بهاء النجار
قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)
التأمل الأول :
من كان عزيزاً قوياً مهيمناً لا يحتاج الى شريك يعونه ويساعده على إدارة مُلكِه ومملكته من دون إذنه أو خارج عن قدرته وسيطرته ، والحكيم لا يُعطي أحداً حرية التحكم بمقدرات جزء من هذا الكون من دون إذنه أو خارج عن قدرته وسيطرته ، ولكن أحياناً تقتضي الحكمة أن تُعطى صلاحيات معينة لبعض المخلوقين كصلاحيات التملُّك والتحكم ببعض الموجودات والممتلكات كتملُّك وتحكم الإنسان لما خوّله له الله تعالى ، أو الولاية التكوينية لبعض المصطفين الأبرار ، فهذا التملُّك والتحكم والولاية ليس خارجاً عن قدرة الله سبحانه وسيطرته ، لذا فهو ليس بِشِركٍ أبداً .
التأمل الثاني :
من معايير ومؤشرات العزة أن العزيز لا يحتاج الى من يشاركه في ما يملك ، سواء لذلك لإعانته على تأدية وظائفه ومهامه أو لأي سبب آخر ، فما دامت الحاجة الى الغير موجودة فهذا يعني أن العزة منقوصة وغير مكتملة ، وهذا لا يتحقق إلا مع مالك الملك ورب الأكوان جل وعلا .
ومن الجدير بالذكر أن العزة بلا حكمة تناسبها ستكون كارثة ، لذا ينعم الخَلقُ بعزة الله التي لا تتجاوز حكمته فضلاً عن لطفه ورحمته ، وأن الحكمة يمكن أن تولّد عزّاً ، فالحكيم عزيز عادة ولكن العكس ليس صحيحاً دائماً .
التأمل الثالث :
إن إتباع البشر للقيادات يكون على نحوين على الأقل :
1) النحو الأول : أن يرى التابعُ المتبوعَ رمزاً للعزة والمنعة والقوة ، سواء كان هذا المتبوع حكيماً أم غير حكيم ، وهذا الإتباع غير مقبول ، وإذا كانت العزة المدعاة هي عزة ذاتية من دون إرتباطها بالله عز وجل فهي إن لم تكن شِركاً فهي على طريق الشرك أو قريبة منه .
2) النحو الثاني : أن يرى التابعُ المتبوعَ ذا عزةٍ مستمَّدةٍ من الله تعالى متجسدة في سلوكه ومُتبنّياته وليست إدعاءاً فارغاً ، وكذلك يراه حكيماً في قرارته ، فهذا الإتباع ليس شِركاً ، بل هو رافد من روافد العبودية لله عز وجل .
التأمل الرابع :
الرؤية الحقيقية ستكون يوم القيامة ، وإلا في هذه الدنيا لا نستطيع إفحام المشركين ( بالمعنى الخاص من عبدة الأصنام وغيرها أو بالمعنى العام من أتباع القيادات المنحرفة من دون دليل ) ونقنعهم بعدم وجود شركاء لله تعالى ، لأنهم لا يرون بقلوبهم لأنها مقفلة ومتسخة بحب الدنيا ، ولأن الله سبحانه بحكمته أعطى حرية الاختيار للإنسان من دون أن يكون عزيزاً من دون الله ، فحكمته جل وعلا تستلزم تخويل البشر بحرية التصرف ليتميز المؤمن من المشرك والخبيث من الطيب ، ومن دون هذا التخويل لا يمكن أن يجازى كل إمرءٍ بما عمل ، ويتساوى المحسن مع المسيء ، بل وسيكون المسيء عزيزاً كالمحسن ، وهذا خلاف الحكمة الإلهية .
للمزيد من التأملات القرآنية انضموا الى قناة ( تأملات قرآنية ) على التلغرام :
https://t.me/quraan_views