بلينكن يجري بعض الاتصالات لتوطيد التحالفات – باستثناء مع معظم دول الخليج

 سايمون هندرسون

 

في خطابه في الرابع من شباط/فبراير ، أعلن الرئيس بايدن إنهاء الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية السعودية في اليمن. وقد يؤدي تغيير الإدارات الأمريكية وواقع دبلوماسية حقبة “كوفيد-19” إلى مساورة شعور لدى قادة الخليج بأنه يتم إبعادهم إلى حد ما عن القضايا الرئيسية، بما في ذلك البرنامج النووي الإيراني.

تزامناً مع استلام الإدارة الأمريكية الجديدة مقاليد الحكم، [يتم وضع] لائحة جديدة للنخبة الدبلوماسية. أو على الأقل هذا ما يبدو عليه الأمر. فقد اتصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بنظرائه في جميع أنحاء العالم، ولكن هناك بعض الإغفالات الملحوظة، ومنها على سبيل المثال مصر، حيث كان الرئيس السيسي “الديكتاتور المفضل” لدونالد ترامب. ومنذ ٤ شباط/فبراير، لم تتم مكالمة أي من دول الخليج سوى الإمارات العربية المتحدة. وفي غمرة الكوكتيلات وحفلات الاستقبال – التي أصبحت في حقبة فيروس كورونا المستجد (“كوفيد-19”) افتراضية أكثر من حقيقية – هناك مزيج من الغمزات السرية وحتى من البهجة.

واعتباراً من ٤ شباط/فبراير، بلغ عدد المكالمات التلفونية التي أجراها وزير الخارجية بلينكن ٣١ مكالمة، معظمها مع وزراء خارجية ولكن أيضاً مع رئيس “الاتحاد الإفريقي” والأمين العام لـ “حلف شمال الأطلسي” (“الناتو”). ومما لا يثير الاستغراب، أن المكالمات بدأت مع كندا والمكسيك واليابان. ويقارن المراقبون لشؤون الشرق الأوسط هذه الخطوة مع قرار الرئيس ترامب جعل المملكة العربية السعودية أول زيارة خارجية له.

إن أغلب مكالمات بلينكن، كما ذُكِرَ على الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الأمريكية، هي نموذجية – أي أنه “شدد على أهمية استمرار العلاقات السياسية والاقتصادية القوية” (مع الرئيس السويسري بارملين). ولكن كانت هناك مقاربات خاصة لشرح عددٍ من التضمينات والمواقف في دائرة التحالفات. فعلى سبيل المثال، سويسرا هي “القوة الحامية” للولايات المتحدة في إيران، وكانت في الماضي قناة خلفية مهمة. وباكستان هي على وشك إطلاق سراح الإرهابي المسؤول عن مقتل مراسل صحيفة “وول ستريت جورنال” دانيال بيرل.

وفي خطابه في الرابع من شباط/فبراير في وزارة الخارجية الأمريكية، أوضح الرئيس بايدن بعض ملامح سياسته الخارجية. ففيما يخص الشرق الأوسط، كان إعلانه عن إنهاء الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية السعودية في اليمن هو الخبر الرئيسي. وعزز ذلك الإعلان النقطة التي أثارها بلينكن في المقابلة التي أجراها مع “أندريا ميتشل”، على قناة “إم. إس. إن. بي. سي.” في 1 شباط/فبراير.

وعندما سُئل عمّا إذا كان سيزور إيران أو كوريا الشمالية، أجاب بلينكن: “أعتقد أنني سأسافر أولاً إلى أوروبا وآسيا لزيارة أقرب حلفائنا وشركائنا، وآمل أن يأتي ذلك اليوم قريباً”. ولم يكن هناك ذكر للشرق الأوسط. وعندما أتيحت له الفرصة لانتقاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أجاب – “خلصت وكالة الاستخبارات المركزية إلى أنه أمر بقتل [الصحفي جمال] خاشقجي بوحشية؛ هل يمكن أن تستند العلاقات مع السعودية إلى بعض المسؤولية؟” – وذهب بلينكين مباشرة إلى الصميم: “مقتل السيد خاشقجي كان عملاً مشيناً ضد صحفي، ضد شخص مقيم في الولايات المتحدة. لقد كان [عملاً] بغيضاً، وأعتقد أنه صدم ضمير العالم”.

وتابع: “فيما يتعلق بالسعودية، كانت السعودية شريكاً مهماً لنا في مكافحة الإرهاب، في محاولة لتعزيز الاستقرار الإقليمي والتعامل مع العدوان الإقليمي. ولكن علينا أيضاً التأكد من أن هذه الشراكة تتم بطريقة تتفق مع مصالحنا ومع قيمنا أيضاً. ولذلك طلب الرئيس أن نراجع العلاقة للتأكد من أنها تفعل ذلك بالضبط، وهذا بالضبط ما يحدث الآن”.

ويكاد المرء يسمع التهليل في أروقة وزارة الخارجية الأمريكية لعودة “النظام الطبيعي” القائم على عملية المراجعة والتشاور من أجل تشكيل السياسة. ومجرد الإخطار ليس بديلاً عن الاستشارة: فـ الصفقة التي تم توقيعها قبل حفل التنصيب في الساعة 11 صباحاً من يوم 20 كانون الثاني/يناير لبيع طائرات “إف-٣٥” إلى الإمارات لا تزال تثير الاستياء. ويجب أن يولى مكتب “الشرق الأدنى” تكريماً مضاعفاً باعتبار أنه يلعب دوراً رائداً في قضيتين محوريّتين في اهتمامات السياسة الخارجية لإدارة بايدن – إيران واليمن. لكن التركيز الآن يختلف عما كان عليه قبل أسبوعين فقط: أي تجميد تحركات إيران النووية وخفض التصعيد، مع وقف الحرب في اليمن لمنع كارثة إنسانية وشيكة، بدلاً من مجرد تصنيف الحوثيين كإرهابيين.

وحتى قراءة مكالمة بلينكين مع وزير خارجية الإمارات كانت لها ميزة ضمنية: “العمل معاً … لإنهاء النزاعات”. وقد انزعجت وزارة الخارجية الأمريكية من قيام الإمارات بتمويل القوات الروسية في ليبيا لمواجهة تركيا.

وغالباً ما تبدو الدبلوماسية مجرد ابتسامات ومصافحات، لذا يمكن التلاعب في مقدار الظهور المتعمّد في موقف “الاستقلالية” عن الآخرين. لقد فرض “كوفيد-١٩” تغييراً في الأسلوب الدبلوماسي. فيُطلب من أولئك الذين يريدون السفر إلى واشنطن لإجراء محادثات وجهاً لوجه – وهي الطريقة المفضلة للدبلوماسية الخليجية – استخدام المكالمات الهاتفية أو روابط اتصالات الفيديو الآمنة. وفي ظل الظروف الراهنة، قد يضيف ذلك إلى شعور دول الخليج بأنها مستبعدة وبأن وجهات نظرها لن تؤخذ في عين الاعتبار بشكل كافٍ حول القضية النووية الإيرانية.

وحتى الآن، لم تردّ دول الخليج علناً على هذا التغيير في المناخ الدبلوماسي. وعندما تبدأ المكالمات الواردة من مكتب الوزير، ستكون وزارة الخارجية الأمريكية أمام تحدٍ إضافي يتمثل في إجرائها بالترتيب المناسب. وسيكون المشهد مفعماً بالإثارة. وعلى الرغم من انتهاء الخلاف بين دول الخليج مع قطر، إلّا أن الخصومات لا تزال قائمة. وربما كان ذلك مجرد نزاعٍ داخل الأسرة الخليجية، لكن الخلافات الداخلية غالباً ما تظل قائمة وقد تتخذ طابعاً عنيفاً.

 

 

رابط المصدر:

https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/blynkn-yjry-bd-alatsalat-ltwtyd-althalfat-bastthna-m-mzm-dwl-alkhlyj

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M