المبارزة بين “المقاومة” وتركيا

  • أليكس الميدا
  •  مايكل نايتس

 

قد تكون الضربات الانتقامية التركية قد أرست الحذر في صفوف فريق المقاومة، مما يشير إلى احتمال وقوع المزيد من الهجمات ضد أهداف أمريكية وكردية بدلاً من ذلك.

استهدفت فرق صواريخ “المقاومة” بانتظام القاعدة التركية في زيلكان الواقعة على أرض مرتفعة فوق ناحية بعشيقة التي تسيطر عليها الميليشيات في “سهل نينوى” شرقي الموصل. وفي نيسان/أبريل 2022، زاد عدد الضربات الصاروخية على القاعدة من العدد المعتاد المتمثل بثلاث ضربات شهرياً إلى خمس هجمات. (انظر الشكل 1).

Figure 1: Listing of anti-Turkish rocket strikes in Iraq, January 1, 2022 to May 15, 2022.

وشهد هذا العام أيضاً ارتفاع معدل استخدام أنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة المحمولة على شاحنات كبيرة ضد زيلكان، مع حدوث ثلاث حالات استُخدمت فيها “حاملات” أو “مراتب” كاملة من صواريخ كبيرة من عيار 122 ملم ضد القاعدة التركية. وفي هذه الحالات، أُطلقت نسبة عالية جداً من الصواريخ، مما يوحي بوجود عبوات وقود صواريخ جيدة الصيانة أو جديدة، وبالاحتراف في تصميم الأنظمة وتشغيلها. وبينما تتمتع الصواريخ من عيار 107 ملم بمدًى كافٍ لضرب زيلكان، فقد تم استخدام صواريخ من عيار 122 ملم في نسبة عالية بشكل غير اعتيادي من الهجمات.

وفي ظرف فريد للغاية، يبدو أن هجوماً واحداً (حدث في 15 كانون الثاني/يناير) شمل تهريب صواريخ من عيار 107 ملم إلى «إقليم كردستان» من أجل إطلاقها على زيلكان “من الشمال الشرقي” في قرية برازي (الشكل 2). وقبل ساعات من ذلك، أفادت عدة تقارير عن تقصي “خط السيطرة الكردستاني” على “سهل نينوى”.

107mm rockets found unfired at Barazi on January 15, 2022

وفي بعض الحالات (مثل إطلاق قذائف الصواريخ في 2 كانون الثاني/يناير)، من الصعب ملاحظة أي عمل تركي دفع إلى اعتماد التوقيت المحدد لتوجيه الضربة، على الرغم من أنه ربما كان ببساطة جزءاً من فورة نشاط “المقاومة” في بداية العام حول عدم انسحاب القوات الأمريكية. (في كانون الثاني/يناير تم شن أربعين هجوماً بصواريخ وطائرات بدون طيار [والقيام بتفجيرات] بقنابل على جوانب الطرق مقارنة بمتوسط ​​21.6 هجوماً في النصف الثاني من عام 2021).

وفي حالات أخرى، نفذت تركيا بعض الأعمال قبل وقت قصير من إطلاق الصواريخ، مثل “عملية نسر الشتاء” التركية في 1 و 2 شباط/فبراير، والتي تضمنت ثلاثين غارة جوية على أهداف في سنجار، لا سيما على “وحدات مقاومة سنجار” المنضوية تحت لواء الفوج (اليزيدي) الثمانين في «قوات الحشد الشعبي». وأعلن فصيل “أحرار سنجار” مسؤوليته عن الهجوم الكبير بالقذائف الذي حدث في 3 شباط/فبراير، في محاولة واضحة لربط الرد الانتقامي بضربات تركيا على سنجار.

ولم يتم قتل أي قوات تركية في الهجمات حتى الآن في عام 2022، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن القذائف الصاروخية بدت وكأنها “موجهة خطأً” في كثير من الحالات، وهي قريبة بما يكفي لتشكل هجوم “أدائي”  مقنع على قاعدة احتلال تركي، ولكن دون المخاطرة بحدوث تصعيد كبير. ويبدو أن هذا المنطق لم يعد يلاحظه الأتراك منذ 15 نيسان/أبريل، عندما بدأوا بالرد.

ولم يكن الحدث الذي أشعل الشرارة هو توجيه ضربة صاروخية على زيلكان، بل إطلاق طائرة متفجرة بدون طيار هبطت بالقرب من مجمع خط أنابيب تصدير النفط الذي تديره كردستان في فيشخابور، بالقرب من الحدود الثلاثية بين العراق وتركيا وسوريا. وربما كان هذا الهجوم جزءاً من من المضايقات المتصاعدة التي تنفذها “المقاومة” ضد قطاع الطاقة في «إقليم كردستان»، لكن يبدو أنه هبط قريباً جداً من تركيا أو قريباً جداً من مركز تركي يقع بالقرب من فيشخابور. وقد يكون الأتراك، على غرار الولايات المتحدة في عام 2021، حساسين بشكل خاص إزاء إدخال طائرات العدو المسيرة بسبب دقتها المحتملة والشعور (ربما غير المقصود) بالتصعيد الذي ترسله.

وردّت تركيا على “المقاومة”، أولاً في 15 نيسان/أبريل، عبر توجيه ضربة ضد موقع الإطلاق والمقر الرئيسي الذي تستخدمه خلية الطائرات بدون طيار في شمال نينوى. وكان هذان الموقعان تحت سيطرة الفوج 78 (“النوادر”) في «قوات الحشد الشعبي»، وهو قوة من قبيلة شمّر العربية الخاضعة لنفوذ خلايا “المقاومة”.

وفي 24 نيسان/أبريل، ضربت الطائرات التركية بدون طيار المحلقة فوق “سهل نينوى” على الفور مركبة إطلاق تقع عند أسفل سلسلة جبال بعشيقة التي كانت قد أطلقت للتو ستة صواريخ من عيار 122 ملم على زيلكان، ولم تتسبب في وقوع إصابات حيث بدا أن الهجوم شُنّ عن بُعد.

وفي 26 نيسان/أبريل، وفي إطار متابعة للحادثة نفسها وبقصد متعمد للتسبب في وقوع إصابات على ما يبدو، استهدفت طائرات تركية بدون طيار مجمعاً لـ «قوات الحشد الشعبي» في قرية أبو جربوعة، خارج بلدة بعشيقة، مما ألحق أضراراً جسيمة بالمجمع، وأدى إلى تدمير العديد من السيارات المتوقفة. وتسبب بسقوط عدد غير محدد من الضحايا في صفوف «قوات الحشد الشعبي». وكانت صواريخ الميليشيات قد أصبحت أكثر قدرة على الحركة والضرب من مدى بعيد ومن داخل محميات حضرية في مدينة الموصل، ربما من أجل تعقيد الضربات المضادة من تركيا، لكن أنقرة اختارت الرد عبر توجيه ضربة غير مباشرة إلى قواعد «الحشد الشعبي» التي يمكن الوصول إليها بالقرب من خط المواجهة. وبعد خمسة أيام، رصدت طائرات تركية بدون طيار مجموعة من خمسة صواريخ لم يتم إطلاقها في الفاضلية في “سهل نينوى”، وهي مخصصة لاستهداف زيلكان، وقد صادرتها قوات الأمن العراقية.

Unfired 107mm rockets at Fadhliyah, May 1, 2022

وعلى الرغم من توقف الهجمات الصاروخية على زيلكان منذ 24 نيسان/أبريل (أو حتى منذ 1 أيار/مايو)، إلا أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت “المقاومة” قد تراجعت، إذ سبق أن مرت فترات أطول مؤخراً على توقف مثل هذا القصف الصاروخي، على سبيل المثال الفترة التي استمرت 54 يوماً في شباط/فبراير وآذار/مارس 2022. ومع ذلك، من المحتمل أن توفر الأسابيع المقبلة مؤشرات قوية حول ما إذا كانت السياسة الانتقامية التركية القوية قد دفعت إلى إعادة التفكير بين صفوف “المقاومة”، وجعلت الميليشيات تختار على الأقل عدم التصعيد لقتل الأتراك.

وقد يأتي الاختبار الحقيقي لأي تأثير رادع بعد الغارة الجوية التركية الكبيرة التالية على القوات المرتبطة بـ «الحشد الشعبي» في سنجار. ويمكن تحويل جزء من ضربات الميليشيات إلى أهداف تكون أقل احتمالاً لأن تقوم بالرد عليها – أي التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة و«إقليم كردستان».

 

.

رابط المصدر:

https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/almbarzt-byn-almqawmt-wtrkya

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M