المرجعية والوساطة بين المتظاهرين والحكومة

بهاء النجار

وصل انعدام ثقة المتظاهرين تجاه الحكومة الى مستوى لا يمكن بناءها بسهولة ، وهذه نتيجة طبيعية لفساد الحكومات والمسؤولين طيلة السنوات (بل العقود) السابقة ، وهذا المستوى يجعل حل الأزمة التي يمر بها العراق أمراً مستصعباً ، فحتى لو كانت الحكومة صادقة في تنفيذ إصلاحات واقعية ، فالوعود الكاذبة طيلة الفترات الماضية جعلت تصديقها أمراً مستحيلاً ، وعليه لا بد من وجود ضمانات عبر وساطات موثوق بها تضمن تلبية الحكومة لوعودها حتى تهدأ الأمور وترجع الأوضاع الى طبيعتها على أمل تصحيح المسار السياسي الخاطئ بما يلائم تطلعات المحتجين .
هناك جهتان يُعوّل عليها أن تكون واسطة بين المحتجين والحكومة ، هاتان الجهتان هما : الأمم المتحدة والمرجعية الدينية ، ربما تمتلك الجهة الأولى (الأمم المتحدة) القدرة على إدارة هذه الوساطة بشكل أفضل من الثانية (المرجعية الدينية) بحكم خبرتها في هذا المجال وفي هذه الأزمات إلا أنها تفتقد للصفة الوطنية التي ينبغي توفرها في الوسيط ، ووجود الأمم المتحدة كوسيط سيدفع الى تدويل قضية الاحتجاجات الشعبية وسيشرعن تدخل الدول العظمى (وبالخصوص الولايات المتحدة) وبالتالي فرض رؤاها التي لا يريدها المحتجون ولا تتناسب مع الشعارات الوطنية التي يرفعونها .
أما الجهة الثانية وهي المرجعية الدينية ، فتمتلك عدة صفات تمكنها من ممارسة هذا الدور ، فمواقفها الوطنية وثقة الشعب بها وقدرتها على تحريك الشارع مرة أخرى للضغط على الحكومة عند إخفاقها في تحقيق مطالب المحتجين ، وهذا ما لا تمتلكه الأمم المتحدة بنفس المستوى ، إلا أن المرجعية الدينية ليس لديها تجربة الوساطة في مثل هذه الحالات وقد لا تتقن تلك الوساطة خاصة وأن الخط العام للمرجعية الدينية في العراق تنأى بنفسها عن التدخل في تفاصيل العمل السياسي كالوساطة لأنها تتطلب وجود ممثلين سياسيين من ثقاتها ينقلون لها تطور الإصلاحات التي وعدت بها القوى السياسية المسؤولة عن الأخطاء التي أرتكبت بحق الشعب عموماً ، فبعض ما يُطبَخ سراً يكون له شكلاً معلناً جميلاً لخداع المحتجين وبالتالي لا يمكن اعتماد المرجعية على التصريحات الإعلامية والمواقف الرسمية ، كما لا يمكن الاعتماد على تحليل المراقبين السياسيين لأنها يمكن ان تخطئ وتصيب ، والأمر لا يتحمل الخطأ .
ومع هذا تبقى المرجعية أكثر الجهات قدرة على ممارسة الوساطة بين المتظاهرين والحكومة .

 

رابط المصدر:

https://www.facebook.com/BahaaaAlnajjar/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M