والتي نتج عنها ازدياد ظاهرة التنظيمات الجهادية الإرهابية خاصةً تنظيم الدولة الإسلامية، ومن جهة أخرى هدفت إلى التركيز على التنظيمات الجهادية المحلية التي توجد داخل حدود الدول العربية، وتهدف الدراسة بشكل أساسي إلى استشراف مستقبل التنظيمات الإرهابية في العالم العربي من خلال تحليل الواقع الحالي لها، وانعكاس ذلك على الأمن الإقليمي العربي، وفي النهاية توصلت الدراسة إلى أن مستقبل التنظيمات الإرهابية في العالم العربي تحكمه مجموعة من العوامل المرتبطة بفاعلية استراتيجيات مكافحة التطرف والإرهاب على الصعيد الوطني والإقليمي، كما أن هناك مؤشرات لاستمرار بعض العوامل التي تساعد على انتشار الإرهاب خاصةً تنظيم القاعدة، وتوصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن بعض الدول العربية قد تشهد أشكال من الإرهاب العشوائي تقوم به تنظيمات صغيرة، كما توصلت الدراسة إلى أنه يجب توافر عدد من الشروط اللازمة لمواجهة هذه التنظيمات أهمها وجود مواجهه أمنية وعسكرية للتنظيمات الجهادية الإرهابية بهدف تدمير قدرتها العسكرية، ولابد من إنهاء الأزمات الإقليمية وضرورة التوعية لمواجهتها، وتجديد الخطاب الديني. [5]
٢) دراسة للكاتبة “زينب حسني عزالدين” بعنوان” أثر حروب الجيل الرابع على الأمن القومي العربي دراسة حالة: تنظيم الدولة الاسلامية”
هدفت هذه الدراسة إلي التركيز على حروب الجيل الرابع في المنطقة العربية خاصةً بعد الربيع العربي والذي نتج عنه الإطاحة بالأنظمة الاستبدادية وانتشار التنظيمات والجماعات الإرهابية التي تعتبر مثال لحروب الجيل الرابع، ومن أشهرها تنظيم الدولة الاسلامية، ومن ثم تطرقت الدراسة إلى معرفة أثر حروب الجيل الرابع على الأمن القومي العربي نتيجة توسع تنظيم داعش في عدد من الأراضي العربية، والذي يشهد تطور في ما يقوم به من عمليات إرهابية، كما تطرقت إلي دراسة ردود الأفعال الدولية والاقليمية على تمدد تنظيم داعش، وتوصلت الدراسة إلى أن هذا التنظيم لديه مقومات قيام الدولة ولا ينقصه شيء سوى ترسيم الحدود والاعتراف الدولي بها، كما تعود خطورته إلى اعتماده على أساليب غير تقليدية مثل قدرته علي جذب الشباب، واعتماده على الإرهاب الالكتروني ونشره للعمليات التي يقوم بها في هيئة تقارير وتسجيلات واعتماده على الاعلام، لذلك أشارت الدراسة إلى أنه لابد من لابد من المواجهة العسكرية و الثقافية والفكرية لتنظيم داعش لمقاومة الفكر الجهادى بالفكر المعتدل الوسطى.[6]
٣) دراسة للكاتب “نيبال عز الدين” بعنوان” الصراعات الداخلية وتمويل التنظيمات الإرهابية في الوطن العربي: دراسة حالة تنظيم داعش”
هدفت هذه الدراسة إلى دراسة الصراعات الداخلية المسلحة الموجودة في المنطقة العربية والناتجة عن حالة عدم الاستقرار نتيجة وجود ما يسمى بالعنف الجهادي منذ اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011، وهدفت إلي الوقوف على أسباب تصاعد الصراعات الداخلية العربية وتعذر المراحل الانتقالية بعد انتهاء الثورات العربية وأسباب ظهور الجماعات المسلحة ومن أبرز أسبابها هو المد الثوري الذي أدى إلى عدم قدرة الدولة على السيطرة على إقليمها وعدم القدرة على السيطرة على المناطق الحدودية، مما سمح لانتشار الصراعات الداخلية الداعمة لهذه التنظيمات الإرهابية، وتركز الدراسة على وجود تنظيم داعش في المنطقة العربية وتنامي أدوار الفاعلين من غير الدول، كما هدفت الدراسة إلى معرفة أبرز المسارات المحتمل تحقيقها في المستقبل نتيجة هذه الصراعات الداخلية المسلحة في ظل وجود التنظيمات الإرهابية، ودراسة تأثير تمويل التنظيمات الإرهابية على الاوضاع الداخلية العربية والتفاعلات الإقليمية، وتوصلت الدراسة إلى أن الصراعات الداخلية المسلحة في المنطقة العربية يغلب عليها نمط جديد يسمى بالصراعات الهجينة من خلال وجود سلسلة من الصراعات على السلطة والحروب الأهلية وأن الصراعات الداخلية العربية لم تعد داخلية فقط بل امتدت لتصبح إقليمية وهو ما يفسر تمويل المنظمات الإرهابية بأساليب متنوعة.[7]
نقد المحور الثاني:
اكتفت الأدبيات في هذا المحور بالتركيز على دراسة التنظيمات الإرهابية خاصةً تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وأسبابها وتأثيرها على الأمن القومي العربي، ولكنها لم تقدم حل جذري للقضاء عليها بل اكتفت بالإشارة إلي ضرورة المواجهة العسكرية دون إعطاء أي مقترحات حول كيفية قيام مثل هذه المواجهة العسكرية هل ستقوم بها الدولة بشكل فردي أم بتحالف مع غيرها من الدول العربية، وما هي العوائق التي تمنع قيامها، فتشابهت هذه الأدبيات إلي حد كبير وركزت بشكل أساسي على تنامي ظاهرة الإرهاب مقارنةً بتركيزها الضئيل علي تقديم حلول لهذه الظاهرة.
المحور الثالث : الدراسات التي تناولت القوة العربية المشتركة :
١) هناك مقالة للباحث “شريف شعبان مبروك” بعنوان ” مواجهة التهديدات الأمنية على الساحة العربية بأدوات إقليمية”
تهدف المقالة إلي تحليل التهديدات الأمنية التي تواجه المنطقة العربية التي أدت إلى الدعوة لوجود قوة عربية مشتركة، وأهمية العمل العسكري العربي المشترك في مواجهة التحديات التي تهدد الأمن القومي العربي، و تطرق الباحث إلي دراسة أهداف القوة العربية المشتركة وتحليل التداعيات الإقليمية، بالإضافة إلى تحليل الأزمة اليمنية كدافع لقيام تحالف عسكري لمواجهة خطر الحوثيين، وخلص الباحث إلي تحليل مواقف الدول العربية تجاه التحالفات الإقليمية وعرض مجموعة من التحديات المستقبلية التي من المحتمل أن تواجهها القوة العربية المشتركة التي تم الدعوة لها في قمة شرم الشيخ بمصر وأبرزها هي تضارب مصالح الدول العربية و وجود خلافات بينها، وخلص الباحث أيضاً إلى الأخطار التي تهدد المنطقة العربية خاصةً التنظيمات الإرهابية والتخوف من إيران والمد الشيوعي في المنطقة العربية وانتشار الفوضى في عدد من الدول العربية، وأنه لا ينبغي أن تقتصر دور القوة العربية المشتركة علي التدخلات العسكرية فقط بل يجب أن يمتد دورها إلي تعزيز السلام وإعمار الدول العربية.[8]
٢) مقالة للباحث “السيد أمين” بعنوان ” الجدل حول قوة عربية مشتركة الضرورات والتحفظات”
تهدف المقالة إلي عرض أبرز الضرورات التي دفعت الرئيس السيسي للدعوة إلي تشكيل قوة عربية مشتركة من خلال عرض القمة العربية والبيان الختامي لها وعرض توصيات مؤتمر الأمن الإقليمي والتحديات الإقليمية، وعرض الباحث التحفظات المصرية من خلال عرض آراء أحد أهم الخبراء في الشؤون العربية الذي يري أن قيام هذه القوة العربية المشتركة هو أمر خيالي، كما عرضت المقالة توصيات عدد من الباحثين فيما يتعلق بضرورة وجود مشروع سياسي تعمل القوة في إطاره وأنه لابد من أخذ موافقة مجلس الأمن بصفته الجهة الشرعية الوحيدة التي تمتلك التصريح بعمل عسكري جماعي، وخلص الكاتب إلي عرض التحديات التي تعوق تشكيل القوة العربية المشتركة وأبرز مهامها، وأنه من المتوقع أن تعارض بعض الدول تشكيل القوة العربية المشتركة وتلجأ للضغط على الدول العربية لعدم الانضمام لها لذلك خلص الباحث أيضاً إلي أنه لابد من وجود حوار مكثف واتفاق بين الدول العربية حول الهدف الاستراتيجي للقوة ويجب توافر قدره علي المشاركة وعدم وقوف الدول الكبرى عائق أمام تشكيل القوة العربية المشتركة .[9]
٣) مقالة للباحث “غازي دحمان ” بعنوان ” القوة العربية المشتركة.. قراءة تحليلية “
تهدف هذه المقالة إلي تحليل فكرة القوة المشتركة وأهميتها للوطن العربي، باعتبارها خيار مناسب للتصدي لِمَا نتج عن ما يسمي بثورات الربيع العربي من تهديدات إرهابية تهدد الأمن القومي العربي، وأهميتها في إحياء العالم العربي من جديد، فهي تعد بمثابة تفعيل لمبدأ الدفاع المشترك ولكنها تعدت كونها مجرد مبدأ وأصبحت ضرورة ملحة بعد أن طال الأمن القومي مجموعة من المخاطر كصعود التنظيمات المتطرفة والدولة الاسلامية وتوسع إيران في العالم العربي، وخلصت هذه المقالة الي مجموعة من المآلات تكمن في؛ أنه علي الرغم من أن القوة العربية المشتركة لم تنفذ بعد إلا أنها لها جاذبيتها في حماية مستقبل العالم العربي من التفتت وأن تنفيذها سيساعد علي الاقل في حماية الحد الأدنى من الأمن القومي؛ وتحمي العالم العربي من التشرذم وستجعله موحد ومتماسك ؛ كما أنها ستحمي النظام العربي للأجيال القادمة ، كما انها ستخرج العالم العربي من عنق زجاجة الأزمة وتجعله ينطلق مرة أخري .[10]
٤) مقالة للباحث ” طلعت أحمد مسلم ” بعنوان ” مقترحات حول القوة المشتركة”
يهدف الباحث من هذه المقالة إلي عرض الاقتراحات المتعلقة بالقوة العربية المشتركة وأهميتها كما يوضح أجهزة صنع القرار الخاصة بالقوة العربية المشتركة؛ ويؤكد الباحث انها علي الرغم من أهميتها في حماية الامن القومي العربي وأن الدفاع عن دولة عربية يعتبر دفاعًا عن باقي الدول العربية، إلا انها ليس الخيار الوحيد لتحقيق الدفاع عن البلدان العربية فهناك عناصر اخري، وخلص الباحث في هذه المقالة أن تكوين قوة عربية مشتركة مهم للأمن القومي العربي وتنحصر مهماتها في التصدي إلي التهديدات الإرهابية، ودعم الدفاع وحماية خطوط المواصلات من المخاطر، ويتم اتخاذ القرار من خلال مجلس الدفاع اعتمادًا علي التقارير المقدمة له من مجلس الأركان وهيئة التخطيط المشترك، وقرار الاستعانة بالقوة المشتركة يكون بناء علي تقدير موقف مقدم من مجلس رؤساء الأركان وهيئة التخطيط المشترك .[11]
نقد المحور الثالث :
ركزت هذه المقالات بشكل كبير علي تشكيل القوة العربية وأنها كانت تفعيل لمبدأ الدفاع المشتركة، وأهميتها في مكافحة الإرهاب ورفض بعض الدول العربية التوقيع علي البروتوكول وتم تأجيلها عام 2015 ولم يتم الحديث عنها منذ ذلك الحين كما وضع كل باحث مآلات لهذه القوة ، لكن هذه المقالات لم توضح أسباب تأجيل التوقيع علي البروتوكول رغم أهميته في مواجهة خطر الإرهاب ، كما لاحظت الباحثتان أنه لم يتم عمل دراسات في هذا الأمر وكان المتوفر مجرد مقالات صحفية يوضح فيها كل باحث وجهة نظره في هذا الصدد، وهناك مقالة من هذة المقالات أكتفي فيها الباحث بعرض آراء الخبراء والباحثين الآخرين ولم يعرض رأيه الخاص ، كما وضعت هذه المقالات مآلات وتنبؤات لكن لم تضع نتائج حدثت بالفعل، وهذا يؤكد أن القوة العربية المشتركة تم تهميشها إلي حد كبير .
التعليق العام علي الأدبيات :
انقسمت الأدبيات السابقة في تركيزها علي موضوعات مختلفة، منها من ركز علي الإرهاب بشكل خاص، ومنها من ركز علي ثورات الربيع العربي أيضاً بشكل خاص، كما نجد أن الأدبيات التي تناولت القوة العربية المشتركة وهي الموضوع محل الدراسة لم تتوافر فيه دراسات علمية أكاديمية، ولم توجد دراسة تتناول هذه الموضوعات مُجمعه ألا وهي الإرهاب والربيع العربي واقتراح القوة العربية المشتركة، وهذا ما ستقوم به هذه الدراسة خاصةً بالتركيز علي أسباب تأجيل التوقيع على بروتوكول القوة وتحليل مواقف الدول العربية منه، والمعوقات التي تقف أمام توقيعه.
التعريف اللغوي والاصطلاحي:
تعرف كلمة الأمن :لغة : هو ضد الخوف ويقصد به الاستقرار والاطمئنان ،
واصطلاحاً: قدرة الدولة علي تأمين مصادر قوتها الداخلية والخارجية الاقتصادية والعسكرية في كافة المجالات لمواجهة كل ما يهددها سواء في الداخل او في الخارج وفي السلم والحرب.
أما التعريف الإجرائي للأمن : فهو تأمين الدولة من أي خطر خارجي يجعل الدولة تحت السيطرة الأجنبية.
ويقصد بالقومية اصطلاحا: انتماء وولاء الناس لأراضيهم وارتباطهم بها إلي حد تقديم مصلحة الوطن علي مصالحهم الشخصية.
ويعرف الأمن القومي العربي إجرائيًا علي أنه (( قدرة الأمة العربية علي حماية وتنمية القدرات والامكانيات العربية علي كافة المستويات من أجل تطويق نواحي الضعف في الجسد العربي ، سياسيًا واقتصاديًا ودفاعيًا، وتطوير نواحي القوة بفلسفة وسياسة قومية شاملة تأخذ في اعتبارها المتغيرات الداخلية في الدول العربية والإقليمية والدولية المحيطة )).[12]
وتجدر الإشارة إلي أن مفهوم الأمن القومي ترجع نشأته إلي عام ١٦٤٨ م عقب معاهدة “ويستفاليا” التي أنشأت الدولة القومية ،واتسع استخدامه بعد الحرب العالمية الثانية ، وفي حقبة الحرب الباردة بين القطبين العسكريين الشرقي والغربي كان هناك محاولات لتعريف هذا المصطلح بعضها ركز علي الجانب العسكري وآخرون ركزوا علي جوانب أخري علي النحو التالي:
تعريف ” والتر ليبمان “ : (( ويري أن الأمة الآمنة التي لا تتعرض لمخاطر تهدد بالتضحية بالمقدرات والقيم الأساسية للمجتمع وهو الامر الذي يتحقق من خلال الدخول في الحروب والانتصار بها من أجل ضمان عدم تهديد المجتمع وأمنه )).
ويعرفه ” هانز مرجانثو” (( بأنه يساهم في حماية الوحدة الوطنية للإقليم ومؤسساته )) ونلاحظ ان هذين التعريفين ركزا علي الشق العسكري اي حماية مقدرات وقيم المجتمع باستخدام القوة المسلحة فقط.
ويعرفه ” أرنولد وولفز “ (( عرفه موضوعيًا باعتباره يرتبط بغياب التهديدات ضد القيم الجوهرية والمكتسبة ، أما ذاتيًا الخوف من أن تتعرض تلك القيم والمقدرات للخطر أو التهديد )).
بينما عرفه ” باري بوزان “ (( قدرة الدولة ممثلًا في مجتمعاتها علي الحفاظ علي مقدراتها وكيانها المستقل وتماسكها الوظيفي الذي يخولها القيام بمهامها )).
ويعرفه ” روبرت مكنمارا “ (( بأنه ليس المعدات العسكرية وإن كان يتضمنه ولا الأنشطة العسكرية وإن يشملها ، وإنما يعني التنمية وبدون التنمية لن يتحقق الأمن حيث أنه إذا لم تتواجد التنمية حتي وإن كانت في أدني مستوياتها فلن يتحقق الأمن والاستقرار للمجتمعات )).
وعرفه ” أمين هويدي “ (( بأنه كافة الإجراءات التي تتخذها الدولة من أجل أن تحافظ علي كيانها وتؤمن إستمرار مصالحها القومية حاضرًا والتخطيط لاستمراريتها مستقبلًا)).
كما عرفه ” علي الدين هلال “ (( باعتباره تأمين كيان الدولة ضد المخاطر التي تحيط بها داخليًا وخارجيًا هذا وبالإضافة لسبل تأمين مصالحها وما يتطلبه ذلك من تهيئة الظروف اجتماعيًا واقتصاديًا وذلك من أجل تحقيق الرضا العام وتأمين الاستقرار للمجتمع )) ، وعليه يمكن تعريف الأمن القومي علي أنه (( مجموعة البرامج والسياسات بل والإجراءات التي تنتهجها الدولة من أجل تأمين مصالحها في الداخل والخارج وذلك بغية تحقيق الطموحات والأهداف وذلك من أجل مجتمع مستقر وآمن بعيدًا عن الاضطرابات والصراعات كما أنها تتضمن كذلك التدابير المتخذة من أجل الدفاع عن الدولة ضد أي مخاطر قد تتعرض لها بل والتصدي لها كذلك )).[13]
يُعتبر مفهوم الإرهاب من أكثر المفاهيم إثارة للجدل، فلا يوجد تعريف مُحدد مُتفق عليه بسبب الاختلاف الثقافي والأيديولوجي للفقهاء الدوليين، نظراً لطبيعة العلاقات الدولية واختلاف مصلحة كل دولة في تبنيها لتعريف معين للإرهاب، ومن هنا تتعدد تعريفات الإرهاب.
التعريف اللغوي للإرهاب:
الإرهاب في اللغة العربية مشتق من الفعل (رهب – يرهب، رهبة ورهبا ) ويأتي بمعني الرهبة والفزع، بينما في اللغة الإنجليزية يأتي بمعني العنف والتخويف لأغراض سياسية.
التعريف الاصطلاحي للإرهاب :- الإرهاب في الاصطلاح له أوصاف كثيرة ومختلفة ولكن كلمة الإرهاب تقترن بعمليات مثل القتل والتفجير والخطف وغيرها من أساليب العنف، لذلك مفهوم الإرهاب لا يوجد حوله اتفاق عام، سواء بين الباحثين في العلوم السياسية أو في الاستراتيجيات المعاصرة، ولكن يُعرفه ” قاموس اكسفورد “ على أنه (( مجموعه أعمال العنف الصادرة عن مجموعات سياسية لتحقيق أغراض وغايات سياسية وكلمة الإرهاب تشير إلى أي شخص يحاول أن يدعم آرائه بالإكراه أو التهديد أو الترويع )) ، بينما تُعرفه ” موسوعه لاروس “ على أنه (( أعمال العنف التي ترتكبها المنظمات لخلق جو من اللاأمن، و الإرهابي هو ذلك الشخص الذي يمارس العنف، ومحاوله لنشر الزعر والفزع لأغراض سياسية))
وكما ذكرنا أنه من الصعب إيجاد تعريف جامع للإرهاب بسبب أن مصطلح الإرهاب ليس مصطلح قانوني، بل يطغو عليه الطابع السياسي، لذلك اختلف تعريفه من باحث لآخر فيعرفه الدكتور ” أحمد رفعت “ على أنه (( استخدام طرق عنيفة كوسيلة، والهدف منها نشر الرعب للإجبار على اتخاذ موقف معين أو الامتناع عن موقف معين ))
بينما يعرفه الدكتور “أحمد جلال عز الدين “ على أنه (( عنف منظم ومتصل بقصد خلق حاله من التهديد العام الموجه لدولة أو لجماعة سياسية والذي ترتكبه جماعة منظمة بقصد تحقيق أهداف سياسية )) ، بينما يعرفه الفقيه الغربي “جيفانوفيتش “ على أنه مجموعة (( أعمال العنف التي من طبيعتها أن تثير لدى شخص ما الإحساس بالتهديد مما ينتج عنه الإحساس بالخوف من الخطر بأي صورة كانت ))، كما يعرفه الفقيه “جيلبرت جويلام “ (( كل سلوك يتميز بإحداث الرعب والهول والفزع الشديدين بما يفترضه من استعمال للعنف تحت شكل أو آخر يمس به بعض أصناف من الأفراد أو الأموال )) ويعرفه الفقيه والتر على أنه (( عملية رعب تتألف من ثلاث عناصر فعل العنف أو التهديد باستخدامه، والخوف الناتج عن ذلك)).
وفي هذا الصدد يجب التمييز بين الإرهاب وغيره من المفاهيم التي يتشابك معها خاصةً مفهوم المقاومة ، فتعريف المقاومة هو : (( عمليات القتال التي تقوم بها عناصر وطنية من غير أفراد القوات المسلحة النظامية دفاعاً عن المصالح الوطنية أو القومية ضد قوة أجنبية سواء كانت تلك العناصر تعمل في إطار تنظيم يخضع لإشراف وتوجيه سلطة قانونية أو واقعية أم كانت تعمل بناء على مبادراتها الخاصة سواء باشرت هذا النشاط فوق الإقليم الوطني أم من قواعد خارج هذا الإقليم )) وأيضاً عُرِفَت المقاومة على أنها قيام المقاتلين الساعين نحو الحرية بشن هجمات ضد المستعمر من أجل التحرير ونيل الحق في تقرير المصير في الأراضي الواقعة تحت السيطرة الاستعمارية، كما تتمثل في نشاط المقاومة المنظمة ضد الاحتلال الأجنبي غير المشروع .[14]
التعريف الاصطلاحي :
يعرف الحلف على إنه ” علاقة تعاقدية بين دولتين أو أكثر وبموجبه تتعهد الأطراف المعنية بالمساعدة في حالة حدوث حرب” ، وهو أيضاً ” معاهدة أو اتفاق رسمي بين دولتين أو أكثر ويلتزمون بتقديم الدعم السياسي والمساعدة العسكرية لحلفائهم من أجل تحقيق هدف عسكري ضد دولة معينة أو ضد مجموعة من الدول” ، وهناك ما يسمي بالحلف العسكري الدفاعي وهو ” معاهدة تُعقد بين دولتين أو أكثر من أجل صد عدوان يقع على أحد أطراف المعاهدة من دولة معينة أو غير معينة ” .[15]
وعَرَفَ بعض الفقهاء الحلف على إنه” علاقة تعاقدية بين أكثر من دولتين يتعهدون فيها بالمساعدة المتبادلة في حالة الحرب”، والجدير بالذكر أن هناك قاسم مشترك بين هذه التعريفات يتضح في وجود مصلحة مشتركه بين مجموعة من الدول مما يدفعها إلى ضرورة التعاون المشترك من الناحية العسكرية على وجه الخصوص، وهذا الدفاع يتم وفقاً لمعاهدة دولية يتم فيها تحديد التزامات كل دولة من خلال وجود مجموعة من الأجهزة الدائمة التي تختص بالإشراف على أعمال الدفاع الخاصة بالحلف، وبهدف منع الاعتداء الذي يمكن أن يقع لأي دوله منهم .[16]
ووفقاً لأحمد عطية يُعَرِف الأحلاف على أنها “معاهدات تحالف ذات طابع عسكري تبرم بين دولتين أو أكثر للتعاون في تنظيم دفاع مشترك بينهما “[17]
ومن خلال هذا الإطار المفاهيمي تتبنى هذه الدراسة مفهوم الحلف العسكري وفقاً لتعريف أحمد عطية وذلك لأنه؛ يقترب من القوة العربية المشتركة التي ستضم الدول العربية وفقاً لمعاهدة معينة ألا وهي معاهدة الدفاع العربي المشترك وبغرض عسكري ألا وهو الدفاع عن الدول الأطراف فيها . “[18]
ظهر هذا المصطلح في مقالة في مجلة سياسية خارجية للباحث الأكاديمي الأمريكي ” مارك لينش ” بعد اسبوع من انطلاق شرارة الاحتجاجات من تونس؛ وهكذا انتشر هذا المُسمى في الاعلام والسياسة ولدي المفكرين والأدباء.
ويعرفه بدران علي أنه “إن الربيع العربي لم يكن نتيجة تبشير أجنبي، ولا مؤامرات مخفية، ولا صناعة أوربية أو أمريكية او ايرانية او تركية، إنه من صناعة عربية، وقد جاء نتيجة للتفاعلات الداخلية الاقتصادية، والسياسية والانسانية، والأخلاقية الفردية، والاجتماعية، تمثلت بشعور المواطن العربي بغياب العدل أو المساواة وتدهور الخدمات التعليمية والصحية والبيئية ، وازدياد مساحة الفقر واتساع البطالة، وظهور ثروات غير اعتيادية لا تتناسب أبدًا مع مفردات الثروة الوطنية، وبطء النمو الاقتصادي، وزيادة التبعية للخارج في جوانب كثيرة ابتداء من الغذاء والدواء والكساء وانتهاء بالسياسة والدفاع “ .[19]
سوف يتم الاعتماد في هذه الدراسة علي منهج تحليل النظم لديڤيد إيستون؛ فهي نظرية تقوم علي تفاعل مختلف اجزاء ومستويات النظام السياسي مع بعضها البعض.
وينطلق هذا النموذج من مجموعة من الافتراضات الرئيسية علي النحو التالي:
-ان النظام السياسي هو وحدة التحليل الأساسية، وهو يتكون من عناصر تتداخل مع بعضها لبعض ، فالنظام السياسي محاط ببيئة معينة يتفاعل مع هذه البيئة بموجب ” قانون الفعل ورد الفعل” ، والتفاعل بينهما يصل إلي درجة من الإعتماد المتبادل ، فالتغير في البيئة يؤثر علي النظام؛ وكذلك أفعال النظام تؤثر علي البيئة.
-وأن الغاية الأساسية لأي نظام سياسي هي تحقيق الإستقرار والبقاء ، ومن ثم حينما يتعرض النظام السياسي لأي ضغط سواء من الداخل او الخارج؛ يحاول أن يتخذ تدابير ليجعل تلك الضغوط تتناسب مع مصالحه وأهدافه ليصل إلي درجة التكيف مع الضغوط المختلفة .
نموذج المدخلات والمخرجات لديڤيد إيستون
قام إيستون بتحليل ديناميكي للحياة السياسية تبدأ بالمدخلات وتنتهي بالمخرجات مع وجود عملية تغذية عكسية.
أولًا المدخلات : وتتمثل في ١- المطالب :- وهي مجموعة من الأهداف والرغبات الاجتماعية تستدعي الاهتمام وتحول الي قضايا سياسية ، ٢- الدعم :- أي تمويل أو مساندة ؛ وبدونهما يصعب علي المنظومة السياسية ان تواجه الضغوط الخارجية.
ثانيًا : عملية التحويل : وفيها يتم استيعاب مطالب البيئة داخل النظام وفرزها وتحويلها الي قرارات.
ثالثًا : المخرجات : أي مدي قدرة النظام علي التأثير في البيئة من خلال قرارات وسياسات مواجه المطالب، وقد تكون ايجابية بتلبية المطالب او سلبية بردع المطالب ، او رمزية كتقديم وعود أو بث مشاعر القلق والخوف من تهديدات داخلية او خارجية.
رابعًا: التغذية العكسية : وهنا يتم تفاعل المدخلات والمخرجات لتصحيح مسار النظام السياسي .[20]
ويمكن تطبيق المنهج علي هذه الدراسة من خلال افتراضاته الأساسية انطلاقاً من أن النظام السياسي العربي لا يحيا في فراغ فهو قائم علي التفاعل المتبادل بين الدول العربية ويهدف إلى الاستمرار والبقاء وحفظ الأمن القومي العربي، فالنظام العربي يتلقى من البيئة الداخلية للدول العربية والبيئة الخارجية مجموعة من الضغوط المختلفة مثل ثورات الربيع العربي وخطر الإرهاب والتدخل الخارجي والتخوف من إيران والمد الشيوعي في المنطقة العربية وانتشار الفوضى في عدد من الدول العربية، و بتطبيق ذلك علي نموذج المدخلات والمخرجات لديڤيد إيستون نجد أن الظروف التي سبقت إطلاق الرئيس السيسي لمبادرة القوة العربية المشتركة تعتبر هي المدخلات، وأن اقتراح الرئيس السيسي للقوة العربية المشتركة هي المخرجات، وتتمثل التغذية الاسترجاعية في ردود الفعل المتباينة حول هذا الاقتراح، ومن هذا المنطلق يُمكننا دراسة لماذا تم تأجيل التوقيع علي بروتوكول القوة العربية المشتركة رغم أهميته في حماية الأمن القومي العربي من خطر الإرهاب؟
هذه الدراسة تم تقسيمها لتأخذ الهيكل التالي: تنقسم الدراسة إلي ثلاث فصول رئيسية ويضم كل فصل عدد من المباحث
الفصل الأول :- أسباب قيام القوة العربية المشتركة عام ٢٠١٥م .
- المبحث الأول: تداعيات الربيع العربي كدافع لقيام قوة عربية مشتركة.
- المبحث الثاني: تصاعد الإرهاب كدافع لقيام قوة عربية مشتركة.
- المبحث الثالث: مبادرة الرئيس السيسي بتأسيس قوة عربية مشتركة.
الفصل الثاني: مضمون القوة العربية المشتركة.
- المبحث الأول: موافقة قمة شرم الشيخ على المبادرة المصرية .
- المبحث الثاني: آليات إعداد البروتوكول وتحليل نصه .
- المبحث الثالث: مواقف الدول العربية من التوقيع على برتوكول القوة.
الفصل الثالث: الموقف من القوة العربية المشتركة.
- المبحث الأول : أسباب تأجيل التوقيع علي بروتوكول القوة العربية المشتركة .
- المبحث الثاني : مآل القوة العربية المشتركة .
الفصل الأول : أسباب قيام القوة العربية المشتركة عام 2015
المبحث الأول: تداعيات الربيع العربي كدافع لقيام قوة عربية مشتركة
الاحتجاجات الشعبية 2011:-
إن الاحتجاجات الشعبية ٢٠١١ والتي أنطلقت أولي شرارتها من تونس ضد نظام الرئيس زين العابدين تشكل تحديًا للأمن العربي؛ وذلك لما كان يعاني منه الشعب من ظلم وفقر وبطالة وحكم ديكتاتوري، وهكذا جاءت مطالب الشعب التونسي بتحقيق العدالة الاجتماعية والإصلاح السياسي والحد من الفقر والبطالة، وأخذت الأمور تتطور من إنتقاضة الي ثورة تهدف الي إحداث تغيير جذري والإطاحة بالنظم الشمولية وتحقيق الديمقراطية، وامتدت رياح هذة الثورة بنفس المطالب والأهداف الي البلدان العربية كمصر وليبيا واليمن .. ، ولقد ساعد علي إنتقالها هكذا وجود عدة عوامل تكمن في أن اغلب الشعوب العربية كان يسود بها الإضطهاد و والمحسوبية وعدم الحرية في التعبير عن الآراء، والحقد والكراهية وتفكك في المجتمع، اضف الي ذلك ان وفرة الموارد بها لا توظف لخدمة الشعب ووجود تفاوت طبقي في المجتمع العربي، وهذا ما دفع الشعوب العربية بالإنتفاضة علي النظم الحاكمة المستبدة.[21]
ولأن العالم العربي كان قبل هذة الاحتجاجات يعاني من صراعات وحروب داخليه لأسباب طائفية ودينية وعرقية وغير ذلك من تفكك في داخل العالم العربي ، فعمقت الاحتجاجات من هذة المظاهر ، فكانت الفوضي وعدم الاستقرار هي الملمح الأبرز بعد هذة الإحتجاجات في الوطن العربي، حيث شهد الوطن العربي مجموعة من التداعيات والإضطرابات منذ ٢٠١١ ألقت بظلالها علي الأمن العربي حيث أضحت الجماعات المتطرفة والإرهاب حاضرة بقوة علي الساحة العربية وتهدد امنها مما دفع الي التفكير في مواجهته، لكن لابد في البداية الاشارة الي الظروف التي سادت في الوطن العربي بعد ٢٠١١ لكي نستطيع فهم كيف تطورت الامور الي تفاقم ارهابي وتشكيل قوة عربية مشتركة لمكافحته.
وفي هذا الصدد نستعرض تداعيات الربيع العربي علي الأمن العربي.
التفكك الداخلي في الدول العربية:-
لقد شهد الوطن منذ ٢٠١١ زعزعة التماسك المجتمعي وحالة من الفوضي في داخل الكثير من الدول العربية؛ حيث إنتشرت الحروب الأهلية في عدد من الدول العربية كليبيا وسوريا واليمن والعراق وتنوعت تلك الحروب ما بين أهليه وطائفية وقبلية والعنف كما في مصر وتونس وما إلي ذلك، وأصبحت الدول العربية بها تجزأ واستقطاب شديد مما أصبح من الصعوبة حل الصراعات وأنعكس علي بنية النظام العربي، وظهر ذلك في حالة الضعف التي عاشتها دول مثل العراق وسوريا واليمن، كما أن التجزئة تجعل الدول العربية عرضة للتدخل الخارجي والتفكك، ونتيجة لهذا التفكك الداخلي في الدول العربية بعد الثورة إرتفعت معدلات الهجرة غير الشرعية بين الدول العربية وبعضها البعض؛ وكذلك بين الدول العربية والدول الاوربية، فكانت تونس التي انطلقت منها الشرارة الاولي للإحتجاجات من اولي الدول التي وجد بها هجرة غير قانونية، وهكذا كانت الدول العربية غير مستقرة داخليًا.[22]
التدخل الخارجي:-
نتيجة لعدم الاستقرار والتفكك الداخلي في دول الثورات العربية، كان ذلك بمثابة فرصة لتدخل أطراف خارجية مما ساعد علي زيادة الإختراق الأمني وذلك نتيجة لعدة أسباب:-
1- أن الدول التي زاد بها حدة الصراع كسوريا وليبيا واليمن بدأ يتدفق لها دعم من قوي دولية وإقليمية أخري.
2- إن الشعوب العربية خرجت من الثورات في حالة من الضعف والتشتت، مما جعلها غير قادرة علي منع التدخل الخارجي، مثل سوريا نتيجة للضعف العربي حال ذلك دون التصدي لمواجهة التدخل الخارجي.
3- أن الخارج أصبح جزأ لا يتجزأ في صنع القرارت في الدول العربية وإن كان ذلك بشكل غير مباشر وبطرق مختلفة مثل (( التدخل العسكري الروسي والإيراني في سوريا ، مشاركة الرئيس الأمريكي أوباما في قمة ٢٠١٦..)).
هذة الأبعاد الثلاثة مجتمعة أدت إلي زيادة الاختراق الخارجي في الوطن العربي بعد ٢٠١١ مما يهدد الامن العربية، فالتدخل الخارجي في ليبيا تسبب في حرب أهلية وإختلال الأمن فيها؛ ومن ثم الفوضي التي سادت في الدول العربية ساعدت علي حضور الغرب بقوة في الوطن العربي.[23]
تفاقم الإرهاب:-
منذ ٢٠١١ ويشكل الإرهاب والتنظيمات المتطرفة الخطر الأكبر الذي يهدد النظام العربي ، وقد كان لذلك أثاره علي القضايا الأساسية علي الساحة العربية؛ حيث بدأت الدول العربية تنظر الي الارهاب وكيفية التصدي له والتفكير في تشكيل قوة عربية لمواجهته وتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية علي سبيل المثال ، هذا وبالإضافة الي أن الارهاب عمق من التدخل الخارجي للنظام العربي سواء علي المستوي الاقليمي والدولي، وهكذا كان الارهاب الخطر الاكبر الناتج عن الربيع العربي وسوف نستعرض ذلك في المبحث التالي.[24]
عرقلة تحقيق الديمقراطية والأمن العربي:-
ذكرنا سابقًا ان الاحتجاجات الشعبية ٢٠١١ كانت ضد الحكم الإستبدادي والقضاء علي العنف والفساد وتدهور الاوضاع التي سادت في الدول العربية ، ومن ثم هدف الثورة العربية هو إرساء الديمقراطية وجعل نظام الحكم يقوم علي الحرية والمشاركة الشعبية ، ولأن الدول العربية تم تأسيس مؤسساتها العامة والاحزاب بها علي اتباع المركزية فكان من الصعب علي صناع القرار ممارسة الديمقراطية في عملية صنع القرار ، ومن ثم صعوبة تطبيق الديموقراطية اثر علي الأمن المجتمعي العربي ، حيث ترتب علي ذلك ظهور العنف والتطرف وانتشار الفوضي ، وأثرت أيضًا علي كافة الجوانب الإقتصادية والاجتماعية مما أثر علي أمن الوطن العربي.[25]
بشكل عام كانت الظروف التي سادت الوطن العربي منذ ٢٠١١ في حالة عدم استقرار سواء من حيث التفكك الداخلي او الاختراق الخارجي وتفاقم الارهاب مما يهدد الامن العربي وهو ما نستعرضه في المبحث التالي.
المبحث الثاني: تصاعد الإرهاب كدافع لقيام قوة عربية مشتركة.
تفاقم الإرهاب بعد عام ٢٠١١م :-
كان لثورات الربيع العربي التي تم الإشارة إليها في المبحث السابق دور في تصاعد الإرهاب خاصةً في ظل عدم قدرة الدول العربية على إدارة المراحل الانتقالية، و وجود فراغ سياسي وأمني؛ مما ساعد ذلك على انتشار الجماعات الإرهابية المسلحة، والتي أعلنت عن نفسها من خلال قيامها بعمليات إرهابية، ويمكن الربط بين الربيع العربى وتفاقم الإرهاب من خلال انتشار حالات الانفلات الأمني بعد الثورات العربية، و خروج بعض المساجين أثناء هذه الثورات كان سبب في وجود الجهاديين وتكوينهم للتنظيمات الإرهابية، وبالتالي ساهم الربيع العربي في نشأة تنظيمات إرهابية جديدة إما لأسباب متعلقة بالواقع السياسي والاجتماعي، أو تراجع قوة الدولة وضعف المؤسسات الأمنية كما في مصر وتونس، بالإضافة إلى انتشار السلاح والفوضى وغياب القانون. [26]
ونتيجة لما سبق بدأت الجماعات المختلفة في تنظيم نفسها، وتم رصد ٧٦ تنظيمًا وحركة إرهابية من بينها ٣٢ تنظيمًا عربيًا، فضلاً عن وجود ما يقرب من ١٧٠٠ ميليشيا مسلحة في ليبيا فقط، مثل جماعة “أنصار بيت المقدس” ، “وكتيبة النصرة” ، و “التكفير والجهاد” في مصر، و “أنصار الشريعة” في اليمن، و “الدولة الإسلامية” في ليبيا ومصر، بالإضافة إلى الحوثيين، ويُمكن الإشارة إلى نوعين من الجماعات المسلحة التي ظهرت في ظل الربيع العربي ألا وهما الجماعات الدينية الموجودة في كل بلدان الربيع العربي، والميليشيات القبلية كما في ليبيا واليمن، وباختلاف هوية هذه الجماعات تختلف أسباب نشأتها مثل الادعاء بالدفاع عن العقيدة واتخاذها اسم الجهاد، أو بهدف التخلص من الأنظمة الحاكمة .[27]
امتداد التنظيمات الإرهابية داخل الدول العربية :-
أصبحت التنظيمات الإرهابية تكتسب طبيعة سياسية بهدف الوصول للسلطة والسيطرة على الدول، واستخدامها للدين كستار لأعمالها الإرهابية؛ حتى تحصل على شرعية داخلية، وأبرز مثال على ذلك هو تنظيم القاعدة الإرهابي الذي يمتلك عدد من الجماعات المحلية التي توجد داخل الدول العربية، والتي كانت قد أعلنت عن سيطرتها على بعض المناطق تحت ما يسمى بالإمارات الاسلامية، فكانت قد أعلنت جماعة أنصار الشريعة في اليمن سيطرتها على محافظة شبوة في مارس 2012، واعتبرتها أنها الولاية الإسلامية الثانية، بالإضافة إلى سيطرتها على زنجبار، وأيضًا في العراق أعلن تنظيم داعش عن سيطرته على مدينة الموصل في يونيو 2014، و حاولت جماعه أنصار بيت المقدس السيطرة على مدينة الشيخ زويد في شمال سيناء.[28]
وتعتبر المناطق الحدودية بين الدول العربية بيئة مناسبة لتغلغل التنظيمات الإرهابية بسبب تضاريسها الوعرة والتي تقوم بعض التنظيمات بإنشاء دويلات فيها مثل الحدود السورية العراقية المعروفة بدولة الخلافة، بينما نشأ تنظيم فجر ليبيا على الحدود الليبية التونسية وتمكن من السيطرة على طرابلس فضلا عن وجود جماعة الحوثيين على الحدود اليمنية السعودية، وأيضاً لم تسلم الحدود المصرية حيث يُمثل تنظيم داعش خطر على مدينة سيناء المصرية والخوف من إقامة إمارة تابعة لدولة الخلافة الإسلامية في سيناء .[29]
كما أن وجود حماس على قطاع غزه يهدد الأمن القومي المصري نظراً لأن سيناء أصبحت تمثل الملعب الأساسي لحماس، و وسيلة للإمداد والتدفق وتهريب الأموال والسلاح، وهذا يؤثر بالسلب على الأمن القومي المصري، خاصةً أن حركه حماس تعد أحد فروع حركة الإخوان المسلمين، وبالتالي يمكن أن تنتقل عدد من المخاطر في قطاع غزة إلى مصر من خلال انتقال الأفكار المتطرفة الخاصة بتنظيم القاعدة وداعش و جبهة النصرة، وغيرها من الجماعات المتطرفة فضلاً عن انتقال الأفراد ذوي الاتجاهات المتطرفة، وينتج عن ذلك القيام بعمليات إرهابية ضد قوات الجيش والشرطة في سيناء .[30]
العمليات الإرهابية وتهديد الأمن العربي :-
لكي تتمكن التنظيمات الإرهابية من تحقيق أهدافها تعمل على تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية والتي لا تقتصر فقط على استهداف رجال الأمن والمؤسسات الامنية، وإنما تتسع لتشمل المدنيين كما حدث في مصر حيث قامت جماعة إرهابية باغتيال النائب العام هشام بركات في 29 يونيو 2015، كما شهدت مصر عدد من العمليات التفجيرية مثل تفجير القنصلية الإيطالية في يوليو 2015 والهجوم على سفاره النيجر في يوليو 2015 وأيضاً تعرضت مصر لعدد من الحوادث الإرهابية وكان أبرزها حادث كرم القواديس في أكتوبر 2014 الذي حدث في سيناء، وأيضًا شهدت الدول العربية الأخرى مثل هذه الهجمات الإرهابية، فتونس تم بها مجزره في شاطئ مدينة سوسه في يونيو 2015، وكذلك الكويت استهدفت العمليات الإرهابية المساجد الخاصة بأبناء الطائفة الشيعية.[31]
وقد شهدت تونس عدد من العمليات الإرهابية والتي استهدفت في البداية المعارضة التونسية لإرهاب القوى السياسية، ثم استهدفت قوات الأمن والجيش، ومن ثم استهداف مرافق السياحة، ففي خلال عامي 2014 و 2015 والناتج عنها خسائر مادية وبشرية كبيرة، فخلال عام 2014 تم قتل 36 شخص من القوات الأمنية والعسكرية، وفي عام 2015 كان هناك عمليتين ارهابيتان واحده منهم تمت في متحف باردو والتي نتج عنها قتل عدد من السائحين، والعملية الأخرى في مدينة سوسه السياحية بتونس.[32]
كما شهدت العراق حاله من عدم الاستقرار خلال الفترة من عام 2011 حتى عام 2015؛ نظراً لوجود تنظيم داعش الذي استغل حالة الضعف الداخلي للعراق وما بها من حكومة ضعيفة وفساد وجيش منهار، واستفاد من الانقسام الطائفي والعرقي بها، فارتكب عدد من الهجمات في شمال شرق العراق ضد السكان الأكراد في أغسطس 2014 ، كما هاجم الإرهابيون بلدة سنجار التي كانت تحت السيطرة الكردية منذ أن هجر الجيش العراقي المنطقة في يونيو 2014، وإجبار عشرات المسيحيين العراقيين على الفرار من الموصل بعد تهديدهم بالإعدام، وتوغلوا في البلاد وتمركز التنظيم في غرب العراق وفي ضواحي بغداد حيث سيطر علي الأراضي العراقية وخاصة الموصل ، ثاني أكبر مدينة في العراق، بالإضافة إلى سد الموصل الاستراتيجي، وفي بداية عام 2014 سيطر التنظيم على الرمادي والفلوجة ، وتمكن من جمع أموال طائلة من خلال سيطرته على مناطق النفط، والبيع غير المشروع له وللغاز الطبيعي، ونفذ عدد من الأنشطة الإجرامية سواء داخل المدن أو خارجها، مثل نهب البنك المركزي العراقي.[33]
فضلاً عن اقتحام وزارة العدل، واقتحام السجون مثل سجني أبو غريب والحوت، والجدير بالذكر أن مجيء أبي بكر البغدادي ليتولى رئاسة الدولة الإسلامية في العراق والشام كان له عدد من التداعيات المتمثلة في القيام بعدد من العالم العمليات الإرهابية التي نتج عنها سقوط عدد من القتلى من رجال الشرطة والجيش وكذلك من المواطنين، مثل الهجوم على مسجد أم القرى في بغداد التي نتج عنها مقتل نائب في البرلمان . [34]
كما تعاني سوريا وبشده من وجود عدد من التنظيمات الإرهابية، وأبرزها هو تنظيم جبهة النصرة الذي نشأ مع المرحلة الأولى من الأزمة السورية في نهاية عام 2011، وأيضًا استهداف تنظيم داعش للجيش السوري الحر والذي تتهمه بالارتداد عن الدين الإسلامي، واتخذها ذلك كذريعة للقيام بعمليات ضده، فقد قامت معارك بين الطرفين بسبب محاولات داعش للسيطرة على المناطق النفطية بسوريا.[35]
كما أن ليبيا بعد الربيع العربي وإنهاء نظام القذافي في أكتوبر 2011 تَفَاقم فيها عدد من الأزمات وأبرزها هو صعود الإرهاب، وكان لذلك عواقبه التي تتمثل في وجود تهديدات إقليمية للدول المجاورة لليبيا خاصة التهديدات على الأمن الإقليمي المصري، فليبيا تشهد انخراط للجماعات الإسلامية في العمل السياسي، فضلاً عن وجود جماعات جهادية مختلفة مثل جماعة أنصار الشريعة وهي أقوى الجامعات الجهادية تسليحًا في ليبيا، وقيام هذه الجماعات بعدد من العمليات الإرهابية والتي لا تؤثر فقط على الداخل الليبي بل أيضاً على الحدود المصرية وكان أبرزها الهجوم الذي حدث على منطقة الفرافرة في عام 2014 والتي قتل فيها أكثر من 20 جندي مصري ومن قام بهذه العملية قد جاءوا من الأراضي الليبية، والجدير بالذكر هو الحادث الشهير الذي قام به تنظيم داعش من خلال بث فيديو يقوم فيه الإرهابيون بذبح 21 عاملاً مصرياً مسيحياً حيث أن الإرهابيون في ليبيا يستهدفون العمالة المصرية سواء لتجنيدهم أو لقتلهم، فضلاً عن عمليات تهريب السلاح المنتشرة في ليبيا لداخل الأراضي المصرية، وبالتالي ما يحدث في ليبيا ليس في معزل عن السياق الإقليمي، وهذا يوضح مدي تخوف النظم العربية من انتشار الإرهاب إلي داخل حدودها .[36]
ومما سبق يجب الإشارة إلى أن ظاهرة الإرهاب تتطلب تعاون ومواجهة شاملة على الصعيدين الوطني والدولي، فلا يوجد دولة تستطيع أن تحقق أمنها الإقليمي في مواجهة الإرهاب بمفردها لأن الدولة التي تُعاني من الإرهاب مباشرة ً على إقليمها تحتاج إلى التعاون مع غيرها من دول الجوار، فمصر تزايدت بها الكثير من المهددات الخاصة بالأمن القومي المصري في ظل التهديدات التي تُعاني منها المنطقة العربية وهذا دليل واضح على الارتباط بين الأمن القومي والأمن الإقليمي وهذا ما دفع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى العناية بالأمن الإقليمي والدعوة لقيام قوة عربية مشتركة لتحقيق مواجهة جماعية لكافة الأزمات التي تُعاني منها الدول العربية والتي تتطلب التعاون والتنسيق المشترك .
المبحث الثالث : مبادرة الرئيس السيسي بتأسيس قوة عربية مشتركة
جاءت المبادرة المصرية بتأسيس قوة عربية مشتركة كنتيجة لما تتعرض له الدول العربية من مخاطر داخلية وخارجية وأبرزها التهديدات الإرهابية لأمنها القومي والإقليمي كما تم الإشارة سابقاً خاصةً بعد ثورات الربيع العربي، واحتلال الإرهاب لمدينة الموصل في العراق، فمنذ ذلك الوقت أهتم أيضاً الأمين العام لجامعة الدول العربية بتفعيل معاهدة الدفاع المشترك لمواجهة خطر الإرهاب وصيانة الأمن القومي العربي، وفي هذا السياق كان قد طرح الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية فكرة إنشاء قوة عربية مشتركة في سبتمبر 2014 في حديث تلفزيوني على قناة “العربية” واعتبارها ضرورة ملحة في المنطقة العربية، خاصةً عقب قيام تنظيم داعش بقتل 21 من المصريين في ليبيا، فمنذ ذلك الوقت شدد الرئيس على ضرورة تشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة، موضحاً أن الجيش المصرى ليس لديه أي رغبة في غزو أو مهاجمة الدول الأخرى، بل يهدف إلى الدفاع عن مصر والمنطقة العربية، قائلاً “إذا اقتضت الضرورة وبالتنسيق مع أشقائنا العرب” . [37]
حيث أوضح الرئيس عبد الفتاح السيسي في عدد من التصريحات عن تصوره لهذه القوة وأهميتها كالتالي:
كان قد أشار الرئيس إلى ضرورة تشكيل هذه القوة العسكرية العربية نتيجة تزايد خطر الإرهاب الإسلامي بشكل يومي في المنطقة العربية حيث قال الرئيس السيسي :
” اتصل بي الأشقاء العرب، ومن بينهم ملك الأردن الذي عرض إرسال قوات لمجابهة هذا الخطر .. أريد أن أشكر اشقاءنا في السعودية والإمارات والكويت والبحرين فكلهم كان موقفهم هذا الموقف” [38]
وكان قد أكد الرئيس علي ضرورة التحرك الجماعي العربي المشترك وألّا يقتصر على الدور السعودي والمصري والإماراتي، وإنما يجب وجود تعاون عربي قوي لمواجهة المخاطر وفقاً لخطة أَمنية وسياسية وإجراءات موحده في المنطقة العربية لردع خطر الإرهاب وأي اخطار محتملة.[39]
وفي احد تصريحاته كان قد نفي الرئيس السيسي فكرة وجود تعارض بين دور القوة العربية المشتركة ودور التحالف الدولي ضد داعش في مكافحة الإرهاب مشيراً إلى أن مصر جزء من هذا التحالف، فصرح قائلا ً:
“مصر تخوض حربًا ضروسا ضد الإرهاب”
أيضاً ألقي الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطاب له أمام مؤتمر مؤسسة الفكر العربي الرابع عشر في القاهرة في ديسمبر ٢٠١٥ عدد من التصريحات، فصرح أن :
” القوة المشتركة أداة مهمه من أدوات التعامل العربي اللازمة للدفاع عن قضايا الأمة”
كما أشار الرئيس في تصريحاته في هذا المؤتمر إلى أن الواقع الذي تشهده المنطقة العربية يتضمن مجموعة من التحديات التي لا تعتبر مجرد مشاكل تواجهها الدول العربية بل تُمثل تهديداً وجوديًا مباشراً لكيانات هذه الدول وشعوبها، وهذا يستدعي أهمية العمل على تطوير النظام الإقليمي العربي في إطار منظم علي كافة الأصعدة الأمنية والعسكرية والاقتصادية .[40]
وأكد الرئيس كذلك على موضوع في غاية الأهمية وهو أن عملية دعم التكامل العربي على المستوى الدفاعي لا يُمثل تنازلا عن السيادة الوطنية لأي دولة بل يعطي أهمية كبرى للمصلحة القومية الجماعية في مرحلة تزداد فيها التهديدات على جميع الأقطار العربية، ومن ثم أكد الرئيس علي ضرورة تحديد مصادر هذه التهديدات على المستويين الوطني والقومي، وأيضًا ضرورة تحديد الأولويات في مواجهـة هـذه التهديدات فصرح قائلا ً :
” أن مصر والمملكة العربية السعودية الشقيقة تتخذ خطوات جادة في هذا الصدد ومن بينها إنشاء مجلس التنسيق المشترك بين البلدين والذي تتضمن أعماله موضوع القوة العربية المشتركة إلى جانب العديد من جوانب تعزيز العلاقات الأخوية الوثيقة بين البلدين”. [41]
وكان الرئيس يأمل أن يحصل علي تأييد مجموعة من الدول العربية لهذا الاقتراح، فكان قد أشار إلى أن السعودية والامارات والكويت من الممكن أن يقوموا بتأييد اقتراح تشكيل القوة، كما أكد أن العاهل الأردني عبد الله الثاني قد أعطى كذلك تأييده لهذا الاقتراح، ودعا الي ضرورة التحرك لتنفيذه لأن الدول العربية في حاجة كبيرة لمثل هذه القوة المشتركة. [42]
وانطلاقاً من هذه التصريحات التي أطلقها الرئيس السيسي حول تأسيس القوة العربية المشتركة يمكن فيما يلي عرض مختلف ردود الفعل حولها :
كان قد أكد نائب الأمين العام للجامعة العربية “أحمد بن حلي” أن هذا الاقتراح المصري الخاص بتشكيل قوة عربية مشتركة لحماية الأمن القومي العربي سيكون على جدول أعمال القمة العربية السادسة والعشرون، وأشار إلى أن الاقتراح المصري قائم علي عدة مرجعيات عربية أولها معاهدة الدفاع العربي المشترك، وميثاق الجامعة العربية، واتفاقية الرياض للتعاون القضائي إلى جانب الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، وأكد على أن الجامعة العربية تحتاج لمثل هذه القوات حتي يمتلك العرب قوة ردع وحفظ سلام وتقدم المساعدة لحل الأزمات خاصةً في ظل تصاعد ظاهرة الإرهاب في المنطقة العربية. [43]
كما أيد مجموعة من المحللون السياسيون والخبراء العسكريون مبادرة الرئيس السيسي لتأسيس قوة عسكرية عربية موحدة لمواجهة الإرهاب واعتبروها ضرورة مُلحه نتيجة لما تشهده المنطقة العربية من تهديدات :
كان قد أيد السفير عزمي خليفة، المستشار الأكاديمي للمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، الاقتراح المصري لتشكيل قوة ردع عسكرية عربية موحدة، وأنه يجب أن يتم وفقاً للتخصص والميزة النسبية لكل دولة، مثل التعداد العسكري أو القدرات المالية، مثل ما تتمتع به مصر من ميزة تتمثل في تعداد القوة العسكرية، وكذلك ما به تتميز دول الخليج كالسعودية والإمارات بقوة تسليح وأدوات عسكرية متطورة، ومن ثم سيساعد ذلك في تشكيل قوة عسكرية تتصف بالتكامل للتدخل السريع في أوقات الأزمات، ولتتمكن القوة من تحقيق ذلك أكد على أهمية توفير تدريبات مشتركة للقوات، وأشار إلى أن هذه القوة العسكرية تكتسب شرعيتها من ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك من اتفاقية الدفاع المشترك للجامعة العربية، وأشار إلى أن مصر ستتولى قيادة هذه القوة نظراً لما تتعرض له مصر من خطر الإرهاب الذي بدوره سينعكس على أمن دول الخليج . [44]
وأيضاً اتفق في ذلك اللواء محمد سلمان، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، وله رأي مشابه للسفير عزمي والرئيس عبدالفتاح السيسي، حول أن ظروف المنطقة العربية تتطلب تشكيل هذه القوة ؛ لحماية مصر والمنطقة من التهديدات المحيطة بهما، وتشكيلها عبر الجامعة العربية وبطلب من الحكومة الشرعية الليبية؛ بهدف التدخل فيها للقضاء على الجماعات الإرهابية، مُشيراً إلى أن القانون الدولي يسمح للدول بتشكيل كيانات عسكرية موحدة لحماية الأمن القومي، ورأي أيضاً أن منطقة الخليج ستضطر لدعم تلك القوة العسكرية؛ بسبب الخطر الإرهابي في مصر الذي سيؤثر على أمنها، بالإضافة إلى التهديدات الإيرانية لمنطقة الخليج حول غلق مضيق هرمز، والخطر الأكبر المتمثل في وجود الحوثيين في اليمن.[45]
ومن جهة أخرى أيضا أيد الدكتور سعيد اللاوندى، الخبير بالشئون الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، اقتراح تشكيل قوة عربية مشتركة وقال أنها من الممكن أن تضم 5 دول عربية وهى: مصر، والإمارات، والسعودية، والأردن، والكويت؛ نظراً لتقارب الرؤى بين تلك الدول في حربها على الارهاب، وكذلك اللواء نبيل فؤاد، مساعد وزير الدفاع الأسبق، أشار إلى أن طرح هذه القوة الموحدة لم يكن من فراغ، بل أتي نتيجة التهديدات التي تشهدها الدولة العربية نتيجة ازدياد القوة العسكرية للجماعات المسلحة كما في العراق واليمن وسوريا وليبيا، وأكد أن فكرة تأسيس تحالف عربي ليست جديدة، فقد تم تشكيل تحالف عربي من قبل كما حدث خلال الاجتياح العراقي للكويت، والذى تم تحت إشراف الجامعة العربية . [46]
ومما سبق يجب التطرق إلى الوضع القانوني لقيام مثل هذه القوة كالتالي:
الأساس القانوني لتأسيس القوة العربية المشتركة :
- سيتم إنشاء هذه القوة وفقاً لميثاق جامعة الدول العربية؛ بهدف إنشاء قوات سريعة التدخل لحفظ السلم والأمن في المنطقة العربية، فهي تعتبر تفعيلاً لمعاهدة الدفاع العربي المشترك التي تم توقيعها عام 1950.
- يعتمد قيام هذه القوة علي مراجعة التجارب السابقة حول تشكيل قوات عربية خاصةً تجربة الدفاع العربي المشترك وقيادة الأركان المشتركة وأسباب توقف عملها .
- والعمل على هذه القوة انطلاقاً من تقييم الاتفاقيات العربية المتعلقة بمكافحة التنظيمات الإرهابية .
- اكتساب هذه القوة شرعية دولية انطلاقاً من ميثاق الأمم المتحدة الذي أجاز إنشاء التنظيمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية بشرط إخطار مجلس الأمن بأي إجراءات عسكرية . [47]
الفصل الثاني:- مضمون القوة العربية المشتركة
المبحث الأول: موافقة قمة شرم الشيخ علي المبادرة المصرية
استعرضنا في الفصل السابق الأسباب التي دفعت إلي تأسيس قوة عربية مشتركة؛ بدايةً من تداعيات الربيع العربي مروراً بتفاقم الإرهاب وما آل إليه من زعزعة استقرار الأمن العربي وصولاً إلي تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي للمبادرة بتأسيس قوة عربية مشتركة، وفي هذا المبحث سيتم استعراض الخطوات التي تم اتخاذها لتأسيس هذه القوة بدايةً من الاجتماع الوزاري حتي موافقة قمة شرم الشيخ علي هذه المبادرة .
اجتماع وزراء الخارجية العرب:-
اجتمع وزراء الخارجية في مارس ٢٠١٥؛ ليمهدوا لمؤتمر القمة العربي الذي ينعقد في شرم الشيخ في الدورة ال ٢٦ له، وقد تمت الإشارة في هذا الاجتماع الي اهمية تشكيل قوة عربية مشتركة.
وأكد ” نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية ” علي ضرورة ان يعهد لهذه القوة بعدة مهام كالمساعدة في عمليات حفظ السلام، والتصدي للإرهاب ومكافحة الانشطة الارهابية علي وجه السرعة، وتقديم مساعدات إنسانية، كما عليها أن تؤمن انتقال المعلومات بين الدول العربية وبعضها البعض لإرساء الامن والاستقرار في الوطن العربي، كما اكد ان هذا القرار لابد وان يتفق مع ” ميثاق الجامعة والمعاهدات والاتفاقيات والقرارات العربية، بما يتسق أيضًا مع احكام ومبادئ ميثاق الامم المتحدة وقرارتها ذات الصلة وقواعد القانون الدولي”. كما اشار الي ان هذا القرار لابد وان يكون نابع من “المسؤولية الجماعية التي تحملها الدول والشعوب ازاء ما يواجهنا من تحديات خطيرة تتطلب ان نأخذ بأيدينا مسؤولية صيانة الامن القومي العربي “، وان يكون موضح في القرار الحالات التي تحتاج استخدام هذه القوة العربية وتكون بناء علي موافقة الدولة التي يكون امنها معرضًا للخطر؛ وذلك بهدف الحفاظ علي سيادة الدول الأعضاء.
وتحدث وزير الخارجية المصري ” سامح شكري ” مؤكدًا ان انشاء هذه القوة العسكرية العربية المشتركة من شأنه أن يوضح مدي قدرة العرب بما يتوفر لديهم من إمكانيات ذاتية تؤكد قدرتهم علي الحفاظ علي أمنهم القومي ، وأضاف ان الوطن العربي رغم ما لديهم من فرص الا أنه يشهد العديد من التحديات؛ فيقول
“ونأمل أن تتخذ قمتنا هذا القرار المناسب في سبيل تفعيل المبادرة ….. وكلي رجاء أن تكون هذه القمة العربية بمثابة بداية لمرحلة جديدة من تاريخ أمتنا العربية يحفها الأمل في مستقبل أفضل يكون مبعث فخر واعتزاز للأجيال المقبلة”. [48]
وقد أنتهي اجتماع مجلس الوزراء علي أن الدول العربية امام تحديات لم تشهدها قط من قبل مما يتطلب تكاتف الدول العربية وتحركها سريعًا لمواجهتها، وهكذا قد اتخذ الاجتماع مشروع قرار لتشكيل قوة عربية مشتركة وينص علي ” أن هذه القوة تنفذ مهمات التدخل العسكري السريع ومواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة أي من الدول الأعضاء”.
وكما ذكرنا سابقًا ان الاجتماع كان تمهيدًا للقمة العربية وفيما يلي نوضح ما تم في القمة العربية العادية السادسة والعشرون.
القمة العربية:-
أثناء فعاليات اليوم الأول الموافق 27/3/2015 استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي رؤساء وملوك الدول العربية، ثم بدأ في فعاليات اليوم الثاني الموافق 28/3/2015، بدأ الرئيس يلقي كلمته في افتتاح المؤتمر، ومفاد هذه الكلمة ؛ وفيها ينوه ان الوطن العربي امام مرحلة خطيرة لم يشهد مثلها من قبل؛ لما لها من عواقب وخيمة علي الحاضر وعلي الأجيال المستقبلية، فالقمة تقوم بشكل اساسي تحت عنوان ” التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي ” وهذا يدل علي أن الأمن يواجه أزمة تستدعي التكاتف والتصدي لها.
ثم بدأ الرئيس يوضح ما عانت منه الأمة العربية منذ ان تم إنشاء الجامعة العربية، كالكفاح من أجل التحرر من الاستعمار وما مرت به من حروب وأزمات اقتصادية سواء علي الصعيد الداخلي او الخارجي، ورغم تلك المعاناة إلا أن ما تمر به الآن لم تمر به قط سابقًا، أنه خطر من شأنه تفكيك الروابط بين الدول شعوبها ويفكك المجتمعات من داخلها ويفرق وحدة مواطنيها، والتفرقة بينهم علي اساس العرق والدين والطائفة وما إلي ذلك، ويمحو تراثها التاريخي الحافل بالاستقرار وصهر الأمم العربية في بوتقه واحدة، فهو يهدف إلي إضعاف الأمة العربية وجعلها في حالة من التشرذم، هذا التحدي لإستقرار الأمة بهويتها ومجتمعاتها يزعزع الأمن العربي ألا وهو خطر الإرهاب والترويع، فهو بمثابة أداة لإرساء فكر متطرف وتحقيق أهداف سياسية من شأنها ان تهدد كيان الدول العربية، ويعدد الرئيس أمثلة لما قام به هؤلاء من
“إعلان الحرب علي الشعوب حتي تذعن لسلطانهم الجائر … وكما رأينا أيضًا كيف اشتدت شراسة الإرهاب في حربه التي يشنها علي الآمنين “ وذلك بهدف خلق مناخ من الرعب والفزع يحقق فيه هؤلاء أهدافهم.
ويؤكد الرئيس أنه ينبغي الوقوف امام التحديات التي تواجه مجتمعنا اقتصاديًا واجتماعيًا ؛ كمعالجة أزمة البطالة والأمية والفقر ، لأن عدم مواجهتها سيجعلها بمثابة تحدي يواجه الأمن القومي العربي، ويتيح الفرصة للأطراف الخارجية التي تسعي جاهدة لاستغلال ما يمر به الوطن العربي من ظروف وتتدخل في شئونها وتأخذ مواردها وتستهدف شعوبها ، ومن ثم لابد من المواجهة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية والإرهاب للحيلولة دون عرقلة تقدم امتنا العربية.
ومواجهة هذه التحديات تتطلب المسؤولية الجماعية وآلية فعالة للحفاظ علي الهوية العربية وتحقيق الأمن العربي وتكون بمثابة درع للوطن العربي ، فيري ان التعامل مع هذه المخاطر يستلزم ” تأسيس قوة عربية مشتركة” حيث يقول الرئيس عبد الفتاح السيسي :
” نحتاج إلى التفكير بعمق وبثقة في النفس.. في كيفية الاستعداد للتعامل مع تلك المستجدات من خلال تأسيس “قوة عربية مشتركة”.. دونما انتقاصٍ من سيادةِ أي من الدولِ العربيةِ واستقلالِها.. وبما يتّسِقُ وأحكامِ ميثاقي الأممِ المتحدةِ وجامعةِ الدول العربيةِ.. وفي إطارٍ من الاحترامِ الكاملِ لقواعدِ القانونِ الدولي … ودون أدنى تدخل في الشئون الداخلية لأي طرف.. فبنفسِ قدرِ رفضِنا لأي تدخلٍ في شئونِنا.. لا نسعى للافتئاتِ على حقِ أيةِ دولةٍ في تقريرِ مستقبلِها وفقَ الإرادةِ الحرةِ لشعبِها.
وفي هذا الإطار.. ترحب مصر بمشروع القرار الذي اعتمده وزراء الخارجية العرب وتم رفعه للقمة بشأن إنشاء قوة عربية مشتركة.. لتكون أداة لمواجهة التحديات التي تهدد الأمن القومي العربي”
وأكد الرئيس أن الدول العربية لديها امكانيات لتأسيس هذه القوة لما لها من أهمية في الحفاظ علي الهوية العربية والأمن الإقليمي العربي لإننا ليس امام إرهاب تقليدي وانما أمام إرهاب يستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحقيق ما يريده ألا وهو الترهيب ونشر الفكر المتطرف ومن ثم القوة العربية المشتركة من شأنها أن تكافح هذا الخطر الجسيم .[49]
البيان الختامي للقمة:-
وفي ختام القمة العربية انتهي علي اقتراح تشكيل قوة عربية مشتركة علي النحو التالي : أن توحد الدولة العربية جهودها وتتضامن لاتخاذ الاجراءات الدفاعية والوقائية اللازمة للحفاظ علي الامن القومي العربي والتصدي لكافة التحديات ولا سيما الإرهاب، وتؤكد الدول العربية انها سوف تحافظ علي الخيارات المتاحة لديها وتتخذ ما بوسعها من إجراءات لازمة لإنشاء القوة العربية المشتركة لحماية الامن العربي في الحاضر والمستقبل وذلك وفقًا لميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع المشترك، وهذا يستدعي التشاور فيما بينهم لينفذوا القرار الصادر عن هذه القمة الا وهو تأسيس تلك القوة وذلك من خلال آليات الجامعة .[50]
وجاءت قرارات القمة التي أعلن عنها الأمين العام لجامعة الدول العربية والرئيس السيسي في الجلسة الختامية؛ تتضمن عدد من المجالات لكنها تركز بالأساسي علي الأمن الإقليمي علي النحو التالي :-
1-لابد من التصدي للخطر الذي يمس سيادة وهوية وأمن الدول العربية من خلال تنسيق مبادرات عربية مشتركة.
2- أن يكون هناك المزيد من العلاقات الثنائية بين الدول العربية.
3- تحقيق العدالة الاجتماعية والنهوض بالتعليم وحقوق الإنسان والمرأة، وتحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية، وإحداث رقي في حياة المواطنين العرب .
4- توعية المجتمع الدولي بأهمية المساعدة في مكافحة الإرهاب.
5- لابد من التنسيق العسكري والتعاون، وزيادة التبادل للمعلومات بين الدول العربية، حتي تستطيع التضامن وبناء نهج متكامل للتعامل مع الإرهاب.
6- السعي للتعرف علي الجماعات الإرهابية وأيدولوجياتهم، والرفض التام لأي انتماء تدعيه تلك الجماعات للإسلام.
7- أن توضح المؤسسات الإسلامية الخطاب الإسلامي؛ لتؤكد علي التسامح والرحمة، وحتي لا تؤثر الجماعات المتطرفة علي الشباب أو الفئات الضعيفة من السكان.
8- أن تقوم وسائل الإعلام والمؤسسات الأكاديمية بالحث علي قيم المواطنة والانتماء .[51]
وهكذا تكون وافقت قمة شرم الشيخ علي تأسيس قوة عربية مشتركة .
المبحث الثاني: آليات إعداد البروتوكول وتحليل نصه
بعد أن أقرت القمة العربية السادسة والعشرون موافقتها لتشكيل القوة العربية المشتركة، تم أخذ أولي الخطوات الفعلية تنفيذاً لقرار مجلس الجامعة على مستوى القمة رقم ٦٢٨ بتاريخ ٢٩ / ٣ / ٢٠١٥ بإنشاء قوة عربية مشتركة لحفظ الأمن القومي العربي، وهذا ما أطلق عليه الأمين العام للجامعة العربية “تطورًا تاريخيًا” وتعبيرا عن إرادة جماعية، ومن ثم سادت توقعات حول مهمتها مثل مهمة التدخل العسكري السريع وغيرها من المهام الأخري لمواجهة تحديات أي دولة من الدول الأعضاء والتي من شأنها أن تمثل خطرًا مباشرًا للأمن القومي العربي، والجدير بالذكر أنه في البداية قبل وضع البرتوكول كانت التفاصيل حول القوة غامضة ، وكان هناك توقع أن القوة قد تصل إلى 40 ألف جندي (35 ألفًا من القوات البرية ، و 5000 من القوات البحرية ، و 500 إلى ألف من القوات الجوية)، وأن يكون مقرها في مصر ويقودها جنرال سعودي، وكان هناك افتراض أن يكون لها هيكل قيادة متكامل ودائم يشبه هيكل الناتو، بالإضافة إلى عناصر قتالية محددة مثل الناتو، وكان هناك افتراض أنه سيتم تغطية تكاليف القوات من قبل الدول الأعضاء المعنية ، وأن تمول دول مجلس التعاون الخليجي هيكل القيادة، وكان هناك افتراضات حول هيكل القيادة وانه سيتكون من أربعة مستويات ، اثنان منها دائمين وهما (مجلس الدفاع الأعلى و مجلس رؤساء الأركان) ، ويمكن للدول الأعضاء أن تطلب المساعدة منها من خلال تقديم طلب إلى جامعة الدول العربية، وإذا كانت الدولة غير قادرة على تقديم هذا الطلب ، يمكن للأمين العام تقديمه نيابةً عنها، وفي النهاية من أجل حسم هذه الأمور، تم وضع بروتوكول القوة.[52]
حيث تم إعداد فريق تحت إشراف رؤساء أركان القوات المسلحة للدول التي تريد المشاركة؛ من أجل دراسة هذا الاقتراح من جوانب مختلفة تتضمن جميع الخطوات التنفيذية وآليات العمل والمهام المخولة لها القيام بها، ومن ثم تم عقد الاجتماع الأول لرؤساء أركان ١٦ جيشاً عربياً في القاهرة في يوم ٢٢ أبريل ٢٠١٥ وانتهي هذا الاجتماع بتشكيل فريق رفيع المستوى تحت إشراف رؤساء الأركان للدول الأعضاء لوضع الأمور المتعلقة بتشكيل القوة ومهامها والإطار القانوني اللازم لعملها والموازنة الخاصة بها، ومن ثم تم عقد الاجتماع الثاني لرؤساء أركان الدول العربية في يومي ٢٣ و ٢٤ مايو ٢٠١٥ والذي تم فيه وضع برتوكول إنشاء القوة العربية المشتركة، مع الأخذ في الاعتبار أن جميع الدول العربية كانت قد شاركت في ذلك الاجتماع باستثناء سوريا، بالإضافة إلى أن خمس دول عربية شاركت بتمثيل منخفض، وكان قد تم الإشارة إلى أن الانضمام لهذه القوة سيكون أمر اختياري وفقاً لما ذكرته القمة العربية.[53]
وفيما يلي سيتم إلقاء الضوء على موضوع القوة بدءاً من تحديد الهدف منها والمهام المُكَلَفَة بها وتشكيلها وتمويلها وصولاً إلى أجهزة صنع القرار بها انطلاقاً من نص البرتوكول المكون من اثني عشر مادة .
أولاً الهدف منها:
وفقاً لما نص عليه البرتوكول في المادة الثانية منه يتحدد هدفها في مواجهة مختلف التهديدات والتحديات التي تواجه الدول العربية ومنها التهديدات الإرهابية لأي من الدول الأطراف التي تمثل تهديداً للأمن القومي العربي بشكل عام وللدول الأطراف بشكل خاص، وذلك عن طريق التدخل السريع، وفي هذا السياق أكد البروتوكول أن مشاركة الدول تتم بشكل اختياري وليس إجباراً لأى من أطرافها.[54]
وانطلاقا مما نص عليه البروتوكول فيما يتعلق بهدف القوه ترى الباحثتان أن هذا الهدف جاء متسقاً مع ما دعا اليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من قبل في دعوته المستمرة لمواجهة الخطر المشترك ألا وهو الإرهاب.
ثانياً المهام:
تضمن البرتوكول في المادة الثالثة منه أبرز مهام القوة والتي تتمثل في التدخل العسكري السريع للتصدي لكافة التحديات التي تمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي، بالإضافة إلي أنها مُكَلفة بحفظ السلم والأمن في الدول الأطراف ومساعدتها علي تجهيز قدراتها العسكرية والأمنية في حالة قيام أي نزاع مسلح ، والعمل على وقف إطلاق النار، ولا تقتصر مهام هذه القوة على العمليات العسكرية فقط بل تكتسب بعد إنساني من خلال المشاركة في عمليات الإغاثة وتقديم المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في حالات الطوارئ وكذلك في حالات وجود كوارث طبيعية من خلال عمليات البحث والإنقاذ، وصولاً إلى دورها في حماية وتأمين خطوط المواصلات المختلفة سواء البحرية والبرية والجوية بهدف التصدي لأعمال القرصنة والإرهاب، ولا يقف دور القوة على هذه المهام فقط بل يمكن إضافة أي مهام أخرى يقررها مجلس الدفاع المشترك.[55]
وانطلاقا من هذه المهام يري بعض الخبراء العسكريين أنه كان من الأفضل أن تقتصر مهام القوة العربية المشتركة على مهمة التدخل السريع لمواجهة التهديدات المباشرة للأمن القومي العربي خاصةً التهديدات الإرهابية، بينما باقي المهام التي نص عليها البروتوكول من الممكن أن تقوم بها الدول الاطراف باعتبار أن هذه المهام لا تتطلب أي مساعدات خارجية حيث يمكن للدولة الطرف أن تقوم بهذه المهام بشكل منفرد؛ لأنه في حالة قيام القوة المشتركة بمهام مثل تقديم المساعدات الإنسانية في حالات الطوارئ والقيام بعمليات البحث والإنقاذ سوف يصعب عليها القيام بها نتيجة اختلاف الطبيعة الديموغرافية لكل دولة وبالتالي من الصعب على القوة أن تتعامل مع مثل هذه المهام. [56]
وترى الباحثتان أن ما نص عليه البروتوكول فيما يتعلق بإضافة أي مهام أخرى يُقررها مجلس الدفاع هذا قد ينتج عنه تضارب في الآراء، ومن الممكن أن تعترض أحد الدول العربية علي مهمة ما أقرها مجلس الدفاع بحجة أن البرتوكول لم ينص عليه وتكون ذريعة لنشوب الخلافات بين الدول الأطراف.
ثالثاً أجهزة صنع القرار داخل القوة:
تضم القوة العسكرية أجهزه مختلفة لصنع و اتخاذ القرار بداخلها، لأن العمل العسكري الذي ستقوم به يحتاج إلى قرار سياسي يتضمن هدف ومهام هذه القوة؛ لأنها تنتمي لأكثر من دوله وبالتالي هذا يتطلب وجود جهاز يتخذ قرار سياسي وعسكري يجمع بين مصالح وسياسات الدول الأطراف، وهذا ما نص عليه البروتوكول الذي حدد مجموعه من الأجهزة لصنع القرار الا وهي : مجلس الدفاع، ومجلس رؤساء الاركان، وهيئه التخطيط المشترك، والقيادة الميدانية، وفيما يلي سنتعرف على هذه الأجهزة والادوار المختلفة التي ستقوم بها.[57]
- مجلس الدفاع
نص البروتوكول على أن مجلس الدفاع سيتكون من وزراء دفاع وخارجية الدول الأطراف، ويجتمع في مقر الأمانة العامة أو أي دولة طرف، ورئاسته تتم بالتناوب بين الدول الأطراف وفقاً للترتيب الهجائي للدول ولمده عام، ويتضمن مجموعة من الاختصاصات المتمثلة في القيام بجميع الشؤون السياسية والعسكرية الخاصة بتنفيذ البروتوكول، إلى جانب وضع الأسس والمبادئ العامة التي تنظم التعاون العسكري بين الدول، وقيامه بمتابعة مهام مجلس رؤساء الأركان، وإقراره لموازنة التكاليف المطلوبة في كل مهمة ويحدد المجلس نسبة مساهمة الدول في هذه الموازن، وينعقد المجلس مرة كل عام في شهر نوفمبر وبصورة دورية، وهذا الانعقاد يتم بدعوة من الأمين العام كما نصت المادة التاسعة من البروتوكول. [58]
- مجلس رؤساء الأركان
يتكون هذا المجلس من رؤساء أركان الدول الأطراف وفريق من الخبراء في مختلف التخصصات، ويتضمن المجلس عدة اختصاصات متمثلة في تقدير الموقف السياسي العسكري لكل مهمة، وتنظيم القوات، وتحديد الحد الأدنى للقوات المشاركة من كل دولة وفقاً لإمكانياتها، ويقر المجلس مجموعة من الإجراءات لرفع الكفاءة القتالية للقوات وفقاً لأحدث الأساليب العسكرية، وإعداد الخطط العسكرية التي يَقرّها مجلس الدفاع لمواجهة التهديدات الخاصة بأي من الدول الأطراف.[59]
ج- هيئة التخطيط المشترك
نص البروتوكول على أن هيئة التخطيط المشترك يتم تشكيلها من كل الدول الأطراف، ويُعيِن مجلس رؤساء الأركان رئيساً لها لمدة عامين وبالتناوب بين الدول الأطراف، وتتولى عدد من المهام المتمثلة في عملية الإشراف على تخطيط وتنفيذ تدريبات القوات، إلى جانب رفع تقارير دورية إلى مجلس رؤساء الأركان عن مدى استعداد القوات واحتياجاتها، والتخطيط للمهمات المكلفة بها ومتابعة تنفيذها، وحدد البروتوكول مقر الهيئة في دولة المقر للجامعة .[60]
ومما سبق يري البعض أن أجهزة صنع القرار التي نص عليها البروتوكول تتشابه بشكل كبير مع ما جاء في معاهدة الدفاع المشترك، فمثلاً مجلس الدفاع هو بديل لمجلس الدفاع المشترك، وكذلك مجلس رؤساء الاركان بديل للهيئة الاستشارية العسكرية، وتعتبر هيئة التخطيط المشترك بديلة للجنة العسكرية الدائمة، ولكن تُعتبر أجهزة صنع القرار هذه تطويراً لما جاءت به معاهدة الدفاع المشترك .[61]
د- القيادة الميدانية للقوة
نص البروتوكول على أن القوة يجب أن تتألف من قيادة ميدانية يتم تعيينها بواسطة الدولة التي سيتم تنفيذ المهمة على أرضها، ووضع البروتوكول مجموعة من الاختصاصات للقائد الميداني وتتمثل في تنفيذ إجراءات تنظيم المهمة المكلف بها، واتخاذ القرارات اللازمة لتنفيذها تحت إشراف هيئة التخطيط ويقوم القائد بإدارة الأعمال القتالية للقوات، ورفع تقارير بنتائج تنفيذ المهمة إلى مجلس رؤساء الأركان، ومن هنا يرى البعض أن نص البروتوكول جعل العلاقة بين القائد الميداني والقوات تبدأ بعد بدء الأزمة ولكن من الأفضل أن يقوم القائد الميداني للقوة العربية المشتركة بالإشراف على إعداد القوة قبل حدوث الأزمة للتأكد من مدي استعدادها لتنفيذ المهمة.[62]
رابعاً تشكيل القوة:
اقترح البروتوكول في المادة الثامنة منه أن تشكيل القوه يأتي من خلال مساهمة كل دولة بعناصر عسكرية وبحرية وجوية وإدارية وطبية وفقاً لإمكانيات كل دولة بشرط عدم الإخلال بمهام قواتها المسلحة، وقد ترك البروتوكول لمجلس رؤساء الأركان مهمة تحديد حجم ونوع العناصر المشاركة بناءً على دراسة للتحديات والتهديدات الخاصة بالأمن القومي العربي، ومن ثم تقوم كل دولة طرف بإبلاغ الأمين العام للجامعة العربية بمساهمتها في تشكيل القوه ويتم إدراج هذه المساهمة في ملحق خاص بالبروتوكول وهو جزء لا يتجزأ من البرتوكول .[63]
و يتضح مما سبق أن البرتوكول قد اكتفى ببقاء العناصر المساهمة في بلدانها في ظل الأحوال العادية، وأن تكون جاهزة فقط في حالة اتخاذ القرار، وهذا سينعكس بدوره على القوة مما سيجعل مساهمتها قد تأتى مُتأخرة، ويجب أن يتم إمداد القوة قبل الاستعداد لأي عملية بما تتطلب من إمدادات مثل حصولها على وسائل للنقل سواء بحراً أو جواً، فهناك من يرى أنه من الأفضل أن يتم تشكيل جهاز لإدارة النقل الاستراتيجي للقوة، وفي هذا الإطار كان هناك عدة مقترحات فيما يتعلق بتشكيل القوة فهناك من يرى ضرورة وجود عناصر قيادة وفرق مدعمة بدفاع جوى وبحرى في المشرق والمغرب العربي، إلى جانب وجود كتيبة تضم قوات عمليات خاصة وعناصر تقوم بتوفير إمدادات وخدمات مختلفة للقوة، وتشكيل مجموعات بحرية في البحر الأحمر وأخرى في البحر المتوسط لمكافحة القرصنة وحماية المواصلات البحرية للدول الاطراف، مروراً بوجود خطه تعمل القوة في إطارها ويُصَدّق عليها قائد القوة .[64]
خامساً تمويلها :
يشير البروتوكول في المادة العاشرة منه إلى أن تمويل القوة سيتم من خلال قيام كل دولة طرف بتمويل عناصرها المخصصة للقوه تمويلاً ذاتياً، ومن جهة أخرى في حالة الاستعانة بالقوة في مهمة ما يقوم مجلس الدفاع بإقرار موازنة بالتكاليف المطلوبة لتنفيذ هذه المهمة، ويكون لكل دولة نسبة من المساهمة في هذه الموازنة .[65]
وترى الباحثتان أن البروتوكول في حديثه عن تمويل القوة لم يلتفت إلى مدى الاختلاف الكبير بين الدول العربية في مواردها ومدي ما يمكن أن تساهم به كل دولة من نتاجها القومي الإجمالي، لأن انخفاض التمويل قد يؤدي إلى تعطيل عملها، لذلك ترى الباحثتان أنه كان من الأفضل أن تتفق الدول الأطراف على تخصيص نسبة محددة من ناتجها القومي لتمويل القوة ويتم ذلك من خلال إعداد دراسات حول كيفية القيام بهذه العملية.
قرار الاستعانة بالقوة:
نص البروتوكول في المادة التاسعة أن أي دولة طرف تتعرض لتهديد ستقوم بتقديم طلب الي الأمين العام ومن ثم يتم عرضه علي مجلس الدفاع لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وتحديد الفترة الزمنية اللازمة للاستجابة لطلب الاستعانة بالقوة، وفي حالة عدم تَمَكُن الدولة من تقديم طب الاستعانة سيقوم الأمين العام بتبليغ كلا من الدول الأطراف ومجلس الدفاع لاتخاذ القرار المناسب.[66]
ومما سبق قد طرح عدد من الخبراء العسكريين ورجال القانون نقاط متعلقة بآليات عمل القوة، فالخبير العسكري اللواء طلعت مسلم يرى أنه يجب أن تكون هناك هيئة واضحة من القوات وتتطلب هذه القوات خبرة عملية لن يتم اكتسابها إلا من خلال المناورات المشتركة، وإلا سيضر ذلك القوات وينتهي بهم الأمر في العمل دون معرفة بعضهم البعض، بينما أشار أستاذ القانون الدولي أيمن سلامة إلى نقطة في غاية الأهمية وهي كيف ستتم محاكمة عناصر القوة إذا ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية أو أعمال إجرامية أخرى في البلد المستهدف؟ مع مراعاة أن لكل دولة أطر قانونية ودستورية خاصة بها، والتي يجب أن تؤخذ في الاعتبار في مثل هذه الحالات.[67]
المبحث الثالث: مواقف الدول العربية من التوقيع على بروتوكول القوة.
كانت قد اختلفت ردود فعل الدول العربية حول مقترح القوة العربية المشتركة منذ البداية، فمنها من أيده ومنها من تحفظ عليه، ففي البداية كانت قد أيدت الأردن مبادرة تشكيل القوة، وهذا ما أكده الرئيس السيسي من قبل، كما أن ليبيا كان قد أعلن رئيس الوزراء عبد الله الثني في حوار مع المصري اليوم في فبراير ٢٠١٥ قائلا “نحن من الداعمين لفكرة تفعيل ميثاق جامعة الدول العربية بشأن قوة عربية مشتركة “، بينما اتصف موقف دولة الكويت منذ البداية بالتردد حيث كان قد صرح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الكويتي خالد الجراح في أبريل ٢٠١٥ أن تشكيل القوة موضوع قيد الدراسة بين وزارتي الدفاع والخارجية، وأنه جارى تنسيق خليجي؛ بهدف الوصول إلى قرار بشأنها، بينما اتسم موقف السعودية بالتحفظ كما سنرى فيما بعد.[68]
وفيما يتعلق بالعراق كانت قد أبدت تحفظها على قرار القمة الخاص بتشكيل القوة منذ البداية، ورؤيتها حول أن هذه المبادرة كانت تتطلب حوار مسبق؛ حتى لا تتعارض مع ميثاق الجامعة العربية، حيث كان قد أوضح عصام العامري مستشار الرئيس أن تحفظ العراق ليس اعتراضاً بل تتمثل الرؤية العراقية في ضرورة وجود أسس فعلية لإنشاء مثل هذه القوة حتى لا تتم وفقاً لإجراءات سريعة بل وفقاً لدراسة واضحة.[69]
وفيما يلي سنعرض مواقف الدول العربية من التوقيع على برتوكول القوة، حيث بعد أن تم إعداد بروتوكول القوة العربية المشتركة التي كانت ستحيي النظام العربي تحت مظلة واحدة، تم عقد عدد من الاجتماعات لإقرار بروتوكول القوة حيث انعقد اجتماعان فجاء الاجتماع الأول في ٢ أغسطس ٢٠١٥ الذي كان من المنتظر فيه أن يتم وضع الصياغة النهائية للبروتوكول كتمهيد لعرضه على رئاسة القمة العربية القادمة من أجل التشاور فيما بين القادة العرب ولكن تم تأجيله إلى اجتماع آخر يوم ٢٧ اغسطس ٢٠١٥ وبذلك تم تأجيل التوقيع على البروتوكول للمرة الثانية، حيث كانت قد تلقت جامعة الدول العربية مذكرة من الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية تطلب الإرجاء وأيدتها في ذلك عدد من الدول العربية ألا وهي البحرين وقطر والكويت والإمارات والعراق حيث كانت قد تلقت الجامعة أيضاً مذكرات من هذه الدول تؤيد الطلب السعودي.[70]
ومن هنا سنتعرف على مواقف الدول العربية من تشكيل القوة وتوقيعها على البرتوكول:
كانت قد أعلنت دولتي الجزائر والعراق عدم انضمامهم للقوه العربية المشتركة، فالجزائر قد أعلنت رفضها لسببين أولهما أن الجزائر تتفق مع ضرورة مكافحة الإرهاب في أي دولة ولكنها تحرص على ذلك بشكل فردى أو جماعي، بالإضافة إلى أن هذا الطلب يتعارض مع عقيدة الجيش الجزائري ودستورها الذي لا يسمح للقوات العسكرية الجزائرية بالقتال خارج حدودها مهما كانت الأسباب . [71]
ويمكن تفسير تحفظ الجزائر على إقرار تشكيل القوة رغم ما تتمتع به الجزائر من قوة عسكرية وإرجاعه إلى أن الجزائر لا تريد أن تستفز التيارات الإسلامية في المنطقة، إلى جانب أنها لا تريد أن تضر علاقتها مع ليبيا مستقبلاً حيث شكرت فصائل ليبية الجزائر على موقفها هذا.[72]
وفيما يتعلق بالعراق كانت قد تحفظت من قبل على الانضمام لهذه القوة بحجة الحاجة إلى دراستها بشكل متأني، حيث كان قد ذكر سامح شكري وزير الخارجية المصرية أن دولة العراق كانت قد أبدت تحفظها على تشكيل هذه القوة قائلاً أن ” العراق يطلب مزيداً من الدراسة والتمحيص للمشروع ” [73]
ويمكن تفسير رفض العراق للمشاركة في تشكيل القوة بأنه ناتج عن سيطرة طهران على دوائر صنع القرار في بغداد. [74]
وفيما يتعلق بلبنان، كانت قد أعدت كتابًا لرفض مشروع البروتوكول، وكان قد أعد وزير الخارجية جبران باسيل خطاب لعدم موافقة لبنان على البرتوكول وبالتالي عدم توقيعها عليه، والجدير بالذكر أنه كان للبنان عدد من الملاحظات بخصوص القوة ألا وهي :
- تحديد مفهوم الإرهاب في متن مشروع البروتوكول لأنها رأت وجوب تحديده بالرجوع إلى الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب.
- التأكيد على احترام سيادة الدول عند التدخل أو المشاركة في أعمال القوة العربية المشتركة، وأنه يجب أن تتقدّم الدولة التي سوف يتمّ التدخل على أراضيها بطلب مباشر من قبلها وليس قبل دولة أخرى.
- وفيما يتعلق بمسألة الدفاع المشترك، رأت لبنان أنه يجب الخضوع لأحكام معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين الأعضاء في جامعة الدول العربية، وأن البروتوكول يعدّل آلية اتخاذ القرارات في جامعة الدول العربية أي تعديل قاعدتي الإجماع والأكثرية، وأن على البروتوكول أن يجيز للأمين العام للجامعة الإبلاغ باللجوء إلى استعمال القوة في حال تعذّر على الدولة المعنية طلب الاستعانة صراحةً.
- كما رأت ان مهام القوة اتسعت خارج نطاقها الأمني ويجب تحديدها بعناية.
- وأيدت أهمية ارتباط مواد البروتوكول بالنشاطات الإرهابية التي تمثل خطراً على الدول الأطراف وعلى الأمن والسلم العربيين والدوليين.[75]
وفي النهاية عدم موافقة لبنان على برتوكول القوة أتت بعد عدم الأخذ بملاحظاتها حول آليات عمل هذه القوّة.
وفيما يتعلق بسلطنة عمان أيضاً أبدت تحفظها بشكل واضح على تشكيل القوة العربية المشتركة حيث كان قد أعلن يوسف بن علوي وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية عدم مشاركة عمان موضحاً أن مسقط لن تشارك في هذه القوة وفقاً للنظام الأساسي للقوات المسلحة العمانية الذي يمنعها من العمل خارج إطار مجلس التعاون الخليجي .[76]
بينما وصفت تونس فكرة إنشاء القوة بأنها فكرة غير واقعية، وغير قابلة للتطبيق من الناحية الفنية، وجاءت هذه الرؤية التونسية من خلال حديث وزير الدفاع فرحات حرشاني عن موقف دولته باعتبارها دولة معنية بقرار إنشاء القوة لأنها عضو في جامعة الدول العربية، لكن يعتبر قرار انضمام تونس في هذه القوة من عدمه قرار سياسي وليس قرار عسكري؛ لأنه متوقف على إذن المؤسسات السياسية ومن ثم ستطبق المؤسسة العسكرية ذلك القرار .[77]
ومن الممكن تفسير هذا الموقف الخليجي المتردد حول تشكيل القوة بوجود قلق حول مستقبل قوات درع الجزيرة وعلاقته بالقوة العربية المشتركة، إلى جانب وجود حسابات حول التكلفة المادية التي ستتحملها دول الخليج خاصةً في ظل انخفاض أسعار البترول، وتكلفة عاصفة الحزم في اليمن بالإضافة إلى وجود الحساسيات السياسية بين الدول.[78]
ومما سبق نتيجة وجود شبه اتفاق بين آراء الدول العربية خاصةً دول الخليج حول تشكيل القوة العربية، صرح وزير الخارجية المصري السابق محمد العرابي أنه يوجد اتفاق عربي عربي على تأجيل إطلاق القوة العسكرية العربية المشتركة، وأن التعاون العربي العربي لم تحدد ملامحه حتى الآن في ظل الظروف التي تشهدها المنطقة من تصاعد أدوار أطراف إقليمية ودولية تسعى لتحويلها إلى منطقه صراع وتوتر بهدف استنزاف دول الخليج، وأضاف أن هذا التأجيل جاء بناءً على طلب سعودي، وتأييد خليجي، وتفهم مصري، موضحاً ذلك بأن بعض الدول قد تغيرت استراتيجيتها في تعاملها مع الملف اليمني نظراً لقيام مرحلة جديدة بقيادة السعودية وتضع أسس وثوابت إقليمية في التعامل مع أزمات المنطقة وبالأخص الأزمات العسكرية، ومن جهة أخرى كان قد أكد المستشار العسكري للأمين العام لجامعة الدول العربية اللواء أركان حرب محمود خليفة أن الدول العربية التي لم توقع على بروتوكول القوة لم ترفضها رفضاً قاطعاً وأن الجامعة تحترم رغبتهم . [79]
وكان قد أكد أحمد قطان، السفير السعودي لدى مصر أن السعودية طلبت تأجيل اجتماع وزراء الدفاع والخارجية العرب من أجل التوقيع على بروتوكول القوة بسبب؛ عدم التوصل إلى صيغة كاملة ونهائية تتطلب قبولاً لدى كل الدولة العربية، وأشار إلى أن التوقيع على البروتوكول يحتاج مباحثات أكثر بين كل الدول العربية للوصول إلى الصياغة المتكاملة والنهائية التي تلقى قبولها؛ حتي يتحقق الهدف من إنشاء هذه القوة، وأوضحت مصادر دبلوماسية أن تأجيل الاجتماع كان بسبب وجود ارتباطات خارجية للمسؤولين العرب في مهام عمل خارج بلادهم وزيارتهن لعواصم دولية مختلفة. [80]
ومن خلال تَعَرُضنا إلي مواقف الدول العربية من تشكيل القوة ومن التوقيع على البرتوكول الخاص بها، قد أبدي مجموعة من الخبراء والسياسيين آرائهم في هذا الخصوص حيث:
كان قد أشار الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء نبيل فؤاد، إلي موقف الدول العربية حول طلب تأجيل اجتماع وزراء الدفاع والخارجية العرب الخاص بتوقيع البروتوكول واعتبره موقف غريب خاصةً من المملكة العربية السعودية؛ لأنه لم يتم تحديد موعد آخر بديل للاجتماع، واعتبر ذلك بمثابة تأجيل لأجل غير معلوم، مشيراً إلى أن هذا الموقف يستدعي القلق؛ لأنه يري أن موضوع القوة قد أخذ حقه من الدراسة، وتشكيلها أمر عاجل في ظل التهديدات التي تتربص بالمنطقة، وأضاف أن قرار التأجيل في اللحظات الأخيرة جاء بدون سبب واضح ونتيجة إخفاق الزعماء العرب و وجود ضغط دولي.[81]
أيضاً كان قد عَبّرَ الخبير الاستراتيجي اللواء حمدي بخيت، عن استيائه من قرار الجامعة بتأجيل اجتماع إقرار القوة، كما وصف موقف الدول العربية هذا بأنهم دائما ما يتسمون بالفرص الضائعة، مشيراً إلى أنه لطالما كان لدي العرب فرص كثيرة لقيام نظام عربي إقليمي قوي ولكن الفرص لاتزال تضيع، وأكد على أن القوة العربية المشتركة كانت ستكون مرنة في شمولها لكافة الدول العربية بالشكل الذي تفضله. [82]
كما يري السفير عادل الصفتي مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن موافقة الدول العربية اقتراح القوة في البداية جاء من منظور المجاملات سياسية، و وصف الأمر بأن العرب اعتادوا على الموافقة على شيء وهم ينوون عدم فعله، ويشير الصفتي إلى أن المشروع انتهي، وأوضح أن تشكيل القوى المشتركة أمر بعيد عن التعاون العربي.[83]
الفصل الثالث: الموقف من القوة العربية المشتركة
المبحث الأول: أسباب تأجيل التوقيع علي بروتوكول القوة العربية المشتركة
إن قرار إنشاء قوة عربية مشتركة أحد أهم القرارات التي تلعب دورًا كبيرًا في الواقع العربي سواء في الوقت الراهن أو في المستقبل لما له من أهمية تكمن في؛ خلق توافق مشترك بين الدول العربية فيما يتعلق بمصير العالم العربي وإيجاد عمل عربي مشترك، كما أن هذه القوة من شأنها أن تعزز من مكانة العالم العربي في المجتمع الدولي لا سيما وأن الكيانات العربية تواجه العديد من التهديدات والمخاطر تساهم هذه القوة في التصدي لها، وتحقيق المصلحة القومية العربية خصوصًا وان هذه القوة هدفها إنقاذ المصالح العربية المشتركة وحماية الأمن العربي من التنظيمات الإرهابية وليست ذات طابع هجومي، كما أنها من المرجح أن يتم إستخدامها أيضًا كأداة للتعامل مع قضايا مثل الحروب الأهلية وحركات التمرد كما تساعد الدول العربية في الحد من تصاعد النفوذ الإيراني التي علي وشك ان تصل إلي تسوية مع الولايات المتحدة الامريكية ، ومن ثم فهي ضرورة ملحة لتحقيق الاستقرار في الوطن العربي[84]، ولكن علي الرغم من أهميتها إلا أنها تواجه بعض المعوقات الفنية تعيق تنفيذها، جنباً إلي جنب مجموعة أسباب أخري جعلت بعض الدول العربية كالسعودية وقطر تطلب تأجيل التوقيع علي البروتوكول؛ سوف يتم إستعراضها علي النحو التالي :
أولاً معوقات فنية:-
فتشكيل القوة بالطبع يواجه تحديات؛ نظرًا لوجود فرق كبير بين الجيوش العربية فيما يتعلق بالعقائد القتالية واللوجستيات وأنظمة الاتصالات، والاختلاف في الأسلحة والمعدات والمدارس التدريبية لكل جيش من الجيوش العربية مما يصعب التنسيق والجمع بينهم في قوة واحدة، كما تظهر مشكلات فيما يتعلق بقيادة هذه القوة العربية وموقعها التي سترتكز فيه وعدد أفرادها.
إن الإساس القانوني والسياسي للقوة العربية المشتركة ألا وهي معاهدة الدفاع العربي المشترك 1950 لم تنل قبول من كافة الدول العربية، وهو ما أدركته الجامعة العربية عند اجتماع وزراء الخارجية لتعديل ميثاق الجامعة إلي القمة لإقرار التعديلات المقترحة؛ لا سيما ” مشروع النظام الاساسي لمجلس السلم والأمن العربي “، إذن هناك خلاف علي الاساس القانون الذي سوف تعتمد عليه القوة العربية المشتركة ومن ثم لم تكون الأجواء مناسبة لتفعيل القوة العربية المشتركة. [85]
وعندما يتم التفكير في بناء قوة عربية مشتركة غرضها توحيد الدول العربية لمكافحة المخاطر يثير ذلك سؤالًا يتعلق بكيف يتم ذلك وهناك تباين في المصالح الجيوسياسية واستراتيجيات وسياسات الدول العربية؟ ألم يظهر ذلك في عدم توافق مواقف الدول العربية حول القضية الفلسطينية، والاختلاف بين وجهات نظر عمان وقطر فيما يتعلق بإيران والاخوان المسلمين، كذلك فيما يتعلق بالقوة من الصعب تحقيق توافق بينهم خصوصًا وان الدول العربية تختلف في تعريفها للإرهاب؛ فمثلًا بعض الدول العربية تري أن حركة الاخوان المسلمين حركة إرهابية كمصر وسوريا والسعودية والإمارات والبعض الاخر لا يراها كذلك ومن أمثلة ذلك قطر وتونس التي تعتبرهم جزء من الحكومة ؛ علي الرغم من أن القوة العربية المشتركة تم طرح فكرتها بالأساس لمكافحة هذه الظاهرة، فكيف يتم مواجهتها ولا يوجد إتفاق علي تعريف موحد للإرهاب ؟! فمن الصعب إستخدام قوة عربية موحده ضد جماعة إرهابية من منظور دولة ما وهناك دولة عربية أخري لا تصنفها كذلك ، فإن هذا التباين فيما بين الدول من شأنه أن يجعل الجامعة العربية في حيرة تحديد اي منطقة صراع تستحق إرسال هذه القوة لمواجهة الخطر فيها. [86]
ناهيك عن أن هذه القوه العسكرية المشتركة تأسست في الاساس لحماية أمن اي دولة عربية من عدوان خارجي، ولكن ستظهر مشكلة تتعلق بأن هذه القوة قد يتم استدعاؤها من قبل السلطة السياسية في الدولة المعرضة للتهديد لمواجهة ثورات داخلية بحجة مكافحة الإرهاب، ومن ثم تصبح أداة في يد سلطة سياسية ما لمواجهة اي تمرد ضدها وتكون بمثابة منقذ للسلطة السياسية وليس حماية أمن الدولة من الخطر الخارجي الذي يعد هو الهدف الأساسي لهذه القوة الموحدة .[87]
إلي جانب هذه المعوقات الفنية يوجد مجموعة من الأسباب دفعت بعض الدول العربية إلي طلب تأجيل التوقيع علي بروتوكول القوة العربية المشتركة :
الخشية من الدور القيادي لمصر:-
فبعد موافقة قمة شرم الشيخ علي القوة العسكرية التي تكون مهمتها التدخل علي الفور لمكافحة اي ما يهدد الأمن القومي العربي او يمس سيادة اي دولة عربية، ويكون ذلك بشكل اختياري للدولة المعرضة للتهديد، وهذا يعني ان الجامعة العربية هي الاساس القانوني لتأسيس هذة القوة ويصبح واجب عليها أن تشكل “لجنة عسكرية من ممثلي هيئة أركان جيوش الدول المتعاقدة لتنظم خطط الدفاع المشترك”، ومن ثم كلف الأمين العام للجامعة العربية ” نبيل العربي ” بأن يجتمع في غضون شهر من صدور القرار بفريق يكون تحت إشراف أركان القوات المسلحة للبت في تشكيل القوة وعرض نتائجها علي الاجتماع خلال ثلاثة أشهر في اجتماع لمجلس الدفاع المشترك لإقراره القوة، والقرارات الناتجة عن هذا الاجتماع تشير إلي أن هذه القوة العسكرية مكلفة بالتدخل السريع دون تحديد المهام التي ترسل اليها، كما أنه سيتم توزيع الأدوار علي الدول العربية التي تشارك في تلك القوة ، علي أن تضم هذه القوة الدول التي لديها جيوش ومعدات ويأتي إليها دعم لوجيستيًا من دول أخري ، وبناء علي هذا القرار من المتوقع ان تكون مصر والسعودية لها الدور الاكبر في قيادة القوة العربية المشتركة وان يكون مركزها في القاهرة او الرياض لما لديهم من موارد تكنولوجية وخبرة ومدربين وخبراء عسكريين تمكنهم من قيادة هذه القوة.[88]
ومن ثم تري الباحثتان أن هذه القرارات تمنح الفرصة الي أن تكون مصر والسعودية ولا سيما مصر لأن أولي من بادرت بطرح فكرة قوة عربية مشتركة ثقل في العالم العربي اذا اصبح مركز القوة العربية فيهما، وهذا قد يكون سببًا يجعل بعض الدول العربية تخشي التوقيع علي البروتوكول خوفًا من أن يكون لمصر دورًا قياديًا.
أضف إلي ذلك أن السعودية ذاتها طالبت تأجيل التوقيع علي بروتوكول القوة العربية المشتركة حين أتي الاجتماع الخاص بالتوقيع ، خشية من أن يجعل ذلك دولة ما تهيمن علي هذه القوة خصوصًا مصر لأنها صاحبة الفكرة، وان تكون هذه القوة أداة لقمع الثورات، فالدول العربية تخشي من قوة الرئيس عبد الفتاح السيسي وشعبيته؛ وان مصر لها مكانتها في المجتمع الدولي، ومن ثم الخوف من السيطرة علي القوة العربية المشتركة ويكون لها دور قيادي؛ قد يشكل ذلك سببًا في تأجيل التوقيع علي البروتوكول .[89]
الضغوط الخارجية علي الدول العربية لعرقلة تشكيل قوة عربية موحدة :-
بعض الدول الغربية تري في هذه القوة انها تهدد مصالحها علي الرغم من أهميتها في مكافحة الإرهاب، ومن ثم تسعي بعض القوي الغربية إلي عرقلة هذه القوة العربية المشتركة من خلال ممارسة الضغط علي الدول المرشح ان تنضم للقوة لإقناعها علي ألا تشارك فيها، وترسخ في هذه الدول ان ترفض فكرة أن تدخل قوة عربية موحدة في شئونها لأن ذلك يؤثر علي سيادتها ، ولعل خير دليل علي ذلك هو معارضة الولايات المتحدة الامريكية لسعي مصر بأن تأخذ قرار من مجلس الأمن يخول لها التدخل العسكري ضد داعش والميليشيات المسلحة في ليبيا ” علي شاكلة التحالف الدولي في سوريا والعراق “، وهو ما يؤكد أن دول الغرب تسعي جاهدة علي ألا يجتمع شمل العالم العربي في قوة موحده من شأنهم ان تعرقل مصالحهم ومن ثم تسعي إلي تفتيت القوه العربية، وتعرقل الولايات المتحدة الامريكية أيضًا هذه القوة رغبة منها في أن تبقي الولايات المتحدة صاحبة الوصايا علي المنطقة، كما أن التصدي لخطر الارهاب من شأنه انه يوقف تدفق السلاح الامريكي لا سيما وان الولايات المتحدة علي اتصال بالتنظيمات الإرهابية ومنها تنظيم داعش ؛ لذلك تخشي الولايات المتحدة الامريكية من هذه القوة الموحده، أيضًا هناك آراء تظن بوجود ضغوط صهيونية؛ فكيف يكون هناك قوة عربية موحده والصراع العربي الاسرائيلي ما زال مستمرًا فجزء من ان تحقق إسرائيل الأمن لنفسها هو أن تحدث تفكك فيما بين الدول العربية وبعضها، ومن ثم تخوف القوي الخارجية من ان يكون هناك قوة عسكرية موحده لذلك تسعي لعرقلتها .[90]
التباين في المصالح والخلافات بين الدول العربية
أحد أهم التحديات التي تعيق القوة العربية المشتركة هو عدم وجود إتفاق بين الدول العربية ووجود خلافات بينهم في بعض الأمور مثل؛ الخلاف حول مهمة القوة العسكرية الموحدة والأزمات التي يحق لها التدخل فيها؛ وقد ظهر ذلك في الاختلاف بين موقف مصر والمملكة العربية السعودية حول الطرق التي يمكن بها مواجهة الأزمة السورية، وأيضا خلاف حول العلاقة بين تشكيل قوة عسكرية موحدة وان تتحالف الدول لمكافحة تنظيم داعش في كلا من العراق وسوريا، أيضًا يظهر عدم الاتفاق بينهم فيما يتعلق بالأزمة الليبية؛ فنجد دول مثل تونس والجزائر تؤيد أن يكون هناك حوار مع “الجماعات المسلحة؛ فجر ليبيا نموذج”، بينما مصر والإمارات لا تؤيد ذلك، كذلك تري الرياض ان التدخل العسكري المباشر لحل الأزمة الليبية ليس حلًا مناسبًا وانما تري أن الحل الأمثل لحل الصراع يكمن في الحوار؛ علي عكس مصر والإمارات التي تؤيد التدخل العسكري المباشر، كذلك في حين تري مصر والإمارات توفير الغطاء العسكري العربي؛ تخشي دول خليجية أخري من ان يتسبب دعم القوة العسكرية المشتركة في أزمة مالية لها. وكما حدث في حالة اليمن فكما لم تتجاوب القاهرة مع عملية عاصفة الحزم التي قامت بها الرياض؛ كذلك لم تتجاوب الرياض وتحفظت عن فكرة إنشاء قوة عسكرية مشتركة. [91]
أضف إلي ذلك ان هناك دول عربية لها علاقات مع قوي دولية وإقليمية وتسعي للحفاظ عليها لمصالحها؛ فالبعض يسعي إلي ان يتسع التحالف ليشمل تركيا ليكون التحالف سني ولا يقتصر علي التحالف العربي وذلك بغرض ان يكون هناك توازن إقليمي مع إيران التي يتمدد نفوذها في لبنان والعراق واليمن وسوريا، ناهيك عن وجود تنبوءات بأنه من المحتمل ان يكون هناك صفقة تفاهم بين إيران والدول الغربية فيما يتعلق بملفها النووي، ومن ثم هناك علاقات بين دول عربية وقوي اخري سواء دولية او إقليمية وتري أن تشكيل قوة عربية موحدة سوف تشكل تهديدا لمصالحها، مما يجعل بعض الدول العربية تخشي من تشكيل هذه القوة.
أيضًا يظهر التباين فيما بينهم فيما يتعلق بكون تلك القوة العسكرية جيش عربي ليقاوم الارهاب علي مستوي الداخل العربي ام علي مستوي الإقليم ككل اي يكون بمثابة جيش ردع، ومن ثم لعل يكون سبب من أن اسباب تخوف العراق كدولة عضو من أن تتدخل تلك القوة في شئونها الداخلية.[92]
هذه الفجوة بين الدول العربية وعدم الاتفاق بينهم يكون ذريعة تعيق تنفيذ القوة العربية المشتركة .
وجود خلافات عسكرية:-
ففي الاجتماع الخاص بالاتفاق علي تشكيل قوة عربية مشتركة الذي انعقد في القاهرة، حدث خلاف بين رؤساء أركان الجيوش العربية، ويتمحور الخلاف حول؛ من يحق له ان يطلب التدخل العسكري، أمين عام جامعة الدول العربية أم الدولة المعنية، كذلك الخلاف حول شكل هذا التدخل؛ وما إذا كان التدخل لتنحاز لطرف ما دون الاخر أم تتدخل القوة بشكل محايد للفصل بين المتحاربين، أيضًا عدم الاتفاق بشأن ما يجب ان تكون عليه القوة؛ هل ثابته ومجتمعة أم تجتمع حين يستدعي الأمر ذلك، كذلك قيادة هذه القوة ثابتة أم تتغير حسب العملية، وما إذا كانت تقتصر علي الضربات الجوية فحسب أم من الممكن إستخدام التدخل البري. كل هذه الخلافات تعد أحد أسباب تأجيل التوقيع علي بروتوكول القوة العربية المشتركة .[93]
المبحث الثاني : مآل القوة العربية المشتركة .
الجدير بالذكر في البداية أنه منذ أن تم تأجيل اجتماع وزراء الدفاع العرب في يوم 27 أغسطس 2015، لم يشهد التعاون العربي أي خطوات فعلية فيما يتعلق بالقوة العربية المشتركة، باستثناء مناقشات دارت حول مستقبل التعاون العسكري العربي بين مجموعة من الخبراء من الدول العربية في المجال العسكري، وذلك في ورشة عمل نظمتها مؤسسة الفكر العربي بالتعاون مع الجامعة العربية في الفترة من ٣١ أغسطس إلى ١٣ سبتمبر ٢٠١٥، ففي هذه الفترة تم التأكيد على ضرورة إنشاء القوة العربية المشتركة، لكن نتيجة الاختلاف بين مواقف الدول العربية حول مشروع القوة كما أشرنا من قبل ترتب عليه تراجعها، فلم يتم تفعيل قرار تشكيلها من جانب الجامعة العربية نتيجة انخفاض التأييد العربي لمقترح القوة، ومن ثم تري الباحثتان أن موقف الدول العربية وعدم الجدية في تنفيذ هذا المقترح أدى إلى عدم خروجها إلى النور منذ ذلك الوقت، كما أنه في هذه الفترة كانت قد أعلنت السعودية عن قيام تحالف إسلامي في ١٤ ديسمبر ٢٠١٥ بهدف محاربة الإرهاب، وانضمت له ٣٤ دولة ثم انضمت دول أخرى لهذا التحالف فأصبح مُكَوَن من ٤١ دولة مما أضعف احتمالية تنفيذ اقتراح القوة الذي كان قد نشأ لنفس الغرض ألا وهو مكافحة الإرهاب .[94]
ومما سبق يمكن الإشارة إلى أن مشروع القوة العسكرية العربية الموحدة الذي شهد عدد من التحفظات، و لم يتم تفعيله، أنه يوجد بدائل عديدة له تتمثل في وجود بعض الهياكل العسكرية العربية الأخرى وقدرتها في الحفاظ على قدر مناسب من الأمن العربي، حيث تمتلك دول الخليج بالأخص مجموعة من البدائل التي تجعلها تستبعد القوة العربية المشتركة ولم تهتم بتفعيلها منذ البداية، حيث تمتلك دول الخليج اتفاقيات الدفاع الخليجي المشترك لعام ٢٠٠٠م ، وقوات درع الجزيرة، بالإضافة إلى اتفاقية مكافحة الإرهاب الخليجية لعام ٢٠٠٤م، إلي جانب وجود التحالف العربي الخاص بمواجهة الحوثيين في اليمن .[95]
الأدلة علي صعوبة نفاذ القوة العربية المشتركة مستقبلاً :-
كما أن هناك عدد من الأدلة تؤكد أنه من الصعب أن تكون القوة العربية المشتركة نافذة مستقبلًا؛ فبمجرد ان تم طرح الفكرة في عام ٢٠١٥ أظهرت بعض الدول العربية تحفظات عليها ولم تتخذ أي منهم خطوة للتغلب علي ما يعيق تنفيذها وهذا في بداية الأمر؛ فإذا أستمرت ستتحول تلك التحفظات الي معوقات اكثر صعوبة يصعب التغلب عليها لأنه من البداية لم يتم معالجة الأمور، فضلًا عن الضغوط التي تتعرض لها الدول العربية من قبل الغرب، وذلك لأن تشكيل قوة موحدة يعني تهميش ” للأنظمة الأمنية الخليجية الفرعية عبر الاتفاقيات الأمنية ” والتي تعد بمثابة مصلحة للغرب، ناهيك عن أن هناك تحالفات قد تؤدي تلك القوة إلي تفككها؛ فعلي سبيل المثال وجود القوة سيؤدي إلي تفكك التحالف الاستراتيجي العراقي الإيراني وتعود بغداد إلي الأمة العربية.[96]
بالإضافة إلي ما سبق، أن الدول العربية لا تتفق كما ذكرنا سابقًا علي تحديد من هو الإرهابي وما هي العمليات التي تستحق التدخل علي أساس أنها إرهابية، ففي حين تصنف دولة ما شئ علي أنه إرهابي لا تصنفه الأخري كذلك، وكل دولة لديها تفسيرات قانونية للإرهاب تختلف عن الأخري؛ ومثال ذلك حزب الله اللبناني، ففي حين أنه يعتبر جزأ من الحكومة في لبنان إلا أن مجلس التعاون الخليجي يصنفه علي أنه إرهابي، علاوة علي ذلك؛ أن التعاون الدولي يدعم مكافحة الإرهاب بطرق غير عسكرية؛ متبادل المعلومات الاستخباراتية وتفعيل القوانين الخاصة بالإرهاب لمكافحته، حتي إن الاتحاد الأوربي ليس لديه قانون يسمح له بنشر قوات في دولة أوربية أخري لمكافحة الإرهاب بشكل عسكري، فكيف سيكون هناك إجماع علي تفعيل قوة عربية مشتركة تكافح باستخدام الجيش ؟! ، فضلًا عن ذلك حركات التمرد في اليمن وقيام الدولة الإسلامية بالاستيلاء علي أراضي في العراق والشام ( داعش) جنبًا الي جنب الحرب الأهلية في سوريا، كل ذلك يصنف علي أنه أعمال إرهابية، ومع ذلك لم تسعي الدول البتة للتعاون من أجل مكافحة الإرهاب فيهم حتي علي أقل مستوي، وقد يرجع ذلك إلي تخوف علي السيادة الوطنية وعدم وجود ثقة بين الدول العربية وبعضها البعض، ناهيك عن أن شرعية حكومة الدولة قد تكون موضع شك؛ ومثال ذلك ما حدث في ليبيا في عام ٢٠١٥ حين استدعتها حكومتين متنافستين إلي العمل العسكري الدولي العربي؛ وعلي الرغم من أن لديها شرعية دولية إلا أنها ليس لديها الشرعية الوطنية؛ حيث رفضت هذه الفكرة المحكمة العليا الليبية، كل هذه مؤشرات علي صعوبة أن يكون هناك قوة عربية مشتركة.[97]
وبغض النظر عن ما سبق الإشارة إليه من أدلة؛ إن تشكيل قوة عربية مشتركة يعني وجود تكامل ودفاع مشترك بين الدول العربية، وإذا عدنا بالذاكرة إلي تاريخ الدول العربية سنجد أن الدول العربية لم تشهد قط نجاح أي صورة من صور التكامل العربي، فلم ينشأ مثلا حلف عسكري عربي كذلك منطقة التجارة العربية الحرة باءت أهدافها بالفشل ومن ثم الدول العربية بعيدة كل البعد عن تحقيق قوة موحده ناجحة، فمعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي التي تم التوقيع عليها بعد مرور ٥ سنوات من إنشاء جامعة الدول العربية وأجتمع العرب علي أهميتها للدول العربية في الحاضر آنذاك والمستقبل مر عليها العديد من السنوات لكنها علي المستوي العملي ” الناتج يساوي صفرًا “، كذلك علي المستوي النظري فالتعاون الاقتصادي اقل صور التكامل بينما العمل المشترك أقوي من التعاون، فإن مجرد وجود تعاون اقتصادي لا يعني تحقيق دفاع مشترك ، ففيما يتعلق بالدفاع لم يكن هناك ما يؤكد العمل المشترك بين الجيوش العربية ” وكان التخطيط والتنفيذ المشترك لمصر وسوريا في الإعداد والأداء لحرب أكتوبر استثناء علي هذا الكلام “، والدليل علي عدم وجود صور للتكامل العربي ان العراق عندما لعبت دورًا عسكريًا لتتعاون مع سوريا لم يصبح ذلك نمطًا ثابتًا وسائدًا لأماكن أخري وتاريخ أطول وانما مرتبطًا بالحالة والحدث، وكذلك عام ١٩٩١ لإنهاء الاحتلال العراقي للكويت؛ كان آنذاك تحالف أكبر من عربي كان تحالف دولي حيث شاركت الولايات المتحدة الامريكية مع مصر والسعودية وسوريا للتدخل لإنهاء الاحتلال، ولكن ذلك كان مؤقتًا أيضًا ولم يظل تحالف ممتد له تأثير استراتيجي ، ناهيك عن ان المنطقة العربية شهدت العديد من الصراعات العربية العربية وقامت دول عربية برفع السلاح علي دول عربية أخري كالتدخل السوري في لبنان في سبعينات وثمانينات القرن العشرين ، وأيضًا في ١٩٩٠ أثناء قيام العراق باحتلال الكويت، وفي أفريقيا العربية يوجد العديد من الأنشطة الإرهابية في الصومال، والتأثيرات الناتجة عن تنظيمات إرهابية مثل بوكو حرام في نيجيريا وتأثيرها علي الجزائر، وتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وبلاد الجزيرة العربية، كل ذلك يؤكد علي أن هناك تاريخ حافل بالصراعات التي تؤكد علي عدم وجود ما يجمع بين الدول العربية كقوة موحده. ومن ثم هذا يعكس أنه من الممكن أن تلقي القوة العربية المشتركة نفس المصير وتظل الدول العربية علي حالها لاسيما وأن هناك دول طلبت التأجيل من بداية التوقيع علي البروتوكول ولم يتم النظر في الأمر بعد .[98]
الخاتمة :-
وفي الختام يمكننا القول؛ أنه علي الرغم من كل المعوقات التي تعرقل القوة العربية المشتركة، إلا أنها تشكل أحد أهم الوسائل لحماية الأمن القومي، إذا لم يتم التفكير في وسيلة أخري بديلها للقوة، لاسيما وأن العالم العربي يواجه الآن عدد من المخاطر تستدعي وجود قوة موحدة تحمي مصالح الشعوب العربية، وهذا يتطلب من الدول العربية أن تتجاوز الخلافات التي بينها وبين البعض وتولي هذا الأمر اهتماما خاصًا حتي لا يظل العالم العربي في حالة من التفكك، وهذا لا يؤثر علي الجيل الحالي فحسب؛ بل سيورث للأجيال المستقبلية بهذا التفكك ، لذلك نأمل أن يتم إحياء هذه الفكرة من جديد ، حتي تخرج أمتنا العربية من الظلام إلي النور، وهذا بدوره يتطلب وجود إرادة عربية التي هي العمود الفقري لقيام مثل هذه القوة بالإضافة إلى ضرورة العمل على حل الخلافات بين الدول العربية حول نص البرتوكول وآليات عمل القوة لأنه كان أحد الأسباب التي جعلت بعض الدول العربية ترفض التوقيع عليه، وفي النهاية وفقاً لما يشهده العالم والمنطقة العربية من تغيرات وتهديدات جديدة أصبحت الحاجة للقوة العربية المشتركة أكثر إلحاحاً .
قائمة المراجع :-
- أولا قائمة المراجع باللغة العربية:
- الكتب :-
رحاب السيد رجب، العلاقات المصرية السعودية – وتأثيرها علي الأمن الإقليمي، ( العربي للنشر و التوزيع، ٢٠٢٣ ) .
- الرسائل:–
1.حمود سالم، المتغيرات الإقليمية التي ساهمت في تنامي الجماعات المتطرفة في المنطقة العربية بعد الربيع العربي 2011-2015، رسالة ماجستير، الجامعة الأردنية، كلية الدراسات العليا، 2016.
- رنا محمد صادق، نشأة الأحلاف العسكرية (حلف شمال الأطلسي1949)، رسالة ماجستير، جامعة دمياط كلية الآداب.
- سلام أحمد السواعير، توجهات السياسة الخارجية الأردنية تجاه أزمات الربيع العربي، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب، 2017 .
- عادل علي سليمان، مفهوم القوة في العلاقات الدولية1991-2017، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، 2018.
- قيس سالم عبد القادر العويسات، تداعيات الثورات العربية علي الأمن الإقليمي العربي2010-2017، رسالة دكتوراة، جامعة مؤتة، عمادة الدراسات العليا، 2017.
- لقمة ياسمين سارة، المعيارية في تحديد مفهوم الإرهاب الدولي، رسالة ماجستير، جامعة محمد بوضياف بالمسلية، كلية الحقوق والعلوم السياسية .
- ناصر فليح الخلايلة، نظرية الأمن القومي العربي ومظاهر عجزها في السياسات العربية ” دراسة نقدية تحليلية”، رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، 2021 .
الدوريات:-
- أحمد جمعه عبد الغني، رامي علي محمد عاشور، مستقبل الدولة في ليبيا بين فرص الانعاش الاقتصادي وانتشار الارهاب وتأثيره على الامن القومي المصري، مجله بحوث الشرق الاوسط، العدد 77 ، يوليو 2022.
- أحمد موسى، تونس في مرمي العمليات الإرهابية، المركز العربي للبحوث والدراسات، عدد 21 ، 2015
- أشرف محمد عبدالحميد ، مقترح تشكيل قوة عربية مشتركة للتدخل في الأزمات : الفرص والتحديات، مجلة دراسات، 2015 .
- إيمان أحمد ، اشكاليات مكافحة الإرهاب في المراحل الانتقالية في الدول العربية، المركز العربي للبحوث والدراسات، العدد 21 ، 2015 .
- السيد أمين شلبي، الجدل حول قوة عربية مشتركة الضرورات والتحفظات، مجلة الاستقلال، العدد 4 ، 2016 .
- حسنين توفيق إبراهيم، التنظيمات الجهادية الإرهابية والأمن الإقليمي في العالم العربي : الوضع الراهن وآفاق المستقبل، مجلة دراسات، مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، المجلد 6، العدد 1، 2019 .
- رحاب وائل السيد، نظرية النظم ل دايفيد إيستون ( وحالة تطبيقية ” الواقع الأفريقي” )، المركز الديمقراطي العربي، أغسطس 2021 .
- زينب حسني عزالدين، أثر حروب الجيل الرابع على الأمن القومي العربي دراسة حالة: تنظيم “الدولة الاسلامية” ، مجلة السياسة الدولية، المركز الديموقراطي العربي، 2017 .
- سلمان خيري محمد، الموقف الإسرائيلي من أحداث الربيع العربي، مجلة آداب الفراهيدي، العدد(37)، 2019 .
- شريف شعبان مبروك، مواجهة التهديدات الأمنية على الساحة العربية بأدوات إقليمية، شؤون عربية، العدد 162، 2015 .
- شريف شعبان، إلي أين تتجه القوة العربية المشتركة، مجلة آفاق سياسية، العدد 18 .
- طلعت أحمد مسلم، مقترحات حول القوة العربية المشتركة، المستقبل العربي، العدد445، 2016 .
- ظافر محمد العجمي، تأجيل القوة العربية المشتركة الرؤية والحلول، مجلة آراء حول الخليج، مركز الخليج للأبحاث، العدد 100، 2015 .
- ظافر محمد العجمي، دول الخليج والقوة العربية المشتركة بين التشكيل والتأجيل، مركز الجزيرة للدراسات، 2015 .
- علي مدروني، ثورات الربيع العربي ومآلات الانتقال الديمقراطي المنشود: دراسة في القواسم المشتركة، مجلة المفكر، العدد 01، 2022 .
- عمر ياسين خضيرات، مواقف القوي الدولية والإقليمية من ثورات الربيع العربي وأثرها علي النظام الإقليمي الشرق أوسطي (2010-2015)، مجلة اتحاد الجامعات العربية للآداب، العدد 1، 2016 .
- غازي دحمان، القوة العربية المشتركة…قراءة تحليلية، شؤون عربية، العدد 162، 2015 .
- فرج عصام بن جليل، أثر التحديات الداخلية والخارجية علي الأمن القومي العربي: الواقع وآفاق المستقبل، مجلة علوم الإنسان والمجتمع، المجلد 10، العدد 3، 2021 .
- محمد ابراهيم، صبحي عسيلة، سيناء والإرهاب: بين أولويات الأمن القومي وضرورات الأمن الإقليمي، المركز العربي للبحوث والدراسات، العدد 14 ، 2015 .
- مرغني حيزوم بدر الدين، دور الأحلاف العسكرية في حفظ الأمن الجماعي الدولي وفقا لميثاق الأمم المتحدة، مجلة العلوم القانونية والسياسية، عدد 8، 2014 .
- مصطفي علوي، حلف أم قوة مشتركة أم محلك سر، مجلة آفاق سياسية، 2015 .
- مهاب حسني النحال، السياسة الخارجية والأمن القومي المصري ..حدود العلاقة في الفكر والممارسة، مجلة كلية السياسة والاقتصاد، العدد السابع، يوليو2020 .
- ناصر الحقباني، سوسن أبو حسين، إرجاء اجتماع وزراء الدفاع والخارجية العرب لإقرار بروتوكول القوة المشتركة، جريدة العرب الدولية، الشرق الأوسط، 2015 .
- نيبال عز الدين، الصراعات الداخلية وتمويل التنظيمات الإرهابية في الوطن العربي: دراسة حالة تنظيم داعش، مجلة البحوث والدراسات العربية، العدد 65، 2016 .
مواقع الإنترنت :-
1.السيسي:” القوة العربية المشتركة” أداة مهمة للدفاع عن قضايا الأمة، موقع sputnik، 2015، متاح علي: https://sputnikarabic.ae/20151207/1016641177.html
- العرب يناقشون إيجاد”قوة عربية” لحماية أمنهم القومي في القمة المقبلة، وكالة وطن الأنباء، 2015، متاح علي : https://www.wattan.net/ar/news/125287.html
- القمة العربية العادية السادسة والعشرين، موقع رئاسة جمهورية مصر العربية، مارس 2015،متاح علي: https://bit.ly/40HW9e6
- النص الكامل لبروتوكول القوة العربية المشتركة، صدي البلد، أغسطس 2015، متاح علي : https://www.elbalad.news/1684772
- تشكيل قوة عربية مشتركة علي جدول أعمال القمة العربية، موقع الغد، 2015، متاح علي: https://bit.ly/3GkFwx5
- سبب واحد وراء تأجيل تشكيل القوة العربية المشتركة بطلب من السعودية، موقع الوطن، 2015، متاح علي: https://bit.ly/41zngZa
- سمير الوشاحي، عن تأجيل اجتماع إقرار القوة العربية المشتركة..خبير إستراتيجي: العرب يتسمون بالفرص الضائعة، الشروق، 2015، متاح علي : https://bit.ly/3N8oE0o
- محمود سليم، حلم القوة العربية المشتركة..دعت له مصر وأجلته الرياض ويواجه مصيراً مجهولاً، مصراوي،2015، متاح علي: https://bit.ly/40xPpyD
- مروة محمد، خبير: تأجيل إنشاء القوة العربية المشتركة إخفاق لبعض زعماء العرب، موقع فيتو، 2015، متاح علي: https://www.vetogate.com/1786437
ثانياً قائمة المراجع باللغة الإنجليزية:
- Article:
- Eleiba Ahmed, Joint Arab Force towards implementation, ahram, may 2015
- Arosoaie Aida, Iraq, Counter Terrorist Trends and Analyses, International Centre for Political Violence and Terrorism Research, Vol. 8, No. 1 , 2015 .
- Gaub Florence, AN ARAB NATO IN THE MAKING?: MIDDLE EASTERN MILITARY COOPERATION SINCE 2011, Strategic Studies Institute, US Army War College, 2016.
Report :
Sheira Omar and Ammash Muhammed, Arab league summit report, Global political trends center, April 2015 .
1) طلعت أحمد مسلم، مقترحات حول القوة العربية المشتركة، المستقبل العربي، العدد445، 2016، ص ص: 30-31 ؛ غازي دحمان، القوة العربية المشتركة…قراءة تحليلية، شؤون عربية، العدد 162، 2015، ص ص :61-62.
2) أسامة أحمد محمد الشركسي، التحديات السياسية وتأثيرها علي الأمن المجتمعي العربي 2011-2016،( رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، 2017 ).
3) علي مدروني، ثورات الربيع العربي ومآلات الانتقال الديمقراطي المنشود:دراسة في القواسم المشتركة، مجلة المفكر، العدد 01، 2022، ص ص . 303-327.
4) عمر ياسين خضيرات، مواقف القوي الدولية والإقليمية من ثورات الربيع العربي وأثرها علي النظام الإقليمي الشرق أوسطي (2010-2015)، مجلة اتحاد الجامعات العربية للآداب، العدد 1، 2016 ، ص ص . 131-163 .
5) حسنين توفيق إبراهيم، التنظيمات الجهادية الإرهابية والأمن الإقليمي في العالم العربي : الوضع الراهن وآفاق المستقبل، مجلة دراسات، مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، المجلد ٦، العدد ١، ٢٠١٩
6) زينب حسني عزالدين، أثر حروب الجيل الرابع على الأمن القومي العربي دراسة حالة: تنظيم “الدولة الاسلامية” ، مجلة السياسة الدولية، المركز الديموقراطي العربي، 2017، متاح على:
http://www.siyassa.org.eg/News/15192.aspx
7) نيبال عز الدين، الصراعات الداخلية وتمويل التنظيمات الإرهابية في الوطن العربي: دراسة حالة تنظيم داعش، مجلة البحوث والدراسات العربية، العدد 65، 2016
8) شريف شعبان مبروك، مواجهة التهديدات الأمنية على الساحة العربية بأدوات إقليمية، شؤون عربية، العدد ١٦٢، ٢٠١٥
9) السيد أمين شلبي، الجدل حول قوة عربية مشتركة الضرورات والتحفظات، مجلة الاستقلال، العدد ٤ ، 2016
10) غازي دحمان، مرجع سبق ذكره ، ص ص . من 61-70 .
11) طلعت أحمد مسلم، مرجع سبق ذكره، ص ص . 30-49
12) ناصر فليح الخلايلة، نظرية الأمن القومي العربي ومظاهر عجزها في السياسات العربية ” دراسة نقدية تحليلية”، ( رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، 2021)، ص ص . 5-6
13) مهاب حسني النحال، السياسة الخارجية والأمن القومي المصري..حدود العلاقة في الفكر والممارسة، مجلة كلية السياسة والإقتصاد، العدد السابع، يوليو2020، ص ص . 7-8 .
14) لقمة ياسمين سارة، المعيارية في تحديد مفهوم الإرهاب الدولي، ( رسالة ماجستير، جامعة محمد بوضياف بالمسيلة، كلية الحقوق والعلوم السياسية) ص ص ٩ – ١١ ، ص. ١٤ ، ص. ١٦ ، ص. ٢٤
15) رنا محمد محمد صادق، نشأة الأحلاف العسكرية (حلف شمال الأطلسي 1949 م )، ( رسالة ماجستير ، جامعة دمياط، كلية الآداب) ص ص .٢٢٨ – ٢٢٩
16) مرغني حيزوم بدر الدين، دور الأحلاف العسكرية في حفظ الأمن الجماعي الدولي وفقا لميثاق الأمم المتحدة، مجلة العلوم القانونية والسياسية، عدد ٨، ٢٠١٤، ص. ٩٣
17) رنا محمد محمد صادق ، مرجع سبق ذكره ، ص. ٢٢٩
18) عادل علي سليمان, مفهوم القوة في العلاقات الدولية 1991 – 2017، ( رسالة ماجستير ، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، ٢٠١٨ ) ص ص . ٢٤ – ٢٧
19) سلام أحمد السواعير، توجهات السياسة الخارجية الأردنية تجاه أزمات الربيع العربي، ( رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب، 2017)، ص . ٤
20) رحاب وائل السيد، نظرية النظم ل دايفيد إيستون ( وحالة تطبيقية ” الواقع الأفريقي” )، المركز الديمقراطي العربي، أغسطس 2021، متاح علي:
https://democraticac.de/?p=76543
21) سلمان خيري محمد، الموقف الإسرائيلي من أحداث الربيع العربي، مجلة آداب الفراهيدي، العدد(37)، 2019، ص ص. 223-224.
22)قيس سالم عبد القادر العويسات، تداعيات الثورات العربية عل الأمن الإقليمي العربي2010-2017،( رسالة دكتوراة، جامعة مؤتة، عمادة الدراسات العليا، 2017)، ص ص: 105-109 .
25) فرج عصام بن جليل، أثر التحديات الداخلية والخارجية علي الأمن القومي العربي: الواقع وآفاق المستقبل، مجلة علوم الإنسان والمجتمع، العدد03، 2021، ص ص: 135-136.
26) حمود سالم، المتغيرات الإقليمية التي ساهمت في تنامي الجماعات المتطرفة في المنطقة العربية بعد الربيع العربي 2011-2015 ، ( رسالة ماجستير ، الجامعة الأردنية، كلية الدراسات العليا، ٢٠١٦ ) ص ص . ٦٤ – ٦٥
30) محمد ابراهيم، صبحي عسيلة، سيناء والإرهاب: بين أولويات الأمن القومي وضرورات الأمن الإقليمي، المركز العربي للبحوث والدراسات، ع ١٤ ، ٢٠١٥، ص. ١٢ ، ص. ١٤
31) إيمان أحمد ، اشكاليات مكافحة الإرهاب في المراحل الانتقالية في الدول العربية، المركز العربي للبحوث والدراسات، ع ٢١ ، ٢٠١٥ ، ص. ٤١
32) أحمد موسى، تونس في مرمي العمليات الإرهابية، المركز العربي للبحوث والدراسات، ع ٢١ ، ٢٠١٥ ، ص. ٥٠
33) Aida Arosoaie, Iraq, Counter Terrorist Trends and Analyses, International Centre for Political Violence and Terrorism Research، Vol. 8, No. 1 , 2015 , pp. 62-64, available in https://bit.ly/3KxZx4x
34) حمود سالم، مرجع سبق ذكره، ص ص . ٨٦ – ٩٠
35) المرجع السابق ، ص ص .٩١ – ٩٢
36) احمد جمعه عبد الغني، رامي علي محمد عاشور، مستقبل الدوله في ليبيا بين فرص الانعاش الاقتصادي وانتشار الارهاب وتاثيره على الامن القومي المصري، مجله بحوث الشرق الاوسط، العدد 77 ، يوليو 2022 .
37) طلعت أحمد مسلم، مرجع سبق ذكره، ص. ٣٠
38) السيد أمين، مرجع سبق ذكره، ص. ٤٧
41) السيسي: “القوة العربية المشتركة” أداة مهمة للدفاع عن قضايا الأمة، موقع Sputnik ، ٢٠١٥، متاح على https://sputnikarabic.ae/20151207/1016641177.html
42) تشكيل قوة عربية مشتركة على جدول أعمال القمة العربية، موقع الغد، ٢٠١٥، متاح على https://bit.ly/3GkFwx5
43) العرب يناقشون إيجاد “قوة غربية” لحماية أمنهم القومي في القمة المقبلة، وكالة وطن الأنباء، ٢٠١٥ ، متاح على https://www.wattan.net/ar/news/125287.html
44) شريف عيسي، القوة العسكرية المشتركة.. هل ينجح العرب هذه المرة؟، موقع المال، ٢٠١٥ ، متاح على https://bit.ly/3m7ZGDH
47) أشرف محمد عبدالحميد ، مقترح تشكيل قوة عربية مشتركة للتدخل في الأزمات : الفرص والتحديات، مجلة دراسات، ٢٠١٥، ص. ١٢
48) السيد أمين، مرجع سبق ذكره، ص ص 59-61 .
49) القمة العربية العادية السادسة والعشرين، موقع رئاسة جمهورية مصر العربية، مارس 2015، متاح علي :
50) السيد أمين، مرجع سبق ذكره، ص 61.
51) Omar Sheira and Muhammed Ammash , Arab league summit report, Global political trends center, April 2015, Available on http://www.jstor.com/stable/resrep14127 , p3.
52) Florence Gaub, AN ARAB NATO IN THE MAKING?: MIDDLE EASTERN MILITARY COOPERATION SINCE 2011, Strategic Studies Institute, US Army War College, 2016,pp.17-19, downloaded from, https://about.jstor.org/terms
53) أشرف محمد عبدالحميد، مرجع سبق ذكره، ص.٢٣
54) النص الكامل لبرتوكول القوة العربية المشتركة، صدى البلد، أغسطس ٢٠١٥ ، متاح على https://www.elbalad.news/1684772
56) طلعت أحمد مسلم، مرجع سبق ذكره، ص.٣٤
58) النص الكامل لبرتوكول القوة العربية المشتركة، مرجع سبق ذكره
61) طلعت أحمد مسلم، مرجع سبق ذكره، ص.٣٨
63) النص الكامل لبرتوكول القوة العربية المشتركة، مرجع سبق ذكره
64) طلعت أحمد مسلم، مرجع سبق ذكره، ص ص.٤١ – ٤٢
65) النص الكامل لبرتوكول القوة العربية المشتركة، مرجع سبق ذكره
67) Ahmed Eleiba, Joint Arab Force towards implementation, ahram, may 2015, available in https://bit.ly/3mBlF6d
68) رحاب السيد رجب، العلاقات المصرية السعودية – وتأثيرها علي الأمن الإقليمي، ( العربي للنشر و التوزيع، ٢٠٢٣ ) ص ص .١٠١ – ١٠٢ ، متاح على https://bit.ly/3mSLONZ
70) ظافر محمد العجمي، تأجيل القوة العربية المشتركة الرؤية والحلول، مجلة آراء حول الخليج، مركز الخليج للأبحاث، العدد ١٠٠، ٢٠١٥، متاح على https://araa.sa/index.php?view=article&id=3500:2015-10-04-11-35-53&Itemid=172&option=com_content
71) أشرف محمد عبدالحميد، مرجع سبق ذكره، ص. ٢٠
72) ظافر محمد العجمي، دول الخليج والقوة العربية المشتركة بين التشكيل والتأجيل، مركز الجزيرة للدراسات، ٢٠١٥، ص. ٥
73) السيد أمين شلبي، مرجع سبق ذكره، ص. ٦١
74) ظافر محمد العجمي، مرجع سبق ذكره، ص. ٥
77) رحاب السيد رجب، مرجع سبق ذكره، ص. ١٠٤
79) سبب واحد وراء تأجيل تشكيل القوة العربية المشتركة بطلب من السعودية، موقع الوطن، ٢٠١٥، متاح على https://bit.ly/41zngZa
80) ناصر الحقباني، سوسن أبو حسين، إرجاء اجتماع وزراء الدفاع والخارجية العرب لإقرار بروتوكول القوة المشتركة، جريدة العرب الدولية، الشرق الأوسط، ٢٠١٥، متاح على https://bit.ly/2zTNjQu
81) مروة محمد، خبير: تأجيل إنشاء القوة العربية المشتركة إخفاق لبعض زعماء العرب، موقع ڤيتو، ٢٠١٥، متاح على https://www.vetogate.com/1786437
82) سمير الوشاحي، عن تأجيل اجتماع إقرار القوة العربية المشتركة.. خبير استراتيجي: العرب يتسمون بالفرص الضائعة، الشروق، ٢٠١٥، متاح على https://bit.ly/3N8oE0O
83) محمود سليم، حلم القوة العربية المشتركة..دعت له مصر وأجلته الرياض ويواجه مصيرًا مجهولًا، مصراوي ٢٠١٥، متاح على https://bit.ly/40xPpyD
84) غازي دحمان، مرجع سبق ذكره، ص ص: 65-67.
86) المرجع السابق،ص 68 ؛ أمين شلبي،مرجع سبق ذكره، ص 72
Florence Gaub, Smith, Opcit, 23-24
87) غازي دحمان، مرجع سبق ذكره، ص 69.
88) شريف شعبان، إلي أين تتجه القوة العربية المشتركة، مجلة آفاق سياسية، العدد 18، ص ص 65-66.
89) ظافر محمد العجمي، مرجع سبق ذكره.
90) السيد أمين شلبي، مرجع سبق ذكره، ص 73؛ ظافر محمد العجمي،المرجع السابق.
91) شريف شعبان، مرجع سبق ذكره، ص 66؛ ظافر محمد العجمي، مرجغ سبق ذكره، ص 4.
92) شريف شعبان، مرجع سبق ذكره، ص 66.
93) ظافر محمد العجمي، مرجع سبق ذكره .
94) رحاب السيد رجب، مرجع سبق ذكره، ص.١٠٩
95) ظافر محمد العجمي، مرجع سبق ذكره
96) ظافر محمد العجمي، مرجع سبق ذكره، ص٧.
97) Florence Gaub, Smith, Opcit 4.
98) مصطفي علوي، حلف أم قوة مشتركة أم محلك سر، مجلة آفاق سياسية، 2015، العدد 23، ص ص.56-57.
.
رابط المصدر: