بحث حول المدرسة الكلاسيكية في التسيير

خطة البحث
مقدمة عامة
المبحث الأول: مدخل إلى المدرسة الكلاسيكية في التسيير.
المطلب الأول: تعريف المدرسة الكلاسيكية.
المطلب الثاني : نشاءة المدرسة الكلاسيكية .
المطلب الثالث : مفهوم الادارة في ظل المدرسة الكلاسيكية .
المبحث الثاني: نظريات واهم رواد المدرسة الكلاسيكية.
المطلب الأول : نظرية الادارة العلمية فردريك تايلور .
المطلب الثاني : نظرية شمولية الادارة او الادارة الوظيفية هنري فايول .
المطلب الثالث : النظرية البيروقراطية ماكس ويبر.
المبحث الثالث: تقييم المدرسة الكلاسيكية.
المطلب الأول: مساهمات المدرسة الكلاسيكية في التسيير .
المطلب الثاني : الإنتقادات الموجهة إلى المدرسة الكلاسيكية.
الخاتمة العامة
إن تطور الفكر الاقتصادي مر بعدة مراحل وفي كل مرحلة نجد ظهور مدرسة اقتصادية اثرى روادها الفكر الاقتصادي وقامو بنقد المدرسة التي قبلهم ولان كل مدرسة ظهرت في زمن وبيئة معينة واهتمامات مختلفة أي كل مدرسة استمدت أفكارها ونظرياتها في وضع الاقتصاد التي ظهرت في فترته ومن بين هذه المدارس نجد المدرسة الكلاسيكية والتي عرفنا أفكارها ونشأتها ومساهماتها وانتقادات التي أدت إلى بروز مدارس أخرى
المراجع و المصادر
المقدمة :
كان ظهور ما يعرف في تاريخ الفكر الاقتصادي بالمدرسة الكلاسيكية مرتبطا تمام الارتباط بالتطور الذي شهدته الدول الأوروبية في القرن الثامن عشر وما تلاه من أزمنة. فقد كان هذا التطور كبيرا من حيث التغيرات التي حدثت فيه، وشاملا من حيث النواحي التي أثر عليها، لأنه أثر في كل الجوانب التي تتكون منها مختلف أوجه الحياة الحضارية أي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فإذا كان التطور الاقتصادي الذي شهدته المجتمعات الأوروبية قد نقلها من مرحلة الاقتصاد الإقطاعي إلى مرحلة الرأسمالية التجارية على نحو ما وقفنا عليه لدى التجاريين ، فإن الرأسمالية لم تتوقف عند هذا الوضع ، بل تطورت حتى وصلت في حوالي منتصف القرن الثامن عشر إلى أن تأخذ طابعا صناعيا وذلك بفضل الثورة الصناعيةالتى شهدها العالم ما بين نهاية قرن 18 وبداية القرن 19 .
انطلاقا من هنا يمكننا طرح الإشكالية التالية و التي تفيدنا في تعميق البحث وفق ما يلي:
*ماهية المدرسة الكلاسيكية في التسيير ؟
*ما هي خطوات هذه المدرسة ؟
سنحاول الإجابة على هذه الأسئلة من خلال تقسيم البحث إلى ثلاثة مباحث , يتناول الأول مفهوم عام حول الكلاسيكية في الادارة وتطورها التاريخي, لننتقل بعدها في المبحث الثاني إلى اهم النظريات التى عرفتها مع اشهر روادها ثم المبحث الثالث كتقيم لنجاحات وسلبيات المدرسة
المبحث الأول : مدخل إلى المدرسة الكلاسيكية في التسيير
إن مفهوم الكلاسيكية له عدة مفاهيم تطورت بتطور العامل البشري ولهذا فإننا حاولنا أن نعطي أهم المفاهيم التي عرفتها المدرسة مع تزامن تطورها.
المطلب الأول: تعريف المدرسة الكلاسيكية :
بدايةً لابد لنا أن نعرف معنى كلمة كلاسيكية (CLASSIQUE) إذ يخطئ الكثيرون باعتقادهم أن معنى الكلمة هو( الشيء التقليدي أو القديم ) . لكن في الواقع أن معنى كلاسيكي هو الطراز الأول أو المثالي أو النموذجي أو الممتاز وهي كلمة يونانية الأصل و المدرسة الكلاسيكية ظهرت في القرن الثامن عشر،إذ أثمرت مجهوداتهم وآلت إلى قيام مدرسة اقتصادية عريقة تعرف تحت اسم المدرسة الكلاسيكية في بريطانيا وعاشت حوالي مئة عام، حيث أعترف لها بالسبق في معالجة القضايا الاقتصادية ترقي إلى درجة الكمال واليقين.وتميزت المدرسة الكلاسيكية بالبعد عن الدوافع الشخصية والأخلاقية وبالاعتماد على أدوات التحليل المنطقي وباتجاهاتها الموضوعية في التحليل.وبهذا أعطت الاقتصاد صفته العلمية الحديثة التي عرف بها منذ ذلك الحين[1]
المطلب الثاني: نشأة المدرسة الكلاسيكية:
ظهرت المدرسة الكلاسيكية والتي تمثل الرافد الاول من الفكر الاداري في اواخر القرن الثامن عشر, وتعتبر نتاج التفاعل بين عدة تيارات كانت سائدة خلال هذه الفترة وفيما يلي أهم المراحل التاريخية التي مرت بها المدرسة
* مرحلة ظهور الثورة الصناعية: أبرز ما تميزت به هذه الفترة تبرزه من خلال النقاط التالية:
1) التوسع في استخدام الآلات وإحلالها محل العمال.
2) ظهور مبدأ التخصص والتقسيم العملي للعمل.
3) تجمع عدد كبير من العمال في مكان العمل وهو المصنع.
4) إنشاء المصانع الكبرى التي تستوعب الآلات الجديدة والطاقة العاملة.
* مرحلة الثانية ظهور حركة الإدارة : كان من أبرز مهندسي هذه المرحلة المهندس الأمريكي فريدرك تايلور بعرضه لفكرة التقسيم المنهجي للعمل والمبادئ الأربعة للإدارة إلى جانبه ”فرنك جلبرت” و”وهنري جانت” و ‘هنري فايول” و”ماكس ويبر” من خلال بعض الإضافات إلى أفكار تايلور حيث كانت البوادر الاولي لميلاد المدرسة الكلاسيكية
*مرحلة نمو المنظمات العمالية والوعي القومي : كان ظهور ونمو النقابات والمنظمات العالمية نتيجة حتمية للرد على ممارسات الإدارة وبدا الانسان يتخلي عن افكار العشوائية في تسيير الادارى وكان تأثره لمبادئ تايلور وبذور الاولي في ظهور الكلاسيكية
هناك العديد من الأسباب تفسر الاهتمام المتزايد نشاة الكلاسيكية كوظيفة إدارية متخصصة وكفرع من فروع علم الإدارة وتحملها فيها فيما يلي:
* التوسع الصناعي الذي تم في العصر الحديث حيث ساهم في ظهور اشياء جديدة لم يعرفها الانسان من قبل
* زيادة التدخل الحكومي في علاقات العمل بين العمال ورجال الأعمال عن طريق إصدار القوانين.[2]
المطلب الثالث : مفهوم الادارة في ظل المدرسة الكلاسيكية
عرفها فريدريك تايلور Fredrick Taylor من مواليد الولايات المتحدة الأمريكيةمارس 1856 عمل في أحد مصانع الحديد في ولاية فيلادلفيا مهندسا، وأثناء عمله لاحظ انخفاض الإنتاجية وضياع الوقت والجهد والمواد دون تحقيق فائدة إنتاجية، وسرعان ما قام بإجراء التجارب الميدانية من أجل زيادة الكفاءة الإنتاجية، ونشر تجاربه بعد ذلك في كتابه المعروف بمبادئ الإدارة العلمية عام 1911 هو أبو الإدارة العلمية
الادارة هي المعرفة الدقيقة لما تريد من الرجال أن يعملوه ثم التأكد من أنهم يقومون بعمله بأحسن طريقة وأرخصها [3].
أما هنري فايول (Henry Fayol) (1841-1925) ، فرنسي الاصل، عمل مديراً تنفيذياً لشركة صناعية صغيرة في فرنسا، ومن خلالها نال خبرته العملية التي قادته إلى النجاح في مجال الإدارة الصناعية، وعمل على تطوير منهجية النظرية الإدارية، ووثق ذلك في كتابه المشهور الإدارة العامة والصناعية عام 1916م.
الذي يعتبر بحق الأب الحقيقي للإدارة الحديثة فيعرفها قائلاً أن تقوم الإدارة معناه أن تتنبأ وأن تخطط وأن تنظم وأن تصدر الأوامر وأن تنسق وأن تراقب[4] ..
أما ماكسيميليان كارل إميل ويبر (بالألمانية: Maximilian Carl Emil Weber) ‏ (21 أبريل 1864 – 14 جوان 1920) كان عالمًا ألمانيًا في الاقتصاد والسياسة، وأحد مؤسسي علم الاجتماع الحديث ودراسة الإدارة العامة في مؤسسات الدولة، وهو من أتى بتعريف البيروقراطية، وعمله الأكثر شهرة هو كتاب “الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية” حيث أن هذا أهم أعماله المؤسسة في علم الاجتماع الديني وأشار فيه إلى أن الدين هو عامل غير حصري في تطور الثقافة في المجتمعات الغربية والشرقية، وفي عمله الشهير أيضا “السياسة كمهنة” عرف الدولة: بأنها الكيان الذي يحتكر الاستعمال الشرعي للقوة الطبيعية, وأصبح هذا التعريف محوريا في دراسة علم السياسة. درس فيبر جميع الأديان وكان يرى أن الأخلاق البروستنتانتية أخلاق مثالية ومنها استقى النمودج المثالي للبيروقراطية.
فقد عرفا الإدارة بأنها : وظيفة تنفيذ المهمات عن طريق الآخرين ومعهم [5] .
اهم تعاريف الموجودة للادارة
التعريف الأول: ” عملية ذهنية وسلوكية تسعى إلى الإستخدام الأمثل للموارد البشرية والمادية لبلوغ أهداف المنظمة والعاملين بها بأقل تكلفة وأعلى جودة “
التعريف الثاني : ” النشاط المسؤول عن اتخاذ القرارات وصياغة الأهداف، وتجميع الموارد المطلوبة واستخدامها بكفاءة، لتحقيق نمو المنظمة واستقرارها، عن طريق مجموعة من الوظائف أهمها: التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة والتقويم.
وتمّ التأكيد على أن الإدارة “مجموعة متكاملة من الخبرات والمهارات والقدرات أغلبها مكتسب بالتعليم والتدريب والمران العملي، وقليل منها فطري موروث. وهي إلى جانب ذلك علم وتقنية”
التعريف الثالث: ” هي الاستخدام الفعال والكفء للموارد البشرية والمادية والمالية والمعلومات والأفكار والوقت من خلال العمليات الإدارية المتمثلة في التخطيط، والتنظيم والتوجيه والرقابة بغرض تحقيق الأهداف “[6]
هذا ويقصد بـالموارد:
– الموارد البشرية: الأفراد الذين يعملون في المنظمة.
– الموارد المادية: كل ما يوجد في المنظمة من مباني وأجهزة وآلات..
– الموارد المالية: كل المبالغ من المال التي تستخدم لتسيير الأعمال الجارية والاستثمارات الطويلة الأجل.
– المعلومات والأفكار: تشمل الأرقام والحقائق والقوانين والأنظمة.
– الوقت: الزمن المتاح لإنجاز العمل.
الإدارة هل هي فن أم علم؟.
الإدارة فن لأنه لابد للمدير أن يمتلك القدرة الشخصية على تطبيق الأفكار والنظريات والمبادئ الإدارية بطريقة ذكية ولبقة تعكس الخبرة والتجربة و الممارسة
والإدارة علم لأننا ندرس في الجامعات نظريات ومبادئ وأفكار إدارية وبذلك يمكن القول أن الإدارة هي فن وعلم في نفس الوقت، فالعلم يعلم الإنسان أن يعرف بينما الفن يعلمه أن يعمل.
احمد صقر، تاريخ النظرية الاقتصادية ، ليبا طبعة 2000 [1]7 ص
المهدي الطاهر ، مبادئ ادارة الحديثة ، دار الثقافة ونشرعمان طبعة 2002 [2]24ص
محمد قاسم القريوتي ، الادارة و المهارات ، المكتبة الاداديمية طبعة 1998 [3]16 ص
محمد قاسم القريوتي ، الادارة و المهارات ، المكتبة الاداديمية طبعة 1998 [4]ص 19
محمد قاسم القريوتي ، الادارة و المهارات ، المكتبة الاداديمية طبعة 1998 [5]23 ص
احمد ماهر ، مبادئ الادارة الاسكندرية طبعة 2004 [6]13 ص
المبحث الثاني : نظريات واهم رواد المدرسة الكلاسيكية
إن الاهتمام بإدارة في جميع الاقتصاديات بصفة عامة؛ برزت افكار المدرسة الكلاسيكية فقد أصبحت الإدارة الأساسية بالنسبة لأي تنظيم وعرفت نمو افكار المدرسة بالتسلسل وفق ظهورها
المطلب الأول : نظرية الادارة العلمية فردريك تايلور
يعتبر فردريك تايلور المؤسس الأول لحركة الإدارة العلمية ، ويهمنا في حياة العالم فرديك تايلور العملية أن كان في البداية عاملا في مصنع ، ثم تدرج في السلم الوظيفي حتى أصبح مهندسا ، ثم أصبح على قمة الهرم الوظيفي للاستشاريين من المهندسين في احد المصانع الأمريكية ن وكان حجر الأساس في مبادئ تايلور العلمية هو تحقيق أقصى كفاية إنتاجية للأفراد والآلات المستخدمة في الإنتاج من خلال ما يعرف بدراسة الزمن والحركة .
ويحدد تايلور مبادئه في الإدارة العلمية على النحو التالي
أ‌- إحلال الأسلوب العلمي في تحديد العناصر الوظيفية بدلا من اسلوب الحدس والتقدير ، وذلك من خلال تعريف طبيعة العمل تعريفا دقيقا ، واختبار أفضل طرق الأداء ، وأهم الشروط للعمل من حيث المستوى ، والمدة الزمنية المطلوبة لتحقيقه
ب – إحلال الأسلوب العلمي في اختيار وتدريب الأفراد لتحسين الكفاءة الإنتاجية
ج – تحقيق التعاون بين الإدارة والعاملين من اجل تحقيق الأهداف
د -تحديد المسئولية بين المديرين والعمال ، بحيث تتولى الإدارة التخطيط والتنظيم ، ويتولى العمال التنفيذ.
هـ – ربط تأدية أو نجاح الفرد في عمله بالأجر أو المكافآت لرفع الكفاءة الإنتاجية
و – إحكام الإشراف والرقابة على العاملين في المستوى الأدنى لأنهم يفتقدون المقدرة والمسئولية في القدرة على التوجيه الذاتي [1]
أن هذا الأسلوب العلمي الذي جاء به تايلور في مجال الإدارة كان له بعض الجوانب السلبية, فإصرار المنظمات على الأخذ بأصول الإدارة العلمية حرصاً على تحقيق أهداف المنظمة وزيادة الإنتاج والأرباح سنوياً, جاء على حساب تضحيات من جانب العنصر البشري الذي كان عليه أن ينتظم في خط الإنتاج تماماً كالآلة, تحسب عليه حركاته, ويعمل وفقاً لخطوات روتينية متكررة تبعث على السأم والملل, وتقتل المبادأة والابتكار والطموح, وقد أدى ذلك إلى مقاومة العمال لهذا الأسلوب, فقد تبينوا أنهم مجرد آلات وأن الهدف الأساسي للإدارة العلمية هو زيادة الإنتاج على حسابهم, فعارضوا تطبيقها, ودخلت النقابات العمالية, وأخيراً تدخلت الحكومة الأمريكية لمنع تطبيق مبادئ الإدارة العلمية في الترسانة الحكومية وغيرها من المصالح.
والواقع أن أهتمام تايلور بتحقيق كفاية الإنتاج والاقتصاد عن طريقة دراسة الوقت والحركة كان دعوة للتركيز كلية على المشروع, ولجذب الانتباه إلى زيادة الإنتاج, لدرجة أن دراسة الإدارة اقتصرت إلى حين على دراسة ترشيد إدارة المصنع, بينما أهملت الاعتبارات المتصلة بالجوانب الاجتماعية والإنسانية للعاملين فيه.(2)
ونلخص من هذا العرض لنظرية الإدارة العلمية أنها بهذا الشكل تندمج تحت طائفة النظريات الكلاسيكية المثالية التي تصف مايجب أن يكون, وأنها ركزت على عنصر واحد من عناصر التنظيم وهو العمل , وأهملت الإنسان والعلاقات الإنسانية داخل التنظيم, كما أنها لم تكن نعنى سوى العمل الإنتاجي على مستوى المصنع, ولم تعط الاهتمام الكافي لحقيقة التفاعل والتبادل بين التنظيم
المطلب الثاني : نظرية شمولية الادارة او الادارة الوظيفية هنري فايول
إن أهم ما يميز كتابات هذه النظرية هو سعيها للوصول إلى مبادئ إدارية نظرية لتكون أساساً لعمليات التنظيم والتصميم الإداري وقد جاء دعاة هذه النظرية من بلدان مختلفة, حيث إن هنري فايول فرنسي, وليندال أرويك بريطاني, أما لوثر جيوليك وموني ورايلي فهم أمريكيون والذي جمعهم في مدرسة واحدة أنهم كانوا معنيين بالوصول إلى المبادئ الإدارية التي تحكم التنظيم في البيئات المختلفة, وذلك فإن أفكار هذه النظرية كانت أكثر عمقاً وتجريداً من نظرية الإدارة العلمية واسترشد كتابها بالتنظيمات الصناعية العسكرية وغيرها للوصول إلى هذه المبادئ التي اعتبروها أساساً لإيجاد علم إداري.
لقد تميز هنري فايول عن فريدريك تايلور رغم أنه كان هو الآخر مهندساً , بأنه كان من بين الكتاب الأوائل الذين حاولوا تطوير نظرية عامة للإدارة لأنه كان يشغل منصباً إداريا, بينما كان تايلور يعمل في خط الإنتاج, ومن ثم اهتم فايول بوظائف الإدارة على المستويات المختلفة, وحاول يطور نظاماً فكرياً إدارياً يمكن تعليمه ودراسته.
فعلي حين شغلت الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا بالنتائج التي توصل إليها فريدريك تايلور لرفع الكفاءة الإنتاجية للعامل في المصنع, كانت هناك محاولات مهمة تجري على أرض فرنسا بمعرفة هنري فايول رجل الصناعة الفرنسي لوضع نظرية عامة للإدارة, اتضحت معالمها في كتابه الذي ظهر في فرنسا عام 1916م تحت عنوان ” الإدارة الصناعية والعامة “.
ولم يترجم هذا المؤلف الذي نشر بالفرنسية إلى الإنجليزية حتى عام 1929م في بريطانيا, وعام 1949م في الولايات المتحدة الأمريكية. وإن كان جانب من إنتاج فايول قد تضمنته مجموعة الوثائق التي أصدرها لوثر جوليك وليندال أرويك عام 1937م.
وقد كتب فايول كأحد العاملين بالإدارة, ومن هنا قدم خبراته الطويلة وملاحظاته المهمة التي أسهمت في تحديد أسس الإدارة, ولعل أهمية كتاباته في الفكر الإداري الحديث تكمن في تحليلاته العميقة للنشاط الإداري, وفي إيمانه القوي بوجود مبادئ للإدارة تتميز بعموميتها, ووجوب تدريسها. فلقد اهتم فايول بالإدارة في قطاع الأعمال, ولما كانت الأصول العامة للإدارة يمكن أن تسرى في ميداني الإدارة العامة وإدارة الأعمال, ونظراً للحقائق المهمة التي أبرزها فإننا نقدم ملخصاً لآرائه التي اثرث الفكر الإداري.
لقد وجد فايول أن النشاط في إدارة الأعمال يمكن أن يقسم إلى سنة مجموعات رئيسة, , وهي على النحو التالي(3) :
1-النشاطات الفنية ( الإنتاج والتصنيع).
2- النشاطات التجارية ( المشتريات, المبيعات والتبادل).
3- النشاطات التمويلية ( الموارد المالية , الاستثمارات والمصروفات).
4- النشاطات الأمنية ( الممتلكات والأشخاص).
5- النشاطات المحاسبية تقدير التكاليف والإحصاءات).
6- النشاطات الإدارية ( التخطيط , التنظيم والتوجية, التنسيق والرقابة).
وقد بين فايول أن هذه المهام تتواجد في كل منظمة مهما كان حجمها. كما أكد على أهمية النشاطات الإدارية بالنسبة للوظائف العليا, فإذا استطاع الإداري القيام بهذه المهام الإدارية فإن قيادته ستكون ناجحة وفعالة.
ولقد تضمن مؤلف فايول موضوعات تعالج النواحي التالية:
1) صفات الإداريين وتدريبهم.
2) الأسس العامة للإدارة.
3) وظائف الإدارة.
أولاً : صفات الإداريين وتدريبهم
يرى فايول أن الإداريين يحتاجون إلى مجموعة من السمات والصفات الفذة يجب توافرها, وهي صفات جسمية وصفات ذهنية وصفات أخلاقية, يضاف إليها سعة إطلاع المديرين وثقافتهم العامة. وأشار فايول إلى أن أهمية هذه الصفات نسبية , وأن القدرات والمهارات الإدارية تتزايد أهميتها كلما ارتفع المدير في السلم الإداري, في حين تكون القدرات والمهارات الفنية مهمة في المستويات الإدارية الوسطى والدنيا.
ثانياً : الأسس العامة للإدارة(4)
مع تسليم فايول بأن أسس الإدارة مرنة ولا تعبر عن قواعد ثابتة ومحددة, فقد وضع أربعة عشر ( 14) مبدأ من مبادئ الإدارة التي توصل إليها نتيجة مشاهداته وخبراته مؤكداً أنها تتضمن حسن أداء المدير لدوره إذا ما التزم بها وسار عليها, وهذه المبادئ هي :
1- تقسيم العمل : ينتج تقسم العمل عن تطبيق مبدأ التخصص الذي نادي به الاقتصاديون كضرورة للاستخدام الأمثل للقوى العاملة, ويرى فايول انطباق هذا المبدأ على جميع أنواع النشاطات الإدارية والفنية.
2- السلطة والمسؤولية : أوضح فايول الارتباط الوثيق بين السلطة والمسؤولية, وأن الأخيرة موزاية للسابقة منبثقة عنها, ويرى فايول السلطة مزيجا من السلطة الرسمية المستمدة من المنصب الرسمي واختصاصاته, والسلطة الشخصية التي قوامها الذكاء والخبرات والخلق القويم والقدرة على القيادة.
3- الإلتزام بالقواعد : وهي في نظر فايول احترام الالتزامات الهادفة الى تحقيق الطاعة والتنفيذ ومظاهر الاحترام, ويقرر فايول أن تحقيق النظام يرتبط بوجود مديرين على درجة علية من الكفاءة في جميع المستويات.
4- وحدة الأمر / وهذا يعني أن يكون لكل موظف رئيس واحد يتلقى منه الأامر والتوجيهات ويرفع إليه التقارير.
5- وحدة الإتجاه : ذلك أن كل مجموعة من النشاط متحدة الهدف يجب أن يكون لها رئاسة واحدة وخطة واحدة, وتختلف عن سابقتها في أنها تهتم بالنشاط لا بالأفراد.
6- خضوع الأفراد للمصلحة العامة : وهذا المبدأ يتطلب من الإدارة التدخل حينما تتعارض مصالح العاملين مع المصالحة العامة أو الأهداف العامة للمنظمة, وذلك من أجل المحافظة على استقرار التنظيم واستمراريته.
7- المكافآت : يقضى هذا المبدأ بأن تكون الرواتب والمكافآت عادلة ومجزية لجميع العاملين في جميع المستويات.
8- المركزية : ويقصد بها مدى تركيز السلطة أو توزيعها, وهذا المدى يتختلف من منظمة لأخرى, وتحكمة ظروف وعوامل متداخلة في الموقف الإداري, ويجب أن يكون هناك نقطة توازن بين المركزية المطلقة والمركزية الكاملة.
9- تسلسل القيادة : يرى فايول تدرج مستويات القيادة في التنظيم بشكل هرمي.
10- النظام : ويقصد به فايول وضع كل شيء وكل شخص في مكانه ويقسمه فايول إلى قسمين، نظام مادي يعني بوضع الآلات والأدوات والمعدات في مكانها المناسب لمصلحة العمل, ونظام اجتماعي يتهم بوضع كل شخص في المكان المناسب, كما يتهم بتنسيق الجهود, وتحقيق الانسجام بين نشاطات الوحدات المختلفة في التنظيم.
11- العدالة : يجب أن يعامل جميع العاملين معاملة واحدة بهدف الحصول على ولائهم وانتمائهم, وأن يلتزم كل منهم بأداء واجباته وأن يحصل كل منهم على حقوقه كافه.
12- الاستقرار الوظيفي : ينص هذا المبدأ على أهمية استقرار الموظف في عملة, كما يؤكد على أن المنظمات الناجحة هي المنظمات المستقرة.
13- المبادأة : المبادأة عند فايول تعني المبادرة لإعداد الخطط وكيفية تنفيذها, ويطالب فايول الرؤساء بإعطاء الفرصة للمرؤوسين لممارسة المبادأة في العمل وأبدا المقترحات وتنمية روح الإبتكار.
14- العمل بروح الفريق : يوضح هذا المبدأ أهمية العمل الجماعي وأهمية الاتصالات الفعالة, والتعاون بين الرئيس والمرؤوسين بما يكفل أداء الأعمال بكفاءة وفاعلية. وهو مايرتبط بقدرة القائد الإداري على التأثير في سلوك العاملين.
ثالثاً : وظائف الإدارة : حيث يرى فايول أن وظائف الإدارة تشمل على(5) :
1) التخطيط
2) التنظيم
3) التوحيه
4) التنسيق
5) الرقابة
وقد كرس هنري فايول جانباً من اهتماماته كممارس للإدارة لمناقشة هذه الوظائف. وقد كان لأفكاره وما تركته من أثر مميز في الفكر الإداري – سواء في فرنسا أو غيرها – أهمية لا تقل عن أهمية الأثر الذي تركته أفكار فريدريك تايلور في الفكر الإداري الأمريكي.
المطلب الثالث : النظرية البروقراطية ماكس ويبر
عتبر نظرية البيروقراطية كما وصفها ماكس ويبر هي البداية لنظرية التنظيم العلمية, وقد هدف فيبر من نظريته عن البيروقراطية إلى وصف الجهاز الإداري للتنظيمات وكيف يؤثر على الأداء والسلوك التنظيمي.
وكان ويبر يقصد بتعبير البيروقراطية أن يصف النموذج المثالي (Ideal Type) للتنظيم والذي يقوم على اساس من التقسيم الاداري والعمل المكتبي.
ويعتبر مفهوم البيروقراطية من المفاهيم الغامضة نسبياً لما تتضمنه من معان متعددة, وفق الهدف من استعماله, وذلك أن مصطلح البيروقراطية (Bureaucracy) يتكون من كلمتين Bureau بمعنى مكتب و Cracy بمعنى حكم, والكلمة في مجموعها تعني سلطة المكتب أو حكم المكتب, وبعبارة أخرى فإن البيروقراطية تعني أسلوب ممارسة العمل الإداري من خلال التنظيم المكتبي الذي يكتسب سلطته من خلال هذا التنظيم, ومن جهة أخرى, فإن كلمة Bureaucrats تعني الموظفين المكتبيين, أي الذين يعملون في الوظائف المكتبية والإدارية في المكاتب الحكومية.
وتتعدد معاني المفهوم في الاستعمالات التي شاع فيها, فعلى سبيل المثال :
1- قد تعني البيروقراطية تنظيما إداريا ضخماً يتسم بخصائص ومميزات معينة.
2- وقد تعني مجموعه الإجراءات التي يجب إتباعها في مباشرة العمل الحكومي بصورة عامة داخل المكاتب أو التنظيمات الإدارية.
3- وقد تستعمل البيروقراطية السلطة التي يمارسها الموظف العام, أو التنظيم الإداري الحكومي.
4- وقد تعني البيروقراطية الدور ( Role) الذي يمارسه الموظفون العموميون في إطار النظام السياسي وذلك لتنفيذ السياسة العامة في الدولة.
5- يمكن النظر إلى البيروقراطية من خلال خصائص بناء التنظيم على أساس أنها مرادفة لمفهوم بناء السلطة الهرمية ( Hierarchical) في التنظيم الإداري والذي يتحقق فيه تقسيم واضح للعمل.
6- هناك اتجاه يقول بأن البيروقراطية نمط معين من السلوك الذي يعتمد على القواعد (Rules) والإجراءات المحددة سلفاً.
7- قد تتحدد فكرة البيروقراطية على أساس أنها تعني ذلك التنظيم الذي يحقق أكبر قدر من الكفاية في الإدارة وفي تحديد الوسائل التي تحكم التنظيم الاجتماعي بدقة.
8- قد يعني مفهوم البيروقراطجية معنى آخر يتسم بالسلبية حيث تعتبر البيروقراطية مصدراً للروتين وتعقيد الإجراءات وصعوبة التعامل مع الجماهير.
دراسات ماكس ويبر(6)
يكاد جميع الباحثون في العلوم الإدارية على أن أهم الدراسات التي أسهم بها ماكس فيبر, فيما يتعلق بالدراسات التنظيمية والإدارية, هي كتاباته الخاصة بنظرية السلطة هذه الدراسات قادته إلى تحليل كثير من التنظيمات وأساليب وانسباب خطوط السلطة داخل هذه التنظيمات, وهذه الدراسات كانت تدور في نطاق اهتماماته الأساسية التي توضح لماذا يطيع الأفراد الأوامر التي تصدر اليهم ؟ … ولماذا يقوم الأشخاص بأداء الأعمال وفقاً للتعليمات التي تنساب إليهم في حدود الأوامر المشددة والتي تتلخص في مفهوم “إصدع بما تؤمر” وقد قام في هذه الدراسة بتوضيح أسلوب إكساب الشرعية لممارسة السلطة داخل هذه التنظيمات وقسمها إلى ثلاثة أنواع.
النوع الأول : السلطة البطولية
النوع الثاني : السلطة التقليدية
النوع الثالث : السلطة القانونية الرشيدة.
وقد أوضح في دراساته الفرق بين هذه الأنواع, مع أعترافه بأن هذه الأنواع الثلاثة يمكن أن يتضمنها تنظيم واحد.
كما أوضح في دراسته, أن النوع الأول يمارس السلطة من خلال المواصفات الشخصية التي يتحلى بها القائد, ولذلك استخدم كلمة Charism وهي مقتبسة من اللغة اليونانية والتي توضح مدى تحلى الإنسان بمواصفات غير عادية, وتمكنه من ممارسة سلطاته بالأسلوب الذي يحقق له قدراً هائلا من ضبط النفس, وطاقة استثنائية في ممارسة هذه السلطة في التأثير على العاملين معه بحيث يتقبلون هذه التعليمات أو هذه التوجيهات برحابة صدر ورضى كامل. وقد أدى هذا إلى اتجاه عدد من العلماء والمفكرين الذين تأثروا بدراسات ماكس فيبر إلى البحث عن سمات وصفات هؤلاء القادة.
أما فيما يتعلق بالنوع الثاني القائم على ” العلاقات التقليدية” فإن القائد يمارس سلطته من خلال موقعة في التنظيم. وكثيراً ما يمارس مثل هذه القائد سلطته من خلال العادات والتقاليد المتوازنة, وقد ضرب ماس فيبر في بحوثه الكثير من الأمثلة التي توضح هذه الأسلوب, ومن بينها الأساليب التي أدار بها الإقطاعيون ممتلكاتهم ومنشآتهم الواسعة, وأوضح أن المراكز الإدارية كانت تنتقل بالوراثة من الأب إلى الإبن.
أما النوع الثالث, وهو ترشيد العلاقات القانونية داخل المنشآت والوحدات من خلال الشكل البيروقراطي للتنظيم وهو التنظيم الذي يوجد في المنشآت الحديثة, ويرى فيبر أن هذه التعبير يتفق مع التطور الذي وصلت إليه مختلف الوحدات في المجتمعات المعاصرة, ذلك أن الشرعية أو قانونية السلطة يمارسها القائد من خلال مجموعة من القواعد والإجراءات. هذه القواعد والإجراءات هي التي تكسبه شرعية ممارسة السلطة في الموقع الذي يتواجد فيه أثناء الفترة الزمنية التي يصدر فيها تعليماته ويمارس فيها سلطاته, وهذه المجموعة من القواعد والإجراءات التي تمارس من خلال المراكز التي تشغلها المستويات الإدارية المختلفة في التنظيمات الضخمة والحديثة, وهي التي أطلق عليها ماس فيبر كلمة بيروقراطية.
ويلاحظ عند الإطلاع على بحوث ودراسات فاكس فيبر أنه كان يهدف إلى تحقيق تنظيم على أعلى قدر ممكن من الكفاية إذ يرى أن البيروقراطية هي خير أسلوب فني لإنجاز الأعمال المكتبية والإدارية بأعلى قدر ممكن من الكفاءة القائمة على التخصص وتقسيم العمل, وهو ما يجعله يصف البيروقراطية بأنها النموذج المثالي للتنظيمات الإدارية الضخمة.
ويرى ماكس فيبر أن التنظيم البيروقراطي المثالي يقوم على الأسس التالية:
1- هناك مجالات للتخصص الوظيفي محددة رسمياً وثابته, وتنظم القواعد واللوائح عملية تجديد تلك المجالات الوظيفية.
2- توزع النشاطات والأعمال اللازمة لتسيير دفة التنظيم البيروقراطي على أعضاء التنظيم باعتبارها واجبات رسمية وبطريقة ثابتة ومحددة.
3- توزع السلطة اللازمة لإعطاء الأوامر بتنفيذ الواجبات المحددة بشكل رسمي ثابت ووفقاً لقواعد واضحة ومحددة, وتحدد هذه القواعد مدى السلطة التي تمح لكل موظف, ونوع تلك السلطة.
4- هناك طرق وأساليب محددة للعمل وتنفيذ المهام والواجبات وبالتالي لا يعين في التظيم البيروقراطي إلا من كان مؤهلاً لأداء تلك المهام.
5- ينقسم التنظيم البيروقراطي إلى عدة مستويات متخذا شكلاً هرمياً وبالتالي يوحد نظام حاسم ودقيق من الرئاسة, حيث تشرف المستويات العليا من التنظيم البيروقراطي على أعمال ونشاطات المستويات الدنيا. ويسمح هذا النظام للعاملين أو المرؤوسين بأن يتظلموا من قرارات أحد الرؤساء إلى المستوى الإداري الأعلى منه بطريقة منظمة ومحددة, ويسود هذا التنظيم الهرمي أشكال التنظيمات الضخمة كافة, العامة والخاصة على حد السواء.
6- تعتمد إدارة التنظيم البيروقراطي على المستندات وبالتالي يوجد جهاز من الموظفين والكتبة مهمتهم الاحتفاظ بالوثائق والمستندات, وعلى هذا الأساس يرى فيبر أن مجموعة العاملين بقسم معين ومايستخدمونه من معدات ووقائق (ملفات) يكونون مكتباً.
7- يفصل التنظيم البيروقراطي المكتب عن النشاط الخاص للموظف, بمعنى أن العمل البيروقراطي يجب أن ينفصل ويبتعد عن حياة الموظف الخاصة, وعلى هذا الأساس فإن الأموال العامة والمعدات الخاصة بالتنظيم يجب أن تُفصل تماما عن الملكية الشخصية للموظف.
8- إن الإدارة المكتبية تحتاج إلى خبرة ومران وتدريب, ومن ناحية أخرى فحين يكتمل التنظيم فإنه يتطلب عادة كل نشاط وجهد الموظف حتى ولو كانت ساعات عملة محددة بمعنى أن العمل الرسمي يأتي في المقام الأول بالنسبة لوقت الموظف ولا يمكن تأخيره لأداء أعمال خاصة.
9- تطبق الإدارة في هذه المنظمات قواعد وتعليمات للعمل وتتصف بالشمول والعمومية والثبات النسبي, كذلك تستخدم الإدارة أنواع القواعد والتعليمات التي يمكن للموظف تعلمها وفهمها, كلما زاد فهم الموظف لتلك القواعد والإجراءات كلما ارتفعت خبرته وكفاءته.
وتلك هي خصائص التنظيم البيروقراطي كما رسمها ماس فيبر في أوائل هذا القرن وتدل على اهتمامه بتقديم نظرية مثالية تحدد نمط العمل والسلوك الواجب في التنظيم المثالي.
ومن ثم, فإن ماكس فيبر يقصد بالبيروقراطية وصف التنظيم الإداري الضخم وما يتضمنه من قواعد وتأثيره في الإدارة والسلوك التنظيمي, كل ذلك في إطار مايجب أن يكون, كما يعدد مزايا كثيره للتنظيم البيروقراطي, أهمها: السرعة, الإنضباط, الاستقرار , الاستمرارية, الدقة في تطبيق مبدأ التخصص, تقسم العمل, المعرفة في مسائل المستندات, الوضوح التام في خطوط السلطة وتسلسلها الهرمي, الخضوع الكامل للرؤساء, تخفيض الإحتكاك بين الأفراد وتخفيض التكلفة الإنسانية والاقتصادية للعمل.
مما سبق, يتضح أن تفكير ماكس فيبر عن البيروقراطية يختلف تماماً عن المفاهيم الشائعة عنها والتي تربط بينها وبين انخفاض الكفاءة, وتعقيد الإجراءات في الأجهزة الحكومية وصعوبة التعامل مع الجماهير.
وقد كانت معظم التحليلات الناقدة للنموذج, والموضحة للآثار السلبية غير المتوقعة التي تترتب عليه, تدور في إطار المنظمة الواحدة, وقد أوضحت هذه التحليلات أن المنظمة البيروقراطية مثلما تؤدي إلى الضبط والاستقرار وزيادة القدرة على التنبؤ, فهي تؤدي أيضاً إلى إمكانية الجمود وإلى خطر إحلال الوسائل محل الأهداف النهائية, وإلى تقييد كفاءة الأداء, فهناك إذن, آثار سلبية غير متوقعة تترتب على الأخذ بالنمط البيروقراطي للتنظيم(7).
وكان ميرتون (Merton) في الأعوام 1939م وما بعدها, وسلزنيك عام 1943م وجولدنر عام 1954م. من أوائل علماء الاجتماع الذين تنبهو إلى ما بالنموذج المثالي من نقاط ضعف, فقد كان فيبر يعتقد أن الإشراف الدقيق والرقابة التامة على أعمال وسلوك أعضاء التنظيم, وتطبيق القواعد والتعليمات يؤدي إلى استقرار سلوك الأفراد وإمكان التنبؤ بالسلوم البيروقراطي
ولعل الصفة الأساسية التي تميز هذه الاتجاهات الحديثة في دراسة البيروقراطية, هي إدخال العنصر الإنساني والبيئة المحيطة كمحددات أساسية للسلوك البيروقراطي.
احمد ماهر ، مبادئ الادارة الاسكندرية طبعة 2004 [1]23 ص
المهدى الطاهر ، مبادئ الادارة الاعمال ليبيا طبعة 2002 [2]13 ص
احمد ماهر ، مبادئ الادارة الاسكندرية طبعة 2004 [3]26 ص
محمد قاسم القريوتي، مبادئ الادارة الحديثة عمان طبعة 2005 [4]35 ص
احمد ماهر ، مبادئ الادارة الاسكندرية طبعة 2004 [5]38 ص
احمد ماهر ، مبادئ الادارة الاسكندرية طبعة 2004 [6]42 ص
احمد ماهر ، مبادئ الادارة الاسكندرية طبعة 2004 [7]45 ص
المبحث الثالث : تقيم المدرسة الكلاسيكية
إن افكار المدرسة الكلاسيكية لقت نجاحات كبيرة كما انها لاتخلو من سلبيات سنحاول دراستها
المطلب الأول : مساهمات المدرسة الكلاسيكية في التسيير
يمكن حصر اهم المساهمات من خلال تسلسل النظريات(1)
مساهمات فردريك تايلور:أرسى قواعد حركة الإدارة العلمية، فهو الذي حدد المبادئ التي يقوم عليها، وهو الذي أعلن الأهداف الحقيقية التي تسعى إليها وهي زيادة الإنتاج وإحلال السلام والتفاهم محل الخصام والتطاحن بين الإدارة والعمال، وإقناع الطرفين بأن الذي يحكم العلاقة بينهما مصالح مشتركة وليست مصالح متضاربة لا يمكن التوفيق بينها.ـ وكانت المساهمة الأساسية لتايلور في إرساء المبادئ الأساسية للإدارة العلمية هي:
1ـ إحلال الطرق العلمية محل الطرق البدائية في العمل
2ـ الاختبار العلمي للعمال وتدريبهم على أساس علمي.
3ـ تعاون كل من الإدارة والعمال طبقا للطريقة العلمية.
4ـ تقسيم عادل للمسؤولين بين المديرين والعمال مع قيام المديرين بتخطيط وتنظيم العمل، وقيام العمل بالتنفيذ.
مساهمات هنري فايول : في تكوين نظرية الإدارة.تتركز هذه المساهمات في الآتي:ـأـ تقسيم أوجه النشاط التي تقوم بها المشروعات الصناعية إلى
ا- فنية كالإنتاج.ـ تجارية كالشراء ـ البيع ـ المبادلة مالية كالحصول على رأس المال، الاستخدام الأمثل له تأمينية كحماية الأفراد والممتلكات محاسبية كالتكاليف والإحصاءات إدارية كالتخطيط ـ التنظيم ـ التوجيه ـ التنسيق ـ الرقابة
ب ـ تقديم مبادئ عامة للإدارة تتصف بالمرونة ولكنها ليست مطلقه، ويجب أن تستخدم في ضوء الظروف المتغيرة والخاصة بكل مشروع، ومن أهم هذه المبادئ التخصص، وحدة الأمر، السلطة والمسؤولية، الالتزام بالقواعد، المركزية، تسلسل القيادة، العدالة، العمل بروح الفريق، خضوع المصلحة الشخصية للمصلحة العامة .
مساهمات ماكس ويبر: ومن أهم المبادئ التي قدمها ويبر ما يلي:
أـ تدرج السلطة: ويقصد به ضرورة الالتزام بالخط الرسمي للسلطة حيث يجب أن تنساب السلطة من أعلى إلى أسفل، ويكون محل فرد مسؤلاً أمام رئيسه عن تصرفات وقرارات مرؤوسيه.
ب ـ وجود معايير رشيدة للتوظف.ج ـ ارتفاع درجة الرسمية: ويشير هذا المبدأ إلى وجود قواعد محددة وثابتة مكتوبة توجه العمل وتحكم عملية اتخاذ القرارات في المنظمة.
د ـ وجود سجلات رسمية ونظام معلومات مركزي في زيادة درجة توثيق البيانات والمستندات مما يعطي صورة محددة ودقيقة عن المنظمة.تقييم المدخل الكلاسيكي:مما سبق نجد أن المدرسة الكلاسيكية بصفة عامة قدمت عدة إسهامات إيجابية لا زالت سارية حتى الآن، والاتجاه نحو الاعتماد على الأسلوب العلمي بدلاً من الطرق العشوائية سواء في تصميم العمل أو اختيار العاملين أو في التدريب.ـ ولكن يؤخذ على هذه المدرسة انخفاض اهتمام روادها بالعنصر الإنساني والتركيز على كيفية تحسين الإنتاج فقط، الأمر الذي أثار العديد من المشاكل في بدايات القرن العشرين بين العمال وأصحاب العمل
وكذلك افتراض أن المنظمة والأداء الإداري بها يمثل نظامًا مغلقًا لا يتأثر بالعوامل الخارجية، وكذلك افتراض وجود وظائف إدارية ومبادئ لها صفة العمومية مهملاً أثر
المطلب الثاني : الإنتقادات الموجهة إلى المدرسة الكلاسيكية
يمكن حصر اهم الانتقادات الموجهة لمدرسة حيث نظر أصحاب هذه المدرسة إلى الفرد على أنه مخلوق رشيد ، يلتزم بالقوانين والأنظمة ، وأنه إنسان مادي سلبي ، وغير محب للعمل بطبعه ، ولكن يمكن استثارته وحفزه بواسطة المادة وتجاهلت أهمية التنظيم غير الرسمي بين الجهاز الإداري والعاملين ، وبين العاملين وبعضهم البعض ، وبين العاملين والسلطة.و لم تهتم بالحاجات الإنسانية والاجتماعية والنفسية للفرد والعامل ، ونظرت إليه نظرة مادية بحته كأداة من أدوات الإنتاج. حيث ركزت على السلطة والقوانين الرسمية ، ولم تدع مجالا لمشاركة العاملين في اتخاذ القرارات الإدارية وغيرها[2].
المهدى الطاهر، مبادئ ادارة الاعمال ليبيا طبعة 2002 [1]27 ص
احمد ماهر ، مبادئ الادارة الاسكندرية طبعة 2004 [2]33 ص
الخاتمة :
المراجع و المصادر
. “مبادئ إدارة الأعمال”، الدكتور المهدي الطاهر دار النشر ليبيا طبعة 2002.
. “مبادئ الإدارة الحديثة “، محمد قاسم القريوتي، عمان طبعة 2005.
. “تاريخ النظرية الاقتصادية”، الدكتور احمد صقر،الإسكندرية طبعة 2005.
. “الإدارة والمهارات”، دكتور احمد ماهر، مكتبة الأكاديمية طبعة 1998.
رابط المصدر:

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M