الاستمرارية و التغير في السياسة الخارجية الامريكية تجاه الصين : دراسة مقارنة بين فترتى الرئيس جورج بوش الابن و باراك أوباما

اعداد : خلود جمال محمد & شمس ماهر عبدالله  –  إشراف : د. مني هاني محمد  – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر 

اولاً : المقدمة:_

تعتبر التغيرات الحادثة في ميزان القوي من بعد الحرب الباردة وحتي الان تغيرات سريعة وخطيرة جدا فهي ليست ثابته علي سير معين فتاره تصبح دوله معينه هي المسيطرة علي النظام الدولي وتارة تظهر قوي اخري تهددها  وتعتبر الولايات المتحدة الامريكية هي القطب المسيطر علي العالم في ظل نظام أُحادي القطبية وكان ميزان القوي ف صالحها وقد حاولت ولا زالت تحاول بكل ما تملك من قدرات وامكانات الحفاظ علي هذا الوضع ولكن من الواضح في حدود الفترة الانتقالية الحالية التي يمر بها العالم ان النظام الأحادي القطبية الذي كان قائما لصالح الولايات المتحدة الامريكية في طريقه للتحول الي نظام متعدد الأقطاب [1].خاصة مع ازدياد النفوذ الصيني في منطقة أسيا والمحيط الهادئ بما يؤثر بشكل كبير علي الأمن والاستقرار الإقليمي وذلك مع التفوق الاقتصادي الكبير للصين واصبح لها نفوذ استراتيجي في العالم وبذلك اصبحت بكين منافساً لواشنطن وتهديداً لمصالحها في المنطقة, كل هذه التطورات في النفوذ الصيني كانت صاحبة الأثر في تشكيل العلاقات الامريكية الصينية وتوجهات السياسة الخارجية تجاه الصين والتي لم تكن علي وتيرة واحدة واختلفت الادارات الامريكية حول تعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين من اجل تحقيق المكاسب الاقتصادية, والاخر من اجل احتواء الخطر الصيني والحذر من هذا الصعود الذي يمثل عقبة امام الولايات المتحدة الامريكية ومنافساً للنفوذ الإقليمي وتهديدا ًلمصالحها في الشرق الأوسط و لتفسير السياسة الخارجية الامريكية تجاه الصين في الفترة من عام 2001 الي عام 2016 سوف نقوم بالمقارنة  بين فترتي رئاسة جورج بوش الابن و باراك اوباما و سياسة كلا منهما الخارجية تجاه الصين كالاتي : _

شهدت العلاقات الأمريكية الصينية اثناء ولاية جورج بوش تطورات عديدة انتهجت في البداية سياسة صارمة تجاه الصين ورفع شعار” الصين منافس استراتيجي”  للولايات المتحدة وتحدياً رئيسي لها في منطقة اسيا, فكانت وجهة نظر جورج بوش للعلاقات الامريكية الصينية ففي بداية حكمه تتمحور حول النظر للصين باعتبارها تهديد حيوي للأمن الامريكي وبدأ توطيد القوة العسكرية في أسيا من اجل حماية مصالح امريكا,  ولكن انطلاقا من الأحداث الدولية ساهمت أحداث 11 سبتمبر 2001 في إعادة تشكيل السياسة الخارجية الامريكية تجاه الصين وهيكلة العلاقات الامريكية الصينية خاصة مع الهجمات الارهابية علي واشنطن ونيويورك, فخرجت الولايات المتحدة الامريكية بخطاب يدعو الي التعاون مع الصين من اجل تحقيق الامن الامريكي ومكافحة الارهاب فبدأت العلاقات الامريكية الصينية تأخذ منحني جديد من التعاون وباتت الإدارة الامريكية تعتبر الصين ” شريكا مسؤولا “. أما بالنسبة لفترة رئاسة باراك اوباما للولايات المتحدة تتميز هذه الفترة بكونها مختلفة في سياستها الخارجية تجاه الصين و تجاه العالم كله ؛ حيث انه بعد الاستقرار النسبي في الحرب ضد العراق خلال عام 2008 ادرك الرئيس باراك اوباما ان عليه اعادة ترسيخ القيادة الامريكية للعالم من جهة , و التعاون مع القوي الكبرى في الوقت ذاته من اجل دعم الاقتصاد الوطني بعد ان ضربت الازمة المالية الاقتصاد الامريكي و الحقت به خسائر فادحة , و بما ان الصين كانت قوة اقتصادية متنامية في ذلك الوقت فقد ادرك اوباما ضرورة التعاون معها اقتصادياً و لكن ذلك لا يمنع ان سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين في عهد باراك اوباما لم تكن سياسة احتواء دائماً فعلي الرغم من ان الولايات المتحدة قامت بالعديد من الافعال التي ترجمت اعترافها بقوة صعود الصين اقتصادياً , الا أنه من الناحية العسكرية كان الأمر مختلف و كان الصعود الصيني العسكري يقيد حركة الولايات المتحدة في المنطقة, مما يجعل سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين في عهد باراك اوباما سياسة احتواء من الناحية الاقتصادية لكنها سياسة احباط و توتر من الناحية العسكرية .[2]

ثانيا : المشكلة البحثية .

مرت العلاقات الامريكية الصينية بالعديد من التطورات الداخلية والخارجية التي أدت الي تغيير توجهات السياسة الخارجية الامريكية تجاه الصين, فعلي الرغم من توتر العلاقات بين الدولتين الا ان كل منهما تعتبر شريك مهم للأخر فشهدت الدولتان علاقات تعاون في مواقف عديدة لمواجهة قضايا عالمية منها قضايا الإرهاب والتي مثلت قضية اساسية في دفع الولايات المتحدة الامريكية للتعاون مع الصين من أجل مكافحة الارهاب وغيرها من القضايا منها انتشار الأسلحة النووية . و من هنا تدور المشكلة البحثية حول طبيعة السياسة الخارجية الامريكية وتوجهاتها تجاه الصين في عهد الرئيس جورج بوش وباراك أوباما, فالعلاقات مع الصين تعتبر هي الموضوع الاساسي والشاغل الرئيسي للسياسة الخارجية الامريكية وذلك كونها واحدة من الدول التي تشكل تهديداً حقيقياً علي  قدرة الولايات المتحدة الامريكية علي السيطرة علي العالم وأصبح النظام الدولي يتجه نحو التعددية القطبية لصالح القوي العظمي الجديدة وسحب البساط من الهيمنة الامريكية وذلك بالنظر الي الصعود الصيني علي المستوي الاقتصادي والتجاري فأصبحت الصين اهم قوة  دولية ظهرت علي الصعيد الدولي و احدثت تقدم هائل في العديد من المجالات . و عليه فالإشكالية التي يمكن معالجتها في البحث هي ما مدي التمايز بين السياسة الخارجية لإدارة كل من ( جورج بوش الابن و باراك اوباما )  فيما يتعلق بثوابت الاستمرارية و متطلبات التغيير تجاه جمهورية الصين الشعبية ؟

كما يتفرع من هذه الإشكالية المطروحة للبحث مجموعة من الاسئلة البحثية الفرعية التي يمكن ايجازها بالتساؤلات الاتية :_

1_ ما هي رؤية و سياسات الادارة الامريكية لكل من الرئيسين ( جورج بوش الابن و باراك اوباما ) تجاه الصين ؟

2_ ما هي العوامل و المحددات التي اثرت علي رؤية كلا من الرئيسين ( جورج بوش الابن و باراك اوباما ) و سياستهما الخارجية تجاه الصين ؟

3_  ما هي التحديات التي واجهت كلا من الرئيسين في تطبيق سياستهما الخارجية تجاه الصين؟

ثالثا : اهمية الدراسة .

تهدف هذه الدراسة الي تسليط الضوء علي السياسة الخارجية الامريكية في عهدي بوش الابن و اوباما تجاه الصين و دور كل من الرئيسين في التأثير المباشر علي صنع القرار في الولايات المتحدة الامريكية .و تبرز هذه الاهمية من جانبين :_

ا) الاهمية العلمية ( النظرية ) :_

تأتي الاهمية العلمية لهذه الدراسة من خلال معرفة محددات السياسة الخارجية  من أجل إضفاء  أهمية علمية و فهم اساليب كل رئيس في التأثير المباشر علي هذه السياسة من خلال اجراء دراسة مقارنة بينهما و هذا من شانه ان يؤدي الي اثراء المعلومات للباحثين و المهتمين و ايجاد افاق جديدة في البحث العلمي .

ب) الاهمية العملية ( التطبيقية ) :_

ان هذه الدراسة تعتبر تطبيق عملي و نموذج فعلي وواقعي فيما يخص تأثير الرئيس الامريكي  في عملية صنع القرار الخارجي من خلال دراسة فترتين رئاسيتين الأولي للحزب الجمهوري و المتمثلة في الرئيس بوش الابن و الثانية للحزب الديموقراطي و المتمثلة في الرئيس اوباما و بيان الاختلاف و التشابه بين هاتين السياسيتين تجاه الصين  و الذي من شانه ان يقدم  صناع القرار قرارات صائبة علي ارض الواقع .

رابعا : هدف الدراسة .

تهدف هذه الدراسة الي تحقيق مجموعة من الاهداف و منها : إبراز محددات السياسة الخارجية الامريكية للولايات المتحدة الامريكية و بيان التوجهات العامة التي اتبعتها السياسة الخارجية الامريكية في عهد الرئيسين بوش الابن و اوباما تجاه الصين و التأكيد علي ان هذه السياسة تتحدد بناءً علي التغيرات الحادثة في النظام الدولي و مدي القوة الاقتصادية المتنامية للصين, فبناءً علي هذين المتغيرين يقوم كلا من الرئيسين بتحديد سياسته الخارجية تجاه الصين وتحديد كونها سياسة تحالفية للاستفادة من الصعود الاقتصادي للصين, ام سياسة صراعية او علي الاقل يمكن وصفها بأنها سياسة تنافسية خوفا من تهديد الصعود الصيني العسكري لمصالح الولايات المتحدة في منطقة شرق آسيا .

خامسا :الفترة الزمنية للدراسة :.

الإطار الزمني للدراسة :. تبدأ هذه الدراسة من عام ٢٠٠١ وتنتهي ٢٠١٦ والذي يشكل فترة رئاسة جورج بوش الابن والرئيس بارك أوباما وأيضا أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ والتي شكلت مسارً مهماً في السياسة الخارجية الأمريكية وأيضا الأزمة المالية العالمية في عهد الرئيس أوباما والتي أثرت بشكل كبير علي سياسته الخارجية تجاه الصين والدول الكبرى .

سادسا :الادبيات السابقة :_

سوف يتم تقسيم الادبيات المتعلقة بالسياسة الخارجية الامريكية تجاه الصين الي ثلاث محاور رئيسية :_

المحور الاول ( متعلق بالسياسة الخارجية الامريكية ) : _

1_ ذكر د. اسلام عبادي في دراسة منشورة له في المركز الديموقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية و السياسية و الاقتصادية بعنوان ” السياسة الخارجية الامريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب 2017_ 2021 ” ان السياسة الخارجية الامريكية في عهد دونالد ترامب تميزت بمجموعة من السمات و من اهم هذه السمات الافتقار الي القدرة علي التنبؤ , عدم اليقين , الافتقار الي ان تكون سياسة متسقة و ايضا تميزت بالتوتر و العدائية احيانا , ووُصِفت السياسة الخارجية الامريكية في عهد دونالد ترامب بكونها تمثل قطيعة مع طبيعة السياسة التي انتهجها و اتبعها اسلافه كما انها خطيرة و غير متوقعة فقد كانت تقوم علي الاسلوب العدائي او الصدامي سواء في علاقته مع اعدائه او حلفائه و كان ترامب يعبر عن ذلك بطرق مختلفة مثل تغريداته علي تويتر و مع نهاية فترة الرئيس دونالد ترامب كانت معظم اراء المحللين السياسيين تميل الي توقع حدوث حرب باردة بين اكبر اقتصادين في العالم و هما الولايات المتحدة الامريكية و جمهورية الصين الشعبية و ان هذه الحرب سوف تحدث علي خلفية النزاع التجاري الذي كان قد بدا بينهما في عام 2018 و قد كان مجرد توقع حدوث هذه الحرب اشارة الي الخلل الذي اصاب نظام الاحادية القطبية الذي كان  قائما منذ عام 1991 . [3]

2_ قد اوضح عمر كامل  حسن في كتاب تم نشره من دار الخليج للنشر و التوزيع بعنوان ” الاتجاهات المستقبلية للسياسة الخارجية الامريكية ” , ان توجهات السياسة الخارجية الامريكية و ادائها السياسي و الاقتصادي و العسكري يؤكد علي حقيقة ثابتة و هي رغبة الولايات المتحدة في السيطرة علي العالم و هذا يفسر محاولاتها الدائمة للتفوق في المجالات السياسية و الاقتصادية و العسكرية بل و الثقافية ايضا , و ان الولايات المتحدة الامريكية منذ بروزها كقوة عظمي قد اتبعت مجموعة من الاستراتيجيات في سياستها الخارجية تتمثل في ( استراتيجية الاحتواء _استراتيجية الردع الشامل _ استراتيجية الرد المرن _ استراتيجية الرد المتدرج _ استراتيجية الدفاع الاستراتيجي او ما يعرف بحرب النجوم ) , و بعد  تفكك الاتحاد السوفيتي توجهت سياسة الولايات المتحدة الخارجية الي نشر قوات اكثر مرونة و توزيع قوات مسلحة[4]علي مستوي 28 قاعدة عسكرية موزعة في جميع ارجاء العالم . [5]

3_  قال هارون حسن في كتاب نشر له في مركز الامارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية بعنوان ” الاعلام و السياسة الخارجية : الولايات المتحدة الامريكية دراسة حالة ” ان التطورات التكنولوجية و ازدياد وسائل الاتصال الحديثة جعل الاعلام من المؤثرات المهمة في الحياة السياسية , و ان الولايات المتحدة الامريكية نموذج للدول التي اعتمدت علي الاعلام كجزء من سياستها الخارجية و خصوصا الرئيس دونالد ترامب و نشاطه المكثف مع متابعيه علي مواقع التواصل الاجتماعي و الذي كان له تداعيات مثل ازدياد نطاق مشاركة القوي الاجتماعية و تأثيرها في الخطاب السياسي في صنع القرار و انه حتي اذا كان هذا الخطاب السياسي الذي يتم من خلال الاعلام متعلقا بالسياسة الداخلية فلابد انه يتخطى الحدود الجغرافية للولايات المتحدة الامريكية و قد خلصت هذه الدراسة الي ان الدوائر السياسية المحيطة بالرئيس ترامب تستخدم التغريد الالكتروني اداة للتواصل المباشر مع الراي العام داخليا و خارجيا . [6]

التعليق علي المحور الأول:.  

تشترك هذه الدراسات في التأكيد على الطابع العدائي و التنافسي الذى تتسم به السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية بشكل عام  و سعيها الدائم لتحقيق و تعظيم مصالحها دون النظر الى أي اعتبارات أخرى, وأن أي سياسة خارجية تتبناها الولايات المتحدة الامريكية سواء كانت عدوانية او تنافسية تعتمد على المصلحة التي تتحقق لها من تلك السياسة , و الاتفاق أيضا على استخدام الولايات المتحدة للإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعّال لتحقيق سياستها الخارجية .

المحور الثاني الخاص بالصعود الصيني

1_ محمد محاوى في دراسة بعنوان ” تأثير الصعود الصيني علي النظام الدولي في ظل الهيمنة الاميركية ” أوضح مقاومات الصعود الصيني بالتركيز علي القوة الصينية والمؤشرات السياسية والاقتصادية والعسكرية وسعي الصين للحصول علي مكانة في النظام الدولي وذلك في ظل الهيمنة الامريكية، فكان النمو الاقتصادي والعسكري للصين مما جعل النظام الدولي يتجه الي نظام متعدد الأقطاب مما يمثل تهديد للأحادية القطبية للولايات المتحدة الامريكية وان القرن الواحد والعشرين هو القرن الصيني، واعتمدت هذه الدراسة علي المنهج الواقعي حيث ان الاتجاهات الواقعية اكثر اهتماماً بموضوع الصعود الصيني وتأثيره علي النظام الدولي وعلي الهيمنة الاميركية، وتوصلت هذه الدراسة الي مجموعة من النتائج منها ان الصين لديها القدرة علي تحقيق مكانة في النظام الدولي لما تمتلكه من إمكانيات وتستطيع منافسة الولايات المتحدة علي الساحة العالمية كما ان الصين تجنبت لعب دور في القضايا السياسية الدولية كما ان الولايات المتحدة الاميركية تنتهج سياسة احتواء ومنافسة الصين مما يؤدي الي تشكيل نظام عالمي جديد[7]

2_منصور فالح إسماعيل في دراسة لعنوان ” الفرص والتحديات للنمو الصيني كقوة عظمى “(١٩٩٠-٢٠٠٨) وهدفت هذه الدراسة إلى توضيح الجوانب الاقتصادية والسياسة والعسكرية للصين وظهورها كقوة عظمى في النظام الدولي وذلك من خلال تحليل مقاومات النمو الصيني والعوامل الداخلية والخارجية المؤثرة عليه وأصبحت الصين قوة عظمى جديده وأصبحت تمثل خطراً على مصالح القوى القائمة وذلك لامتلاكها العديد من المقاومات التي جعلتها قوة اقليميه وعالميه وقوة منافسه ومؤثره في العلاقات الدولية ، واعتمدت هذه الدراسة علي منهج تحليل النظم في تحليل السياسة الخارجية وتوصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج منها ان الإصلاح الاقتصادي للصين يؤدى إلى تعميم التعاون الدولي كما أن المؤسسة العسكرية الصينية محدد هام لصانع القرار وان التحولات التي طرأت على السياسة الخارجية الصينية هي تحولات تكتيكية وليست استراتيجية.[8]

3_ملامح نصيرة، دراسة بعنوان “الاستراتيجية الاقتصادية للصين ومكانتها في النظام الدولي ” وتهدف هذه الدراسة التعرف على الاستراتيجية الاقتصادية للصين وتأثيرها على النظام الدولي وتوضيح التجربة التنموية للصين بعد أن كانت تنتمي إلى الدول النامية أصبحت من خلال النموذج التنموي والاستراتيجية الاقتصادية قوة عظمى ذات تأثير إقليمي ودولي واضح، كما أوضحت هذه الدراسة نهوض الاقتصاد الصيني وقدرته على تلبية الاحتياجات الداخلية والتأثير في البيئة وبناء علاقات مع دول شرق آسيا وركزت هذه الدراسة على الأزمة المالية العالمية والتي حققت من خلالها الصين ازدهار وصعود واضح واعتمدت هذه الدراسة على المنهج التحليلي لدراسة السعودي الصيني والتجربة التنموية للصين وأيضا المنهج التاريخي لدراسة تطور الفكر الاستراتيجي الصيني والمنهج الإحصائي لمتابعة مؤشرات القوة الاقتصادية والعسكرية للصين، وتوصلت هذه الدراسة إلى أن الصين أصبحت قوة اقتصادية إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، و كما أن الصين تبنت استراتيجية اقتصادية متعددة الجوانب وموجهة إلى الدول الآسيوية وعززت الصين علاقتها مع الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الأميركية وسعي الصين لتغيير النظام الدولي القائم على الهيمنة الأمريكية.[9]

4_  قام علي حسين محمود باكير، في  دراسة بعنوان (“مستقبل الصين في النظام العالمي دراسة في الصعود السلمي والقوة الناعمة”) برصد مستقبل الصعود الصيني على المستوى العالمي من خلال مناقشة سياسة التنمية السلمية في الصين ثم تحولت هذه السياسة إلى الصعود السلمي للصين، ورأت الصين أن الصعود السلمي هو الوسيلة الصحيحة للحصول على دور في النظام العالمي وتحول إلى قوة كبرى وذلك لمواجهة التصورات التي تم ترويجها عن الصعود الصيني وكان سقوط الاتحاد السوفيتي هو العامل الأساسي في الصعود الصيني ثم بعد ذلك بدأ الخطر الصيني يطرح نفسه على الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول في شرق آسيا، وظهرت نظرية الخطر الصيني وذلك نتيجة لسرعة التقدم الصيني على المستوى الاقتصادي، الأمر الذي جعل الصين تحتوي الغضب الأميركي والعمل على تهدئة الموقف حتى لا تلقى مصير الاتحاد السوفيتي السابق، وفي نهاية التسعينات بدأت الأمور تأخذ منحني جديد حيث تحول الخطر الصيني بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية من الجانب الاقتصادي إلى الجانب العسكري فبدأت الولايات المتحدة تركز بشكل كبير على التهديد العسكري للصين، وجاء الرد الصيني على سياسة الولايات المتحدة بالخطر الصيني سواء الاقتصادي أو العسكري أو السياسي بأن العلاقات الصينية الأميركية لا يمكن مقارنتها بالعلاقات الأمريكية السوفيتية وأن الصين لا تمثل تهديد رئيسي لمصالح الولايات المتحدة وأن الصين لا تريد خوض حرب باردة أخرى مع الولايات المتحدة، كما أن الصين لا تسعى للسيطرة والهيمنة على العالم على عكس الاتحاد السوفيتي إنما تسعى الصين إلى خلق بيئة إقليمية ودولية سلمية تقوم على مبدأ التعايش السلمي وأن سياستها الخارجية لا تتضمن إنشاء أحلاف عسكرية، كما أن الصين لا تسعى إلى تصدير نظامها الاشتراكي إلى باقي الدول حيث أن الصين دولة مسالمة تدعو لتحقيق الصداقة والسلام في سياستها الخارجية، اعتمدت هذه الدراسة على منهج علمي متكامل يتضمن المنهج التاريخي والوصفي التحليلي وأسلوب المقارنات فهي تقوم بشكل أساسي على المنهج الاستقرائي، وتوصلت هذه الدراسة أن الصعود السلمي الصيني لا يستمر في المستقبل رغم سعي القادة الصينيين إلى ضبط خطر الصعود الصيني.[10]

التعليق علي المحور الخاص بالصعود الصيني:.

تشترك هذه الدراسات في التركيز على مقاومات الصعود الصيني وأهمها المقومات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والتي أصبحت من خلالها الصين قوة عظمى تحتل مكانة مهمة في النظام الدولي وأكدت هذه الدراسات أن الصعود الصيني له أثر كبير على الهيمنة الأمريكية وسعي الصين لسحب البساط إن الولايات المتحدة الأمريكية والتحول إلى نظام متعدد الأقطاب بدلا من نظام أحادي القطبية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة الأمريكية مما جعل أمريكا تنظر إلى الصعود بأنه تهديد لها ومصالح وسعيا لاحتواء هذا الخطر الصيني وأوضحت هذه الدراسات أن الصين تتبع نموذج تنموي سلمي وتحولت إلى الصعود السلمي

المحور الثالث (السياسة الخارجية الأميركية تجاه الصين ).

1_ ركزت إيمان عبدالله عبدالخالق في  ‏دراسة بعنوان أثر ‏العلاقات الصينية الأمريكية على النظام الدولي منذ 2001 على إطار العلاقات الدولية بيننا قوتين عظمتين ‏على غرار التغيرات التي شهدها النظام الدولي وأبرز هذه التطورات هو سقوط الاتحاد السوفيتي وصعود قوة جديدة ‏وتعالج هذه الدراسة بشكل أساسي تنامي قوة الصين وتعاظم دورها السياسي والاقتصادي ‏والعسكري على الساحة الدولية مما جعلها قوة منافسة ‏لأمريكا التي تهيمن على العالم ويؤثر ذلك بشكل أساسي ‏على معالم النظام الدولي وسعيها ‏لجعل هذا النظام متعدد الأقطاب، ‏وتطرقت هذه الدراسة إلى إمكانية القوتين ‏الصين وأمريكا خاصة في المجال النووي فكان أي نشاط ‏لأي من الدولتين ‏له تأثير كبير على العالم كله، ‏اعتمدت هذه الدراسة على منهج تحليل النظم ‏لدراسة وتحليل النظام الدولي وتطبيقه ‏على العلاقات الصينية الأمريكية و تأثيرها على النظام الدولي.‏ وتوصلت هذه الدراسة إلى نقاط الالتقاء والتعارض بين الدولتين واثر هذه العلاقة على النظام الدولي وتأثير السعودي الصيني على الهيمنة الأمريكية وسعي الولايات المتحدة الأمريكية على احتواء هذا الصعود الصيني. [11]

2_ تناول  ليوشيه تشينج بي شي دونج في  دراسة بعنوان (” الصين والولايات المتحدة الأمريكية خصمان أم شريكان”) السياق التاريخي للعلاقات الأمريكية الصينية وذلك منذ قيام جمهورية الصين الشعبية 1949 كما أوضحت العلاقات بين الدولتين منذ الحرب الباردة وذلك لتطور الأحداث في ذلك الوقت ثم تطرقت إلى تطور هذه العلاقات بعد الحرب الباردة وذلك بعد سقوط الاتحاد السوفيتي والتحول لنظام من أحادي القطبية تقوم فيه الولايات المتحدة الأمريكية بالسيطرة على العالم إلا أنه بظهور الصين وتعاظم قوتها في ذلك الوقت أصبحت المنافس الهيمنة الأميركية، و فأصبحت العلاقات الأمريكية الصينية محور تفاعلات على الساحة الدولية نظرا للاختلاف والتناقضات الواضحة في توجهات وسياسات الدولتين، فالولايات المتحدة هي صاحبة التطور الاقتصادي طويل الأجل بينما شهدت الصين تطور اقتصادي سريع في إطار التطورات التي تحدث في الساحة الدولية، وشهدت هذه العلاقات موجة من التعاون والشراكة وعلى جانب آخر شهد التنافس وخصومه، وتؤثر هذه الأحداث بشكل كبير سواء في الشؤون الإقليمية والدولية وانتهجت الصين سياسة السلمية ومستقلة منذ نهاية الحرب الباردة إلا أن الولايات المتحدة تقوم بفرض العقوبات على الصين فالسياسة الخارجية الصينية تجاه أمريكا في ذلك الوقت تركز بقوة على الحوار وزيادة الثقة وتطور التعاون إلا أنه مع إعلان أمريكا عن الخطر الصيني وسياسة الاحتواء للصين قامت الصين بتغيير سياستها تجاه أمريكا للرد على سياسة الاحتواء الصيني، وتوصلت هذه الدراسة إلى أن العلاقات الأمريكية الصينية شهدت تطور كبير منذ انتهاء الحرب الباردة إلا أنها واجهت العديد من الصعوبات فمنذ بداية الحرب الباردة فقد القادة الصينيون والأميركيون القدرة على إقامة علاقات تعاون لافتقارهم الثقة المتبادلة.[12]

3_ قام حذفاني نجيم في دراسة بعنوان “العلاقات الصينية الأمريكية بين التنافس والتعاون -فترة ما بعد الحرب الباردة- “بعرض والتركيز على كل من الجانب التعاوني والتنافسي ‏العلاقات الأمريكية الصينية وليس فقط الجانب التنافسي بين الدولتين ‏وذلك بناءً علي طبيعة العلاقات الدولية ‏التي تتسم بالصراع والتنافس والتعاون، ‏وأيضا تأثير العلاقات الصينية الأمريكية على جميع التفاعلات على المستوى الدولي والإقليمي في إطار سعي الولايات المتحدة للحفاظ على سيادتها في مواجهة الصعود الصيني ‏وبالتالي اختلاف رؤي كل من الدولتين واختلاف توجهاته واعتماد هذه الدراسة على ‏المنهج التاريخي من خلال رصد التطور التاريخي في مسار العلاقات الصينية الأمريكية،‏والمنهج المقارن من خلال المقارنة بين السلوك الصيني والسلوك الأمريكي والسياسات التي تتبعها كل دولة، ‏والمنهج الوصفي لوصف طبيعة العلاقات. ‏وتوصلت هذه الدراسة إلى أن المواجهة العسكرية بين الصين و الولايات المتحدة بعد الحرب الباردة هي أمر مستبعد لأن المواجهة المسلحة تعني الدمار الشامل ‏ولكن هذا لا يعني عدم إمكانية قيام حرب باردة مرة أخرى، ‏في العلاقات الأمريكية الصينية تمثل محور أساسي في تشكيل التوازن الدولي و تشكيل العلاقات الثنائية[13]

4_ركزت سميحه زروخي في دراسة بعنوان(” العلاقات الصينية الأمريكية بين التعاون والصراع منذ أحداث 11سبتمبر 2001م”) على موضوع العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين بعد أحداث سبتمبر 2011 وكانت هذه العلاقات علاقة تعاون والصراع وذلك لاختلاف مصالح كل دولة عن الأخرى، وأوضحت هذه الدراسة أهم القضايا المتنازع عليها منها قضايا حقوق الإنسان والأزمة الكورية وأزمة تايوان……. إلخ، وأيضا محددات التنافس الصيني الأمريكي منها المحددات الجيوبولوتيكية, المحدد الاقتصادي، المحدد الأمني والثقافي، وشهدت العلاقات الأمريكية الصينية تحولات عديدة بعد الحرب الباردة منها السعي لإقامة علاقات تشاركية لتحقيق التوازن بين الاعتبارات الاقتصادية وكان كلا الطرفين يدرك نوايا الطرف الآخر من إقامة علاقات تعاونية، وضعت هذه الدراسة سيناريوهات لمستقبل العلاقات بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وهما سيناريو استمرار الوضع والآخر سيناريو تشاؤمي الصدام بين الدولتين، واعتمدت هذه الدراسة على المنهج التاريخي لمتابعة سير الأحداث وفهم أسباب التحول في هذه العلاقات والتغير فيها ومحاولة التنبؤ بمستقبل هذه العلاقات، والمنهج الوصفي لوصف وتحليل طبيعة العلاقات بين القوتين، وتوصلت هذه الدراسة إلى أن منطقة شرق آسيا ساحة لمواجهة الصين والولايات المتحدة وأن الصين إحدى التحديات الأساسية أمام السياسة الأمريكية في شرق آسيا فالصعود الصيني هو مصدر تهديد للأمن القومي الأمريكي.[14]

التعليق علي المحور الثالث.

تشترك هذه الدراسات في التركيز على الأحداث والمحددات الدولية التي شكلت السياسة الخارجية الأمريكية  تجاه الصين بدءاً من انهيار الاتحاد السوفيتي و حتى أحداث 11 سبتمبر , و التأكيد على دور هذه الأحداث في طبيعة السياسة الخارجية التي تتبناها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الصين و إذا ما كانت سياسة تعاونية او تنافسية في إطار سعى الولايات المتحدة للاستفادة من التقدم الاقتصادي الذى أحرزته الصين و السعي في الوقت ذاته للحفاظ على سيادتها في مواجهة الصين لكن مع استبعاد المواجهة المسلحة للحفاظ على تلك السيادة .

التعليق العام على الأدبيات .

بعد الاطلاع على الأدبيات السابقة يتضح لنا اتفاقها حول الطابع العدائي للسياسة الخارجية الأمريكية و رغبتها الدائمة في الحفاظ على سيطرتها و هيمنتها على العالم من خلال استخدامها لوسائل مختلفة , و تمثيل الصعود الصيني الاقتصادي تهديد كبير على تلك الهيمنة الأمريكية بعد أن أصبحت الصين على شفا أن تصبح قوة دولية عظمى تنافس الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الإطار لاحتواء الخطر من خلال أدوات مختلفة تعاونية أحياناً و تنافسية أحياناً أخرى .

و تضيف هذه الدراسة إلى تلك الأدبيات إبراز محددات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين و توجهاتها العامة في عهد جورج بوش الابن و باراك أوباما في اطار التغيرات التي تطرأ على الصعود الصيني العسكري بسبب تخوف الولايات المتحدة الأمريكية من تمكين الصين لمصالحها في الشرق آسيا.

 سابعا : مفاهيم الدراسة : ( السياسة الخارجية ، وتحول القوة) .

يتحدث البحث عن السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين و بالتالي محور البحث يدور حول مفهومين أساسيين و هذين المفهومين هما تحول القوة ( باعتباره أساس التعامل بين الولايات المتحدة الصين ) ,و المفهوم الأخر هو مفهوم السياسة الخارجية و الذي لا تقتصر أهميته فقط على أنه محور البحث و لكن أيضاً تنبع أهميته من اختلاف العلماء حول وضع تعريف محدد له ,و يمكن توضيح و شرح المفهومين ( السياسة الخارجية ,تحول القوة ) كالآتي :_

أولا: مفهوم السياسة الخارجية

اختلف الكثير من المفكرين في تحديد مفهوم السياسة الخارجية بشكل دقيق، وذلك لاختلاف منطلقات كل منهم في تعريفه لها.ويمكن عرض بعض تعريفاتها في ثلاث  اتجاهات:

_الاتجاه الأول يعرف السياسة الخارجية باعتبارها مجموعة من البرامج، و من أهم رواد هذا الاتجاه الدكتور محمد السيد سليم و الذي قام بتعريف السياسة الخارجية باعتبارها ” برنامج العمل العلني الذي يختاره الممثلون الرسميون للوحدة الدولية من بين مجموعة من البدائل  المتاحة من أجل تحقيق أهداف محددة في المحيط الخارجي”. و لكن يؤخذ علي هذا التعريف عدم تحديده لطبيعة الوحدة الدولية التي قصدها في تعريفه، فالوحدات الدولية في النظام الدولي متعددة فقد تكون دول او منظمات دولية… الخ.

_الاتجاه الثاني يعرف السياسة الخارجية باعتبارها سلوك صانع القرار، و من رواد هذا الاتجاه تشارلز هيرمان الذي عرف السياسة الخارجية علي انها ” تتألف من السلوكيات الرسمية المتميزة التي يتبعها صانعو القرار الرسميون في الحكومة او من يمثلونهم و التي يقصد بها التأثير في سلوك الدولة الخارجية”. و يؤيده في هذا الاتجاه مازن الرمضاني الذي يعرف السياسة الخارجية باعتبارها ” السلوك السياسي الخارجي الهادف و المؤثر لصانع القرار “. و قد انطلقت هذه التعريفات من الدمج بين السياسة الخارجية و سلوكيات صانع القرار و لكن يؤخذ علي هذه الدراسة انها تقريباً جعلت السياسة الخارجية و سلوك صنع القرار معنيين مترادفين و هذا غير صحيح فسلوك صنع القرار من الممكن أن يساهم في توجيه السياسة الخارجية، اما السياسة الخارجية في حد ذاتها موجهة للبيئة الخارجية و هذا ما يميزها عن عملية صنع القرار.

الاتجاه الثالث :يفترض هذا الاتجاه ان السياسة الخارجية نشاطها الأساسي موجه للحفاظ على الوضع القائم و عدم تغييره و لكن هذا غير حقيقي ف السياسة الخارجية يمكن أن توجه انشطتها اما للحفاظ على الوضع القائم او حتي تغييره كما انها ليست موجهة للدول فقط لكن توجه أيضا لجميع فواعل النسق الدولي.

ثانيا: مفهوم تحول القوة.

لقد كثر الجدل في السنوات الأخيرة حول قضية الهيمنة العالمية علي المجتمع الدولي و إمساك الولايات المتحدة بزمام قيادة العالم و مستقبل تلك الهيمنة و لا سيما إبان وجود إدارة أمريكية يمينية محافظة بقيادة جورج بوش الابن، تلك الإدارة التي كان لها من القيم و المعتقدات السياسية و الأيديولوجية و الفكرية ما جعل مسألة استمرار الهيمنة الأمريكية في المستقبل كقطب أوحد محل مناقشات و بحوث و دراسات عدة حاولت الخوض في هذا المضمار، و كان لها رؤاها المختلفة. و منذ سنوات قليلة بدأ الحديث في اوساط الباحثين _ المهتمين بدراسة القوة و مؤشراتها و معايير قياسها _ يدور حول مسألة تحول القوة الدولية لغير صالح الولايات المتحدة الأمريكية مما يثير هاجس احتمال اتجاه بعض القوي البازغة علي الساحة العالمية _ و علي رأسها الصين _ الي مناوأة الولايات المتحدة الأمريكية في مكانتها العالمية.

و بالتالي يشير مفهوم ” تحول القوة” إلى فقدان دولة مهيمنة لموقعها القيادي في النظام الدولي لصالح دولة أخرى تتنامي قوتها بشكل متسارع و تسعي هذه الدولة إلى الوصول إلى موقع الهيمنة، فمن أجل حدوث تحول للقوة يجب علي الدولة الصاعدة أن تمتلك مقومات للقوة تفوق تلك التي كانت تمتلكها الدولة المهيمنة، أو علي الأقل تعادلها، و بالتالي علي الدولة الصاعدة العمل علي تضييق الفجوة بين مقدراتها القومية و مقدرات الدولة المهيمنة.

ثانياً الإطار النظري : ( النظرية الواقعية في العلاقات الدولية) .

تعتبر النظرية الواقعية  اكثر النظريات ارتباطا بمجال العلاقات الدولية فمازالت تحليلاتها موجودة حتى هذا الوقت و تركز على الظاهرة الدولية من خلال ما هو موجود اي انها تقوم بدراسة الوضع القائم دون التطرق الي بناء فكري قيمي أخلاقي لتفسير تطور الأحداث الدولية كما تسهم بدراسة و تحليل الأسباب و العوامل الكامنة و اتخذت من الدولة وحدة للتحليل من أجل فهم طبيعة التفاعلات الموجودة علي النظام الدولي و تعتمد على مفهوم المصلحة القومية و القوة كمعيار للتفاعل الموجود في النظام الدولي كما انهم اهم متغيرين لإدارة العلاقات الدولية مما يدفع الدول للدخول في تحالفات من أجل تعزيز مصلحتها القومية و زيادة قوتها و تتضمن النظرية الواقعية القواعد و المبادئ الفلسفية لتحليل الظاهرة الدولية ووضع تصورات للنظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية. و أكدت النظرية الواقعية انه لا يوجد مجال للأخلاق في العلاقات الدولية فهناك اختلاف بين الأخلاق و متطلبات العمل السياسي، وتعتبر النظرية الواقعية ان المحصلة هي جوهر علم السياسة والعلاقات الدولية . [15]

و برغم قدم الأصول الفكرية للواقعية السياسية, إلا أن نشأة المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية نشأة حديثة نسبياً , حيث ترجع للفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية, ففي هذه المرحلة تحول الاهتمام في دراسة العلاقات الدولية من إطارها القانوني إلى إطارها الواقعي بما تحمله من أبعاد متشابكة و ما تعكسه من مصالح متناقضة و ما تراعيه من موازين قوى, و قد اعتمدت نظرية الواقعية على مفاهيم خاصة لفهم تعقيدات السياسة الدولية و تفسير السلوك الخارجي للدول , لعل أبرزها ( الدولة , القوة , المصلحة , العقلانية , الفوضى الدولية , التقليل من دور المنظمات الدولية, الاعتماد على الذات وهاجس الأمن و البقاء ) و باتت تلك المفاهيم بمثابة مفاتيح اعتمدتها كل المقاربات الواقعية. و بالتطبيق علي السياسة الخارجية الأمريكية، تتمحور النظرية في السياسة الخارجية الامريكية في رغبتها في تحقيق المصالح العليا للولايات المتحدة و ضمان تحقيق الهيمنة الأمريكية علي العالم في كل المجالات سواء سياسية او اقتصادية او عسكرية، فالواقعية الأمريكية يطلق عليها أيضا ” البرجماتية ” و التي تعني تحقيق المصالح بغض النظر عن المبادئ، فالسياسة الخارجية الأمريكية لا تتضمن ايدلوجية او عقيدة إنما تعطي الاولوية لتحقيق المصلحة.

السياسة الخارجية ترتبط بما يطرأ  في البيئة الدولية و الاقليمية من تغيرات مثل الصعود الصيني بعد الحرب الباردة في منطقة جنوب شرق آسيا و الذي مثل تهديداُ للمصالح الأمريكية في المنطقة، و بناء على ذلك و اعتمادا علي مبادئ النظرية الواقعية التي تعتمد عليها الولايات المتحدة في تعظيمها لفكرة المصلحة، كان هناك رد فعل أمريكي واضح تجاه صعود الصين حتي تحمي مصالحها في المنطقة.

تاسعاً :منهجية الدراسة:

سوف نعتمد في هذه الدراسة علي المنهج الوصفي الذي يعني طريقة دراسة الظواهر أو المشكلات العلمية من خلال القيام بالوصف بطريقة علمية، و من ثم الوصول إلى تفسيرات منطقية لها دلائل و براهين تمنح الباحث القدرة على وضع أطر محددة للمشكلة و يتم استخدام ذلك في تحديد نتائج البحث كما أنه يتميز بالواقعية في التعامل مع المشكلة البحثية و يعتمد على مجموعة من الأدوات لجمع المعلومات و البيانات مثل الاستبيان و الملاحظة و إجراء المقابلات ، و ذلك من أجل وصف السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين من خلال الأدوات التي تستخدمها و السلوكيات التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الصين و الوصول من هذه السلوكيات الي تفسيرات عامة توضح و تفسر السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين من خلال الأدوات التي تم ذكرها ، وأيضا المنهج المقارن هو المنهج الذي يعتمد علي المقارنة في دراسة اي ظاهرة لإبراز اوجه التشابه والاختلاف بين ظاهرتين او اكثر و تحديد الشروط و الظروف التي تقف وراء هذا الاختلاف و الاتفاق  حيث ان المقارنة هي مطلب رئيسي في التحليل العلمي  و يعتمد مستخدمي هذا المنهج  على مجموعة من الخطوات من أجل الوصول إلى الحقائق العلمية  لذلك اعتمدت هذه الدراسة علي هذا المنهج لتوضيح اوجهه التشابه والاختلاف بين توجهات السياسة الخارجية بين الرئيس جورج بوش الابن وبارك أوباما وتأثير نهج كل منهما في صنع السياسة الخارجية علي العلاقات الامريكية الصينية .

الفصل الأول :- محددات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين .

تتشكل محددات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين في إطار مجموعة من الظروف منها محاولات الولايات المتحدة الأمريكية الدائمة لتطويق الصين بقواعد عسكرية في كل مكان و إجهاض كل مساعي الصين في الحصول على مكانة دولية موازية لمكانة الولايات المتحدة الأمريكية أو حتى تسبب لها أي تهديد محتمل, و الحقيقة أن هذه الظروف التي تتشكل في إطارها المحددات لا تقتصر فقط على الولايات المتحدة الأمريكية, لكن هناك أيضاً ظروف سياسية في الصين تؤثر على طبيعة السياسة الخارجية التي تتبناها الولايات المتحدة تجاه الصين, و تنقسم محددات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين إلى مبحثين رئيسين وهما : أولاً مبحث المحددات الداخلية و الذى يشمل ( الموارد الطبيعية و الاقتصادية و دور المؤسسات الرسمية و غير الرسمية …إلخ ) , و ثانياً مبحث المحددات الخارجية و الذى يشمل ( المتغيرات الإقليمية و العالمية ) و سوف يتم شرح كلاً من المبحثين باستفاضة كالتالي :_

المبحث الاول : المحددات الداخلية .

لقد كان للمحددات الداخلية دوراً هاماً في تحديد السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين ,و تشمل المحددات الداخلية ( المحددات الجغرافية و البشرية_ المحددات الاقتصادية_ المحددات العسكرية ) و تتمثل محددات الداخلية للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين فيما يلي:_

1_ المحددات الجغرافية و البشرية .

يلعب العامل الجغرافي دوراً هاماً في تحديد التوجهات العامة للسياسة الخارجية لأى دولة, حيث تلعب أوضاع الجغرافيا السياسية دوراً مهماً في تشكيل بيئة القرارات السياسية لدولة ما, فهي تتفاعل مع تأثيرات عناصر قوة الدولة و ثقافتها و قيادتها . فتعتبر جغرافية الدولة من العوامل المهمة في تحديد توجهات السياسة الخارجية لأى دولة و أحد العوامل ذات الطابع المادي و الأكثر ثباتاً و ديمومة في عناصر قوة الدولة, حيث تقع الولايات المتحدة الأمريكية في النصف الشمالي من القارة الأمريكية  و في النصف الجنوبي من أمريكا الشمالية و تمتد من المحيط الأطلسي شرقاً إلى المحيط الهادي غرباً و تحدها من الشمال كندا و من الجنوب المكسيك  و تضم أيضاً ألاسكا و جزر هاواي .

لذلك فمن المهم تبيين أهم ملامح المجال الجغرافي للولايات المتحدة الأمريكية, حيث تعد خامس دول العالم مساحةً (9826675 كم مربع ) بعد روسيا الاتحادية و الصين و كندا و البرازيل, تمتد من درجة العرض 25 شمالاً عند الطرف الجنوبي لشبه جزيرة فلوريدا حتى درجة العرض 49 شمالاً  و هو الخط الذي يساير في معظمه الحدود السياسية بين كندا و الولايات المتحدة و هذا يعنى أنها تقع في عروض وسطى وشبه مدارية , و تمتد ايضاً بين خطى طول 67 و 124 وهي بذلك تعد دولة تتميز بموقع استراتيجي هام , كما تتميز الولايات المتحدة بعمق استراتيجي كبير يعد عامل مهم في تدعيم وزن الدولة الاستراتيجي الدفاعي خصوصاً, وبالنظر للامتداد الجغرافي للولايات المتحدة يمكن تفسير السبب في تنوع المناخ الذي يتميز بالاعتدال بشكل عام لكنه يختلف حسب مناطق البلاد فيكون بارداً ف ولاية ألاسكا و حاراً في ولايتي تكساس و فلوريدا و تنوع الأقاليم و تعدد الثروات و الموارد  الطبيعية مثل الفحم و الحديد و النحاس و الذهب و اليورانيوم بالإضافة للنفط و الغاز الطبيعي مما يؤثر إيجاباً على الاقتصاد  , و من الجانب البشرى تعد الولايات المتحدة هي ثالث دولة من حيث عدد السكان في العالم و يقدّر عدد سكانها بنحو 318892103 نسمة و نسبة النمو بها تصل إلى 0.77 %  طبقاً لتقديرات عام 2014 .[16]

كما تتميز الولايات المتحدة بطبيعتها الجبلية فيوجد في الشرق جبال الأبلاش و التي هي من اهم مصادر الفحم في البلاد و في الغرب أيضاً يوجد جبال الروكي, أما الطبيعة في الوسط فهي سهلية حيث تقوم فيها الزراعة معتمدة على مياه المسيسبي . قد عملت الولايات المتحدة بشكل مستمر على إدارة سياستها الخارجية بالطرق التي تحقق لها كل أهدافها المرجوة و المتمثلة بشكل أساسي في فرض سيطرتها و هيمنتها على العالم, و لم تكن حريصة دائماً على خلق علاقات تعاونية مع الدول المجاورة لها جغرافياً, بل تميزت إدارة السياسة الخارجية الأمريكية بطابع تدخلي  في شؤون الدول في كثير من الأحيان و ذلك حيث أنها تتبنى النظرية الواقعية في سياستها الخارجية و التي تعظم من مصلحة الدولة و تهدف إلى تحقيق أهداف بغض النظر عن الوسائل المستخدمة في ذلك و بغض النظر عما إذا كانت سلمية و أخلاقية أم لا  .[17]

2_ المحددات الاقتصادية .

تتميز الولايات المتحدة اقتصادياً بوجود وفرة من الموارد الطبيعية, بنية تحتية متطورة و إنتاجية مرتفعة, تعد الولايات المتحدة تاسع أكبر إنتاج محلى إجمالي للفرد في العالم, وهي أكبر منتج للنفط و الغاز الطبيعي  في العالم , كما تعد الولايات المتحدة ثاني أكبر بلد تجارى في العالم, و للولايات المتحدة واحداً من أكبر و أكثر الأسواق المالية نفوذاً ” بورصة نيويورك ” و هي أكبر بورصة في العالم من حيث رأس المال السوقي و تبلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة 2,4 تريليون دولار, تمتلك الولايات المتحدة أكبر سوق مستهلك في العالم بنفقات الاستهلاك النهائي للأسر المعيشية تساوى خمس أضعاف اليابان , سوق العمل الأمريكي جذب للمهاجرين من جميع أنحاء العالم و لذلك فالولايات المتحدة هي واحدة من أعلى اقتصاديات الأداء في الدراسات مثل مؤشر ايست ووينك للأعمال .

اقتصاد الولايات المتحدة قائم على نظام اقتصاد السوق, و يعتبر اقتصاد الولايات المتحدة الأقوى تقنياً والأكثر ابتكاراً على الصعيد العالمي و تبرز قوة الاقتصاد في مجالات الذكاء الاصطناعي والحاسوب و الأدوية و الطب و الفضاء الجوي و التقنية العسكرية خصوصاً , و يعد الدولار الأمريكي العملة الأكثر استخداماً في التجارة الدولية و العملة الرئيسية في احتياطي العملات التي تحتفظ بها المصارف و الدول مدعوماً باقتصاد الولايات المتحدة و قواتها المسلحة و إعادة تدوير البترودولار و الإيداعات الآجلة بالدولار خارج مصارف الولايات المتحدة . تعد الصين والاتحاد الأوروبي و كندا و المكسيك و الهند و اليابان و كوريا الجنوبية و المملكة المتحدة و تايوان من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة .

كما يتمتع الاقتصاد الأمريكي بعناصر قوة تجعل الاقتصاد العالمي يتأثر بأي أزمة يمر بها الاقتصاد الأمريكي و من هذه العناصر :_

_أن الاقتصاد الأمريكي اقتصاد عملاق يشكل 30 % من الناتج المحلى الإجمالي العالمي حيث يبلغ الناتج المحلى الإجمالي الأمريكي حوالى 15 تريليون دولار, و الناتج المحلى الإجمالي العالمي 60 تريليون دولار و بالتالي فإن الاقتصاد الأمريكي في حالة نموه و ازدهاره يزدهر معه الاقتصاد العالمي و في حالة كساده و ركوده يركد معه الاقتصاد العالمي .

_ لا يزال الدولار مسيطر على الموقع الأول في النظام النقدي الدولي بسبب هيمنته على ثلثي الاحتياطات الدولية للعملات الحرة , و هذا ما يمنح الولايات المتحدة الأمريكية وضعاً خاصاً يجعلها قادرة على تسديد قيمة مستورداتها بعملتها الوطنية .

_ يعد الاقتصاد الأمريكي أكبر اقتصاد مستقبل للاستثمارات الأجنبية المباشرة فعلى سبيل المثال في عام 2008 حيث بلغت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الداخلة إلى الاقتصاد الأمريكي 316 مليار دولار بعد أن كانت 271 مليار دولار في عام 2007 تشكل نسبة 32% من مجموع التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة الداخلة على المستوى العالمي و البالغة 962 مليار دولار في عام 2008 .

على الرغم من تقدم الاقتصاد الأمريكي لدرجة اعتباره الاقتصاد الأقوى في العالم , الاّ أنه أيضاً يواجه تحديات و مشكلات منها تحديات داخلية مثل الكوارث الطبيعية و البيئية و التفاوت في دخل الأفراد الذى يؤدى للعديد من النزاعات , و تحديات خارجية متمثلة في المنافسة الأجنبية حيث يميل الكثير من بلدان العالم إلى شراء المنتجات الصينية  رخيصة الثمن و هذا يرفع المنافسة مع المنتجات الاقتصادية الأمريكية , و مشكلة العجز التجاري التي تمثل مشكلة نسبية للولايات المتحدة الامريكية و هذا يعنى أن القوة الاقتصادية الأمريكية العظمى تواجه بعض المشكلات . [18]

3 _ المحددات العسكرية .

هيمنة الولايات المتحدة على العالم منذ عدة سنوات و حتى الان لم يكن من قبيل الفراغ , و لا يرجع أيضاً إلى تفوقها اقتصادياً أو دبلوماسياً فقط , لكن سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على العالم ترجع لوجود عدة عناصر متكاملة و من أهمها القوة العسكرية , فالقوات المسلحة الأمريكية هي أقوى قوات مسلحة في العالم و ثاني أكبر جيش بعد جيش التحرير الشعبي الصيني و تأسس منذ إعلان الولايات المتحدة استقلالها عام 1776 و يعتبر رئيس الولايات المتحدة هو القائد العام للقوات المسلحة .

حتى تحافظ الولايات المتحدة على استمرارية امتلاكها أقوى جيش في العالم فهي تخصص له ميزانية دفاعية تصل إلى 716 مليار دولار ( وفقاً لأحدث ميزانية ) و يمكن تفصيل القوة العسكرية الأمريكية لأربع فئات رئيسية كالتالي  :_

أ ) القوة الجوية .  تمتلك الولايات المتحدة أقوى قوة جوية  في العالم ( الأولى بين 137 دولة ) و تتضح قوتها الجوية في امتلاكها لحوالي 13398 طائرة منها 2362 طائرة مقاتلة و 2831 طائرة هجوم و 1153 طائرة نقل و 2853 طائرة للتدريب و 5760 قوة مروحية من ضمنهم 971 طائرة هجومية .

ب ) القوة البرية . القوة البرية تشكلها القوات القتالية ( دبابات المعارك الرئيسية , دبابات خفيفة , دبابات مدمرة ) , و تمتلك الولايات المتحدة إجمالي عدد دبابات 6287  دبابة و بذلك تحتل المركز الثالث على مستوى العالم .

ج) القوة البحرية . تشمل حاملات الطائرات التقليدية و حاملات المروحيات إلى جانب الغواصات و تقدر إجمالي الأصول البحرية الأمريكية بحوالي 415 ألة بحرية .

د) القوات النووية  : ليس هناك تقدير متفق عليه حول مقدار ما تمتلكه الولايات المتحدة من رؤوس نووية .[19]

دور المؤسسات الرسمية والغير رسمية في صنع القرار السياسي

٤) المؤسسات الرسمية:.

تتم عملية صنع القرار السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية عبر اشراك المؤسسات الرسمية والمؤسسات الغير الرسمية، ‏بالنسبة للمؤسسات الرسمية فهي مؤسسات صنع القرار التي تستند في عملها إلى الدستور الذي يحدد صلاحيتها وآليات عملها وفي أمريكا هناك العديد من المؤسسات الرسمية المؤثرة ولكن تم التركيز على أبرز هذه المؤسسات التي لعب الدور واضح في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين وذلك على النحو التالي :_

أ_ الرئيس:.

إن رئيس الدولة في الولايات المتحدة الأمريكية يلعب دور بارز في صنع السياسة الخارجية فهو الدبلوماسي الاول في البلاد ويعقد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وذلك وفقا لطبيعة النظام الرئاسي الأمريكي , وبالنظر الي فترة الرئيس جورج بوش الابن والرئيس باراك اوباما نجد ان :.

أدت احداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ الى تغير التوجه الاستراتيجي الأمريكي تجاه الصين حيث سعى جورج بوش الابن الى تعزيز التعاون مع الصين وذلك بعد هجمات ١١ سبتمبر والحرب على الإرهاب أكدت القيادة الأمريكية في هذه الأثناء ضرورة الارتباط مع الصين من أجل الحفاظ على مصالحها الإقليمية والدولية وبالفعل قامت الصين بدور واضح في الحرب على الإرهاب بالإضافة إلى تقديم المساعدات للولايات المتحدة الأمريكية والحوار مع الولايات المتحدة من أجل مكافحة الإرهاب وقامت الجولة الثالثة من هذا الحوار في بكين ٢٠٠٣ .

أما باراك اوباما في بداية حكمه أكد أن الصين لا تمثل تهديد للولايات المتحدة الأمريكية وان امريكا لا ترغب في احتواء الصين مع السماح لها بالقيام بأدوار عالمية ، ولكن في حقيقة الأمر كانت الإدارة الأمريكية تسعى لاحتواء الصين من خلال التغلغل داخل المجال الحيوي للصين والسعي لتطويقها من الناحية الاقتصادية والعسكرية عن طريق عقد الاتفاقيات والتحالفات مع الدول المجاورة للصين .

ب_ الكونجرس الأمريكي:.

يلعب أيضا دور أساسي في صنع السياسة الخارجية الأميركية  حيث يمثل الكونغرس الأميركي المؤسسة الدستورية الأولى في أميركا ويقوم بمهمة التشريع في الدولة ويتكون من مجلس الشيوخ والبرلمان ويختص أيضا ببعض المهام منها إدخال التعديلات الدستورية، حق تعيين كبار الدولة، الموافقة على الاتفاقيات والمعاهدات التي تبرمها أمريكا مع غيرها من الدول، ولم يخل صنع القرار الأميركي الخارجية تجاه الصين من دور الكونغرس وتجلى ذلك واضحا في التقرير السنوي للكونغرس لعام 2005 والذي أشار إلى أن العلاقات الأمريكية الصينية قائمة على التعاون وأن الولايات المتحدة الأمريكية ترحب بالصعود السلمي الصيني ولكن حذر أيضا من زيادة النفوذ العسكري الصيني باعتباره تهديد لها في منطقة شرق آسيا فكان الكونغرس الأميركي يدعم احتواء الصين.

 ج_ مجلس الأمن القومي الأمريكي :.

يقوم مجلس الأمن القومي الأمريكي بدور مهم في عملية صنع السياسة الخارجية الأمريكية ودعم قرار الرئيس الأمريكي فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وبعد أحداث ١١ سبتمبر أعلن الرئيس الأمريكي عن إنشاء مكتب للأمن الداخلي، وفي إطار صنع السياسة الخارجية الاميركية تجاه الصين حرصت ساق الأمن القومي الأمريكي الصادرة منذ 2001 على التأكيد بأن الصين لن تصبح حليفا استراتيجيا لأمريكا ولكنها منافسها الأول في القرن الحادي والعشرين وبناء على ذلك كانت السياسة الخارجية الأمريكية تسير نحو تطويق الصين.

٥) المؤسسات الغير رسمية :.

 ‏تعد المؤسسات ‏الغير رسمية أحد أهم المؤسسات السياسية في صنع القرار السياسي رغم أنها لا تمتلك سلطة رسمية إلى أنها تؤثر بشكل كبير في صنع السياسة سواء السياسة الخارجية أو الداخلية لأنها تؤثر على صانعي  السياسة وتمثل أهم  المؤسسات الغير رسمية المؤثرة في عملية صنع القرار الأمريكي تجاه الصين هي:_

أ_ جماعات الضغط:_

تعتبر هذه الجماعات عبارة عن لوبي لتغيير القانون أو الإبقاء علي قانون معين ,و تمول الشركات الكبرى جماعات ضغط سياسي مهمة للغاية و مؤثرين علي المشرعين و تمتلك بعض جماعات الضغط موارد مالية ضخمة تحت تصرفها و من جماعات الضغط الأمريكية :_

_ اللوبي الصيني الجديد :. يعتبر اللوبي الصيني من جماعات الضغط التي تلعب دور فاعل في التأثير على صنع القرار الخارجي للولايات المتحدة الأمريكية مثل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين ، وقد لعب اللوبي الصيني دور بارز في القرن الواحد والعشرين في ظل تحول النظام الدولي من نظام ثنائي القطبية إلى نظام دولي آحادي القطبية بزعامة الولايات المتحدة . وقد نجح اللوبي الصيني في التأثير على السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين خلال فترة الرئيس كلينتون مما دفعهم للتأثير على عملية صنع القرار الخارجي الأمريكي تجاه الصين بشكل فعال في فترة الرئيس جورج بوش الابن وذلك من خلال إنشاء المعاهد الصينية في الولايات المتحدة الأمريكية وتبادل البعثات بين الدولتين وإنشاء مراكز فكرية .

انتهج أعضاء اللوبي الصيني الجديد سياسة جديدة تجاه الصين من أجل التعرف على الصين كشريك استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية وذلك من خلال التواصل بين أعضاء الكونجرس الأمريكي وأعضاء الحكومة الصينية وترتيب اللقاءات والزيارات والتواصل مع رجال الأعمال الأمريكيين والتعاون مع الصحف الأمريكية وذلك من أجل توطيد العلاقات مع الصين وأن تصبح الصين شريك استراتيجي للولايات المتحدة خاصة في فترة جورج بوش الابن والرئيس أوباما وذلك من أجل تحقيق المصالح الأمريكية .[20]

ب_ الأحزاب السياسية:_

تعتبر الأحزاب السياسية من أبرز مؤسسات صنع السياسة الخارجية الأميركية ويمثل الحزب الجمهوري والديمقراطي أكبر الأحزاب في الولايات المتحدة الأمريكية متوقف دور الحزب على مدى تأثيره في الجلسة الحكومية وبالنظر إلى صنع السياسة الخارجية الأميركية تجاه الصين فنجد أن ركز الخطاب الحزبي الجمهوري والديمقراطي في حملاتهم الانتخابية على أهمية العلاقات الثنائية مع الصين وتوضيح الأثر الاقتصادي للصين على الولايات المتحدة الأميركية فإن آراء كل من الحزب الديمقراطي والجمهوري في تشكيل السياسة الخارجية الأميركية تجاه الصين تقوم بشكل أساسي على حماية المصالح الأميركية واحتواء الخطر الصيني.

ج_ الإعلام :_

تلعب وسائل الإعلام الأمريكية دور واضح في تنفيذ عملية السياسة الخارجية الأمريكية سواء من خلال الصحافة كما أنها تعمل على ممارسة الضغط على صانعي السياسة من خلال جماعات الضغط وأيضا تأييد مواقف الحكومة، وفي إطار السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين تجنبت وسائل الإعلام الأمريكية في تصريحاتها اعتبار الصين منافس الاستراتيجي لأمريكا في النسق الدولي والتركيز على أهمية تعزيز التعاون بين الدولتين، ولكن هذا لا يعني أن الإعلام المصدر الرئيسي لصنع السياسة الخارجية ولكنه مجرد آلية للتأثير على عملية صنع القرار.

المبحث الثاني : المحددات الخارجية .

يقصد بالمحددات الخارجية الظروف الدولية و الإقليمية التي تؤثر علي السياسية ,و في حالة دراسة السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين سنلاحظ أن اهمية المحددات الدولية و الاقليمية التي أثرت عليها تتمثل فيما يلي :_

اولاً : المحددات الإقليمية . تمثل منطقة إقليم شرق آسيا ذات أهمية خاصة بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية و في إطار ذلك تسعى أمريكا دائما إلى فرض سيطرتها على هذا الإقليم ومقاومة أي قوة أخرى تفرض هيمنتها في الإقليم ،فعملت الولايات المتحدة الأمريكية على تعزيز التعاون مع الدول ذات الثقل الاقتصادي والعسكري في شرق آسيا من أجل تحقيق التوازن الإقليمي في المنطقة و حماية مصالحها من هيمنة القوى الكبرى.

ومع انشغال الولايات المتحدة الأمريكية بالحرب على الإرهاب وكساد الاقتصاد الأمريكي في هذه الأحيان برزت الصين كقوة دولية جديدة تنافس أمريكا في مكانتها الدولية بالإضافة إلى تعزيز دورها الإقليمي في آسيا وأصبحت الصين قادرة على التعامل مع القضايا الإقليمية وبالتالي أثرت على مصالح أمريكا وبذلك عملت السياسة الخارجية الأميركية على تحجيم الدور الصيني في المنطقة من خلال إقامة التحالفات والشركات مع القوى الكبرى و منها اليابان باعتبارها القوة الإقليمية الأكثر قدرة على موازنة قوة الصين فيما يعرف بالتحالف الأمريكي _ الياباني وفي إطار ذلك عقدت أمريكا تحالف مع اليابان لرفع الحظر المفروض على تصدير السلاح التكنولوجي الأميركي إلى اليابان وذلك لتعزيز استراتيجية احتواء الصين في عام 2005. [21]

و قد تم تصنيف القضايا الإقليمية التي أثرت في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين في عدة قضايا تم تصنيفها كالآتي :_

1_ قضية تايوان:.

تمثل قضية تايوان عاملا مهما في معادلة السياسة الخارجية الأميركية تجاه الصين، فتتجه الولايات المتحدة الأمريكية نحو تعزيز العلاقات السياسية الاقتصادية مع الصين على حساب تايوان والاعتراف بالمصالح الاستراتيجية والحيوية للصين في جزيرة تايوان وبالإشارة إلى فترة الرئيس جورج بوش الابن وباراك أوباما نجد أن الاستراتيجية الأمريكية تجاه تايوان على النحو التالي :

اشتعلت الأزمة التايوانية في فترة جورج بوش الابن حيث رفضت السياسة الخارجية الأميركية توجهات الرئاسة التايوانية بأن تايوان في حالة سيادة دائمة وكان الرفض الأمريكي بمثابة تعزيز العلاقات مع الصين على حساب تايوان ويقابل ذلك الدعم الصيني لأمريكا في سياستها الدولية، فكانت الصين تدعم أمريكا في حربها على الإرهاب وعدم الاعتراض على سياستها في مجلس الأمن ودعم الملف النووي لكوريا الشمالية فحدث نوع من التقارب بين السياسة الأميركية والصين وقام الرئيس الصيني بأول زيارة للولايات المتحدة الأمريكية تعهد فيها بحل مسألة تايوان بالطرق السلمية.

أما بالنسبة للرئيس أوباما الذي أعلن أن الولايات المتحدة لن تعترف إلا بصين واحدة ورفض استقلال تايوان، ولكن كان هناك ضغوطات من قبل اللوبي التايواني والجمهوريين داخل الكونغرس من أجل الحفاظ على العلاقات مع تايوان وأيضا شركات السلاح الأميركية مما أدى إلى تراجع السياسة الأميركية المتشددة تجاه تايوان والموافقة على بيع الأسلحة إلى تايوان عام 2010 مما أدى إلى تدهور العلاقات الصين وتوجه أوباما لتعزيز وجودها العسكري في شرق آسيا وهذا ما تعتبره الصين العودة لسياسة الاحتواء التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب الباردة.[22]

2_ قضية بحر الصين الجنوبي:.

 يمثل البحر الصين  الجنوبي ممر ملاحي مهم ويتمتع بمكانة استراتيجية مما جعله يمثل مصدر من مصادر الصراع بين الدول الإقليمية كما إنه يضم أيضا دول آسيوية تلعب أدوار إقليمية من أجل السيطرة على احتياطات النفط والغاز الطبيعي الموجود فيه. و مع النمو الاقتصادي للصين والعمل على بناء قدراتها أصبحت بحاجة إلى الغاز الطبيعي والنفط فسعت للسيطرة على بحر الصين الجنوبي وتطويق أي قوة أخرى تحاول السيطرة عليه مما أدى إلى اختلال توازن القوى الإقليمية,

وفي هذه الأثناء أدركت الولايات المتحدة الأمريكية أن السيطرة الصينية على بحر الصين الجنوبي تمثل تهديدا لحركة السفن والتجارة الخاصة بها، وكانت السياسة الخارجية الأمريكية تسير في اتجاهين الأول : عملت الولايات المتحدة الأمريكية على تفعيل التحالفات الإقليمية لتحقيق التوازن في القوى البحرية وتوعية خصوم الصين بخطرها على مصالحها ومن ناحية أخرى دعت الولايات المتحدة الصين بأن تصبح شريك استراتيجي وكانت أمريكا أيضا تسعى لتطويق الصين وانتهج الرئيس أوباما سياسة تقوم على التعاون و عدم التصادم مع الصين و تولي اهتماما كبيرا بمنطقة بحر الصين الجنوبي. [23]

ثانياً : المحددات الدولية .

تقوم الاستراتيجية التي تتبناها الولايات المتحدة تجاه معظم دول العالم على أساس مجموعة من المصالح المتداخلة و المتشابكة ,  و التي تفاعلت مع بعضها البعض عبر مراحل زمنية متعاقبة و لذك  فسلوكها السياسي يتحدد بشكل متداخل مع عناصر التراث و الثقافة الأمريكية, و في هذا الإطار لا يمكننا وصف الاستراتيجية الأمريكية بأنها ثابتة عبر الزمن لأن هذا الوصف غير منصف إلى حد كبير .

و في إطار شرح المحددات العالمية للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين يمكننا ملاحظة بعض التطورات العالمية التي شكلت تلك السياسة  كالتالي :_

_ لقد كانت أحداث 11 سبتمبر التي حدثت في الولايات المتحدة سبتمبر 2001 عامل مهم و محوري في إعادة تشكيل معظم السياسات العالمية و منها بالطبع سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين و ذلك بسبب احتياج الولايات المتحدة لوجود قوى دولية معها تساندها في حربها على الإرهاب أي وجود تحالف دولي معها و بالتالي اعترافها بل و تأكيدها على وجود فاعلين جدد في النظام الدولي _ سواء كان هؤلاء الفاعلين دول أو منظمات أو شركات _ و منها بالطبع الصين التي برزت كقوة اقتصادية منخرطة بشكل كبير فيما يسمى ب ” اقتصاد السوق أو العولمة الاقتصادية ” مما دفع الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في نمط تفاعلاتها معها و أيضاً مع غيرها من القوى الصاعدة , و ذلك بسبب إدراك الولايات المتحدة أن التقدم العلمي الذي أحرزته و أيضاً التطور التكنولوجي يمكن أن يتم اختراقهم بسهولة و بالتالي كان عليها تغيير سياستها وادراك ضرورة تحسين علاقاتها مع الدول العظمى الأخرى في العالم حتى تستطيع مواجهة هذا الخطر .

و بالتالي تعتبر أحداث 11 سبتمبر واحدة من أهم التطورات الدولية التي تبلورت في سياقها طبيعة السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين  حيث كنت سبب في وجود نوع من التعاون الطرفين و هذا التعاون يرجع إلى رغبة الولايات المتحدة في الاستعانة بقوة الصين المتنامية اقتصادياً و عسكرياً  . [24]

كما أنه على المستوى الدولي على الرغم من مجموعة من المؤهلات التي تتوافر لدى  الولايات المتحدة و تمنحها مكانة متفردة و متميزة في النظام العالمي فهناك عدد من التحديات الدولية التي تواجهها و تجعلها بحاجة الى مصادقة الصين و التعاون معها بدلاً من منافستها و هذه التحديات تتنوع كالتالي : تحديات خارجية دولية تتمثل في سعى بعض الدول في السنوات الأخيرة سعياً حثيثاً لاستعادة حضورها الدولي مرة أخرى مثل روسيا التي بدأت تُشفى من مشكلاتها الداخلية و التي تمثل في الوقت ذاته تهديد لا يستهان به على الإطلاق تجاه الولايات المتحدة الأمريكية , و تحديات عسكرية بسبب حرص الدول على امتلاك ترسانات عسكرية بل امتلاكها بالفعل و من هذه الدول الهند و باكستان و البرازيل و يعد امتلاك هذه الدول لترسانات عسكرية أمراً يثير القلق حقاً لدى السياسة الخارجية الأمريكية , و تحديات دبلوماسية و سياسية تتمثل في إقدام بعض الدول و التي كانت كامنة من قبل إلى التدخل في مناطق تعتبر ضمن نفوذ السياسة الخارجية الأمريكية بل و تجرؤ هذه الدول على الاحتماء بمجلس الأمن و طلب مساعدته و رفض العديد من الاتفاقات و المعاهدات التي توضح ضمنياً رفض هذه الدول للزعامة الأمريكية على العالم , و تحديات اقتصادية تتمثل في الأزمة المالية العالمية الأخيرة و التي رغم أثارها السلبية على العالم كله إلا أن هذا التأثير السلبى كان متضاعف بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية حيث أد إلى خلخلة المقومات الاقتصادية للقطب الأمريكي .

كل التحديات العالمية السابقة التي واجهت الولايات المتحدة الأمريكية تزامنت مع بروز القوة الاقتصادية المتنامية للصين و ليس قوة اقتصادية فقط بل ظهور الصين كقوة عظمى لها وزنها في النظام العالمي مما كان يسبب تخوفاً كبيراً بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية لكنها أدركت في الوقت ذاته أنه مع وجود كل هذه التحديات لا يمكن تحقيق السلم و الأمن الدوليين أو حتى الحفاظ على مكانتها الدولية من خلال تكريس الأحادية القطبية فقط و لكن عليها أن تسعى لخلق حالة من التوازن في العلاقات الدولية و السماح بوجود أقطاب أخرى في النظام الدولي و خصوصاً الصين حيث أدركت الولايات المتحدة أن الصين بقدراتها البشرية والاقتصادية والطبيعية والاستراتيجية وطابعها المتدرج المتأني في تحقيق التنمية و أيضاً مساهمتها في الحرب على الإرهاب ستكون قوة مضافة للولايات المتحدة إذا تعاونت معها و أنه ليس من صالح الولايات المتحدة أطلاقاً تبنى سياسة تنافسية أو عدائية تجاه الصين لأن النهاية المحتملة في ظل التحديات المذكورة ستكون بالطبع في صالح الصين . و بالتالي نستنتج أن الظروف العالمية في النظام الدولي بدءاً من عام 2001 كانت تدفع الولايات المتحدة للتعاون مع الصين و الاستفادة من التقدم الذى أحرزته بدلا من معاداتها و التنافس معها على و ذلك على عكس الفترات السابقة . [25]

الفصل الثاني : أدوات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين.

تتعدد وتتنوع أدوات السياسية الخارجية بشكل عام ما بين أدوات عسكرية, اقتصادية, طبيعية, استخباراتية, تكنولوجية أو رمزية و هذه الأدوات يتم استخدامها في السياسة الخارجية و تحديداً السياسة الخارجية الأمريكية بناءً على عدة اعتبارات و أسس و منها حجم الصراع أو التعاون مع الدولة أو الطرف الآخر, فإذا كانت سياسة خارجية صراعية فستكون الأدوات المستخدمة بها بالطبع أدوات صارمة و حاسمة كالأدوات العسكرية أو العقوبات الاقتصادية, أما إذا كانت سياسة خارجية تعاونية فهنا بالطبع ستكون الأدوات المستخدمة أكثر مرونة كالأدوات الدبلوماسية أو الاندماج الاقتصادي, و من الأسس التي يتحدد على أساسها الأدوات المستخدمة في السياسة الخارجية أيضاً مدى قوة أو ضعف الطرف الموجَّه إليه هذه الأدوات, فإذا كان الطرف الأخر طرف قوى فسيكون الأفضل استخدام أدوات قوية و صارمة لمواجهته أما إذا كان الطرف الآخر طرف ضعيف فسيكون من الأفضل التعامل معه بشكل أكثر بساطة و عدم إهدار قوتي في مواجهته , والعنصر الثالث من الأسس التي يتحدد على أساسها الأدوات المستخدمة في السياسة الخارجية هي السمات الشخصية للحاكم و ميوله و هل يفضل المواجهة العسكرية أم التعامل بشكل دبلوماسي أو فرض عقوبات …. إلخ, و في هذا الفصل سوف يتم عرض الأدوات المستخدمة في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين في عهد كلاًّ من جورج بوش الابن و باراك أوباما بناء على الأسس التي تم ذكرها .

أولاً : الأدوات التي اعتمد عليها جورج بوش الابن في سياسته  تجاه الصين .

لأن الأدوات التي يتم استخدامها في السياسة الخارجية يتم تحديدها بناءً على الأهداف التي يتم السعي لتحقيقها من الأساس فيجب علينا أولاً ذكر أهداف أو استراتيجية جورج بوش الابن و الذى يتضح أنه لم يكن من السهل معرفة أهدافه أو معتقداته في باديْ الأمر و ذلك بسبب افتقاده للفصاحة في الحديث و وصوله إلى حد عدم التجانس في الحديث, لكن في النهاية تشكلت السياسة الخارجية المقترحة لجورج بوش الابن بشكل مختلف اختلافاً راديكالياً عن من سبقوه و هذا الاختلاف لم يكن فقط في الأهداف و لكن في تفكيره الدائم ب ” كيف يمكن للولايات المتحدة أن تتعامل مع هذا العالم ” و قد بنى افتراضاته على الاعتقاد بضرورة تحقيق الهيمنة الأمريكية على العالم و لتحقيق تلك الهيمنة يجب القضاء على كل الفواعل أو الدول التي من الممكن أن تعرقل تلك الهيمنة و بالطبع واحدة من هذه الدول هي ” جمهورية الصين الشعبية” بسبب قوتها الاقتصادية المتنامية باستمرار , لذلك تضمنت السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين في عهد جورج بوش الابن مجموعة من الأدوات التي تشكلت و تنوعت كالآتي :_

1_ الأدوات العسكرية .

و يُقصد بها مجموعة المقدرات المتعلقة باستخدام العنف أو التهديد باستخدامه و تشمل الهجوم المسلح و تطوير الأسلحة و التهديد باستخدام الأدوات العسكرية ولقد أعطت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن الأولوية للخيار العسكري في التعامل مع الصين بدلاً من الخيار الدبلوماسي و هذا ما أدى بدوره إلى تدهور الصورة الأخلاقية للولايات المتحدة الأمريكية حتى أصبح يُنظر إليها باعتبارها ” الامة المُستغنى عنها ” و يرجع ذلك إلى تخوُّف جورج بوش الابن من التقدم العسكري الصيني و الذى يهدد بالطبع استراتيجية الهيمنة الأمريكية على العالم التي يسعى لتحقيقها . [26]

ومن ضمن الأدوات و المبادئ العسكرية التي تم تطويرها لمواجهة الصين في عهد جورج بوش الابن مبدأ ” الحرب الوقائية أو الاستباقية ” و تقوم هذه الاستراتيجية على الضربات المباغتة دون انتظار الأدلة المؤكدة على عدائية الطرف الأخر و هكذا تخلت إدارة جورج بوش الابن عن استراتيجية الاحتواء و الردع في سياستها الخارجية تجاه الصين . [27]

كما قامت العقيدة العسكرية لجورج بوش الابن تجاه الصين على أساس استراتيجية ” الاستفزاز ” و ذلك من خلال إرسال طائرات تجسس متطورة و متقدمة قرب حدود الصين و المثال البارز هنا هو ” حادثة جزيرة هنيان ” في عام 2001 و التي توضح استراتيجية الولايات المتحدة في استفزاز الصين لاختبار ردودها و تمت تلك الحادثة كالآتي ” اصطدمت طائرة تجسس تابعة للقوات البحرية الأمريكية من طراز “إي بي-3 إي أريس 2” بمقاتلة صينية طراز “جي – 8 أي” كانت أقلعت مع مقاتلة ثانية لاعتراض طائرة التجسس الأمريكية ومنعها من الاقتراب من حدود البلاد, عقب اصطدام طائرة التجسس الأمريكية، بالمقاتلة الصينية فوق مياه بحر الصين الجنوبي، تحطمت المقاتلة الصينية، فيما تضررت طائرة التجسس الأمريكية وأرسلت نداء استغاثة قبل أن تهبط في مطار جزيرة هينان , فقد الصينيون قائد المقاتلة “جي – 8″ بمقتله بعد تحطم طائرته، فيما اعتقلت السلطات الصينية أفراد طاقم طائرة التجسس الأمريكية وعددهم 24 شخصا وقامت باستجوابهم . ” و انتهت الحادثة بإعراب الجانب الامريكي عن أسفه العميق عن هذا الحادث الجوي و أطلقت الصين سراح طاقم طائرة التجسس الأمريكية في أبريل 2001 و مع كل احتكاك خطير من جانب الولايات المتحدة تُظهر نفسها على أنها ضحية و تتجاهل تماماً أنها من قطع عشرات الآلاف من الأميال و أطل على الأخرين من نوافذهم الحدودية . [28]

2 _ الأدوات الاقتصادية .

و يُقصد بها الأنشطة التي تُستعمل للتأثير في إدارة أو توزيع الثروة الاقتصادية للدولة و تشمل إنتاج أو توزيع أو استهلاك البضائع و الخدمات و تبادل الثروة و المعاملات المالية  ومن أمثلة ذلك إعطاء و طلب المساعدات الاقتصادية و التفاوض حول تنظيم المعاملات التجارية و أدوات الحماية التجارية و العقوبات الاقتصادية . و بالنسبة للأدوات الاقتصادية التي استخدمها جورج بوش الابن في سياسته الخارجية تجاه الصين فقد كانت أكثر دبلوماسية و استقراراً من الأدوات العسكرية لأنه إذا كان تخوف الولايات المتحدة من قوة الصين العسكرية قد دفعها إلى استخدام أدوات عسكرية صارمة تجاهها فقد كان الوضع مختلفاً بالنسبة للاقتصاد و ذلك حيث أن المشكلات و الأزمات الاقتصادية في الولايات المتحدة في فترة جورج بوش الابن قد دفعت به إلى التعاون مع الصين و احتوائها اقتصادياً للاستفادة من قوتها الاقتصادية المتنامية, لذلك فقد كانت الأدوات الاقتصادية المستخدمة من إدارة جورج بوش الابن تجاه الصين أدوات تعاونية أكثر من كونها تميل إلى العقوبات و ما إلى ذلك . و من الأمثلة على ذلك _ توضيح رغبة الولايات في خلق علاقات اقتصادية تعاونية مع الصين _ أنه بعد أن كان حجم التجارة السنوي بين البلدين في فترة الثمانينات أقل من ( 20.5 )  و بحلول عام 2008 أصبح حجم التجارة السنوي بين البلدين  ( 307.8  ) مليار دولار, و كانت تنظر الولايات المتحدة للصين باعتبارها أهم و أبرز سوق اقتصادي نامي في آسيا كما و أن نموها الاقتصادي يصب في مصلحة الولايات المتحدة و ذلك من خلال توسيع رقعة الشركات و المصانع الأمريكية في السوق الصيني و بالتالي لحل القضايا المتعلقة بالعلاقات التجارية و الاقتصادية الثنائية, تم إجراء منتدي الحوار الاقتصادي الاستراتيجي بين كلاًّ من بكين و واشنطن و أصبح هذا المنتدى فيما بعد منصة سنوية مشتركة بين الطرفين تحت عنوان ” الحوار الاستراتيجي و الاقتصادي ” و الذى يتم من خلاله مناقشة الطرفين للقضايا الاستراتيجية و الخطط طويلة الأمد المتعلقة بالتنمية و الاستثمار و التجارة و التعاون بين الطرفين .[29] و هكذا نجد أن الأدوات الاقتصادية المستخدمة من إدارة جورج بوش الابن تجاه الصين كانت اتفاقات و شركات و بالتالي كانت أدوات اقتصادية ذات أغراض تعاونية أكثر من كونها عدائية أو حتى تنافسية .

٣_ الأدوات الدبلوماسية .

و يقصد بها المهارات و الموارد التي تستعملها الدولة في تمثيل ذاتها إزاء الوحدات الدولية الأخرى و التفاوض معها بما في ذلك شرح سياساتها إزاء القضايا الدولية و حماية مواطنيها و ممتلكاتهم في الخارج و تنظيم تعاملاتهم مع الأجانب و تعتمد الأدوات الدبلوماسية على توظيف مجموعة من الموارد و هي شبكة السفارات و القنصليات و المفوضيات و غيرها من أدوات الاتصال الدولي. و لقد كانت الأداة الدبلوماسية _ متمثلة في الاتفاقات و المفاوضات _ حاضرة بقوة في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين في فترة جورج بوش الابن و ذلك عقب هجمات ١١ سبتمبر التي أدت إلى تحسن في نظرة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه جمهورية الصين الشعبية و لم تعد تنظر إليها باعتبارها هي التهديد الأمني الرئيسي لها. كما كانت هناك العديد من الاتفاقات و التعاون بين الدولتين فيما يخص القضايا الإقليمية مثل قضية تايوان و أيضاً قضية كوريا الشمالية و برنامجها النووي.

و هناك عدة دلائل على كثرة استخدام الأداة الدبلوماسية في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين في عهد جورج بوش الابن و منها  ما يلي : قيام ” كلارك رانت” السفير الأمريكي لدى الصين من ٢٠٠١ حتى ٢٠٠٨ بتناول العلاقات الأمريكية الصينية في محاضرة ألقاها في المعهد الصيني العسكري عام ٢٠٠٨.[30] و ازدياد حجم تبادل الأفراد بين البلدين من بضعة آلاف شخص سنوياً لأكثر من ٥ مليون شخص سنوياً، و السماح بإقامة علاقات صداقة بين ٥٠ ولاية و مقاطعة صينية و أمريكية، و تقدم الولايات المتحدة الدعم للصين في زلزال ” ونتشوان” عام ٢٠٠٨، كما سمحت الولايات المتحدة بمساعدة الصين لها و التعاون معها لتعزيز التعاون بين الطرفين في مجال مكافحة الإرهاب.[31]

هكذا و مما سبق نستنتج أن أكثر الأدوات استخداما في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين في عهد جورج بوش الابن هي الأدوات ( الدبلوماسية و العسكرية و الاقتصادية) و من خلال الشرح السابق نري أن كيفية استخدام كل اداة من تلك الأدوات يعكس استراتيجية و عقيدة جورج بوش الابن الممثلة في ضرورة فرض الهيمنة الامريكية على العالم سواء من خلال التعاون فى بعض الأدوات مثل الأدوات الاقتصادية و الدبلوماسية او حتي التنافس في أدوات اخري مثل الأداة العسكرية.

ثانيا: الأدوات التي اعتمد عليها الرئيس باراك أوباما في سياسته تجاه الصين :-

اعتمدت الإدارة الأمريكية في عهد أوباما على استخدام وسائل أكثر فاعلية للتعامل مع المشكلات المختلفة في النسق الدولي حيث دعا إلى استخدام القوة الناعمة بدلا من القوة الصلبة التي اتبعها جورج بوش الابن والتي تسببت في ضعف تنفيذ سياسته الخارجية وفي إطار سياسته تجاه الصين تبني باراك أوباما استراتيجية إعادة التوازن مع آسيا من أجل احتواء الصعود الصيني الذي يمثل تهديدا للمصالح الأميركية في منطقة آسيا و تهديدا للهيمنة الأميركية العالمية وانتهج أوباما أدوات اقتصادية وعسكرية ودبلوماسية من أجل تحقيق هذه الاستراتيجية، كما كرس جهوداً مهمة لتوسيع وتعميق العلاقات بين والولايات المتحدة الامريكية والصين لمواجهة التحديات العالمية والإقليمية. وبالنظر إلى الصعود الصيني وبروز الصين كفاعل أساسي في القرن ال21 نظرا للمقومات القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية التي تتمتع بها اتجه باراك أوباما إلى اتباع سياسة القوة الذكية التي تشمل قوى كل من القوة الناعمة والقوة الصلبة معا والعمل على تعزيز التعاون مع الصين واعتبارها شريك استراتيجي لأمريكا إلا أنه سعى في نفس الوقت إلى احتوائها من خلال إقامة التحالفات مع الدول المجاورة في منطقة شرق آسيا.

وتمثلت جهود الولايات المتحدة في هذا الصدد الي بناء علاقات شاملة ودائمة عبر المحيط الأطلسي والعمل علي تعزيز التحالفات الثنائية وتعميق العلاقات مع القوى الناشئة  بما في ذلك مع الصين، وتوسيع التبادل التجاري والاستثمار وإقامة وجود عسكري واسع النطاق في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ، ويتطلب تنفيذ هذه الاستراتيجية الأميركية للرئيس اوباما مجموعة من الأدوات العسكرية و الاقتصادية والدبلوماسية، الا ان تركيزه الاساسي ينصب علي الوسائل الدبلوماسية في جميع المجالات بما فيها الاقتصادية والعسكرية.

1_الأداة الدبلوماسية:.

حرص الرئيس الأمريكي باراك اوباما علي بناء نموذج جديد للعلاقات الأمريكية الصينية وذلك من خلال اتباع وسائل دبلوماسية من أجل معالجة مجموعة واسعة من القضايا وذلك عبر عقد الاجتماعات والاتصالات المنظمة علي المستوي الرئاسي منها قيام اوباما في بداية حكمة 2009 بزيارة رسمية للصين وعقد المحادثات مع الرئيس الصيني هو جين تاو وأيضا قمة هو _ اوباما عام 2011 الذي دعي فيها اوباما الرئيس هو جين تاو لبحث قضايا خاصة بالاقتصاد العالمي وقضايا حقوق الانسان وبحث القضايا الخلافية وخاصة قضية ببيع الأسلحة الأمريكية  لتايوان وقضية شبه الجزيرة الكورية وغيرها من نقاط التوتر بين الدولتين. وصدر عن هذا القاء بيان مشترك ورؤية لبناء شراكة تعاونية إيجابية شاملة للبلدين وتم توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية بين البلدين لتعزيز التعاون المشترك.[32]

و في عام 2008 تولي باراك أوباما تبادل المناقشات الهاتفية مع الرئيس هو جين تاو من أجل تعزيز التعاون بين الدولتين من أجل مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية التي تتطلب تكاتف جميع الدول, وكانت الصين راغبة في زيادة التبادل والتعاون  بين الدولتين لتسوية قضايا خلافية منها قضية تايوان والعمل علي احترام كل طرف للآخر, وقد أعرب اوباما عن تحسين العلاقات الامريكية الصينية والذي يعود بالنفع علي العالم اجمع , بالإضافة الي التشاور والتنسيق بين الدولتين بشان قضايا التغير المناخي وغيره من القضايا الإقليمية الأخرى.[33]

وفي ضوء استراتيجية إعادة التوازن مع أسيا فقد أكدت الإدارة الأمريكية علي ضرورة  المشاركة الدبلوماسية في آسيا والمحيط الهادئ ، من خلال زيارة الرئيس باراك أوباما آسيا 5 مرات و10 زيارات دول أسيا والمحيط الهادي بما فيهم دولة الصين, بالإضافة الي المشاركة في الاجتماعات الإقليمية المشاركة في قمة التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا.[34]

2_الأداة العسكرية:.

وفقا لاستخدام اوباما للقوة الذكية للتعامل مع الصين فمن الناحية العسكرية استخدم كلا من القوة الناعمة والصلبة , بالنسبة للأدوات العسكرية الناعمة وظف الرئيس اوباما الدبلوماسية العسكرية من خلال التعاون العسكري الصيني, فنظراً  الي القدرات العسكرية الصينية وعدم شفافية النوايا العسكرية الصينية التي زادت من مخاوف الولايات المتحدة الامريكية سعت الولايات المتحدة إلى توسيع نطاق التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والصين من خلال زيادة الزيارات وتبادل الوفود الطلابية, مكافحة القرصنة والشؤون الإنسانية وتدريبات الإغاثة في حالات الكوارث ودعوة الصين للمشاركة في تمرين RIMPAC لعام 2014.[35]

اتبع الرئيس اوباما أيضا  “استراتيجية الاحتواء” من أجل احتواء الصعود الصيني فعمل علي تكثيف الوجود العسكري في منطقة أسيا من خلال نشر حوالي 60% من القوات الجوية والبحرية خلال عامي 2012 و 2013, وعملت علي تعزيز الأنشطة والتدريبات العسكرية في المنطقة, كما انها سعت لعقد التحالفات مع دول الأسيان والانتشار العسكري جوار الصين من أجل زيادة التغلغل العسكري الأمريكي في أسيا فأصبحت منطقة أسيا منطقة تصعيد عسكري بين بكين وواشنطن وقد نالت استراتيجية الاحتواء دعم إقليمي, وجاء ذلك واضحا في التعاون العسكري الامريكي مع كل من استراليا, سنغافورة, تايوان وفيتنام, وعقد التحالفات مع اليابان وامريكا الجنوبية, فالجيش امريكي يمتلك العديد من القواعد العسكرية في اليابان منها علي سبيل المثال قاعدة توري في اوكيناوا التابعة للجيش الأمريكي, قاعدة كادينا الجوية والتي تمثل أكبر القواعد الجوية الأمريكية في المحيط الهادي, قاعدة أتسوجي البحرية وهي أول القواعد الجوية التي أنشأتها اليابان وامريكا …..الخ , أما بالنسبة للوجود العسكري في كوريا الجنوبية تمثل معظم القواعد في كوريا الجنوبية هي قواعد جوية ومعسكرات للجيش الأمريكي. [36]

3_الأداة الاقتصادية:

لم تخلو الآلية الاقتصادية من استراتيجية القوة الذكية لباراك اوباما فقد اتبع كل من أسلوب التعاون والاحتواء مع الصين كأداة من ادوات تنفيذ سياسته الخارجية تجاه الصين ومن أبرز هذه الأدوات ( الحوار الاستراتيجي_ الاقتصادي , اتفاقية الشراكة الاقتصادية عبر المحيط الهادئ) و سوف يتم شرح هذه الأدوات كالآتي :_

الحوار الاستراتيجي_ الاقتصادي:.

جاء الحوار الاستراتيجي_ الاقتصادي كانعكاس للازمة الاقتصادية العالمية عام 2008 وكساد الاقتصاد الامريكي بجانب صعود الاقتصاد الصيني, وهدف الحوار الاستراتيجي بشكل أساسي الي تعزيز التعاون بين البلدين, وعقدت الجولة الاولي من الحوار في واشنطن عام 2009 وجاء المسار الاقتصادي للحوار علي النحو التالي:

  • تحقيق نمو مستدام من خلال سياسات الاقتصاد الكلي
  • تعزيز أنظمة مالية أكثر مرونة وانفتاح علي السوق
  • تعميق العلاقات التجارية الثنائية
  • تعزيز الهيكل المالي الدولي
  • وركزت الجولة الاولي من الحوار علي التعاون من أجل مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية وتشجيع الصين علي مواصلة الإصلاحات المالية وتوسيع مشاركتها في المحافل الاقتصادية الدولية, ثم عقدت ست جولات إضافية من أجل استمرار الجهود لتعميق إصلاحات سعر الصرف لعملة الصينية وإعادة التوازن الاقتصادي نحو زيادة الاستهلاك المحلي. ووفقا لذلك ازداد حجم التبادل التجاري بين البلدين وأصبحت الصين أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة الامريكية, وقد أشار وكيل وزارة الخزانة الامريكية الي الحوار الاستراتيجي _ الاقتصادي بأنه ” ليس حدثا بل آلية لإدارة وبناء التعاون بين أكبر اقتصادين في العالم وهي مدعومة بالتفاعلات اليومية ” [37]

اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادي اكتوبر 2015

مثل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ أداة من أدوات السياسة الخارجية الأمريكية لموازنة القوى الاقتصادية في منطقة شرق آسيا والحيلولة دون توسيع النفوذ الصيني في آسيا من خلال تحجيم مؤسساتها الجديدة منها البنك الآسيوي ومبادرة الحزام الجديد فعملت الولايات المتحدة الأمريكية على عقد الشراكات والاتفاقيات مع الدول الآسيان في المجال الإقليمي الصيني بهدف تحجيم نفوسها فمن خلال اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية تلعب أمريكا دور أساسي في رسم قواعد الاقتصاد العالمي بالإضافة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الأخرى منها: إزالة التعريفات الجمركية و تنشيط الاستثمار بين الدول الأعضاء .

واشترك ما يقرب من 12 دولة في مفاوضات اتفاقية الشراكة، وقد نتج عن هذه الاستراتيجية زيادة صادرات المتحدة الأمريكية والتجارة مع دول آسيا، فتمثل الولايات المتحدة الأميركية سوق مهيم للدول الآسيوية بما فيها الصين وأيضا زاد الاستثمار المباشر للولايات المتحدة في آسيا والمحيط الهادي وبالتالي سعت هذه الاتفاقية بشكل أساسي إلى احتواء الصين من خلال التحالفات مع دول الجوار الأسيوي.[38]

الفصل الثالث : تحديات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين .

تعتبر السياسة الخارجية هي الوسيلة التي تستخدمها الدول من أجل تحقيق أهدافها و الاندماج مع العالم الخارجي, لا سيما الدول الصغيرة في الحجم أو الدول التي ليس لها دور سياسي عالمي كبير فتكون وسيلتها لاكتساب أهمية دولية أو وزن سياسي هي محاولة اتباع سياسة خارجية فعالة و مؤثرة و خصوصاً تجاه الدول الكبرى و الحقيقة أن هذا ينجح فعلياً في تحقيق هذا الغرض , لكنه في الوقت ذاته يفرض العديد من القيود علي تلك الدول فتجد نفسها في مأزق لمحاولة الموازنة بين تحقيق متطلباتها و في الوقت نفسه الحفاظ علي استقلالها , خصوصاً و أن البيئة الداخلية للدولة و حتى البيئة الخارجية العالمية مليئة بالتحديات و المعوقات التي تمنع الدول من تحقيق أهدافها من السياسة الخارجية , و هذا بالطبع ينطبق علي السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين فقد كانت هناك العديد من المعوقات للسياسة الخارجية الامريكية تجاه الصين في عهد كلاًّ من جورج بوش الابن و باراك أوباما والتي سيتم توضيحها كالآتي :ـ

المبحث الأول : التحديات  الداخلية و الخارجية في عهد جورج بوش الأبن .

لقد كان عهد جورج بوش الابن ملئ بالتحديات التي عرقلت سياسته الخارجية تجاه الصين و كانت هذه التحديات داخلية و خارجية ,و يمكن شرح و توضيح هذه التحديات كالآتي :-

أولاً : التحديات الداخلية .

تتمثل التحديات الداخلية في المشكلات الداخلية داخل الدولة المنشودة و المقصود بها هنا بالطبع ( الولايات المتحدة الأمريكية ) و هذه المشكلات قد تكون سياسية أو اقتصادية أو حتي عسكرية و ينتج عن هذه المشكلات خلل في سياسة الدولة  و في قدرتها علي تحقيق أهدافها المنشودة من خلال سياستها الخارجية تجاه الدول الأخرى و المقصود بها هنا جمهورية الصين الشعبية , و إذا قمنا برصد التحديات التي واجهت إدارة جورج بوش الابن في سياستها تجاه الصين سنجد أنها تتمثل فيما يلي :_

_ حرب أمريكا علي العراق عام 2003 , على الرغم من أن هذا التحدي يبدو للوهلة الأولي على أنه تحدي خارجي _ و هو كذلك بالفعل _ و لكن له العديد من الأبعاد التي تجعلنا ننظر إليه أيضاً على أنه واحد من أهم التحديات الداخلية  التي عرقلت السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين و من هذه الأبعاد أراء التيار المحافظ التي تنظر لحرب جورج بوش الابن علي العراق علي أنه مدفوع بتعطشه الشديد للنفط لمحاولة السيطرة علي الأوضاع الاقتصادية التي كانت متدهورة في تلك الفترة و أنه هذه الحرب كانت أيضا سبب لإلهاء الشعب الأمريكي عن المشكلات الاقتصادية و فضائح الشركات, و بالتالي فنحن الآن أمام تحدي خارجي (الحرب علي العراق ) يحمل في باطنه تحديات داخلية و هي المشكلات الاقتصادية  التي تعاني منها الولايات المتحدة الأمريكية و التي بالطبع عرقلت و قللت من قدرتها علي تبني سياسة خارجية فعالة تجاه الصين التي كانت  في أوج تقدمها الاقتصادي في تلك الفترة . [39]

_ استكمالاً للمشكلات الداخلية التي أثرت علي السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين و التي تتمثل تحديداً في التحديات الاقتصادية , لابد أن نذكر الأزمة الاقتصادية العصيبة التي مرت بها الولايات في تلك الفترة و التي نتجت عن انحياز إدارة جورج للنظام الرأسمالي و الذي ترتبت عليه مجموعة من المشكلات كادت أن تكون سبباً في تدمير الاقتصاد الأمريكي للأبد و منها ارتفاع معدل البطالة إلي 7.2 من قوة العمل , عجز الميزان التجاري و تزايد الخلل فيه, عجز في الموازنة العامة لتصل إلي مستوي قياسي لم تصل إليه من قبل و هو 455 مليار دولار في العام الأمريكي المنتهي في نهاية سبتمبر, تراجع تنافسية المنتجات الأمريكية التي لها بدائل في في بلدان أخري , ازدياد بطء نمو الاقتصاد الأمريكي في ظل ضعف الطلب الفعال بسبب تزايد اختلال السياسة الضريبية لصالح الأثرياء و بالتالي تراجع معدل النمو من 3.7 % عام 2000 إلي 0.8 % عام 2001 و كان أعلي معدل نمو يتحقق في عهد جورج بوش الابن هو 3.6 % في عام 2004 . و بالتالي نجد أن الوضع الاقتصادي الداخلي للولايات المتحدة يمثل التحدي الداخلي الذي أعاق من قدرة الولايات المتحدة علي إبداء العداء الصريح أو حتي المواجهة الصريحة و أعاق من قدرة الولايات علي تحقيق أهدافها من سياستها الخارجية تجاه الصين و بدلاً من أن تسيطر هي علي الصين أصبحت تطلب من الصين أن تدعمها اقتصادياً حتي تستطيع التغلب علي أزماتها . [40]

ثانياً : التحديات الخارجية .

و لقد كانت هناك أيضاً مجموعة من التحديات الخارجية التي تعرقل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين و كانت هذه التحديات أما إنها تحديات خلقتها الولايات المتحدة نفسها من خلال ارتكابها أفعال إجرامية دولية قلبت النظام الدولي عليها و جعلتها لا تمارس لا تستطيع ممارسة سياستها الخارجية المتسلطة تجاه الصين و خصوصاً أن الولايات المتحدة كانت علاقاتها سيئة للغاية مع الحلفاء المقربين لجمهورية الصين الشعبية , أو كانت هذه التحديات ناتجة من الصين نفسها و تطويرها الدائم لقوتها الشاملة و الذي كان يقلق بشدة الولايات المتحدة الأمريكية و من التحديات الخارجية للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين ما يلي :_

_ انتشار معلومات عام 2005 عن أن الميزانية العسكرية للصين قد وصلت إلى 90 مليار و ليست فقط 29 مليار كما أعلنت الصين نفسها بشكل رسمي , و بالفعل لقد كان انتشار مثل هذا الخبر و بشكل غير رسمي مما يعني أن الصين كانت متكتمة عليه أقلق الولايات المتحدة و جعل سياستها الخارجية تجاه الصين في تلك الفترة و تحديداً من الناحية العسكرية متوترة للغاية حتي أن رونالد رامسفيلد و الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع فى تلك الفترة أطلقت تحذيرات شديدة اللهجة للصين بأنها ” ستخسر كثيراً إذا ما قررت استخدام قوتها العسكرية المتنامية بسرعة بأساليب تهدد الآخرين ” .

_ وقوع الهند مع باكستان في ورطة و مشكلات مستمرة كان بمثابة خسارة ورقة رابحة في يد الولايات المتحدة الأمريكية كانت تستطيع من خلالها مساومة الصين  بل و التلاعب بها ؛ حيث أنه إذا كانت الهند في وضع مستقر فقد كانت قوتها الكبيرة و ثقلها السياسي الذي لا يمكن نكرانه سيهدد القوة الصينية في شرق آسيا و ستتعاون الولايات المتحدة معها لتهديد الصين و بالتالي لن تكون الصين مصدر قلق أو تهديد للولايات المتحدة الأمريكية, أما انشغال الهند في مشكلاتها مع باكستان جعل الساحة خالية للصين تستطيع بكل أريحية أن تنفرد بالنفوذ في منطقة شرق أسيا و هو ما كان يهدد الولايات المتحدة و يجعلها أقرب لتبني سياسة عدائية تجاه و من ثمّ توتر السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين . [41]

_ حرب الولايات المتحدة على العراق كانت واحدة من أهم التحديات التي عرقلتها من تنفيذ سياستها الخارجية تجاه الصين ؛ حيث أنه بدلاً من أن تستغل الصين  إمكاناتها العسكرية و الاقتصادية في تلك الفترة لمجابهة و مواجهة القوة المنافسة لها و المتمثلة في جمهورية الصين الشعبية, ركَّزت كل مواردها من أجل إسقاط نظام صدام حسين في العراق و بناء دولة أخري تقوم على مبادئ أمريكية و لكن ما ترتب على حرب الولايات المتحدة على العراق هو إخفاقات متعددة و متكررة لحقت بالولايات المتحدة الأمريكية و بالتالي استنزفت قوتها العسكرية و الاقتصادية فلم يعد للولايات المتحدة القدرة على مواجهة الصين , و بسبب تلك الحرب أيضاً هناك العديد من القوى الدولية التي انقلبت على الولايات المتحدة الأمريكية و نظرت إلى حربها على العراق باعتباره انتهاك جسيم لحقوق الإنسان و توفير ملاذ آمن للإرهابيين بعد تفكك دولة العراق فبالتالي لم يكن لدي الولايات المتحدة الجرأة على مواجهة الصين بشكل عنيف خصوصاً مع إهانتها التي كانت متكررة للصين في كل المحافل الدولية , فقد كان أي فعل غير منضبط من الولايات المتحدة تجاه الصين سيجلب لها المزيد من التوترات الدولية التي كانت في غني عنها في تلك الفترة . [42]

المبحث الثاني : التحديات الداخلية و الخارجية  في عهد باراك أوباما .

قد جعل الرئيس باراك أوباما من منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ اولوياتها في السياسة الخارجية تجاه الصين وركز اهتمامه الأساسي علي  استراتيجية التحول إلى آسيا وذلك من خلال مجموعة من الأدوات ولكن هذه السياسة وجاءت مجموعة من التحديات ‏الداخلية أبرزها

التحديات الداخلية

‏عنده وصول الرئيس أوباما إلى سدة الحكم والولايات المتحدة الأمريكية تعاني من ضعف وهشاشة على دينه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي فقد ‏أدت حروبها على العراق وافغانستان إلى إرهاق الدولة من الداخل بالإضافة إلى الركود الاقتصادي التي تعاني منه الدولة فكان نمو الاقتصاد الأمريكي سلبي للغاية وتراجع الناتج الإجمالي مرورا بالأزمة الاقتصادية التي ضربت الاقتصاد العالمي وكان هناك عدم استقرار في الأسواق المالية بالإضافة إلى إفلاس العديد من الشركات الكبرى

‏وعلى الصعيد الاجتماعي تعاني أمريكا من أزمات التعليم والصحة و تفاقم مشكلة المخدرات ولم تكن الدولة تتدخل بشكل فعلي في قطاعات التربية والتعليم ولكن عمل الرئيس باراك أوباما على وضع برنامج إصلاحي من أجل معالجة هذه التحديات في العديد من القطاعات، ‏وشكلت هذه الأزمات تحديا كبيرا للسياسة الخارجية الأمريكية خاصة تجاه دولة الصين التي في ظل ظروف والتدهور الداخلي الأمريكي ‏بدأت الصين تبرز قوة ضخمة وبدا الصعود الصيني الذي ينافس الهيمنة الأمريكية وأصبحت الصين تمتلك قدرات وإمكانيات هائلة جعلت من الصعب على أمريكا احتواءها .

التحديات الخارجية

1_ أمن الفضاء والتهديدات السيبرانية الصينية  :  يطرح البرنامج الفضاء الصيني والقدرات السيبرانية الصينية خطرا علي القدرات العسكرية الامريكية في منطقة المحيط الهادي وذلك نظرا لقدرات الصين المتنامية في هذا المجال ، بإضافة إلي تنوع أنشطة الصين وتطوير برنامج متعددة الأبعاد من أجل تحسين قدراتها لمنع استخدام الأصول الفضائية من قبل الخصوم ، شراء تكنولوجيا عالية الطاقة وأجهزة سلكية والتشويش  اللاسلكية والاسلحة السيبرانية لمهاجمة الأقمار الصناعية بالإضافة الي اطلاقها صاروخا باليستياً لتدمير أقمار صناعية خاصة بالطقس ، فتعد الصين من القوي السيبرانية الرائدة في العالم ، أنشأت الصين وحدة حرب فضاء الكترونية معروفة باسم ” الوحدة 61398 ” والذي قامت بشن هجمات تجسس الكترونية وسرقة للمعلومات الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية الخاصة بالولايات المتحدة لذلك يمثل التطور الصيني في مجال الفضاء والأمن السيبراني عقبة كبيرة أمام الولايات المتحدة الأمريكية نظرا لأن البنية التحتية الامريكية المدنية والعسكرية مرتبطة بالفضاء السيبراني كما أن مجال الفضاء مجال مهم لأمنها وازدهارها ومرتبط بشكل أساسي بالأمن القومي الأمريكي[43].

2_التحديث العسكري الصيني :-

تتمحور الاستراتيجية العسكرية الصينية في تهديدات منع الولوج – المنطقة المحرومة  والتي تمثل أكثر التهديدات التي تواجه القدرات العسكرية في شرق اسيا والمحيط الهادئ ، فهذه الاستراتيجية العسكرية قوضت القدرات الأمريكية علي نشر قوات عسكرية بحرية علي غرار ما قامت به من عمليات عسكرية اخري فالوضع مختلف تماما بسبب القدرات العسكرية الصينية فقد عمل القادة العسكريون الصينيون علي تعطيل ومنع الانتشار العسكري الامريكي في المناطق الحيوية الخاصة بالصين. وتعرف هذه الاستراتيجية (AD  المنطقة المحظورة اماA2  منع الدخول ) والتي تعمل علي الحد من حرية عمل وحركة قوات الخصوم وعرقلة الجهود الأمريكية في وجود عملياتي في المناطق البرية والبحرية، أما في حالة وجودها فهي تعمل علي منعها في التحرك من خلال احتواء هذه المنطقة علي وجود الالغام وأسلحة الدمار الشامل، القوات الخاصة ، وأسلحة الدفاع الجوي وغيرها. إن هذا التحديث العسكري الصيني يهدد أمن وازدهار الولايات المتحدة والحد من القدرات العسكرية الأمريكية في غرب المحيط الهادي وتحييد وردع القوات الأمريكية في المنطقة وقدرتها علي التدخل في اي من النزاعات الاقليمية[44]

3_ مبادرة الحزام والطريق :.

بدأت الصين في التوجه غربا وتوسيع علاقاتها مع آسيا الوسطى والشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا وذلك من خلال إطلاق مبادرة الحزام والطريق وذلك من أجل مواجهة الهيمنة الأمريكية في هذه المناطق، وهذه المبادرة أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013 من أجل بناء شبكة اقتصادية تربط آسيا وأوروبا وأفريقيا وتخليص الصين من تطويقها الاستراتيجي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، عملت هذه المبادرة علي بناء شبكة اقتصادية تربط آسيا وأوروبا وأفريقيا وقامت الطرقات وسكك حديد وموانئ في آسيا وأمريكا الجنوبية وأفريقيا كما عملت الصين على بناء خط سريع بين الصين وأوروبا من أجل تعزيز الاتصال مع أوروبا من خلال توسيع الموانئ لتطوير النقل البحري من الصين إلى أوروبا والوصول بحرا إلى أفريقيا عبر بحر الصين والمحيط الهادئ، تمام كانت هذه المبادرة الصين من الدخول إلى الأسواق العالمية وتمديد نفوذها الاقتصادي هو تأثيرها الجيوسياسي على نطاقها الإقليمي والعالم كله والوصول إلى البلدان التي لم تكن قادرة على الوصول إليها من قبل المبادرة، فأصبحت الولايات المتحدة الأميركية تواجه تحدي كبير يتمثل في الاعتماد المتزايد لحلفائها الرئيسيين في آسيا على الصين من أجل الأسواق ورؤوس الأموال بعد أن أصبحت السيد مركز اقتصادي آسيوي وأصبحت تتمتع بكثافة الروابط والتحالفات بفضل مبادرة الحزام والطريق. [45]

3_التقارب الروسي _ الصيني :.

العلاقات الروسية الصين والتي أصبحت تثير قلقا كبيرا لدى الولايات المتحدة الأميركية بسبب التقارب الشديد بين البلدين حيث نمت التجارة والعلاقات الثنائية على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي،، وجاء ذلك واضحا في توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية ومشاريع البنية التحتية وغيرها من الاتفاقيات، كما أنه في عام 2014 وقع الطرفان مشروع خط قوة سيبرياً لتصدير الغاز الروسي إلى الصين بالإضافة إلى التعاون في مجال الطاقة، وعملت الصين على تقوية الحوار الاستراتيجي مع روسيا في شرق آسيا ضد التحالف الأمريكي الياباني والذي يمكن الصين من تعزيز وجودها في آسيا، فكان التقارب الروسي الصيني يتم خر بشكل أساسي حول مواجهة الهيمنة الأمريكية وتطويق نفوذها بشكل خاص في شرق آسيا.[46]

4_ الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية( RCEP)

الشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية والتي طرحتها رابطة دول جنوب شرق آسيا والصين باعتبارها أكبر اقتصاد في المنطقة وذلك له نفس الشراكة عبر المحيط الهادئ للولايات المتحدة الأميركية، وتضم هذه الاتفاقية دول متقدمة مثل اليابان وأستراليا وتوصف بأنها تجارة حرة بين الأسيان، وتهدف اتفاقية التجارة الحرة في تحقيق شراكة اقتصادية شاملة وتبادل للمنافع وتعزيز الاستثمار والمنافسة الإقليمية مع الحواجز التجارية وانخفاض التعريفات الجمركية، ولم تشارك الولايات المتحدة الأمريكية في تلك الشراكة الاقتصادية الإقليمية فأصبحت الصين تحدد معايير اتفاقية التجارة الحرة في آسيا والمحيط الهادئ بالإضافة إلى إقامة علاقات متعددة الأطراف مع جيرانها فأصبح من الصعب تطوق الصين من خلال الشراكة عبر المحيط الهادئ التي تبنتها الولايات المتحدة.[47]

الخاتمة .

مما لاشك فيه أن الصين هي أهم أولويات السياسة الخارجية الأمريكية ، وبالنظر إلي الأهمية التي تمثلها الصين تحاول الولايات المتحدة الأمريكية جاهدة احتواء هذه القوي الإقليمية العظمي ومشاركتها في حين واحد، حيث يبدأ كل رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه النقد للسياسة التي اتبعها الرئيس السابق واتباع سياسة أكثر تشددا تجاه الصين ولكن سرعان ما تتحول هذه السياسة نحو الحوار والتعاون مع الصين من أجل الحفاظ علي المصالح الأمريكية، وبالنظر إلي سياسة الرئيس جورج بوش فمنذ بداية حكمة اتبع سياسة متشددة تجاه الصين واعتبرها منافس استراتيجي لأمريكا ولكن مع ظهور الحرب علي الارهاب سعي إلي التعاون مع الصين واعتبارها شريكا لها ولكنه سعي في نفس الوقت الي احتواء الصين من أجل الحفاظ علي الهيمنة الأمريكية ، أما الرئيس بارك أوباما فقد شددت الحكومة الأمريكية على ضرورة التعاون والتنسيق مع الصين من أجل مواجهة القضايا المشتركة بين الدولتين ، فقد انتقد سياسة الرئيس جورج بوش تجاه الصين وحرص على ضرورة التعاون مع القوي المتواجدة في النسق الدولي وبخاصة الصين وعمل علي زيادة الترابط بين البلدين ولكنه سعي في نفس الوقت إلي تطويقها من خلال الدخول في تحالفات مع الدول المناوئة لها مثل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادي ، ولكن واجهت السياسة الخارجية الأمريكية مجموعة من التحديات التي عرقلت تحقيق أهدافها تجاه الصين.

التوصيات .

و هكذا و من خلال دراستي و متابعتي للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين في عهد كلا من جورج بوش الابن و باراك أوباما و ملاحظة استمرار النظرة العدائية و التنافسية من السياسة الخارجية الأمريكية رغم تعاونهم في بعض الأحيان فإنني أوصي بما يلي :_

_ أن تعتمد الإدارات الأمريكية اللاحقة علي التعاون مع الصين بشكل أكبر و بأكبر قدر ممكن في كل المجالات، فلا تتعاون معها في المجالات الاقتصادية لكن تنافسها من الناحية العسكرية، فأنا أري أنه حتي لا تتسبب السياسة الخارجية الأمريكية في مشكلات مع الصين يجب عليها أن تبني سياساتها الخارجية تجاهها علي الاحتواء بدلا من العداء.

_ أن تدرك الولايات المتحدة أن الصين لم تعد دولة بسيطة أو هينة _ و هذا بالطبع يظهر في القوة العسكرية و الاقتصادية التي تتمتع بها _ و بالتالي فهي لن تتواني عن رد الأذى للولايات المتحدة إذا ما قررت أن تمنع سيطرتها علي أيا من المناطق التي تعتبرها الصين من ممتلكاتها خصوصاً في منطقة شرق آسيا.

_ أن تمتنع الولايات المتحدة عن عداء الدول التي تعتبر حلفاء للصين مثل كوريا الشمالية و روسيا، حيث أن الصين ستحارب الولايات المتحدة وقتها بكل ما تملك من القوة حتي تثبت لحلفائها أنها جديرة بدعمهم و تأييدهم.

_  أن يتعلم الرؤساء القادمون من الأخطاء التي وقع بها كلا من جورج بوش الابن و باراك أوباما حتي لا يتم تكرار هذه الأخطاء مرة أخرى و ذلك حيث أن الأضرار الناتجة عن توتر السياسة الخارجية الامريكية تجاه الصين و رد الصين عليها لن تتوقف عند حدود الدولتين فقط بل ستلحق بالعالم كله.

_ تخلي الولايات المتحدة عن غرورها و تقبلها للصين كمنافس استراتيجي قوي _ لأنها كذلك بالفعل _ و استطاعت الصين أن تحظي بدعم معظم الدول العظمي في العالم مثل روسيا و  الدول الأوربية  و بالتالي لن يصبح في صالح الإدارات الأمريكية اللاحقة إطلاقاً تبني سياسة خارجية عدائية تجاه الصين.

رؤية استشرافية للمستقبل :_

يري الباحث أن مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين لن يسير علي وتيرة واحدة أو خط مستقيم ,لكنها ستكون سياسة مزدوجة تعاونية أحياناً و تنافسية أحياناً و عدائية عداء صريح أحياناً أخري , ذلك باختلاف المجالات التي يضطرون إلي التعامل بها سوياً و يمكن توضيح ذلك كالآتي :_

_ من الناحية الاقتصادية سيكون من المرجح أن تتبني الولايات المتحدة سياسة خارجية تعاونية تجاه الصين و ذلك لأن الولايات المتحدة تدرك تماماً أنها حتي و إن كانت دولة ذات اقتصاد قوي إلا أنه هناك العديد من التعثرات التي حدت من قوتها الاقتصادية و أخر هذه التعثرات هو فيرس كورونا الذي أدي لخلل واضح في الاقتصاد الأمريكي و بالتالي فهي بحاجة لمساعدة الدول القوية اقتصادياً و علي رأسهم الصين بالطبع .

_ أما من الناحية العسكرية و السياسية فالسياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين تتأرجح بين التنافس إلي العداء الصريح أحياناً كثيرة ,ذلك حيث صرحت الولايات المتحدة مرات متعددة رفضها الصريح للصين كمنافس استراتيجي لها بل ووصل الأمر للتقليل من شأن الصين العسكري و السياسي في مناسبات رسمية علي لسان الرؤساء الأمريكيين حيث قالوا ” لا تعدو الصين أبداً و لا تطمح لأن تصبح منافس استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية ,لأنها لن تستطيع أبداً أن تحقق ذلك”  وبالتالي فالرؤية الاستشرافية حول السياسية الخارجية الأمريكية تجاه الصين تميل إلي التنافس و العداء أكثر من كونها تميل إلي الاستقرار و السلم .

_ و من الناحية الدبلوماسية يتوقع الباحث أن العلاقات الدبلوماسية تكاد أن تنقطع بين البلدين , فالصين تركز بشدة علي جذب الدول التي كانت تعتبر حلفاء تقليديين للولايات المتحدة و هم بالفعل يستجيبون لها مثل الدول الأوربية, و تركز أيضاً علي جذب الدول الأعداء للولايات المتحدة في صفها مثل روسيا الاتحادية و بالتالي فالولايات المتحدة لا أتوقع أنها ستكون راغبة أبداً في بناء علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية بل ستفضل العزلة عنها و تجنبها أفضل .

قائمة المراجع .

أولاً : المراجع العربية .

أ_ الكتب:.

١ -نبيل شعراوي, سالي ,”اثر تحول النظام الدولي علي العلاقات الصينية الامريكية منذ عام 2001″ , (جامعة القاهرة , مكتبة كلية الاقتصاد و العلوم السياسية , 2016 ) .

٢-  طوسون ابراهيم احمد, نورهان  ,” الاستمرارية و والتغير في السياسة الخارجية الامريكية تجاه شرق و جنوب شرق آسيا خلال الفترة من 2000 الي 2018″ , ( جامعة القاھرة , مكتبة كلیة الاقتصاد و العلوم السیاسیة , 2018 ) .

٣-  بن الحسين القحطاني, علي ،”النظرية الواقعية وتطورها في العلاقات الدولية” , (جامعة الإسكندرية ، مجلة كلية التجارة  للبحوث العلمية، العدد 93) ٢٠١١.

٤-  عیادي, اسلام ,”السیاسة الخاجیة الامریكیة في عهد الرئیس دونالد ترامب   2017الي 2021″ ,(برلین , المركز الدیموقراطي العربي , الطبعة الاولي , 2021) .

٥- كامل حسن, عمر  ,” الاتجاھات المستقبلیة للسیاسة الخارجیة الامریكیة “(عمان، دار الخلیج للنشر، الطبعة الاولي , 2020) .

٦-  حسن, هارون ,” الاعلام و السیاسة الخارجیة :دراسة حالة الولایات المتحدة الامریكیة “,

( الامارات , مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتیجیة , الطبعة الاولي , 2020) .

٧-  عبد الفتاح الحمراوي, محمد ,”السیاسة الخارجیة الصینیة” , (جامعة الاسكندریة , سبتمبر 2008 ).

٨-  حسین محمود بكیر, علي ، ” مستقبل الصین في النظام العالمي : دراسة في الصعود السلمي و القوة الناعمة ” (بیروت , كلیة الحقوق و العلوم السیاسیة , 2016 ) .

9 – عبد الله عبد الخالق, ايمان ,  “أثر العلاقات الصینیة الامریكیة علي النظام الدولي منذ عام 2001″  , (  المركز الدیموقراطي العربي , 2016 ) .

10- لیوشی هتشینج بي شي دونج , ” الصین و الولایات المتحدة الامریكیة خصمان ام شریكان”,  ترجمة حمدي عبد العزیز ,(القاھرة , المجلس الاعلي للثقافة , 2003 ) .

11 – نجیم, حذفاني , ” العلاقات الامریكیة الصینیة مابین التنافس و التعاون فترة ما بعد الحرب الباردة ” (جامعة الجزائر كلیة العلوم السییاسیة و الاعلام , 2011 ) .

12- زروخي, سميحة ,” العلاقات الصینیة الامریكیة مابین التعاون و الصراع منذ احداث 11 سبتمبر 2001 ” , ( جامعة محمد بوضیاف , كلیة الحقوق و العلوم السیاسیة , 2017 ) .

13_ السيد أحمد  النجار ” ,  الشفافية و الإفصاح في الأزمة المالية و الاقتصادية العالمية,  ” يناير 2006  و القاه.  ( 2, 3, 4  ) ,   

14 _ نايل, عصام ، ” التحول في الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن 2001-2007 : الحرب الاستباقية دراسة حالة” ،) اطروحة، جامعة مؤتة ) .

15 _ سهيل ,رشا محمد زيدان،”  التنافس الأمريكي الصيني تجاه بحر الصين الجنوبي”  ،) كلية العلوم السياسية ، جامعة الموصل) ، ٢٠٢٢.

ب_ الدوريات العلمية .

16_ مبروك شريف شعبان , “الاستراتيجية الأمريكية في آسيا وسياسة احتواء الصين”  , المركز العربي للبحوث والدراسات , عدد 27 .

17_ سعد محي , ” الصين و أمريكا : عدوان أم حليفان ؟ ” , نوفمبر 2005 , SWI  , بيروت.

ج_ الرسائل العلمية .

18-  خليل محمد ، ” تأثير اللوبي الصيني على السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين خلال الفترة ( ٢٠٠١-٢٠١٦ ) ”  . ( رسالة ماجستير ، جامعة الإسكندرية ، كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية ، ٢٠٢١) .

19- أشعيا عوديشو وليم ،”  النظام السياسي والسياسة الخارجية اليابانية المعاصرة ” ، ( رسالة ماجستير ، الدنمارك ، الدراسات والقانون، ٢٠٠٨) .

20- سهيل محمد زيدان,  رشا، ” التنافس الأمريكي الصيني تجاه بحر الصين الجنوبي ” ، ( كلية العلوم السياسية ، جامعة الموصل ) ٢٠٢٠.

21 – ساعد رشيد ، ” الترتيبات الأمنية الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية في شرق آسيا :  الصين نموذجا ” ، ( جامعة محمد خيضر ، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، 2018 ) .

22 – نبيلة بن يحي، ” مطبوعة حول آسيا  في النظام الدولي ” ، ( جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية )  ٢٠٢٠.

د_ المواقع الإلكترونية .

24 –  عمرو عبد العاطي ، ” عقدان علي الغزو الأمريكي للعراق : الجدل مازال مستمر” ، مارس ٢٠٢٣، مركز الأهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية، https://acpss.ahram.org.eg/News/17843.aspx .

26 _ ” ماذا لو نفذ صبر الصينيين فى عام ٢٠٠١؟”، RT، أبريل 2023، https://2u.pw/SMxcXH .

27 _  قطيشات ياسر، “ الصين و الولايات المتحدة في إدارة التنافس و الصراع” ، قناة الحوار المتمدن، مارس ٢٠٢٣، https://m.ahewar.org/s.asp?aid=749193&r=0 .

ج _ المجلات .

28 _  مزاحم  الغریري, علي ,  ” السیاسة الخارجیة الصینیة و مسارات ادائها  للفترة من 2003 الي 2020 ” , مجلة قضایا سیاسیة , العدد 68 ، 2022  .

29 _ ً إدريس لكرينى ,   ” الصين و تحولات النظام الدولى الراهن ” , مجلة المستقبل العربى ,   يوليو 2017 , 461 ( 2) .

30 _  حيدر زهير جاسم الوائلي ، ” الإستراتيجية والسياسة الخارجية في العلاقات الروسية الصينية” ، ( مجلة السياسة الدولية ، جامعة بغداد ).

د _ الصحف .

31 – حسین علي صفاء , ” استراتیجیة القوة الذكیة و اثارھا في السیاسة الخارجیة الصینیة ” , مجلة الجامعة العراقیة , 47 ,  2020  .

32- محمد عقيل وصفي ، ” الإستراتيجية الأميركية تجاه تايوان في ضوء التغيرات الدولية بعد نهاية الحرب الباردة”  ، مجلة إتحاد الجامعات العربية للأداب،  ع ١، ٢٠١٣ .

33-   فتغ تشوقمة هو ” أوباما تحدد اتجاها جديدا للعلاقات الصينية الأمريكية” , مجلة الصين اليوم .

34- إبراهيم محمد , ” الانتشار العسكري الأمريكي في جوار الصين” , مجلة الخنادق , 2014,

https://alkhanadeq.com/post.php?id=3422 .

35 _ عبد العزيز بن خالد “,  السمات الجفرافية للولايات المتحدة,”   مقاتل , فبراير 2020 .

36 _  حميد الجميل  ” , عنصر قوة الاقتصاد الامريكى و ضعفه مع اشارة خاصة للديونية الامريكية ”  , مجلة المنتدى , نوفمبر2013, . (258 . 201 _ 244)

37_    إدريس لكرينى ، ” الصين و تحولات النظام الدولى الراهن ”  , مجلة المستقبل العربى . يوليو 2017 ,  .

38  _عبد العاطى عمرو ،”  الأمة المستغني عنها :السياسة الخارجية الأمريكية فى تراجع” ، الجزيرة , نوفمبر 2013 ,

https://studies.aljazeera.net/ar/bookrevision/2013/11/20131124115724362709.html  .

39 _ جيتشي يانغ ، ” احترام التاريخ واستشراف المستقبل والحفاظ على استقرار العلاقات الصينية الأمريكية”، عربية نيوز , أغسطس 2020

،      . http://arabic.news.cn/2020-08/10/c_139279739.htm

ثانيا : قائمة المراجع الأجنبية :.

Books

1-    CHI WANG, George W. Bush and China: Policies, Problems, and Partnerships, 2009.

  • The U.S.-China Strategic and Economic Dialogue (S&ED): Economic Outcomes and Issues, Congressional research service, 2015
  • Li Yanhua, President Hu Jintao and US President-elect Barack Obama Discuss over Telephone
  • Peter Symonds, One Belt, One Road: China’s response to the US “pivot”,( World Socialist Web Site, December 2015) https://bit.ly/42b68cL

[1] _سالي نبيل شعراوي , اثر تحول النظام الدولي علي العلاقات الصينية الامريكية منذ عام 2001 , ( جامعة القاهرة , مكتبة كلية الاقتصاد و العلوم السياسية , 2016 ).

[2] حسونة, منال, الصين في السياسة الأمريكية بين الحملات الانتخابية والسياسات الرسمية,( جامعة بيرزيت, رسالة ماجستير, المنظومة) 2015, https://0810gssk2-1105-y-https-search-mandumah-com.mplbci.ekb.eg/Search/Results?lookfor=

[3] اسلام عيادي , السياسة الخارجية الامريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب 2017الي 2021 , ( برلين , المركز الديموقراطي العربي , الطبعة الاولي , 2021 ) .

[5] الدكتور عمر كامل حسن , الاتجاهات المستقبلية للسياسة الخارجية الامريكية , ( عمان , دار الخليج للنشر , الطبعة الاولي , 2020).

[6]  هارون حسن , الاعلام و السياسة الخارجية :دراسة حالة الولايات المتحدة الامريكية , ( الامارات , مركز الامارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية , الطبعة الاولي , 2020 ).

 [7] محمد محاوى، تأثير الصعود الصيني علي النظام الدولي في ظل الهيمنة الامريكية، ( جامعة تلمسان، مجلة السياسة والقانون ،ع٢) ٢٠٢١.

[8]  منصور فالح إسماعيل ، الفرص والتحديات للنمو الصيني كقوة عظمى “(١٩٩٠-٢٠٠٨)، جامعة مؤتة، ٢٠٠٩ .

[9]  ملامح نصيرة، الاستراتيجية الاقتصادية للصين ومكانتها في النظام الدولي، ( جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية ) ٢٠١٨

[10] علي حسين محمود بكير , مستقبل الصين في النظام العالمي : دراسة في الصعود السلمي و القوة الناعمة , ( بيروت , كلية الحقوق و العلوم السياسية) ٢٠١٦.

[11] ايمان عبد االله عبد الخالق , اثر العلاقات الصينية الامريكية علي النظام الدولي منذ عام 2001 , ( المركز الديموقراطي العربي , 2016 ) .

[12]  ليوشيه تشينج بي شي دونج , الصين و الولايات المتحدة الامريكية خصمان ام شريكان , ترجمة حمدي عبد العزيز، ( القاهرة، المجلس الاعلي للثقافة , 2003 )

[13]  حذفاني نجيم , العلاقات الامريكية الصينية ما بين التنافس و التعاون فترة ما بعد الحرب الباردة , ( جامعة الجزائر كلية العلوم السياسة و الاعلام , 2011 ) .

[14] سميحة زروخي , العلاقات الصينية الامريكية ما بين التعاون و الصراع منذ احداث 11 سبتمبر 2001 , ( جامعة محمد بوضياف , كلية الحقوق و العلوم السياسية , 2017 ) .

[15]  علي بن الحسين القحطاني، النظرية الواقعية وتطورها في العلاقات الدولية، (جامعة الإسكندرية، مجلة كلية

التجارة للبحوث العلمية، العدد 93) ٢٠١١.

[16] _ صفوح خير، ” الولايات المتحدة الأميركية (جغرافيا)”، ٢٠ مايو ٢٠٢٢، الموسوعة العربية، https://arab-ency.com.sy/ency/details/11170/22 .

[17] _ سلطان بن عبد العزيز خالد , ” السمات الجغرافية للولايات المتحدة ” , مقاتل , فبراير 2020 .

[18] _ الجميلي حميد , ” عنصر قوة الاقتصاد الامريكي و ضعفه مع اشارة خاصة للديون الامريكية ” , مجلة المنتدى , نوفمبر 2013 . 258 . 201 _ 244 .

[19] _ ” مقارنة بين الجيش الأمريكي و نظيره الصيني من الأقوى عسكريا؟”، بالعربية CNN, نوفمبر ٢٠٢١، https://arabic.cnn.com/world/article/2021/11/04/weapons-explainer-china-vs-usa-2021

[20] محمد خليل ، تأثير اللوبي الصيني على السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الصين خلال الفترة ( ٢٠٠١-٢٠١٦ ) . ( رسالة ماجستير ، جامعة الإسكندرية ، كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية ، ٢٠٢١) .

[21] وليم أشعي عودي، النظام السياسي والسياسة الخارجية اليابانية المعاصرة ، ( ماجستير ، الدنمارك ، الدراسات والقانون، ٢٠٠٨) .

[22] وصفي محمد عقيل، الاستراتيجية الأميركية تجاه تايوان في ضوء التغيرات الدولية بعد نهاية الحرب الباردة ، مجلة اتحاد الجامعات العربية للآداب،  ع١، ٢٠١٣،

[23] رشا سهيل محمد زيدان، التنافس الأمريكي الصيني تجاه بحر الصين الجنوبي ، ( كلية العلوم السياسية ، جامعة الموصل ) ٢٠٢٠،

[24] _ عقيل محمد وصفى , ” الاستراتيجية الامريكية تجاه تايوان في ضوء التغيرات الدولية بعد نهاية الحرب الباردة ” , مجلة اتحاد الجامعات العربية للآداب ,  2013 , 10 , 999 _ 1035 .

[25] _ لكريني إدريس . ” الصين و تحولات النظام الدولي الراهن ” . مجلة المستقبل العربي . يوليو 2017 . 461 ( 2) .

[26] _ عمرو عبد العاطي، الأمة المستغني عنها ” السياسة الخارجية الأمريكية في تراجع”، الجزيرة، 24 نوفمبر 2013, https://studies.aljazeera.net/ar/bookrevision/2013/11/20131124115724362709.html

[27] _ عصام نايل، ” الرئيسية نتائج البحث

التحول في الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن 2001-2007 : الحرب الاستباقية دراسة حالة”، ( اطروحة، جامعة مؤتة، كلية العلوم الاجتماعية قسم العلوم السياسية، 2017)، https://2u.pw/4R962m

[28] _ ” ماذا لو نفذ صبر الصينيين في عام ٢٠٠١؟”، RT، أبريل 2023، https://2u.pw/SMxcXH

[29] _ ياسر قطيشات، ”

الصين والولايات المتحدة .. إدارة التنافس الصراع”، قناة الحوار المتمدن، 7/3/2023، https://m.ahewar.org/s.asp?aid=749193&r=0

[31] _ يانغ جيتشي، ” احترام التاريخ واستشراف المستقبل والحفاظ على استقرار العلاقات الصينية الأمريكية”، عربية نيوز، 10 اغسطس 2020, http://arabic.news.cn/2020-08/10/c_139279739.htm

[32] تشو فنغ, قمة هو- أوباما تحدد اتجاها جديدا للعلاقات الصينية الأمريكية, مجلة الصين اليوم,

[33]   Li Yanhua, President Hu Jintao and US President-elect Barack Obama Discuss over Telephone

2008-11-09, Xinhua Net,

[34] PHILLIP C. SAUNDERS, China’s Rising Power, the U.S. Rebalance to Asia, and Implications for U.S.-China Relations, NO 3 (. (September 2014

[35] PHILLIP C. SAUNDERS, مرجع سابق , 2014

[36] محمد إبراهيم, الانتشار العسكري الأمريكي في جوار الصين, مجلة الخنادق, 2014, https://alkhanadeq.com/post.php?id=3422

[37] The U.S.-China Strategic and Economic Dialogue (S&ED): Economic Outcomes and Issues, Congressional research service, 2015

[38] مبروك، شريف شعبان. “الاستراتيجية الأمريكية في آسيا وسياسة احتواء الصين. ” المركز العربي للبحوث والدراسات ع27

[39] _ عمرو عبد العاطي، ” عقدان علي الغزو الأمريكي للعراق : الجدل مازال مستمر”، مارس ٢٠٢٣، مركز الأهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية، https://acpss.ahram.org.eg/News/17843.aspx

[40] _ أحمد السيد النجار , ” الشفافية و الإفصاح في الأزمة المالية و الاقتصادية العالمية ” , يناير 2006 , القاهرة , ( 2,3,4 ) .

[41] _ سعد محي، ” الصين وأمريكا: حليفان أم عدوان؟”، نوفمبر ٢٠٠٥، SWI, بيروت،

[42] _ مرجع سبق ذكره .

[43] ساعد رشيد ، الترتيبات الأمنية الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية في شرق آسيا الصين نموذجا ، ( جامعة محمد خيضر ، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، 2018 ) .

[44] المرجع السابق ص ص 163-221

[45] Peter Symonds, One Belt, One Road: China’s response to the US “pivot”,( World Socialist Web Site, December 2015) https://bit.ly/42b68cL

[46] حيدر زهير جاسم الوائلي، الاستراتيجية والسياسة الخارجية في العلاقات الروسية الصينية، ( .مجلة السياسة و الدولية ، جامعة بغداد )

[47] نبيلة بن يحي، مطبوعة حول آسيا  في النظام الدولي ، ( جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية )  ٢٠٢٠.

 

.

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=90693#google_vignette

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M