بعض المجتمعات ناجحة واخرى غير ناجحة: نحو إطار مؤسسي لفهم الأسباب

اعداد : د. عقل صلاح – باحث وكاتب فلسطيني مختص بالحركات الأيديولوجية.

 

مقدمة:

بعض المجتمعات ناجحة وبعضها الآخر غير ناجحة بمعنى أن بعض المجتمعات قادرة على وضع أهداف منطقية، ومن ثم تحقيق هذه الأهداف. وغالباً ما تشمل هذه الأهداف وضع إجراءات وتدابير للرفاهية الاقتصادية مثل الوظائف والدخل. أما تفسيرات نجاح المجتمعات من عدمه فهي تفسيرات مراوغة إلى حد بعيد. فهذه التفسيرات في الجانب الأعم منها تقبع خلف نطاق المنطق الاقتصادي الذي يتم توظيفه في تقييم موارد المجتمع وإمكانية تحقيق التنمية له.

تركز بعض الأبحاث السوسيولوجية (الاجتماعية) المفيدة على السمات المتعددة للمجتمع التي تعتبر متلازمات أمبريقية (تجريبية) لنجاح المجتمعات. غير أنه توجد تنمية مفاهيمية ضئيلة في علم الاقتصاد وعلم الاجتماع تشرح السبب وراء نجاح بعض المجتمعات وإخفاق الأخرى. تستعرض هذه الدراسة عناصر نجاح وفشل المجتمعات في إطار نظري مفاهيمي لفهم العمليات المجتمعية التي تؤدي إلى إحداث التنمية المحلية أو الإخفاق في تحقيق هذه التنمية. هذا الإطار النظري المفاهيمي قائم على الاقتصاد المؤسسي التحليلي.

أولًا: العمليات التنموية الاقتصادية المحلية

في الدراسات التي تتناول التنمية الاقتصادية، يتم تعريف أهمية القيادة المجتمعية واتجاهات الأعمال التجارية المجتمعية والمحلية وتنوع المتغيرات الرخوة نسبياً على أساس أنها تفسيرات جوهرية للتنمية الاقتصادية المحلية. وفى هذا الصدد، نجد أن عمل “جون ومؤلفون آخرون” عام 1986 يتوافق مع الكلام السابق. يحمل هذا العمل عنوان: “مستقبل مشرق للريف الأمريكي”، وقد طور مؤلفو هذا العمل نموذج للاقتصاد القياسي يتضمن اثنا عشرة متغيراً صلباً، التي تشتمل على السكان، والنسبة المئوية للسكان التي يتم توظيفها في التصنيع والتعدين والزراعة، والنسبة المئوية للسكان في التعليم العالي، فضلاً عن النسبة المئوية للمسافرين من الريف إلى المدينة والعكس. شرح هذا النموذج الذي تضمن المتغيرات الصلبة 20% فحسب من نجاح التنمية الاقتصادية في عينة للمجتمعات الريفية. وفي أعقاب ذلك، توصل المؤلفون إلى ثماني مفاتيح لنجاح المجتمعات في التنمية الاقتصادية من خلال إجراء مقابلات مع أفراد المجتمع.

هذه المفاتيح الثمانية هي:

  • التوظيف وريادة الأعمال، الذي يقصد بها إنشاء المنظمات الجديدة وتطوير المنظمات القائمة بالفعل.
  • التصنيع والخدمات.
  • الشركات التقدمية.
  • أنشطة التنمية الاقتصادية المحلية المستدامة.
  • الاتجاه الداعم للتنمية.
  • التمويل والمواقع والأبنية والبنية التحتية.
  • القيادة في شكل شراكة بين الأشخاص أو المجموعات قائمة على المسؤولية والتعاون المتبادل.
  • الدعم من الكيانات الخارجية، إن وجود الشركات التقدمية، والاتجاه الداعم للنمو، والقيادة، وحتى الأبعاد المتعددة الأخرى لمكونات النجاح الاقتصادي، كل هذه الأمور تعتبر متغيرات ناعمة.

سعى عدد من الباحثين إلى توضيح بعض السمات المجتمعية التي تكون إما ضمن المتغيرات الناعمة أو متلازمات غير متوقعة للنجاح الاقتصادي للمجتمع. وفحص فلورا اند فلورا وآخرون (1990- 1992) سمات المجتمعات القائمة على تنظيم المشاريع وإنشاء المنظمات الجديدة، كما بحثوا المجتمعات التي تمخض عنها مشروعات تنمية ذاتية ناجحة. ووفقاً لبحث فلورا اند فلورا، فإن المجتمعات الريادية القائمة على تنظيم المشاريع تمتلك السمات الآتية:

1-   الموافقة على المناقشة الجدلية كقاعدة (الأمر الذي تم الإشارة إليه من الجريدة التي لديها استعداد لنشر هذه المناقشة الجدلية.

2-   يوجد تأكيد طويل المدى على الأكاديميين في المدارس (مقارنة بالرياضيين).

3-   يوجد موارد مالية شخصية بالقدر الذي يسمح بالدخول في مخاطرة جماعية.

4-   يوجد استعداد للاستثمار الذي يتضاعف في المبادرات الخاصة المحلية.

5-   يكونوا على استعداد لفرض ضرائب على أنفسهم لكي يستغلوها في البنية التحتية الريفية.

6-   هم قادرون على تعريف المجتمع بطريقة موسعة (من أجل توحيد ودمج الحدود الأكبر للمجتمعات، بدلاً من نشوب معركة بين السلطات القضائية).

7-   لديهم القدرة لامتلاك شبكة للمعلومات من أجل توجيه الموارد إلى المجتمع.

8-   يمتلكون قيادة مجتمعية مرنة وموزعة.

ومن الواضح أن سمات هذه المجتمعات الريادية تحرك انتباهنا فيما وراء المتغيرات الاقتصادية تجاه توظيف المجتمع ذاته. وفي سياق المعنى الذي تم إعطائه لنتائج أبحاثهم، فإن “فلورا اند فلورا” يوظف مفهوم البنية التحتية الاجتماعية، ويحدد – على وجه الخصوص – أهمية الروابط المجتمعية الداخلية (الشبكات)، وأيضاً الروابط الداخلية.

وفي محاولة مفاهيمية أخرى للوصول إلى وصف أكثر دقة لعناصر ومحصلات العمليات المجتمعية التي تساهم فى نجاح المجتمع على المدى البعيد، يعلن “شيفر اند سومرز” 1988 عن مفهوم “حيوية المجتمع”. ويقصد به قدرة المجتمع المحلي على خلق نظام للدخل والتوظيف من أجل المحافظة على الوضع الاقتصادي النسبي القائم، في حالة إذا لم يتم تحسين هذا الاقتصاد (شيفر اند سومرز 1988). تشتمل بعض السمات الهامة للمجتمعات الحيوية على الاعتراف الصريح بالحاجة إلى التكيف مع الظروف المتغيرة، والحاجة إلى استخدام قاعدة الموارد للمجتمع والحفاظ عليها، وقياس درجة النجاح في العلاقة بالمجتمعات الأخرى.

لذا، فإن تنمية اقتصاد المجتمع ينظر إليها على أنها عملية ديناميكية تخلق أو تفقد الفرص اعتماداً على تهيئة واستعداد وكفاءة المجتمع على الاستجابة. أن مفهوم المحافظة على الموارد يقر بأن التنمية هي مسعى طويل المدى ولا يمكن تحقيقه من خلال تفسير قصير المدى للموارد البشرية والمادية للمجتمع.

أن مفهوم الوضع النسبي يعنى أن المجتمع مهتم بكيفية عمل ما هو أفضل عن طريق المقارنة بالمجتمعات المماثلة. مثل هذه المقارنات تشير إلى أى درجة يمتلك المجتمع ومواطنيه مداخل للوصول إلى الفرص التي تم إفرازها على المستوى الخارجي. تشير أيضاً هذه المقارنات إلى الدرجة التي يكون فيها أعضاء المجتمع قادرين على الحصول على معيار للمعيشة التي يتم تعريفها من قبل الأبعاد الثقافية للمجتمع الأوسع.

وقد استخدم “ماكدويل وشافر (1989)” مفهوم حيوية المجتمع كوسيلة لتكامل المنهجيات والنماذج الاقتصادية التي ترتبط بتحليل القضايا الاقتصادية في المجتمع. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، يحدد “ماكدويل وشافر” العناصر الآتية على اعتبار أنها موارد جوهرية ينبغي أن يديرها المجتمع لكي يصبح مجتمع حيوي:

1-   الأرض والمياه والموارد الطبيعية الأخرى (العامة والخاصة).

2-   العمالة ورأس المال البشري – بعض القرارات (سواء القرارات الخاصة والعامة) سوف تتسبب في أن يترك بعض الأفراد المجتمع وأن يأتي آخرون إلى المجتمع.

3-   رأس المال – بالرغم من وجود أدوات مباشرة قليلة بأن المجتمعات المحلية تتحكم وتراقب تدفق رأس المال، فإن أصول رأس المال سواء الخاصة أو العامة داخل المجتمع، فضلاً عن الاستثمارات العامة المستقبلية بمقدورها أن تؤثر على الاستثمارات الخاصة. يوجد أيضاً بعض الترتيبات المؤسسية، مثل الشراكة في تنمية المجتمع، التي تسهل بطريقة مباشرة تدفق رأس المال داخل المجتمع.

4-   المؤسسات – هذه هي الحقوق والالتزامات، أو القواعد الاجتماعية والسياسية والقانونية التي تحكم ما ينبغي أن نضعه في الحسبان عند استخدام الموارد الأخرى للمجتمع.

من المحتمل أن ينشب صراع دائم داخل معظم المجتمعات حول القضايا المرتبطة بالاستمرارية في مقابل التغيير (المحافظة أو الحماية في مقابل استخدام الموارد). سوف يحدث هذا الصراع أيضاً حول استخدام وتغيير مؤسسات المجتمع. تتأثر المواقف التي يتخذها الناس بأفضلياتهم للوقت أو معدل الخصم الشخصي، مع العلم بأن دعاوة الاحتفاظ بموارد الثروة الطبيعية لديهم معدل تدني أقل من المحدثين. ومن أجل أن يصبح المجتمع قوي وحيوي ينبغي أن نستخدم الموارد بحكمة ونحافظ عليها، وأن يكون لدينا استعداد وقدرة على اختيار البيئة المتغيرة باستمرار. أما الإطار النظري المفاهيمي في الاقتصاد الذي يتم استخدامه بصفة عامة في معرفة الاستخدام الحكيم لهذه الموارد، هذا الإطار ينشأ من الاقتصاديات الإقليمية واقتصاديات الإنتاج.

إن النظريات الاقتصادية الإقليمية التي تؤكد على الطلب، مثل النظرية القائمة على التصدير والنظرية ذات التمركز المحوري، تقوم على فكرة التركيز على السياسة التي تستجيب للسوق، سواء كان محلياً أو غير محلياً.

من المفترض أن المنشآت داخل المجتمع من الممكن أن تقدم ما يحتاج إليه السوق في الأسلوب التنافسي، لكن المهمة النقدية تتمثل في تحديد ماهية السوق ومكان وجوده وسماته. هذا الشكل من التحليل يخلق الاستراتيجيات المحلية التي تقوم على فكرة أن توسيع قطاع التصدير المحلي أو امتلاك الأعمال التجارية المحلية يقدم بنود تصديرية مسبقاً للمستهلكين المحليين.

إن نظريات الاقتصاد الإقليمي التي تؤكد على جوانب العرض ونظرية الإنتاج تقوم على فكرة أن تركيز السياسة يتمثل في استخدام رأس المال والعمالة والتكنولوجيا لتقديم ما يحتاج إليه السوق. ما يصبو إليه أي مجتمع هو أن يصبح مجتمع متطور، وذلك يتم من خلال تحويل الموارد من الاستخدامات المنخفضة القيمة إلى الاستخدامات عالية القيمة، واستخدام الموارد التي لم يتم توظيفها أو الموارد ذات التوظيف المنخفض، وتصدير الموارد، واختيار التكنولوجيا الجديدة والاستعانة بها.

أن ما يميز استراتيجيات المجتمع التي تقترحها هذه الأساليب هو تدريب العمالة أو إعادة تدريب العمالة، وتحويل التكنولوجيا، وتحديث المهارات الإدارية، وزيادة امكانية إتاحة رأس المال، وإنتاج وإدارة الخدمات المقدمة بصفة عامة.

أن أهمية المحافظة على الموارد لضمان استمرار المستوى القائم لاستخدام الموارد، ومن ثم الحفاظ على قوة وحيوية المجتمع من الممكن أن نشاهدها بوضوح في أمثلة يتم فيها استنفاذ المورد الطبيعي أو يصبح غير صالح للاستخدام. فعلى سبيل المثال، تقليص طبقات المياة الجوفية من خلال الاستخدام المبالغ للأراضي الزراعية أو فقد الأراضي الزراعية من خلال التقسيم غير الحكيم للمناطق يعتبران مثالين للمشاكل التي تواجهنا في الحفاظ على الموارد. أن نظريات ومفاهيم اقتصاديات الموارد الطبيعية تساهم بقدر كبير في حساب القيمة للمجتمعات للحفاظ على مثل هذه الموارد.

إن تحليل مشاكل المجتمعات في طريق المحافظة على أسهمهم الخاصة والعامة لرأس المال المادي أو أسهمهم من رأس المال البشري يرتبط بصفة عامة بنظريات التمويل العام واقتصاديات الرفاه (الرفاهه). غير أن اتخاذ القرارات في المجتمع يصعب تقييمها أو تكوين مدعاة للجدل مثل قضية استثمار رأس المال العام. ويبدو أن قضايا حديثة خاصة بمشاكل ونظرية البنية التحتية تكون داعمة لهذا الجدل.

مفهوم حيوية المجتمع (قوة المجتمع) هو مفهوم طويل المدى يستلزم أكثر من مجرد الاستخدام الفعال للموارد على المدى القصير لإفراز الأرباح والوظائف والدخل للمقيمين الحاليين في المجتمع[1].

إن أسواق المنتجات والخدمات متأرجحة، فضلاً عن الأفضليات المتغيرة والتعريفات المتغيرة لمعايير الحياة المقبولة. كما تؤثر التكنولوجيا المتغيرة تأثيراً عميقاً على الإنتاج ونماذج الاستهلاك واستخدام الموارد والميزة المقارنة لاستخدامات بعينها ومستخدمين بعينهم.

هذه الظروف الديناميكية في الاقتصاد والمجتمع تجعل من الضروري للمجتمع وأفراده أن يتسموا بالمرونة والقدرة على التكيف والقدرة على اتخاذ القرارات فيما يتعلق باستخدامات الموارد (المصادر)، تلك القرارات التي تتكيف مع التغيير. وفي الواقع، فإن الرسالة الرئيسية لكل من دوكر (1985) وبيرك (1987) في مناقشتهم عن الاقتصاد الوطني المتغير التي تتمثل في الأفراد والمجتمعات المحتملة ينبغي أن تكون قابلة للتكيف والتعديل ومجهزة للتغيير. تعد النظريات القائمة على الاقتصاد الكلي واقتصاديات التنمية نظريات مفيدة في وصف أو التنبؤ أو تقييم حجم التغيير الذي يواجه المجتمعات، وتحديد ماهية التعديلات التي ينبغي القيام بها.

ثانيًا: الموارد المؤسسية للمجتمع: المفتاح للقوة (الحيوية)

إن القضايا التي تتناول الحفاظ على الموارد وتكيف المجتمع مع التغيير تم مناقشتها هنا معاً لأن كل منهما لديه بعد مؤسسي رئيسي. وتعد آليات المحافظة والتغيير موارد مؤسسية للمجتمع. لكن، فضلاً عن مجموعة الترتيبات المؤسسية الموضوعة تحت سيطرة المجتمع ذاته، فإنه يوجد مجموعة من التمكينات والقيود المؤسسية التي يتيحها المستويات الأخرى للحكومة (التمكينات)، أو التي تفرضها المستويات الأخرى للحكومة (القيود).

من الممكن تقسيم الجوانب المؤسسية للتنمية الاقتصادية المحلية إلى مكونين:

الأول يؤكد على قواعد اللعبة، أي القواعد الحالية المتعلقة باستخدام الموارد والحفاظ عليها. مقدار ضخم من أنشطة تنمية المجتمع يحمل في طياته تفسير للسكان المحليين في القطاعين العام والخاص عن ماهية القواعد التي تعيق وتمكن هؤلاء السكان الراغبين في اتخاذها بغض النظر عن الاتجاهات.

إن تأثير العمال وأخصائيو التنمية الآخرون يلفت نظر المجتمعات والمواطنين حول قضايا حقوق التنمية المرتبطة بالقدرة على الاحتفاظ بالأراضي الزراعية، وتقسيم المناطق، والتخطيط، والحقوق، والواجبات، والمسؤليات الواقعة على عاتق المسؤولين المحليين، وما إذا كانت روابط العائد الصناعي يمكن استخدامها في إعادة تمويل أي شركة تقوم بالتصنيع أو تقوم بتمويل التنمية التجارية، وما هي أنواع البرامج الوطنية والحكومية المتاحة، وأي من هذه البرامج مؤهل.

أما البعد المؤسسي الثاني للمجتمعات فينبغي أن يعمل مع الأشكال المؤسسية لاتخاذ القرار في المجتمع، هذه المؤسسات بإمكانها التوسع أو تعيين حدود قدرة المجتمع على اتخاذ القرار حيثما يرغب في ذلك. إن بناء ونشاط منظمات عديدة ومجالس إدارات ولجان وأقسام في كل من القطاعين العام والخاص في أي بيئة يؤدي إلى نشاط المجتمع وحيويته.

في الوقت الذي تظهر في الهياكل النظرية للاقتصاد الكلي والجزئي والاقتصاديات الإقليمية، واقتصاديات التمويل العام، واقتصاديات الموارد على أساس أنها تفسر عواقب المحافظة على الموارد أو الحاجة إلى التغيير في استخدام الموارد، فإن كل شخص بلا استثناء خبير وحجة في تصميم المؤسسات.

أن معظم ما نعرفه عن المؤسسات وأنشطتها ووظائفها على المستوى المحلي ما هو إلا شيء وصفي وليس تحليلي، ويحتل المرتبة الأولى – وتلك هي قواعد اللعبة – فنحن نعرف أقل القليل عن تصميم المؤسسات الجديدة والتدابير المؤسسية وتأثيرها على المجتمع المحلي والقيم والأبعاد الثقافية للمجتمع. فعلى سبيل المثال، نحن نعرف القليل عن تأثير المؤسسات على الثقة المتبادلة في المجتمع التي تجعل الجدل مقبول والوضع طبيعي. نحن نعرف القليل أيضاً بشأن ما الذي يخلق بناء قيادي قائم على التنوع والتوسع.

ثالثًا: المؤسسات والثقافة والمجتمع[2]

تمتلك المؤسسات وحقوق الملكية أو ببساطة الحقوق جذور وأصول في المعنى الأدنى للمجتمع. “أنه ملكي”، ليس لأنني أكدت أن يكون هكذا، أو حتى لأنني أمتلك بندقية لكي أدافع عنه، ولكن لأنك قبلت أن يكون هكذا.

يطلق تايلور (1966) على المعنى الأدنى لهذه العلاقة اسم الميثاق أو العقد. يخلق هذا الميثاق ما نسميه ضبط النفس أو التسامح – الإقرار بأن هذا الحق لكم – الذي يخلق الحقوق. تم تدوين بعض من هذه الاتفاقيات بين الناس، ومن ثم أصبحت قانون.

يقر معظم الاقتصاديين بأن السوق لم يعد المكان الذي يتم فيه تبادل البضائع، لكن يتم فيه تبادل الحقوق (انظر سكميد 1987، تايلور 1966، بروملي 1989)، وأن هذه الحقوق لديها جذورها في بعض أنواع الاختيار العام. يوجد اعتراف عام لهذه القاعدة المجتمعية أو الجماعية للسوق والاقتصاد، ولتبادل الحقوق في هذا الخصوص، والمؤسسات التي تدلني إلى التبادل في تلك السوق.

بعد أن أقر الاقتصاديون هذا الأمر، فإن كثيراً من الأدبيات السابقة التي تتناول حقوق الملكية أو المؤسسات تحدثت في ضوء الصراعات حول الحقوق، التي تم تدوينها في قانون رسمي، والتي تم الفصل فيها من خلال المؤسسات القانونية. ولم يتم الالتفاف كثيراً إلى المؤسسات غير الرسمية، وعلى ما يبدو أنه تم نسيان الميثاق (العقد) أو معنى المجتمع الذي ينشئ الحقوق في المقام الأول.

هذه النزعة لتناول الحقوق المقننة أو المؤسسات الرسمية تحدد معالجة المؤسسات أو الحقوق لفرع من فروع المؤسسات – وهي فقط تلك التي تم تدوينها رسمياً. كثير من المتغيرات الرخوة التي تتصل بالتنمية الاقتصادية المحلية تكون على ما يبدو نتيجة للمؤسسات، أو الترتيبات بين الأفراد، التي لا تكون مدونة، لكن هي ببساطة تعد الطريق لعمل أعمال تجارية في مجتمع واحد، وانتفاء هذا العمل في مجتمع آخر.

يصف فالوز (1989) مجموعة من المؤسسات التي تكون أكثر دقة وفطنة وبراعة من تلك التي تم تدوينها في مناقشته للأبعاد المتصلة اقتصادياً بالأبعاد الثقافية للمجتمعات، ولماذا هذه الأبعاد الثقافية تكون ذو أهمية في شرح وتفسير الأداء الاقتصادي للمجتمع. وعلى المدى البعيد، فإن قوة المجتمع تعتمد على الطريق الذي يسلكه الأشخاص العاديين طواعية. فهؤلاء الأشخاص يمثلون أهمية كبيرة لأن عددهم كبير. كما أن السلوك الطوعي يمثل أهمية نظراً لأنه يصعب مراقبتهم طوال الوقت. هذا السلوك الطوعي هو ما اعنيه بالأبعاد الثقافية للمجتمع (فالوز 1989، 13). وفي مناقشة تايلور (1966) لأصل الحقوق، فإن مفاهيم الأبعاد الثقافية للمجتمع تعتبر جوانب للميثاق (العقد)، أو مجموعة من الحقوق يحدث النشاط الاقتصادي من خلالها.

وفي محاولة لتحديد عناصر الحياة، ولاسيما الحياة الاقتصادية، التي تؤثر فيها الأبعاد الثقافية تأثيراً كبيراً، فإن “فلوز” يذهب أولاً إلى الدراما الأسيوية (1968) “ميرول”. ففي الوقت الذي سعى فيه ميرول إلى شرح جذور الفقر عبر قارة آسيا، حدد السمات الثقافية التي تتقاسمها الثقافات الخصبة (المنتجة)، والتي تكون مفيدة للتنمية. حدد كل من ميرول وفلوز السمات الثلاثة عشرة الآتية:

1- الكفاءة، 2- الإتقان، 3- النظام، 4- دقة المواعيد، 5- الاقتصاد في النفقات، 6- الإفراط في الاهتمام بدقائق الأمور (سوف تنجح وتأتي بنتائج مثمرة على المدى البعيد)، 7- العقلانية في اتخاذ القرارات، 8- الاستعداد للتغيير، 9- اليقظة في انتهاز الفرص التي تبزغ في عالمنا المتغير، 10- الإقدام على المشاريع بجرأة وحماس، 11- النزاهة والاعتماد على النفس، 12- التعاونية، 13- الاستعداد لاتخاذ وجهة النظر طويلة المدى، والتخلي عن المكاسب قصيرة المدى. يزعم ميرودل عبر الدراما الأسيوية أن الثقافة الهندية، بدلاً من أن تشجع على هذه السمات، حثت على السلوك غير المثمر للأفراد العاديين.

وبينما ينقح فالوز الأعراف الثقافية التي تكون مثمرة من الناحية الاقتصادية، نجده يكتب تقارير عن بعض أعمال “لورانس هاريزون”، الذي كان مسؤولاً في وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية فضلاً عن خبرته في أمريكا اللاتينية. أما قائمة هاريزون للعناصر الثقافية للتنمية فهي كالآتي:

  • توقعات تطبيق القواعد بطريقة منصفة وعادلة.
  • إتاحة الفرص التعليمية.
  • إتاحة الخدمات الصحية.
  • التشجيع على التجريب والنقد.
  • القدرة على تحقيق تكافئ الوظائف والفرص.
  • منح جوائز للاستحقاق والإنجاز.

7- وجود الاستقرار والاستمرارية.

إن عناصر الثقافة التي تمكن الأفراد في المساهمة في التنمية عبر أفعالهم التطوعية من الممكن تقليصها إلى أقصى درجة لتصبح عنصرين فحسب، كما يزعم فالوز: أما أن نكتفي بوجود دائرة نصف قطرها من الثقة، وأما أن يشعر الناس بأنهم يستطيعوا أن يتحكموا في مصائرهم. يزعم “فالوز” أن المجتمعات المختلفة تؤسس دائرة نصف قطرها من الثقة وشعور المصير الذي يمكن التحكم فيه بأساليب مختلفة كثيرة.

هذه الاختلافات، فضلاً عن الأسلوب المتفرد الذي تؤسسه الولايات المتحدة في ثقافتها يعتبروا موضوع كتابه. يرى “فالوز” أن المجتمع القوي قد يخلق الثقافة، والشعور ذاته الذي يدع الناس في أن يعرفوا قواعد اللعبة الاقتصادية المحلية، ويشجعهم أن يتحركوا بحرية من خلال تلك القواعد، ويذكرهم بالتزامهم نحو باقي المجتمع – عناصر التحكم في المصير وأنصاف الثقة.

وفي سياق مماثل، يصف “أدوارد بانفلد” في كتابه: “القاعدة الأخلاقية للمجتمع المتخلف” 1965، الثقافة في جنوب إيطاليا في الخمسينيات بأنها غير قادرة على العمل من أجل تحقيق الصالح العام لأنه لا يوجد ثقة أو شعور بالالتزام لأي فرد خارج نطاق الأسرة الممتدة. هذه “الأسرية غير الأخلاقية”، كما يقول “بنفلد” هي المسئولة عن إفقار المنطقة، وليس نقص الموارد أو الفرص الاقتصادية

إذا كانت أبعاد الثقافة التي عرفها فالوز – شعور التحكم في المصير وأنصاف الثقة – هي قاعدة كافية لوصف الاختلافات الثقافية بين المجتمعات الناجحة وغير الناجحة، تلك القاعدة التي لم تعد معروفة الآن. وإذا كانوا يقدمون – كبديل لهذا – مجموعة من التصنيفات التي تناسب العلاقات والروابط المتغيرة للتنمية الناجحة وغير الناجحة، فهذا أيضاً ليس بالأمر الواضح. غير أنها مقترحات للتوجه صوب اكتشاف أبعاد وعناصر أكثر.

رابعًا: مجالات معرفية لمزيد من الاكتشافات: المجال الذي تعمل فيه القيادة

يستعرض كيمز في كتابه المُعنوَن بـ “في المجتمع وسياسة المكان” (1995) دور أو مجال القيادة، التي تعد إحدى المتغيرات الأكثر وضوحاً والأكثر مراوغة في ذات الوقت، والتي غالباً ما يطلق عليها مفتاح للتنمية الاقتصادية. يعود كيميس بالقارئ إلى النقاش بين “ميدسون” و “جيفرسون” حول سمة الدستور في أمريكا. سعى جيفرسون إلى وثيقة الدستور التي تتحدى أنبل الفضائل المدنية للمواطنين، التي تعتمد عليها المواطنة الحقيقية يزعم كيميس أن ميدسون اعتقد أن الدستور ينبغي أن يحمي المواطنين من غرائزهم الوضيعة. يزعم كيميس أن الولايات المتحدة لديها مجموعة من مؤسسات الحكم الرشيد التي كانت تهدف بالضرورة إلى منع الحكم الاستبدادي، ولا تهدف إلى تشجيع التنمية.

ولكي يوضح كيميس وجهة نظره، قام بوصف عملية التحقيق أو المحاكمة، والإجراء الطبيعي والمألوف في عملية اتخاذ القرار في الولايات المتحدة على المستوى المحلي والحكومي والوطني. ولأن إجراء الاستماع أو التحقيق هو إجراء معاكس وقائم على الفصل، فإن الأطراف ذو الرؤى المختلفة حول أمر ما يأتون إلى الاستماع أو التحقيق ويتخذون أكثر الأوضاع تطرفاً – لا يوجد أحد يوافقون عليه بالضرورة في المحصلة المتفاوض عليها.

لكن يختارون أن يتفاوضوا مع بعضهم البعض لأن القواعد أما أنها لا تسمح بهذا أو لا تسهل هذا بالتأكيد. ونظراً لمجموعة القيم الأخلاقية الدستورية للولايات المتحدة، وحقيقة أن المؤسسات التي تتدفق منها تسيطر على الغرائز الوضيعة للمواطنين بدلاً من الموافقة على أنبل الفضائل في المواطنين، فإن كيمس يزغم أن الأمريكان على المستوى المحلي يتمسكوا غالباً بالاختيارات الصفرية.

هل من الممكن أن يكون هذا مجال القيادة؟ إذا كانت التنمية أكثر من مجرد مباراة صفرية، والاقتصاد يكون نظام للمطالب (الحقوق) بدلاً من أن يكون نظام للسلع والبضائع، فإن الحكم المحلي بناءً على ذلك يكون قادر على خلق حقوق جديدة. لكن مجموعة إجراءات الحكم الرشيد التي تكون مناوئة بطبيعتها ولا يمكن الفصل فيها، أليس من المحتمل أن تخلق فهم جديد بين الناس – معاهدات جديدة – التي ستقود إلى حقوق جديدة وتنمية جديدة.

هل هذا دور القيادة، أما في الأدوار الرسمية والسياسية أو في الأدوار المدنية والتطوعية؟ وهل القادة يحركون الناس والأطراف والمصالح من أوضاع المحصلة الصفرية إلى أوضاع المحصلة الإيجابية. من السعى إلى الحكم إلى الدخول في المفاوضات التي تستطيع أن تخلق حقوق جديدة؟.

خامسًا: المجتمع كملكية مشتركة أو مصدر الملكية المشترك

أن نبدأ استراتيجية تؤدي إلى تنمية ناجحة في المجتمع يعد أمراً أكثر صعوبة من أن نكتشف التأثيرات الرئيسية التي تميز المجتمعات الناجحة من المجتمعات غير الناجحة. يعد هذا الأمر حقيقة إذا بدأ الفعل من داخل هيكل الحكم المحلي الرشيد أو خارج ذلك الهيكل، من داخل الحيز الخاص المدني/ التطوعي للمجتمع. ومن كلتا الرؤيتين من داخل الحكومة أو من خارجها، فإن الأفراد والجماعات يسعون إلى اتخاذ مواقف تجابه صعوبات المؤسسات في المجتمع، التي ينبغي علينا أن نواجهها ونسعى إلى تغييرها باستمرار.

فضلاً عن القواعد الأخلاقية للمجتمع القائمة على الفصل، والتي تم وصفها فيما سبق، فإنه يوجد جملة اعتبارات أخرى يصعب معها التغيير في تلك المؤسسات، كما أنه يؤثر على سلوك الأفراد. تشبه كثيراً من موارد المياه والأرض والهواء للمجتمع الموارد المؤسسية للمجتمع. فكلاهما يمتلك سمات الملكية المشتركة. من المفترض أن تكون هذه المؤسسات متاحة لجميع المواطنين، وقواعد تغيير هذه المؤسسات يستلزم باستمرار أكثر من الأغلبية البسيطة.

لذلك، هؤلاء الذين يسعون إلى التغيير أو يستخدمون المؤسسات بطريقة موسعة سوف يواجهون كثير من الصعاب ترتبط بموارد الملكية المشتركة. تشمل مثل هذه الصعاب الأشخاص المستفيدون دون دفع مقابل لهذه الاستفادة، فضلاً عن الأشخاص الذين تفرض عليهم تكاليف إضافية ضد رغباتهم.

هذا يترتب بالضرورة على التكاليف الأعلى للاستبعاد وسمات التأثير المشترك المرتبطة بموارد الملكية العامة (انظر سكيمد 1987، 44). كما يقترح “الينور اوستروم” في كتابه “التحكم في الملكية المشتركة” (1990) أن: “لا الحكومة ولا السوق ناجحين في حل مشاكل إدارة مورد الملكية العامة.

إن أهمية إدراك هذا البعد للمجتمع والثقافة الاقتصادية للمجتمع ربما يساعد على شرح بعض من الصعوبة الكبرى في كل من تحليل قضايا التنمية الاقتصادية للمجتمع والإنتاج العملي لتنفيذ استراتيجيات التنمية الاقتصادية المحلية الناجحة. وعلى نحو متكرر، أحبطت مثل هذه الجهود ليس لأن الأشخاص المستفيدون أشرار، ولكن لأنهم مشغولين عن فعل أشياء أخرى.

خاتمة

دب اليأس في نفوس الأفراد المحليين في المجتمعات نظراً لأنهم لا يعرفون ماهية الأفعال التي من شأنها أن تؤدي إلى تطوير وتنمية مجتمعاتهم. إن العناصر التي تؤدي إلى النجاح في التنمية المحلية هو أمر لا يمكن التنبأ به من بيئة إلى أخرى. إن التنمية الناجحة تكون فينومينولوجي (علم الظواهر) إذا لم تكن تصادفية، بمعنى أنه من غير المعتاد وغير المتوقع حدوث هذا.

إن بعض الأشياء التي من الممكن أن تقود إلى إحدى هذه الاستنتاجات يشمل:

  • الاختلافات الكبرى بين المجتمعات بغض النظر عن موارد المجتمع والسمات المكانية.
  • إلى أي درجة تؤثر القوى الاقتصادية الإقليمية والوطنية والدولية على ما يحدث محلياً، والفترة المحدودة للسيطرة على أى بيئة لديها سيطرة على تلك القوى.
  • قصور فهمنا للعناصر الرئيسية يؤدي إلى نجاح اقتصادي محلي.
  • نقص رؤيتنا النظرية العميقة لنفس القضايا ومواجهتها.

5-الدليل المتوافق نوعاً ما الذي يتزامن فيه حدوث التنمية الناجحة في المجتمعات الريفية مع المبادرات الخاصة أو الاتجاهات المحلية أو القيادة والأفعال لبعض الأفراد، الذين يبرهنون على خطأ جميع الخبراء.

هذه بداية لمحاولة تفسير ماهية الأشياء التي يتم اكتشافها مصادفة لبعض المجتمعات، والكوارث العشوائية والفاقدة للسيطرة في مجتمعات أخرى، ونأمل أن نزيد فرص أى مجتمع لكي يصبح مجتمعاً ناجحاً.

*كاتب وباحث فلسطيني مختص بالحركات الأيديولوجية.

الهوامش:

  1. Banfield, E. 1965. The moral basis of a backward society. New York: The Free Press.
  2. Birch, D. 1987. Job creation in America. New York: The Free Press.
  3. Bromley, D. W. 1989. Economic interests and institutions. New York: Basil
  4. DeWitt, J., S. S. Batie, and K. Norris. 1988. A brighter future for rural America?
  5. Strategies for communities and states. Washington, D.C.: National Governors’
  6. Drucker, P. F. 1985. Innovation and entrepreneurship: Practices and principles. New
  7. York: Harper & Row.
  8. Fallows, J. M. 1989. More like us: Making America great again. Boston: Houghton
  9. Flora, C., and J. Flora. 1990. Developing entrepreneurial rural communities.
  10. Sociological Practice
  11. ———. 1992. Local economic development projects: Key factors. Unpublished
  12. Green, G. P., J. Flora, C. Flora, and F. Schmidt. 1990. Local self-development
  13. strategies: National survey results. Journal of the Community Development
  14. Society 21, no. 2: 55–73.
  15. Kemmis, D. 1990. Community and the politics of place. Norman and London:
  16. University of Oklahoma Press.
  17. McDowell, G. R. 1990. Local development strategies: Do we do what we know, do we
  18. know what we are doing? Paper presented at the International Symposium on
  19. Economic Change, Policies, Strategies and Research Issues, 4–7 July, Aspen,
  20. McDowell, G. R., and R. Shaffer. 1989. Toward an integrating framework for rural
  21. and community economics. Unpublished manuscript.
  22. Osborne, D. 1988. Laboratories of democracy. Boston: Harvard Business School
  23. Ostrom, E. 1990. Governing the commons: The evolution of institutions for collective
  24. Cambridge and New York: Cambridge University Press.
  25. Schmid, A. 1987. Property, power, and public choice. ed. New York: Praeger.
  26. Shaffer, R., and G. F. Summers. 1988. Community economic vitality. Chap. 1 in
  27. Community economic vitality: Major trends and selected issues. Ames, Iowa: The
  28. North Central Regional Center for Rural Development, Iowa State University.
  29. Taylor, J. 1966. The masks of society. New York: Meredith Publishing Company.
  30. Western Governors’ Association. 1992 (January). Small towns: culture, change, and
  31. Western Governors’ Association.

[1] مصطلح “Free riders” يقصد به الأشخاص الذين يستفيدون من شيء ما دون أن يدفعوا مقابل لهذا الشيء، مثل المقيمين المتاخمين للأراضي العامة، والذين يحصلون على فوائد إضافية بدون المساهمة، أما مصطلح “Unwilling riders” مثل مالكي الأراضى المتاخمة للأراضي التي يطمر فيها النفايات، فتفرض عليهم تكلفة إضافية دون إراداتهم.

[2] تم استخدام مفهوم الثقافة هنا لكي لا يتناول قضايا مثل السمات الانثروبولوجية المتفردة لشمال أوروبا أو انحدار الشعب الأسكتلندي أو الأيرلندي من أبالاتشيا في الولايات المتحدة. ولم يتم استخدامه أيضاً ليشمل الظروف الثقافية المتفردة التي خلقها العمل وصناعة التعدين، أو حرفة تقطيع الأخشاب، أو بعض الصناعات الأخرى. لكن كان التركيز هنا على الأبعاد الثقافية للمجتمعات التي تسببت في نجاح بعض المجتمعات في شمال أوروبا وفشل الأخرى، فمعظم المجتمعات الابالتشيه (نسبة إلى أبالاتشيا بالولايات المتحدة) كانت ناجحة والأخرى كانت فاشلة، وبعض المجتمعات التي امتهن أفرادها بعض الصناعات مثل التعدين أو تقطيع الأخشاب، فضلاً عن الزراعة كانت مجتمعات ناجحة بينما المجتمعات الأخرى لم تكن كذلك.

 

.

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=81930

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M